کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 284
المواساة، التي ينبغى أن يسمح بها الرجل فى كرم و رضى، و أن يستدعى لها مروءته، و رجولته، و دينه، فلا يطعن المرأة هذه الطعنة، ثم لا يمد لها يد الرحمة و المواساة! إذ ليس ذلك من الإحسان فى شىء، و النبىّ الكريم يقول فى قتل الحيوان المؤذى: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة»! فكيف بإنسان؟
الآية: (237) [سورة البقرة (2): آية 237]
التفسير: إنّها المتعة المفروضة للمرأة المطلقة قبل الدّخول بها و لكن قد سمّى لها مهر! فلها نصف المهر المسمّى، للاعتبارات التي أشرنا إليها فى الآية السابقة.
و قوله تعالى: «إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ» إشارة إلى أن هذا الحكم لا يمنع التراضي بين الزوجين، فإنه- مع هذا- يجوز للمرأة أن تنزل عن حقّها فى نصف المهر، فقد تكون فى سعة، و يكون الزوج فى حال يضيره فيه المهر الذي قدمه، فتعيده إليه، واضعة فى اعتبارها- إلى هذا الاعتبار- أن الزوج لم ينل شيئا منها، و أنه ربما اضطر إلى الطلاق لظروف خارجة عن إرادته .. فكان هذا الفضل منها داعية إلى الحفاظ على الروابط الإنسانية بينه و بينها، و بين أهله و أهلها، و ربما كان ذلك داعيا إلى حسن الأحدوثة عنها و الرغبة فيها من زوج آخر .. و لولىّ المرأة مثل هذا الحق الذي لها فى التنازل
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 285
عن نصف المهر المسمّى. «أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ» .
و قوله تعالى: «وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى» خطاب للأزواج، و تحريض لهم على التنازل عن نصف المهر من جهتهم، فتذهب المرأة بالمهر كلّه، و ذلك على سبيل التسامح و التفضل.
و بين التسامح من جهة الزوجة أو وليها، و التسامح من جهة الزوج، يلتقى الطرفان على طريق سواء، لا مشاحّة فيه، و لا كيد، و لا عداوة، فيفترقان من غير أن تتصدع روابط الإنسانية فى مجتمعهما الأسرىّ، الذي هو أساس البناء للمجتمع كله.
و قوله تعالى: «وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ» دعوة للطرفين معا أن ييسّرا و لا يعسّرا، و أن يحسنا و لا يسيئا، فذلك هو الأقرب إلى التقوى، و الأليق بالمتقين: «إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» فيجازى الفضل بالفضل و الإحسان بالإحسان، أضعافا مضاعفة: «وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»* .
الآية: (238) [سورة البقرة (2): آية 238]
حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (238)
التفسير: الدعوة إلى الصّلاة فى هذا المقام استحضار للدعوة الإسلامية كلها، و تذكير باللّه، و بجلاله و عظمته و رحمته، و بما يبعث هذا التذكير فى نفس المؤمن من استجابة لأوامره، و امتثال لأحكامه، إذ كانت الصلاة عماد الدين، و أكثر العبادات أثرا فى تثبيت مغارس الإيمان، و فى النهى عن الفحشاء و المنكر، كما يقول سبحانه: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ» (45 العنكبوت)
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 286
و قد اختلف فى الصلاة الوسطى على وجوه شملت الصلوات الخمس لمفروضة كلها، حيث لم تحددها الآية .. فالصلوات المفروضة خمس، و أي صلاة منها هى وسط بين اثنتين و اثنتين! و قالوا فى تعليل إشاعة الصلاة الوسطى بين الصلوات الخمس: إن ذلك من جل أن يحرص المصلّى على الصلوات جميعها، و أن يؤدى كل صلاة منها على نها الصلاة الوسطى، فيحرص على أدائها جميعها فى وقتها، و يستحضر لها مشاعره كلها.
و أقول- و اللّه أعلم- إن الصلاة الوسطى هى الصلوات الخمس جميعها، و هى صلاة المسلمين، التي هى وسط بين الصلوات المفروضة على أهل الكتاب، كما أن الشريعة الاسلامية هى الشريعة الوسطى بين الشرائع السماوية، و الأمة الإسلامية هى الأمة الوسط بين الأمم.
و العطف على الصلوات بقوله تعالى «وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى» هو عطف بيان، و التقدير حافظوا على الصّلوات و هى الصلاة الوسطى، أي الصلاة المحمودة التي رضيها اللّه لكم على الوجه المفروض عليكم من عدد الركعات، و الركوع و السجود.
قوله تعالى: «وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ» أي استحضروا وجودكم كله عند الصلاة، و أدوها قياما فى خشوع، و خضوع، و سكون!
الآية (239) [سورة البقرة (2): آية 239]
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 287
التفسير: هذا بيان لصلاة الخوف، أو الصلاة فى غير حال السكن و الاستقرار، كأن يصلى الإنسان فى طائرة، أو على ظهر دابة، أو فى مواجهة عدو ..
و الرّجال: هم المشاة، و الركبان: هم الراكبون ..
فليصلّ المصلّى فى مثل هذه الأحوال ماشيا أو راكبا .. و ذلك حتى لا تفوته الصلاة على أي حال كان عليها! و فى هذا ما فيه من تعظيم شأن الصلاة، و الحرص على أدائها فى أي ظرف، و فى أي حال .. حيث لا رخصة تدخل عليها بالإسقاط أبدا، إلا فى حال المرأة مدة الحيض.
الآيات: (240- 241- 242) [سورة البقرة (2): الآيات 240 الى 242]
التفسير: جاء فى الآية الكريمة (234) قول اللّه تعالى: «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً» و قد قلنا إن توجيه الخطاب هنا للأزواج المتوفين يحمل دلالة على وثاقة الرابطة بين الزوجين، و قداستها، و أنها لا تنقطع بموت أحدهما.
و فى هذه الآية (240) يجىء الخطاب أيضا إلى الأزواج المتوفّين، ليقيم
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 288
بينهم و بين زوجاتهن صلة ممتدة إلى ما بعد الموت أيضا، و لكنها فى هذه المرة محمولة على الرجال، كما حمل الحكم فى الآية السابقة (234) على النساء، و هو أن يتربصن أربعة أشهر و عشرة أيام، حدادا على أزواجهن.
و الحكم المحمول على الرجال هنا هو أن يكون للمرأة المقام فى بيت الزوجية مكفولة النفقة عاما كاملا بعد وفاة الزوج، لا يعرض لها أحد بإزعاج من بيت الزوجية، مادامت راغبة فى السكن إليه.
و فى قوله تعالى: «وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ» إشارة إلى أن هذه الوصية مفروضة بأمر اللّه، سواء أوصى بها الزوج قبل وفاته أم لم يوص، و على هذا نصب لفظ الوصية بهذا الأمر، على تقدير: فرضنا «وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ، مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ، غَيْرَ إِخْراجٍ» «و متاعا» بدل من «وصية» و «غير إخراج» صفة لمتاع.
النفقة للمتوفّى عنها، زوجها
و للمفسرين رأى فى هذه الآية، و أنها منسوخة بآية المواريث، و ما فرض للزوجة فيها من فريضة الربع أو الثمن.
