کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 549

مقسم صاحب النخعي، و أخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة، و تبعه عليه من بعده من أصحابه.

فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً لما ذكر المحافظة على الصلوات، و أمر بالقيام فيها قانتين، كان مما يعرض للمصلين حالة يخافون فيها، فرخص لهم في الصلاة ماشين على الأقدام، و راكبين.

و الخوف يشمل الخوف من: عدّو، و سبع، و سيل و غير ذلك، فكل أمر يخاف منه فهو مبيح ما تضمنته الآية هذه.

و قال مالك: يستحب في غير خوف العدو الإعادة في الوقت إن وقع الأمن، و أكثر الفقهاء على تساوي الخوف.

و: رجالا، منصوب على الحال، و العامل محذوف، قالوا تقديره: فصلوا رجالا، و يحسن أن يقدر من لفظ الأول، أي: فحافظوا عليها رجالا، و رجالا جمع راجل، كقائم و قيام، قال تعالى: وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا «1» و قال الشاعر:

و بنو غدانة شاخص أبصارهم‏

يمشون تحت بطونهنّ رجالا

و المعنى: ماشين على الأقدام، يقال منه: رجل يرجل رجلا، إذا عدم المركوب، و مشى على قدميه، فهو راجل و رجل و رجل، على وزن رجل مقابل امرأة. و هي لغة أهل الحجاز، يقولون: مشى فلان إلى بيت اللّه حافيا رجلا، و يقال رجلان و رجيل و رجل، قال الشاعر:

عليّ إذا لا قيت ليلى بخلوة

أن ازدار بيت اللّه رجلان حافيا

قالوا: و يجمع على: رجال و رجيل و رجالي و رجالى و رجالة و رجالى و رجلان و رجلة و رجلة بفتح الجيم و أرجلة و أراجل و أراجيل؛ قرأ عكرمة، و أبو مجلز: فرجّالا، بضم الراء و تشديد الجيم، و روي عن عكرمة التخفيف مع ضم الراء، و قرى‏ء: فرجلا، بضم الراء و فتح الجيم مشدودة بغير ألف؛ و قرى‏ء: فرجلا، بفتح الراء و سكون الجيم.

و قرأ بديل بن ميسرة: فرجالا فركبانا بالفاء، و هو جمع راكب. قال الفضل: لا يقال راكب إلّا لصاحب الجمل، و أما صاحب الفرس فيقال له فارس، و لراكب الحمار حمّار، و لراكب البغل بغّال، و قيل: الأفصح أن يقال: صاحب بغل، و صاحب حمار.

(1) سورة الحج: 22/ 27.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 550

و ظاهر قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ‏ حصول مطلق الخوف، و أنه بمطلق الخوف تباح الصلاة في هاتين الحالتين.

و قالوا: هي صلاة الغداة للذي قد ضايقه الخوف على نفسه في حالة المسايفة أو ما يشبهه، و أما صلاة الخوف بالإمام، و انقسام الناس فليس حكمها في هذه الآية.

و قيل: فرجالا، مشاة بالجماعة لأنهم يمشون إلى العدو في صلاة الخوف، أو ركبانا أي: وجدانا بالإيماء.

و ظاهر قوله: فرجالا، أنهم يوقعون الصلاة و هم ماشون، فيصلون على كل حال، و الراكب يومى‏ء و يسقط عنه التوجه إلى القبلة، و هو قول الشافعي؛ و قال أبو حنيفة:

لا يصلون في حال المشي و المسايفة ما لم يمكن الوقوف.

و لم تتعرض الآية لعدد الركعات في هذا الخوف، و الجمهور أنها لا تقصر الصلاة عن عدد صلاة المسافر إن كانوا في سفر تقصر فيه، و قال الحسن، و قتادة، و غيرهما: تصلى ركعة إيماء. و قال الضحاك بن مزاحم: تصلى في المسايفة و غيرها ركعة، فإن لم يقدر فليكبر تكبيرتين. و قال إسحاق: فإن لم يقدر إلّا على تكبيرة واحدة أجزأت عنه، و لو رأوا سوادا فظنوه عدوّا ثم تبين أنه ليس بعدو، فقال أبو حنيفة: يعيدون.

و ظاهر الآية: أنه متى عرض له الخوف فله أن يصلي على هاتين الحالتين، فلو صلى ركعة آمنا ثم طرأ له الخوف ركب و بنى، أو عكسه: أتم و بنى، عند مالك، و هو أحد قولي الشافعي، و به قال المزني.

و قال أبو حنيفة: إذا استفتح آمنا ثم خاف، استقبل و لم يبن فإن صلى خائفا ثم أمن بنى؛ و قال أبو يوسف: لا يبنى في شي‏ء من هذا كله.

