کتابخانه تفاسیر
التبيان فى تفسير غريب القرآن، ص: 43
[مقدمة المؤلف]
[1/ ب] بسم اللّه الرّحمن الرّحيم صلى اللّه على سيدنا محمد و على آله قال الشيخ الإمام العالم العامل شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمد الهائم الشافعي، أسبغ اللّه ظلاله و ختم بالصالحات أعماله. أما بعد حمد اللّه مولى النّعم، و الموفّق لأقوم اللّقم «1» ، و الصلاة و السلام على محمّد المبعوث إلى العرب و العجم، و على آله و صحبه العوالي الهمم:
فإن من أعظم ما امتنّ به الرحمن على الإنسان تعليمه القرآن العظيم الشأن. و إنّ شكر النعمة يزيدها و يستوجب مزيدها، و إن من حقّ من أتحف بنعمة تعليم القرآن أن يعتني بتفهّمه و تدبّره حسب الإمكان، و أدنى مراتبه أن يعرف معاني الألفاظ الغريبة ليتأتى له تدبّر آياته العجيبة؛ ليترقى بذلك عمّن يحفظه كالرّقى الشّبيهة بالمهمل، فإنه يقبح بالمحصّل أن يسأل عن مدلول ما يحفظه فيجهل.
و إنّ من أنفس ما صنّف في تفسير غريب القرآن مصنّف الإمام أبي بكر محمد بن عزيز «2» المنسوب إلى سجستان، إلّا أنه يحوج المستغرب لكلمات سوره إلى كشف حروف و أوراق كثيرة، لا سيما السّور الطوال، و قاصر همّة ذي ملال، فرأيت أن أجمع ما تفرق من غريب كل سورة فيما هو كالفصل، مع زيادة أشياء في بعض المواضع على الأصل، لتسهل مطالعته و تتم فائدته، فشرعت فيه متوخيا للتسهيل مجتنبا للإكثار و التطويل، مستعينا بذي الحول، و مستمدّا من ذي الطّول، حريصا أن آتي بعبارته في الأكثر، و ألّا أخل منه بشيء إلا ما تكرّر. و المزيد و إن ارتبط بالأصل في العبارة فيكفيه للتمييز بينهما زاي و دارة، و سمّيته «التّبيان في تفسير غريب القرآن».
و باللّه التوفيق إلى سواء الطريق.
(1) اللّقم: وسط الطريق. (اللسان و التاج- لقم).
(2) كذا كتب في الأصل بالزاي في آخره، و كذلك في مواضع أخرى من الكتاب، و لم يكتب بالراء إلا في الخاتمة عند النقل عمن يقول إنها بالراء المهملة في آخر الكلمة. و كتابته بالراء أو بالزاي موضع خلاف أشار إليه المصنف في الخاتمة و ذكرته في المقدمة، و آثرت إبقاءه كما جاء في المخطوطة حيث ورد.
التبيان فى تفسير غريب القرآن، ص: 44
[تفسير غريب القرآن]
1- سورة الفاتحة
1- بِسْمِ اللَّهِ [1]: اختصار، المعنى: أبدأ باسم اللّه، أو بدأت باسم اللّه (زه) أو باسم اللّه أبدأ، أو ابتدأت، أو ابتدائي، أو أتلو [أو قرأت] «1» .
2- الرَّحْمنِ [1]: ذي الرّحمة و لا يوصف به غير اللّه.
3- الرَّحِيمِ [1]: الراحم (زه) [و الرّحمة] «2» تظهر في القلب، و هي هنا إرادة الخير بالعباد. و قيل: الإنعام على المحتاج. [2/ أ] 4- الْحَمْدُ [2]: الثناء بالجميل على جهة التّفضيل.
5- رَبِ [2]: السّيّد، و المالك، و زوج المرأة (زه) و المصلح، و المربّي، و الملك، و المعبود. و لا يستعمل معرّفا بأل إلا معه تعالى.
6- الْعالَمِينَ [2]: أصناف الخلق، كلّ صنف منهم عالم (زه) و المشهور أنه جمع عالم، و قيل: اسم جمع.
7- الدِّينِ [4]: الجزاء، و يأتي بمعنى الحساب، و الطاعة، و العبادة، و ما يتديّن به من الإسلام و غيره، و السّلطان (زه) و لغير ذلك «3» .
