کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 187

قال ابن عباس: ليس في الجنة شي‏ء مما في الدنيا سوى الأسماء، و أما الذوات فمتباينة. و قراءة الجمهور: و أتوا مبنيا للمفعول و حذف الفاعل للعلم به، و هو الخدم و الولدان. يبين ذلك قراءة هارون الأعور و العتكي. و أتوا به على الجمع، و هو إضمار لدلالة المعنى عليه. ألا ترى إلى قوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَ أَبارِيقَ‏ «1» إلى قوله تعالى: وَ فاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ‏ «2» ؟ فدل ذلك على أن الولدان هم الذين يأتون بالفاكهة، و الضمير في قوله تعالى: به، عائد على الرزق، أي: و أتوا بالرزق الذي هو من الثمار، كما أن هذا إشارة إليه. قال الزمخشري: فإن قلت: إلام يرجع الضمير في قوله: و أتوا به؟ قلت: إلى المرزوق في الدنيا و الآخرة، لأن قوله: هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ‏ انطوى تحته ذكر ما رزقوه في الدارين، انتهى كلامه. أي لما كان التقدير هذا مثل الذي رزقناه كان قد انطوى على المرزوقين معا. ألا ترى أنك إذا قيل: زيد مثل حاتم، كان منطويا على ذكر زيد و حاتم؟ و ما ذكره الزمخشري غير ظاهر الآية، لأن ظاهر الكلام يقتضي أن يكون الضمير عائدا على مرزوقهم في الآخرة فقط، لأنه هو المحدث عنه و المشبه بالذي رزقوه من قبل، مع أنه إذا فسرت القبلية بما في الجنة تعين أن لا يعود الضمير إلا إلى المرزوق في الجنة، كأنه قال: و أتوا بالمرزوق في الجنة متشابها، و لا سيما إذا أعربت الجملة حالا، إذ يصير التقدير قالوا: هذا مثل الذي رزقنا من قبل. و قد أتوا به متشابها، أي قالوا ذلك في هذه الحال، و كان الحامل على القول المذكور كونه أتوا به متشابها. و مجي‏ء الجملة المصدرة بماض حالا و معها الواو على إضمار قد جائز في فصيح الكلام.

قال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ‏ «3» أي و قد كنتم الذين قالوا لإخوانهم و قعدوا، أي و قد قعدوا. و قال الذي نجا منهما: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ «4» أي و قد ادّكر إلى غير ذلك مما خرج على أنه حال، و كذلك أيضا لا يستقيم عوده إلى المرزوق في الدارين إذا كانت الجملة معطوفة على قوله تعالى: قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ‏ لأن الإتيان إذ ذاك يستحيل أن يكون ماضيا معنى لازما في حيز كلما، و العامل فيها يتعين هنا أن يكون مستقبل المعنى، و إن كان ماضي اللفظ لأنها لا تخلوا من معنى الشرط. و يجوز أن تكون الجملة مستأنفة تضمنت الإخبار عن الإتيان بهذا الذي رزقوه متشابها. و قول‏

(1) سورة الواقعة: 56/ 17- 18.

(2) سورة الواقعة: 56/ 20.

(3) سورة البقرة: 2/ 28.

(4) سورة يوسف: 12/ 45.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 188

الزمخشري في عوده الضمير إلى المرزوق في الدنيا و الآخرة لا يظهر أيضا، لأن هذه الجمل إنما جاءت محدثا بها عن الجنة و أحوالها، و كونه يخبر عن المرزوق في الدنيا و الآخرة أنه متشابه، ليس من حديث الجنة إلا بتكلف. فالظاهر ما ذكرناه أولا من عود الضمير إلى الذي أشير إليه بهذا فقط، و انتصب متشابها على الحال من الضمير في به، و هي حال لازمه، لأن التشابه ثابت له، أتوا به أو لم يؤتوا، و التشابه قيل: في الجودة و الخيار، فإن فواكه الجنة ليس فيها ردي‏ء، قاله قتادة، و ذلك كقوله تعالى: كِتاباً مُتَشابِهاً «1» ، قال ابن عطية: كأنه يريد متناسبا في أن كل صنف هو أعلى جنسه، فهذا تشابه ما أو في اللون، و هو مختلف في الطعم، قاله ابن عباس و الحسن و مجاهد، أو في الطعم و اللذة و الشهوة، و إن اختلفت ألوانه، أو متشابه بثمر الدنيا في الاسم مختلف في اللون و الرائحة و الطعم، أو متشابه بثمر الدنيا في الصورة لا في القدر و الطعم، قاله عكرمة و غيره. و روى ابن المبارك حديثا يرفعه. قال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إن اللّه لينفعنا بالأعراب و مسائلهم.

أقبل أعرابي يوما فقال: يا رسول اللّه، ذكر اللّه في الجنة شجرة مؤذية، و ما كنت أرى في الجنة شجرة مؤذية تؤذي صاحبها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «ما هي؟» قال: السدرة، فإن لها شوكا مؤذيا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أليس يقول في سدر مخضود، خضد اللّه الشوك، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها لتنبت ثمرا يفتق من الثمرة منها على اثنين و سبعين لونا طعاما ما فيه لون يشبه الآخر؟»

و اختار الزمخشري أن ثمر الجنة متشابه بثمر الدنيا، و أطلق القول في كونه كان مشابها لثمر الدنيا، و لم يكن أجناسا أخر.

و ملخص ما ذكر أن الإنسان يأنس بالمألوف، و إذا رأى غير المألوف نفر عنه طبعه، و إذا ظفر بشي‏ء مما ألفه و ظهر له فيه مزية، و تفاوت في الجنس، سر به و اغتبط بحصوله.

ثم ذكر ما ورد في مقدار الرمانة و النبقة و الشجرة و كيفية نخل الجنة و العنقود و الأنهار ما يوقف عليه في كتابه. و ليس في الآية ما يدل على ما اختاره الزمخشري. و الأظهر أن يكون المعنى ثبوت التشابه له، و لم يقيد التشابه بل أطلق، فتقييده يحتاج إلى دليل. و لما كانت مجامع اللذات في المسكن البهي و المطعم الشهي و المنكح الوضي، ذكرها اللّه تعالى فيما يبشر به المؤمنون. و قد بدأ بالمسكن لأن به الاستقرار في دار المقام، و ثنى بالمطعم لأن به قوام‏

(1) سورة الزمر: 39/ 23.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 189

الأجسام، ثم ذكر ثالثا الأزواج لأن بها تمام الالتئام، فقال تعالى: وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ‏ و الأولى أن تكون هذه الجملة مستأنفة. كما اخترنا في قوله: كُلَّما رُزِقُوا لأن جعلها استئنافا يكون في ذلك اعتناء بالجملة، إذ سيقت كلاما تاما لا يحتاج إلى ارتباط صناعي، و من جعلها صفة فقد سلك بها مسلك غير ما هو أصل للحمل. و ارتفاع أزواج على الابتداء، و كونه لم يشرك في العامل في جنات يدل على ما قلناه من الاستئناف أيضا، و خبر أزواج في المجرور الذي هو لهم و فيها متعلق بالعامل في لهم الذي هو خبر. و الأزواج من جموع القلة، لأن زوجا جمع على زوجة نحو: عود و عودة، و هو من جموع الكثرة، لكنه ليس في الكثير من الكلام مستعملا، فلذلك استغنى عنه بجمع القلة توسعا و تجوزا. و قد ورد في الحديث الصحيح ما يدل على كثرة الأزواج من الحور و غيرهم. و أريد هنا بالأزواج: القرناء من النساء اللاتي تختص بالرجل لا يشركه فيها غيره. و مطهرة: صفة للأزواج مبنية على طهرت كالواحدة المؤنثة. و قرأ زيد بن علي: مطهرات، فجمع بالألف و التاء على طهرن. قال الزمخشري: هما لغتان فصيحتان، يقال: النساء فعلن، و هن فاعلات، و النساء فعلت، و هي فاعلة، و منه بيت الحماسة:

و إذا العذارى بالدخان تقنت‏

و استعجلت نصب القدور فملت‏

و المعنى: و جماعة أزواج مطهرة، انتهى كلامه.

