کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 529

انتهى كلامه. و قال غيرهما: لو تركوا، لو يمتنع بها الشي‏ء لامتناع غيره، و خافوا جواب لو انتهى.

فظاهر هذه النصوص أنّ لو هنا هي التي تكون تعليقا في الماضي، و هي التي يعبر عنها سيبويه: بأنها حرف لما كان يقع لوقوع غيره. و يعبر غيره عنها بأنها حرف يدل على امتناع الشي‏ء لامتناع غيره. و ذهب صاحب التسهيل: إلى أنّ لو هنا شرطية بمعنى أن فتقلب الماضي إلى معنى الاستقبال، و التقدير: و ليخش الذين إن تركوا من خلفهم. قال: و لو وقع بعد لو هذه مضارع لكان مستقبل المعنى كما يكون بعد أن قال الشاعر:

لا يلفك الراجيك إلا مظهرا

خلق الكريم و لو تكون عديما

و كان قائل هذا توهم أنه لما أمروا بالخشية، و الأمر مستقبل، و متعلق الأمر هو موصول، لم يصلح أن تكون الصلة ماضية على تقدير دالة على العدم الذي ينافي امتثال الأمر. و حسن مكان لو لفظ أن فقال: إنها تعليق في المستقبل، و أنها بمعنى إن. و كأن الزمخشري عرض له هذا التوهم، فلذلك قال: معناه و ليخش الذين صفتهم و حالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا، فلم تدخل لو على مستقبل، بل أدخلت على شارفوا الذي هو ماض أسند للموصول حالة الأمر. و هذا الذي توهموه لا يلزم في الصلة إلا إن كانت الصلة ماضية في المعنى، واقعة بالفعل. إذ معنى: لو تركوا من خلفهم، أي ماتوا فتركوا من خلفهم، فلو كان كذلك للزم التأويل في لو أن تكون بمعنى: أن إذ لا يجامع الأمر بإيقاع فعل من مات بالفعل. أما إذا كان ماضيا على تقدير يصح أن يقع صلة، و أن يكون العامل في الموصول الفعل المستقبل نحو قولك: ليزرنا الذي لو مات أمس بكيناه. و أصل لو أن تكون تعليقا في الماضي، و لا يذهب إلى أنه يكون في المستقبل بمعنى: إن، إلا إذا دلّ على ذلك قرينة كالبيت المتقدّم. لأن جواب لو فيه محذوف مستقبل لاستقبال ما دل عليه و هو قوله:

لا يلفك. و كذلك قوله:

قوم إذا حاربوا شدّة مآزرهم‏

دون النساء و لو بانت بإطهار

لدخول ما بعدها في حيز إذا، و إذا للمستقبل. و لو قال قائل: لو قام زيد قام عمرو، لتبادر إلى الذهن أنه تعليق في الماضي دون المستقبل. و من خلفهم متعلق بتركوا. و أجاز أبو البقاء أن يكون في موضع الحال من ذرية.

و قرأ الجمهور ضعافا جمع ضعيف، كظريف و ظراف. و أمال فتحة العين حمزة،

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 530

و جمعه على فعال قياس. و قرأ ابن محيصن: ضعفا بضمتين، و تنوين الفاء. و قرأت عائشة و السلمي و الزهري و أبو حيوة و ابن محيصن أيضا: ضعفاء بضم الضاد و المد، كظريف و ظرفاء، و هو أيضا قياس. و قرى‏ء ضعافى و ضعافى بالإمالة، نحو سكارى و سكارى.

و أمال حمزة خافوا للكسرة التي تعرض له في نحو: خفت. و انظر إلى حسن ترتيب هذه الأوامر حيث بدأ أولا بالخشية التي محلها القلب و هي الاحتراز من الشي‏ء بمقتضى العلم، و هي الحاملة على التقوى، ثم أمر بالتقوى ثانيا و هي متسببة عن الخشية، إذ هي جعل المرء نفسه في وقاية مما يخشاه. ثم أمر بالقول السديد، و هو ما يظهر من الفعل الناشئ عن التقوى الناشئة عن الخشية. و لا يراد تخصيص القول السديد فقط، بل المعنى على الفعل و القول السديدين. و إنما اقتصر على القول السديد لسهولة ذلك على الإنسان، كأنه قيل: أقل ما يسلك هو القول السديد. قال مجاهد: يقولون للذين يفرقون المال زد فلانا و أعط فلانا. و قيل: هو الأمر بإخراج الثلث فقط. و قيل: هو تلقين المحتضر الشهادة.

