کتابخانه تفاسیر
البرهان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 732
اصبروا على دينكم، و صابروا على «1» عدوكم، و رابطوا إمامكم فيما أمركم، و فرض عليكم».
2054/ «9» - الشيخ في (مجالسه) بإسناده، حذفناه اختصارا، في حديث أبي ذر، قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، أتعلم في أي شيء أنزلت هذه الآية اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ »؟ قلت: لا، فداك أبي و أمي. قال: «في انتظار الصلاة خلف الصلاة».
2055/ «10» - العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك و تعالى:
« اصْبِرُوا يقول: عن المعاصي وَ صابِرُوا على الفرائض وَ اتَّقُوا اللَّهَ يقول: مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر- ثم قال- و أي منكر أنكر من ظلم الامة لنا و قتلهم إيانا! وَ رابِطُوا يقول: في سبيل الله، و نحن السبيل فيما بين الله تعالى و خلقه، و نحن الرباط الأدنى، فمن جاهد عنا، فقد جاهد عن النبي (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به من عند الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يقول: لعل الجنة توجب لكم إن فعلتم ذلك، و نظيرها من قول الله: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2» و لو كانت هذه الآية في المؤذنين كما فسرها المفسرون لفاز القدرية و أهل البدع معهم».
1056/ «11» - عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا . قال: «اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا على الأئمة».
2057/ «12» - عن يعقوب السراج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟
قال: فقال لي: «إذن لا يعبد الله، يا أبا يوسف، لا تخلوا الأرض من عالم منا ظاهر يفزع الناس إليه في حلالهم و حرامهم، و إن ذلك لمبين في كتاب الله قال الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا اصبروا على دينكم، و صابروا على عدوكم ممن يخالفكم، و رابطوا إمامكم، و اتقوا الله فيما أمركم به، و افترض عليكم».
2058/ «13» - و في رواية اخرى عنه « اصْبِرُوا على الأذى فينا» قلت: وَ صابِرُوا ؟ قال: «على عدوكم مع وليكم» قلت: وَ رابِطُوا ؟ قال: «المقام مع إمامكم»، وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قلت: تنزيل؟
قال: «نعم».
(9)- ورد هذا الحديث في الأمالي 2: 138- 155، و لكن لم نجد هذه القطعة فيه، و وردت في مكارم الأخلاق: 467، الوسائل 3: 86/ 8، البحار 77:
85.
(10)- تفسير العيّاشي 1: 212/ 197.
(11)- تفسير العيّاشي 1: 212/ 198.
(12)- تفسير العيّاشي 1: 212/ 199!
(13)- تفسير العيّاشي 1: 213/ 200.
(1) (على) ليس في المصدر.
(2) فصّلت 41: 33.
البرهان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 733
2059/ «14» - عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في هذه الآية، قال: «نزلت فينا، و لم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد، و سيكون ذلك يكون من نسلنا المرابط، و من نسل ابن ناثل «1» المرابط».
2060/ «15» - عن بريد، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: اصْبِرُوا يعني بذلك عن المعاصي وَ صابِرُوا يعني التقية وَ رابِطُوا يعني الأئمة (عليهم السلام)».
ثم قال: «أ تدري ما معنى البدوا ما لبدنا، فإذا تحركنا فتحركوا؟ وَ اتَّقُوا اللَّهَ ما لبدنا، ربكم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ».
قال: قلت: جعلت فداك، إنما نقرؤها وَ اتَّقُوا اللَّهَ قال: «أنتم تقرؤنها كذا، و نحن نقرؤها هكذا» «2» .
2061/ «16» - و روى الحسين بن مساعد من طريق المخالفين: أن الآية نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) و حمزة (رضي الله عنه).
(14)- تفسير العيّاشي 1: 213/ 201.
(15)- تفسير العيّاشي 1: 213/ 202.
(16)- تحفة الأبرار: 114 «مخطوط»، تفسير الحبري: 252/ 17، شواهد التنزيل 1: 139/ 192.
(1) في «س»: ناتل، قال المجلسي (رحمه اللّه): ابن ناتل كناية عن ابن عبّاس، و الناتل: المتقدّم و الزاجر، أو بالثاء المثلثة كناية عن امّ العبّاس: نثيلة، فقد وقع في الأشعار المنشدة في ذمّهم نسبتهم إليها، و الحاصل أنّ من نسلنا من ينتظر الخلافة و من نسلهم أيضا، و لكن دولتنا باقية، و دولتهم زائلة. «بحار الأنوار 24: 218».
(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): و المعنى لا تستعجلوا في الخروج على المخالفين، و أقيموا في بيوتكم ما لم يظهر منا ما يوجب الحركة من النداء و الصيحة و علامات خروج القائم (عليه السّلام)، و ظاهره أن تلك الزيادات كانت داخلة في الآية، و يحتمل أن يكون تفسيرا للمرابطة و المصابرة بارتكاب تجوّز في
قوله (عليه السّلام): «نحن نقرؤها كذا»
و يحتمل أن يكون لفظ الجلالة زيد من النساخ، و يكون: و اتّقوا ما لبدنا ربّكم. كما يؤمي إليه كلام الراوي، بحار الأنوار 24: 218.
البرهان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 735
المستدرك (سورة آل عمران)
قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ [5]
«1» - (الاحتجاج) للطبرسي- في احتجاج الإمام الصادق (عليه السلام) على الزنادقة- قال: أ و ليس توزن الأعمال؟
قال (عليه السلام): «لا، إن الأعمال ليست بأجسام، و إنما هي صفة ما عملوا، و إنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء، و لا يعرف ثقلها أو خفتها، و إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ ».
قوله تعالى:
«2» - (مكارم الأخلاق): عن عبد الله بن مسعود- في حديث- أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال له: «يا بن مسعود،
(1)- الاحتجاج: 351.
