کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المبين

سورة الفاتحة سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس عليه السلام سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة ابراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الأسراء مكية و هي مائة و احدى عشرة آية سورة الكهف سورة مريم مكية و هى ثمان و تسعون اية سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة السجدة أو فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك مكية و هي ثلاثون آية سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح عليه السلام سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد مكية و هي عشرون آية سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الانشراح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزال سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة اللهب سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

التفسير المبين


صفحه قبل

التفسير المبين، ص: 541

هذه الآية و التي بعدها استطراد في سياق وصية لقمان لابنه، و الوهن: الضعف، و على وهن أي يستمر الضعف و يزداد يوما بعد يوم كما قال الشاعر: عدنا و عادت حالنا الراكدة وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ‏ الوالدة تحضن و ترضع وليدها بعد وضعه حولين كاملين، و قال الفقهاء: أقل مدة الحمل ستة أشهر مستدلين بهذه الآية معطوفة على الآية 15 من الأحقاف‏ «وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» .

15- وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ ... حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، و تقدم في الآية 23 من الإسراء و 8 من العنكبوت.

16- يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ...

كناية عن قدرته تعالى التامة المطلقة التي تخترع الأشياء من لا شي‏ء و دون استعانة بأي شي‏ء، و عن علمه الذي لا يعزب عنه ظاهر و لا باطن و غائب أو حاضر، و دقيق و جليل.

و من جملة ما قرأت أن الكيلوغرام من الخردل يبلغ 913 ألف حبة، و عليه تكون الحبة جزءا من ألف من الجرام فهي أصغر وزن لحب النبات.

17- يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ و هي أن تعبد من يراك و لا تراه بصدق و إخلاص، و لا يغنيك عن الصلاة المفروضة شي‏ء عند اللّه حتى لو أتيته بقلب سليم و حسنات الأولين و الآخرين‏ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ‏ و أتمر به‏ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ و انته عنه‏ وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ‏ من فقد عزيز أو داء لا دواء له، و لا شي‏ء أصعب من الصبر، و مع هذا يجب في أداء الفرائض، و ما عداها مستحب‏ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ و من العزم و الإباء، و الدين و علو الهمة، و قوة النفس و الإرادة أن ترضى باليسير، و تستنكف عن الحرام، بل و عن سؤال الخلق و إن كان حلالا.

18- وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ... لا تحطم نفسك بغرورها و الشموخ بها فوق قدرها، و لا تهو بها إلى الذل و الهوان‏ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ معجب بنفسه، فخور على غيره.

19- وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ‏ لا تبطئ و لا تسرع‏ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ أنكرها: أوحشها و أقبحها، و قال بعض المفسرين: ان التشبيه بصوت الحمير يقتضي أن يكون. رفع الصوت محرما! و لو أخذنا بهذا الفهم و العلم لوجب المشي المعتدل و حرم البطي‏ء و السريع عملا بوحدة السياق.

الإعراب:

ان اشكر (ان) مفسرة بمعنى أي. و جملة حملته حال على تقدير قد حملته. وهنا مصدر في موضع الحال من أمه أي موهونة. و معروفا صفة لمحذوف أي مصاحبا معروفا بمعنى مصاحبة معروفة كما في مجمع البيان. و الضمير في انها يعود إلى فعلة الإنسان من خير و شر. و تك، أصلها تكون فحذفت الواو لالتقاء الساكنين و النون للتخفيف، و اسم تك ضمير مستتر يعود إلى الفعلة و مثقال خبرها.

التفسير المبين، ص: 542

20- أَ لَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ‏ يهتدي الإنسان بنجوم السماء و يستضي‏ء بنور القمر و ينتفع كثيرا بضياء الشمس، و يحيا بالسحاب و الأمطار و غير ذلك من المصالح و الفوائد السماوية، و لكن ليس معنى هذا أن الكون بكل ما فيه مسخر للإنسان، و انه ما وجد إلا من أجله، لأن الكشوف الفلكية الحاسمة قضت على هذا الإعتقاد و الخرافة فهناك مجرات و كواكب و كائنات علوية و سفلية لا يعرف الإنسان عنها شيئا وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ من زرع و ثمار و معادن و بحار و طاقات و هبات‏ وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً قال بعض المفسرين: المراد بالظاهرة الصحة و المال، و بالنعم الباطنة ستر القبيح من الأعمال أو نعيم الآخرة، و لكن هذا العصر قد كشف عن هذه النعم التي كانت في الغيب المحجوب عن الآباء و الأجداد، و فسرها بالمخترعات الحديثة و الأدوات العلمية كسفينة الفضاء و العقل الإلكتروني و الكهرباء و التلفزيون و غير ذلك كثير، إضافة إلى اكتشاف النفط و مشتقاته و غيره من المعادن و الأدوية ... إلى ما نعلم و ما لا نعلم مما تكشف عنه الأجيال على مدي الدهر، و يؤثر عن ابن عباس أنه قال:

في القرآن معان سوف يفسرها الزمان. و في نهج البلاغة: القرآن حمال ذو وجوه. أي يحمل معاني كثيرة.

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏ و المراد بالعلم هنا الحس و العيان‏ وَ لا هُدىً‏ من العقل‏ وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ أي الوحي، و تقدم بالحرف في الآية 8 من الحج.

21- وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ ... تقدم في الآية 170 من البقرة و غيرها.

22- وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ يسلم: يستسلم و ينقاد، وجهه:

قصده و نيته، و العروة من الدلو: ما يمسك به القابض، و الوثقى: مؤنث الأوثق، و المعنى من آمن باللّه، و انقاد لأمره و نهيه، و أخلص له في عمله- فقد أخذ من اللّه موثقا قويا و متينا أنه في أمنه و أمانه 23- 24- وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ‏ لأنه في قبضة اللّه، يمهله قليلا من الدهر، يتمتع فيه كما يشتهي ثم يقذفه إلى عذاب السعير.

25- 26- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ و الغرض من هذا السؤال هو انتزاع الاعتراف منهم بأن اللّه هو الخالق‏ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الذي رد سهمكم إلى نحركم حيث اعترفتم على أنفسكم بأنفسكم أن اللّه وحده هو الخالق، و مع ذلك تعبدون غيره، و تقدم في 61 من العنكبوت.

الإعراب:

ظاهرة و باطنة حال من نعم اللّه. أولوا الهمزة للإنكار و الواو للعطف و لو للامتناع، و جوابها محذوف و التقدير لاتبعوهم، و ضمير الجمع يعود للآباء.

التفسير المبين، ص: 543

27- وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ...

لا حد لقدرة اللّه إلا بأنها لا حد لها، و في نهج البلاغة: لو فكروا في عظيم القدرة و جسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق، و خافوا عذاب الحريق و تقدم في الآية 109 من الكهف.

28- ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ هذا رد على من قال: البعث محال. و جوابه أن خلق الناس بالكامل و بعثهم بعد الموت كذلك هو عند اللّه سبحانه كخلق النفس الواحدة و بعثها حيث يتساوى في قدرته إيجاد القليل و الكثير و الخطير و الحقير، فكل شي‏ء يوجد بكلمة «كن».

29- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ...

الليل و النهار و ما يتصل بهما تابع لكروية الأرض و دورانها و لو كانت مسطحة لما كان شي‏ء من ذلك، و تقدم في الآية 27 من آل عمران‏ كُلٌّ يَجْرِي إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ لكل من الشمس و القمر حركته الخاصة به إلى ما شاء اللّه، و تقدم في الآية 2 من الرعد.

30- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُ‏ لأنه ما خلق شيئا و لا شرع حكما و لا أخبر عن حادثة سابقة أو لاحقة إلا بالحق و الصدق و إلا لمصلحة و حكمة بالغة، و تقدم بالحرف في الآية 62 من الحج.

31- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ‏ يكرر سبحانه و يذكر عباده بأن كل ما يتمتعون به من أسباب الحياة هو منه لا منهم أو مما يرجون من دون اللّه كيلا يغفلوا و يذهلوا عن الخالق و الرازق و الميسر و المدبر، و متى آمنوا و أيقنوا بذلك شكروا في السراء، و صبروا على البلاء مع الشعور و الأمل بأن اللّه سبحانه قد يفتح لهم باب الخلاص و الفرج.

32- وَ إِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ‏ جمع ظلمة و هي ما يعلو و يظلل من كل شي‏ء، و المعنى إذا ارتفع فوق السفينة موج كالجبال‏ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏ التجأوا إليه خاشعين متضرعين‏ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ معتدل الإعراب:

و جملة و هو محسن حال، و جملة فقد استمسك خبر من يسلم. و قليلا صفة لمفعول مطلق محذوف أي تمتعا قليلا. مخلصين حال من فاعل دعوا. و نقل ابن هشام في كتاب المغني عن ابن مالك ان (لما) هنا بمعنى إذا، بدليل دخول الفاء على جوابها.

التفسير المبين، ص: 544

حيث و في بعهده مع اللّه، و ثبت على الإيمان‏ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ غدّار جاحد بنعمة اللّه و فضله.

33- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا العواقب و شرها، و احذروا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ ... أسس و أعمل ليوم القيامة، فلا والد و لا ولد يغني عنك شيئا في هذا اليوم، فعملك خير لك و أجدى من أمك و أبيك و ولدك و أخيك، إن يك صالحا و إلا فلا أم تحزن و تبكي من أجلك، و لا والد يهمه همك. و يشغله أمرك‏ وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ و هو الشيطان، و المعنى احذروا كل شيطان رجيم يغريكم بمعصية اللّه و نقمته.

34- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ يوم القيامة، و قد استأثر سبحانه بعلمه، و حجبه عن جميع خلقة حتى الأنبياء و الملائكة وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ‏ أي يعلم متى ينزل المطر قبل أن تظهر دلائله و علاماته، أما الإنسان فلا يعلم ذلك إلا بعد ظهور الدلائل و العلامات.

وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ‏ من ذكر أو أنثى، و قبيح أو جميل، و سخي أو بخيل، و شقي أو سعيد. و سألني سائل:

هل يسوغ للزوجين أن يختارا- بعملية طبية- نوع الجنين من ذكر أو أنثى؟ قلت: لا نص على هذا الموضوع بالذات، و لا حرام بلا نص. قال: كيف و القرآن يقول: «اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى‏ - 8 الرعد» قلت: و أيضا اللّه يعلم ان شجرة المشمش تحمل مشمشا، و إذا لقحت بالخوخ تحمل خوخا، و أن كرمة العنب الأبيض تتحول إلى الأسود إذا لقحت به ... أبدا لا شي‏ء يحدث من خلقه تعالى إلا بعلمه و إرادته سواء أ كان بسبب الإنسان أم الطبيعة أم بكلمة «كن» وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً الإنسان كل يوم هو في شأن شاء أم أبي، فكل شي‏ء حوله يتحرك و يتغيّر، و هو جزء من كل، و معنى هذا أن ما يحدث للإنسان في غده فهو من الغيب المحجوب‏ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏ و لا بأي زمن أو سبب، و ليس هذا بالشي‏ء المهم، و الأهم من كل شي‏ء ما ذا يحدث للإنسان بعد الموت في لحده و موقف العرض و أهواله.

سورة السّجدة

مكيّة و هي ثلاثون آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

1- الم‏ تقدم في أول البقرة.

2- تَنْزِيلُ الْكِتابِ‏ القرآن‏ لا رَيْبَ فِيهِ‏ إلا عند جاهل أو معاند.

الإعراب:

يوما مفعول به لاخشوا. و لا مولود عطف على والد، و يجوز أن يكون مبتدأ أول «و هو» مبتدأ ثان و جاز خبر الثاني و الثاني و خبره خبر الأول. و شيئا مفعول جاز.