و تدل هذه الآية على عظيم قدر الصلاة و تأكيد طلبها إذا لم تسقط بالخوف، فلا تسقط بغيره من مرض و شغل و نحوه، حتى المريض إذا لم يمكنه فعلها لزمه الإشارة بالعين عند أكثر العلماء، و بهذا تميزت عن سائر العبادات لأنها كلها تسقط بالأعذار و يترخص فيها.

فَإِذا أَمِنْتُمْ‏ قال مجاهد أي: خرجتم من السفر إلى دار الإقامة، و رده الطبري، قيل: و لا ينبغي رده لأنه شرح الأمن بمحل الأمن لأن الإنسان إذا رجع من سفره و حل دار

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 551

إقامته أمن، فكان السفر مظنة الخوف، كما أن دار الإقامة محل الأمن. و قيل: معنى فإذا أمنتم أي: زال خوفكم الذي ألجأكم إلى هذة الصلاة. و قيل: فإذا كنتم آمنين، أي: متى كنتم على أمن قبل أو بعد ..

فَاذْكُرُوا اللَّهَ‏ بالشكر و العبادة كَما عَلَّمَكُمْ‏ أي: أحسن إليكم بتعليمكم ما كنتم جاهليه من أمر الشرائع، و كيف تصلون في حال الخوف و حال الأمن.

و: ما، مصدرية، و: الكاف، للتشبيه.

أمر أن يذكروا اللّه تعالى ذكرا يعادل و يوازي نعمة ما علمهم، بحيث يجتهد الذاكر في تشبيه ذكره بالنعمة في القدر و الكفاءة، و إن لم يقدر على بلوغ ذلك.

و معنى: كما علمكم، كما أنعم عليكم فعلمكم، فعبر بالمسبب عن السبب، لأن التعليم ناشى‏ء عن إنعام اللّه على العبد و إحسانه له.

و قد تكون الكاف للتعليل، أي: فاذكروا اللّه لأجل تعليمه إياكم أي: يكون الحامل لكم على ذكره و شكره و عبادته تعليمه إياكم، لأنه لا منحة أعظم من منحة العلم.

ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ‏ ما: مفعول ثان لعلمكم، و فيه الامتنان بالتعليم على العبد، و في قوله: ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ‏ إفهام أنكم علمتم شيئا لم تكونوا لتصلوا لإدراكه بعقولكم لو لا انه تعالى علمكموه، أي: أنكم لو تركتم دون تعليم لم تكونوا لتعلموه أبدا.

و حكى النقاش و غيره أن معنى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ‏ أي صلوا الصلاة التي قد علمتموها، أي: صلاة تامة بجميع شروطها و أركانها و تكون: ما، في: كَما عَلَّمَكُمْ‏ موصولة أي: فصلوا الصلاة كالصلاة التي علمكم، و عبر بالذكر عن الصلاة و الكاف إذ ذاك للتشبيه بين هيئتي الصلاتين: الصلاة التي كانت أولا قبل الخوف، و الصلاة التي كانت بعد الخوف في حالة الأمن.

قال ابن عطية: و على هذا التأويل: ما لَمْ تَكُونُوا بدل من: ما، التي في قوله:

كما، و إلّا لم يتسق لفظ الآية. انتهى. و هو تخريج يمكن، و أحسن منه أن يكون بدلا من الضمير المحذوف في علمكم العائد على ما، إذ التقدير علمكموه، أي: علمكم ما لم تكونوا تعلمون.

و قد أجاز النحويون: جاءني الذي ضربت أخاك، أي ضربته أخاك، على البدل من الضمير المحذوف‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 552

[سورة البقرة (2): الآيات 240 الى 242]

وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)

وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ‏ الجمهور على أنها منسوخة بالآية المتقدمة المنصوص فيها على عدّة الوفاة أنها أربعة أشهر و عشر، و قال مجاهد: هي محكمة، و العدّة كانت قد ثبتت أربعة أشهر و عشرا، ثم جعل اللّه لهنّ وصية منه: سكنى سبعة أشهر و عشرين ليلة، فإن شاءت سكنت في وصيتها، و ان شاءت خرجت. حكى ذلك عنه الطبري، و هو قوله: غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ‏ .

و قال ابن عطية: الألفاظ التي حكاها الطبري عن مجاهد لا تدل على أن الآية محكمة، و لا نص مجاهد على ذلك، و قال السدّي: كان ذلك، ثم نسخ بنزول الفرائض، فأخذت ربعها أو ثمنها، و لم يكن لنا سكنى و لا نفقة، و صارت الوصايا لمن لا يرث.

