کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 917
هكذا كان ردّ إبراهيم على القوم، إنه ينكر عليهم هذا الضلال الذي هم فيه، حتى إنهم ليعترفون بألسنتهم على هؤلاء الآلهة بأنهم فى عجز ظاهر، و أنهم لا ينطقون .. «لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ» .. هكذا يقولونها فى بلاهة و غباء .. فيجبههم إبراهيم بهذا الردّ المفحم: «أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ؟» .. أ فيصحّ بعاقل لعلم هذا العلم من أمر تلك الأصنام، و يعرّيها من كل قوة، ثم يعود إليها خاضعا ذليلا، يتخاضع بين يديها، و يعفّر وجهه بالسجود تحت أقدامها؟ إن ذلك لا يكون من إنسان فيه مشكة من عقل .. و لهذا أتبع إبراهيم هذا القول بقوله:
«أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ .. أَ فَلا تَعْقِلُونَ» ؟ و ربما قال إبراهيم هذا فيما بينه و بين نفسه، فبعد أن واجههم بهذا الإنكار: «أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ؟» رجع إلى نفسه، فأدار فيها هذا الحديث بينه و بينها ..! و كلمة «أُفٍّ» هنا، معناها: بعدا لكم و لما تعبدون من دون اللّه. فالتأفف من الشيء، يشير إلى التأذى منه، و الضيق به .. و هو حكاية للصوت التي يحدثه الإنسان بأنفه و فمه، حين يشمّ ريحا خبيثة .. ثم أتبع ذلك بهذا الاستفهام الإنكارى: «أَ فَلا تَعْقِلُونَ» ؟ أي أمالكم عقول كسائر الناس، حتى تستسيغوا هذا المنكر، و تسكنوا إليه؟.
«قالُوا حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ» .
هذا هو موقف العاجز، أمام حجة العقل و المنطق .. إنه لا يملك إلا أن يتحول إلى حيوان، ينطح بقرونه، و ينهش بمخالبه و أنيابه! لقد اتهموا إبراهيم، و أدانوه، و أصدروا حكمهم عليه: «حَرِّقُوهُ» ! هكذا بكلمة واحدة يقضون قضاءهم فيه ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 918
اهجموا عليه .. حرقوه ..
و فى قولهم: «وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ» تحريض على إمضاء هذا الحكم و إنفاذه، فهو انتصار لا لأشخاصهم، و إنما هو انتصار لآلهتهم .. فمن لم يقف معهم فى هذه الجبهة المدافعة عن الآلهة، و من لم يضرب بيده فى وجه هذا المعتدى عليها، فلينتظر غضب الآلهة، و ما يحلّ به من بلاء!! و فى قولهم: «إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ» تحريض بعد تحريض، على إنفاذ الحكم الذي حكموا به على إبراهيم ..
أي إن كنتم منتصرين لآلهتكم، غير خاذلين لها، فحرقوا إبراهيم، و انصروا آلهتكم. أما إذا خذلتموها .. فهذا أمر آخر!! «قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ» .
و هكذا أمضى القوم حكمهم فى إبراهيم، فأوقدوا نارا عظيمة، و ألقوه فيها .. و لكنّ رحمة اللّه تداركته، و عنايته أحاطت به، فلم يخلص إليه من النار أذى، بل كانت بردا و سلاما عليه ..
و فى قوله تعالى: «عَلى إِبْراهِيمَ» .. بذكر إبراهيم، بدلا من الضمير- فى هذا تكريم لإبراهيم، و رفع لقدره، و تمجيد لاسمه! و انظر إلى قدرة اللّه .. النّار المتأججة الجاحمة، يلقى بإبراهيم فى لهيبها المتضرّم دون أن يجد لهذه النار أثرا من الحرارة .. بل لقد تحولت إلى برد يحتاج المرء معه إلى نار تدفئه! فكان قوله تعالى: «وَ سَلاماً» هو الأمر الذي صدعت له النار فأعطت بردا لطيفا لا تقشعر منه الأبدان .. بل هو أشبه بنسائم العشىّ بعد نهار قائظ ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 919
«وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ» .
أي إنهم أرادوا أن يكيدوا لإبراهيم، و أن يقضوا عليه بهذه الميتة الشنعاء ..
فنجاه اللّه منهم، و ألبسهم ثوب الخسران فى الدنيا، إذ لم ينالوا من إبراهيم منالا، و أعدّ اللّه لهم فى الآخرة عذابا عظيما ..
«وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ» .
أي أن اللّه سبحانه و تعالى بعد أن خلص إبراهيم من النار، خلّصه كذلك من يد هؤلاء الضالين، فاعتزلهم، «وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ» . و قد نجّى اللّه معه لوطا، لأن لوطا عليه السلام، هو وحده الذي استجاب له، و آمن به، كما يقول سبحانه: «فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (26: العنكبوت).
«وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ» .
أي أن اللّه سبحانه و تعالى بعد أن نجّى إبراهيم من قومه، أكرمه اللّه تعالى، و أقام له من نسله قوما، فوهب له إسحق، ثم وهب له لإسحق يعقوب، و بارك نسله و كثّره، فكان أمة .. و فى قوله تعالى: «نافِلَةً» - إشارة إلى أن يعقوب لم يولد لإبراهيم، و إنما ولد لابنه إسحق .. فهو ابن ابن له و ليس ابنا .. فهو بهذا نافلة، أي زيادة على الولد الموهوب.
