کتابخانه تفاسیر
التفسير القرآنى للقرآن
الجزء الأول
2 - سورة البقرة
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
3 - سورة آل عمران
4 - سورة النساء
الجزء الثالث
تتمة سورة النساء
5 - سورة المائدة
الجزء الرابع
تتمة سورة المائدة
6 - سورة الأنعام
الآية:(111)[سورة الأنعام(6): آية 111]
7 - سورة الأعراف
الجزء الخامس
تتمة سورة الأعراف
8 - سورة الأنفال
9 - سورة التوبة
الجزء السادس
تتمة سورة التوبة
10 - سورة يونس
11 - سورة هود
12 - سورة يوسف
الجزء السابع
تتمة سورة يوسف
13 - سورة الرعد
14 - سورة إبراهيم
15 - سورة الحجر
16 - سورة النحل
الجزء الثامن
17 - سورة الإسراء
18 - سورة الكهف
19 - سورة مريم
20 - سورة طه
الجزء التاسع
21 - سورة الأنبياء
22 - سورة الحج
23 - سورة المؤمنون(23)
24 - سورة النور
الجزء العاشر
تتمة سورة الفرقان
26 - سورة الشعراء
27 - سورة النمل
28 - سورة القصص
29 - سورة العنكبوت
الجزء الحادي عشر
30 - سورة الروم
33 - سورة الأحزاب
34 - سورة سبأ
35 - سورة فاطر
الجزء الثاني عشر
37 - سورة الصافات
38 - سورة ص
39 - سورة الزمر
40 - سورة غافر
41 - سورة فصلت
الجزء الثالث عشر
42 - سورة الشورى
43 - سورة الزخرف
45 - سورة الجاثية
48 - سورة الفتح
الجزء الرابع عشر
57 - سورة الحديد
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
فهرس الموضوعات، و المباحث، و القضايا التي عالجها هذا التفسير
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1091
و بهذا خرج سليمان من سلطان هذا الملك الذي يفتن به الملوك، و قام على ملك لا تخلص إليه منه فتنة ..!! أو بمعنى آخر، لقد صفّى ملكه من تلك الشوائب التي تجىء منها الفتن، بما وضع اللّه سبحانه و تعالى فى يديه من قوّى يستغنى بها عما يكلف به الملوك رعاياهم، و ما يحملونهم عليه من أمور، يحققون بها أبّهة سلطانهم، و يقيمون عليها عظمة ملكهم، فيكون الظلم و القهر و الاستبداد ..
*** هذه هى قصة سليمان، على هذا التأويل الذي تأولنا عليه آيات اللّه، التي عرضت لهذه القصة .. و هو تأويل، نرجو أن يكون- بتوفيق اللّه- أقرب إلى الصواب، و أدنى إلى موقع الحق .. فإننا لم نر أحدا من المفسرين- فيما بين أيدينا من أمهات كتب التفسير- قد تأول الآيات هذا التأويل، و أقامها على هذا الوجه ..
*** و إنه لا بأس من أن نعرض هنا بعضا من وجوه التأويل التي ذهب إليها المفسرون، حتى ينكشف وجه الخلاف، و يكون للناظر فى تفسيرنا هذا أن يأخذ به، أو يأخذ ما يشاء من تلك المقولات:
فأولا: يذهب أكثر المفسرين لقوله تعالى: «حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ» يذهبون إلى أن الضمير فى «توارت» يعود إلى الشمس، و أن سليمان عليه السلام، شغل باستعراض الخيل، حتى توارت الشمس فى مغربها .. فلما غربت الشمس تنبه إلى أن وقت الصلاة قد فاته، فوقع فى نفسه الندم على هذا
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1092
التفريط فى جنب اللّه، و قال ناعيا على نفسه هذا الذي كان منه: «إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ» !! ثم يختلف المفسّرون بعد هذا فى: هل كانت هذه الخيل خيل زينة، فيكون سليمان بهذا مقصرا فى حق اللّه؟ أم أنها كانت خيلا يعدّها للجهاد فى سبيل اللّه، فلا يكون ذلك محل لوم، كما حدث للمسلمين يوم أحد، حين فاتتهم صلاة العصر ..
و ثانيا: يذهب المفسرون لقوله تعالى: «رُدُّوها عَلَيَّ» إلى أن هذا أمر من سليمان إلى الشمس أن تعود من حيث غربت، فتظهر له على الأفق الغربي من جديد، حتى يؤدى الصلاة التي فاتته، فى وقتها ..
ثم يختلف المفسرون فى هذا الأمر، و هل كان متجها به إلى اللّه، و أن ضمير الجمع للتعظيم، أم أنه أمر اتجه به إلى أعوانه و أتباعه كاللائم لهم أن لم ينبهوه إلى وقت الصلاة، و أن عليهم- و قد قصّروا- أن يعملوا المستحيل لإصلاح ما أفسدوا، و أن يعيدوا الشمس التي غربت!.