التفسير المبين، ص: 545

3- أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏ محمد بَلْ هُوَ الْحَقُ‏ و الدليل القاطع على ذلك أن القرآن يحتكم إلى العقل، و يقول للذين جحدوا و عاندوا: «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها - 24 محمد ... أَ فَلا تَعْقِلُونَ‏ - 51 هود» و قرأت الكثير من أقوال الغربيين عن عظمة القرآن و أكتفي هنا بما جاء في جريدة أخبار اليوم المصرية ت 28- 10- 1972:

قال «هيرشفيلد»: ليس للقرآن مثيل في قوة إقناعه و بلاغته و تركيبه، و إليه يرجع الفضل في ازدهار العلوم بكافة أنواعها ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ في الفترة الكائنة بين عيسى و محمد جمعا بين هذه الآية و الآية 19 من المائدة: «يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى‏ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ» ..

4- اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏ كناية عن الأطوار أو الدفعات‏ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ‏ أي سيطر و استولى، و تقدم مرات، منها الآية 54 من الأعراف.

5- يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ و المراد بها هنا الرفعة و العلو، لأن اللّه سبحانه وراء الطبيعة بأرضها و سمائها، و المعنى هو وحده الخالق و المدبر إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ‏ أي يرجع الأمر كله إليه وحده كما قال سبحانه: «وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ - 109 آل عمران» فِي يَوْمٍ‏ و هو يوم القيامة كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ‏ كناية عن طول الأمد، أو أن العمل الذي يستغرق في الآخرة 24 ساعة يحتاج في الدنيا إلى ألف سنة.

6- ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ‏ أي أن الذي خلق و دبّر و إليه ترجع الأمور هو العالم العزيز الذي ليس كمثله شي‏ء الرّحيم الذي وسعت رحمته كل شي‏ء.

7- 8- الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ‏ كل شي‏ء متقن و محكم من أعلى السموات إلى أدنى الثرى، فهل هذا صدقة و مجازفة؟: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ‏ - 53 فصلت» بهذا يفتح سبحانه باب العلم به لا بالغيب المحض لأن المدلول لا يكون دليلا وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ‏ آدم الأب الأول‏ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ من سلّ شيئا من شي‏ء أي انتزعه برفق‏ «مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ» مِنْ ماءٍ مَهِينٍ‏ ضعيف و هو المني.

9- ثُمَّ سَوَّاهُ‏ الضمير لآدم‏ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ‏ وهبه الحياة، و تقدم في الآية 2 من الأنعام و 12 من «المؤمنين».

10- وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلْنا تفرقت أجسامنا و صارت ترابا، و تقدم مرات، منها في الآية 5 من الرعد.

الإعراب:

تنزيل خبر لمبتدأ محذوف أي هذا تنزيل، و قال أبو حيان الأندلسي: تنزيل مبتدأ، و من رب العالمين خبر، و لا ريب فيه جملة معترضة.

أم يقولون (أم) منقطعة بمعنى بل و الهمزة. و من ربك و المصدر من لتنذر يتعلقان بمحذوف حالا من الحق.

التفسير المبين، ص: 546

11- قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ‏ قل لهؤلاء يا محمد: أنتم ميتون لا محالة، و عند الموت تنكشف لكم الحقيقة. الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا.

12- وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ حذّروا من عذاب الآخرة، فسخروا و قهقهوا، و حين عاينوا البعث و قاموا بين يدي اللّه للحساب و الجزاء انهاروا و ولهوا، و قالوا خاضعين: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا ...

الآن و قد فات ما فات، و تقدم في الآية 27 من الأنعام و 100 من «المؤمنين».

13- وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها لو شاء سبحانه لألجؤهم إلى الاعتراف به و باليوم الآخر، و لكن لا إيمان و لا مسؤولية مع إلجاء و إكراه، و سبق منا القول أكثر من مرة أن اللّه سبحانه لا يتعامل مع عباده بإرادته الشخصية و التكوينية وَ لكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ‏ الذين أفسدوا و تمادوا في الغي بمل‏ء اختيارهم و إرادتهم، أما الذين استجابوا لربهم فلهم مغفرة و أجر كريم.

14- فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا الذي كفرتم به، و سخرتم منه‏ إِنَّا نَسِيناكُمْ‏ أهملناكم و حرمناكم من الأمان و الرحمة.

15- إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا يصلّون و يسبّحون بدافع من التقوى و الشعور بالواجب ... و من الورع و التقوى أن نبتعد عن كل شر و باطل، و نفعل الخير جاهدين، و نتعاون على إقامة الحق متناصحين لا مستغلين، و إلا فإن التقوى لا تتجزأ، و الخوف من اللّه في ردع النفس عن الهوى في إقامة الصلاة و كفى ... أبدا لا دين و لا إيمان لمن سكت عن الحق مهادنا أو مداهنا حتى و لو صلّى و صام، فكيف إذا ظلم أو أعان على الشر و البغي؟ و يجب السجود عند تلاوة هذه الآية أو الاستماع إليها.

16- تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ‏ يتركون بالليل فراشهم إلى ما هو أهم و أفضل‏ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً من سوء العاقبة في الدنيا و الآخرة وَ طَمَعاً في ثواب اللّه الذي لا يناله إطلاقا إلا الذين تواصوا بالحق و به يعملون بنص سورة العصر وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‏ فكيف بالذين سرقوا أموال المعذبين و المشردين، و هم متخمون؟.

17- فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ‏ أبدا، لا أحد يعلم ما أعد اللّه من تقدير للذين تنزهت نفوسهم عن الحرام، و كملت بأداء الواجب، لأن هذا التقدير فوق التصور ... هذا هو هدي القرآن أيها الداعون إليه.

18- أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً يعرف ما له و ما عليه، و يشعر بالواجب و المسئولية عن حق اللّه و حقوق الآخرين، و يعلم علم اليقين أنه محاسب أمام اللّه و الضمير و أمام المجتمع‏

التفسير المبين، ص: 547

الذي يعيش فيه لو تهاون و فرط كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يشعر إطلاقا بأي واجب عليه إلا بهمه و هم ذويه‏ لا يَسْتَوُونَ‏ و هل يستوي القراصنة الذين يصدون عن كل خير، و يقترفون كل إثم و جريمة، مع الذين يستميتون من أجل الحق، و لا تأخذهم لومة لائم؟ و جاء في العديد من التفاسير: أن المراد بالمؤمن هنا عليّ بن أبي طالب، و بالفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط، و نذكر من هذه التفاسير جامع البيان للطبري و البحر المحيط للأندلسي و روح البيان لحقي و تفسير القرآن العظيم لابن كثير و الدر المنثور للسيوطي و التسهيل لمحمد بن أحمد الكلبي.

19- أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ و أدوا أمانة اللّه و الناس، و جاهدوا لإعلاء كلمة الحق- فلا شك أن لهم عند اللّه الدرجات العلى.

20- وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا و نافقوا و ساوموا على دينهم و أمتهم و بلادهم فلهم عند اللّه أليم العذاب و شر مآب، و تقدم مرارا و تكرارا.

21- وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‏ يعذب سبحانه المجرمين في الدنيا بآفة من آفاتها، فإن تابوا فذاك و إلا فأمامهم‏ دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ و هو جهنم و بئس القرار.

22- وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ‏ فنسي الذكر ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها مغترا بجاه أو مال، فإن اللّه سبحانه ينتقم منه أشد انتقام.

23- وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ‏ المراد به جنس الكتاب المنزل لا التوراة بالخصوص‏ فَلا تَكُنْ‏ يا محمد فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ‏ أي من لقاء الكتاب لا من لقاء موسى لأن الضمير يعود للأقرب و المعنى أن اللّه سبحانه نزّل الكتاب على موسى و عليك أيضا، و لا شك في ذلك.

24- وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا أي جعل سبحانه أنبياء من بني إسرائيل كموسى و عيسى‏ لَمَّا صَبَرُوا على أذى قومهم، فاصبر أنت يا محمد على أذى قومك.

25- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ... واضح، و تقدم في البقرة الآية 113 و يونس الآية 93 و النحل 124.

26- أَ وَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا ... ألم يتعظ الإعراب:

صفحه بعد