کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 54

الحمد، و فاتحة الكتاب، لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا و كتابة، و تفتتح بها الصلوات، و أم الكتاب في رأي الجمهور، و أم القرآن في رأي الجمهور،

لقوله صلّى اللّه عليه و سلم: «الحمد للّه: أمّ القرآن، و أمّ الكتاب، و السبع المثاني» «1»

، و المثاني، لأنها تثنى في كل ركعة، و القرآن العظيم، لتضمنها جميع علوم القرآن و مقاصده الأساسية، و الشفاء

لقوله صلّى اللّه عليه و سلم: «فاتحة الكتاب شفاء من كل سم» «2» ،

و الرّقية،

لقوله صلّى اللّه عليه و سلّم‏ لمن رقى بها سيد الحي: «ما أدراك أنها رقية» «3»

، و الأساس، لقول ابن عباس: «... و أساس الكتب: القرآن، و أساس القرآن:

الفاتحة، و أساس الفاتحة: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم»، و الوافية: لأنها لا تتنصف و لا تحتمل الاختزال، فلو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يجز عند الجمهور، و الكافية، لأنها تكفي عن سواها، و لا يكفي سواها عنها. هذه هي أسماء سورة الفاتحة، و أشهرها ثلاث: الفاتحة، و أم الكتاب، و السبع المثاني. و السورة:

طائفة من القرآن مؤلفة من ثلاث آيات، فأكثر، لها اسم يعرف بطريق الرواية الثابتة.

فضلها:

ثبت في الأحاديث الصحيحة فضل الفاتحة، منها

قوله صلّى اللّه عليه و سلم: «ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل مثل أم القرآن، و هي السبع المثاني، و هي- كما قال اللّه عز و جل في الحديث القدسي- مقسومة بيني و بين عبدي، و لعبدي ما سأل» «4» .

(1) رواه الترمذي عن أبي هريرة.

(2) رواه الدارمي عن عبد الملك بن عمير، بلفظ: «في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء»

(3) أخرجه الأئمة عن أبي سعيد الخدري.

(4)

رواه الترمذي عن أبي بن كعب، و رواه أيضا عنه الإمام أحمد في المسند بلفظ: «و الذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة، و لا في الإنجيل، و لا في الزبور، و لا في الفرقان مثلها، هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته».

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 55

و منها

أن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال لأبي سعيد بن المعلّى: «لأعلّمنك سورة هي أعظم السور في القرآن: الحمد للّه رب العالمين، هي السبع المثاني، و القرآن العظيم الذي أوتيته» «1» .

و هذان الحديثان يشيران إلى قوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ [الحجر 15/ 87] لأنها سبع آيات تثنى في الصلاة، أي تعاد.

الإعراب:

الباء من‏ بِسْمِ اللَّهِ‏ زائدة بمعنى الإلصاق، و الراجح أنها بمعنى الاستعانة، و الجار و المجرور خبر مبتدأ محذوف عند البصريين، و تقديره: ابتدائي بسم اللّه، أي كائن باسم اللّه، أو في موضع نصب بفعل مقدر عند الكوفيين، و تقديره: ابتدأت بسم اللّه.

و الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ مبتدأ و خبر، و رَبِّ الْعالَمِينَ‏ صفة اللّه.

و مالِكِ‏ مجرور على البدل، لا على الصفة: لأنه نكرة، بسبب أنه اسم فاعل لا يكتسب التعريف من المضاف إليه، إذا كان للحال أو الاستقبال. و يَوْمِ الدِّينِ‏ ظرف زمان.

و إِيَّاكَ‏ ضمير منصوب منفصل، و العامل فيه‏ نَعْبُدُ و الكاف للخطاب.

و اهْدِنَا سؤال و طلب، فعل أمر يتعدى إلى مفعولين.

