کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 114

مَأْواهُمُ‏ ملجأهم الذي يأوون إليه و قد أطلق المأوى على الجنة في ثلاث آيات، و على النار في بضع عشرة آية. بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏ من الشرك و المعاصي. يَهْدِيهِمْ‏ يرشدهم.

بِإِيمانِهِمْ‏ بسبب إيمانهم، إلى سلوك سبيل يؤدي إلى الجنة، أو لإدراك الحقائق، كما

قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه أبو نعيم عن أنس‏ ، و الظاهر أنه ضعيف: «من عمل بما علم ورّثه اللّه علم ما لم يعلم»

أو لما يريدونه في الجنة، بأن يجعل لهم نورا يهتدون به يوم القيامة.

دَعْواهُمْ فِيها طلبهم لما يشتهونه في الجنة، و الدعوى: الدعاء، و الدعاء للناس: النداء و الطلب المعتاد بينهم، و الدعاء للّه: سؤاله الخير و الرغبة فيما عنده، مع الشعور بالحاجة إليه.

و دعاؤهم هنا أن يقولوا: سُبْحانَكَ اللَّهُمَ‏ أي تنزيها لك و تقديسا يا اللّه، فإذا ما طلبوه وجدوه عندهم. وَ تَحِيَّتُهُمْ‏ فيها بينهم، و التحية: التكرمة، بقولهم: حياك اللّه، أي أطال عمرك.

سَلامٌ‏ السلامة من كل مكروه. أَنِ الْحَمْدُ أن مفسرة.

المناسبة:

بعد أن أقام اللّه تعالى الدلائل على إثبات الإله و وجوده، و على إثبات البعث و الجزاء على الأعمال يوم الحساب، ذكر حال من كفر به و أعرض عن أدلة وجوده و وحدانيته، و حال المؤمنين الذين عملوا الصالحات، ثم أوضح جزاء كل من الفريقين.

التفسير و البيان:

إن الذين لا يتوقعون لقاء اللّه في الآخرة للحساب و الجزاء على الأعمال، لإنكارهم البعث، و رضوا بالحياة الدنيا بدل الآخرة؛ لغفلتهم عنها، و اطمأنوا بها و سكنوا إليها و إلى شهواتها و لذائذها و زخارفها، و كانوا غافلين عن آيات اللّه الكونية و الشرعية، فلا يتفكرون في الأولى، و لا يأتمرون بالثانية، أولئك المذكورون من الفريقين مثواهم و مقامهم النار و ملجؤهم الذي يلجأون إليه، جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام و الخطايا مع كفرهم باللّه و رسوله و اليوم الآخر. و هذا الجزاء توضيح للجزاء السابق المذكور في الآية [4].

و عطف‏ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ‏ الذي يقتضي المغايرة إما لتغاير

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 115

الوصفين، و إما لتغاير الفريقين، و المراد بالفريق الأول: من أنكر البعث و لم يرد إلا الحياة الدنيا و هم الماديون الملحدون، و المراد بالفريق الثاني: من ألهته الدنيا عن التأمل في الآخرة و الإعداد لها.

هذا جزاء الفريق الكافر و هم الأشقياء، أما جزاء الفريق المؤمن و هم السعداء فأخبرت الآية التالية عنه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا .. .

أي إن الذين آمنوا باللّه و صدقوا برسله، و امتثلوا ما أمروا به، فعملوا الصالحات، و لم يغفلوا عن آيات اللّه في الكون و الشريعة، يرشدهم ربهم بسبب إيمانهم إلى الصراط المستقيم الذي يؤدي بهم إلى الجنة التي تجري من تحتها الأنهار، و من تحت غرفهم في جنات النعيم و الخلد، و هذا مثل للتنعم و الراحة و السعادة و الانسجام في تلك المناظر الخلّابة، التي تأخذ بمجامع القلوب، و تسرّ النفوس.

و مفهوم الترتيب بين الإيمان و العمل الصالح، و إن دلّ على أن سبب الهداية هو الإيمان و العمل الصالح، لكن دلّ منطوق قوله: بِإِيمانِهِمْ‏ على استقلال الإيمان بالسببية، و أن العمل الصالح كالتابع له و التتمة.

