کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 140

لا تلمني إنها من نسوة

رقد الصيف مقاليت نزر

كبنات البحر يمأدن كما

أنبت الصيف عساليج الخضر

و قد أبدلوا الباء ميما فقالوا: بنات المحر، كما قالوا: رأيته من كثب و من كثم.

و ظلمات: مرتفع بالجار و المجرور على الفاعلية، لأنه قد اعتمد إذا وقع صفة، و يجوز أن تكون فيه في موضع الحال من النكرة المخصصة بقوله: مِنَ السَّماءِ ، إما تخصيص العمل، و إما تخصيص الصفة على ما قدمناه من الوجهين في إعراب من السماء، و أجازوا أن يكون ظلمات مرفوعا بالابتداء، و فيه في موضع الخبر. و الجملة في موضع الصفة، و لا حاجة إلى هذا لأنه إذا دار الأمر بين أن تكون الصفة من قبيل المفرد، و بين أن تكون من قبيل الجمل، كأن الأولى جعلها من قبيل المفرد و جمع الظلمات، لأنه حصلت أنواع من الظلمة. فإن كان الصيب هو المطر، فظلماته ظلمة تكاثفه و انتساجه و تتابع قطره، و ظلمة:

ظلال غمامه مع ظلمة الليل. و إن كان الصيب هو السحاب، فظلمة سجمته و ظلمة تطبيقه مع ظلمة الليل. و الضمير في فيه عائد على الصيب، فإذا فسر بالمطر، فكان ذلك السحاب، لكنه لما كان الرعد و البرق ملتبسين بالمطر جعلا فيه على طريق التجوّز، و لم يجمع الرعد و البرق، و إن كان قد جمعت في لسان العرب، لأن المراد بذلك المصدر كأنه قيل: و إرعاد و إبراق، و إن أريد العينان فلأنهما لما كانا مصدرين في الأصل، إذ يقال:

رعدت السماء رعدا و برقت برقا، روعي حكم أصلهما و إن كان المعنى على الجمع، كما قالوا: رجل خصم، و نكرت ظلمات و رعد و برق، لأن المقصود ليس العموم، إنما المقصود اشتمال الصيب على ظلمات و رعد و برق.

و الضمير في يجعلون عائد على المضاف المحذوف للعلم به، لأنه إذا حذف، فتارة يلتفت إليه حتى كأنه ملفوظ به فتعود الضمائر عليه كحاله مذكورا، و تارة يطرح فيعود الضمير الذي قام مقامه. فمن الأول هذه الآية و قوله تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ‏ «1» ، التقدير، أو كذي ظلمات، و لذلك عاد الضمير المنصوب عليه في قوله: يغشاه. و مما اجتمع فيه الالتفات و الاطراح قوله تعالى: وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ‏ «2» المعنى من أهل قرية فقال: فجاءها، فأطرح المحذوف و قال: أو هم، فالتفت إلى المحذوف. و الجملة من قوله: يجعلون لا موضع لها من‏

(1) سورة النور: 24/ 40.

(2) سورة الأعراف: 7/ 4.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 141

الإعراب، لأنها جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: فكيف حالهم مع مثل ذلك الرعد؟ فقيل:

يجعلون، و قيل: الجملة لها موضع من الإعراب و هو الجر لأنها في موضع الصفة لذوي المحذوف، كأنه قيل: جاعلين، و أجاز بعضهم أن تكون في موضع نصب على الحال من الضمير الذي هو الهاء في فيه. و الراجع على ذي الحال محذوف نابت الألف و اللام عنه التقدير من صواعقه.

و أراد بالأصابع بعضها، لأن الأصبع كلها لا تجعل في الأذن، إنما تجعل فيها الأنملة، لكن هذا من الاتساع، و هو إطلاق كل على بعض، و لأن هؤلاء لفرط ما يهولهم من إزعاج الصواعق كأنهم لا يكتفون بالأنملة، بل لو أمكنهم السد بالأصبع كلها لفعلوا، و عدل عن الاسم الخاص لما يوضع في الأذن إلى الاسم العام، و هو الأصبع، لما في ترك لفظ السبابة من حسن أدب القرآن، و كون الكنايات فيه تكون بأحسن لفظ، لذلك ما عدل عن لفظ السبابة إلى المسبحة و المهللة و غيرها من الألفاظ المستحسنة، و لم تأت بلفظ المسبحة و نحوها لأنها ألفاظ مستحدثة، لم يتعارفها الناس في ذلك العهد، و إنما أحدثت بعدا.

و قرأ الحسن: من الصواقع، و قد تقدم أنها لغة تميم، و أخبرنا أنها ليست من المقلوب، و الجعل هنا بمعنى الإلقاء و الوضع كأنه قال: يضعون أصابعهم، و من تتعلق بقوله يجعلون، و هي سببية، أي من أجل الصواعق و حذر الموت مفعول من أجله، و شروط المفعول من أجله موجودة فيه، إذ هو مصدر متحد بالعامل فاعلا و زمانا، هكذا أعربوه، و فيه نظر لأن قوله: من الصواعق هو في المعنى مفعول من أجله، و لو كان معطوفا لجاز، كقول اللّه تعالى: ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ* «1» و تثبيتا من أنفسهم، و قول الراجز:

يركب كل عاقر جمهور

مخافة و زعل المحبور

و الهول من تهول الهبور و قالوا أيضا: يجوز أن يكون مصدرا، أي يحذرون حذر الموت، و هو مضاف للمفعول. و قرأ قتادة، و الضحاك بن مزاحم، و ابن أبي ليلى: حذار الموت، و هو مصدر حاذر، قالوا و انتصابه على أنه مفعول له.

الإحاطة هنا: كناية عن كونه تعالى لا يفوتونه، كما لا يفوت المحاط المحيط به، فقيل: بالعلم، و قيل: بالقدرة، و قيل: بالإهلاك. و هذه الجملة اعتراضية لأنها دخلت بين‏

(1) سورة البقرة: 2/ 207 و 265.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 142

هاتين الجملتين اللتين هما: يجعلون أصابعهم، و يَكادُ الْبَرْقُ‏ «1» ، و هما من قصة واحدة.

و قد تقدم لنا أن هذا التمثيل من التمثيلات المركبة، و هو الذي تشبه فيه إحدى الجملتين بالأخرى في أمر من الأمور، و إن لم يكن آحاد إحدى الجملتين شبيهة بآحاد الجملة الأخرى، فيكون المقصود تشبيه حيرة المنافقين في الدين و الدنيا بحيرة من انطفأت ناره بعد إيقادها، و بحيرة من أخذته السماء في الليلة المظلمة مع رعد و برق. و هذا الذي سبق أنه المختار. و قالوا أيضا: يكون من التشبيه المفرق، و هو أن يكون المثل مركبا من أمور، و الممثل يكون مركبا أيضا، و كل واحد من المثل مشبه لكل واحد من الممثل.

و قد تقدم قولان من جعل هذا المثل من التمثيل المفرق. و الثالث: أن الصيب مثل للإسلام و الظلمات، مثل لما في قلوبهم من النفاق و الرعد و البرق، مثلان لما يخوفون به.

و الرابع: البرق مثل للإسلام و الظلمات، مثل للفتنة و البلاء. و الخامس: الصيب: الغيث الذي فيه الحياة مثل للإسلام و الظلمات، مثل لإسلام المنافقين و ما فيه من إبطان الكفر، و الرعد مثل لما في الإسلام من حقن الدماء و الاختلاط بالمسلمين في المناكحة و الموازنة، و البرق و ما فيه من الصواعق مثل لما في الإسلام من الزجر بالعقاب في العاجل و الآجل، و يروى معنى هذا عن الحسن. و السادس: أن الصيب و الظلمات و الرعد و البرق و الصواعق كانت حقيقة أصابت بعض اليهود، فضرب اللّه مثلا بقصتهم لبقيتهم، و روي في ذلك حديث عن ابن مسعود، و ابن عباس. السابع: أنه مثل ضربه اللّه للخير و الشر الذي أصاب المنافقين، فكأنهم كانوا إذا كثرت أموالهم و ولدهم الغلمان، أو أصابوا غنيمة أو فتحا قالوا: دين محمد صدق، فاستقاموا عليه، و إذا هلكت أموالهم و أولادهم و أصابهم البلاء قالوا: هذا من أجل دين محمد، فارتدوا كفارا. الثامن: أنه مثل الدنيا و ما فيها من الشدة و الرخاء و النعمة و البلاء بالصيب الذي يجمع نفعا بإحيائه الأرض و إنباته النبات و إحياء كل دابة و الانتفاع به للتطهير و غيره من المنافع، و ضرا بما يحصل به من الإغراق و الإشراق، و ما تقدمه من الظلمات و الصواعق بالإرعاد و الإبراق، و أن المنافق يدفع آجلا بطلب عاجل النفع، فيبيع آخرته و ما أعد اللّه له فيها من النعيم بالدنيا التي صفوها كدر و مآله بعد إلى سقر. التاسع: أنه مثل للقيامة لما يخافونه من وعيد الآخرة لشكهم في دينهم و ما فيه من البرق، بما في إظهار الإسلام من حقن دمائهم، و مثل ما فيه من الصواعق بما في الإسلام من الزواجر بالعقاب في العاجل و الآجل. العاشر: ضرب الصيب مثل لما أظهر المنافقون‏

