کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1339
النبىّ برأيه، و تحول بالمسلمين إليه .. فكان المنزل المبارك، الذي هبت على المسلمين ريح النصر منه!! فمخالفة الرسول هنا ليست لمجرد المخالفة، و إنما هى للنصح للمسلمين، أو لنصح المرء لنفسه و لدينه، حتى لا يكون فى صدره حرج مما يؤمر به! و بذلك تطيب نفس المسلم، و يسلم له دينه، و يتضح له طريقه، و من هنا يقوم بينه و بين معتقده ألفة و حب، حيث لا يدخل عليه شىء لم يرضه، و يعتقده، عن إيمان و اقتناع ..
قوله تعالى:
بهذه الآية تختم السورة الكريمة، مضيفة هذا الوجود كله إلى اللّه سبحانه و تعالى، الذي أوجده، و أقامه على سنن، و أخذه بنظام حكيم، لا يتخلف عنه أبدا. و الإنسان هو بعض ما للّه- هو جزء من هذا الوجود .. و هذه الأحكام و الشرائع التي سنها اللّه سبحانه و تعالى للإنسان، و بين له فيها الطريق الذي يسلكه، و الطرق التي يجتنبها- هى من سنن هذا الوجود، و فى خروج الإنسان عن أمر اللّه خروج على هذه السنن، و انحراف عن الوضع السليم الذي يجب أن يكون عليه، الأمر الذي يعرّضه للعزلة عن هذا الوجود، و يلقى به بعيدا عن دائرة الأمن و السلامة .. و من هنا يجىء شقاؤه فى الدنيا و الآخرة جميعا ..
و فى قوله تعالى: «قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ» تحذير للمخالفين للّه، الخارجين على سننه، المتمردين على أوامره تحذير لهم من عقابه الراصد، و عذابه الأليم ..
لأنه سبحانه يعلم كل شىء، و يعلم من الإنسان ما يخفى و ما يعلن، و ما هو عليه
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1340
من صلاح و فساد، و طاعة و عصيان، و استقامة و انحراف .. و قد هنا، للتحقيق و التوكيد ..
- و قوله تعالى: «وَ يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» هو جواب لسؤال يرد على الخواطر، بعد الاستماع إلى قوله تعالى: «قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ» ، و هو: ما وراء هذا العلم الذي علمه اللّه سبحانه و تعالى من الناس و أعمالهم؟
- و فى قوله تعالى: «وَ يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» . إشارة إلى جواب هذا السؤال، و هو أنهم سيحاسبون على هذه الأعمال، كبيرها و صغيرها، فى الدنيا و الآخرة .. أما فى الدنيا فيكون الحساب و الجزاء من غير أن يحضروا هذا الحساب، أو أن يعرفوا سبب هذا الجزاء الذي يجزون به .. و أما فى الآخرة، و يوم يرجعون إلى اللّه فينبئهم بما عملوا، حيث يرون كل ما عملوه حاضرا، فيعرف كل عامل ما عمل، و ما لعمله من ثواب أو عقاب .. كما يقول سبحانه: «يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» (6- 8 الزلزلة) و كما يقول جل شأنه: «وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً» .. (13، 14: الإسراء).
و هذا هو بعض السر فى الانتقال من الخطاب: «قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ» إلى الغيبة: «وَ يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» .. و كان النظم يقضى بأن يجىء هذا المقطع من الآية الكريمة هكذا: «و يوم ترجعون إليه فينبئكم بما عملتم» .. و ذلك لأن الخطاب بعلم اللّه سبحانه و تعالى بما عليه الناس من خير أو شر- هو خطاب عام، موجه إلى الناس جميعا .. أما قوله تعالى: «وَ يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» فهو موجه إلى المكذبين بهذا اليوم، الذين لا يرجون لقاء اللّه، و لكن على طريق الإيماء، و ذلك بتوجيه الحديث
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1341
- الذي هو من شأنهم- إلى غيرهم، من المؤمنين الذين يؤمنون باليوم الآخر، و ما يلقى الناس فيه .. و كأنهم بهذا غير أهل لأن يخاطبوا .. و أنه إذا كان ثمة حديث «إليهم»، فليوجه إلى غيرهم، ممن هم أهل لأن يسمعوا، و يعقلوا، و أنه إذا كان لهؤلاء المكذبين بهذا الحديث، عودة إلى أنفسهم، و إلى النظر فى هذا الحديث، فليأخذوه من أهله ..
«وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» .
هذا، و اللّه أعلم ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1342
25- سورة الفرقان
نزولها: مكية .. باتفاق ..
عدد آياتها: سبع و سبعون آية ..
عدد كلماتها: ثمانمائة و اثنتان و سبعون كلمة ..
عدد حروفها: ثلاثة آلاف، و سبعمائة و ثلاثون حرفا ..
مناسبتها لما قبلها
كانت سورة «النور» التي تسبق هذه السورة، نورا من نور الحق جلّ و علا، سطع نورها في آفاق المجتمع الإسلامي، فجلا كل غاشية، و فضح كل ضلال و بهتان.
و كانت «سورة الفرقان» مكملة لهذه السورة، إذ قد استفتحت بتمجيد اللّه، الذي أفاض على عباده هذا الخير الكثير المبارك، بما نزّل من آيات بينات على نبيّه الكريم .. هى الفرقان، بين الحق و الباطل، و الهدى و الضلال، و النور و الظلام.
فكان النور المشع من سورة النور كاشفا للشّبه، مجليا للشكوك و الريب، مقيما أمر المسلمين على نور مبين .. و هذا النور الذي معهم من آيات اللّه، هو «الفرقان» الذي يفرقون به بين الحق و الباطل، و بين الهدى و الضلال!.
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1343
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الآيات: (1- 6) [سورة الفرقان (25): الآيات 1 الى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
التفسير:
قوله تعالى:
«تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً» .
تبارك: عظمت بركته، و كثر حيره و فضله ..
و المراد بهذا الخبر، الثناء على اللّه سبحانه، و تعالى .. و هو ثناء من ذاته لذاته، جلّ و علا .. و من حقّه على عباده أن يثنوا عليه، كما أثنى سبحانه على نفسه .. و قد كان من دعاء الرسول صلوات اللّه عليه، و تسبيحه بحمد ربه، قوله:
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1344
«سبحانك .. لا أحصى ثناء عليك .. أنت كما أثنيت على نفسك» .. و الثناء على اللّه سبحانه، من ذاته، أو من مخلوقاته، في هذا المقام، إنما هو شعور بعظم المنّة العظيمة، التي كانت بنزول القرآن، و ما في هذا القرآن من رحمة، و هدى للعالمين ..
- و قوله تعالى: «الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ» - هو وصف للّه سبحانه و تعالى، يكشف عن بعض إحسانه و فضله، الذي استحق به التمجيد، و التبريك ..
- و في قوله تعالى: «نَزَّلَ» بدلا من «أنزل» إشارة إلى أن ما نزل على النبىّ من آيات ربّه، لم ينزل جملة واحدة، و إنما نزل نجوما مفرّقة .. و ذلك لحكمة عالية، كشف عنها سبحانه و تعالى في ردّه على الكافرين و الضالين، الذين قالوا: «لو لا نزّل عليه القرآن جملة واحدة؟» فقال سبحانه: «كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا* وَ لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً» (32- 33: الفرقان).
و في تسمية القرآن «فرقانا» إشارة إلى أن ما يحمل القرآن من هدى و نور، يفرق به العاملون به، بين الحقّ و الباطل، و الخير و الشر، و الهدى و الضلال ..
- و في قوله تعالى: «عَلى عَبْدِهِ» تكريم للنبىّ الكريم، و إدناء له من ربّه، بإضافته إلى ذاته سبحانه و تعالى .. و وصفه- صلوات اللّه و سلامه عليه- بالعبودية للّه، رفع لمقامه و تشريف لقدره، و أنه هو الإنسان الذي يستحقّ هذه الصفة وحده من عباد اللّه ..
فلم يذكر القرآن الكريم عبدا من عباد اللّه، أو رسولا من رسله،
التفسير القرآنى للقرآن، ج9، ص: 1345
مضافا إلى الذات العليّة إلا «محمدا» صلوات اللّه و سلامه و رحمته و بركاته عليه ..
لقد جاء وصف العبد لعيسى عليه السلام، و لكن غير مضاف إلى ذات اللّه، فقال تعالى: «إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ» (59: الزخرف) و جاء وصف زكريا بأنه عبد، و قد أضيف إلى ضمير الذات، و لم تطلق هذه الإضافة، بل قيّدت بذكر اسم زكريّا .. فقال تعالى: «ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا» (2: مريم).
و بهذا لم تخلص له الإضافة على إطلاقها ..
كذلك أضيف كثير من الأنبياء بصفة العبودية، إلى ضمير الذات، و لكن قيّدت هذه الإضافة بذكر أسمائهم، بعدها، كما في قوله تعالى: «وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ» (41: ص).
و قوله سبحانه: «وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ» (45: ص).
و أكثر من هذا، فإن «محمدا» صلوات اللّه و سلامه عليه قد تكرر ذكره في القرآن الكريم، مضافا إلى ذات اللّه سبحانه و تعالى بوصف العبودية، و لم تقيّد هذه الإضافة في أية مرة، بذكر اسمه، أو صفته بعدها، بل ترسل الإضافة، هكذا في كل مرة، على إطلاقها، و ذلك مما يؤكّد المعنى الذي ذهبنا إليه، و هو إفراد «محمد» صلوات اللّه و سلامه عليه، بهذه المنزلة بين عباد اللّه جميعا .. و أنه عبده، الخالص من بين العبيد جميعا.