کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1165
فذلك بعض ما يوجبه عليه ولاؤه لمن خلقه، و رزقه، و هداه إلى الإيمان، و إلا كان مستحقّا للانتقام، و العقاب .. و إنه لن يجد ناصرا ينصره، و يدفع عنه ما يريد اللّه به! و شتّان بين ما يدعوهم إليه صالح، مما فيه رشدهم و خيرهم، و ما يدعونه هم إليه، مما يعرضه لنقمة اللّه و عذابه ..
- و فى قوله تعالى: «فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ» إشارة إلى أنه إذا أخذ برأى قومه، و خرج عن طاعة اللّه، و وقع تحت نقمته، ثم دعاهم إلى نصرته من دون اللّه، فلن يكون له منهم إلا بلاء إلى بلاء، و خسران إلى خسران! لأنه إنما ينتصر بمخذولين، واقعين تحت النقمة و البلاء، فلن يقدموا له- إن قدموا شيئا- إلا ما عندهم من بلاء و عذاب! «فما تزيدوننى غير تخسير».
قوله تعالى:
و بين يدى تلك الدعوة، التي دعا بها صالح قومه إلى الإيمان باللّه، أقام لهم آية متحدية من آيات اللّه، تشهد له بأنه رسول اللّه .. فهذه ناقة اللّه. قد نصبها اللّه لهم آية، و رفعها لأعينهم، ليشهدوا منها ما لم يشهدوا من النّياق التي عرفوها .. إنها ناقة على صفة عجيبة .. إنها آية من آيات اللّه، و لهذا جاء وصفها بأنها «ناقة اللّه»، أي آيته إليهم .. فليأخذوا منها الشاهد الذي يشهد بقدرة اللّه، و يحدّث عن علمه، و حكمته، و من ثمّ يقوم لهم منها دليل آخر على صدق الرسول، الذي جاءهم يدعوهم إلى اللّه .. فليصدقوه و ليؤمنوا به، و ليدعوا الناقة تأكل فى أرض اللّه- شأنها فى هذا شأنهم، و لها فى الأرض مالهم، لأنها ناقة اللّه، و الأرض أرض اللّه، و هم عبيد اللّه، و الأرض التي يعيشون عليها
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1166
أرض اللّه .. و إذن فليدعوا ناقة للّه تأخذ رزقها من أرض اللّه، و لا يمسّوها بسوء! فإن اعتدوا عليها، و خالفوا أمر اللّه فيها، فلينتظروا العذاب القريب الذي سيحل بهم! و لقد كان من سفه القوم، و جهلهم، و غلبة الشّقوة عليهم، أن تخطت نظرتهم إلى الناقة، كل شىء فيها، مما يكشف لهم الطريق إلى اللّه، و إلى الإيمان به- و وقفوا عند العذاب، الذي أنذروا به منها، إذا هم عرضوا لها بسوء- فعملوا على كشف هذه الآية منها، و استحلابها من ضرعها! و ذلك لأنهم كانوا على تكذيب بكل ما حدّثهم به «صالح» عنها، و إنهم لكى يقيموا البرهان على كذبه، استعجلوا العذاب الذي أنذرهم به إن هم مسّوها بسوء.
فما هو إلا أن يعقروا الناقة حتى يأتيهم هذا العذاب، إن كان هناك عذاب، و إلا فقد افتضح أمر صالح، و ظهر كذبه! و قد فعلوها! «فعقروا الناقة و عتوا عن أمر ربهم، و قالوا يا صالح: ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين» (77: الأعراف).
و هكذا يلعب الأطفال بالنار، فتقع بهم الواقعة، و يحلّ بهم العذاب الذي لا مردّ له! قوله تعالى:
«فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ» .
و تلك آية أخرى .. إنها العذاب الذي سيأخذهم اللّه به، بعد ثلاثة أيام ..
و فى توقيت وقوع العذاب بثلاثة أيام:
أولا: أن يظلوا خلال تلك المدة واقعين تحت وطأة تلك الخواطر المزعجة المقلقة، بين التصديق و التكذيب، و كانوا كلما مضت لحظة من الزمن ازداد قلقهم و اضطرابهم، انتظارا لما يطلع به عليهم هذا الوعيد، فى اليوم الثالث من تلك الأيام التي أقتت لهلاكهم.