و نقول- و اللّه أعلم-: إنه لا نسخ فى هذه الآية الكريمة، و لا تعطيل لحكمها، و حكمتها! و نسأل: لما ذا هذا النسخ و ما حكمته؟ و لما ذا يحمل القرآن الكريم آية كريمة، متلوة، متعبدا بها، و تحمل حكما صريحا مؤكدا موثقا. ثم تجىء آية أخرى بحكم آخر يعطل هذا الحكم، و يبقيه هكذا، يعلن فى وجه المرأة سلب حكم كان فيه خيرا لها و برّا بها؟ أ هذا مما تقتضيه حكمة الحكيم العليم، فى حال كحال تلك المرأة التي ذهب عنها زوجها، و تركها تعانى الوحدة و الوحشة، و ربما الفاقة،
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 289
من بعده؟ و إذا كان من تقدير اللّه ألا يكون للمرأة مثل هذا الحق، أ فكان من التدبير الحكيم أن يلوّح لها بهذا البر و تلك المواساة فى آية كريمة، ثم تحرمه و تذاد عنه بآية أخرى من آيات الكتاب الكريم؟
و إذا أقمنا الآية الكريمة على تلك الموازين التي يزن بها علماء التفسير ضوابط الناسخ و المنسوخ، نجد أن أهمّ الاعتبارات التي جاء من أجلها النسخ عندهم هى:
1- التدرج فى الأحكام، رحمة بالناس، و تخفيفا عليهم، و ذلك حين يكون الحكم متعلقا بعادة متأصله فى النفوس، ثم تقضى الشريعة بتحريمه، فإنها حينئذ لا نفجأ الناس بهذا الحكم مرة واحدة، بل تدخل عليهم به على عدة مراحل، فى رفق و أناة، و فى تدرج .. من الخفيف، إلى الثقيل، إلى ما هو أثقل منه، كما حدث ذلك فى تحريم الخمر و الربا، على ما يقولون فى الآيات الناسخة و المنسوخة فيها، و هو ما لا نقول به، كما عرضنا له من قبل.
2- التخفيف على الناس، مراعاة لتغير الظروف .. كما كان الأمر فى قتال المسلم عشرة من المشركين، و ذلك فى أول الإسلام، فلما كثرت أعداد المسلمين، خفف اللّه عنهم، هذا فكان على المسلم قتال مشركين اثنين بدلا من عشرة.
3- تغليظ الحكم لا تخفيفه، و ذلك لتغير الظروف أيضا .. فلم يكن على المسلمين قتال فى أول الدعوة الإسلامية، ثم لما دخل فى الإسلام الأنصار و اجتمع إليهم المهاجرون أذن اللّه لهم فى قتال من قاتلهم .. ثم لما قويت شوكة الإسلام و دخل الناس فى دين اللّه أفواجا جاء الأمر بقتال المشركين متى طالتهم يد المسلمين.
تلك هى أهم الضوابط التي رآها علماء التفسير داعية إلى نسخ ما نسخ من آيات الكتاب الكريم.
التفسير القرآنى للقرآن، ج1، ص: 290
و إذا أقمنا الآية الكريمة- كما قلنا- على تلك الضوابط لم نجدها تستقيم عليها، أو تستجيب لها ..
فما جاءت الشريعة السمحاء فى كتابها الكريم و لا فى السنّة المطهرة، بمباح ثم حظرته، و لا حملت إلى الناس خيرا ثم عادت فسلبته، و لا بسطت يدها الكريمة بإحسان ثم قبضتها .. بل العكس هو الصحيح، و هو الواقع ..
و لا نسوق الشواهد لهذا .. فأمر الشريعة كله قائم على اليسر و الخير و الرحمة .. فما كان على غير هذه السبيل فهو مدخول على الشريعة، مفترى عليها.
و ننظر فى الآية الكريمة: «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ» فنرى المرأة الموصى لها- بأمر اللّه- بهذه الوصية، قد كانت فى ظل زوج كفل لها الاستقرار و السّكن، و أنها قد اطمأنت إلى تلك الحياة، و أنست بها، و قرت فيها .. ثم إذا هى تمسى أو تصبح فتجد الرجل الذي كان يظللها بجناحيه قد طواه الموت، و ذهب به بعيدا عنها إلى غير رجعة!! فانظر ماذا يكون حالها و هى تستقبل هذا الوجه الجديد من الحياة؟ ثم ضع فى تقديرك أنها ربما تكون قد استهلكت شبابها، و صحتها، و قواها، فى هذا البيت الذي دخلته فتاة ملء إهابها الشباب و الصحة و القوة .. ثم ضع فى تقديرك أيضا أن هذه المرأة- مع ذهاب شبابها و استهلاك صحتها- قد لا تكون أمّا لولد يؤنس وحشتها، و يحمى حماها، و يرعى شيخوختها.