و قيل: الصدق في الشهادة. و قيل: الموافق للحق. و قيل: للعدل. و قيل: للقصد. و كلها متقاربة.

و السداد: الاستواء في القول و الفعل. و أصل السد إزالة الاختلال. و السديد يقال في معنى الفاعل، و في معنى المفعول. و رجل سديد متردد بين المعنيين، فإنه يسدّد من قبل متبوعه، و يسدّد لتابعه.

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً نزلت في المشركين كانوا يأكلون أموال اليتامى و لا يورثونهم و لا النساء، قاله: ابن زيد. و قيل: في حنظلة بن الشمردل، ولي يتيما فأكل ماله. و قيل: في زيد بن زيد الغطفاني ولي مال ابن أخيه فأكله، قاله: مقاتل. و قال الأكثرون: نزلت في الأوصياء الذين يأكلون من أموال اليتامى ما لم يبح لهم، و هي تتناول كل أكل بظلم و إن لم يكن وصيا و انتصاب ظلما على أنه مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله، و خبر ان هي الجملة من قوله: إنما يأكلون. و في ذلك دليل على جواز وقوع الجملة المصدرة بأن خبرا، لأن و في ذلك خلاف.

و حسن ذلك هنا تباعدهما يكون اسم إنّ موصولا، فطال الكلام بذكر صلته. و في بطونهم: معناه مل‏ء بطونهم يقال: أكل في بطنه، و في بعض بطنه. كما قال:

كلوا في بعض بطنكم تعفوا

فإن زمانكم زمن خميص‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 531

و الظاهر: تعلق في بطونهم بيأكلون، و قاله الحوفي. و قال أبو البقاء: هو في موضع الحال من قوله: نارا. و نبّه بقوله: في بطونهم على نقصهم، و وصفهم بالشره في الأكل، و التهافت في نيل الحرام بسبب البطن. و أين يكون هؤلاء من قول الشاعر؟! تراه خميص البطن و الزاد حاضر و قول الشنفري:

و إن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن‏

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل‏

و ظاهر قوله: نارا أنهم يأكلون نارا حقيقة. و

في حديث أبي سعيد عن ليلة الإسراء قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «رأيت قوما لهم مشافر كمشافر الإبل، و قد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صحرا من نار يخرج من أسافلهم، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما و بأكلهم النار حقيقة»

قالت طائفة:

و قيل: هو مجاز، لما كان أكل مال اليتيم يجر إلى النار و التعذيب، بها عبر عن ذلك بالأكل في البطن، و نبه على الحامل على أخذ المال و هو البطن الذي هو أخس الأشياء التي ينتفع بالمال لأجلها، إذ مآل ما يوضع فيه إلى الاضمحلال و الذهاب في أقرب زمان. و لذلك‏

قال: «ما ملأ الإنسان وعاء شرا من بطنه».

و قرأ الجمهور: و سيصلون مبنيا للفاعل من الثلاثي. و قرأ ابن عامر و أبو بكر: بضم الياء و فتح اللام مبنيا للمفعول من الثلاثي. و ابن أبي عبلة: بضم الياء و فتح الصاد و اللام مشدّدة مبنيا للمفعول. و الصلا من: التسخن بقرب النار، و الإحراق إتلاف الشي‏ء بالنار.

و عبر بالصلا بالنار عن العذاب الدائم بها، إذ النار لا تذهب ذواتهم بالكلية، بل كما قال:

كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ‏ «1» و هذا وعيد عظيم على هذه المعصية. و جاء يأكلون بالمضارع دون سين الاستقبال، و سيصلون بالسين، فإن كان الأكل للنار حقيقة فهو مستقبل، و استغنى عن تقييده بالسين بعطف المستقبل عليه. و إن كان مجازا فليس بمستقبل، إذ المعنى: يأكلون ما يجر إلى النار و يكون سببا إلى العذاب بها. و لما كان لفظ نار مطلقا في قوله: إنما يأكلون في بطونهم نارا، قيد في قوله سعيرا، إذ هو الجمر المتقد.

