کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 41

محتاج إلى إله يوجده و يخلقه، و متصف بصفات كالضعف و التغير و نحوها تجعله مفتقرا إلى ربّ يربّيه.

3- و قوله: حَقِيقٌ عَلى‏ أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ‏ يشير إلى أن الرسول لا يقول إلا الحق.

4- إن طلب موسى عليه السلام إرسال شعب بني إسرائيل معه الذي رتبه على كونه رسولا طلب ليس من السهل على حاكم تلبيته، لاحتمال تكوين خصوم ضده، من طريق تبليغهم الحكم الإلهي، و إعدادهم لمجابهة فرعون.

5- قوله: قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ‏ هو المعجزة الظاهرة القاهرة، و قد طلب فرعون من موسى إظهار تلك المعجزة: إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها .. دليلا على صدقه فيما يدعيه من الرسالة المرسل بها من اللّه. و كانت المعجزة قلب العصا ثعبانا، و إظهار اليد البيضاء.

6- اختار الطاغية الكافر: فرعون و جماعته تكذيب هذه المعجزة الخارقة، و ادعى كون موسى ساحرا، فتشاور مع كبار رجال دولته، فأشاروا بالمبارزة بين سحرة صعيد مصر المهرة و بين موسى.

و تم جمع السحرة من أنحاء المملكة، قيل: كانوا سبعين رجلا أو ثلاثة و سبعين. و دل قوله: وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ‏ على أن السحرة كانوا كثيرين في ذلك الزمان.

7- دل قوله: فَأَلْقى‏ عَصاهُ ... و قوله: وَ نَزَعَ يَدَهُ‏ على أنه تعالى يجعل معجزة كل نبي من جنس ما كان غالبا على أهل ذلك الزمان، فلما كان السحر غالبا على أهل زمان موسى عليه السلام، كانت معجزته شبيهة بالسحر، و إن كان مخالفا للسحر في الحقيقة. و لما كان الطب غالبا على أهل زمان عيسى‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 42

عليه السلام كانت معجزته من جنس الطب، و لما كانت الفصاحة غالبة على أهل زمان محمد عليه الصلاة و السلام كانت معجزته القرآن أبلغ الكلام من جنس الفصاحة.

8- دل قوله: وَ جاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا ... على أن كل الخلق كانوا عالمين بأن فرعون كان عبدا ذليلا مهينا عاجزا، و إلا لما احتاج إلى الاستعانة بالسحرة في دفع موسى عليه السلام. و دل أيضا على أن السحرة ما كانوا قادرين على قلب الأعيان أو الأشياء، فلم يتمكنوا من قلب الحبال و العصي حيات فعلية، كما لم يتمكنوا من قلب التراب ذهبا، و أن يجعلوا أنفسهم ملوك العالم، و لو كانوا قادرين على ذلك لما احتاجوا إلى طلب الأجر و المال من فرعون.

و المقصود من هذه الآيات تنبيه الإنسان لهذه الدقائق، و ألا يغتر بكلمات أهل الأباطيل و الأكاذيب.

9- قوله: وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ‏ فيه ما يدل على رغبتهم في أن يلقوا قبله، من قولهم: نَكُونَ‏ و تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل و هو نَحْنُ‏ و تعريف الخبر و هو الْمُلْقِينَ‏ بقصد كسب الشهرة و اجتذاب أنظار الناس.

و قد جاراهم موسى في رغبتهم ازدراء لشأنهم و قلة المبالاة بهم، و ثقته بالتأييد الإلهي، و أن المعجزة لن يغلبها شي‏ء.

10- دل قوله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ‏ على أن السحر محض التمويه. و لو كان السحر حقا، لكانوا قد سحروا قلوبهم لا أعينهم. و كل ما في الأمر أنهم تخيلوا أحوالا عجيبة، مع أن الأمر في الحقيقة خلاف ذلك. و دل قوله: وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ‏ على أن العوام خافوا من حركات تلك الحبال و العصي.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 43

و أما خوف موسى فليس كخوف العوام، و إنما لعله خاف من وقوع التأخير في ظهور حجته على سحرهم.

11- السحر كما دلت الآية مجرد خيال و تمويه لا حقيقة فيه، لذا يسمى بالشّعوذة و الدجل، و هو إما أن يعتمد على بعض خواص المادة كتمدد الزئبق الذي وضعه سحرة فرعون في حبالهم و عصيهم، و إما أن يستعان فيه بخفة اليد في إخفاء بعض الأشياء و إظهار بعضها، و إما أن يلجأ فيه إلى تأثير النفس القوية في إرادة النفس الضعيفة، و قد يستعان حينئذ بأرواح الشياطين، و منه ما يسمى في عصرنا بالتنويم المغناطيسي.

