کتابخانه تفاسیر
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 529
انتهى كلامه. و قال غيرهما: لو تركوا، لو يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، و خافوا جواب لو انتهى.
فظاهر هذه النصوص أنّ لو هنا هي التي تكون تعليقا في الماضي، و هي التي يعبر عنها سيبويه: بأنها حرف لما كان يقع لوقوع غيره. و يعبر غيره عنها بأنها حرف يدل على امتناع الشيء لامتناع غيره. و ذهب صاحب التسهيل: إلى أنّ لو هنا شرطية بمعنى أن فتقلب الماضي إلى معنى الاستقبال، و التقدير: و ليخش الذين إن تركوا من خلفهم. قال: و لو وقع بعد لو هذه مضارع لكان مستقبل المعنى كما يكون بعد أن قال الشاعر:
لا يلفك الراجيك إلا مظهرا
خلق الكريم و لو تكون عديما
و كان قائل هذا توهم أنه لما أمروا بالخشية، و الأمر مستقبل، و متعلق الأمر هو موصول، لم يصلح أن تكون الصلة ماضية على تقدير دالة على العدم الذي ينافي امتثال الأمر. و حسن مكان لو لفظ أن فقال: إنها تعليق في المستقبل، و أنها بمعنى إن. و كأن الزمخشري عرض له هذا التوهم، فلذلك قال: معناه و ليخش الذين صفتهم و حالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا، فلم تدخل لو على مستقبل، بل أدخلت على شارفوا الذي هو ماض أسند للموصول حالة الأمر. و هذا الذي توهموه لا يلزم في الصلة إلا إن كانت الصلة ماضية في المعنى، واقعة بالفعل. إذ معنى: لو تركوا من خلفهم، أي ماتوا فتركوا من خلفهم، فلو كان كذلك للزم التأويل في لو أن تكون بمعنى: أن إذ لا يجامع الأمر بإيقاع فعل من مات بالفعل. أما إذا كان ماضيا على تقدير يصح أن يقع صلة، و أن يكون العامل في الموصول الفعل المستقبل نحو قولك: ليزرنا الذي لو مات أمس بكيناه. و أصل لو أن تكون تعليقا في الماضي، و لا يذهب إلى أنه يكون في المستقبل بمعنى: إن، إلا إذا دلّ على ذلك قرينة كالبيت المتقدّم. لأن جواب لو فيه محذوف مستقبل لاستقبال ما دل عليه و هو قوله:
لا يلفك. و كذلك قوله:
قوم إذا حاربوا شدّة مآزرهم
دون النساء و لو بانت بإطهار
لدخول ما بعدها في حيز إذا، و إذا للمستقبل. و لو قال قائل: لو قام زيد قام عمرو، لتبادر إلى الذهن أنه تعليق في الماضي دون المستقبل. و من خلفهم متعلق بتركوا. و أجاز أبو البقاء أن يكون في موضع الحال من ذرية.
و قرأ الجمهور ضعافا جمع ضعيف، كظريف و ظراف. و أمال فتحة العين حمزة،
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 530
و جمعه على فعال قياس. و قرأ ابن محيصن: ضعفا بضمتين، و تنوين الفاء. و قرأت عائشة و السلمي و الزهري و أبو حيوة و ابن محيصن أيضا: ضعفاء بضم الضاد و المد، كظريف و ظرفاء، و هو أيضا قياس. و قرىء ضعافى و ضعافى بالإمالة، نحو سكارى و سكارى.
و أمال حمزة خافوا للكسرة التي تعرض له في نحو: خفت. و انظر إلى حسن ترتيب هذه الأوامر حيث بدأ أولا بالخشية التي محلها القلب و هي الاحتراز من الشيء بمقتضى العلم، و هي الحاملة على التقوى، ثم أمر بالتقوى ثانيا و هي متسببة عن الخشية، إذ هي جعل المرء نفسه في وقاية مما يخشاه. ثم أمر بالقول السديد، و هو ما يظهر من الفعل الناشئ عن التقوى الناشئة عن الخشية. و لا يراد تخصيص القول السديد فقط، بل المعنى على الفعل و القول السديدين. و إنما اقتصر على القول السديد لسهولة ذلك على الإنسان، كأنه قيل: أقل ما يسلك هو القول السديد. قال مجاهد: يقولون للذين يفرقون المال زد فلانا و أعط فلانا. و قيل: هو الأمر بإخراج الثلث فقط. و قيل: هو تلقين المحتضر الشهادة.
و قيل: الصدق في الشهادة. و قيل: الموافق للحق. و قيل: للعدل. و قيل: للقصد. و كلها متقاربة.
و السداد: الاستواء في القول و الفعل. و أصل السد إزالة الاختلال. و السديد يقال في معنى الفاعل، و في معنى المفعول. و رجل سديد متردد بين المعنيين، فإنه يسدّد من قبل متبوعه، و يسدّد لتابعه.
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً نزلت في المشركين كانوا يأكلون أموال اليتامى و لا يورثونهم و لا النساء، قاله: ابن زيد. و قيل: في حنظلة بن الشمردل، ولي يتيما فأكل ماله. و قيل: في زيد بن زيد الغطفاني ولي مال ابن أخيه فأكله، قاله: مقاتل. و قال الأكثرون: نزلت في الأوصياء الذين يأكلون من أموال اليتامى ما لم يبح لهم، و هي تتناول كل أكل بظلم و إن لم يكن وصيا و انتصاب ظلما على أنه مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله، و خبر ان هي الجملة من قوله: إنما يأكلون. و في ذلك دليل على جواز وقوع الجملة المصدرة بأن خبرا، لأن و في ذلك خلاف.
و حسن ذلك هنا تباعدهما يكون اسم إنّ موصولا، فطال الكلام بذكر صلته. و في بطونهم: معناه ملء بطونهم يقال: أكل في بطنه، و في بعض بطنه. كما قال:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا
فإن زمانكم زمن خميص
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 531
و الظاهر: تعلق في بطونهم بيأكلون، و قاله الحوفي. و قال أبو البقاء: هو في موضع الحال من قوله: نارا. و نبّه بقوله: في بطونهم على نقصهم، و وصفهم بالشره في الأكل، و التهافت في نيل الحرام بسبب البطن. و أين يكون هؤلاء من قول الشاعر؟! تراه خميص البطن و الزاد حاضر و قول الشنفري:
و إن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن
بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
و ظاهر قوله: نارا أنهم يأكلون نارا حقيقة. و
في حديث أبي سعيد عن ليلة الإسراء قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «رأيت قوما لهم مشافر كمشافر الإبل، و قد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صحرا من نار يخرج من أسافلهم، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما و بأكلهم النار حقيقة»
قالت طائفة:
و قيل: هو مجاز، لما كان أكل مال اليتيم يجر إلى النار و التعذيب، بها عبر عن ذلك بالأكل في البطن، و نبه على الحامل على أخذ المال و هو البطن الذي هو أخس الأشياء التي ينتفع بالمال لأجلها، إذ مآل ما يوضع فيه إلى الاضمحلال و الذهاب في أقرب زمان. و لذلك
قال: «ما ملأ الإنسان وعاء شرا من بطنه».
و قرأ الجمهور: و سيصلون مبنيا للفاعل من الثلاثي. و قرأ ابن عامر و أبو بكر: بضم الياء و فتح اللام مبنيا للمفعول من الثلاثي. و ابن أبي عبلة: بضم الياء و فتح الصاد و اللام مشدّدة مبنيا للمفعول. و الصلا من: التسخن بقرب النار، و الإحراق إتلاف الشيء بالنار.
و عبر بالصلا بالنار عن العذاب الدائم بها، إذ النار لا تذهب ذواتهم بالكلية، بل كما قال:
كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ «1» و هذا وعيد عظيم على هذه المعصية. و جاء يأكلون بالمضارع دون سين الاستقبال، و سيصلون بالسين، فإن كان الأكل للنار حقيقة فهو مستقبل، و استغنى عن تقييده بالسين بعطف المستقبل عليه. و إن كان مجازا فليس بمستقبل، إذ المعنى: يأكلون ما يجر إلى النار و يكون سببا إلى العذاب بها. و لما كان لفظ نار مطلقا في قوله: إنما يأكلون في بطونهم نارا، قيد في قوله سعيرا، إذ هو الجمر المتقد.
و تضمنت هذه الآيات من ضروب البيان و الفصاحة. الطباق في: واحدة و زوجها،
(1) سورة النساء: 4/ 56.
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 532
و في غنيا و فقيرا، و في: قل أو كثر. و التكرار في: اتقوا، و في: خلق، و في: خفتم، و أن لا تقسطوا، و أن لا تعدلوا من جهة المعنى، و في اليتامى، و في النساء، و في فادفعوا إليهم أموالهم، فإذا دفعتم إليهم أموالهم، و في نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون، و في قوله:
و ليخش، و خافوا من جهة المعنى على قول من جعلهما مترادفين، و إطلاق اسم المسبب على السبب في: و لا تأكلوا و شبهه لأن الأخذ سبب للأكل. و تسمية الشيء باسم ما كان عليه في: و آتوا اليتامى، سماهم يتامى بعد البلوغ. و التأكيد بالاتباع في: هنيئا مريئا و تسمية الشيء باسم ما يؤول اليه في: نصيب مما ترك، و في نارا على قول من زعم أنها حقيقة. و التجنيس المماثل في: فادفعوا فإذا دفعتم، و المغاير في: و قولوا لهم قولا.
و الزيادة للزيادة في المعنى في: فليستعفف. و إطلاق كل على بعض في: الأقربون، إذ المراد أرباب الفرائض. و إقامة الظرف المكاني مقام الزماني في: من خلفهم، أي من بعد وفاتهم. و الاختصاص في: بطونهم، خصها دون غيرها لأنها محل للمأكولات. و التعريض في: في بطونهم، عرض بذكر البطون لخستهم و سقوط هممهم و العرب تذم بذلك قال:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
و تأكيد الحقيقة بما يرفع احتمال المجاز بقوله: في بطونهم. رفع المجاز العارض في قوله: أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً «1» و هذا على قول من حمله على الحقيقة، و من حمله على المجاز فيكون عنده من ترشيح المجاز، و نظير كونه رافعا للمجاز قوله:
يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ «2» ، و قوله: يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ «3» . و الحذف في عدة مواضع.
[سورة النساء (4): الآيات 11 الى 14]
(1) سورة الحجرات: 49/ 12.
(2) سورة الأنعام: 6/ 38.
(3) سورة البقرة: 2/ 79.
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 533
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لما أبهم في قوله: نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ «1» في المقدار و الأقربين، بيّن في هذه الآية المقادير و من يرث من الأقربين، و بدأ بالأولاد و إرثهم من والديهم، كما بدأ في قوله: للرّجال نصيب مما ترك الوالدان بهم. و في قوله: يوصيكم اللّه في أولادكم إجمال أيضا بينه بعد. و بدأ بقوله:
للذكر، و تبين ما له دلالة على فضله. و كان تقديم الذكر أدل على فضله من ذكر بيان نقص الأنثى عنه، و لأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث، فكفاهم إن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يحرمن إذ هن يدلين بما يدلون به من الولدية.
و قد اختلف القول في سبب النزول، و مضمن أكثر تلك الأقاويل: أنهم كانوا لا يورّثون البنات كما تقدم، فنزلت تبيينا لذلك و لغيره. و
قيل: نزلت في جابر إذ مرض، فعاده الرسول فقال: كيف أصنع في مالي؟
و قيل: كان الإرث للولد و الوصية للوالدين، فنسخ بهذه الآيات. قيل: معنى يوصيكم يأمركم. كقوله: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ* «2» و عدل
(1) سورة النساء: 4/ 7.
(2) سورة الأنعام: 6/ 151.
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 534
إلى لفظ الإيصاء لأنه أبلغ و أدل على الاهتمام، و طلب حصوله سرعة، و قيل: يعهد إليكم كقوله: ما وَصَّى بِهِ نُوحاً «1» و قيل: يبين لكم في أولادكم مقادير ما أثبت لهم من الحق مطلقا بقوله للرّجال و أولوا الأرحام «2» و قيل: يفرض لكم. و هذه أقوال متقاربة.
و الخطاب في: يوصيكم، للمؤمنين، و في أولادكم: هو على حذف مضاف. أي:
في أولاد موتاكم، لأنه لا يجوز أن يخاطب الحي بقسمة الميراث في أولاده و يفرض عليه ذلك، و إن كان المعنى بيوصيكم يبين جاز أن يخاطب الحي، و لا يحتاج إلى حذف مضاف. و الأولاد يشمل الذكور و الإناث، إلا أنه خص من هذا العموم من قام به مانع الإرث، فأما الرّق فمانع بالإجماع، و أما الكفر فكذلك، إلا ما ذهب إليه معاذ من: أن المسلم يرث الكافر. و أما القتل فإن قتل أباه لم يرث، و كذا إذا قتل جده و أخاه أو عمه، لا يرث من الدية، هذا مذهب ابن المسيب، و عطاء، و مجاهد، و الزهري، و الأوزاعي، و مالك، و إسحاق، و أبي ثور، و ابن المنذر. و قال أبو حنيفة و سفيان و أصحاب الرأي و الشافعي و أحمد: لا يرث من المال، و لا من الدية شيئا. و استثنى النخعي من عموم أولادكم الأسير، فقال: لا يرث.