(2)- مكارم الأخلاق: 452.
البرهان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 736
إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر و نهي، فرددها نظرا و اعتبارا فيها، و لا تسه عن ذلك، فإن نهيه يدل على ترك المعاصي، و أمره يدل على عمل البر و الصلاح، فإن الله تعالى يقول: فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ ».
قوله تعالى:
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [32]
«1» - (تحف العقول): من خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) عند ما أنكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفيء:
«أما بعد- أيها الناس- فإنا نحمد ربنا و إلهنا و ولي النعمة علينا، ظاهرة و باطنة بغير حول منا و لا قوة إلا امتنانا علينا و فضلا، ليبلونا أ نشكر أم نكفر، فمن شكر زاده، و من كفر عذبه.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحدا صمدا، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله بعثه رحمة للعباد و البلاد و البهائم و الأنعام، نعمة أنعم بها و منا و فضلا.
فأفضل الناس- أيها الناس- عند الله منزلة، و أعظمهم عند الله خطرا، أطوعهم لأمر الله، و أعملهم بطاعة الله، و أتبعهم لسنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أحياهم لكتاب الله، فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله و طاعة رسوله (صلى الله عليه و آله)، و اتباع كتابه و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، هذا كتاب الله بين أظهرنا و عهد نبي الله و سيرته فينا، لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند، عن الله عز و جل، يقول الله: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «1» فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب، و كذلك أهل طاعته و طاعة رسول الله، يقول الله في كتابه: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2» . و قال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ ».
قوله تعالى:
وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ [48] «2» - (مناقب ابن شهر آشوب): عن ابن جريج، في قوله تعالى: وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ ، إن الله تعالى
(1)- تحف العقول: 183.
(2)- المناقب 1: 226.
(1) الحجرات 49: 13.
(2) آل عمران 3: 31.
البرهان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 737
أعطى عيسى (عليه السلام) تسعة أشياء من الحظ، و لسائر الناس جزءا.
«2» - (مجمع البيان): عن أبي علي الجبائي، في قوله: وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ ، قيل: أراد به بعض الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه سوى التوراة و الإنجيل، مثل: الزبور و غيره.
«3» - و عنه: عن النبي (صلى الله عليه و آله) ، في قوله: وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ . قال (صلى الله عليه و آله): «أوتيت القرآن و مثليه» قالوا: أراد به السنن، و قيل: أراد به جميع ما علمه من اصول الدين.
قوله تعالى:
فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ [53]
«4» - (مناقب ابن شهر آشوب): عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ، في قوله تعالى: فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .
قال: «نحن هم، نشهد للرسل على أممها».
قوله تعالى:
الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ - إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [73- 74]
«5» - (بشارة المصطفى): عن سعيد بن زيد بن أرطاة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)- في حديث- قال: «يا كميل، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي قولا، و المهاجرون و الأنصار متوافرون يوما بعد العصر، يوم النصف من شهر رمضان، قائما على قدميه فوق منبره: علي و ابناي منه الطيبون مني، و أنا منهم، و هم الطيبون بعد أمهم، و هم سفينة، من ركبها نجا و من تخلف عنها هوى، الناجي في الجنة، و الهاوي في لظى.
يا كميل: الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يا كميل: علام يحسدوننا، و الله أنشأنا من قبل أن يعرفونا، أ فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلوننا؟!».
(2)- مجمع البيان 2: 752.
(3)- مجمع البيان 2: 752.
(4)- المناقب 4: 283.
(5)- بشارة المصطفى: 30.
البرهان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 738
قوله تعالى:
«1» - (الاحتجاج) للطبرسي: عن محمد و يحيى ابني عبد الله بن الحسين، عن أبيهما، عن جدهما، عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام)- في حديث- قال: «لما خطب أبو بكر قام إليه أبي بن كعب، و كان يوم الجمعة أول يوم من شهر رمضان، و قال: و ايم الله ما أهملتم، لقد نصب لكم علم، يحل لكم الحلال، و يحرم عليكم الحرام، و لو أطعتموه ما اختلفتم، و لا تدابرتم، و لا تقاتلتم و لا برىء بعضكم من بعض، فو الله إنكم بعده لناقضون عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إنكم على عترته لمختلفون، و إن سئل هذا عن غير ما يعلم أفتى برأيه، فقد أبعدتم، و تخارستم، و زعمتم أن الخلاف رحمة، هيهات، أبى الكتاب ذلك عليكم، يقول الله تعالى جده «1» : وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ .
ثم أخبرنا باختلافكم، فقال سبحانه: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «2» أي للرحمة، و هم آل محمد (صلى الله عليه و آله).
سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: يا علي، أنت و شيعتك على الفطرة و الناس منها براء. فهلا قبلتم من نبيكم، كيف و هو خبركم بانتكاصتكم عن وصيه علي بن أبي طالب و أمينه، و وزيره، و أخيه، و وليه دونكم أجمعين! و أطهركم قلبا، و أقدمكم سلما، و أعظمكم وعيا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أعطاه تراثه، و أوصاه بعداته، فاستخلفه على أمته، و وضع عنده سره، فهو وليه دونكم أجمعين، و أحق به منكم أكتعين «3» ، سيد الوصيين، و وصي خاتم المرسلين، أفضل المتقين، و أطوع الأمة لرب العالمين، سلمتم عليه بإمرة المؤمنين في حياة سيد النبيين، و خاتم المرسلين، فقد أعذر من أنذر، و أدى النصيحة من وعظ، و بصر من عمى، فقد سمعتم كما سمعنا، و رأيتم كما رأينا، و شهدتم كما شهدنا».
(1)- الاحتجاج: 114.
(1) الجدّ: العظمة.
(2) هود 11: 118 و 119.