کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 933
قوله تعالى:
* «وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ» أي أن القمر يأخذ كل ليلة منزلا من الأرض، على مدى شهر قمرى، ففى أوسط منازله يبدو قمرا منيرا، يغمر نور الشمس وجهه كله المواجه للأرض، المتوسطة بينه و بين الشمس، فيرى بدرا كاملا، ثم يرجع إلى الوراء منزلة كل ليلة، و ذلك لبطء دورانه عن دوران الأرض، فيقلّ مع كل ليلة أو منزلة، الوجه المقابل منه للشمس، و يظل يتناقص شيئا فشيئا مدة نصف شهر قمرى، حتى يكون وجهه المواجه للأرض متوسطا بين الأرض و الشمس، و هنا يكون وجهه المواجه للشمس مضيئا بضوئها، على حين يكون وجهه المواجه للأرض معتما، فإذا نزل منزلته فى آخر ليلة لم ير من وجهه شىء، و سمى محاقا، لأن نوره الذي كان يبدو منه قد محق .. ثم يبدأ يولد من جديد .. فإذا كانت الليلة الأولى أو المنزلة الأولى لمولده، لم ير منه إلا قوس صغير، أشبه بقلامة الظّفر، و يسمى هلالا، غائرا فى الشفق، فيختلط الضوء القليل الذي يبدو منه بحمرة الشفق، فيكون له تلك الصورة التي صورها له القرآن الكريم أدق تصوير و أروعه، حين شبهه بالعرجون القديم ..
و العرجون، هو عذق النخلة، الذي يحمل النمر، و منه تتدلى عناقيد النمر، و لونه أصفر، فإذا جفّ، و طال عليه الزمن تقوس شكله و صار لونه ضاربا إلى الحمرة الداكنة .. و هذه التحركات و التغيرات التي تظهر على وجه القمر ليلة بعد ليلة، جديرة بأن تستثير التفكير و التأمل، و أن تدعو العقل إلى النظر فيما وراء هذه المنظر الظاهر للقمر، إلى وضعه فى المجموعة الشمسية، و إلى صلته بالأرض، و إلى إمكان الوصول إليه، و لو على سبيل الفرض أولا، ثم اتخاذ الأسباب التي يمكن تحقيق هذا الفرض بها .. إن الملاحظة للشىء، هى الطريق الطبيعي
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 934
للكشف عن حقيقته .. و ليس مثل هذا العرض الذي عرضه القرآن الكريم للقمر داعية إلى الملاحظة و التأمل، لو أن ذلك وجد همما متطلعة، و عزائم جادة ..!! قوله تعالى:
* «لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» أي أن من قدرة اللّه سبحانه و تعالى، و من إحكام علمه، أن أجرى هذه العوالم بعلمه، و سخّرها بقدرته، و أقامها على نظام محكم، و أجراها فى مجار لا تتعداها .. فلا يصطدم بعضها ببعض، و لا يأخذ بعضها من بعض وضعا غير الذي أقامه اللّه فيه .. فلا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر. فهى مع سرعتها المذهلة، التي تبلغ ألوف المرّات بالنسبة لسرعة القمر فإنها لا تدركه ..
فهى لها فلك تدور فيه، كما للقمر فلكه الذي يدور فيه ..
و كما أن الشمس لا تدرك القمر، كذلك الليل لا يسبق النهار، إنهما يجريان بحيث يتبع أحدهما الآخر، دون أن يسبقه .. «وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» ،.
و جعل الليل وراء النهار، لأن النهار أسبق من الليل هى دورة الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق .. فالأرض فى دورانها حول نفسها من الغرب إلى الشرق، إنما تجرى نحو النور، و من وراء النور الظلام .. فالنور دائما أمام الظلام، و هما معا فى حركة و جريان. فالآية الكريمة تشير إلى حركة الأرض و إلى دورانها حول نفسها من الغرب إلى الشرق ..
و استعمل مع هذه العوالم ضمير العقلاء- إشارة إلى هذا النظام المحكم
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 935
الممسك بها، و الذي يقيمها على طريق مستقيم، كما يقيم العقل السليم صاحبه على طريق مستقيم ..
قوله تعالى:
* «وَ آيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ» .
أي و من آياتنا التي نعرضها على هؤلاء المشركين، و التي تحمل إليهم الدلائل على قدرتنا، و إحساننا- أننا «حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ» .
و الفلك. يطلق على الواحد و الجمع من السفن، قال تعالى: «فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا» . فهى هنا سفينة واحدة، و قال تعالى: «حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ.» و هى هنا جمع .. و المراد بها فى الآية الجمع كذلك، لأنه وصف بمذكر، و هو قوله تعالى: «الْمَشْحُونِ» ، و عاد عليها الضمير كذلك مذكرا فى قوله تعالى: «وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ» ..
فعومل بهذا معاملة الجنس .. و المشحون: الممتلئ ..
و المراد بالذرية: الأبناء، و هى، تجمع على ذرارى، و ذريات، و أصلها من الذرء، و هو إظهار الشيء، يقال ذرأ اللّه الخلق، أي أوجد أشخاصهم، و الذرأة بياض الشعر .. و فى الإشارة إلى حمل ذرياتهم دون حمل آبائهم إلفات إلى ما تحمل الفلك لهم من فلذات أكباد، و نفائس أموال و أمتعة، فتحفظها، و تصل بها إلى غايتها .. و فى هذا ما يريهم فضل اللّه عليهم، و إحسانه بهم، فقد لا يرى الإنسان فضل النعمة، و لا يقدرها قدرها إذا هى لبسته هو، فإذا رآها فى غيره عرف لها قدرها، و ذكر فضلها ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 936
قوله تعالى:
* «وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ» معطوف على قوله تعالى: «حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ» أي و آية لهم أنا خلقنا لهم من مثل هذا الفلك، مراكب يركبونها فى البر، و هى الإبل التي تسمى سفائن الصحراء، و الخيل، و البغال و الحمير، و غيرها مما يركب، و يحمل عليه ..