و لا يختلف المفسرون الذين يقولون بأن الضمير فى ردوها يعود إلى الشمس- و هم جمهور المفسرين- لا يختلفون فى أن الشمس قد ردّت إليه، فظلت على الأفق الغربي حتى أدى الصلاة فى وقتها ..
و من المفسرين من ذهب إلى أن الشمس لم تردّ، و إنما حبست، عن أن تغرب، و قد لامست الأفق، فظلت فى مكانها حتى أدى الصلاة ..
و لهذا تأويلات و تعليلات أكثر من أن تحصر ..
ثم إنهم يأتون لعودة الشمس من مغربها، أو إمساكها على الأفق بشواهد لمثل هذا الحدث، فى زمن النبوة، و فى غير زمن النبوة-
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1093
تساق إليها كثير من الأحاديث و الأخبار مسندة إلى ابن عباس و غيره من أعلام الصحابة ..
و ثالثا: يذهب المفسرون لقوله تعالى: «فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ» إلى أن سليمان بعد أن تنبه إلى مغيب الشمس، و طلب ردها إليه، اتجه إلى الخيل، و أخذ يضرب بالسيف فى سوقها و أعناقها، ليكفّر بذلك عن خطيئته فى اشتغاله بها حتى فاته وقت الصلاة ..
فهذه الخيل هى التي شغلته، و هى التي يجب أن يتخلص منها، و أن يقدمها قربانا للّه يأكل من لحمها الفقراء و المساكين!.
و لم يسأل الآخذون بهذا الرأى أنفسهم: ما ذنب هذه الخيل حتى تلاقى هذا المصير، و هى فى موضع الاحتفاء و التكريم؟.
و رابعا: اختلف المفسرون فى تأويل قوله تعالى: «وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً» ..
فمن قائل، إن سليمان قال لنفسه مرة: لأطوفنّ الليلة على سبعين امرأة من نسائى فيولد لى منهن سبعون ولدا يجاهدون فى سبيل اللّه ..!! قالوا، و لم يقل إن شاء اللّه، فلم تحمل من نسائه فى تلك الليلة غير واحدة، و الذي ولدته جاء مسخا، على صورة نصف إنسان، فلما ولد جاءت به القابلة، و سليمان على كرسى مملكته، فوضعته بين يديه!.
و القصة كما ترى- تفضح نفسها بهذا الخبال الصبيانى المريض ..! و من قائل، إن سليمان دخل الحمام، و كان جنبا- و دائما النساء و ما يتصل بالنساء!- فخلع خاتم الملك فأخذه الشيطان، و لبسه، و ظهر فى
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1094
صورة سليمان، و جلس على كرسىّ المملكة، و اتصل بنسائه، و سليمان ينادى فى الناس معلنا أنه سليمان، فلا يصدّقه أحد، حتى زوجاته .. و قد ظل سليمان هكذا زمنا لا يجد مكانا يؤويه، أو لقمة عيش يتبلغ بها، و هو دائب التوبة و الاستغفار؟؟؟ قالوا، و كان الشيطان قد خاف أن يقبل اللّه توبة سليمان، و أن يعيد إليه الملك، فأمسك بالخاتم و رمى به فى البحر ..
قالوا، و لما قبل اللّه توبة سليمان، و أراد ردّ ملكه إليه، دفع به إلى شاطىء البحر، فاصطاد سمكة فلما شقّ بطنها وجد خاتمه .. فلبسه، و عاد إلى ما كان عليه ..!! ثم تمضى القصة فتقول: إن سليمان أخذ هذا الشيطان فحبسه فى قمقم، ثم ختم عليه بالرصاص و ألقاه فى البحر .. فهو فى هذا القمقم إلى يوم الدين!.
و هذه القصة أيضا أكثر من سابقتها سخافة و سذاجة، و تناقضا، و فسادا، فى كل حدث من أحداثها ..
و هكذا تمضى الروايات حول تأويل هذا الجسد الذي ألقى على كرسى سليمان، و كلها من هذا العالم الخرافى، الذي لا مكان فيه للعقل، أو المنطق، إذ كل ما ينبت، فى هذا العالم هو أطياف و أشباح، يموج بعضها فى بعض، و يضرب بعضها وجه بعض!!.
الآيات: (41- 44) [سورة ص (38): الآيات 41 الى 44]
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1095
التفسير:
قوله تعالى:
* «وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» ..
هو دعوة أخرى إلى النبي الكريم من اللّه سبحانه و تعالى، أن يذكر هذا الذي بذكره له ربّه من أمر عبد من عباده الصالحين، و نبى من أنبيائه المقربين، هو أيوب عليه السلام ..
و الذي يدعى النبي- عليه الصلاة و السلام- إلى تذكره، و الوقوف على موضع العبرة و العظة منه، من أمر أيوب- عليه السلام- هو ضراعته لربه، و لجوؤه إليه، فيما مسه من ضرّ ..
و أيوب- عليه السلام- إنما يقف على حدود هذا الأدب النبوي الرفيع، حين يرفع إلى اللّه- سبحانه- شكواه مما به، و لا يسأل العافية، و كشف الضر ..
فذلك إلى اللّه سبحانه و تعالى، حسب مشيئته و إرادته فى عبده .. فقد يكون هذا البلاء خيرا له من العافية .. و إنه كبشر، يشكو إلى ربه ما يجد من آلام، و يفوض الأمر إليه سبحانه فيما يريد به .. و لو أنه استطاع ألا يشكو لفعل، فاللّه سبحانه و تعالى أعلم بحاله، و لكنها، أنّات موجوع، و زفرات محموم! «أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» .. و النّصب، كالنّصب، و هو الرهق و التعب، و العذاب: الألم الناجم عن هذا التعب.
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1096
و فى إسناد المسّ إلى الشيطان، إشارة إلى أن هذا الّذى نزل بأيوب، هو من الأسباب المباشرة، التي تجىء من النفس الأمارة بالسوء، و مثل هذا ما كان من موسى عليه السلام، حين قتل المصري فقال: «هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ» .
قوله تعالى:
* «ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ» .
و هذا جواب الحق سبحانه و تعالى على ما سأله أيوب، و لم يفصل بين السؤال و الجواب فاصل، للإشارة إلى أن الإجابة كانت متصلة بالسؤال و الطلب، من غير تراخ .. فما هو إلا أن سأل، حتى وجد ما طلب حاضرا ..
و هذا يشير إلى أن أيوب صبر زمنا طويلا لا يشكو، فلما شكا، أزال اللّه سبحانه شكاته ..
و الركض: الجري، و المراد به الضرب بالرجل على الأرض بقوّة، حيث أن الرّجل تخدّ الأرض و تضربها أثناء الجري ..
و قد ضرب أيوب برجله الأرض، كما أمره ربّه، فتفجر نبع من الماء! و ماذا يعمل أيوب بهذا الماء؟ هكذا وقف عليه متسائلا .. فكشف له ربّه عمّا وراء هذا الماء، فقال له: «هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ» .. إنه ماء عذب، بارد سائغ للشاربين .. فاغتسل به، و اشرب منه.
قوله تعالى:
* «وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ» .
أي وهبنا له أهله، الذين كانوا قد نفروا منه، و تخلّوا عنه أثناء محنته، فلما لبس ثوب العافية، و خرج من ضباب المحة، عاد إليه أهله، و عاد إليه الغرباء، فكانوا له مثل أهله، تقرّبا إليه، و تودّدا له، إذ أفاض اللّه سبحانه
التفسير القرآنى للقرآن، ج12، ص: 1097
و تعالى عليه من الخير، ما جعل العيون تتطلع إليه، و الآمال تتجه نحوه ..
و هكذا الناس.
و الناس من يلق خيرا قائلون له
ما يشتهى و لأمّ المخطئ الهبل
و فى التعبير بالهبة عن عودة أهله و غير أهله إليه فى قوله تعالى: «وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» - فى هذا التعبير إشارة إلى أن هذا التحول فى حال «أيوب» من تلك العزلة الموحشة بينه و بين أهله و غير أهله، إلى إقبال القريب و البعيد عليه، و توددهم له- إنما كان هبة من هبات اللّه له، و رحمة من رحماته، على هذا العبد الذي ابتلى هذا الابتلاء العظيم، فصبر راضيا بأمر اللّه سبحانه و تعالى فيه .. و اللّه سبحانه و تعالى يقول: «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ» (10: الزمر) .. و فى ذلك ذكرى و موعظة لأولى الألباب، الذين يأخذون العبر من الأحداث التي تمر بهم، أو بالناس من حولهم.
قوله تعالى:
الضّغث: الخليط من كل شىء .. و المراد به هنا، مجموعة من العيدان الدقيقة، من حطب أو غيره .. و الحنث: الذنب المؤثم، و اليمين الغموس.
و الآية معطوفة على قوله تعالى: «وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ» الذي هو اعتراض بين الآيتين اللتين يحملان خطابا من اللّه سبحانه و تعالى إلى «أيوب» .. فالأمر الموجّه من اللّه سبحانه و تعالى إلى «أيوب» هو: «ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ ...