کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المظهرى

الجزء الثامن

الجزء العاشر

سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيمة سورة الدهر سورة المرسلات سورة النبإ سورة النازعت سورة عبس سورة كورت سورة الانفطار سورة التطفيف سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الانشراح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزال سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة اللهب سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

التفسير المظهرى


صفحه قبل

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 10

بالتخيير في الإشباع و عدمه لقيها ساكن اولا «1» - و ورش يشبع عند الف القطع فقط- و إذا تلقته الف الوصل و قبل الهاء كسر او ياء ساكنة نحو بِهِمُ الْأَسْبابُ‏ و عَلَيْهِمُ الْقِتالُ* ضم الهاء و الميم حمزة و الكسائي- و كسرهما ابو عمرو- و كذلك يعقوب إذا انكسر ما قبله- و الآخرون ضموا الميم على الأصل و كسروا الهاء لاجل الياء و الكسرة- و في الوقف يكسر الهاء عند الكل لكسرة ما قبلها او الياء الا ما ذكرنا خلاف حمزة و يعقوب ابو محمد في الكلمات الثلث‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ (7) بدل من‏ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ - اى المنعم عليهم هم السالمون من الغضب و الضلال- او صفة له مبينة او مقيدة ان اجرى الموصول مجرى النكرة إذا لم يقصد به معهود- كما في قول الشاعر و لقد امرّ على اللّئيم يسبّنى- او جعل غير معرفة لاضافته الى ماله ضد واحد فيتعين- يقال عليكم بالحركة غير السكون- و عليهم في محل الرفع نائب مناب الفاعل- و لا مزيدة لتأكيد ما في غير من معنى النفي- كانه قال لا المغضوب عليهم- و الغضب ثوران النفس لارادة الانتقام و إذ أسند الى اللّه أريد به المنتهى- و الضلالة ضد الهداية و هو العدول عن الطريق الموصل و له عرض عريض- اخرج احمد في مسنده- و الترمذي و حسنه- و ابن حبان في صحيحه و غيرهم عن عدى بن حاتم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- ان المغضوب عليهم اليهود و ان الضالين النصارى- و اخرج ابن مردوية عن ابى ذر نحوه- و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم التفسير بذلك عن ابن عباس- و ابن مسعود- و الربيع ابن انس- و زيد بن اسلم- قال ابن ابى حاتم- لا اعلم في ذلك خلافا بين المفسرين- و اللفظ عام يعم الكفار و العصاة و المبتدعة- قال اللّه تعالى في القاتل عمدا- وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ - و قال- فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ‏ - و قال- الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا - و السنة عند ختم الفاتحة ان يقول أمين مفصولا- و أمين مخفف غير مشدد- جاء ممدودا و مقصورا قال البغوي قال ابن عباس معناه اسمع و استجب- و اخرج الثعلبي عنه قال سالت النبي صلى اللّه عليه و سلم عنه فقال افعل- روى ابن ابى شيبة في مصنفه و البيهقي فى الدلائل عن ابى ميسرة ان جبرئيل عليه السلام اقرأ النبىّ صلى اللّه عليه و سلم الفاتحة فلما قال‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال له قل أمين- و روى ابو داود في سننه عن ابى زهير أحد الصحابة

(1) هذا التعميم من سباق قلم او من الناسخ لان الإشباع قبل الساكن ممنوع- ابو محمد عفا اللّه عنه‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 11

قال- أمين مثل الطابع على الصحيفة خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات ليلة فاتينا على رجل قد ألح في المسألة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم أوجب ان ختم- فقال رجل من القوم باىّ شى‏ء يختم فقال أمين- و اخرج ابو داود- و الترمذي- و الدارقطني- و صححه ابن حبان- كان النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا قرا و لا الضّالّين قال أمين- و في الصحيحين عن ابى هريرة ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال إذا قال الامام‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فقولوا أمين فان الملائكة تقول أمين- و ان الامام يقول أمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.

فصل فى فضائل الفاتحة

عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفسى بيده ما انزل في التورية و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في القران مثلها- و انها لهى السبع المثاني التي أتاني اللّه عز و جل- رواه الترمذي و قال حسن صحيح- و الحاكم و قال صحيح على شرط مسلم- و عن ابن عباس قال بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عنده جبرئيل إذ سمع نقيضا من فوقه فرفع جبرئيل عليه السلام بصره الى السماء فقال هذا باب فتح من السماء ما فتح قط قال فنزل منه ملك فاتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال ابشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبى قبلك فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة لن تقرا حرفا منها الا أعطيته- رواه مسلم و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اللّه تعالى- قسّمت الصلاة بينى و بين عبدى نصفين فنصفها لى و نصفها لعبدى و لعبدى ما سال- قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- يقول العبد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ يقول اللّه حمدنى عبدى- يقول العبد الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ يقول اللّه اثنى علىّ عبدى- يقول العبد مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ يقول اللّه تعالى مجدنى عبدى- يقول العبد إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ يقول اللّه هذه الاية بينى و بين عبدى و لعبدى ما سال- يقول العبد اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ يقول فهؤلاء لعبدى و لعبدى ما سال- رواه مسلم- و عن عبد الملك بن عمير مرسلا قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- فاتحة الكتاب شفاء من كل داء- رواه الدارمي في مسنده و البيهقي في شعب الايمان بسند صحيح- و عن عبد اللّه بن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- الا أخبرك بأخير سورة نزلت في القران‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 12

قلت بلى يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال فاتحة الكتاب و احسبه قال فيها شفاء من كل داء- و عنه- فاتحة الكتاب شفاء من كل شى‏ء الا السام- و السام الموت- رواه الخلعي فى فوائده- و عن ابى سعيد بن المعلى- أعظم سورة في القران الحمد للّه رب العلمين- رواه البخاري و البيهقي و الحاكم من حديث انس- أفضل القران الحمد للّه رب العلمين- و روى البخاري في مسنده من حديث ابن عباس- فاتحة الكتاب تعدل ثلثى القران- و عن ابى سليمان قال مر بعض اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم في بعض غزواتهم على رجل قد صرع فقرأ بعضهم في اذنه بام القران فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- هى أم القران و هى شفاء من كل داء- رواه الثعلبي من طريق معاوية بن صالح عنه- و عن ابى سعيد الخدري مرفوعا- فاتحة الكتاب شفاء من السم- رواه سعيد بن منصور و البيهقي في الشعب- و عنه قال- كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت ان سيد الحي سليم فهل معكم راق فقام معها رجل فرقاه بام الكتاب فبرى‏ء فذكر للنبى صلى اللّه عليه و سلم فقال و ما كان يدريه انها رقية- رواه البخاري- و رواه ابو الشيخ و ابن حبان في الثواب عنه و عن ابى هريرة معا- و عن السائب بن يزيد قال- عوّذنى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بفاتحة الكتاب فىّ تفلا- رواه الطبراني في الأوسط- و عن انس- إذا وضعت جنبك على الفراش و قرأت فاتحة الكتاب و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقد امنت كل شى‏ء الا الموت- رواه البزار.

سورة البقرة

مدنيّة اخرج البخاري عن عائشة قالت ما نزلت سورة البقرة و النّساء الّا و انا عنده و هى مائتان و سبع‏ «1» و ثمانون اية و ستة الف و مائة و احدى و عشرون كلمة و حروفها خمسة و عشرون الف و خمسمائة حرف‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم‏ (1) قيل في المقطعات في أوائل السور انها اسماء السور- و قيل هى مزيدة للتنبيه على انقطاع كلام و استيناف كلام اخر- و قيل هى اشارة الى كلمات منها اقتصرت عليها اقتصار الشاعر فقلت لها قفى فقالت لى قاف- اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم عن‏

(1) عند اهل البصرة اما عند اهل الكوفة فمائتان و ست و ثمان اية- ابو محمد عفا اللّه عنه‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 13

ابى العالية- الالف آلاء اللّه- و اللام لطفه- و الميم ملكه- و اخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابى حاتم عنه الر و حم و ن مجموعها الرحمن- و عن ابن عباس ان الم معناه انا اللّه اعلم- و قال البغوي روى سعيد بن جبير عن ابن عباس‏ المص‏ انا اللّه اعلم و افصل و الر انا اللّه ارى و المر انا اللّه اعلم و ارى- و قيل اشارة الى مدد أقوام و آجال بحساب الجمل- روى البخاري في تاريخه و ابن جرير من طريق ضعيف انه صلى اللّه عليه و سلم لما اناه اليهود تلا عليهم‏ الم‏ البقرة فحسبوا فقالوا كيف ندخل في دين مدته احدى و سبعون سنة- فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالوا فهل غيره فقال‏ المص‏ و الر* - و المر - فقالوا خلطت علينا فلا ندرى بايها نأخذ- ورد هذه الأقوال بان كونها اسماء السور مستلزم لوقوع الاشتراك في الاعلام من واضع واحد و ذلك ينافى المقصود بالعلمية- و ايضا التسمية بثلاثة اسماء فصاعدا مستنكر و ايضا تسمية بعض السور دون بعض بعيد- و بان هذه الألفاظ لم تعهد مزيدة للدلالة على الفصل و الاستيناف- و ان كان كذلك كانت على كل سورة- و بان الاقتصار على بعض حروف الكلمة غير مستعمل و اما الشعر فشاذ على ان في الشعر قوله قفى في السؤال قرينة على ان قولها قاف من وقفت بخلاف أوائل السور إذ لا قرينة هناك على ان الالف من‏الآء اللّه- و اللام لطفه و نحو ذلك- و ما روى عن بعض الصحابة و التابعين فمصروف عن الظاهر و الا فهى اقوال متعارضة- و تخصيص حرف بكلمة من الكلمات المشتملة على تلك الحروف دون غيرها ترجيح بلا مرجح و بان تبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على فهم اليهودي- الظاهر انه صلى اللّه عليه و سلم تعجب على جهله- و قيل انه مقسم بها لشرفها من حيث انها بسائط اسماء اللّه تعالى- و مادة خطابه و هذا التأويل يحوج الى إضمار أشياء لا دليل عليها و اختار البيضاوي ان حروف التهجي لما كانت عنصر الكلام و بسائطه التي يتركب منها افتتحت السور بطائفة منها إيقاظا لمن يتحدى بالقران و تنبيها على ان المتلو عليهم كلام منظوم مما ينظمون منه كلامهم فلو كان من عند غير اللّه لما عجزوا عن الإتيان بمثله و ليكون أول ما يقرع الاسماع مستقلا بنوع من الاعجاز- فان النطق بأسماء الحروف من الأمي معجزة كالكتابة سيما و قد روعى في ذلك ما يعجز عنه الأديب الفائق في فنه حيث أورد اربعة عشر اسماء نصف عدد أسامي الحروف في تسع و عشرين سورة بعدد الحروف‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 14

مشتملة على انصاف جميع أنواعها من المهموسة و المجهورة و الشديدة و الرخوة و غيرها كما ذكر تفصيله- و ايضا الكلام غالبا يتركب من تلك الحروف الاربعة عشر دون البواقي- قال و المعنى ان هذا المتحدى به مؤلف من جنس هذه الحروف- و الحق عندى انها من المتشابهات‏ «1» و هى اسرار بين اللّه تعالى و بين رسوله صلى اللّه عليه و سلم لم يقصد بها إفهام العامة بل إفهام الرسول صلى اللّه عليه و سلم و من شاء افهامه من كمل اتباعه قال البغوي قال ابو بكر الصديق رضى اللّه عنه في كل كتاب سر و سر اللّه تعالى في القران أوائل السور- و قال علىّ رضى اللّه عنه ان لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي- و حكاه الثعلبي عن ابى بكر و عن علىّ و كثير- و حكاه السمرقندي عن عمرو و عثمان و ابن مسعود رضى اللّه عنهم أجمعين و حكاه القرطبي عن سفيان الثوري- و الربيع بن خثعم- و ابى بكر ابن الأنباري- و ابن ابى حاتم و جماعة من المحدثين- قال السجاوندى المروي عن الصدر الاول في الحروف التهجي انها سر بين اللّه و بين نبيه صلى اللّه عليه و سلم- و قد يجرى بين المحرمين كلمات معميات يشير الى اسرار بينهما- و قيل انّ اللّه تعالى استأثر بعلم المقطعات و المتشابهات ما فهمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا أحد من اتباعه- و هذا بعيد جدّا فان الخطاب للافهام فلو لم يكن مفهمة كان الخطاب بها كالخطاب بالمهمل او الخطاب بالهندي مع العربي- و لم يكن القران باسره بيانا و هدى- و يلزم ايضا الخلف في الوعد بقوله تعالى- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ‏ - فانه يقتضى ان بيان القران محكمه و متشابهه من اللّه تعالى للنبى صلى اللّه عليه و سلم واجب ضرورى- و روى عن ابن عباس انا من الراسخين في العلم و انا ممن يعلم تأويله- و كذا

(1) المتشابه فيه قولان أحدهما انه يرجى نيل المراد منه بضرب من التأويل و التأمل و الثاني انه لا يرجى نيل المراد منه فعلى القول الاول الرسول و غيره في ذلك سواء و الادلة التي ذكرت هاهنا يؤيد هذا القول و على القول الثاني هو مختار الحنفية رحمهم اللّه ايضا الرسول و غيره سواء و الادلة المذكورة مخدوشة عندهم فينبغى تفصيل المذهبين و كذا دليل كل من الفريقين مع الجواب عن دليل المخالف حتى ينتظم الكلام- قلت المتشابه التي يشتبه على السامع العارف باللغة المراد بحيث لا يدرك بالطلب و لا بالتأمل الا بعد بيان من الشارع فان بينه النبي صلى اللّه عليه و سلم حتى ظهر المراد منه سميت مجملا على اصطلاح الأصوليين كالصلوة و الزكوة و الحج و العمرة و اية الربوا و نحو ذلك و ان لم يوجد البيان و التعليم من النبي صلى اللّه عليه و سلم سميت متشابها على اصطلاحهم- و المتشابه بهذا المعنى أخص من المتشابه بالمعنى المذكور سابقا فالمقطعات و اليد و الوجه و الاستواء على العرش من هذا القبيل- و اختلف كلام العلماء في هذا النوع فقيل يمكن تأويله و قيل لا يمكن تأويله بل يجب الايمان به و تفويض المراد منه الى اللّه سبحانه فقيل استأثر اللّه سبحانه بعلمه ما فهم النبي صلى اللّه عليه و سلم مراده و لا أحد من اتباعه و به قال اكثر العلماء و قيل بل فهمه النبي صلى اللّه عليه و سلم و من شاء افهامه من اتباعه و هو سر بين اللّه و بين رسوله صلى اللّه عليه و سلم و هو المختار عندى و ما يدل على هذا من اقوال الصحابة مذكور في الكتاب- منه برد اللّه مضجعه‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 15

عن مجاهد و ادعى المجدد للالف الثاني رضى اللّه عنه (من الامة المرحومة التي لا يدرى أولها خير أم آخرها و لعل آخرها فوجا هى اعرضها عرضا و أعمقها عمقا و أحسنها حسنا) ان اللّه تعالى اظهر عليه تأويل المقطعات و اسرارها لكنها مما لا يمكن بيانها للعامة فانه ينافى كونها سرّا من اسرار اللّه تعالى و اللّه تعالى اعلم- و قيل انها اسماء اللّه تعالى أخرجه ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابى حاتم و ابن مردوية في الأسماء و الصفات عن ابن عباس و سنده صحيح- و روى ابن ماجة عن على رضى اللّه عنه انه كان يقول يا كهيعص‏ اغفر لى- و عن الربيع بن انس‏ كهيعص‏ معناه من يجير و لا يجار عليه- و قيل انها اسماء القران أخرجه عبد الرزاق عن قتادة قالوا و لذلك اخبر عنها بالكتاب و القران قلت ان كانت اسماء للّه تعالى كانت دالة على بعض صفاته تعالى- كسائر اسماء الصفات- و كذا ان كانت اسماء للقران كانت دالة على بعض صفات القران كما ان لفظ القران و الفرقان و النور و الحيوة و الروح و الذكر و الكتاب تدل على صفة من صفاته- و على كلا التقديرين فدلالة تلك الألفاظ ليست مما يفهمه العامة بل هى مختصة بفهم المخاطب و من شاء اللّه تعالى تفهيمه- و الحكم بانها من اسماء اللّه تعالى لا يتصور الا بعد فهم معناها- فهذان القولان على تقدير صحتهما راجعان الى ما حققناه انها اسرار بين اللّه تعالى و بين رسوله صلى اللّه عليه و سلم لا يفهمه غيره الا من شاء اللّه من كمل اتباعه و كذلك قوله تعالى- يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ‏ - و قوله تعالى- الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ - و هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ‏ - و نحو ذلك مما يستحيل حملها على ظواهرها التي تتبعها الذين في قلوبهم زيغ من المجسمة- فان كلا منها تدل على صفة من صفات اللّه تعالى بحيث فهمها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بعض الكمل من اتباعه- و توضيح ذلك ان للّه تعالى صفاتا غير متناهية «1»

(1) قال البغوي انه قال ابن عباس قالت اليهود أ تزعم انا قد أوتينا الحكمة و في كتابك‏ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ثم تقول‏ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فانزل اللّه هذه الاية يعنى كلمات علمه و حكمته تعالى غير متناهية و من هاهنا قال العلماء معلومات اللّه تعالى غير متناهية و كما ان علومه تعالى غير متناهية و ان كان ذلك اللاتناهى بعدم تناهى تعلقاتها- فكذلك جزئيات سائر صفاته تعالى غير متناهية و ايضا حصر الصفات فيما يعلمه الناس ممنوع كيف و ما ذكر فى المتن من الحديث الصحيح يدل على ان من أسمائه تعالى ما استأثر بعلمه لم يعلّمه أحدا من خلقه فمن الجائز ان يعلم اللّه سبحانه رسوله من أسمائه و صفاته بالمقطعات ما لم يعلمه قبله غيره- عدم تناهى الصفات انما هو بمعنى عدم تناهى تعلقاتها و حمل الكلمات على الصفات مستبعد كل البعد و لا يجب وضع اللفظ بإزاء كل تعلق تعلق حيث يقدح تناهيها في ادراك الصفات بل اللفظ انما يوضع بإزاء معنى كلى تنطبق على جزئيات غير متناهية- ثم عدم وضع اللفظ بإزاء معنى من المعاني لا يوجب عدم درا ذلك المعنى لجواز ان يتصور المعنى من غير توسط اللفظ و لا امتناع التصور بالكنه يوجب عدم اللفظ إذ التصور بالوجه كاف- ان كان استفادة العلم الضروري بهذه الحروف بطريق الدلالة الوضعية عاد الاشكال بأصله إذ تلك الدلالة ليست موجودة لانها ليست بوضع العرب مع ان القران عربى و ان كان لا بطريق الدلالة الوضعية بل بمجرد المقابلة و لزوم الروية يلزم الدرك من الحروف ما لها وضع و كلا الشقين محال قلت واضع الأسماء و اللغات كلها هو اللّه سبحانه دون الناس- و كان ابتداء التعليم من اللّه سبحانه بالإلهام او البيان و الا يلزم التسلسل فعلى هذا يمكن ان يكون هذه الحروف المقطعات في علم اللّه تعالى موضوعة للمعانى دالة عليها بالوضع فالهم اللّه سبحانه نبيه صلى اللّه عليه و سلم معنى تلك الحروف و صفتها كما الهم آدم عليه السلام معانى سائر الأسماء- منه رحمه اللّه‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 16

صفحه بعد