قوله تعالى:
* «وَ إِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَ لا هُمْ يُنْقَذُونَ* إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ ..» أي أنه إذا كان من قدرة اللّه أن سخّر الفلك لتجرى فى البحر بأمره، فلا يغرق راكبوهم فإن من قدرته سبحانه أن يغرق هذه السفن، بمن فيها من أولاد و أموال، فلا يجدون من يسمع لهم صراخا، أو يستجيب لهم، أو يقدر على إنقاذهم إن سمع و استجاب .. فهم هلكى لا محالة، إلّا أن تتداركهم رحمة اللّه، و إلا أن تكون لهم بقية من أجل ..
فقوله تعالى: «إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ» استثناء من قوله تعالى:
«فَلا صَرِيخَ لَهُمْ» أي لا ينقذهم منقذ أبدا إلا رحمة اللّه، و ما لهم من أجل لم ينته بعد ..
الآيات: (45- 54) [سورة يس (36): الآيات 45 الى 54]
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 937
التفسير:
قوله تعالى:
* «وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» .
لا تزال الآيات الكريمة، تلقى المشركين بالوعيد و التهديد، بعد أن عرضت عليهم من مشاهد قدرة اللّه ما فيه عبرة لمعتبر، و لكنهم ذوو أعين لا تبصر، و آذان لا تسمع، و قلوب لا تلين ..
فإذا دعوا إلى أن يتقوا اللّه فيما بين أيديهم من نعم، يستقبلونها من اللّه، و ما خلفهم من نعم أفاضها اللّه عليهم، لعلهم ينالون رحمة اللّه، و يدخلون فى عباده المتقين- إذا قيل لهم هذا القول، لم يقفوا عنده، و لم يلتفتوا إليه،
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 938
و مضوا على ما هم عليه من كفر بنعم اللّه و محادّة له ..
و جاء القول بصيغة البناء للمجهول «قِيلَ» ، للإشارة إلى أنهم لا يقبلون هذا القول الذي يدعوهم إلى تقوى اللّه، لا لأن رسول اللّه هو الذي يدعوهم إليه، و إنما لأن طبيعتهم لا تقبله، من أية جهة تأتهم به، و من أي إنسان يدعوهم إليه ..
و حذف جواب الشرط «إذا» لدلالة حالهم عليه .. فهم على إعراض أبدا عن كل خير، و حق، و إحسان ..
و قوله تعالى:
* «وَ ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ» .
هو مما يشير إلى جواب الشرط فى الآية السابقة .. فهو حكم عليهم بأنهم لا يلتقون بآية من آيات ربهم، إلا أعرضوا عنها، مكذبين بها، ساخرين منها ..
قوله تعالى:
و هذه آية من آيات اللّه، تدعوهم إلى خير، و إلى بر و إحسان، بأن ينفقوا مما رزقهم اللّه- فماذا كان جوابهم على هذه الدعوة من صاحب الأمر، و صاحب الرزق؟. كان جوابهم هو:
و هذا جواب خبيث ماكر، يكشف عن كفر غليظ ..
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 939
إنهم فى سبيل الغلب بالمماحكة و الجدل، يؤمنون باللّه، و يؤمنون بمشيئته فى خلقه، و بتصريفه المطلق لكل أمر .. فيقولون ردّا على قول اللّه أو الرسول أو المؤمنين لهم: «أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» - يقولون: «أَ نُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ؟» إن تلك هى مشيئة اللّه فى هؤلاء الجياع الذين ندعى إلى إطعامهم ..
إن اللّه أراد لهم أن يجوعوا، و لو أراد أن يطعمهم لأطعمهم .. فإنه قادر، و خزئنه لا تنفد!! فلم يدعوننا نحن إلى إطعامهم، و هو القادر، و نحن العاجزون، و هو الغنى و نحن الفقراء؟ إن أنتم أيها المؤمنون «إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» ! لا تعرفون اللّه، و لا تقدرونه قدره!!.
و هذا الرد من المشركين، هو ردّ من خذله اللّه، و أضله على علم .. فهم إذ يدعون إلى الإيمان باللّه، لا يسمعون، و لا يعقلون .. و هم إذا دعوا إلى ما تقتضيه دواعى المروءة الإنسانية، من الإحسان إلى إخوانهم الفقراء، يقيمون من اللّه، و من علمه و قدرته حجة كيدية، يبطلون بها الدعوة التي يدعون إليها ..
و لو أنهم كانوا مؤمنين باللّه، معترفين بمشيئته فى خلقه، لاستجابوا لما يدعوهم اللّه إليه، من الإنفاق فى سبيل اللّه ..
و فى الإظهار بدل الإضمار فى قوله تعالى: «قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» بدلا من قالوا- كشف عن الوصف الذي هو ملتصق بهم، و هو الكفر ..
قوله تعالى:
* «وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» .
الوعد: هو يوم القيامة، الذي يعدهم الرسول به، و يدعوهم إلى الاستعداد للقائه.