کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1035
«لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» .
الضمير فى «فِيها» يعود إلى قوله تعالى: «ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» على اعتبار أن من هذه الشعائر بهيمة الأنعام، المساقة هديا إلى بيت اللّه ..
و المعنى، أن ما يساق إلى البيت الحرام من هدى، هو أمانة فى أيدى أصحابه، و أن لهم أن ينتفعوا به الانتفاع الذي لا يسوءه و لا يتضرر منه .. كالانتفاع بلبنه مثلا ..
و فى قوله تعالى: «ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» تذكرة بالجهة التي سيهدى إليها هذا الهدى، و أن ذلك من شأنه أن يجعل لهذا الهدى حرمة و رعاية خاصة .. إذ كان آخذا طريقه إلى بيت اللّه، مع الآخذين طريقهم إليه، فله حرمة ينبغى أن تؤدّى، و له ذمام يجب أن يرعى .. فهو بعض وفد اللّه إلى، بيت اللّه!! و سمّى البيت الحرام بالبيت العتيق، لأنه أول بيت وضع للناس، كما يقول سبحانه و تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ» .. فهذه الأولية، هى فى مقام الإحسان و الخير، سبق له خطره و قدره .. فكلمة عتيق هنا تضاهى كلمة «عريق»، أي هو عريق و قديم فى مقام الخير و الإحسان .. فكما سبق السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار إلى الإسلام، و استحقوا بهذا السبق ما خصّهم اللّه سبحانه و تعالى به من فضل و إحسانه .. فكذلك هذا البيت، إذ كان أول بيت للّه على هذه الأرض، فقد استحق أن يكون أكرم بيوت اللّه على اللّه، و أولاها بالإجلال، و الاحتفاء .. من عباد اللّه
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1036
الآيات: (34- 37) [سورة الحج (22): الآيات 34 الى 37]
التفسير:
قوله تعالى:
المنسك: اسم مكان، يؤدّى فيه النسك .. و النّسك: هو ما افترض اللّه على عباده من قربات يتقربون بها إليه.
و المخبتين: المطيعين، المطمئنين، الذين يؤدون أوامر اللّه فى رضا و اطمئنان ..
و المعنى: أن اللّه سبحانه و تعالى جعل لكل أمة «مَنْسَكاً» أي معلما من
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1037
معالم دينهم، يدعون فيه إلى التقرب إلى اللّه بالذبائح، و ذكر اسمه عليها عند ذبحها، ليذكروا بذلك فضله عليهم، فيما رزقهم من بهيمة الأنعام، ينتفعون بها في وجوه كثيرة .. كما يقول سبحانه: «وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً» (5- 8: النحل).
- و فى قوله تعالى: «فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» إشارة إلى أن المناسك، و الشعائر، و العبادات التي تعبّد اللّه بها عباده على لسان رسله- و إن اختلفت صورا و أشكالا- هى من دين اللّه، و هى طريق عباده إلى طاعته و رضاه .. و أن هذا الاختلاف فى صورها و أشكالها، لا يجعل منها سببا إلى الاختلاف بين المؤمنين باللّه .. فكلهم يعبدون إلها واحدا، و من شأنهم، أن يكونوا أمة واحدة.
- و قوله تعالى: «فَلَهُ أَسْلِمُوا» هو دعوة للمؤمنين أن يسلموا وجوههم للّه، و أن ينقادوا له، ثم هو دعوة لأهل الكتاب أن يدخلوا فى دين اللّه، و هو الإسلام، إن كانوا مؤمنين باللّه حقا .. فما الإسلام إلا دين اللّه، الذي اجتمع فيه ما تفرق منه فى الأمم السابقة ...
- و قوله تعالى: «وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ» هو استدعاء، و إغراء للذين لم يمتثلوا بعد هذا الأمر- أن يسلموا للّه وجوههم، و أن يدخلوا فى دينه، ليكونوا ممن لهم البشرى فى الحياة الدنيا و فى الآخرة ...
قوله تعالى:
«الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ الصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1038
وَ الْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» .
هو صفة للمخبتين، الذين وعدهم اللّه بالبشريات المسعدة، فى الدنيا و الآخرة.
فمن صفات هؤلاء المخبتين، أنهم إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم لذكره، و حضرتهم حال من الرهبة و الخشية لجلال اللّه و عظمته.
ثم إنهم لإيمانهم باللّه، هذا الايمان الذي يملا قلوبهم جلالا و خشية- صابرون على ما أصابهم و يصيبهم من بلاء، فإن الجزع ليس من صفات المؤمنين، لأن الجزع لا يجىء إلا من شعور بأن ليس وراء الإنسان قوة تسنده و تعينه و تكشف ضرّه .. أما المؤمن، فإنه إذا ابتلى بأعظم ابتلاء، لا يجزع، و لا يكرب، و لا يخور، بل يحتمل صابرا، و يثبت للمحنة، و هو على طمع فى رحمة اللّه أن ينكشف ضره، و يدفع بلواه .. ثم إن هؤلاء المخبتين يقيمون الصلاة، و يؤدونها فى خشوع و خضوع، إذ هى التي تصل المؤمن بربه، و تعمر قلبه بالإيمان به .. و من هنا كان الصبر هو الثمرة الطيبة التي تثمرها الصلاة، كما يقول سبحانه: «وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» .