و نقل القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي، و أبو محمد بن عطية الإجماع على نسخ الحول بالآية التي قبل هذه. و روى البخاري عن ابن الزبير، قال: قلت لعثمان: هذه الآية في البقرة وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً إلى قوله: غَيْرَ إِخْراجٍ‏ قد نسخت الأخرى فلم تكتبها. قال: ندعها يا ابن أخي، لا أغير شيئا من مكانه.

انتهى. و يعني عثمان: من مكانه الذي رتبه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيه، لأن ترتيب الآية من فعله صلى اللّه عليه و سلم لا من اجتهاد الصحابة.

و اختلفوا هل الوصية كانت واجبة من اللّه بعد وفاة الزوج؟ فقال ابن عباس، و عطاء، و قتادة، و الضحاك، و ابن زيد: كان لها بعد وفاته السكنى و النفقة حولا في ماله ما لم تخرج برأيها، ثم نسخت النفقة بالربع أو الثمن، و سكنى الحول بالأربعة الأشهر و العشر. أم كانت على سبيل الندب؟ ندبوا بأن يوصوا للزوجات بذلك، فيكون يتوفون على هذا يقاربون.

و قاله قتادة أيضا، و السدّي، و عليه حمل الفارسي الآية في الحجة له.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 553

و قرأ الحرميان، و الكسائي، و أبو بكر: وصية بالرفع، و باقي السبعة، بالنصب و ارتفاع: و الذين، على الابتداء. و وصية بالرفع على الابتداء و هي نكرة موصوفة في المعنى، التقدير: وصية منهم أو من اللّه، على اختلاف القولين في الوصية، أ هي على الإيجاب من اللّه؟ أو على الندب للأزواج؟ و خبر هذا المبتدأ هو قوله: لأزواجهم، و الجملة: من وصية لأزواجهم، في موضع الخبر عن: الذين، و أجازوا أن يكون: وصية، مبتدأ و: لأزواجهم، صفة. و الخبر محذوف تقديره: فعليهم وصية لأزواجهم.

و حكي عن بعض النحاة أن: وصية، مرفوع بفعل محذوف تقديره: كتب عليهم وصية، قيل: و كذلك هي في قراءة عبد اللّه، و ينبغي أن يحمل ذلك على أنه تفسير معنى لا تفسير إعراب، إذ ليس هذا من المواضع التي يضمر فيها الفعل.

و أجاز الزمخشري أن يكون التقدير: و وصية الذين يتوفون، أو: و حكم الذين يتوفون وصية لأزواجهم، فيكون ذلك مبتدأ على مضاف، و أجاز أيضا أن يكون التقدير: و الذين يتوفون أهل وصية، فجعل المحذوف من الخبر، و لا ضرورة تدعو بنا إلى الادعاء بهذا الحذف، و انتصاب وصية على إضمار فعل، التقدير: و الذين يتوفون، فيكون:

و الذين، مبتدأ و: يوصون المحذوف، هو الخبر، و قدره ابن عطية: ليوصوا، و أجاز الزمخشري ارتفاع: و الذين، على أنه مفعول لم يسم فاعله على إضمار فعل، و انتصاب وصية على أنه مفعول ثان، التقدير: و ألزم الذين يتوفون منكم وصية، و هذا ضعيف، إذ ليس من مواضع إضمار الفعل، و مثله في الضعف من رفع: و الذين، على إضمار:

و ليوص، الذين يتوفون، و بنصب وصية على المصدر، و في حرف ابن مسعود: الوصية لأزواجهم، و هو مرفوع بالإبتداء و: لأزواجهم الخبر، أو خبر مبتدأ محذوف أي: عليهم الوصية.

و انتصب متاعا إما على إضمار فعل من لفظه أي: متعوهنّ متاعا، أو من غير لفظه أي: جعل اللّه لهنّ متاعا، أو بقوله: وصية أهو مصدر منوّن يعمل، كقوله:

فلولا رجاء النصر منك و رهبة

عقابك قد كانوا لنا كالموارد

و يكون الأصل: بمتاع، ثم حذف حرف الجر؟ فإن نصبت: وصية فيجوز أن ينتصب متاعا بالفعل الناصب لقوله: وصية، و يكون انتصابه على المصدر، لأن معنى: يوصي به يمتع بكذا، و أجازوا أن يكون متاعا صفة لوصية، و بدلا و حالا من الموصين، أي: ممتعين، أو

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 554

ذوى متاع، و يجوز أن ينتصب حالا من أزواجهم، أي: ممتعات أو ذوات متاع، و يكون حالا مقدّرة إن كانت الوصية من الأزواج.

و قرأ أبيّ: متاع لأزواجهم متاعا إلى الحول، و روي عنه: فمتاع، و دخول الفاء في خبر: و الذين، لأنه موصول ضمن معنى الشرط، فكأنه قيل: و من يتوف، و ينتصب: متاعا إلى الحول، بهذا المصدر، إذ معناه التمتيع، كقولك: أعجبني ضرب لك زيدا ضربا شديدا.

و انتصب: غير إخراج، صفة لمتاعا، أو بدلا من متاع أو حالا من الأزواج أي: غير مخرجات، أو: من الموصين أي: غير مخرجين، أو مصدرا مؤكدا، أي: لا إخراجا، قاله الأخفش.

فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ‏ منع من له الولاية عليهنّ من إخراجهنّ، فإن خرجن مختارات للخروج ارتفع الحرج عن الناظر في أمرهنّ، إذ خروجهنّ مختارات جائز لهنّ، و موضح انقطاع تعلقهنّ بحال الميت، فليس له منعهنّ مما يفعلن في أنفسهنّ من: تزويج، و ترك إحداد، و تزين، و خروج، و تعرض للخطاب، إذا كان ذلك بالمعروف شرعا.

و يتعلق: فيما فعلن، بما يتعلق به، عليكم أي: فلا جناح يستقر عليكم فيما فعلن.

و ما، موصولة، و العائد محذوف، أي: فعلنه، و: من معروف، في موضع الحال من الضمير المحذوف في: فعلن، فيتعلق بمحذوف أي فعلنه كائنا من معروف.

و جاء هنا: من معروف، نكرة مجرورة بمن، و في الآية الناسخة لها على قول الجمهور، جاء: بالمعروف، معرفا مجرورا بالباء.

و الألف و اللام فيه نظيرتها في قولك: لقيت رجلا، ثم تقول: الرجل من وصفه كذا و كذا، و كذلك: إن الآية السابقة متقدمة في التلاوة متأخرة في التنزيل، و هذه بعكسها، و نظير ذلك‏ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ‏ «1» على ظاهر ما نقل مع قوله: قَدْ نَرى‏ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ «2» .

وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ ختم الآية بهاتين الصفتين، فقوله: عزيز، إظهار للغلبة و القهر

(1) سورة البقرة: 2/ 142.

(2) سورة البقرة: 2/ 144.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 555

لمن منع من إنفاذ الوصية بالتمتيع المذكور، أو أخرجهن و هنّ لا يخترن الخروج، و مشعر بالوعيد على ذلك. و قوله: حكيم، إظهار أن ما شرع من ذلك فهو جار على الحكمة و الإتقان، و وضع الأشياء مواضعها.

قال ابن عطية: و هذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتفق عليه إلّا ما قاله الطبري عن مجاهد و في ذلك نظر على الطبري. انتهى كلامه.

و قد تقدّم أوّل الآية ما نقل عن مجاهد من أنها محكمة، و هو قول ابن عطية في ذلك.

وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏ ظاهره العموم كما ذهب إليه أبو ثور، و قد تقدّم في قوله: وَ مَتِّعُوهُنَ‏ اختلاف العلماء فيما يخصص به العموم، فأغنى عن إعادته، و تعلق: بالمعروف، بما تعلق به للمطلقات، و قيل بقوله: متاع، و قيل: المراد بالمتاع هنا نفقة العدّة.

حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏ . قال ابن زيد: نزلت هذه الآية مؤكدة لأمر المتعة، لأنه نزل قبل: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏ «1» فقال رجل: فإن لم أرد أن أحسن لم أمتع، فنزلت‏ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏ .

و إعراب: حقا، هنا كإعراب: حقا على المحسنين، و ظاهر: المتقين: من يتصف بالتقوى التي هي أخص من اتقاء الشرك، و خصوا بالذكر تشريفا لهم، أو لأنهم أكثر الناس وقوفا و اللّه أسرعهم لامتثال أمر اللّه، و قيل: على المتقين أي: متقي الشرك.

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ‏ أي مثل هذا التبيين الذي سبق من الأحكام، يبين لكم في المستقبل ما بقي من الأحكام التي يكلفها العباد.

لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ ما يراد منكم من التزام الشرائع و الوقوف عندها، لأن التبيين للأشياء مما يتضح للعقل بأول إدراك، بخلاف الأشياء المغيبات و المجملات، فإن العقل يرتبك فيها، و لا يكاد يحصل منها على طائل.

قيل: و في هذه الآيات من بدائع البديع، و صنوف الفصاحة: النقل من صيغة:

صفحه بعد