کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المظهرى

الجزء الثامن

الجزء العاشر

سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيمة سورة الدهر سورة المرسلات سورة النبإ سورة النازعت سورة عبس سورة كورت سورة الانفطار سورة التطفيف سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الانشراح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزال سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة اللهب سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

التفسير المظهرى


صفحه قبل

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 18

لا يسوغ فيه الريب فيكون البتة هدى- و هدى مصدر بمعنى الدلالة على الطريق الموصل او الدلالة الموصلة الى المقصود بمعنى الهادي- او ذكر مبالغة كزيد عدل- و تخصيص الهدى بالمتقين اما على المعنى الاول فلانهم هم المنتفعون به و ان كانت الدلالة عامة و لذا قال- هُدىً لِلنَّاسِ* - و اما على الثاني فظاهر لانه لا يكون دلالة موصلة الا لمن صقل عقله كالغذاء الصالح ينفع الصحيح دون المريض و لذا قال- شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً - و المتقى من يقى نفسه عما يضره في الاخرة من الشرك و ذلك أدناه- و من المعاصي و ذلك أوسطه- و من الاشتغال بما لا يعينه و يشغله عن ذكر اللّه تعالى و ذلك أعلاه و هو المراد بقوله تعالى- حَقَّ تُقاتِهِ‏ - و قال ابن عمر التقوى ان لا ترى نفسك خيرا من أحد- و قال شهر بن حوشب- المتقى الذي يترك ما لا بأس به- حذرا عما به بأس- روى الشيخان و ابن عدى عن النعمان بن بشير قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- الحلال بين و الحرام بين و بينهما امور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشتبهات استبرأ لعرضه و دينه و من وقع في المشتبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك ان يواقعه- الا و ان لكل ملك حمى الا و ان حمى اللّه في ارضه محارمه الا و ان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسدت الجسد كله الا و هى القلب- و روى الطبراني في الصغير الحلال بين و الحرام بين فدع ما يريبك الى ما لا يريبك- قلت صلاح القلب المذكور في الحديث هو المعبّر باصطلاح الصوفية بفناء القلب و هو أول مراتب الولاية و هو المستلزم لصلاح الجسد و الاتقاء عن المشتبهات حذرا من ارتكاب المحرمات- فالتقوى لازم للولاية قال اللّه تعالى- إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ‏ و في الاية سمى المشارف للتقوى متقيا مجازا على طريقة من قتل قتيلا-.

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‏ - صفة مقيدة للمتقين ان فسر بالتقوى عن الشرك و الا فموضحة مشتملة على اصول الأعمال من الايمان فانه رأس الأمر كله- و الصلاة فانها عماد الدين- و الزكوة فانها قنطرة الإسلام او مادحة- او مبتدأ و خبره‏ أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً‏ - قرا ابو جعفر و ابو عمرو و ورش يومنون بالواو بدلا عن الهمزة- و كذلك ابو جعفر يترك كل همزة ساكنة و يبدلها واوا بعد ضمة- و ياء بعد كسرة الا في انبئهم- و نبّئهم- و نبّئنا- و ابو عمرو كلها الا ما كان السكون فيه للجزم نحو يهيّئ او يكون فيه خروج من لغة الى لغة كالمؤصدة- و رءيا-

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 19

و ورش كل همزة ساكنة في فاء الفعل الا تؤى- و تؤويه- و لا يترك الهمزة في عين الفعل الا باب الرّؤيا و ما كان على وزن فعل مسكور العين- و الايمان في اللغة التصديق كما في قوله تعالى‏ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا - و ذلك يكون بالقلب و اللسان و في الشرع التصديق بالقلب و اللسان جميعا بما جاء به النبي صلى اللّه عليه و سلم و علم قطعا- و لا يعتبر التصديق بالقلب بدون اللسان الا في حالة الإكراه- قال اللّه تعالى‏ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ‏ - و قال‏ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ* - و قال‏ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ‏ - و لا يعتبر التصديق باللسان بدون القلب أصلا قال اللّه تعالى- وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ‏ - و اما الأعمال فغير داخلة في الايمان و لذا صح عطف‏ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ على‏ يُؤْمِنُونَ‏ و عطف‏ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ* - روى مسلم في الصحيح عن عمر بن الخطاب قال بينا نحن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر و لا يعرفه منا أحد حتى جلس الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه و وضع كفيه على فخذيه و قال يا محمد أخبرني عن الإسلام- قال الإسلام ان تشهد ان لا الله الا اللّه و ان محمدا رسول اللّه و تقيم الصلاة و تؤتى الزكوة و تصوم رمضان و تحج البيت ان استطعت اليه سبيلا- قال صدقت فعجبنا له يسئله- و يصدقه- قال أخبرني عن الايمان- قال ان تؤمن باللّه و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر و تؤمن بالقدر خيره و شره- قال صدقت قال فاخبرنى عن الإحسان- قال ان تعبد ربك كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك- قال فاخبرنى عن الساعة- قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل- قال فاخبرنى عن اماراتها- قال ان تلد الامة ربتها- و ان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان- قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لى يا عمر أ تدري من السائل- قلت اللّه و رسوله اعلم- قال فانه جبرئيل أتاكم يعلمكم دينكم- و رواه ابو هريرة مع اختلاف و فيه- إذا رايت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض في خمس لا يعلمهن الا اللّه ثم قرا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ‏ الاية- متفق عليه و هذا الحديث تدل على ان الإسلام اسم لما ظهر من الأعمال- و كذا قوله تعالى- قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا - و يطلق الإسلام ايضا على الايمان‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 20

كما في قوله تعالى‏ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ‏ فهو في اصطلاح الشرع مشترك فى المعنيين- و الغيب مصدر وصف به للمبالغة كالشهادة قال اللّه تعالى‏ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ* و المراد به ما غاب عن أبصارهم من ذات اللّه و صفاته و الملائكة و البعث و الجنة و النار و الصراط و الميزان و عذاب القبر و غير ذلك فهو واقع موقع المفعول به للايمان و الباء صلة- او بمعنى الفاعل وقع حالا من فاعل يؤمنون يعنى يؤمنون غائبين عنكم لا كالمنافقين في حضور المؤمنين خاصة دون الغيبة و قيل عن المؤمن به- روى عن ابن مسعود انه قال ان امر محمد صلى اللّه عليه و سلم كان بيّنا لمن راه و الذي لا الله غيره ما من أحد قط أفضل ايمانا من ايمان بغيب ثم قرا الم* ذلِكَ الْكِتابُ‏ الى قوله‏ الْمُفْلِحُونَ‏ - وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ اى يحافظون على حدودها و شرائطها و أركانها و صفاتها الظاهرة من السنن و الآداب و الباطنة من الخشوع و الإقبال- من اقام العود إذا قومه- او يديمونها و يواظبون عليها- من قامت السوق إذا نفقت و أقمتها إذا جعلتها نافقة و الصلاة أصله الدعاء و سميت بها لاشتمالها عليه قرا ورش بتغليظ اللام إذا تحرك بالفتح بعد الصاد- او الطاء- و الظاء- نحو الصّلوة- و مصلّى- و أظلم- و الطّلاق- و معطّلة- و بطل- و نحو ذلك و قرا الباقون بالترقيق الا في لفظه اللّه خاصة إذا انفتح او انضم ما قبله فيفخمونه‏ «1» أجمعون- وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‏ (3) الرزق في اللغة الحظ قال اللّه تعالى‏ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ‏ - و يطلق على كل ما ينتفع به الحيوان و الانفاق في الأصل الإخراج عن اليد و الملك و منه نفاق السوق حيث يخرج فيه السلعة و المراد به صرف المال في سبيل الخير هذه الاية في المؤمنين من مشركى العرب-.

وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ‏ يعنى القران‏ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ‏ من التورية و الإنجيل و سائر الكتب المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة و السلام- هم المؤمنون من اهل الكتاب- كذا اخرج ابن جرير عن ابن مسعود و ابن عباس رضى اللّه عنهما- فعلى هذا الآيتان تفصيل للمتقين- او المراد بهم هم الأولون من قبيل قوله شعر الى الملك القوم و ابن الهمام- و ليت الكتيبة في المزدحم- على معنى انهم الجامعون بين الايمان بما يدركه العقل جملة و إتيان الشرائع و بين الايمان بما لا طريق اليه غير السمع او من قبيل عطف الخاص على العام‏

(1) فى الأصل فيفخمون 12

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 21

كقوله تعالى‏ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ‏ - تعظيما لشأنهم- روى الشيخان عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثلثة لهم أجران رجل من اهل الكتاب أمن بنبيه و أمن بمحمد الحديث- و الانزال نقل الشي‏ء من الأعلى الى الأسفل و يلحق المعاني بتوسط لحوقه الذوات الحاملة لها كجبرئيل- او المراد العلو و السفل في الرتبة انزل من علم اللّه تعالى الى علم البشر يقصر ابو جعفر و ابن كثير و يعقوب و السوسي كل مد وقع بين كلمتين و قالون و الدوري يمد و يقصر و الباقون بمدونها و لذا سمى هذا المد المنفصل مدا جائزا بخلاف المتصل الواقع في كلمة واحدة نحو السّماء فانهم اتفقوا على مده فيسمى واجبا لكنهم اختلفوا في مقدار المتصل و المنفصل فابن كثير و ابو عمرو و قالون يمدون على قدر ثلث حركات و ابن عامر و الكسائي على قدر اربع حركات و عاصم على قدر خمس حركات و ورش و حمزه على قدر ست حركات هذا في المد الذي يقع بعد المدة همزه- اما إذا وقع بعده ساكن نحو وَ لَا الضَّالِّينَ‏ و الم‏ فجميع القراء اتفقوا على مده على قدر ست حركات و يسمى مدا لازما- الا إذا كان الساكن لعارض الوقف فاتفقوا على ان القاري مخير في مده على قدر حركتين او اربع حركات اوست حركات و فيما كان الساكن في الأصل مضموما نحو نَسْتَعِينُ‏ يمدونها الى سبع‏ «1» حركات- و اللّه اعلم- وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏ (4) اى بالدار الاخرة سميت الدنيا لدنوّها- و الاخرة لتاخرها فهما صفتان في الأصل غلبتهما الاسمية فصارا اسمين- و الإيقان إتقان العلم بنفي الشك عنه نظرا و استدلالا- فلا يسمى اللّه موقنا- قرا ورش بنقل حركت الهمزة الى اللام و حذف الهمزة و كذلك كل ما وقع الهمزة أول كلمة- و السابق عليه حرف ساكن غير مدولين من اخر كلمة اخرى فانه يلقى حركت الهمزة على الساكن قبلها و يحذفها سواء كان الساكن نون تنوين او لام تعريف او غير ذلك نحو مِنْ شَيْ‏ءٍ إِذْ كانُوا - و مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا - و كُفُواً أَحَدٌ - و بِالْآخِرَةِ الْأَرْضِ* - الْأُولى‏* - و استثنى اصحاب يعقوب عن ورش من ذلك‏ كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ‏ - و اختلفوا فى‏ الْآنَ* في موضعين و عاداً الْأُولى‏ - ثم ورش يمد مدّا قصيرا و متوسط او طويلا على هذه المدة- و كذا على كل مدة وقع بعد الهمزة سواء كانت الهمزة ثابتة نحو أمن- و أوحى- و إيمانا- او محذوفة بعد نقل الحركة نحو بالاخرة- و قل اوحى- و من أمن او مبدلة نحو هؤلاء الهة فقرا ورش هؤلاء يالهة بالابدال و المد او مسهلة نحو جاء ال- الا ياء إسرائيل تحرزا عن ثلث مدات في‏

(1) لا فرق عند القراء في المضموم و غيرها 12 ابو محمد عفا اللّه عنه‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 22

بنى إسرائيل- و بعضهم لا يرون لورش المد الا في الثابتة- و قرا حمزة من رواية خلف بالسكتة على اللام و كذا على كل ساكن غير مدة وقع اخر الكلمة و بعده همزة يسكت عليه سكتة لطيفة من غير قطع نحو من أمن- و هل اتيك- و عليهم ءانذرتهم ابني آدم و خلوا الى شيطينهم- الاخرة- الأرض- و عنه السكتة على لام التعريف و شى‏ء و شيئا لا غير- و قدم الضمير للحصر اى هم الموقنون بالاخرة دون غيرهم من اهل الكتاب لعدم مطابقة اعتقادهم الواقع حيث‏ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏ و نحو ذلك-.

أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ‏ - الجملة في محل الرفع ان جعل أحد الموصولين منفصلا عن المتقين كانه نتيجة للاحكام بالصفات المذكورة فان اسم الاشارة كاعادة الموصوف بصفاته- ففيه إيذان بان تلك الصفات موجبة لهذا الحكم- و في كلمة على إيذان على تمكنهم و و استقرارهم على الهداية- و نكر هدى للتعظيم و أكّد التعظيم بان اللّه معطيه و موفقه‏ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ (5) اى الفائزون بالمطلوب هذا اللفظ و ما يشاركه في الفاء و العين من فلق و فلذ و فلى يدل على الشق و القطع كانّ المفلح انشق من غيره و صار بينهما بون بعيد- او صاروا مقطوعا لهم بالخير في الدنيا و الاخرة كرر اسم الاشارة تنبيها على ان اتصافهم بتلك الصفاة يقتضى كل واحدة من الاثرتين و وسط العاطف لاختلاف مفهوم الجملتين بخلاف قوله‏ أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ‏ - أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ‏ - و هم ضمير يفصل الخبر عن الصفة و يؤكد النسبة و يفيد الاختصاص- او مبتدأ و المفلحون خبره و الجملة خبر أولئك- و تمسك المعتزلة بان الحصر تدل على خلود مرتكب الكبيرة في النار- ورد بان المراد المفلحون الكاملون في الفلاح و يلزم منه عدم كمال الفلاح لمن ليس مثلهم لا عدم الفلاح مطلقا- ثم لما ورد ذكر خاصة- عباد اللّه و أوليائه في ضمن ذكر الكتاب او مستقلا ان جعل الموصول منفصلا عن المتقين- عقبهم أضدادهم المردة و لم يعطف لاختلاف السياق-.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا - الكفر لغة ستر النعمة و في الشرع ضد الايمان و ستر نعمة اللّه- سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ‏ - خبران- و سوآء اسم بمعنى الاستواء نعت به كما ينعت بالمصادر- و ما بعده مرفوع على الفاعلية كانه قيل مستو عليهم إنذارك و عدمه-

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 23

او خبر لما بعده بمعنى انه إنذارك و عدمه سيان عليهم- و الفعل وقع مخبرا عنه باعتبار المعنى التضمني اى الحدث مجازا- و انما عدل عن المصدر الى الفعل لايهام التجدد- و الهمزة و أم جردتا عن معنى الاستفهام و ذكر التقرير معنى الاستواء و تأكيده- و الانذار التخويف من عذاب اللّه و اقتصر عليه لان دفع الضرر أهم من جلب النفع- قرا ورش بابدال الهمزة الثانية الفا- و قالون و ابن كثير و ابو عمرو يسهّلون الثانية بين بين لكن قالون يدخل الفا بينهما مع التسهيل- و هشام يدخل الفا بينهما من غير تسهيل- و الباقون يحققون الهمزتين من غير إدخال- و كذلك المقال في كل همزتين مفتوحتين في كلمة واحدة- و ذكر في التيسير مذهب هشام كقالون- و اما إذا اختلفتا بالفتح و الكسر فى كلمة نحواء ذا كنّا ترابا فالحرميان و ابو عمرو يسهلون الثانية و قالون و ابو عمرو يدخلان قبلها الفا و الباقون يحققون الهمزتين و اختلف الرواية عن هشام في إدخال الالف بينهما ففى رواية يدخل مطلقا- و في رواية لا الا في سبعة مواضع- أ إنّكم في الأعراف و فصلت أ إنّ لنا لاجرا في الأعراف و الشعراء- و في مريم‏ أَ إِذا ما مِتُ‏ - و في الصّافّات‏ أَ إِنَّكَ‏ و أَ إِفْكاً - و إذا اختلفتا بالفتح و الضم فى كلمة فالحرميان و ابو عمرو يسهلون الثانية- و قالون يدخل بينهما الفا- و هشام كقالون في ص‏ أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ‏ و في القمر أَ أُلْقِيَ‏ - و كالجمهور في ال عمران‏ قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ‏ و الباقون يحققون و لا رابع لها- لا يُؤْمِنُونَ‏ (6) جملة مفسرة لاجمال ما قبلها فيما فيه الاستواء فلا محل لها او حال مؤكدة او بدل عنه- او خبر انّ و الجملة قبلها اعتراض بما هو علة الحكم-.

خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏ - فلا تعى خيرا- و القلب هو المضغة و قد يطلق على المعرفة و العقل قال اللّه تعالى‏ إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ‏ - اعلم ان اللّه تعالى خالق الأشياء كلها اعراضها و جواهرها- و الأسباب اسباب عادية يخلق اللّه تعالى عقيبها المسببات فاللّه سبحانه بعد استعمال الحواس من السمع و البصر و غيرهما يخلق علما بالمحسوسات و بعد استعمال الذهن فى ترتيب المقدمتين يخلق علما بالنتيجة جريا على عادته- و لو شاء لا يخلق و يتعطل الحواس و يتخبظ الذهن- و لو شاء يحصل العلم بالمحسوس و لا يفيد ذلك العلم اثرا في القلب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء- ثم قال اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك- رواه مسلم عن‏

التفسير المظهرى، ج‏1، ص: 24

صفحه بعد