و تضمنت هذه الآيات من ضروب البيان و الفصاحة. الطباق في: واحدة و زوجها،

(1) سورة النساء: 4/ 56.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 532

و في غنيا و فقيرا، و في: قل أو كثر. و التكرار في: اتقوا، و في: خلق، و في: خفتم، و أن لا تقسطوا، و أن لا تعدلوا من جهة المعنى، و في اليتامى، و في النساء، و في فادفعوا إليهم أموالهم، فإذا دفعتم إليهم أموالهم، و في نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون، و في قوله:

و ليخش، و خافوا من جهة المعنى على قول من جعلهما مترادفين، و إطلاق اسم المسبب على السبب في: و لا تأكلوا و شبهه لأن الأخذ سبب للأكل. و تسمية الشي‏ء باسم ما كان عليه في: و آتوا اليتامى، سماهم يتامى بعد البلوغ. و التأكيد بالاتباع في: هنيئا مريئا و تسمية الشي‏ء باسم ما يؤول اليه في: نصيب مما ترك، و في نارا على قول من زعم أنها حقيقة. و التجنيس المماثل في: فادفعوا فإذا دفعتم، و المغاير في: و قولوا لهم قولا.

و الزيادة للزيادة في المعنى في: فليستعفف. و إطلاق كل على بعض في: الأقربون، إذ المراد أرباب الفرائض. و إقامة الظرف المكاني مقام الزماني في: من خلفهم، أي من بعد وفاتهم. و الاختصاص في: بطونهم، خصها دون غيرها لأنها محل للمأكولات. و التعريض في: في بطونهم، عرض بذكر البطون لخستهم و سقوط هممهم و العرب تذم بذلك قال:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي‏

و تأكيد الحقيقة بما يرفع احتمال المجاز بقوله: في بطونهم. رفع المجاز العارض في قوله: أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً «1» و هذا على قول من حمله على الحقيقة، و من حمله على المجاز فيكون عنده من ترشيح المجاز، و نظير كونه رافعا للمجاز قوله:

يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ‏ «2» ، و قوله: يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ‏ «3» . و الحذف في عدة مواضع.

[سورة النساء (4): الآيات 11 الى 14]

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (11) وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى‏ بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (14)

(1) سورة الحجرات: 49/ 12.

(2) سورة الأنعام: 6/ 38.

(3) سورة البقرة: 2/ 79.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 533

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ لما أبهم في قوله: نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ‏ «1» في المقدار و الأقربين، بيّن في هذه الآية المقادير و من يرث من الأقربين، و بدأ بالأولاد و إرثهم من والديهم، كما بدأ في قوله: للرّجال نصيب مما ترك الوالدان بهم. و في قوله: يوصيكم اللّه في أولادكم إجمال أيضا بينه بعد. و بدأ بقوله:

للذكر، و تبين ما له دلالة على فضله. و كان تقديم الذكر أدل على فضله من ذكر بيان نقص الأنثى عنه، و لأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث، فكفاهم إن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يحرمن إذ هن يدلين بما يدلون به من الولدية.

و قد اختلف القول في سبب النزول، و مضمن أكثر تلك الأقاويل: أنهم كانوا لا يورّثون البنات كما تقدم، فنزلت تبيينا لذلك و لغيره. و

قيل: نزلت في جابر إذ مرض، فعاده الرسول فقال: كيف أصنع في مالي؟

و قيل: كان الإرث للولد و الوصية للوالدين، فنسخ بهذه الآيات. قيل: معنى يوصيكم يأمركم. كقوله: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ* «2» و عدل‏

(1) سورة النساء: 4/ 7.

(2) سورة الأنعام: 6/ 151.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 534

إلى لفظ الإيصاء لأنه أبلغ و أدل على الاهتمام، و طلب حصوله سرعة، و قيل: يعهد إليكم كقوله: ما وَصَّى بِهِ نُوحاً «1» و قيل: يبين لكم في أولادكم مقادير ما أثبت لهم من الحق مطلقا بقوله للرّجال و أولوا الأرحام‏ «2» و قيل: يفرض لكم. و هذه أقوال متقاربة.

و الخطاب في: يوصيكم، للمؤمنين، و في أولادكم: هو على حذف مضاف. أي:

في أولاد موتاكم، لأنه لا يجوز أن يخاطب الحي بقسمة الميراث في أولاده و يفرض عليه ذلك، و إن كان المعنى بيوصيكم يبين جاز أن يخاطب الحي، و لا يحتاج إلى حذف مضاف. و الأولاد يشمل الذكور و الإناث، إلا أنه خص من هذا العموم من قام به مانع الإرث، فأما الرّق فمانع بالإجماع، و أما الكفر فكذلك، إلا ما ذهب إليه معاذ من: أن المسلم يرث الكافر. و أما القتل فإن قتل أباه لم يرث، و كذا إذا قتل جده و أخاه أو عمه، لا يرث من الدية، هذا مذهب ابن المسيب، و عطاء، و مجاهد، و الزهري، و الأوزاعي، و مالك، و إسحاق، و أبي ثور، و ابن المنذر. و قال أبو حنيفة و سفيان و أصحاب الرأي و الشافعي و أحمد: لا يرث من المال، و لا من الدية شيئا. و استثنى النخعي من عموم أولادكم الأسير، فقال: لا يرث.

و قال الجمهور: إذا علمت حياته يرث، فإن جهلت فحكمه حكم المفقود. و استثنى من العموم الميراث من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و أما الجنين فإن خرج ميتا لم يرث، و إن خرج حيا فقال القاسم، و ابن سيرين، و قتادة، و الشعبي، و الزهري، و مالك، و الشافعي: يستهل صارخا، و لو عطس أو تحرك أو صاح أو رضع أو كان فيه نفس. و قال الأوزاعي و سفيان و الشافعي:

إذا عرفت حياته بشي‏ء من هذه، و إن لم يستهل فحكمه حكم الحي في الإرث. و أما الجنين في بطن أمه فلا خلاف في أنه يرث، و إنما الخلاف في قسمة المال الذي له فيه سهم. و ذلك مذكور في كتب الفقه. و أما الخنثى فداخل في عموم أولادكم، و لا خلاف في توريثه، و الخلاف فيما يرث و فيما يعرف به أنه خنثى، و ذلك مذكور في كتب الفقه. و أما المفقود فقال أبو حنيفة: لا يرث في حال فقده من أحد شيئا.

و قال الشافعي: يوقف نصيبه حتى يتحقق موته، و هو ظاهر قول مالك: و أما المجنون و المعتوه و السفيه فيرثون إجماعا، و الولد حقيقة في ولد الصلب و يستعمل في ولد الابن، و الظاهر أنه مجاز. إذ لو كان حقيقة بطريق الاشتراك أو التواطؤ لشارك ولد الصلب مطلقا،

(1) سورة الشورى: 42/ 13.

(2) إشارة إلى الآية 7 من سورة النساء.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏3، ص: 535

و الحكم أنه لا يرث إلا عند عدم ولد الصلب، أو عند وجود من لا يأخذ جميع الميراث منهم.

و هذا البحث جار في الأب و الجد و الأم و الجدة، و الأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة لاتفاق الصحابة على أنّ الجد ليس له حكم مذكور في القرآن، و لو كان اسم الأب يتناوله حقيقة لما صح هذا الاتفاق. و لو أوصى لولد فلان فعند الشافعي لا يدخل ولد الولد، و عند مالك يدخل، و عند أبي حنيفة يدخل إن لم يكن لفلان ولد صلب.

و للذكر: إما أن يقدّر محذوف أي: للذكر منهم، أو تنوب الألف و اللام عن الضمير على رأي من يرى ذلك التقدير لذكرهم. و مثل: صفة لمبتدأ محذوف تقديره حظ مثل.

قال الفراء: و لم يعمل يوصيكم في مثل إجراء له مجرى القبول في حكاية الجمل، فالجملة في موضع نصب بيوصيكم. و قال الكسائي: ارتفع مثل على حذف أن تقديره: أنّ للذكر. و به قرأ ابن أبي عبلة و أريد بقوله: للذكر مثل حظ الأنثيين حالة اجتماع الذكر و الأنثيين فله سهمان، كما أن لهما سهمين. و أما إذا انفرد الابن فيأخذ المال أو البنتان، فسيأتي حكم ذلك. و لم تتعرض الآية للنص على هاتين المسألتين.

و قال أبو مسلم الأصبهاني: نصيب الذكر هنا هو الثلثان، فوجب أن يكون نصيب الأنثيين. و قال أبو بكر الرازي: إذا كان نصيبها مع الذكر الثلث، فلا أن يكون نصيبها مع أنثى الثلث أولى، لأن الذكر أقوى من الأنثى. و قيل: حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى، و إلا لزم حظ الذكر مثل حظ الأنثى، و هو خلاف النص، فوجب أن يكون حظهما الثلثين، لأنه لا قائل بالفرق. فهذه وجوه ثلاثة مستنبطة من الآية تدل على أن فرض البنتين الثلثان.

و وجه رابع من القياس الجلي و هو أنه لم يذكر هنا حكم الثنتين، و ذكر حكم الواحدة و ما فوق الثنتين. و في آخر السورة ذكر حكم الأخت الواحدة، و حكم الأختين، و لم يذكر حكم الأخوات، فصارت الآيتان مجملتين من وجه، مبينتين من وجه.

صفحه بعد