کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 243

الإعراب:

مِنْ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِمْ‏ جمع الضّمير في ملئهم لخمسة أوجه:

الأول- جمع الضمير على ما هو المعتاد في ضمير العظماء، فيقول الواحد منهم: نحن فعلنا، و منه قوله: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ‏ ، و كان فرعون جبارا فأخبر عنه بفعل الجميع.

الثاني- جمع الضمير على أن المراد بفرعون آله، كما يقال: ربيعة و مضر، و يكون في الكلام حذف مضاف، تقديره: على خوف من آل فرعون.

الثالث- جمع لأنه ذو أصحاب يأتمرون به.

الرابع- أن جمع الضمير يعود على الذّرية التي تقدم ذكرها.

الخامس- أنه يعود على القوم الذين تقدم ذكرهم.

أَنْ يَفْتِنَهُمْ‏ بدل مجرور من‏ فِرْعَوْنَ‏ بدل اشتمال.

أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً اللام مقحمة، و جعل تبوأا متعديا مثل بوّأ، يقال: بوّأته و تبوّأته، كقولهم: علقته و تعلقته.

المفردات اللغوية:

ذُرِّيَّةٌ طائفة من شبّانهم، و الذّرية في أصل اللغة: صغار الأولاد، و تستعمل عرفا في الصّغار و الكبار. عَلى‏ خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِمْ‏ أي مع خوف منهم، و الضّمير لفرعون‏ أَنْ يَفْتِنَهُمْ‏ الفتنة في اللغة: الاختبار و الابتلاء بالشّدائد، و المراد هنا التّعذيب، أي أن يعذّبهم فرعون و يصرفهم بالتّعذيب عن دينهم. و إفراده بالضّمير للدّلالة على أن الخوف من الملأ كان بسببه. إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ‏ متكبّر قوي فتّاك. فِي الْأَرْضِ‏ أرض مصر. وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ‏ المتجاوزين الحدّ بادّعاء الرّبوبية و استرقاق أسباط الأنبياء.

فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا فثقوا به و اعتمدوا عليه. إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ‏ مستسلمين لقضاء اللّه، مخلصين له، مذعنين لأمره. فَقالُوا: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا لأنهم كانوا مؤمنين مخلصين. رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً موضع فتنة. لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ أي لا تظهرهم علينا، فيظنّوا أنهم على الحقّ فيفتتنوا بنا، أولا تسلّطهم علينا فيفتنونا. وَ نَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ‏ أي من كيدهم‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 244

و شؤم مشاهدتهم. و في تقديم التّوكل على الدّعاء تنبيه على أن الدّاعي ينبغي أن يتوكّل أولا لتجاب دعوته.

أَنْ تَبَوَّءا اتّخذا مباءة و مسكنا يسكنون فيها أو يرجعون إليها للعبادة. وَ اجْعَلُوا أنتما و قومكما. بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً مصلّى أو مساجد تصلّون فيها لتأمنوا من الخوف، و كان فرعون منعهم من الصّلاة. وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ أتّموها فيها حتى لا يؤذيهم الكفرة و يفتنوهم عن دينهم.

وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ‏ بالنّصر في الدّنيا و الجنّة في الآخرة.

و إنما ثنّى ضمير تَبَوَّءا أولا؛ لأن التبوء للقوم و اتّخاذ المعابد مما يتعاطاه رؤوس القوم بتشاور، ثم جمع في قوله: وَ اجْعَلُوا لأن جعل البيوت مساجد و الصّلاة فيها مما ينبغي أن يفعله كل أحد، ثم أفرد بقوله: وَ بَشِّرِ لأن البشارة في الأصل وظيفة صاحب الشّريعة.

المناسبة:

أبان اللّه تعالى أنه بالرّغم من مشاهدة المعجزات الباهرة على يد موسى عليه السّلام، فإنه لم يؤمن به من بني إسرائيل إلا طائفة من شبّان قومه، توطئة لإخراجهم من أرض مصر. و في ذلك تسلية للنّبي محمد صلى اللّه عليه و سلّم؛ لأنه كان يغتم بسبب إعراض القوم عنه و استمرارهم على الكفر، فله بسائر الأنبياء أسوة.

التفسير و البيان:

هذا هو الفصل الثالث من قصة موسى عليه السّلام.

يخبر اللّه تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السّلام في أول أمره، مع ما جاء به من الآيات البيّنات و الحجج القاطعات، إلا قليل من قومه بني إسرائيل، و هم طائفة من الشباب، على وجل و خوف من فرعون و ملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر؛ لأن فرعون كان جبارا عنيدا، مسرفا في التّمرد و العتوّ متجاوزا الحدّ في الظلم و الفساد، شديد البطش و الفتك، حتى إنه ادّعى الرّبوبية و استرقّ أسباط الأنبياء، و كانت له سطوة و مهابة تخاف رعيته منه خوفا شديد. فالضمير في‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 245

قَوْمِهِ‏ عائد إلى بني إسرائيل قوم موسى، لأن الضمير يعود إلى أقرب المذكورين. و هذا قول مجاهد.

و قيل: الضمير في‏ قَوْمِهِ‏ لفرعون، و الذّرّية: مؤمن آل فرعون، و آسية امرأته، و خازنه، و امرأة خازنه، و ماشطته. و هذا قول ابن عباس.

و ضمير مَلَائِهِمْ‏ يعود إلى فرعون بمعنى آل فرعون، أو على ما هو المعتاد في ضمير العظماء.

و الذّرّية: أولاد الذين أرسل إليهم موسى.

وَ قالَ مُوسى‏: يا قَوْمِ، إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ .. أي و قال موسى لمن آمن من قومه و قد رأى خوفهم من الاضطهاد و التّعذيب: إن كنتم آمنتم أي صدّقتم باللّه و بآياته حقّ الإيمان، فعليه توكّلوا و اعتمدوا، و به ثقوا، و اطمئنوا لوعده، إن كنتم مسلمين أي إن كنتم مستسلمين لقضاء اللّه، مذعنين مخلصين له؛ إذ لا يكون الإيمان كاملا إلا إذا صدّقه العمل و هو الإسلام، فالمعلّق بالإيمان وجوب التّوكل، فإنه المقتضي له، ثم شرط في التّوكل الإسلام: و هو أن يسلموا نفوسهم للّه بأن يجعلوها له سالمة خالصة، لا حظّ للشيطان فيها، و ذلك بأن يعملوا بالأحكام؛ لأن التوكل الصحيح لا يكون مع خلطه بغيره. و الخلاصة: أن الإيمان: عبارة عن صيرورة القلب عارفا بأن واجب الوجود لذاته واحد، و أن ما سواه محدث مخلوق تحت تدبيره و قهره و تصرفه. و الإسلام: هو الانقياد للتّكاليف الصادرة عن اللّه تعالى، و إظهار الخضوع و ترك التّمرد.

فقالوا على الفور ممتثلين أمره لأنهم كانوا مؤمنين مخلصين: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا و به وحده استعنا على أعدائنا، ثم دعوا ربّهم قائلين: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ أي بأن تنصرهم علينا و تسلطهم علينا فيفتتن الناس،

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 246

و يقولون: لو كان هؤلاء على حقّ لما هزموا أمام فرعون و ظلمه، أو موضع فتنة لهم أي عذاب بأن يفتنونا عن ديننا وَ نَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ‏ أي خلّصنا برحمتك و إحسانك و عفوك من تسلّط الكافرين بك، الظالمين الطّغاة، الذين كفروا الحقّ و ستروه، و نحن قد آمنّا بك و توكّلنا عليك.

و قد دعوا بهذا الدّعاء؛ لأن التّوكل على اللّه هو أعظم علامات الإيمان لا يكمل إلا بالصّبر على الشّدائد، و الدّعاء لا يستجاب إلا مع الطاعة و اتّخاذ الأسباب، قال تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ‏ [الطلاق 65/ 3]، و كثيرا ما يقرن اللّه بين العبادة و التّوكل كقوله: فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ‏ [هود 11/ 123]، و قوله تعالى: قُلْ: هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنا [الملك 67/ 29]، و قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [المزمل 73/ 9]. و أمر اللّه تعالى المؤمنين أن يكرروا في صلواتهم:

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ [الفاتحة 1/ 5].

ثم ذكر اللّه تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون و قومه، و كيفية خلاصهم منهم، فقال: وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ وَ أَخِيهِ .. أي أمرنا موسى و أخاه هارون عليهما السّلام أن يتبوأ أي يتّخذا لقومهما بمصر بيوتا تكون مساكن للاعتصام فيها، و الأصح أن تكون مساجد و ليست منازل مسكونة في رأي أكثر المفسّرين.

و أمرهما مع قومهما أن يجعلوا البيوت مساجد متّجهة نحو القبلة، بأن يصلّوا في بيوتهم؛ لأنهم كانوا خائفين. و قال قتادة و الضّحّاك و سعيد بن جبير:

وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي يقابل بعضها بعضا. قال القرطبي: و القول الأول أصح؛ أي اجعلوا مساجدكم إلى القبلة باتّجاه بيت المقدس، و هو قبلة اليهود إلى اليوم.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 247

و أن يقيموا الصّلاة في تلك البيوت أي يتموها. و قد أمروا بذلك أول أمرهم لئلا يظهر عليهم الكفرة، فيؤذوهم و يفتنوهم عن دينهم.

و بشّر يا موسى المؤمنين بالحفظ و النّصر على عدوّهم في الدّنيا، و الجنة في العقبى.

فقه الحياة أو الأحكام:

دلّت الآيات على ما يأتي:

1- بالرّغم من المعجزات العظيمة لموسى عليه السّلام و انتصاره على السّحرة بتلقف العصا لكل ما أحضروه من آلات السّحر، فإنه لم يؤمن به من قومه إلا طائفة قليلة من أولاد بني إسرائيل، فإنه لطول الزّمان هلك الآباء و بقي الأبناء، فآمنوا. و قيل: كانت الطائفة من قوم فرعون، منهم مؤمن آل فرعون، و خازن فرعون، و امرأته، و ماشطة ابنته، و امرأة خازنه.

و كان إيمانهم على خوف من فرعون؛ لأنه كان مسلّطا عليهم، عاتيا متكبّرا، مجاوزا الحدّ في الكفر؛ لأنه كان عبدا فادّعى الرّبوبية.

2- أراد موسى عليه السّلام الاستيثاق من إيمان تلك الطائفة، فقال لهم:

إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ‏ أي صدّقتم باللّه و برسالتي، فتوكّلوا على اللّه وحده، أي اعتمدوا عليه، إن كنتم مسلمين، كرر الشّرط تأكيدا، أو أن الإسلام هو العمل، و بيّن موسى أن كمال الإيمان بتفويض الأمر إلى اللّه.

فأجابوا بأنّا توكّلنا على اللّه، أي أسلمنا أمورنا إليه، و رضينا بقضائه و قدره، و انتهينا إلى أمره.

و دعوا اللّه بألا ينصر الظالمين عليهم، فيكون ذلك فتنة لهم في الدّين، أو

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 248

لا يمتحنهم بأن يعذّبوا على أيديهم، و أن ينجيهم و يخلّصهم من الكافرين، أي من فرعون و قومه؛ لأنهم كانوا يأخذونهم بالأعمال الشاقة.

3- اتّخاذ البيوت في فترة ما مساجد، حتى لا يؤذي فرعون المصلّين؛ لأن بني إسرائيل كانوا لا يصلّون إلا في مساجدهم و كنائسهم، فخرّبها فرعون و منعهم من الصّلاة، فأوحى اللّه إلى موسى و هارون: أن اتّخذا و تخيّرا لبني إسرائيل بيوتا بمصر، أي مساجد متّجهة نحو القبلة، و لم يرد في رأي أكثر المفسّرين المنازل المسكونة، و إنما أراد الاتّجاه إلى بيت المقدس.

و هذا يدلّ على أن القبلة في الصّلاة كانت شرعا لموسى عليه السّلام.

و استنبط العلماء من جواز أداء الصّلاة في البيوت: أن المعذور بالخوف و غيره يجوز له ترك الجماعة و الجمعة، و العذر الذي يبيح له ذلك كالمرض المانع من التّنقل، أو خوف زيادته، أو خوف جور السّلطان في مال أو بدن، دون القضاء عليه بحقّ. و المطر الوابل مع الوحل عذر إن لم ينقطع، و من له ولي حميم قد حضرته الوفاة و لم يكن عنده من يمرّضه عذر أيضا، و قد فعل ذلك ابن عمر.

و أثير بهذه المناسبة خلاف في أداء صلاة التراويح (قيام رمضان) هل إيقاعه في البيت أفضل أو في المسجد؟ فذهب مالك و أبو يوسف و بعض الشّافعية إلى أنه في البيت أفضل لمن قوي عليه،

لما أخرجه البخاري: «فعليكم بالصّلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».

و قال أكثر الأئمة: إن حضورها في الجماعة أفضل؛

لأن النّبي صلى اللّه عليه و سلّم قد صلّاها في الجماعة في المسجد، ثم أخبر بالمانع الذي منع منه على الدّوام على ذلك، و هو خشية أن تفرض عليهم، فلذلك قال: «فعليكم بالصّلاة في بيوتكم».

ثم إن الصحابة كانوا يصلّونها في المسجد فرادى متفرّقين، إلى أن جمعهم عمر على قارئ واحد، فاستقرّ الأمر على ذلك، و ثبت سنّة.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏11، ص: 249

4- إن أداء الصّلاة في البيوت التي أمر اللّه بني إسرائيل فيها خوفا من أذى الأعداء أمر مشروع لا شكّ فيه. و كذلك تكتل الفئات القليلة في مواجهة طغيان الظالمين كفرعون أمر مطلوب سياسة، إذا جرينا على القول بأن البيوت هي مساكن للاعتصام فيها، لأن ذلك أدى إلى نجاة بني إسرائيل من ظلم فرعون.

5- دلّ إيمان الطائفة القليلة برسالة موسى عليه السّلام و تقديمهم في دعائهم عدم الفتنة على النّجاة على أن اهتمامهم بأمر دينهم كان فوق اهتمامهم بأمر دنياهم، فإنهم قالوا أولا: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ ، ثم قالوا: وَ نَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ‏ . فهذا الترتيب يدلّ على تفضيلهم أمر الدّين على أمر الدّنيا.

- 4- دعاء موسى على فرعون و ملئه [سورة يونس (10): الآيات 88 الى 89]

وَ قالَ مُوسى‏ رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِينَةً وَ أَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى‏ أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (88) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَ لا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89)

الإعراب:

لِيُضِلُّوا اللام للعاقبة و هي متعلقة ب آتَيْتَ‏ ، و يحتمل أن تكون للعلة؛ لأن إيتاء النّعم على الكفر استدراج و تثبيت على الضّلال.

صفحه بعد