8- نَعْبُدُ [5] لغة: التّذلّل، و تفسيرا: الطاعة مع الخضوع، قال ابن عيسى «4» : خضوع ليس فوقه خضوع*.
(1) ما بين المعقوفتين مكانه غير واضح في الأصل. و انظر تقدير الكلام في «بسم اللّه» في المحرر الوجيز 1/ 91.
(2) في الأصل مكانه بياض.
(3) في هامش الأصل: «كقوله تعالى: ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» (التوبة 36).
(4) هو أبو الحسن علي بن عيسى بن علي الرّماني. كان إماما في العربية متقنا علوما كثيرة كالنحو و القراءات و الفقه و الكلام على مذهب المعتزلة. له نحو مائة مصنف، منها: شرح الكتاب لسيبويه، و اعجاز القرآن، و تفسير للقرآن. مات سنة أربع و ثمانين و ثلاث مائة. (طبقات المفسرين 1/ 419- 421، و تاريخ الإسلام 10/ 428، 429، و انظر: بغية الوعاة 2/ 180، 181، و وفيات الأعيان 2/ 461، و الأنساب 3/ 89. و يذكر بروكلمان 2/ 189 أن الجزء السابع من الجامع في تفسير القرآن في باريس أول 6523).
التبيان فى تفسير غريب القرآن، ص: 45
9- نَسْتَعِينُ [5]: نطلب المعونة، و هي الزيادة على القوة بما يسهّل الوصول إلى البغية*.
10- اهْدِنَا [6]: أرشدنا (زه). و قيل: ثبّتنا على المنهاج الواضح. و قيل غير ذلك. و الهداية: الدّلالة، و قال ابن عيسى: الدّلالة على طريق الحقّ.
11- الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [6]: الطّريق الواضح، و هو الإسلام «1» (زه) و قيل: القرآن، و قيل: محمد عليه الصلاة و السلام، و قيل غير ذلك «2» .
12- الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [7] الإنعام: النفع الذي يستحق به الشّكر، و أصله من النّعمة، و هي اللّين. و النّعم: الخفض و الدّعة، و هو لين العيش و رفاهيّته.
و المنعم عليهم: الأنبياء، أو الملائكة، أو المؤمنون، أو النّبيّ عليه الصلاة و السلام، أو قوم موسى و عيسى عليهما الصلاة و السلام قبل أن غيّروا نعم اللّه عليهم، أو المشار إليهم في سورة النّساء بقوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ «3» الآية، أقوال.
13- الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [7]: اليهود. و الضَّالِّينَ [7]: النصارى (زه).
و قيل: المغضوب عليهم: المشركون. و الضالّون: المنافقون. و قيل:
المغضوب عليهم: اليهود و النصارى، و الضالّون: سائر الكفار، و قيل غير ذلك «4» .
(1) في حاشية الأصل: «و قال محمد بن الحنفية: هو دين اللّه الّذى لا يقبل» من العبد غيره، و قال [كلام غير واضح].
و ما بين المعقوفتين الأوليين غير واضح في الأصل، و أثبت من تفسير الطبري 1/ 175، و المحرر الوجيز 1/ 123 و فيهما «العباد» بدل «العبد». و يعلق الشيخ أحمد شاكر على هذا الأثر المنسوب لابن الحنفية بأن أحد رواته ضعيف و ليس بشيء، و ذلك في حاشية تفسير الطبري.
و ابن الحنفيّة هو محمد بن علي بن أبي طالب، عرف بابن الحنفية لأن أمه من بني حنيفة، و اسمها خولة بنت جعفر. توفي نحو سنة 81 ه. (تاريخ الإسلام 3/ 68- 75).
(2) انظر هذه الأقوال معزوة إلى طائفة من العلماء في تفسير الطبري 1/ 175- 179.
(3) سورة النساء، الآية 69.
(4) في حاشية الأصل: «قال القرطبي: الضلال في كلا [م العرب و الكلمة غير واضحة] هو الذهاب عن سنن الهدى و الحق [و في تفسير القرطبي: سنن القصد و طريق الحق] و قال بعضهم: المغضوب عليهم من أسقط قراءة هذه السورة في الصلاة، و الضالين عن تركه قراءتها. حكاه [الماوردي] في تفسيره [و السّلمي في حقائقه] انتهى».
و ما بين المعقوفتين في الموضعين الأخيرين من تفسير القرطبي 1/ 150. و ما عزي للماوردي و السلمي لم يرد في مطبوع تفسير النكت و العيون 1/ 60، 61، و نقله السلمي في حقائق التفسير 6/ أ مع أقوال أخرى. و في تفسير القرطبي «بركة» بدل «تركه» و رسم الكلمة في الحقائق يحتمل ذلك، فهي خالية من النقط، و ما أثبت أرى أنه الصواب.
أما القرطبي فهو أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، رحل من الأندلس إلى المشرق و استقر في المنيا (بمصر). من مؤلفاته: الجامع لأحكام القرآن و هو من أشهر التفاسير للقرآن الكريم، و التذكرة بأحوال الموتى و الآخرة. توفي سنة 651 ه (مقدمة الجامع لأحكام القرآن).
و أما السّلمي فهو أبو عبد الرحمن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى الأزدي، كان ذا عناية تامة بأخبار الصوفية، و ممن روى عنه أبو بكر البيهقي. صنف أكثر من مائة كتاب، و مات سنة 412 ه قال الذهبي: «و له كتاب سماه (حقائق التفسير) ليته لم يضعه فإنه تخريف و قرمطة» (تاريخ الإسلام 11/ 169- 171، و طبقات المفسرين للداوودي 2/ 142- 143 رقم 484، و انظر: ميزان الاعتدال 3/ 523، 524، و العبر 3/ 111، و النجوم الزاهرة 4/ 256).
و أما الماوردي فهو علي بن محمد بن حبيب البصري، فقيه مفسر أديب، تولى القضاء في بلدان شتى، و درّس بالبصرة و بغداد و بها مات سنة 450 ه، و من مصنفاته: تفسير القرآن الكريم، و الإقناع في الفقه، و أدب الدنيا و الدين. (العبر 3/ 225، و طبقات المفسرين للداوودي (رقم/ 368) 1/ 423- 425، و البداية و النهاية 12/ 80، و شذرات الذهب 3/ 285- 286، و وفيات الأعيان 2/ 444- 445)، و في الأنساب 5/ 281: «و هذه النسبة إلى بيع الماورد و عمله، و اشتهر بهذه النسبة جماعة من العلماء؛ لأن بعض أجداده كان يعمله أو يبيعه «و ترجم له و لآخر بهذا اللقب.
التبيان فى تفسير غريب القرآن، ص: 46
الغضب، لغة: الشّدّة، و حقيقته: غليان دم القلب حبّا في التّشفي. و غضب اللّه تعالى: إرادة الانتقام، أو معاملة الغاضب لمن غضب عليه، أو سبّ اللّه أعداءه في كتابه، أقوال. و لَا صلة.
و الضّلال: نقيض الهدى، و أصله من الضّياع.
آمين، بتخفيف الميم، يمد في اللغة الفصحى، قال الشاعر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة
حتى أبلّغها ألفين آمينا «1»
يمدّ و يقصر، تفسيره: اللهم استجب، فهو اسم فعل مبني على الفتح، مثل:
كيف [2/ ب] و أين.
و يقال: هو اسم من أسماء اللّه تعالى.
و فيه تخفيف الميم مع المدّ و الإمالة، و تشديد الميم مع المدّ و القصر*.
(1) المحرر الوجيز 1/ 135.
التبيان فى تفسير غريب القرآن، ص: 47
2- سورة البقرة
1- الم [1] و سائر حروف الهجاء في أوائل السّور: كان بعض المفسّرين يجعلها أسماء للسّور، تعرف كلّ سورة بما افتتحت به «1» . و بعضهم يجعلها أقساما أقسم اللّه- عز و جل- بها لشرفها و فضلها، و لأنها مبادئ كتبه المنزّلة و مباني أسمائه الحسنى و صفاته العليا.
و بعضهم يجعلها حروفا مأخوذة من صفات اللّه تعالى، كقول ابن عبّاس «2» في كهيعص «3» إن الكاف من كاف، و الهاء من هاد، و الياء من حكيم، و العين من عليم، و الصاد من صادق «4» (زه) و قيل غير ذلك.
2- لا رَيْبَ فِيهِ [2]: لا شكّ (زه).
و قيل: الرّيب: الشّك مع تهمة المشكوك فيه.
3- هُدىً [2]: رشد (زه) و هو كلّ ما يهتدى به.
4- لِلْمُتَّقِينَ [2] المتّقي: من يقي نفسه عن تعاطي ما يعاقب عليه من فعل أو ترك. و أصل الاتّقاء: الحجز، و ذكرت هذه في القرآن في مائتين و ستة و ثلاثين موضعا.
5- الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [3]: يصدّقون بأخبار اللّه- تعالى- عن الجنّة و النار و القيامة و الحساب، و أشباه ذلك (زه).
و المؤمن: المصدّق، و اللّه- تعالى- مؤمن، أي مصدّق ما وعد. و يكون أيضا
(1) في الحاشية: «وقع الاستفتاح بحر [وف] في تسع و عشرين سورة».
(2) هو عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- وجدّ الخلفاء العباسيين، كان يسمى البحر لسعة علمه، و يسمى أيضا حبر الأمة. ولد و النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و أهل بيته بالشّعب من مكة، و توفي بالطائف سنة 68 ه. (انظر: أسد الغابة 3/ 290- 294).
(3) الآية الأولى من سورة مريم.
(4) قول ابن عباس في مجمع البيان 1/ 32.
التبيان فى تفسير غريب القرآن، ص: 48
من الأمان، أي لا يأمن إلا من أمنه «1» .
و الغيب: ما غاب عن الحاسّة مما يعلم بالأدلة.
6- وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ [3] إقامتها: أن يؤتى بها بحقوقها، كما فرضها اللّه تعالى. يقال: قام بالأمر و أقام الأمر، إذا جاء به معطى حقوقه [زه] و الصلاة هنا ذات الرّكوع و السّجود، و تأتي على أربعة أوجه أخر: الدّعاء، و التّرحّم، و الاستغفار، و الدّين «2» .
7- وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [3]: أي يزكّون و يتصدّقون (زه).
8- بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ [4] أصل الإنزال التّصيير إلى جهة السّفل، و كذلك التّنزيل*.
9- وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [4] قبل: لما مضى من الزّمان نقيض «بعد»*.
10- هُمْ يُوقِنُونَ [4] الإيقان: علم [حاصل] «3» بالاستدلال*.
11- هُمُ الْمُفْلِحُونَ [5]: أي الظافرون بما طلبوا، الباقون في الجنة [3/ أ] و الفلاح: الظّفر و البقاء، ثم قيل لكل من عقل و حزم و تكاملت فيه خلال الخير: قد أفلح (زه) فاسم الفاعل منه مفلح.
12- كَفَرُوا [6]: ستروا و جحدوا نعم اللّه*.
13- سَواءٌ عَلَيْهِمْ [6]: مستو عندهم*.
14- أَ أَنْذَرْتَهُمْ [6]: أ أعلمتهم بما تحذّرهم منه، و لا يكون المعلم منذرا حتى يحذّر بإعلامه، فكلّ منذر معلم و ليس كلّ معلم منذرا (زه) و الهمزة للتّسوية.
15- خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [7]: أي طبع عليها (زه) «4» و وسمها بسمة
(1) ورد بعدها في الأصل «زه»، و نص السجستاني في النزهة ينتهي بعد قوله: «و أشباه ذلك» (انظر:
النزهة 325).
(2) كتب بعده في الأصل سهوا «وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ أصلها الطّهارة و النّماء، و إنما قيل لما يجب في الأموال من الصدقة زكاة؛ لأنّ تأديتها تطهّر الأموال مما يكون فيها من الإثم و الحرام إذا [أخذ] منها حق اللّه تعالى [و هو ينميها] و يزيد فيها بالبركة و يقيها من الآفات». و ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل. و النص القرآني ليس في موضعه من المصحف و إنما ورد تاليا لقوله تعالى يُقِيمُونَ الصَّلاةَ في المائدة/ 55، التوبة/ 71، النمل/ 3، لقمان/ 4.
(3) ما بين المعقوفتين غير واضح في الأصل.