و صِراطَ الَّذِينَ‏ بدل من الصراط الأول. و الَّذِينَ‏ اسم موصول. و غَيْرِ مجرور على البدل من ضمير عَلَيْهِمْ‏ : و هذا ضعيف، أو من‏ الَّذِينَ‏ أو مجرور على الوصف للذين. و لَا في‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ زائدة للتوكيد عند البصريين، و بمعنى «غير» عند الكوفيين. و أما «آمين» فدعاء، و ليس من القرآن، و هو اسم فعل و معناه: اللهم استجب.

البلاغة:

الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ جملة خبرية لفظا، إنشائية معنى، أي قولوا: الحمد للّه، و هي مفيدة قصر الحمد عليه تعالى.

و إِيَّاكَ نَعْبُدُ ... فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، و تقديم المفعول يفيد القصر، أي لا نعبد سواك.

(1) خرّجه البخاري.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 56

و اهْدِنَا الصِّراطَ أي ثبتنا عليه، فالمراد به دوام الطلب و استمراره.

و غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ فيه حذف، تقديره: غير صراط المغضوب عليهم.

المفردات اللغوية:

الْحَمْدُ الثناء بالجميل على الفعل الاختياري، و هو أعم من الشكر، لأن الشكر يكون مقابل النعمة. اللَّهِ‏ : علم على الذات العلية المقدسة، و معناه: المعبود بحق، و قيل: إنه اسم اللّه الأعظم، و لم يتسمّ به غيره. أما «الإله» فهو المعبود بحق أو باطل، يطلق على اللّه تعالى و على غيره. رَبِ‏ الرب: المالك و السيد المعبود و المصلح و المدبر و الجابر و القائم، فيه معنى الربوبية و التربية و العناية بالمخلوقات. الْعالَمِينَ‏ جمع عالم، و هو كل موجود سوى اللّه تعالى، و هو أنواع كعالم الإنسان و الحيوان و النبات و الذر و الجن. و لفظ العالم: اسم جنس لا واحد له من لفظه، مثل رهط و قوم.

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ صفتان للّه مشتقتان من الرحمة، لوحظ في كل منهما معنى معين، فالرحمن: صيغة مبالغة بمعنى: عظيم الرحمة، و هو اسم عام في جميع أنواع الرحمة، و أكثر العلماء على أن‏ الرَّحْمنِ‏ اسم مختص باللّه عزّ و جلّ، و لا يجوز أن يسمى به غيره. و الرَّحِيمِ‏ بمعنى دائم الرحمة. و لما كان في اتصافه تعالى ب رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ترهيب، قرنه بالرحمن الرحيم.

مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ أي مالك يوم الحساب و المكافأة و الجزاء على الأعمال، و الأمر كله في قبضته يوم القيامة، و من عرف أن اللّه ملك يوم الدين، فقد عرفه بأسمائه الحسنى و صفاته المثلى.

إِيَّاكَ نَعْبُدُ نخصك بالعبادة و لا نعبد غيرك، و معناه نطيع، و العبادة: الطاعة و التذلل‏ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ أي نطلب العون و التأييد و التوفيق، و نخصك بطلب المعونة، فأنت مصدر العون و الفضل و الإحسان، و لا يملك القدرة على عوننا أحد. و قد جاء الفعلان «نعبد و نستعين» بصيغة الجمع، لا بصيغة المفرد «إياك أعبد و إياك أستعين» للاعتراف بقصور العبد وحده عن الوقوف أمام اللّه، فكأنه يقول: لا يليق بي الوقوف وحدي و بمفردي في مناجاتك، و أخجل من تقصيري و ذنوبي، بل أنضم إلى سائر المؤمنين، و أتوارى بينهم، فتقبل دعائي معهم، فنحن جميعا نعبدك و نستعين بك.