و قدّم الصبر على الصلاة، لأنه مطلوب لها، حيث لا تؤدّى كاملة إلا مع الصبر، فإذا أدّيت كانت هى نفسها رصيدا كبيرا تزيد به حصيلة الصبر فى كيان المؤمن .. ثم إن هؤلاء المخبتين لا يمسكون رزق اللّه الذي رزقهم، فى أيديهم، و لا يحبسونه على أنفسهم، بل ينفقون منه فى وجوه البرّ، و يرزقون عباد اللّه مما رزقهم اللّه .. إذ أنهم ينفقون ما فى أيديهم، و هم على رجاء من أن اللّه يرزقهم، و يكفل لهم ما يكفل للطير و الدواب من رزق .. «فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ» .
قوله تعالى:
«وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1039
البدن: جمع بدنة، و هى الناقة، و سميت بدنة لعظمها و ضخامتها ..
و الصّوافّ: جمع صافّة، و صافّ .. و المراد به السكون، و منه قوله تعالى «وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ» أي صفّت أجنحتها، و سكنت، و ذلك حين تفرد أجنحتها فى الجو، و تتوقف عليلا عن الطيران ..
وجبت جنوبها: أي سقطت على الأرض.
القانع: من لا يسأل .. و المعتر: من يتعرض للسؤال مستجديا.
و المعنى: أن هذه البدن، أي الإبل، جعلها اللّه من شعائره، حيث تساق هديا إلى بيته الحرام، و جعل فيها خيرا للناس، بما ينتفعون به منها، فى حمل الأمتعة، و ركوبها، و الانتقال بها، و الانتفاع بألبانها و أوبارها، و لحومها ..
- و قوله تعالى: «فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ» أي إذا أردتم نحرها، فاذكروا اسم اللّه عليها، قبل أن نحرها، ثم ليكن ذبحها و هى صوافّ، أي فى حال وقوفها، و ثباتها، و صفّ قوائمها .. و ذلك أن الإبل تنحر و هى واقفة. على خلاف غيرها من الحيوان.
- و قوله تعالى: «فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ» أي أنها إذا نزفت دماؤها، و سقطت على الأرض، جثّة هامدة- أصبحت صالحة للأكل .. فكلوا منها، و أطعموا القانع، الذي لا يسأل، و المعترّ الذي يسأل، فهى نعمة من نعم اللّه، جعلها اللّه فى أيديكم، و سخرها لكم،
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1040
فاشكروا له، بهذا البذل، الذي تبذلونه من لحومها، لمن ترون أنه محتاج، و لو لم يسأل ..، و كذلك غير المحتاج من أهل و أصدقاء ..
قوله تعالى:
أي أن هذه البدن التي تقدمونها قربانا، و، تطعمون منها و تطعمون، هى فى الواقع نفع خالص لكم .. فليس للّه سبحانه و تعالى- و هى من عطاياه- شىء منها، و ليس فى تقديمها قربانا للّه، و إطعام من تطعمون منها- ما يصل إلى اللّه منه شىء .. فهذا كل شىء منها هو بين أيديكم: لحمها قد أكلتموه، و دمها قد أريق على الأرض .. و مع هذا فهى قربان لكم، تتقربون به إلى اللّه، و تثابون عليه.
- و قوله تعالى: «وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ» إشارة إلى أنه ليس المقصود من هذه الهدايا ذبحها، و أكل لحمها .. و إنما المراد أولا و بالذات، هو امتثالكم لأمر اللّه، و إمضاء دعوته، فيما يدعوكم إليه، من التضحية بشىء عزيز عليكم، حبيب إلى نفوسكم، و بهذا تحسبون فى أهل التقوى من عباد اللّه .. و هذا هو الذي يناله اللّه منكم، و يتقبله من أعمالكم .. إنه التعبّد للّه، و الولاء له، و الاستجابة لأمره ..
و فى التعبير عن تقبّل اللّه سبحانه و تعالى للطاعات من عباده «بالنيل»- تفضّل من اللّه سبحانه و تعالى على عباده المتقين، و إحسان مضاعف منه إليهم، إذ جعل طاعتهم، و تعبدهم له- إحسانا منهم إليه، سبحانه و تعالى .. و هذا شبيه بقوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً»* (245: البقرة).
فهو سبحانه و تعالى- فضلا و كرما و إحسانا منه- يعطى، و يقترض ممن أعطاه!
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1041
ألا خسىء و خسر الذين يضنون بما فى أيديهم عن البذل و العطاء، من عطاء اللّه، فى سبيل اللّه ..!
الآيات: (38- 41) [سورة الحج (22): الآيات 38 الى 41]
التفسير:
قوله تعالى:
«إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ» .
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة دعت إلى تعظيم شعائر اللّه و مناسكه، و إلى ذكر اسم اللّه على بهيمة الأنعام، و إلى إطعام القانع و المعترّ منها ..