دَعْواهُمْ ... أي يبدءون دعاءهم و ثناءهم على اللّه تعالى بهذه الكلمة:

سُبْحانَكَ اللَّهُمَ‏ أي تنزيها و تقديسا لك يا اللّه، أو اللهم إنا نسبحك، و تحيتهم فيما بينهم‏ سَلامٌ‏ الدالة على السلامة من كل مكروه مثل قوله:

لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً، إِلَّا قِيلًا: سَلاماً سَلاماً [الواقعة 56/ 25- 26]، و هي أيضا تحية المؤمنين في الدنيا، و هي كذلك تحية اللّه تعالى حين لقائه لأهل الجنة تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ: سَلامٌ‏ [الأحزاب 33/ 44] و تحية الملائكة لهم عند دخول الجنة: وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ‏ [الزمر 39/ 73].

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 116

و آخر دعائهم الذي هو التسبيح: الحمد للّه رب العالمين، و هو أيضا أول ثناء على اللّه حين دخول الجنة: وَ قالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ، وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ، فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ‏ [الزمر 39/ 74] و هو كذلك آخر كلام الملائكة: وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، وَ قِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ [الزمر 39/ 75].

قال ابن كثير: و في هذا دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبدا، المعبود على طول المدى، و لهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه و استمراره، و عند ابتداء تنزيل كتابه، حيث يقول تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ [الأنعام 6/ 1] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى‏ عَبْدِهِ الْكِتابَ‏ [الكهف 18/ 1].

فقه الحياة أو الأحكام:

دلت الآيات على الأحكام التالية:

1- للكافرين الجاحدين عذاب النار بسبب ما اكتسبوا أو اقترفوا من الكفر و التكذيب و المعاصي. و قد وصفهم اللّه تعالى بصفات أربع هي:

الأولى- إن الذين لا يرجون لقاءنا، أي لا يخافون عقابا و لا يرجون ثوابا.

الثانية- و رضوا بالحياة الدنيا، أي رضوا بها عوضا من الآخرة، فعملوا لها.

الثالثة- و اطمأنوا بها، أي فرحوا بها و سكنوا إليها.

الرابعة- و الذين هم عن آياتنا غافلون، أي لا يعتبرون و لا يتفكرون بأدلتنا.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 117

2- للمؤمنين المحقين العاملين الأعمال الصالحة جنات النعيم، تجري من تحتهم أي من تحت بساتينهم أو أسرّتهم الأنهار، يمجدون فيها اللّه تعالى بقولهم:

سُبْحانَكَ اللَّهُمَ‏ و يحمدون ربهم بقولهم: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و الفرحة تغمرهم، و البهجة تملأ قلوبهم، و السعادة ترفرف بأجنحتها عليهم، تحية اللّه لهم، أو تحية الملك أو تحيتهم لبعضهم: سلام.

3- التسبيح و الحمد و التهليل قد يسمّى دعاء،

روى مسلم و البخاري عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا اللّه العظيم الحليم، لا إله إلا اللّه رب العرش العظيم، لا إله إلا اللّه ربّ السموات و ربّ الأرض و رب العرش الكريم»

قال الطبري: كان السلف يدعون بهذا الدعاء، و يسمّونه دعاء الكرب. و هذا الدعاء الصادر من أهل الجنة ليس بعبادة إذ لا تكليف في الجنة، إنما يلهمون به، فينطقون به تلذذا بلا كلفة.

4- من السنة لمن بدأ بالأكل أو الشرب أن يسمّي اللّه عند أكله و شربه، و يحمده عند فراغه، اقتداء بأهل الجنة.

ورد في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: «إن اللّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة، فيحمده عليها، أو يشرب الشّربة، فيحمده عليها».

5- يستحب للداعي أن يقول في آخر دعائه، كما قال أهل الجنة: وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

6- الإيمان و العمل الصالح طريق الإنسان إلى الجنة. و اللّه يهدي أي يسدد و يرشد بسبب الإيمان إلى طريق الاستقامة المؤدي إلى الثواب على الأعمال.

و يجوز أن يريد اللّه تعالى بقوله: يَهْدِيهِمْ‏ أي في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة، كقوله تعالى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى‏ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ‏ [الحديد 57/ 12] و منه‏

الحديث: «إن المؤمن إذا خرج من‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 118

قبره، صوّر له عمله في صورة حسنة، فيقول له: أنا عملك، فيكون له نورا و قائدا إلى الجنة، و الكافر إذا خرج من قبره، صوّر له عمله في صورة سيئة، فيقول: أنا عملك، فينطلق به حتى يدخله النار».

و ما على المؤمن إلا أن يستزيد من الأعمال الصالحة ليتبوأ مكانه في الجنة، إذ ليست الجنة بمجرد الاتصاف بالإسلام، أو بالتمنيات المعسولة، كما قال تعالى:

لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ، وَ لا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً. وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏، وَ هُوَ مُؤْمِنٌ، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً [النساء 4/ 123- 124] و النقير: قدر النّقرة في ظهر النواة.

