کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1038
وَ الْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» .
هو صفة للمخبتين، الذين وعدهم اللّه بالبشريات المسعدة، فى الدنيا و الآخرة.
فمن صفات هؤلاء المخبتين، أنهم إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم لذكره، و حضرتهم حال من الرهبة و الخشية لجلال اللّه و عظمته.
ثم إنهم لإيمانهم باللّه، هذا الايمان الذي يملا قلوبهم جلالا و خشية- صابرون على ما أصابهم و يصيبهم من بلاء، فإن الجزع ليس من صفات المؤمنين، لأن الجزع لا يجىء إلا من شعور بأن ليس وراء الإنسان قوة تسنده و تعينه و تكشف ضرّه .. أما المؤمن، فإنه إذا ابتلى بأعظم ابتلاء، لا يجزع، و لا يكرب، و لا يخور، بل يحتمل صابرا، و يثبت للمحنة، و هو على طمع فى رحمة اللّه أن ينكشف ضره، و يدفع بلواه .. ثم إن هؤلاء المخبتين يقيمون الصلاة، و يؤدونها فى خشوع و خضوع، إذ هى التي تصل المؤمن بربه، و تعمر قلبه بالإيمان به .. و من هنا كان الصبر هو الثمرة الطيبة التي تثمرها الصلاة، كما يقول سبحانه: «وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» .
و قدّم الصبر على الصلاة، لأنه مطلوب لها، حيث لا تؤدّى كاملة إلا مع الصبر، فإذا أدّيت كانت هى نفسها رصيدا كبيرا تزيد به حصيلة الصبر فى كيان المؤمن .. ثم إن هؤلاء المخبتين لا يمسكون رزق اللّه الذي رزقهم، فى أيديهم، و لا يحبسونه على أنفسهم، بل ينفقون منه فى وجوه البرّ، و يرزقون عباد اللّه مما رزقهم اللّه .. إذ أنهم ينفقون ما فى أيديهم، و هم على رجاء من أن اللّه يرزقهم، و يكفل لهم ما يكفل للطير و الدواب من رزق .. «فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ» .
قوله تعالى:
«وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1039
البدن: جمع بدنة، و هى الناقة، و سميت بدنة لعظمها و ضخامتها ..
و الصّوافّ: جمع صافّة، و صافّ .. و المراد به السكون، و منه قوله تعالى «وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ» أي صفّت أجنحتها، و سكنت، و ذلك حين تفرد أجنحتها فى الجو، و تتوقف عليلا عن الطيران ..
وجبت جنوبها: أي سقطت على الأرض.
القانع: من لا يسأل .. و المعتر: من يتعرض للسؤال مستجديا.
و المعنى: أن هذه البدن، أي الإبل، جعلها اللّه من شعائره، حيث تساق هديا إلى بيته الحرام، و جعل فيها خيرا للناس، بما ينتفعون به منها، فى حمل الأمتعة، و ركوبها، و الانتقال بها، و الانتفاع بألبانها و أوبارها، و لحومها ..
- و قوله تعالى: «فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ» أي إذا أردتم نحرها، فاذكروا اسم اللّه عليها، قبل أن نحرها، ثم ليكن ذبحها و هى صوافّ، أي فى حال وقوفها، و ثباتها، و صفّ قوائمها .. و ذلك أن الإبل تنحر و هى واقفة. على خلاف غيرها من الحيوان.
- و قوله تعالى: «فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ» أي أنها إذا نزفت دماؤها، و سقطت على الأرض، جثّة هامدة- أصبحت صالحة للأكل .. فكلوا منها، و أطعموا القانع، الذي لا يسأل، و المعترّ الذي يسأل، فهى نعمة من نعم اللّه، جعلها اللّه فى أيديكم، و سخرها لكم،
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1040
فاشكروا له، بهذا البذل، الذي تبذلونه من لحومها، لمن ترون أنه محتاج، و لو لم يسأل ..، و كذلك غير المحتاج من أهل و أصدقاء ..
قوله تعالى:
أي أن هذه البدن التي تقدمونها قربانا، و، تطعمون منها و تطعمون، هى فى الواقع نفع خالص لكم .. فليس للّه سبحانه و تعالى- و هى من عطاياه- شىء منها، و ليس فى تقديمها قربانا للّه، و إطعام من تطعمون منها- ما يصل إلى اللّه منه شىء .. فهذا كل شىء منها هو بين أيديكم: لحمها قد أكلتموه، و دمها قد أريق على الأرض .. و مع هذا فهى قربان لكم، تتقربون به إلى اللّه، و تثابون عليه.
- و قوله تعالى: «وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ» إشارة إلى أنه ليس المقصود من هذه الهدايا ذبحها، و أكل لحمها .. و إنما المراد أولا و بالذات، هو امتثالكم لأمر اللّه، و إمضاء دعوته، فيما يدعوكم إليه، من التضحية بشىء عزيز عليكم، حبيب إلى نفوسكم، و بهذا تحسبون فى أهل التقوى من عباد اللّه .. و هذا هو الذي يناله اللّه منكم، و يتقبله من أعمالكم .. إنه التعبّد للّه، و الولاء له، و الاستجابة لأمره ..
و فى التعبير عن تقبّل اللّه سبحانه و تعالى للطاعات من عباده «بالنيل»- تفضّل من اللّه سبحانه و تعالى على عباده المتقين، و إحسان مضاعف منه إليهم، إذ جعل طاعتهم، و تعبدهم له- إحسانا منهم إليه، سبحانه و تعالى .. و هذا شبيه بقوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً»* (245: البقرة).