(1) سورة البقرة: 2/ 20.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 143

من الإيمان و الظلمات بضلالهم و كفرهم الذي أبطنوه، و ما فيه من البرق بما علاهم من خير الإسلام و علتهم من بركته، و اهتدائهم به إلى منافعهم الدنيوية، و أمنهم على أنفسهم و أموالهم و ما فيه من الصواعق، بما اقتضاه نفاقهم و ما هم صائرون إليه من الهلاك الدنيوي و الأخروي.

و قد ذكروا أيضا أقوالا كلها ترجع إلى التمثيل التركيبي: الأول: شبه حال المنافقين بالذين اجتمعت لهم ظلمة السحاب مع هذه الأمور، فكان ذلك أشد لحيرتهم، إذ لا يرون طريقا، و لا من أضاء له البرق ثم ذهب كانت الظلمة عنده أشد منها لو لم يكن فيها برق.

الثاني: أن المطر، و إن كان نافعا إلا أنه لما ظهر في هذه الصورة صار النفع به زائلا، كذلك إظهار الإيمان نافع للمنافق لو وافقه الباطن، و أما مع عدم الموافقة فهو ضر. الثالث:

أنه مثل حال المنافقين في ظنهم أن ما أظهروه نافعهم و ليس بنافعهم بمن نزلت به هذه الأمور مع الصواعق، فإنه يظن أن المخلص له منها جعل أصابعه في أذانه و هو لا ينجيه ذلك مما يريد اللّه به من موت أو غيره. الرابع: أنه مثل لتأخر المنافق عن الجهاد فرارا من الموت بمن أراد دفع هذه الأمور بجعل أصابعهم في آذانهم. الخامس: أنه مثل لعدم إخلاص المنافق من عذاب اللّه بالجاعلين أصابعهم في آذانهم، فإنهم و إن تخلصوا عن الموت في تلك الساعة، فإن الموت من ورائهم.

[سورة البقرة (2): آية 20]

يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (20)

يكاد: مضارع كاد التي هي من أفعال المقاربة، و وزنها فعل يفعل، نحو خاف يخاف، منقلبة عن واو، و فيها لغتان: فعل كما ذكرناه، و فعل، و لذلك إذا اتصل بها ضمير الرفع لمتكلم أو مخاطب أو نون إناث ضموا الكاف فقالوا: كدت، و كدت، و كدن، و سمع نقل كسر الواو إلى الكاف، مع ما إسناده لغير ما ذكر قول الشاعر:

و كيدت ضباع القف يأكلن جثتي‏

و كيد خراش عند ذلك ييتم‏

يريد، و كادت، و كاد، و ليس، من أفعال المقاربة ما يستعمل منها مضارع إلا: كاد، و أوشك. و هذه الأفعال هي من باب كان، ترفع الاسم و تنصب الخبر، إلا أن خبرها لا يكون إلا مضارعا، و لها باب معقود في النحو، و هي نحو من ثلاثين فعلا ذكرها أبو

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 144

إسحاق البهاري في كتابه (شرح جمل الزجاجي). و قال بعض المفسرين: يكاد فعل ينفي المعنى مع إيجابه و يوجبه مع النفي، و قد أنشدوا في ذلك شعرا يلغز فيه بها، و هذا الذي ذكر هذا المفسر هو مذهب أبي الفتح و غيره، و الصحيح عند أصحابنا أنها كسائر الأفعال في أن نفيها نفي و إيجابها إيجاب، و الاحتجاج للمذهبين مذكور في كتب النحو. الخطف:

أخذ الشي‏ء بسرعة. كل: للعموم، و هو اسم جمع لازم للإضافة، إلا أن ما أضيف إليه يجوز حذفه و يعوض منه التنوين، و قيل: هو تنوين الصرف، و إذا كان المحذوف معرفة بقيت كل على تعريفها بالإضافة، فيجي‏ء منها الحال، و لا تعرف باللام عند الأكثرين، و أجاز ذلك الأخفش، و الفارسي، و ربما انتصب حالا، و الأصل فيها أن تتبع توكيدا كأجمع، و تستعمل مبتدأ، و كونها كذلك أحسن من كونها مفعولا، و ليس ذلك بمقصور على السماع و لا مختصا بالشعر خلافا لزاعمه. و إذا أضيفت كل إلى نكرة أو معرفة بلام الجنس حسن أن تلي العوامل اللفظية، و إذا ابتدئ بها مضافة لفظا إلى نكرة طابقت الأخبار و غيرها ما تضاف إليه و إلى معرفة، فالافصح إفراد العائد أو معنى لا لفظا، فالأصل، و قد يحسن الإفراد و أحكام كل كثيرة. و قد ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير الذي سميناه بالتذكرة، و سردنا منها جملة لينتفع بها، فإنها تكررت في القرآن كثيرا.

المشي: الحركة المعروفة. لو: عبارة سيبويه، إنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، و هو أحسن من قول النحويين إنها حرف امتناع لامتناع لاطراد تفسير سيبويه، رحمه اللّه، في كل مكان جاءت فيه لو، و انخرام تفسيرهم في نحو: لو كان هذا إنسانا لكان حيوانا، إذ على تفسير الإمام يكون المعنى ثبوت الحيوانية على تقدير ثبوت الإنسانية، إذ الأخص مستلزم الأعم، و على تفسيرهم ينخرم ذلك، إذ يكون المعنى ممتنع الحيوانية لأجل امتناع الإنسانية، و ليس بصحيح، إذ لا يلزم من انتفاء الإنسانية انتفاء الحيوانية، إذ توجد الحيوانية و لا إنسانية. و تكون لو أيضا شرطا في المستقبل بمعنى أن، و لا يجوز الجزم بها خلافا لقوم، قال الشاعر:

لا يلفك الراجوك إلا مظهرا

خلق الكرام و لو تكون عديما

و تشرب لو معنى التمني، و سيأتي الكلام على ذلك عند قوله تعالى: لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ‏ «1» ، إن شاء اللّه تعالى، و لا تكون موصولة بمعنى أن خلافا لزاعم ذلك. شاء:

(1) سورة البقرة: 2/ 167.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 145

بمعنى أراد، و حذف مفعولها جائز لفهم المعنى، و أكثر ما يحذف مع لو، لدلالة الجواب عليه. قال الزمخشري: و لقد تكاثر هذا الحذف في شاء و أراد، يعني حذف مفعوليهما، قال: لا يكادون يبرزون هذا المفعول إلا في الشي‏ء المستغرب، نحو قوله:

فلو شئت أن أبكي دما لبكيته و قوله تعالى: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ‏ «1» ، و لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى‏ «2» ، انتهى كلامه. قال صاحب التبيان، و ذلك بعد أن أنشد قوله:

فلو شئت أن أبكي دما لبكيته‏

عليه و لكن ساحة الصبر أوسع‏

متى كان مفعول المشيئة عظيما أو غريبا، كان الأحسن أن يذكر نحو: لو شئت أن ألقى الخليفة كل يوم لقيته، و سر ذكره أن السامع منكر لذلك، أو كالمنكر، فأنت تقصد إلى إثباته عنده، فإن لم يكن منكرا فالحذف نحو: لو شئت قمت. و في التنزيل: لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا «3» ، انتهى. و هو موافق لكلام الزمخشري. و ليس ذلك عندي على ما ذهبنا إليه من أنه إذا كان في مفعول المشيئة غرابة حسن ذكره، و إنما حسن ذكره في الآية و البيت من حيث عود الضمير، إذ لو لم يذكر لم يكن للضمير ما يعود عليه، فهما تركيبان فصيحان، و إن كان أحدهما أكثر. فأحدهما الحذف و دلالة الجواب على المحذوف، إذ يكون المحذوف مصدرا دل عليه الجواب، و إذا كانوا قد حذفوا أحد جزأي الإسناد، و هو الخبر في نحو: لو لا زيد لأكرمتك، للطول بالجواب، و إن كان المحذوف من غير جنس المثبت فلأن يحذف المفعول الذي هو فضلة لدلالة الجواب عليه، إذ هو مقدر من جنس المثبت أولى. و الثاني: أن يذكر مفعول المشيئة فيحتاج أن يكون في الجواب ضمير يعود على ما قبله، نحو قوله تعالى: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ‏ ، و قول الشاعر:

فلو شئت أن أبكي دما لبكيته و أما إذا لم يدل على حذفه دليل فلا يحذف، نحو قوله تعالى: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ‏ و لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ . الشي‏ء: ما صح أن يعلم من وجه و يخبر عنه، قال سيبويه، رحمه اللّه، و إنما يخرج التأنيث من التذكير، ألا ترى أن الشي‏ء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أو أنثى؟ و الشي‏ء مذكر، و هو عندنا مرادف للموجود،

(1) سورة الأنبياء: 2/ 17.

(2) سورة الزمر: 39/ 4.

(3) سورة الأنفال: 8/ 31.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 146

و في إطلاقه على المعدوم بطريق الحقيقة خلاف، و من أطلق ذلك عليه فهو أنكر النكرات، إذ يطلق على الجسم و العرض و القديم و المعدوم و المستحيل. القدرة: القوة على الشي‏ء و الاستطاعة له، و الفعل قدر و مصادره كثيرة: قدر، قدرة، و بتثليث القاف، و مقدرة، و بتثليث الدال: و قدر، أو قدر، أو قدر، أو قدار، أو قدار، أو قدرانا، و مقدرا، و مقدرا.

الجملة من قوله: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ‏ لا موضع لها من الإعراب إذ هي مستأنفة جواب قائل قال: فكيف حالهم مع ذلك البرق؟ فقيل: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ‏ ، و يحتمل أن تكون في موضع جر صفة لذوي المحذوفة التقدير كائد البرق يخطف أبصارهم، و الألف و اللام في البرق للعهد، إذ جرى ذكره نكرة في قوله: فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ‏ ، فصار نظير: لقيت رجلا فضربت الرجل، و قوله تعالى: أَرْسَلْنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى‏ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ‏ «1» . و قرأ مجاهد، و علي بن الحسين، و يحيى بن زيد: يخطف بسكون الخاء و كسر الطاء، قال ابن مجاهد: و أظنه غلطا و استدل على ذلك بأن أحدا لم يقرأ بالفتح إلا من خطف الخطفة. و قال الزمخشري: الفتح، يعني في المضارع أفصح، انتهى. و الكسر في طاء الماضي لغة قريش، و هي أفصح، و بعض العرب يقول: خطف بفتح الطاء، يخطف بالكسر. قال ابن عطية، و نسب المهدوي هذه القراءة إلى الحسن و أبي رجاء، و ذلك و هم. و قرأ علي، و ابن مسعود: يختطف. و قرأ أبي:

يتخطف. و قرأ الحسن أيضا: يخطف، بفتح الياء و الخاء و الطاء المشددة. و قرأ الحسن أيضا، و الجحدري، و ابن أبي إسحاق: يخطف، بفتح الياء و الخاء و تشديد الطاء المكسورة، و أصله يختطف. و قرأ الحسن أيضا، و أبو رجاء، و عاصم الجحدري، و قتادة:

يخطف، بفتح الياء و كسر الخاء و الطاء المشددة. و قرأ أيضا الحسن، و الأعمش: يخطف، بكسر الثلاثة و تشديد الطاء. و قرأ زيد بن علي: يخطف، بضم الياء و فتح الخاء و كسر الطاء المشددة من خطف، و هو تكثير مبالغة لا تعدية. و قرأ بعض أهل المدينة: يخطف، بفتح الياء و سكون الخاء و تشديد الطاء المكسورة، و التحقيق أنه اختلاس لفتحة الخاء لا إسكان، لأنه يؤدّي إلى التقاء الساكنين على غير حد التقائهما.

فهذا الحرف قرى‏ء عشر قراءات: السبعة يخطف، و الشواذ: يخطف يختطف يتخطف يخطف و أصله يتخطف، فحذف التاء مع الياء شذوذا، كما حذفها مع التاء قياسا. يخطف‏

صفحه بعد