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ عرفنا و وفقنا و دلنا على الطريق الموصل إلى الحق، و أرشدنا إليه، و أرنا طريق هدايتك الموصلة إلى أنسك و قربك. و الصراط المستقيم: الطريق المعتدل: طريق الإسلام الذي بعثت به أنبياءك و رسلك، و ختمت برسالاتهم رسالة خاتم النبيين، و هو جملة ما يوصل إلى السعادة في الدنيا و الآخرة، من عقائد و أحكام و آداب و تشريع ديني، كالعلم الصحيح باللّه و النبوة و أحوال الاجتماع.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 57

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ أي طريق من أنعمت عليهم، من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين السابقين، و حسن أولئك رفيقا. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ أي لا تجعلنا مع أولئك الحائدين عن طريق الاستقامة، المبعدين عن رحمة اللّه، المعاقبين أشد العقاب، لأنهم عرفوا الحق و تركوه، و ضلوا الطريق. و يرى الجمهور أن المغضوب عليهم هم اليهود، و الضالين هم النصارى. و الحق: أن المغضوب عليهم: هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه اللّه لعباده، فرفضوه و نبذوه. و الضالون: هم الذين لم يعرفوا الحق، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح، و هم الذين لم تبلغهم رسالة أو بلغتهم بنحو ناقص ..

التأمين:

«آمين» دعاء، أي تقبل منا و استجب دعاءنا، و هي ليست من القرآن، و لم تكن قبلنا إلا لموسى و هارون عليهما السّلام، و يسن ختم الفاتحة بها، بعد سكتة على نون‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن. و دليل سنيتها

ما رواه مالك و الجماعة (أحمد و الأئمة الستة) عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا أمّن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».

آراء العلماء في الجهر و الإسرار بالتأمين:

للعلماء رأيان: قال الحنفية، و المالكية في الراجح: الإخفاء أو الإسرار بآمين أولى من الجهر بها، لأنه دعاء، و قد قال اللّه تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً [الأعراف 7/ 55] و قال ابن مسعود: «أربع يخفيهن الإمام: التعوذ، و التسمية، و التأمين، و التحميد» أي قول: ربنا لك الحمد.

و رأى الشافعية و الحنابلة: أن التأمين سرا في الصلاة السرية، و جهرا فيما يجهر فيه بالقراءة، و يؤمن المأموم مع تأمين إمامه،

لحديث أبي هريرة المتقدم:

«إذا أمّن الإمام فأمنوا ...»

و دليلهم على هذا التفصيل:

حديث أبي هريرة: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا تلا: غير المغضوب عليهم و لا الضالين، قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول» «1»

و

حديث وائل بن حجر: «سمعت‏

(1) رواه أبو داود و ابن ماجه، و قال: حتى يسمعها أهل الصف الأول، فيرتج بها المسجد.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 58

النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم‏ قرأ: غير المغضوب عليهم و لا الضالين، فقال: آمين، يمدّ بها صوته» «1» .

التفسير و البيان:

أرشدنا اللّه تعالى إلى أن نبدأ كل أعمالنا و أقوالنا بالبسملة، فهي مطلوبة لذاتها، محققة للاستعانة باسمه العظيم. و علمنا سبحانه كيف نحمده على إحسانه و نعمه، فهو صاحب الثناء بحق، فالحمد كله للّه دون سواه، لأنه مالك الملك و رب العوالم و الموجودات كلها، أوجدها و رباها و عني بها، و هو صاحب الرحمة الشاملة الدائمة، و مالك يوم الجزاء و الحساب ليقيم العدل المطلق بين العباد، و يحقق للمحسن ثوابه، و للمسي‏ء عقابه. فهذه الصفات تقتضينا أن نخص اللّه بالعبادة و طلب المعونة، و الخضوع التام له، فلا نستعين إلا به، و لا نتوكل إلا عليه، و لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، لأنه المستحق لكل تعظيم، و المستقل بإيجاد النفع و دفع الضر.

و قد تعصف الأهواء بالنفوس، و تزيغ بالعقول، فلا غاصم من التردي في الشهوات و متاهات الانحراف إلا اللّه، لذا أرشدنا الحق سبحانه إلى طلب الهداية و التوفيق منه، حتى نسير على منهج الحق و العدل، و نلتزم طريق الاستقامة و النجاة، و هو طريق الإسلام القديم المستمر الذي أنعم اللّه به على النبيين و الصديقين و الصالحين. و هذا شأن العبد العابد الناسك العاقل العارف حقيقة نفسه و مصيره في المستقبل، لا شأن الكافر الجاحد الضال المنحرف، الذي أعرض عن طريق الاستقامة عنادا، أو ميلا مع الأهواء، أو جهلا و ضلالا، و ما أكثر الضالين عن طريق الهداية، المتنكبين منهج الاستقامة، الذين استحقوا الغضب و السخط الإلهي!