و قال الجمهور: إذا علمت حياته يرث، فإن جهلت فحكمه حكم المفقود. و استثنى من العموم الميراث من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و أما الجنين فإن خرج ميتا لم يرث، و إن خرج حيا فقال القاسم، و ابن سيرين، و قتادة، و الشعبي، و الزهري، و مالك، و الشافعي: يستهل صارخا، و لو عطس أو تحرك أو صاح أو رضع أو كان فيه نفس. و قال الأوزاعي و سفيان و الشافعي:
إذا عرفت حياته بشيء من هذه، و إن لم يستهل فحكمه حكم الحي في الإرث. و أما الجنين في بطن أمه فلا خلاف في أنه يرث، و إنما الخلاف في قسمة المال الذي له فيه سهم. و ذلك مذكور في كتب الفقه. و أما الخنثى فداخل في عموم أولادكم، و لا خلاف في توريثه، و الخلاف فيما يرث و فيما يعرف به أنه خنثى، و ذلك مذكور في كتب الفقه. و أما المفقود فقال أبو حنيفة: لا يرث في حال فقده من أحد شيئا.
و قال الشافعي: يوقف نصيبه حتى يتحقق موته، و هو ظاهر قول مالك: و أما المجنون و المعتوه و السفيه فيرثون إجماعا، و الولد حقيقة في ولد الصلب و يستعمل في ولد الابن، و الظاهر أنه مجاز. إذ لو كان حقيقة بطريق الاشتراك أو التواطؤ لشارك ولد الصلب مطلقا،
(1) سورة الشورى: 42/ 13.
(2) إشارة إلى الآية 7 من سورة النساء.
البحر المحيط فى التفسير، ج3، ص: 535
و الحكم أنه لا يرث إلا عند عدم ولد الصلب، أو عند وجود من لا يأخذ جميع الميراث منهم.
و هذا البحث جار في الأب و الجد و الأم و الجدة، و الأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة لاتفاق الصحابة على أنّ الجد ليس له حكم مذكور في القرآن، و لو كان اسم الأب يتناوله حقيقة لما صح هذا الاتفاق. و لو أوصى لولد فلان فعند الشافعي لا يدخل ولد الولد، و عند مالك يدخل، و عند أبي حنيفة يدخل إن لم يكن لفلان ولد صلب.
و للذكر: إما أن يقدّر محذوف أي: للذكر منهم، أو تنوب الألف و اللام عن الضمير على رأي من يرى ذلك التقدير لذكرهم. و مثل: صفة لمبتدأ محذوف تقديره حظ مثل.
قال الفراء: و لم يعمل يوصيكم في مثل إجراء له مجرى القبول في حكاية الجمل، فالجملة في موضع نصب بيوصيكم. و قال الكسائي: ارتفع مثل على حذف أن تقديره: أنّ للذكر. و به قرأ ابن أبي عبلة و أريد بقوله: للذكر مثل حظ الأنثيين حالة اجتماع الذكر و الأنثيين فله سهمان، كما أن لهما سهمين. و أما إذا انفرد الابن فيأخذ المال أو البنتان، فسيأتي حكم ذلك. و لم تتعرض الآية للنص على هاتين المسألتين.
و قال أبو مسلم الأصبهاني: نصيب الذكر هنا هو الثلثان، فوجب أن يكون نصيب الأنثيين. و قال أبو بكر الرازي: إذا كان نصيبها مع الذكر الثلث، فلا أن يكون نصيبها مع أنثى الثلث أولى، لأن الذكر أقوى من الأنثى. و قيل: حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى، و إلا لزم حظ الذكر مثل حظ الأنثى، و هو خلاف النص، فوجب أن يكون حظهما الثلثين، لأنه لا قائل بالفرق. فهذه وجوه ثلاثة مستنبطة من الآية تدل على أن فرض البنتين الثلثان.
و وجه رابع من القياس الجلي و هو أنه لم يذكر هنا حكم الثنتين، و ذكر حكم الواحدة و ما فوق الثنتين. و في آخر السورة ذكر حكم الأخت الواحدة، و حكم الأختين، و لم يذكر حكم الأخوات، فصارت الآيتان مجملتين من وجه، مبينتين من وجه.