12- الفرق بين السحر و المعجزة: أن المعجزة حقيقة تظهر على يد مدعي النبوة، و السحر خيال يحدث على يد رجل فاسق.

لذا أخطأ من زعم أن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم سحر، و أن السحر أثّر فيه، حتى قال:

«إنه يخيّل إلي أني أقول الشي‏ء و أفعله، و لم أقله و لم أفعله» و إن امرأة يهودية سحرته في وعاء طلع النخل و وضعته تحت الحجر الذي يقف عليه المستقي من البئر، حتى أتاه جبريل فأخبره بذلك، فاستخرج و زال عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم. و هذا كله من وضع الملحدين الذين يحاولون العبث بالنبوة و إبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام.

و هذا ينافي قوله تعالى: وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى‏ . و جائز أن تفعل المرأة اليهودية ذلك بجهلها، ثم أطلع اللّه نبيه على فعلها، لا أن ذلك ضره و خلط عليه أمره.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 44

إيمان السّحرة بربّ العالمين [سورة الأعراف (7): الآيات 117 الى 122]

وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَ انْقَلَبُوا صاغِرِينَ (119) وَ أُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (120) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (121)

رَبِّ مُوسى‏ وَ هارُونَ (122)

الإعراب:

أَنْ أَلْقِ عَصاكَ‏ أَنْ‏ : إما مصدرية في موضع نصب، و تقديره: بأن ألق عصاك، فحذف حرف الجر فاتّصل الفعل بها، و إما أن تكون مفسّرة بمعنى أي، فلا يكون لها موضع من الإعراب، كقوله تعالى: وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا [ص 38/ 6] أي: امشوا.

ما يَأْفِكُونَ‏ ما : موصولة، أي: زال و ذهب الذي عملوا به السّحر، أو مصدرية بتقدير:

فإذا هي تلقف إفكهم، تسمية للمأفوك بالإفك. صاغِرِينَ‏ حال منصوب.

البلاغة:

فَوَقَعَ الْحَقُ‏ استعارة أستعير لوقع للثبوت و الظهور و الحدوث.

المفردات اللغوية:

تَلْقَفُ‏ تتناول و تبتلع بسرعة. ما يَأْفِكُونَ‏ يقلبون بتمويههم، أو يكذبون و يموهون، مأخوذ من الإفك: و هو قلب الشي‏ء عن وجهه الأصلي، و هو إما أن يكون بالقول الكاذب، و إما أن يكون بالفعل كالسحر. و المأفوك: المصروف عن وجهته الأصلية، قال تعالى:

أَنَّى يُؤْفَكُونَ‏ [المائدة 5/ 75 و موضع أخرى‏] أي يصرفون عن الحقّ في الاعتقاد إلى الباطل، و منه سمّيت الرياح المعدولة عن مهبها مؤتفكة، كما قال تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ [الحاقة 69/ 9] أي أهل تلك القرى. و هي قرى قوم لوط.

التفسير و البيان:

هذا هو الفصل الخامس من قصة موسى مع فرعون، و هو موقفه من‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 45

السّحرة. و هو إخبار من اللّه تعالى إلى رسوله موسى عليه السلام في ذلك الموقف العظيم الذي فرّق فيه بين الحق و الباطل، و مضمون الإخبار: إلقاء ما في يمينه و هي عصاه.

أوحى اللّه إلى موسى و أمر بإلقاء عصاه، التي تحولت إلى ثعبان عظيم، فإذا هي تبتلع ما ألقوه، و موّهوا به أنه حق و هو باطل، أو ما يقلبونه من الحقّ إلى الباطل و يزوّرونه. قال ابن عباس: فجعلت لا تمرّ بشي‏ء من حبالهم و لا من خشبهم إلا التقمته، فعرفت السّحرة أن هذا شي‏ء من السّماء، ليس بسحر، فخرّوا سجّدا، و قالُوا: آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

و كانوا قد جعلوا الحبال مجوّفة محشوّة بالزئبق، و قد تحرّكت بتأثير الحرارة:

إما بحرارة الشّمس حين أصابتها، و إما بنار أعدت لها.

فَوَقَعَ الْحَقُّ .. أي فثبت الحقّ و ظهر كالشّمس، و فسد ما كان السّحرة يعملون من الحيل و التّخييل، و ذهب تأثيره، و أدركوا أن فعل موسى فوق السّحر.

و غلب السّحرة في ذلك الجمع العظيم بأمر اللّه و قدرته، و انقلب فرعون و قومه معه صاغرين أذلّة، بما لحقهم من عار الهزيمة و الخيبة و الخذلان، لكن السّحرة آمنوا.

و ألقي السّحرة عند ذلك و عند معاينة المعجزة سجّدا لربّهم؛ لأنّ الحق بهرهم و حملهم على السجود، و قالوا: صدّقنا و آمنا برب العالمين، رب موسى و هارون، أي ربّ جميع الأشياء و الخلائق من الإنس و الجنّ.

و كان هؤلاء منسجمين مع أنفسهم، منطقيين في تصرّفهم، فلم يكابروا، و إنما كانوا صادقين مع نفوسهم، بدليل أن فرعون قبل المبارزة دعا رؤساء السّحرة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 46

و معلميهم، فقال لهم: ما صنعتم؟ قالوا: قد عملنا سحرا لا يطيقه سحرة أهل الأرض، إلا أن يكون أمرا من السّماء، فإنه لا طاقة لنا به.

فقه الحياة أو الأحكام:

الآيات إظهار واضح لقدرة اللّه تعالى بإعدام الحبال و العصي و إذهابها من الوجود، مما يدلّ على وجود الإله القادر المختار، و على المعجز العظيم لموسى عليه السّلام، و الحسم القاطع بين الحقّ و الباطل.

و لكن المشكلة تكمن في مواقف البشر، فالمعاندون و هم فرعون و قومه، بالرغم من عار الهزيمة و الخذلان، ظلّوا على وضعهم من الكفر و العناد و التكذيب، و هو طيش و خفّة عقل و مكابرة للحقّ. و أما السّحرة البسطاء في الظاهر، و العقلاء في الحقيقة و الواقع، فإنهم عرفوا أن فعل موسى ليس من قبيل السّحر، و إنما هو معجزة سماوية إلهية، فلم يتمالكوا أنفسهم، و خرّوا ساجدين لربّهم، خاضعين لإله الكون.

فما أحرى الناس بتقليد هؤلاء و نبذ أولئك!! ذلك لأنّ السّحرة كانوا مهرة في علم السّحر، متقنين لفنونه و أنواعه، و لأجل مهارتهم و إتقانهم و كمال علمهم بالسّحر انتقلوا من الكفر إلى الإيمان.

و احتجّ أهل السّنّة بقوله تعالى: وَ أُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ‏ على أن غيرهم ألقاهم ساجدين، و ما ذاك إلا الله رب العالمين. و هذا يدلّ على أن فعل العبد من خلق اللّه تعالى، فهو سبحانه هو خالق الميل إلى الإيمان في قلوبهم.

و لما ظفروا بمعرفة اللّه تعالى في الحال، جعلوا سجودهم شكرا للّه تعالى على الفوز بالمعرفة و الإيمان، و علامة أيضا على انقلابهم من الكفر إلى الإيمان، و إظهار الخضوع و التّذلل للّه تعالى.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏9، ص: 47

و لما قالوا: وَ هارُونَ‏ زالت الشّبهة في أن المقصود ليس فرعون مربّي موسى، و إنما المقصود هو إله السّماء، و إعلان الكفر بفرعون؛ إذ أنهم لما قالوا:

آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ‏ قال لهم فرعون: إياي تعنون؟ فلما قالوا: رَبِّ مُوسى‏ قال: إياي تعنون؛ لأني أنا الذي ربّيت موسى، فلما قالوا:

وَ هارُونَ‏ زالت الشّبهة و عرف الكلّ أنهم كفروا بفرعون و آمنوا بإله السّماء.

تهديد فرعون للسّحرة و إصرارهم على الإيمان باللّه [سورة الأعراف (7): الآيات 123 الى 126]

قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قالُوا إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (125) وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (126)

المفردات اللغوية:

آمَنْتُمْ‏ استفهام معناه الإنكار و الاستبعاد لمكر، المكر: صرف الإنسان غيره عما يريده بحيلة، و المعنى: إن هذا لحيلة احتلتموها أنتم و موسى في مصر، قد تواطأتم على ذلك لغرض لكم، و هو أن تخرجوا منها القبط، و تسكنوها بني إسرائيل. و كان هذا الكلام من فرعون تمويها على الناس، لئلا يتّبعوا السّحرة في الإيمان.

صفحه بعد