و فى قوله تعالى: «وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ» إشارة إلى أن إسحق و يعقوب لم يكونا مجرد ولدين، بل كانا ولدين صالحين، من عباد اللّه الصالحين، كما كان أبوهما إبراهيم، صالحا من الصالحين ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 920
أي و لم يكونوا صالحين فى أنفسهم و حسب، بل كانوا دعاة صلاح، و أئمة هدى، يدعون الناس إلى الخير، و يهدونهم إلى طريق الفلاح.
و فى قوله تعالى: «يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» إشارة إلى أنهم كانوا رسلا، يوحى إليهم من عند اللّه. و بهذا الوحى يبشرون الناس و ينذرونهم، و يدعونهم إلى الإيمان باللّه و اليوم الآخر، و عمل الصالحات.
و هذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ» أي أن ما أوحاه اللّه إليهم هو فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ..
و فى قوله تعالى: «وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ» إشارة إلى أن هؤلاء الرسل لم تلههم دعوة الناس إلى الهدى، عن ذكر، اللّه و لم يصرفهم ذلك عن أن يأخذوا حظهم كاملا من عبادة اللّه، و ذكره فى كل لمحة و خاطرة.
الآيات: (74- 82) [سورة الأنبياء (21): الآيات 74 الى 82]
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 921
التفسير:
لما كان لوط- عليه السلام- هو الذي استجاب لإبراهيم من قومه، و اتّبعه و آمن به، فقد كان من فضل اللّه سبحانه و تعالى عليه، أن اصطفاه للنبوة، و آتاه حكما و علما، إذ كان هو النبتة الصالحة من بين هذا النبت الخبيث كله ..
ثم نجاه اللّه سبحانه و تعالى من العذاب الذي أخذ به قومه و أهلك به قريته، التي كانت تعمل الخبائث، و تأتى المنكر جهارا .. و هكذا ينصر اللّه المتقين من عباده، و يفيض عليهم من كرمه و إحسانه، و يأخذ الظالمين المفسدين بالعذاب البئيس، جزاء بما كانوا يعملون ..
قوله تعالى:
«وَ نُوحاً» معطوف على «لُوطاً» و هو عطف حدث على حدث، و قصة
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 922
على قصة .. و التقدير و نذكر نوحا إذ نادى ربه من قبل هذا الزمن الذي كان فيه هؤلاء الأنبياء .. إبراهيم، و لوط، و موسى، و هرون .. «فَاسْتَجَبْنا لَهُ» أي أننا استجبنا دعاءه الذي دعانا به، على قومه ..
و دعاء نوح على قومه، هو ما ذكره اللّه سبحانه و تعالى فى قوله: «فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ» (10: القمر) و فى قوله سبحانه: «وَ قالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» (26: نوح).
و قد استجاب اللّه سبحانه و تعالى لنوح، فأهلك قومه جميعا بالغرق، و نجاه هو و من آمن معه، و ما آمن معه إلا قليل ..
و «الْكَرْبِ الْعَظِيمِ» : هو الطوفان ..
و فى قوله تعالى: «وَ نَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» - جاء حرف الجرّ «من» بدلا من «على» الذي يقتضيه الفعل، فإن «نصر» يتعدّى بعلى لا بمن تقول نصرت فلانا على فلان .. و ذلك لأن الفعل هنا تضمّن، معنى الانتقام و الانتصاف لنوح من قومه، إذ كانوا هم الذين اعتدوا عليه، و بادءوه بالسفاهة، و توعدوه بالسوء، و تهددوه بالرجم- فكان نصر اللّه له انتصافا لنوح منهم، و انتقاما له من عدوانهم عليه .. و على هذا يكون معنى قوله تعالى: «وَ نَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» أي أخذنا له بحقه من القوم الذين كذبوا بآياتنا، و اعتدوا على رسولنا، و انتصفنا له منهم.
و لو جاء النظم القرآنى على ما يقضى به مطلوب الفعل «نصر» فكان النظم هكذا «نَصَرْناهُ» على القوم الذين كذبوا بآياتنا، لما أعطى الفعل هذا المعنى الذي أفاد النصر، و الانتقام معا، و الذي دلّ على أن القوم كانوا معتدين، ظالمين .. و لوقف بمعنى النصر عند حدود هذا المعنى المجرد، الأمر الذي يمكن أن يفهم منه النصر على أنه نصر بين متخاصمين، لا يعرف منهما المحقّ من المبطل
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 923
منهما .. و كثيرا ما ينتصر المبطل، و يهزم المحق، فى مرحلة من مراحل الصراع الدائر بين الحقّ و الباطل! فسبحان من هذا كلامه، الذي لو اجتمعت الإنس و الجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا ..
قوله تعالى:
نفشت فيه غنم القوم: أي عاثت فيه فسادا، و انطلقت ترعى بغير ممسك يمسك بها على مكان معين من الحرث .. و أصل النفش: الانتشار، و منه قوله تعالى: «كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ» .. و الحرث: هو الزرع، الذي هيئت له الأرض و حرثت، و بذر فيها الحب .. و ليس هو الزرع الذي ينبت من غير جهد إنسانى.
و داود و سليمان، هما النبيان الكريمان، من ذرية إبراهيم، و من أبناء يعقوب .. و داود هو الأب، و سليمان هو الابن.
و هذه الآية الكريمة تمسك بحدث من الأحداث التي وقعت لداود و سليمان .. و كان داود فى مجلس الحكم و الفصل بين الناس، فيما يقع بينهم من خصومات.
و قد ذكر القرآن الكريم لداود قصة أخرى من قصص الفصل فى الخصومات و هى قصة الأخوين اللذين كان لأحدهما نعجة و للآخر تسع و تسعون نعجة ..