و الإيمان: هو المعرفة و الهداية المترتبة عليها. و المقصود: معرفة صفات اللّه تعالى، لا معرفة ذاته فذلك مستحيل.

و الأعمال الصالحة: عبارة عن الأعمال التي تحمل النفس على ترك الدنيا و طلب الآخرة. و الأعمال المذمومة ضدّ ذلك.

استعجال الإنسان الخير دائما و الشرّ حال الغضب [سورة يونس (10): الآيات 11 الى 12]

وَ لَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى‏ ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (12)

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 119

الإعراب:

اسْتِعْجالَهُمْ‏ منصوب على المصدر، تقديره: استعجالا مثل استعجالهم. فحذف المصدر و صفته، و أقام ما أضيفت إليه الصفة مقامه.

لِجَنْبِهِ‏ في موضع نصب على الحال، و عامله‏ دَعانا و قيل: العامل: مسّ، أي مسّ الإنسان مضطجعا أو قاعدا أو قائما، و الأول أرجح.

كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا مخففة من الثقلية و اسمها محذوف أي كأنه، و حذف ضمير الشأن.

البلاغة:

الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ أي كاستعجالهم أو مثل استعجالهم، ففيه تشبيه مؤكد مجمل. و بين الشرّ و الخير طباق. و وضع الاستعجال موضع التعجيل لهم بالخير إشعارا بسرعة إجابته لهم في الخير.

المفردات اللغوية:

يُعَجِّلُ‏ يقدمه على وقته، و التعجيل: تقديم الشي‏ء على وقته المقدر له.

اسْتِعْجالَهُمْ‏ طلب التعجيل، قال العلماء: التعجيل من اللّه، و الاستعجال من العبد. لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ‏ بأن يهلكم و لكن يمهلهم، و قضاء الأجل: انتهاؤه. فَنَذَرُ نترك. فِي طُغْيانِهِمْ‏ الطغيان: مجاوزة الحد في الشر من كفر و ظلم و عدوان. يَعْمَهُونَ‏ يترددون متحيرين. الضُّرُّ الشدة كالمرض و الفقر و الخطر. لِجَنْبِهِ‏ أي مضطجعا أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً في كل حال. مَرَّ مضى في طريقته على كفره. كَذلِكَ‏ أي كما زين له الدعاء عند الضر و الإعراض عند الرخاء. لِلْمُسْرِفِينَ‏ المشركين، و الإسراف: تجاوز الحد.

المناسبة:

بعد أن ذكر اللّه تعالى تعجب القوم من تخصيص محمد بالنبوة، ثم ذكر أدلة التوحيد و البعث، أبان هنا الجواب عن قول كانوا يقولونه: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا في ادعاء الرسالة، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، و مضمون الجواب: أنه لا مصلحة لهم في استعجالهم الشر و إلا ماتوا و هلكوا.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 120

و أما مضمون الجواب عن تعجبهم: فهو أني ما جئتكم إلا بالتوحيد و الإقرار بالمعاد، و قد أقمت الأدلة على صحتها، فلا معنى للتعجب من نبوتي.

التفسير و البيان:

العجلة من طبائع الإنسان، فهو دائما يتعجل الخير؛ لأنه يحبه، و يتعجل الشّر حين الغضب و الحماقة و الضجر، فلو يعجل أو يسرع اللّه للناس إجابة دعائهم في حال الشر، كاستعجالهم تحقيق الخير، لأميتوا و أهلكوا، و ذلك مثل استعجال مشركي مكة إنزال العذاب عليهم، كما قال تعالى: وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ، وَ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ‏ [الرعد 13/ 6] و قال سبحانه: وَ إِذْ قالُوا: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ‏ [الأنفال 8/ 32].

و سمى اللّه تعالى العذاب شرّا في هذه الآية؛ لأنه أذى في حق المعاقب، و مكروه عنده، كما أنه سماه سيئة في قوله: وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ .. و في قوله: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى 42/ 40].

و لكنه تعالى بحلمه و لطفه بعباده لا يستجيب لهم و يذرهم إمهالا لهم و استدراجا، فإنه لو أجابهم لانتهى أمرهم و هلكوا، كما هلك الذين كذبوا الرسل، و ربما آمن به بعضهم، أما من عاند فيعاقبه اللّه بالقتل، كما قال تعالى: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ‏ [التوبة 9/ 14].

صفحه بعد