کتابخانه تفاسیر
التفسير المظهرى، ج1، ص: 18
لا يسوغ فيه الريب فيكون البتة هدى- و هدى مصدر بمعنى الدلالة على الطريق الموصل او الدلالة الموصلة الى المقصود بمعنى الهادي- او ذكر مبالغة كزيد عدل- و تخصيص الهدى بالمتقين اما على المعنى الاول فلانهم هم المنتفعون به و ان كانت الدلالة عامة و لذا قال- هُدىً لِلنَّاسِ* - و اما على الثاني فظاهر لانه لا يكون دلالة موصلة الا لمن صقل عقله كالغذاء الصالح ينفع الصحيح دون المريض و لذا قال- شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً - و المتقى من يقى نفسه عما يضره في الاخرة من الشرك و ذلك أدناه- و من المعاصي و ذلك أوسطه- و من الاشتغال بما لا يعينه و يشغله عن ذكر اللّه تعالى و ذلك أعلاه و هو المراد بقوله تعالى- حَقَّ تُقاتِهِ - و قال ابن عمر التقوى ان لا ترى نفسك خيرا من أحد- و قال شهر بن حوشب- المتقى الذي يترك ما لا بأس به- حذرا عما به بأس- روى الشيخان و ابن عدى عن النعمان بن بشير قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- الحلال بين و الحرام بين و بينهما امور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشتبهات استبرأ لعرضه و دينه و من وقع في المشتبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك ان يواقعه- الا و ان لكل ملك حمى الا و ان حمى اللّه في ارضه محارمه الا و ان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسدت الجسد كله الا و هى القلب- و روى الطبراني في الصغير الحلال بين و الحرام بين فدع ما يريبك الى ما لا يريبك- قلت صلاح القلب المذكور في الحديث هو المعبّر باصطلاح الصوفية بفناء القلب و هو أول مراتب الولاية و هو المستلزم لصلاح الجسد و الاتقاء عن المشتبهات حذرا من ارتكاب المحرمات- فالتقوى لازم للولاية قال اللّه تعالى- إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ و في الاية سمى المشارف للتقوى متقيا مجازا على طريقة من قتل قتيلا-.
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ - صفة مقيدة للمتقين ان فسر بالتقوى عن الشرك و الا فموضحة مشتملة على اصول الأعمال من الايمان فانه رأس الأمر كله- و الصلاة فانها عماد الدين- و الزكوة فانها قنطرة الإسلام او مادحة- او مبتدأ و خبره أُولئِكَ عَلى هُدىً - قرا ابو جعفر و ابو عمرو و ورش يومنون بالواو بدلا عن الهمزة- و كذلك ابو جعفر يترك كل همزة ساكنة و يبدلها واوا بعد ضمة- و ياء بعد كسرة الا في انبئهم- و نبّئهم- و نبّئنا- و ابو عمرو كلها الا ما كان السكون فيه للجزم نحو يهيّئ او يكون فيه خروج من لغة الى لغة كالمؤصدة- و رءيا-
التفسير المظهرى، ج1، ص: 19
و ورش كل همزة ساكنة في فاء الفعل الا تؤى- و تؤويه- و لا يترك الهمزة في عين الفعل الا باب الرّؤيا و ما كان على وزن فعل مسكور العين- و الايمان في اللغة التصديق كما في قوله تعالى وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا - و ذلك يكون بالقلب و اللسان و في الشرع التصديق بالقلب و اللسان جميعا بما جاء به النبي صلى اللّه عليه و سلم و علم قطعا- و لا يعتبر التصديق بالقلب بدون اللسان الا في حالة الإكراه- قال اللّه تعالى وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ - و قال يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ* - و قال إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ - و لا يعتبر التصديق باللسان بدون القلب أصلا قال اللّه تعالى- وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ - و اما الأعمال فغير داخلة في الايمان و لذا صح عطف يُقِيمُونَ الصَّلاةَ على يُؤْمِنُونَ و عطف آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ* - روى مسلم في الصحيح عن عمر بن الخطاب قال بينا نحن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر و لا يعرفه منا أحد حتى جلس الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه و وضع كفيه على فخذيه و قال يا محمد أخبرني عن الإسلام- قال الإسلام ان تشهد ان لا الله الا اللّه و ان محمدا رسول اللّه و تقيم الصلاة و تؤتى الزكوة و تصوم رمضان و تحج البيت ان استطعت اليه سبيلا- قال صدقت فعجبنا له يسئله- و يصدقه- قال أخبرني عن الايمان- قال ان تؤمن باللّه و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر و تؤمن بالقدر خيره و شره- قال صدقت قال فاخبرنى عن الإحسان- قال ان تعبد ربك كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك- قال فاخبرنى عن الساعة- قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل- قال فاخبرنى عن اماراتها- قال ان تلد الامة ربتها- و ان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان- قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لى يا عمر أ تدري من السائل- قلت اللّه و رسوله اعلم- قال فانه جبرئيل أتاكم يعلمكم دينكم- و رواه ابو هريرة مع اختلاف و فيه- إذا رايت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض في خمس لا يعلمهن الا اللّه ثم قرا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ الاية- متفق عليه و هذا الحديث تدل على ان الإسلام اسم لما ظهر من الأعمال- و كذا قوله تعالى- قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا - و يطلق الإسلام ايضا على الايمان
التفسير المظهرى، ج1، ص: 20
كما في قوله تعالى قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ فهو في اصطلاح الشرع مشترك فى المعنيين- و الغيب مصدر وصف به للمبالغة كالشهادة قال اللّه تعالى عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ* و المراد به ما غاب عن أبصارهم من ذات اللّه و صفاته و الملائكة و البعث و الجنة و النار و الصراط و الميزان و عذاب القبر و غير ذلك فهو واقع موقع المفعول به للايمان و الباء صلة- او بمعنى الفاعل وقع حالا من فاعل يؤمنون يعنى يؤمنون غائبين عنكم لا كالمنافقين في حضور المؤمنين خاصة دون الغيبة و قيل عن المؤمن به- روى عن ابن مسعود انه قال ان امر محمد صلى اللّه عليه و سلم كان بيّنا لمن راه و الذي لا الله غيره ما من أحد قط أفضل ايمانا من ايمان بغيب ثم قرا الم* ذلِكَ الْكِتابُ الى قوله الْمُفْلِحُونَ - وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ اى يحافظون على حدودها و شرائطها و أركانها و صفاتها الظاهرة من السنن و الآداب و الباطنة من الخشوع و الإقبال- من اقام العود إذا قومه- او يديمونها و يواظبون عليها- من قامت السوق إذا نفقت و أقمتها إذا جعلتها نافقة و الصلاة أصله الدعاء و سميت بها لاشتمالها عليه قرا ورش بتغليظ اللام إذا تحرك بالفتح بعد الصاد- او الطاء- و الظاء- نحو الصّلوة- و مصلّى- و أظلم- و الطّلاق- و معطّلة- و بطل- و نحو ذلك و قرا الباقون بالترقيق الا في لفظه اللّه خاصة إذا انفتح او انضم ما قبله فيفخمونه «1» أجمعون- وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) الرزق في اللغة الحظ قال اللّه تعالى وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ - و يطلق على كل ما ينتفع به الحيوان و الانفاق في الأصل الإخراج عن اليد و الملك و منه نفاق السوق حيث يخرج فيه السلعة و المراد به صرف المال في سبيل الخير هذه الاية في المؤمنين من مشركى العرب-.
وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يعنى القران وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من التورية و الإنجيل و سائر الكتب المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة و السلام- هم المؤمنون من اهل الكتاب- كذا اخرج ابن جرير عن ابن مسعود و ابن عباس رضى اللّه عنهما- فعلى هذا الآيتان تفصيل للمتقين- او المراد بهم هم الأولون من قبيل قوله شعر الى الملك القوم و ابن الهمام- و ليت الكتيبة في المزدحم- على معنى انهم الجامعون بين الايمان بما يدركه العقل جملة و إتيان الشرائع و بين الايمان بما لا طريق اليه غير السمع او من قبيل عطف الخاص على العام
(1) فى الأصل فيفخمون 12
التفسير المظهرى، ج1، ص: 21
كقوله تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ - تعظيما لشأنهم- روى الشيخان عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثلثة لهم أجران رجل من اهل الكتاب أمن بنبيه و أمن بمحمد الحديث- و الانزال نقل الشيء من الأعلى الى الأسفل و يلحق المعاني بتوسط لحوقه الذوات الحاملة لها كجبرئيل- او المراد العلو و السفل في الرتبة انزل من علم اللّه تعالى الى علم البشر يقصر ابو جعفر و ابن كثير و يعقوب و السوسي كل مد وقع بين كلمتين و قالون و الدوري يمد و يقصر و الباقون بمدونها و لذا سمى هذا المد المنفصل مدا جائزا بخلاف المتصل الواقع في كلمة واحدة نحو السّماء فانهم اتفقوا على مده فيسمى واجبا لكنهم اختلفوا في مقدار المتصل و المنفصل فابن كثير و ابو عمرو و قالون يمدون على قدر ثلث حركات و ابن عامر و الكسائي على قدر اربع حركات و عاصم على قدر خمس حركات و ورش و حمزه على قدر ست حركات هذا في المد الذي يقع بعد المدة همزه- اما إذا وقع بعده ساكن نحو وَ لَا الضَّالِّينَ و الم فجميع القراء اتفقوا على مده على قدر ست حركات و يسمى مدا لازما- الا إذا كان الساكن لعارض الوقف فاتفقوا على ان القاري مخير في مده على قدر حركتين او اربع حركات اوست حركات و فيما كان الساكن في الأصل مضموما نحو نَسْتَعِينُ يمدونها الى سبع «1» حركات- و اللّه اعلم- وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) اى بالدار الاخرة سميت الدنيا لدنوّها- و الاخرة لتاخرها فهما صفتان في الأصل غلبتهما الاسمية فصارا اسمين- و الإيقان إتقان العلم بنفي الشك عنه نظرا و استدلالا- فلا يسمى اللّه موقنا- قرا ورش بنقل حركت الهمزة الى اللام و حذف الهمزة و كذلك كل ما وقع الهمزة أول كلمة- و السابق عليه حرف ساكن غير مدولين من اخر كلمة اخرى فانه يلقى حركت الهمزة على الساكن قبلها و يحذفها سواء كان الساكن نون تنوين او لام تعريف او غير ذلك نحو مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا - و مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا - و كُفُواً أَحَدٌ - و بِالْآخِرَةِ الْأَرْضِ* - الْأُولى* - و استثنى اصحاب يعقوب عن ورش من ذلك كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ - و اختلفوا فى الْآنَ* في موضعين و عاداً الْأُولى - ثم ورش يمد مدّا قصيرا و متوسط او طويلا على هذه المدة- و كذا على كل مدة وقع بعد الهمزة سواء كانت الهمزة ثابتة نحو أمن- و أوحى- و إيمانا- او محذوفة بعد نقل الحركة نحو بالاخرة- و قل اوحى- و من أمن او مبدلة نحو هؤلاء الهة فقرا ورش هؤلاء يالهة بالابدال و المد او مسهلة نحو جاء ال- الا ياء إسرائيل تحرزا عن ثلث مدات في
(1) لا فرق عند القراء في المضموم و غيرها 12 ابو محمد عفا اللّه عنه
التفسير المظهرى، ج1، ص: 22
بنى إسرائيل- و بعضهم لا يرون لورش المد الا في الثابتة- و قرا حمزة من رواية خلف بالسكتة على اللام و كذا على كل ساكن غير مدة وقع اخر الكلمة و بعده همزة يسكت عليه سكتة لطيفة من غير قطع نحو من أمن- و هل اتيك- و عليهم ءانذرتهم ابني آدم و خلوا الى شيطينهم- الاخرة- الأرض- و عنه السكتة على لام التعريف و شىء و شيئا لا غير- و قدم الضمير للحصر اى هم الموقنون بالاخرة دون غيرهم من اهل الكتاب لعدم مطابقة اعتقادهم الواقع حيث قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى و نحو ذلك-.
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ - الجملة في محل الرفع ان جعل أحد الموصولين منفصلا عن المتقين كانه نتيجة للاحكام بالصفات المذكورة فان اسم الاشارة كاعادة الموصوف بصفاته- ففيه إيذان بان تلك الصفات موجبة لهذا الحكم- و في كلمة على إيذان على تمكنهم و و استقرارهم على الهداية- و نكر هدى للتعظيم و أكّد التعظيم بان اللّه معطيه و موفقه وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) اى الفائزون بالمطلوب هذا اللفظ و ما يشاركه في الفاء و العين من فلق و فلذ و فلى يدل على الشق و القطع كانّ المفلح انشق من غيره و صار بينهما بون بعيد- او صاروا مقطوعا لهم بالخير في الدنيا و الاخرة كرر اسم الاشارة تنبيها على ان اتصافهم بتلك الصفاة يقتضى كل واحدة من الاثرتين و وسط العاطف لاختلاف مفهوم الجملتين بخلاف قوله أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ - أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ - و هم ضمير يفصل الخبر عن الصفة و يؤكد النسبة و يفيد الاختصاص- او مبتدأ و المفلحون خبره و الجملة خبر أولئك- و تمسك المعتزلة بان الحصر تدل على خلود مرتكب الكبيرة في النار- ورد بان المراد المفلحون الكاملون في الفلاح و يلزم منه عدم كمال الفلاح لمن ليس مثلهم لا عدم الفلاح مطلقا- ثم لما ورد ذكر خاصة- عباد اللّه و أوليائه في ضمن ذكر الكتاب او مستقلا ان جعل الموصول منفصلا عن المتقين- عقبهم أضدادهم المردة و لم يعطف لاختلاف السياق-.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا - الكفر لغة ستر النعمة و في الشرع ضد الايمان و ستر نعمة اللّه- سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ - خبران- و سوآء اسم بمعنى الاستواء نعت به كما ينعت بالمصادر- و ما بعده مرفوع على الفاعلية كانه قيل مستو عليهم إنذارك و عدمه-
التفسير المظهرى، ج1، ص: 23
او خبر لما بعده بمعنى انه إنذارك و عدمه سيان عليهم- و الفعل وقع مخبرا عنه باعتبار المعنى التضمني اى الحدث مجازا- و انما عدل عن المصدر الى الفعل لايهام التجدد- و الهمزة و أم جردتا عن معنى الاستفهام و ذكر التقرير معنى الاستواء و تأكيده- و الانذار التخويف من عذاب اللّه و اقتصر عليه لان دفع الضرر أهم من جلب النفع- قرا ورش بابدال الهمزة الثانية الفا- و قالون و ابن كثير و ابو عمرو يسهّلون الثانية بين بين لكن قالون يدخل الفا بينهما مع التسهيل- و هشام يدخل الفا بينهما من غير تسهيل- و الباقون يحققون الهمزتين من غير إدخال- و كذلك المقال في كل همزتين مفتوحتين في كلمة واحدة- و ذكر في التيسير مذهب هشام كقالون- و اما إذا اختلفتا بالفتح و الكسر فى كلمة نحواء ذا كنّا ترابا فالحرميان و ابو عمرو يسهلون الثانية و قالون و ابو عمرو يدخلان قبلها الفا و الباقون يحققون الهمزتين و اختلف الرواية عن هشام في إدخال الالف بينهما ففى رواية يدخل مطلقا- و في رواية لا الا في سبعة مواضع- أ إنّكم في الأعراف و فصلت أ إنّ لنا لاجرا في الأعراف و الشعراء- و في مريم أَ إِذا ما مِتُ - و في الصّافّات أَ إِنَّكَ و أَ إِفْكاً - و إذا اختلفتا بالفتح و الضم فى كلمة فالحرميان و ابو عمرو يسهلون الثانية- و قالون يدخل بينهما الفا- و هشام كقالون في ص أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ و في القمر أَ أُلْقِيَ - و كالجمهور في ال عمران قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ و الباقون يحققون و لا رابع لها- لا يُؤْمِنُونَ (6) جملة مفسرة لاجمال ما قبلها فيما فيه الاستواء فلا محل لها او حال مؤكدة او بدل عنه- او خبر انّ و الجملة قبلها اعتراض بما هو علة الحكم-.
خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ - فلا تعى خيرا- و القلب هو المضغة و قد يطلق على المعرفة و العقل قال اللّه تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ - اعلم ان اللّه تعالى خالق الأشياء كلها اعراضها و جواهرها- و الأسباب اسباب عادية يخلق اللّه تعالى عقيبها المسببات فاللّه سبحانه بعد استعمال الحواس من السمع و البصر و غيرهما يخلق علما بالمحسوسات و بعد استعمال الذهن فى ترتيب المقدمتين يخلق علما بالنتيجة جريا على عادته- و لو شاء لا يخلق و يتعطل الحواس و يتخبظ الذهن- و لو شاء يحصل العلم بالمحسوس و لا يفيد ذلك العلم اثرا في القلب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء- ثم قال اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك- رواه مسلم عن
التفسير المظهرى، ج1، ص: 24