کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 174

ما ادّعوا أنه وحي، كان بينهما من التفاوت في الفصاحة و التباين في البلاغة ما لا يخفى عمن له يسير تمييز في ذلك. فكيف الجهابذة النقاد و البلغاء الفصحاء، فسلبهم اللّه فصاحتهم بادعائهم و افترائهم على اللّه الكذب. و قوله: وَ لَنْ تَفْعَلُوا جملة اعتراض، فلا موضع لها من الإعراب، و فيها من تأكيد المعنى ما لا يخفى، لأنه لما قال: فإن لم تفعلوا، و كان معناه نفي في المستقبل مخرجا ذلك مخرج الممكن، أخبر أن ذلك لا يقع، و هو إخبار صدق، فكان في ذلك تأكيد أنهم لا يعارضونه. و اقتران الفعل بلن مميز لجملة الاعتراض من جملة الحال، لأن جملة الحال لا تدخل عليها لن، و كان النفي بلن في هذه الجملة دون لا، و إن كانتا أختين في نفي المستقبل، لأن في لن توكيدا و تشديدا، تقول لصاحبك: لا أقيم غدا، فإن أنكر عليك قلت: لن أقيم غدا، كما تفعل في: أنا مقيم، و إنني مقيم، قاله الزمخشري، و ما ذكره هنا مخالف لما حكى عنه أن لن تقتضي النفي على التأبيد. و أما ما ذهب إليه ابن خطيب زملكي من أن لن تنفي ما قرب و أن لا يمتد النفي فيها، فكاد يكون عكس قول الزمخشري.

و هذه الأقوال، أعني التوكيد و التأبيد و نفي ما قرب: أقاويل المتأخرين، و إنما المرجوع في معاني هذه الحروف و تصرفاتها لأئمّة العربية المقانع الذين يرجع إلى أقاويلهم. قال سيبويه، رحمه اللّه: و لن نفي لقوله: سيفعل، و قال: و تكون لا نفيا لقوله:

تفعل، و لم تفعل، انتهى كلامه. و يعني بقوله: تفعل، و لم تفعل المستقبل، فهذا نص منه أنهما ينفيان المستقبل إلا أن لن نفي لما دخلت عليه أداة الاستقبال، و لا نفي للمضارع الذي يراد به الاستقبال. فلن أخص، إذ هي داخلة على ما ظهر فيه دليل الاستقبال لفظا.

و لذلك وقع الخلاف في لا: هل تختص بنفي المستقبل، أم يجوز أن تنفي بها الحال؟

و ظاهر كلام سيبويه، رحمه اللّه، هنا أنها لا تنفي الحال، إلا أنه قد ذكر في الاستثناء من أدواته لا يكون و لا يمكن حمل النفي فيه على الاستقبال لأنه بمعنى إلا، فهو للإنشاء، و إذا كان للإنشاء فهو حال، فيفيد كلام سيبويه في قوله: و تكون لا نفيا لقوله يفعل، و لم يفعل هذا الذي ذكر في الاستثناء، فإذا تقرر هذا الذي ذكرناه، كان الأقرب من هذه الأقوال قول الزمخشري: أولا: من أن فيها توكيدا و تشديدا لأنها تنفي ما هو مستقبل بالأداة، بخلاف لا، فإنها تنفي المراد به الاستقبال مما لا أداة فيه تخلصه له، و لأن لا قد ينفي بها الحال قليلا، فلن أخص بالاستقبال و أخص بالمضارع، و لأن و لن تفعلوا أخصر من و لا تفعلون، فلهذا كله ترجح النفي بلن على النفي بلا.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 175

فاتقوا النار: جواب للشرط، و كنى به عن ترك العناد، لأن من عائد بعد وضوح الحق له استوجب العقاب بالنار. و اتقاء النار من نتائج ترك العناد و من لوازمه. و عرف النار هنا لأنه قد تقدم ذكرها نكرة في سورة التحريم، و التي في سورة التحريم نزلت بمكة، و هذه بالمدينة. و إذا كررت النكرة سابقة ذكرت ثانية بالألف و اللام، و صارت معرفة لتقدمها في الذكر و وصفت بالتي وصلتها. و الصلة معلومة للسامع لتقدم ذكر قوله: ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ «1» ، أو لسماع ذلك من أهل الكتاب قبل نزول الآية، و الجمهور على فتح الواو. و قرأ الحسن باختلاف، و مجاهد و طلحة و أبو حياة و عيسى بن عمر الهمداني بضم الواو. و قرأ عبيد بن عمير و قيدها على وزن فعيل. فعلى قراءة الجمهور و قراءة ابن عمير هو الحطب، و على قراءة الضم هو المصدر على حذف مضاف، أي ذو وقودها لأن الناس و الحجارة ليسا هما الوقود، أو على أن جعلوا نفس الوقود مبالغة، كما يقول: فلان فخر بلده، و هذه النار ممتازة عن غيرها بأنها تتقد بالناس و الحجارة، و هما نفس ما يحرق، و ظاهر هذا الوصف أنها نار واحدة و لا يدل على أنها نيران شتى. قوله تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ «2» ، و لا قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى‏ «3» ، لأن الوصف قد يكون بالواقع لا للامتياز عن مشترك فيه، و الناس يراد به الخصوص ممن شاء اللّه دخولها، و إن كان لفظه عاما، و الحجارة الأصنام، و كانا وقودا للنار مقرونين معا، كما كانا في الدنيا حيث نحتوها و عبدوها آلهة من دون اللّه. و يوضحه قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ‏ «4» ، أو حجارة الكبريت، روي ذلك عن ابن مسعود، و ابن عباس، و ابن جريج. و اختصت بذلك لما فيه من سرعة الالتهاب، و نتن الرائحة، و عظم الدخان، و شدة الالتصاق بالبدن، و قوة حرها إذا حميت. و قيل: هو الكبريت الأسود، أو حجارة مخصوصة أعدت لجهنم، إذا اتقدت لا ينقطع وقودها. و قيل:

إن أهل النار إذا عيل صبرهم بكوا و شكوا، فينشى‏ء اللّه سحابة سوداء مظلمة، فيرجون الفرج، و يرفعون رؤوسهم إليها، فتمطر عليهم حجارة عظاما كحجارة الرحى، فتزداد النار إيقادا و التهابا أو الحجارة ما اكتنزوه من الذهب و الفضة تقذف معهم في النار و يكوون بها.

و على هذه الأقوال لا تكون الألف و اللام في الحجارة للعموم بل لتعريف الجنس. و ذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجوز أن تكون لاستغراق الجنس، و يكون المعنى أن النار التي‏

(1) سورة التحريم: 66/ 6.

(2) سورة التحريم: 66/ 6.

(3) سورة الليل: 92/ 14.

(4) سورة الأنبياء: 21/ 98.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 176

وعدوا بها صالحة لأن تحرق ما ألقي فيها من هذين الجنسين، فعبر عن صلاحيتها و استعدادها بالأمر المحقق، قال: و إنما ذكر الناس و الحجارة تعظيما لشأن جهنم و تنبيها على شدّة وقودها، ليقع ذلك من النفوس أعظم موقع، و يحصل به من التخويف ما لا يحصل بغيره، و ليس المراد الحقيقة.

و ما ذهب إليه هذا الذاهب من أن هذا الوصف هو بالصلاحية لا بالفعل غير ظاهر، بل الظاهر أن هذا الوصف واقع لا محالة بالفعل، و لذلك تكرر الوصف بذلك، و ليس في ذلك أيضا ما يدل على أنها ليس فيها غير الناس و الحجارة، بدليل ما ذكر في غير موضع من كون الجن و الشياطين فيها، و قدم الناس على الحجارة لأنهم العقلاء الذين يدركون الآلام و المعذبون، أو لكونهم أكثر إيقادا للنار من الجماد لما فيهم من الجلود و اللحوم و الشحوم و العظام و الشعور، أو لأن ذلك أعظم في التخويف. فإنك إذا رأيت إنسانا يحرق، أقشعرّ بدنك و طاش لبك، بخلاف الحجر. قال ابن عطية: و في قوله تعالى: أُعِدَّتْ‏ ردّ على من قال: إن النار لم تخلق حتى الآن، و هو القول الذي سقط فيه منذر بن سعيد، انتهى كلامه. و معناه أنه زعم أن الإعداد لا يكون إلا للموجود، لأن الإعداد هو التهيئة و الإرصاد للشي‏ء، قال الشاعر:

أعددت للحدثان سابغة و عداء علبدا أي هيأت. قالوا: و لا يكون ذلك إلا للموجود. قال بعضهم: أو ما كان في معنى الموجود نحو قوله تعالى: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً «1» و منذر الذي ذكره ابن عطية كان يعرف بالبلوطي، و كان قاضي القضاة بالأندلس، و كان معتزليا في أكثر الأصول ظاهريا في الفروع، و له ذكر و مناقب في التواريخ، و هو أحد رجالات الكمال بالأندلس.

و سرى إليه ذلك القول من قول كثير من المعتزلة، و هي مسألة تذكر في أصول الدين و هو:

أن مذهب أهل السنة أن الجنة و النار مخلوقتان على الحقيقة. و ذهب كثير من المعتزلة و الجهمية و النجاومية إلى أنهما لم يخلقا بعد، و أنهما سيخلقان. و قرأ عبد اللّه اعتدت: من العتاد بمعنى العدة. و قرأ ابن أبي عبلة: أعدها اللّه للكافرين، و لا يدل إعدادها للكافرين على أنهم مخصوصون بها، كما ذهب إليه بعض المتأولين من أن نار العصاة غير نار الكفار، بل إنما نص على الكافرين لانتظام المخاطبين فيهم، إذ فعلهم كفر. و قد ثبت في‏

(1) سورة الأحزاب: 33/ 35.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 177

الحديث الصحيح إدخال طائفة من أهل الكبائر النار، لكنه اكتفى بذكر الكفار تغليبا للأكثر على الأقل، أو لأن الكافر لن يشتمل من كفر باللّه و كفر بأنعمه، أو لأن من أخرج منها من المؤمنين لم تكن معدة له دائما بخلاف الكفار. و الجملة من قوله: أعدت للكافرين في موضع الحال من النار، و العامل فيها: فاتقوا، قاله أبو البقاء، و في ذلك نظر، لأن جعله الجملة حالا يصير المعنى: فاتقوا النار في حال إعدادها للكافرين، و هي معدّة للكافرين، اتقوا النار أو لم يتقوها، فتكون إذ ذاك حالا لازمة. و الأصل في الحال التي ليست للتأكيد أن تكون منتقلة، و الأولى عندي أن تكون الجملة لا موضع لها من الإعراب، و كأنها سؤال جواب مقدّر كأنه لما وصفت بأن وقودها الناس و الحجارة قيل: لمن أعدت؟ فقيل: أعدت للكافرين.

[سورة البقرة (2): آية 25]

وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَ أُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (25)

البشارة: أول خبر يرد على الإنسان من خير كان أو شر، و أكثر استعماله في الخير، و ظاهر كلام الزمخشري. أنه لا يكون إلا في الخير، و لذلك قال: تأول‏ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* «1» ، و هو محجوج بالنقل. قيل عن سيبويه: هو خبر يؤثر في البشرة من حزن أو سرور. قال بعضهم: و لذا يقيد في الحزن، و البشارة: الجمال، و البشير: الجميل، قاله ابن دريد، و تباشير الفجر: أوائله. و في الفعل لغتان: التشديد، و هي اللغة العليا، و التخفيف: و هي لغة أهل تهامة. و قد قرى‏ء باللغتين في المضارع في مواضع من القرآن، ستأتي إن شاء اللّه. الصلاح: يقابله الفساد. الجنة: البستان الذي سترت أشجاره أرضه، و كل شي‏ء ستر شيئا فقد أجنه، و من ذلك الجنة و الجنة و الجن و المجن و الجنين. المفضل الجنة: كل بستان فيه ظل، و قيل: كل أرض كان فيها شجر و نخل فهي جنة، فإن كان فيها كرم فهي: فردوس. تحت: ظرف مكان لا يتصرف فيه بغير من، نص على ذلك أبو الحسن. قال العرب: تقول تحتك رجلاك، لا يختلفون في نصب التحت. النهر: دون البحر و فوق الجدول، و هل هو نفس مجرى الماء أو الماء في المجرى المتسع قولان، و فيه‏

(1) سورة آل عمران: 3/ 21، و سورة التوبة: 9/ 24، و سورة الانشقاق: 84/ 24.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 178

لغتان: فتح الهاء، و هي اللغة العالية، و السكون، و على الفتح جاء الجمع أنهارا قياسا مطردا إذ أفعال في فعل الاسم الصحيح العين لا يطرد، و إن كان قد جاءت منه ألفاظ كثيرة، و سمي نهرا لاتساعه، و أنهر: وسع، و النهار لاتساع ضوئه.

التشابه: تفاعل من الشبه و الشبه المثل. و تفاعل تأتي لستة معان: الاشتراك في الفاعلية من حيث اللفظ، و فيها و في المفعولية من حيث المعنى، و الإبهام، و الرّوم، و مطاوعة فاعل الموافق أفعل، و لموافقة المجرد و للإغناء عنه. الزوج: الواحد الذي يكون معه آخر، و اثنان: زوجان. و يقال للرجل: زوج، و لامرأته أيضا زوج و زوجة أقل. و ذكر الفراء أن زوجا المراد به المؤنث فيه لغتان: زوج لغة أهل الحجاز، و زوجة لغة تميم و كثير من قيس و أهل نجد، و كل شي‏ء قرن بصاحبه فهو زوج له، و الزوج: الصنف و منه: زوج بهيج، أو يزوجهم ذكرانا و إناثا. الطهارة: النظافة، و الفعل طهر بفتح الهاء و هو الأفصح، و طهر بالضم، و اسم الفاعل منهما طاهر. فعلى الفتح قياس و على الضم شاذ نحو: حمض فهو حامض، و خثر فهو خاثر. الخلود: المكث في الحياة أو الملك أو المكان مدّة طويلة لا انتهاء لها و هل يطلق على المدّة الطويلة التي لها انتهاء بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز قولان، و قال زهير:

فلو كان حمد يخلد الناس لم تمت‏

و لكن حمد الناس ليس بمخلد

و يقال: خلد بالمكان أقام به، و أخلد إلى كذا، سكن إليه، و المخلد: الذي لم يشب، و لهذا المعنى، أعني من السكون و الاطمئنان، سمي هذا الحيوان اللطيف الذي يكون في الأرض خلدا. و ظاهره هذه الاستعمالات و غيرها يدل على أن الخلد هو المكث الطويل، و لا يدل على المكث الذي لا نهاية له إلا بقرينة. و اختار الزمخشري فيه: أنه البقاء اللازم الذي لا ينقطع، تقوية لمذهبه الاعتزالي في أن من دخل النار لم يخرج منها بل يبقى فيها أبدا.

و الأحاديث الصحيحة المستفيضة دلت على خروج ناس من المؤمنين الذين دخلوا النار بالشفاعة من النار، و مناسبة قوله تعالى: و بشر لما قبله ظاهره، و ذلك أنه لما ذكر ما تضمن ذكر الكفار و ما تؤول إليه حالهم في الآخرة، و كان ذلك من أبلغ التخويف و الإنذار، أعقب ما تضمن ذكر مقابليهم و أحوالهم و ما أعد اللّه لهم في الآخرة من النعيم السرمدي.

و هكذا جرت العادة في القرآن غالبا متى جرى ذكر الكفار و ما لهم أعقب بالمؤمنين و ما لهم‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 179

و بالعكس، لتكون الموعظة جامعة بين الوعيد و الوعد و اللطف و العنف، لأن من الناس من لا يجذبه التخويف و يجذبه اللطف، و منهم من هو بالعكس. و المأمور بالتبشير قيل:

النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و قيل: كل من يصلح للبشارة من غير تعيين. قال الزمخشري: و هذا أحسن و أجزل لأنه يؤذن بأن الأمر لعظمه و فخامة شأنه محقوق بأن يبشر به كل من قدر على البشارة به، انتهى كلامه. و الوجه الأول عندي أولى، لأن أمره صلّى اللّه عليه و سلّم لخصوصيته بالبشارة أفخم و أجزل، و كأنه ما اتكل على أن يبشر المؤمنين كل سامع، بل نص على أعظمهم و أصدقهم ليكون ذلك أوثق عندهم و أقطع في الإخبار بهذه البشارة العظيمة، إذ تبشيره صلّى اللّه عليه و سلّم تبشير من اللّه تعالى. و الجملة من قوله: و بشر معطوفة على ما قبلها، و ليس الذي اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب مشاكل من أمر أو نهي يعطف عليه، إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين، فهي معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين، كما تقول: زيد يعاقب بالقيد و الإزهاق، و بشر عمرا بالعفو و الإطلاق، قال هذا الزمخشري و تبعه أبو البقاء فقال: الواو في و بشر عطف بها جملة ثواب المؤمنين على جملة عقاب الكافرين، انتهى كلامه.