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1167
و ثانيا: حصر الأجل المضروب لهلاكهم بثلاثة أيام، هو غاية ما يمكن أن يقع فى النفس موقع الاهتمام له و الالتفات إليه .. و لو امتد الزمن إلى أكثر من هذا لما التفتت إليه النفوس هذا الالتفات الذي يشدها إليه، و يقيمها على همّ و قلق من لقائه .. و لو قصر الزمن إلى ما دون ذلك لقصرت فترة العذاب النفسي الذي عالجه القوم قبل أن يهلكوا ..
فهذه الأيام الثلاثة التي عاشها القوم قبل أن يحلّ بهم الهلاك قد أقتت بحكمة الحكيم العليم، فكانت بوتقة عذاب، تجرّع منها القوم جرعات الموت قبل أن يحل بهم الموت ..! لقد شخصت أبصار القوم إلى هذه الأيام الثلاثة و ما يطلع عليهم فى أعقابها.
و قد طلع عليهم منها الويل و البلاء:
«فلما جاء أمرنا نجينا صالحا و الذين آمنوا معه برحمة منّا و من خزى يؤمئذ إن ربك هو القوى العزيز» .. لقد نجى اللّه صالحا و الذين آمنوا معه، إذ عزلهم عن القوم الظالمين، و ما رماهم به من مهلكات، فهو- سبحانه- الذي لا يعجزه ما يعتزّ به الظالمون من قوة و سلطان، و ما يعتصمون به من قلاع و حصون ..
و الصيحة التي أخذ بها القوم، هى صيحة الحق، و هو صوت العذاب الذي نزل عليهم، فرجفت بهم الأرض منه، «فأصبحوا فى ديارهم جاثمين» ..
أي جمد الدم فى عروقهم، من رجفة الصيحة، فلم يتحرك أحد منهم حركة، و لم يتنفس نفسا! إنها صيحة تحمل فى كيانها صاعقة، أقرب مثل إليها الرعد المحمل بالصواعق المهلكة .. و هكذا صاروا جثثا هامدة، و تحولت ديارهم إلى
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1168
صمت مطبق .. لا حسّ و لا نفس بها .. حتى لكأن لم تكن فيها حياة من قبل «كأن لم يغنوا فيها» أي كأن لم تكن فيها إقامة، و سكن! لقد ذهب كل أثر من آثارهم إلا هذا الخراب الذي اشتمل على كل شىء كان هناك.
- و قوله تعالى: «أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ» هو صدى مردد لما شيّع به قوم هود من قبل، «ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود» .. و قد بينا من قبل ما فى هذا الدعاء الذي أعقب هلاكهم ..
أما الناقة، و ما يقول المفسرون فى أوصافها، فقد عرضنا لها من قبل عند تفسير قصة صالح فى سورة الأعراف ..
و حسبنا أن نذكر هنا أنها آية من آيات اللّه، وضعت بين يدى القوم، لتكون امتحانا لهم و ابتلاء .. و ليس من الحتم اللازم أن تكون على صفات جسدية خاصة، تخرج بها عن طبيعة النياق .. يل يكفى أن تكون مجرد ناقة، امتحنوا بامتثال أمر اللّه فيها، و هو تركها تأكل فى أرض اللّه، و ألّا يمسوها بسوء، فإن امتثلوا أمر اللّه نجوا، و إلا هلكوا.
و هى فى هذا تشبه الشجرة التي نهى اللّه آدم عن أن يأكل منها .. و لم تكن هذه الشجرة إلا واحدة من أشجار الجنة، و لم يكن النهى عنها إلا امتحانا و ابتلاء ..
الآيات: (69- 76) [سورة هود (11): الآيات 69 الى 76]
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1169
التفسير:
و هذه قصة إبراهيم عليه السلام، و قد ضمت إلى قصة لوط، إذ كانت دعوتهما واحدة، و كان قوما هما متجاورين متقاربين، ديارا و نسبا، و زمنا ..
إذ كان لوط- كما يقول المؤرخون- ابن أخى إبراهيم ..
الرسل هنا، هم ملائكة الرحمن، جاءوا إلى إبراهيم فى صورة بشريّة.
و البشرى التي جاءوه بها، هى ما بشر به من الولد، بعد أن بلغ من الكبر عتيّا، و يمكن أن تكون البشرى ما حمله الملائكة إليه من أمر ربه بهلاك قوم لوط .. إذ لا شك أن فى هذا انتصارا للحق، و خزيا و خذلانا لأهل الضلال و الزيغ، و ذلك مما يفرح له المؤمنون، و تنشرح به صدورهم ..
«و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه».
و العجل الحنيذ: السّمين الذي نضج شيّا بالنار.
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1170
- و فى قوله تعالى: «قالَ سَلامٌ» إشارة إلى أن إبراهيم قد أخذ بمجىء هؤلاء الرسل، و أنهم ظهروا فجأة فى بيته، فلم يدر من أين جاءوا .. فأنكرهم و لكنه لم يردّهم، و إنما ردّ عليهم تحيتهم ردّا خاطفا، متجمّلا، يحمل أمارات الاستفهام و التعجب و الإنكار، و الخوف .. «قالوا سلاما، قال .. سلام!» و إلى هذا يشير قوله تعالى فى آية أخرى: «إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ» (25: الذاريات) .. و يقول سبحانه فى آية أخرى كذلك: «وَ نَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ* قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ» (51- 53: الحجر) ..
فكان التبشير بالغلام على كبر و يأس، هو الذي يذهب بكل ما وقع فى نفس إبراهيم من خوف و وجل، سواء أ كان وجلا عارضا من ظهور الملائكة له على تلك الصورة، أم وجلا سكن فى نفسه من فوات الأوان لإنجاب ولد! قوله تعالى: «فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ» .
و لقد تكشف لإبراهيم من القوم ما قوّى ظنونه فيهم، و أنهم على حال لا تبعث على الطمأنينة من جهتهم، فها هو ذا يقدّم لهم ما يقدّم للضيّفان، فلا يأبهون له، و لا يمدون أيديهم إليه.! و هنا تتحرك دواعى الشك فى نفسه، و تسرى رعشة الخوف فى كيانه، و لكنه يغالب خوفه، و يمسك به فى صدره- كما يقول سبحانه- «و أوجس منهم خيفة» أي وجد فى نفسه خوفا ..
فيسأل القوم سؤال المنكر المستريب: «ألا تأكلون؟» (27: الذاريات)- «قالوا لا تخف» إنا رسل ربك .. «إنا أرسلنا إلى قوم لوط» .. فيسكن لذلك روع إبراهيم، و تطمئن نفسه، و يعلم أنهم رسل اللّه، قد أرسلوا بالهلاك
التفسير القرآنى للقرآن، ج6، ص: 1171
لقوم لوط .. إنهم لم يرسلوا إلى لوط، و إنما أرسلوا إلى قوم لوط، و ليس لقوم لوط عند اللّه إلّا البلاء و الهلاك ..! قوله تعالى: «وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ* قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ» .
قائمة: أي كانت واقفة ترقب ما يكون بين إبراهيم و هؤلاء الضيفان الذين جاءوا إليه على تلك الصورة التي أخافته .. فلما سمعت منهم أنهم رسل اللّه ذهب عنها الرّوع، و لم تملك نفسها من إظهار الفرحة بهؤلاء الرسل الكرام الذين حلّوا بهم ضيوفا .. فضحكت ..
و فى هذا ما يكشف عن طبيعة حبّ الاستطلاع عند المرأة، و أنها لا تملك نفسها من أن تتعرف إلى كل ما يدور حولها، مما يتصل بها أو لا يتصل بها.
هذا و يذهب بعض المفسرين فى تأويل كلمة «فضحكت» إلى أنها بمعنى «حاضت»، و جاءوا لذلك بشاهد من اللغة، وجدوه فى قول الشاعر:
و ضحك الأرانب فوق الصّفا
كمثل دم الجوف يوم اللّقا