و فيه تعقب أن اللغة الواحدة أولى من الأخرى، و ذلك أن جمع ما لا يعقل، إما أن يكون جمع قلة، أو جمع كثرة إن كان جمع كثرة فمجي‏ء الضمير على حد ضمير الواحدة أولى من مجيئه على حد ضمير الغائبات، و إن كان جمع قلة فالعكس، نحو: الأجذاع انكسرن، و يجوز انكسرت، و كذلك إذا كان ضميرا عائدا على جمع العاقلات الأولى فيه النون من التاء، فإذا بلغن أجلهن، و الوالدات يرضعن، و لم يفرقوا في ذلك بين جمع القلة و الكثرة كما فرقوا في جمع ما لا يعقل. فعلى هذا الذي تقرر تكون قراءة زيد الأولى إذ جاءت في الظاهر على ما هو أولى. و مجي‏ء هذه الصفة مبنية للمفعول، و لم تأت ظاهرة أو ظاهرات، أفخم لأنه أفهم أن لها مظهرا و ليس إلا اللّه تعالى. و قراءة عبيد بن عمير مطهرة، و أصله متطهرة، فأدغم. و في كلام بعض العرب ما أحوجني إلى بيت اللّه فاطهر به اطهرة، أي: فأتطهر به تطهرة، و هذه القراءة مناسبة لقراءة الجمهور، لأن الفعل مما يحتمل أن يكون مطاوعا نحو: طهرته فتطهر، أي أن اللّه تعالى طهرهن فتطهرن. و هذه الأزواج التي وصفها اللّه بالتطهيران كن من الحور العين، كما روي عن عبد اللّه. فمعنى التطهير:

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 190

خلقهن على الطهارة لم يعلق بهن دنس ذاتي و لا خارجي و إن كن من بني آدم، كما روي عن الحسن: عن عجائزكم الرمص العمص يصرن شواب، فقيل: مطهرة من العيوب الذاتية و غير الذاتية، و قيل: مطهرة من الأخلاق السيئة و الطبائع الرديئة، كالغضب و الحدة و الحقد و الكيد المكر، و ما يجري مجرى ذلك، و قيل: مطهرة من الفواحش و الخنا و التطلع إلى غير أزواجهن، و قيل: مطهرة من الأدناس الذاتية، مثل الحيض و النفاس و الجنابة و البول و التغوط و غير ذلك من المقاذير الحادثة عن الأعراض المنقلبة إلى فساد: كالبخر و الذفر و الصنان و القيح و الصديد، أو إلى غير فساد: كالدمع و العرق و البصاق و النخامة.

و قيل: مطهرة من مساوئ الأخلاق، لا طمحات و لا مرجات و لا يغرن و لا يعزن. و قال النخعي: الولد. و قال يمان: من الإثم و الأذى، و كل هذه الأقوال لا يدل على تعيينها قوله تعالى: مُطَهَّرَةٌ لكن ظاهر اللفظ يقتضي أنهن مطهرات من كل ما يشين، لأن من طهره اللّه تعالى و وصفه بالتطهير كان في غاية النظافة و الوضاءة. و لما ذكر تعاليم سكن المؤمنين و مطعمهم و منكحهم، و كانت هذه الملاذ لا تبلغ درجة الكمال مع توقع خوف الزوال، و لذلك قيل:

أشد الغم عندي في سرور

تيقن عنه صاحبه ارتحالا

أعقب ذلك تعالى بما يزيل تنغيص التنعم بذكر الخلود في دار النعيم، فقال تعالى:

وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ‏ . و قد تقدم ذكر الخلاف في الخلود، و أن المعتزلة تذهب إلى أنه البقاء الدائم الذي لا ينقطع أبدا، و أن غيرهم يذهب إلى أنه البقاء الطويل، انقطع أو لم ينقطع، و أن كون نعيم أهل الجنة و عذاب أهل النار سرمدي لا ينقطع، ليس مستفادا من لفظ الخلود بل من آيات من القرآن و أحاديث صحاح من السنة، قال تعالى: خالِدِينَ فِيها أَبَداً* «1» ، و قال تعالى: وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ‏ «2» . و

في الحديث: «يا أهل الجنة خلود بلا موت».

و

في حديث أخرجه مسلم في وصف أهل الجنة: « و إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا».

إلى غير ذلك من الآي و الأحاديث.

[سورة البقرة (2): الآيات 26 الى 29]

إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ (29)

(1) سورة التغابن: 64/ 9.

(2) سورة الحجر: 15/ 48.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 191

الحياء: تغير و إنكار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به و يذم، و محله الوجه، و منبعه من القلب، و اشتقاقه من الحياة، و ضده: القحة، و الحياء، و الاستحياء، و الانخزال، و الانقماع، و الانقلاع، متقاربة المعنى، فتنوب كل واحدة منها مناب الأخرى.

أن: حرف ثنائي الوضع ينسبك منه مع الفعل الذي يليه مصدر، و عمله في المضارع النصب، إن كان معربا، و الجزم بها لغة لبني صباح، و توصل أيضا بالماضي المتصرف، و ذكروا أنها توصل بالأمر، و إذا نصبت المضارع فلا يجوز الفصل بينهما بشي‏ء. و أجاز بعضهم الفصل بالظرف، و أجاز الكوفيون الفصل بينها و بين معمولها بالشرط. و أجازوا أيضا إلغاءها و تسليط الشرط على ما كان يكون معمولا لها لولاه، و أجاز الفراء تقديم معمول معمولها عليها، و منعه الجمهور. و أحكام أن الموصولة كثيرة، و يكون أيضا حرف تفسير خلافا للكوفيين، إذ زعموا أنها لا تأتي تفسيرا، و سيأتي الكلام على التفسيرية عند قوله تعالى: وَ عَهِدْنا إِلى‏ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ‏ «1» ، إن شاء اللّه تعالى. و تكون أن أيضا زائدة و تطرد زيادتها بعد لما، و لا تفيد إذ ذاك غير التوكيد، خلافا لمن زاد على ذلك أنها تفيد اتصال الفعل الواقع جوابا بالفعل الذي زيدت قبله، و بعد القسم قبل لو و الجواب خلافا لمن زعم أنها إذ ذاك رابطة لجملة القسم بالمقسم عليه إذا كان لو و الجواب، و لا تكون أن للمجازاة خلافا للكوفيين، و لا بمعنى أن المكسورة المخففة من الثقيلة خلافا للفارسي، و لا للنفي، و لا بمعنى إذ، و لا بمعنى لئلا خلافا لزاعمي ذلك. و أما أن المخففة من الثقيلة فحرف ثلاثي الوضع، و سيأتي الكلام عليه عند أول ما يذكر، إن شاء اللّه تعالى.

(1) سورة البقرة: 2/ 125.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 192

و الضرب: إمساس جسم بجسم بعنف و يكنى به عن السفر في الأرض و يكون بمعنى الصنع و الاعتمال. و

روى‏ اضطرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم خاتما من ذهب.

و البعوضة: واحد البعوض، و هي طائر صغير جدا معروف، و هو في الأصل صفة على فعول كالقطوع فغلبت، و اشتقاقه من البعض بمعنى القطع. أما: حرف، و فيه معنى الشرط، و بعضهم يعبر عنها بحرف تفصيل، و بعضهم بحرف إخبار، و أبدل بنو تميم الميم الأولى ياء فقالوا: أيما. و قال سيبويه في تفسير أما: أن المعنى مهما يكن من شي‏ء فزيد ذاهب، و الذي يليها مبتدأ و خبر و تلزم الفاء فيما ولي الجزاء الذي وليها، إلا إن كانت الجملة دعاء فالفاء فيما يليها و لا يفصل بغيرها من الجمل بينها و بين الفاء، و إذا فصل بها فلا بد من الفصل بينها و بين الجملة بمعمول يلي أما، و لا يجوز أن يفصل بين أما و بين الفاء بمعمول خبر أن وفاقا لسيبويه و أبي عثمان، و خلافا للمبرد و ابن درستويه، و لا بمعمول خبر ليت و لعل خلافا للفراء. و مسألة أما علما، فعالم يلزم أهل الحجاز فيه النصب و تختاره تميم، و توجيه هاتين المسألتين مذكور في النحو. الحق: الثابت الذي لا يسوغ إنكاره. حق الأمر ثبت و وجب و منه: حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ* «1» ، و الباطل مقابله، و هو المضمحل الزائل، ماذا: الأصل في ذا أنها اسم إشارة، فمتى أريد موضوعها الأصلي كانت ماذا جملة مستقلة، و تكون ما استفهامية في موضع رفع بالابتداء و ذا خبرة. و قد استعملت العرب ماذا ثلاثة استعمالات غير الذي ذكرناه أولا: أحدها: أن تكون ما استفهاما و ذا موصولا بدليل وقوع الاسم جوابا لها مرفوعا في الفصيح، و بدليل رفع البدل قال الشاعر:

ألا تسألان المرء ماذا يحاول‏

أنحب فيقضى أم ضلال و باطل‏

الثاني: أن تكون ماذا كلها استفهاما، و هذا الوجه هو الذي يقول بعض النحويين فيه: إن ذا لغو و لا يريد بذلك الزيادة بل المعنى أنها ركبت مع ما و صارت كلها استفهاما، و يدل على هذا الوصف وقوع الاسم جوابا لها منصوبا في الفصيح، و قول العرب: عماذا تسأل بإثبات ألف ما، و قول الشاعر:

يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم‏

لا يستفقن إلى الديرين تحتانا

(1) سورة يونس: 10/ 33، و سورة غافر: 40/ 6.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 193

و لا يصح موصولية ذا هنا، الثالث: أن تكون ما مع ذا اسما موصولا، و هو قليل، قال الشاعر:

دعي ماذا علمت سأتقيه‏

و لكن بالمغيب نبئيني‏

فعلى هذا الوجه و الأول يكون الفعل بعدها صلة لا موضع له من الإعراب و لا يتسلط على ماذا: و على الوجه الثاني يتسلط على ماذا إن كان مما يمكن أن يتسلط. و أجاز الفارسي أن تكون ماذا نكرة موصوفة و جعل منه: دعي ماذا علمت. الإرادة: طلب نفسك الشي‏ء و ميل قلبك إليه، و هي نقيض الكرهة، و يأتي الكلام عليها مضافة إلى اللّه تعالى، إن شاء اللّه. الفسوق: الخروج، فسقت الرطبة: خرجت، و الفاسق شرعا: الخارج عن الحق، و مضارعه جاء على يفعل و يفعل. النقض: فك تركيب الشي‏ء و ردّه إلى ما كان عليه أولا، فنقض البناء هدمه، و نقض المبرم حله. و العهد: الموثق، و عهد إليه في كذا: أوصاه به و وثقه عليه. و العهد في لسان العرب على ستة محامل: الوصية، و الضمان، و الأمر، و الالتقاء، و الرؤية، و المنزل. و الميثاق: العهد المؤكد باليمين. و الميثاق و التوثقة: كالميعاد بمعنى الوعد، و الميلاد بمعنى الولادة. الخسار: النقصان أو الهلاك، كيف: اسم، و دخول حرف الجر عليها شاذ، و أكثر ما تستعمل استفهاما، و الشرط بها قليل، و الجزم بها غير مسموع من العرب، فلا نجيزه قياسا، خلافا للكوفيين و قطرب، و قد ذكر خلاف فيها: أ هي ظرف أم اسم غير ظرف؟ و الأول عزوه إلى سيبويه، و الثاني إلى الأخفش و السيرافي، و البدل منها و الجواب إذا كانت مع فعل مستغن منصوبان، و مع ما لا يستغنى مرفوع إن كان مبتدأ، و منصوب إن كان ناسخا. أمواتا: جمع ميت، و هو أيضا جمع ميتة، و جمعهما على أفعال شذوذ، و القياس في فيعل إذا كسر فعائل. الاستواء: الاعتدال و الاستقامة، استوى العود و غيره: إذا استقام و اعتدل، ثم قيل: استوى إليه كالسهم المرسل، إذا قصده قصدا مستويا من غير أن يلوي على شي‏ء، و التسوية: التقويم و التعديل.

إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا ، الآيات. قال ابن عباس، و الحسن، و قتادة، و مقاتل، و الفراء: نزلت في اليهود لما ضرب اللّه تعالى الأمثال في كتابه بالعنكبوت، و الذباب، و التراب، و الحجارة، و غير ذلك مما يستحقر و يطرح.

صفحه بعد