و تلخص من هذا أن عطف الجمل بعضها على بعض ليس من شرطه أن نتفق معاني الجمل، فعلى هذا يجوز عطف الجملة الخبرية على الجملة غير الخبرية، و هذه المسألة فيها اختلاف. ذهب جماعة من النحويين إلى اشتراط اتفاق المعاني، و الصحيح أن ذلك ليس بشرط، و هو مذهب سيبويه. فعلى مذهب سيبويه يتمشى إعراب الزمخشري و أبي البقاء. و أجاز الزمخشري و أبو البقاء أن يكون قوله: و بشر معطوفا على قوله: فاتقوا النار، ليكون عطف أمر على أمر. قال الزمخشري: كما تقول يا بني تميم احذروا عقوبة ما جنيتم، و بشر يا فلان بني أسد بإحسان إليهم، و هذا الذي ذهبا إليه خطأ لأن قوله: فاتقوا جواب للشرط و موضعه جزم، و المعطوف على الجواب جواب، و لا يمكن في قوله: و بشر أن يكون جوابا لأنه أمر بالبشارة و مطلقا، لا على تقدير إن لم تفعلوا، بل أمر أن يبشر الذين آمنوا أمرا ليس مترتبا على شي‏ء قبله، و ليس قوله: و بشر على إعرابه مثل ما مثل به من قوله: يا بني تميم إلخ، لأن قوله: احذروا لا موضع له من الإعراب، بخلاف قوله: فاتقوا.

فلذلك أمكن فيما مثل به العطف و لم يمكن في و بشر. و قرأ زيد بن علي: و بشر فعلا ماضيا مبنيا للمفعول. قال الزمخشري: عطفا على أعدت انتهى. و هذا الإعراب لا يتأتى على قول من جعل أعدت جملة في موضع الحال، لأن المعطوف على الحال حال، و لا يتأتى‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 180

أن يكون و بشر في موضع الحال، فالأصح أن تكون جملة معطوفة على ما قبلها، و إن لم تتفق معاني الجمل، كما ذهب إليه سيبويه و هو الصحيح، و قد استدل لذلك بقول الشاعر:

تناغى غزالا عند باب ابن عامر

و كحل مآقيك الحسان بإثمد

و بقول امرئ القيس:

و إن شفائي عبرة إن سفحتها

و هل عند رسم دارس من معوّل‏

و أجاز سيبويه: جاءني زيد، و من أخوك العاقلان، على أن يكون العاقلان خبر ابتداء مضر. و قد تقدم لنا أن الزمخشري يخص البشارة بالخبر الذي يظهر سرور المخبر به. و قال ابن عطية: الأغلب استعماله في الخير، و قد يستعمل في الشر مقيدا به منصوصا على الشر للمبشر به، كما قال تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* «1» . و متى أطلق لفظ البشارة فإنما يحمل على الخير، انتهى كلامه. و تقدم لنا ما يخالف قوليهما من قول سيبويه و غيره، و أن البشارة أول خبر يرد على الإنسان من خير كان أو شر، قالوا: و سمي بذلك لتأثيره في البشرة، فإن كان خيرا أثر المسرة و الانبساط، و إن كان شرا أثر القبض و الانكماش. قال تعالى: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ‏ «2» ، و قال تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* ، و جعل الزمخشري هذا العكس في الكلام الذي يقصد به استهزاء الزائد في غيظه المستهزأ به و تألمه. و قيل: معناه ضع هذا موضع البشارة منهم، قالوا: و الصحيح أن كل خبر غير البشرة خيرا كان أو شرا بشارة، قال الشاعر:

يبشرني الغراب ببين أهل‏

فقلت له ثكلتك من بشير

و قال آخر:

و بشرتني يا سعد أن أحبتي‏

جفوني و أن الود موعده الحشر

و التضعيف في بشر من التضعيف الدال على التكثير فيما قال بعضهم، و لا يتأتى التكثير في بشر إلا بالنسبة إلى المفاعيل، لأن البشارة أول خبر يسر أو يحزن على المختار، و لا يتأتى التكثير فيه بالنسبة إلى المفعول الواحد، فبالنسبة إليه يكون فعل فيه مغنيا عن فعل، لأن الذي ينطق به مشددا غير العرب الذين ينطقون به مخففا، كما بينا قبل. و كون مفعول بشر موصولا بجملة فعلية ماضية و لم يكن اسم فاعل، دلالة على أن مستحق التبشير

(1) سورة آل عمران: 3/ 21.

صفحه بعد