فهو سبحانه و تعالى- فضلا و كرما و إحسانا منه- يعطى، و يقترض ممن أعطاه!
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1041
ألا خسىء و خسر الذين يضنون بما فى أيديهم عن البذل و العطاء، من عطاء اللّه، فى سبيل اللّه ..!
الآيات: (38- 41) [سورة الحج (22): الآيات 38 الى 41]
التفسير:
قوله تعالى:
«إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ» .
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة دعت إلى تعظيم شعائر اللّه و مناسكه، و إلى ذكر اسم اللّه على بهيمة الأنعام، و إلى إطعام القانع و المعترّ منها ..
و هذا لا يقوم على تعظيمه و الوفاء به، إلّا أهل الإيمان و التقوى- فناسب هذا أن يذكر ما للمؤمنين المتقين عند اللّه من فضل و إحسان، و أنهم جند اللّه، يدافع اللّه عنهم، و ينصرهم ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1042
- و فى قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا» .. إشارة إلى أن المؤمنين معرضون للابتلاء من أعداء اللّه، الذين يكيدون لهم، و يريدونهم على أن يكونوا معهم، و ألا يخرجوا عن طريقهم. و لكن اللّه سبحانه و تعالى «يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا» فيربط على قلوبهم، و يثبت أقدامهم على طريق الهدى، و يمدهم بالصبر على احتمال المكروه .. و هذا أشبه بالدروع الحصينة التي تتكسر عليها ضربات أهل الباطل و الكفر .. إنها أمداد من اللّه، و أدوات من أدوات الدفاع .. ثم ينتهى الأمر بانحسار جبهة الضلال، و اندحار أهله، و غلبة الإيمان و انتصار المؤمنين: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» (21: المجادلة).
و أنت ترى. أن دفاع اللّه عن المؤمنين، إنما يكون و المؤمنون فى مواطن الإيمان، و فى ميدان المعركة.
و هذا يعنى أن المؤمن الذي يستسلم لعدوّ اللّه و عدوّ المؤمنين، لا يكون فى ميدان المعركة، و من ثمّ فلا يكون من اللّه دفاع عنه، إذ لا معركة قائمة بينه و بين عدوّه ..
و من هنا، كان واجبا على المؤمن الذي يطمع فى دفاع اللّه عنه، ألا يلقى السلاح.
من يده، و ألا يفرّ من الميدان .. سواء أ كان ذلك ميدان حرب، أو ميدان رأى، و دعوة إلى اللّه ..
- و قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ» - هو تهديد للكافرين، الذين خانوا عهد اللّه و ميثاقه الذي واثقهم به و هم فى أصلاب آبائهم، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى شَهِدْنا» (172: الأعراف).
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1043
ثم إنهم بعد هذا قد كفروا بما جاءهم من آيات اللّه على يد رسله، و كذبوا بها ..
فهم لهذا فى معرض السخط من اللّه .. «لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (174: البقرة).
قوله تعالى:
«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» ..
أذن لهم: أي أبيح لهم القتال، دفاعا عن النفس ..
أي أن اللّه سبحانه و تعالى، قد أذن المسلمين الذين بدأهم أعداؤهم و أعداء اللّه بالقتال- قد أذن لهم أن يقاتلوا، و أن يدفعوا يد البغي و العدوان عنهم ..
فهذا قتال مشروع، بل إنه واجب، إذ كان فيه تقليم لأظفر الطغيان و خضد لشوكة الطغاة .. و اللّه سبحانه و تعالى يقول: «وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ» (179: البقرة) و يقول: «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» (194: البقرة) ..
أما الاستسلام للبغى، و السكوت على الظلم، فهو تمكين للشرّ، و تدعيم لبنائه، و إطلاق ليده، يضرب بها كيف يشاء فى مواقع الحق، و مواطن الخير ..
إن البغي، و الظلم، و العدوان .. كلها وجوه منكرة من وجوه المنكر، و مطلوب من كل مؤمن باللّه أن يدفع المنكر بكل ما ملكت يده، و وسع جهده ..
و قتال المؤمنين، و العدوان عليهم، بإراقة دمائهم و إزهاق أرواحهم، هو أنكر المنكر، و إنه لفرض على كل مؤمن أن يردّ هذا المنكر، و يخمد
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1044
أنفاسه، و يقدم نفسه قربانا للّه فى سبيل الدفاع عن دين اللّه، و عن ينابيع الرحمة و الخير المتدفقة منه.
- و فى قوله تعالى: «بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» هو تعليل للإذن الذي أذن فيه للمؤمنين بالقتال ..
و المعنى: أنه قد أذن اللّه للذين يقاتلون أن يقاتلوا من يقاتلهم، بسبب أنهم ظلموا بالتعدّى عليهم، و بمبادأتهم بالقتال .. فهو قتال دفاع منهم، لا قتال هجوم .. و لهذا، فإنهم مؤيّدون بنصر اللّه، «وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» .
إذ في يده سبحانه القوى كلها، و إنه لا غالب للّه .. و فى هذا تحريض للمظلوم- و إن كان ضعيفا- أن ينتصف ممن ظلمه، فإنه على وعد بنصر اللّه له.
قوله تعالى:
هو بيان الحال هؤلاء الذين أذن اللّه لهم أن يقاتلوا .. فقوله تعالى: