کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المبين

سورة الفاتحة سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس عليه السلام سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة ابراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الأسراء مكية و هي مائة و احدى عشرة آية سورة الكهف سورة مريم مكية و هى ثمان و تسعون اية سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة السجدة أو فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك مكية و هي ثلاثون آية سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح عليه السلام سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد مكية و هي عشرون آية سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الانشراح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزال سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة اللهب سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

التفسير المبين


صفحه قبل

التفسير المبين، ص: 527

45- اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ‏ القرآن، و تقدم في الآية 27 من الكهف‏ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ لتشريع وجوب الصلاة علة و حكمة، و علة الوجوب مشيئة اللّه و كفى، أما الحكمة منه فهي أن يبتعد المصلي في جميع تصرفاته و مقاصده عن الفحشاء و المنكر أي عن الحرام بشتى أنواعه، و معنى هذا أن الانتهاء عن المنكر حكمة لوجوب الصلاة في عالم التشريع لا لوجود الصلاة في الخارج، فمن صلى و انتهى يسقط عنه وجوب الصلاة و يثاب عليها أيضا، و من صلّى و لم ينته يسقط عنه الفرض قطعا، أما الثواب فبعلم اللّه، تقول هذا علما بأن الفقهاء ربطوا بين الثواب على الصلاة، و التوجه إليها فكرا و قلبا لا بين الثواب و الانتهاء وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ أي ذكر اللّه تعالى للمصلي بالرضا و الأجر أكبر من ذكر المصلي للّه في قيامه و قعوده و ركوعه و سجوده، و مثله قوله تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ‏ - 152 البقرة».

46- وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏ أهل الكتاب: اليهود و النصارى، و الأحسن: الأصلح و الأنجح الذي يقرب و لا يبعد، و يبشر و لا ينفر، و إنما خصّ سبحانه أهل الكتاب بالذكر علما بأن الأسلوب هو المطلوب من غير قيد لأن المفروض في أهل الكتاب أن يتقبلوا الحق ما داموا يؤمنون باللّه و اليوم الآخر كما يزعمون‏ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ‏ و هم الذين إذا سمعوا القول لا يتبعون أحسنه تعنتا و تعصبا. فهؤلاء لا يسوغ الحديث معهم بحال‏ وَ قُولُوا أيها المسلمون لأهل الكتاب: آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ... لما ذا التعصب و التباغض؟ فعلى الصعيد الإنساني نحن و أنتم سواء في الحقوق و الواجبات، أما على الصعيد الديني فكلنا نؤمن بوحي السماء. هكذا ينظر الإسلام إلى أهل الكتاب نظرة التسامح و الإخاء لا نظرة التعصب و العداء، و شهد بذلك العديد من أقطاب المسيحيين المنصفين منهم «جيدر بامات» في كتابه مجالي الإسلام تعريف عادل زعيتر، فقد جاء في الفصل الثاني نظرة في مذهب الإسلام «من النادر أن لاقى دين ما لاقى الإسلام من جحود و تشويه من المبشرات البالغة الغلظة و المقترحات البالغة الوقاحة حول محمد و تعاليمه ... مع العلم بأن المسلمين منعوا من أن يمس النصارى بسوء، و تركوا المغلوبين أحرارا في المحافظة على دينهم، و لما صار الصليبيون سادة ذبحوا المسلمين بلا رحمة».

47- وَ كَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ‏ أي كما أنزلنا على من قبلك من الرسل كذلك أنزلنا عليك يا محمد هذا القرآن‏ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ‏ يريد سبحانه العلماء المنصفين من أهل الكتاب‏ يُؤْمِنُونَ بِهِ‏ يصدقون كل ما جاء في القرآن‏ وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ‏ هؤلاء إشارة إلى مشركي قريش فقد أسلم بعضهم عن صدق و إخلاص.

48- وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ‏ هل يخطر على ذهن عاقل بأن هذا القرآن من إنشاء محمد و فيه من الحقائق و العلوم ما يجهله محمد و غيره قبل نزول القرآن إضافة إلى أنه لا يقرأ و لا يكتب كي يتشدق و يتحذلق جاهل سافل بأن محمدا قرأ و نقل بقلمه من أسفار الأولين.

49- بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ و هم محمد و أهل بيته (ص) الذين هم خزنة علمه، و العلماء المتمسكون بعروته.

التفسير المبين، ص: 528

50- وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ‏ يريدون بالآيات ما يقترحون و يشتهون كتحويل الجبل ذهبا، و تقدم في الآية 37 من الأنعام‏ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ‏ و ليس لي من الأمر شي‏ء وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ‏ مهمتي التبليغ و كفى.

51- أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ‏ القرآن، و كل ما فيه من حقائق علمية و شريعة حياتية و تحديات و نبوءات حدثت و تحققت- تشهد بأنه من عند اللّه هدى لعباده على مدى الحياة.

52- قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ شَهِيداً بأنه أرسلني إليكم، و أني قد بلغت رسالته على أكمل وجه، و أنكم قد كذبتم و أعرضتم‏ وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ‏ كل ما نهى اللّه عنه فهو باطل، و كل من عصى اللّه فهو فاسق أو كافر، و الكل جائر و خاسر.

53- وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ‏ أن يحل بهم‏ وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى‏ أي تأخير العذاب إلى يوم القيامة لَجاءَهُمُ الْعَذابُ‏ قريبا و سريعا.

54- يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ‏ هم يستعجلون العذاب و يسخرون؟ و هو آت لا محالة.

55- يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ‏ من كل جهة، فتأكل النار الجلود و اللحوم و العظام و القلوب تماما كما تأكل الحطب ...

رحماك يا رحيم. و شفيعي إليك قلبي الذي يحبك، و دليل حبه لك نصحه لعيالك، و أنت أعلم بذلك مني و منه.

56- يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ‏ على كل مسلم، بنص هذه الآية، أن يهجر و يفر من أي أرض يتعذر عليه فيها أن يفعل الواجبات و يترك المحرمات حتى و لو كانت الأرض بلده و وطنه.

57- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ‏ مقيمة كانت أم مهاجرة.

الإعراب:

لو لا أنزل هلا أنزل. و المصدر من أنا أنزلنا فاعل يكفهم. و جملة يتلى حال من الكتاب أي متلوا عليهم. و باللّه الباء زائدة و اللّه فاعل كفى. و شهيدا تمييز. و ليأتينهم اللام جواب قسم محذوف أي و اللّه ليأتينهم. و بغتة مصدر في موضع الحال من العذاب. و يوم متعلق بمحيطة. فإياي فاعبدون (اياي) مفعول لفعل محذوف يفسره الفعل الموجود، و فاعبدون الأصل فاعبدوني.

التفسير المبين، ص: 529

58- وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً مقيمين أم مهاجرين، بل فضّل اللّه المهاجرين في سبيل اللّه درجة و كلا وعد اللّه الحسنى.

59- الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‏ ثبتوا على دينهم و هاجروا به، و توكلوا على اللّه في كل حال، و قد رأينا أرزاق المهاجرين أكثر و أوسع، و أطيب و أنفع.

60- وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ‏ اللّه سبحانه هو الذي يعطي كل نفس جميع ما تحتاج، و لكن مع الحركة و العمل لأنه أبى سبحانه إلا أن يربط المسببات بأسبابها و النتائج بمقدماتها، و حركة كل حي بحسبه، كما نرى من سعي النحلة و النملة و الطير و وحش الغاب، و من الإنسان و كل حيوان أما المريض أو الكسيح فإن اللّه يسخر له من يقوم بحاجته، و في شتى الأحوال فإن أسباب الرزق و غيره تنتهي إليه لأنه خالق كل شي‏ء. و كتبت كثيرا حول الرزق، و لعل أفضله- فيما أظن- ما ذكرته في شرح الحكمة 378 من حكم نهج البلاغة. أنظر في ضلال نهج البلاغة ج 4 ص 440.

61- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ...

المسئولون هم الجبابرة المترفون، و قد أعلنوا إيمانهم باللّه الذي منحهم الحرية المطلقة في أن يزلزلوا الأمن و الأمان، و يرهبوا العالم، و ينهبوا الأمم! و ما من شك أن هذه الفئة الحرة القذرة هي أسوأ حالا عند اللّه ممن كفر به أو أشرك.

62- اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ أي يضيق، و قلنا فيما تقدم و نكرر أن مشيئة اللّه منزهة عن العبث و المجازفة و عليه يكون معنى الآية أن اللّه سبحانه يوسع الرزق أو يضيقه تبعا لأسبابة السائغة شرعا و عقلا، أما المال الحرام فما هو من رزق اللّه في شي‏ء، بل هو غضب و نهب و سموم و يحموم.

63- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ الماء هو السبب الأول و الأساس للرزق، و قد أنزله اللّه من السماء باعتراف المحتكرين و المستأثرين و اللّه للجميع لا لفئة دون فئة أو لفرد دون فرد، فالرزق كذلك لا يسوغ لأحد أن يحتكره و يتحكم به.

64- وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ‏ المراد بالدنيا هنا القصور و الفجور و الصهباء و الليالي الحمراء، و البذخ على حساب الضعفاء و إلّا فإن المال الحلال أحد السبل لمرضاة اللّه و طاعته، و نقلوا عن الإمام الشافعي أنه كان لا يحسن التفكير في مسألة إذا شعر أن بيته خلا من الدقيق. و قال الرسول الأعظم (ص): «كاد الفقر يكون كفرا» وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ‏ الحياة الطيبة الدائمة و هذه الحياة وقف على الذين آمنوا و عملوا الصالحات، و معنى هذا أن الإسلام يربط بين دنيا الخير و الآخرة بحيث تدور هذه مع تلك وجودا و عدما.

65- فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ ... تقدم في الآية 22 من يونس.

التفسير المبين، ص: 530

66- لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَ لِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏ هذا تهديد و وعيد للطغاة من أرباب الجاه و المال، و أن مآلهم شر مآل.

67- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً واو الجماعة في يروا لعتاة قريش الذين نصبوا العداء للنبي (ص) و وصلوا في حربه و إيذائه حدا بعيدا، و يقول سبحانه لهؤلاء:

تتمردون على طاعة اللّه و قد أحلكم في حرمه دار الأمن و الأمان؟ وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ‏ أي و أعراب الجاهلية حول مكة يقتل بعضهم بعضا، و ينهبون و يسلبون و لا أحد منهم يمس أهلها بسوء، أ فبنعمة اللّه يجحدون، و للأصنام يعبدون؟

68- وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً حيث جعلوا له أضدادا و أندادا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِ‏ بالقرآن و نبوة محمد (ص).

69- وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا و منهم من تعلم العلم النافع و عمل به و علّمه الناس، و أيضا منهم من أتى بجديد مفيد لأخيه الإنسان، و من جاهد الضلال و الفساد، و كافح في سبيل العيش الحلال‏ وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ و لا يختص الإحسان بأداء الفرائض فقط، و لا بالصدقات، بل يعم و يشمل الشعور باحترام الإنسان و كرامته و كف الأذى عنه.

سورة الرّوم‏

مكيّة و هي ستون آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

1- الم‏ تقدم في أول البقرة.

2- غُلِبَتِ الرُّومُ‏ غلب كسرى ملك الفرس جيش قيصر ملك الروم.

3- فِي أَدْنَى الْأَرْضِ‏ و المراد بها أرض الأردن و فلسطين، و هي أقرب البلاد إلى جزيرة العرب، و حدث ذلك في عهد رسول اللّه (ص) و كان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم مثلهم أصحاب كتاب، و المشركون يودون أن تظهر فارس على الروم لأنهم مثلهم أصحاب أصنام، و لما جاءت الأخبار بانتصار الفرس شق ذلك على المسلمين، و فرح المشركون، فنزلت هذه الآيات تبشر المسلمين بأن الروم ستنتصر على الفرس في جولة ثانية، و إلى هذا أشار سبحانه بقوله: وَ هُمْ‏ أي الروم‏ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ‏ الفرس.

الإعراب:

مخلصين حال من فاعل دعوا. ليكفروا و ليتمتعوا: اللام للأمر و يجوز أن تكون للعاقبة، مثل لدوا للموت ... و كذبا مفعول مطلق لافترى.

التفسير المبين، ص: 531

4- فِي بِضْعِ سِنِينَ‏ و البضع أقل من عشرة و أكثر من ثلاثة، و قد حدث ذلك بالفعل. و هنا يكمن سر الإعجاز حيث أخبر القرآن على سبيل اليقين باستئناف الحرب، و حدد وقتها و بأن الدائرة تدور على فارس، فكان كما قال علام الغيوب. و فرحت قلوب المسلمين، و زلزلت قلوب المشركين.

5- بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ من الذين يعدون العدة للنصر، و لو كانت هذه العدة هي الروح المستميتة وحدها فقط.

وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ‏ و هو أن يجري المسببات على أسبابها و النتائج على مقدماتها، و لا شي‏ء عنده يحدث صدفة و جزافا و إلا لصدق قول الجاحدين بأن الكون وجد صدفة.

7- يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا كالتجارة و الصناعة و الزراعة و كل ما يتصل بمصالحهم و منافعهم‏ وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ‏ و لكن غير مغفول عنهم، حلت الدنيا في أعينهم فأعمتهم عن الآخرة.

8- أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ... كيف يستبعد الإنسان المعاد، و يكفر به و هو يملك عقلا مفكرا لو استعمله في النظر إلى هذا الكون و نظامه و نواميسه لأدراك أن الذي أبدع الكون قادر على فنائه و إعادته.

9- 10- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ... تقدم في الآية 137 من آل عمران‏ وَ أَثارُوا الْأَرْضَ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها كانت الأمم السابقة أكثر حضارة من العرب، و لما ظلموا أنفسهم بتكذيب الأنبياء و المصلحين أخذهم اللّه بعذاب ... ألا يخشى الذين كذّبوا محمدا أن يصيبهم ما أصاب الذين أقوى و أرقى؟؟

ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ أي الحالة السيئة تأنيث الأسوأ، و السوأى اسم كان مؤخر و عاقبة خبر مقدم، و المعنى كانت السوأى عاقبة المسيئين لأنهم كذبوا بآيات اللّه و كانوا بها يستهزئون.

11- اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ... تقدم مرات، منها في الآية 4 من يونس‏ وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ‏ يسكتون و ييأسون من الخلاص و النجاة.

12- 16- وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ - يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ‏ العلاقات بين الناس في الحياة الدنيا متنوعة و كثيرة: رحمية و اقتصادية، و سياسية و ثقافية و غير ذلك، أما في الآخرة فلا شي‏ء من ذلك على الإطلاق حيث يذهب كل إنسان بعد الحساب إلى مقره، إما إلى جنة، و إما إلى نار.

17- فَسُبْحانَ اللَّهِ‏ يرشدنا، عظمت كلمته، إلى العبادة في الأوقات الآتية: حِينَ تُمْسُونَ‏ إشارة إلى صلاة المغرب و العشاء وَ حِينَ تُصْبِحُونَ‏ إشارة إلى صلاة الصبح.

التفسير المبين، ص: 532

18- وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ جملة معترضة وَ عَشِيًّا إشارة إلى صلاة العصر وَ حِينَ تُظْهِرُونَ‏ إشارة إلى صلاة الظهر، و هذا التفسير نقله الشيخ الطبرسي عن ابن عباس.

19- 20- يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ‏ يشير بهذا إلى أن الحياة من عنده تعالى لا من التركيب و التأليف بين عناصر مادية معينة كما يزعم الماديون.

قال توفيق الحكيم في كتابه فن الأدب ص 101: انكب العلماء في معاملهم يجربون كي يأتوا بخلية حية، فاستنبطوا من الأملاح و نظائرها شيئا يشبه الأحياء، و بعدئذ اتضح لهم أنه لا يدخل في نطاق الكائنات الحية بمعناها الحقيقي‏ وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ‏ جاء أعرابي إلى رسول اللّه (ص) و سأله كيف يحيي اللّه الموتى.؟ قال له: أما مررت بوادي قومك ممحلا أي جدبا مقفرا. قال الأعرابي:

بلى. قال (ص): فكذلك يحيي اللّه الموتى. و هذه معرفة حسية لواقع مشهود بالعيان، و منه ننتقل إلى تقرير مبدأ عام و هو أن إحياء الميت ممكن في ذاته.

اللغة: تظهرون تدخلون في وقت الظهيرة تماما مثل تمسون و تصبحون.

و من أنفسكم من جنسكم. لتسكنوا اليها لتطمئنوا اليها، فسكن اليه من سكون الروح، و سكن عنده من سكون الجسم.

الإعراب:

و السوأى اسم كان أي كان السوأى عاقبة الذين أساءوا، و من رفع عاقبة فهي الاسم و السوأى الخبر. و المصدر من أن كذبوا مفعول من أجله. و يومئذ بدل من يوم تقوم الساعة. تظهرون تدخلون في وقت الظهيرة تماما مثل تمسون و تصبحون.

التفسير المبين، ص: 533

21- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً من أنفسكم أي من جنسكم تبادلكم عطفا بعطف، و المراد بالرحمة و المودة التعاون قلبا واحدا و يدا واحدة على خير الأسرة لتحيا حياة طيبة صالحة لا مشكلات فيها و مشاحنات، و على أية حال فإن الحياة الزوجية لا تكون مرضية عند الزوجين إلا إذا نظر كل منهما إلى الآخر على أنه شي‏ء يذكر.

22- وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ الدال على وجود الخالق و عظمته‏ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ‏ اختلاف القوميات باللغة، و أهل الأقطار بالألوان، و الأفراد بالملامح و الأصوات و بصمة الأصابع‏ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ‏ على وجود المقدر و المدبر.

23- وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ‏ و تقدير الكلام هكذا: منامكم ليلا و نهارا، لأن الإنسان قد ينام في النهار للراحة، و ابتغاؤكم من فضله تعالى أيضا ليلا و نهارا، لأن الإنسان قد يسعى لرزقه في الليل.

24- وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً ...

قد يكون البرق منذرا بالصاعقة، و قد يكون مبشرا بالغيث، تقدم في الآية 12 من الرعد.

25- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ‏ و المراد بأمره هنا قوانين الطبيعة و نواميسها لأنه هو الذي طبّعها و قوننها، و مثله تماما قوله في الآية 71 من يس: «مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً» حيث أطلق أيديه تعالى على الأسباب الطبيعية التي تنتهي إليه‏ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ‏ إن دعوة اللّه للإنسان في الحياة الدنيا هي مجرد نصح و تشريع، و للإنسان الخيار في أن يعصي أو يطيع، أما دعوته في الآخرة فهي تكوين و تنفيذ لا مفر منها بحال، و تقدم في الإسراء الآية 52.

26- وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ‏ اللغة: تظهرون تدخلون في وقت الظهيرة تماما مثل تمسون و تصبحون. و من أنفسكم من جنسكم. لتسكنوا اليها لتطمئنوا اليها، فسكن اليه من سكون الروح، و سكن عنده من سكون الجسم.

الإعراب:

صفحه بعد