(1) رواه أحمد و أبو داود و الترمذي.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 59

فاللهم أدم علينا البقاء في طريق الهداية، و تقبل ثناءنا و دعاءنا و احفظنا من الغواية و الضلال.

و به تبين أن الناس فريقان: فريق الهدى، و فريق الضلال‏ «1» . و قد منح اللّه تعالى للإنسان خمس هدايات يتوصل بها إلى سعادته‏ «2» .

1- هداية الإلهام الفطري: و تكون للطفل منذ ولادته، فهو يحس بالحاجة إلى الطعام و الشراب، فيصرخ طالبا له إن غفل عنه والداه.

2- هداية الحواس: و هي متممة للهداية الأولى، و هاتان الهدايتان يشترك فيهما الإنسان و الحيوان، بل هما في البداية أكمل في الحيوان من الإنسان، إذ إلهام الحيوان يكمل بعد ولادته بقليل، و يكتمل في الإنسان تدريجيا.

3- هداية العقل: و هي أسمى من الهدايتين السابقتين، فالإنسان خلق مدنيا بالطبع ليعيش مع غيره، و لا يكفي الحس الظاهر للحياة الاجتماعية، فلا بد له من العقل الذي يوجهه إلى مسالك الحياة، و يعصمه من الخطأ و الانحراف، و يصحح له أغلاط الحواس، و الانزلاق في تيارات الهوى.

4- هداية الدين: و هي الهداية التي لا تخطئ، و المصدر الذي لا يضل، فقد يخطئ العقل، و تنجرف النفس مع اللذات و الشهوات، حتى توردها موارد الهلاك، فيحتاج الإنسان إلى مقوّم مرشد هاد لا يتأثر بالأهواء، فتسعفه هداية الدين لإرشاده إلى الطريق الأقوم، إما بعد الوقوع في الخطأ أو قبله، و تظل هذه الهداية هي الحارس الأمين الذي يفي‏ء إليها الإنسان للتزود بمفاتيح الخير، و التسلح بمغلاق الشر، فيأمن العثور، و يضمن النجاة، و تعرّفه بحدود ما يجب‏

(1) الضلال: العدول عن الطريق المستقيم، و يضاده الهداية.

(2) تفسير المنار: 1/ 62، تفسير المراغي: 1/ 35.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 60

عليه لسلطان اللّه الذي يخضع له في أعماق نفسه، و يحس بالحاجة الملحة لصاحب ذلك السلطان، الذي خلقه و سواه، و أنعم عليه نعما ظاهرة و باطنة، لا تعد و لا تحصى. فصارت هذه الهداية أشد ما يحتاج إليها الإنسان، لتحقيق سعادته.

و قد أشار القرآن إلى تلك الهدايات في آيات كثيرة، منها وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ [البلد 90/ 10] أي بينا له طريقي الخير و الشر، و السعادة و الشقاء.

و منها قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ، فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ [فصلت 41/ 17] أي أرشدناهم إلى طريق الخير و الشر، فاختاروا الثاني.

5- هداية المعونة و التوفيق للسير في طريق الخير و النجاة: و هي أخص من هداية الدين، و هي التي أمرنا اللّه بدوام طلبها في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ أي دلنا دلالة، تصحبها من لدنك معونة غيبية، تحفظنا بها من الضلال و الخطأ.

و هذه الهداية خاصة به سبحانه، لم يمنحها أحدا من خلقه، بل نفاها عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص 28/ 56]، و قوله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ، وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [البقرة 2/ 272]، و أثبتها لنفسه في قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ [الأنعام 6/ 90].

أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير و الحق، فأثبتها اللّه للنّبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ [الشورى 42/ 52].

صفحه بعد