کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 536

الثواب، و لم يعلموا استحقاق العذاب. و جواب لو محذوف تقديره: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ .

ذمّ ذلك لما باعوا أنفسهم.

وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا : قد تقدّم الكلام في لو و أقسامها، و هي هنا حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، و يأتي الكلام على جوابها إن شاء اللّه. و قال الزمخشري: و يجوز أن يكون قوله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا تمنيا لإيمانهم، على سبيل المجاز، عن إرادة اللّه، إيمانهم و اختيارهم له، كأنه قيل: وليتهم آمنوا، ثم ابتدئ: لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ ، انتهى.

فعلى هذا لا يكون للو جواب لازم، لأنها قد تجاب إذا كانت للتمني بالفاء، كما يجاب ليت. إلا أن الزمخشري دس في كلامه هذا، و يحرجه مذهبه الاعتزالي، حيث جعل التمني كناية عن إرادة اللّه، فيكون المعنى: أن اللّه أراد إيمانهم، فلم يقع مراده، و هذا هو عين مذهب الاعتزال، و الطائفة الذين سموا أنفسهم عدلية:

قالوا يريد و لا يكون مراده‏

عدلوا و لكن عن طريق المعرفة

و أنهم آمنوا، يتقدّر بمصدر كأنه قيل: و لو إيمانهم، و هو مرفوع. فقال سيبويه: هو مرفوع بالابتداء، أي و لو إيمانهم ثابت. و قال المبرد: هو مرفوع على الفاعلية، أي و لو ثبت إيمانهم. ففي كل من المذهبين حذف للمسند، و إبقاء المسند إليه. و الترجيح بين المذهبين مذكور في علم النحو، و الضمير في أنهم لليهود، أو الذين يعلمون السحر، قولان. و الإيمان و التقوى: الإيمان التام، و التقوى الجامعة لضروبها، أو الإيمان بمحمد و بما جاء به، و تقوى الكفر و السحر، قولان متقاربان.

لَمَثُوبَةٌ : اللام لام الابتداء، لا الواقعة في جواب لو، و جواب لو محذوف لفهم المعنى، أي لا ثيبوا، ثم ابتدأ على طريق الإخبار الاستئنافي، لا على طريق تعليقه بإيمانهم و تقواهم، و ترتبه عليهما، هذا قول الأخفش، أعني أن الجواب محذوف. و قيل:

اللام هي الواقعة في جواب لو، و الجواب: هو قوله: لَمَثُوبَةٌ ، أي الجملة الاسمية.

و الأول اختيار الراغب، و الثاني اختيار الزمخشري. قال: أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو، لما في ذلك من الدلالة على ثبوت المثوبة و استقرارها، كما عدل عن النصب إلى الرفع في: سلام عليكم لذلك، انتهى كلامه. و مختاره غير مختار، لأنه لم يعهد في لسان العرب وقوع الجملة الابتدائية جوابا للو، إنما جاء هذا المختلف في تخريجه. و لا تثبت القواعد الكلية بالمحتمل، و ليس مثل سلام عليكم، لثبوت رفع سلام‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 537

عليكم من لسان العرب. و وجه من أجاز ذلك قوله: بأن مثوبة مصدر يقع للماضي و الاستقبال، فصلح لذلك من حيث وقوعه للمضي. و قد تكلمنا على هذه المسألة في (كتاب التكميل) من تأليفنا، بأشبع من هذا. و قرأ الجمهور: لمثوبة بضم الثاء، كالمشورة.

و قرأ قتادة و أبو السمال و عبد اللّه بن بريدة: بسكون الثاء، كمشورة. و معنى قوله: لمثوبة، أي لثواب، و هو الجزاء و الأجر على الإيمان و التقوى بأنواع الإحسان. و قيل: لمثوبة:

لرجعة إلى اللّه خير.

مِنْ عِنْدِ اللَّهِ‏ : هذا الجار و المجرور في موضع الصفة، أي كائنة من عند اللّه.

و هذا الوصف هو المسوّغ لجواز الابتداء بالنكرة. و في وصف المثوبة بكونها من عند اللّه، تفخيم و تعظيم لها، و لمناسبة الإيمان و التقوى. لذلك، كان المعنى: أن الذي آمنتم به و اتقيتم محارمه، هو الذي ثوابكم منه على ذلك، فهو المتكفل بذلك لكم. و اكتفى بالتنكير في ذلك، إذ المعنى لشي‏ء من الثواب.

قليلك لا يقال له قليل‏ خَيْرٌ خبر لقوله: لمثوبة، و ليس خير هنا أفعل تفضيل، بل هي للتفضيل، لا للأفضلية. فهي كقوله: أَ فَمَنْ يُلْقى‏ فِي النَّارِ خَيْرٌ ، و خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا .

فشركما لخيركما الفداء لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ : جواب لو محذوف: التقدير: لو كانوا يعلمون لكان تحصيل المثوبة خيرا، و يعني سبب المثوبة، و هو الإيمان و التقوى. و لذلك قدّره بعضهم لآمنوا، لأن من كان ذا علم و بصيرة، لم يخف عليه الحق، فهو يسارع إلى اتباعه، و لا الباطل، فهو يبالغ في اجتنابه. و مفعول يعلمون محذوف اقتصارا، فالمعنى: لو كانوا من ذوي العلم، أو اختصارا، فقدره بعضهم: لو كانوا يعلمون التفضيل في ذلك، و قدره بعضهم: لو كانوا يعلمون أن ما عند اللّه خير و أبقى. و قيل: العلم هنا كناية عن العمل، أي لو كانوا يعلمون بعلمهم، و لما انتفت ثمرة العلم الذي هو العمل، جعل العلم منتفيا.

و قد تضمنت هذه الآيات الشريفة ما كان عليه اليهود من خبث السريرة، و عدم التوفيق و الطواعية لأنبياء اللّه، و نصب المعاداة لهم، حتى انتهى ذلك إلى عداوتهم من لا يلحقه‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 538

ضرر عداوتهم، و هو من لا ينبغي أن يعادى، لأنه السفير بين اللّه و بين خلقه، و هو جبريل.

أتى بالقرآن المصدّق لكتابهم، و المشتمل على الهدى و البشارة لمن آمن به، فكان ينبغي المبادرة إلى ولائه و محبته. ثم أعقب ذلك بأن من كان عدوّا للّه، أي مخالفا لأمره و ملائكته و رسله، أي مبغضا لهم، فاللّه عدوّه، أي معامله بما يناسب فعله القبيح. ثم التفت إلى رسوله بالخطاب، فأخبره بأنه أنزل عليه آيات واضحات، و أنها لوضوحها، لا يكفر بها إلا متمرد في فسقه. ثم أخذ يسليه بأن عادة هؤلاء نكث عهودهم، فلا تبال بمن طريقته هذه، و أنهم سلكوا هذه الطريقة معك، إذ أتيتهم من عند اللّه تعالى بالرسالة، فنبذوا كتابه تعالى وراء ظهورهم، بحيث صاروا لا ينظرون فيه، و لا يلتفتون لما انطوى عليه من التبشير بك، و إلزامهم اتباعك، حتى كأنهم لم يطلعوا على الكتاب، و لا سبق لهم بك علم منه. ثم ذكر من مخازيهم أنهم تركوا كتاب اللّه و اتبعوا ما ألقت إليهم الشياطين من كتب السحر على عهد سليمان. ثم نزه نبيه سليمان عن الكفر، و أن الشياطين هم الذين كفروا. ثم استطرد في أخبار هاروت و ماروت، و أنهما لا يعلمان أحدا حتى ينصحاه بأنهما جعلا ابتلاء و اختبارا، و أنهما لمبالغتهما في النصيحة ينهيان عن الكفر. ثم ذكر أن قصارى ما يتعلمون منهما هو تفريق بين المرء و زوجه. ثم ذكر أن ضرر ذلك لا يكون إلا بإذن من اللّه تعالى، لأنه تعالى هو الضار النافع. ثم أثبت أن ما يتعلمون هو ضرر لملابسه و متعلمه. ثم أخبر أنهم قد علموا بحقيقة الضرر، و أن متعاطي ذلك لا نصيب له في الآخرة. ثم بالغ في ذم ما باعوا به أنفسهم، إذ ما تعوضوه مآله إلى الخسران.

ثم ختم ذلك بما لو سلكوه، و هو الإيمان و التقوى، لحصل لهم من اللّه الثواب الجزيل على ذلك، و أن جميع ما اجترموه من المآثم، و اكتسبوه من الجرائم، يعفى على آثاره جرّ ذيل الإيمان، و يبدّل بالإساءة جميل الإحسان. و لما كانت الآيات السابقة فيها ما يتضمن الوعيد من قوله: فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ‏ ، و قوله: وَ ما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ‏ ، و ذكر نبذ العهود، و نبذ كتاب اللّه، و اتباع الشياطين، و تعلم ما يضر و لا ينفع، و الإخبار عنهم بأنهم علموا أنه لا نصيب لهم في الآخرة، أتبع ذلك بآية تتضمن الوعد الجميل لمن آمن و اتقى. فجمعت هذه الآيات بين الوعيد و الوعد، و الترغيب و الترهيب، و الإنذار و التبشير، و صار فيها استطراد من شي‏ء إلى شي‏ء، و إخبار بمغيب بعد مغيب، متناسقا تناسق اللآلئ في عقودها، متضحة اتضاح الدراري في مطالع سعودها، معلمة صدق من أتى بها، و هو ما قرأ الكتب، و لا دارس، و لا رحل، و لا عاشر الأخبار، و لا مارس‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 539

وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى‏ «1» صلى اللّه عليه و أوصل أزكى تحية إليه.

[سورة البقرة (2): الآيات 104 الى 113]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104) ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (106) أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (107) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (108)

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (109) وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏ تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (111) بَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى‏ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ وَ قالَتِ النَّصارى‏ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ وَ هُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)

(1) سورة النجم: 53/ 3- 5.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 540

الرعاية و المراعاة: النظر في مصالح الإنسان و تدبير أموره. و الرعونة و الرعن: الجهل و الهوج. ذو: يكون بمعنى صاحب، و تثنى، و تجمع، و تؤنث، و تلزم الإضافة لاسم جنس ظاهر. و في إضافتها إلى ضمير الجنس خلاف، المشهور: المنع، و لا خلاف أنه مسموع، لكن من منع ذلك خصه بالضرورة. و إضافته إلى العلم المقرون به في الوضع، أو الذي لا يقرن به في أول الوضع مسموع. فمن الأول قولهم: ذو يزن، و ذو جدن، و ذو رعين، و ذو الكلاع. فتجب الإضافة إذ ذاك. و من الثاني قولهم: في تبوك، و عمرو، و قطرى: ذو تبوك، و ذو عمرو، و ذو قطرى. و الأكثر أن لا يعتد بلفظ ذو، بل ينطق بالاسم عاريا من ذو. و ما جاء من إضافته لضمير العلم، أو لضمير مخاطب لا ينقاس، كقولهم: اللهم صل على محمد و على ذويه، و قول الشاعر:

و إنا لنرجو عاجلا منك مثل ما

رجوناه قدما من ذويك الأفاضل‏

و مذهب سيبويه: أن وزنه فعل، بفتح العين، و مذهب الخليل: أن وزنه فعل، بسكونها. و اتفقوا على أنه يجمع في التكسير على أفعال. قالوا: أذواء و ذو من الأسماء الستة التي تكون في الرفع بالواو، و في النصب بالألف، و في الجر بالياء. و إعراب ذو كذا لازم بخلاف غيرها من تلك الأسماء، فذلك على جهة الجوار. و فيما أعربت به هذه الأسماء عشرة مذاهب ذكرت في النحو، و قد جاءت ذو أيضا موصولة، و ذلك في لغة طي‏ء، و لها أحكام، و لم تقع في القرآن. النسخ: إزالة الشي‏ء بغير بدل يعقبه، نحو: نسخت الشمس الظل، و نسخت الريح الأثر. أو نقل الشي‏ء من غير إزالة نحو: نسخت الكتاب، إذا نقلت ما فيه إلى مكان آخر. النسيئة: التأخير، نسأ ينسأ، و يأتي نسأ: بمعنى أمضى الشي‏ء، قال الشاعر:

لمؤن كألواح الأران نسأتها

على لاحب كأنه ظهر برجد

الولي: فعيل للمبالغة، من ولي الشي‏ء: جاوره و لصق به. الحسد: تمني زوال النعمة عن الإنسان، حسد يحسد حسدا و حسادة. الصفح: قريب معناه من العفو، و هو الإعراض عن المؤاخذة على الذنب، مأخوذ من تولية صفحة الوجه إعراضا. و قيل: هو التجاوز من قولك، تصفحت الورقة، أي تجاوزت عما فيها. و الصفوح، قيل: من أسماء اللّه، و الصفوح: المرأة تستر بعض وجهها إعراضا، قال:

صفوح فما تلقاك إلا بخيلة

فمن ملّ منها ذلك الوصل ملت‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 541

تلك: من أسماء الإشارة، يطلق على المؤنثة في حالة البعد، و يقال: تلك و تيلك و تالك، بفتح التاء و سكون اللام، و بكسرها و ياء بعدها، و كسر اللام و بفتحها، و ألف بعدها و كسر اللام، قال:

إلى الجودي حتى صار حجرا

و حان لتالك الغمر انحسارا

هاتوا: معناه أحضروا، و الهاء أصلية لا بدل من همزة أتي، لتعديها إلى واحد لا يحفظ هاتي الجواب، و للزوم الألف، إذ لو كانت همزة لظهرت، إذ أزال موجب إبدالها، و هو الهمزة قبلها، فليس وزنها أفعل، خلافا لمن زعم ذلك، بل وزنها فاعل كرام. و هي فعل، خلافا لمن زعم أنها اسم فعل، و الدليل على فعليتها اتصال الضمائر بها. و لمن زعم أنها صوت بمنزلة هاء في معنى أحضر، و هو الزمخشري، و هو أمر و فعله متصرف. تقول:

هاتي يهاتي مهاتاة، و ليس من الأفعال التي أميت تصريف لفظه إلا الأمر منه، خلافا لمن زعم ذلك. و ليست ها للتنبيه دخلت على أتى فألزمت همزة أتى الحذف، لأن الأصل أن لا حذف، و لأن معنى هات و معنى ائت مختلفان. فمعنى هات أحضر، و معنى ائت أحضر.

و تقول: هات هاتي هاتيا هاتوا هاتين، تصرفها كرامي. البرهان: الدليل على صحة الدعوى، قيل: هو مأخوذ من البرة، و هو القطع، فتكون النون زائدة. و قيل: من البرهنة، و هي البيان، قالوا: برهن إذا بين، فتكون النون زائدة لفقدان فعلن و وجود فعلل، فينبني على هذا الاشتقاق. التسمية ببرهان، هل ينصرف أو لا ينصرف؟ الوجه: معروف، و يجمع قلة على أوجه، و كثرة على وجوه، فينقاس أفعل في فعل الاسم الصحيح العين، و ينقاس فعول في فعل الاسم ليس عينه واوا. اليهود: ملة معروفة، و الياء أصلية، فليست مادة الكلمة مادة هود من قوله: هُوداً أَوْ نَصارى‏* ، لثبوتها في التصريف يهده. و أما هوّده فمن مادة هود. قال الأستاذ أبو عليّ الشلوبين، و هو الإمام الذي انتهى إليه علم اللسان في زمانه: يهود فيها وجهان، أحدهما: أن تكون جمع يهودي، فتكون نكرة مصروفة. و الثاني:

أن تكون علما لهذه القبيلة، فتكون ممنوعة الصرف. انتهى كلامه. و على الوجه الأول دخلته الألف و اللام فقالوا: اليهود، إذ لو كان علما لما دخلته، و على الثاني قال الشاعر:

أولئك أولى من يهود بمدحة

إذا أنت يوما قلتها لم تؤنب‏

ليس: فعل ماض، خلافا لأبي بكر بن شقير، و للفارسي في أحد قوليه، إذ زعما أنها حرف نفي مثل ما، و وزنها فعل بكسر العين. و من قال: لست بضم اللام، فوزنها عنده‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 542

فعل بضم العين، و هو بناء نادر في الثلاثي اليائي العين، لم يسمع منه إلا قولهم: هيؤ الرجل، فهو هيى‏ء، إذا حسنت هيئته. و أحكام ليس كثيرة مشروحة في كتب النحو.

الحكم: الفصل، و منه سمي القاضي: الحاكم، لأنه يفصل بين الخصمين. الاختلاف:

ضد الاتفاق.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : هذا أول خطاب خوطب به المؤمنون في هذه السورة، بالنداء الدال على الإقبال عليهم، و ذلك أن أول نداء جاء أتى عامّا: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ‏ «1» ، و ثاني نداء أتى خاصا: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا* «2» ، و هي الطائفة العظيمة التي اشتملت على الملتين: اليهودية و النصرانية، و ثالث نداء لأمة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم المؤمنين.

فكان أول نداء عامّا، أمروا فيه بأصل الإسلام، و هو عبادة اللّه. و ثاني نداء، ذكروا فيه بالنعم الجزيلة، و تعبدوا بالتكاليف الجليلة، و خوّفوا من حلول النقم الوبيلة و ثالث نداء:

علموا فيه أدبا من آداب الشريعة مع نبيهم، إذ قد حصلت لهم عبادة اللّه، و التذكير بالنعم، و التخويف من النقم، و الاتعاظ بمن سبق من الأمم، فلم يبق إلا ما أمروا به على سبيل التكميل، من تعظيم من كانت هدايتهم على يديه. و التبجيل و الخطاب بيا أيها الذين آمنوا متوجه إلى من بالمدينة من المؤمنين، قيل: و يحتمل أن يكون إلى كل مؤمن في عصره.

و روي عن ابن عباس: أنه حيث جاء هذا الخطاب، فالمراد به أهل المدينة، و حيث ورد يا أيها الناس، فالمراد أهل مكة.

لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا : بدى‏ء بالنهي، لأنه من باب التروك، فهو أسهل.

ثم أتى بالأمر بعده الذي هو أشق لحصول الاستئناس، قبل بالنهي. ثم لم يكن نهيا عن شي‏ء سبق تحريمه، و لكن لما كانت لفظة المفاعلة تقتضي الاشتراك غالبا، فصار المعنى:

ليقع منك رعي لنا و منا رعي لك، و هذا فيه ما لا يخفى مع من يعظم نهوا عن هذه اللفظة لهذه العلة، و أمروا بأن يقولوا: انظرنا، إذ هو فعل من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، لا مشاركة لهم فيه معه.

و قراءة الجمهور: راعنا. و في مصحف عبد اللّه و قراءته، و قراءة أبي: راعونا، على إسناد الفعل لضمير الجمع. و ذكر أيضا أن في مصحف عبد اللّه: ارعونا. خاطبوه بذلك إكبارا و تعظيما، إذ أقاموه مقام الجمع. و تضمن هذا النهي، النهي عن كل ما يكون فيه استواء مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. و قرأ الحسن، و ابن أبي ليلى، و أبو حيوة، و ابن محيصن: راعنا بالتنوين، جعله‏

(1) سورة البقرة: 2/ 21.

صفحه بعد