کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 204

تعالى، و أن مهمته إخراج الناس من ظلمات الكفر و الضلالة و الجهل إلى نور الإيمان و الهدى و العلم، و ذلك بتوفيق اللّه إياهم و لطفه بهم. و فيه إنعام على الرسول بتفويضه هذا المنصب العظيم، و على الناس لإرساله لهم من خلصهم من ظلمات الكفر، و أرشدهم إلى نور الإيمان.

2- قال المعتزلة: في هذه الآية دلالة على إبطال القول بالجبر من جهات ثلاث:

أحدها- إخراج الكفر من الكافر بالكتاب.

و ثانيها- أنه أضاف الإخراج من الظلمات إلى النور إلى الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم.

و ثالثها- الإخراج من الكفر بالكتاب بتلاوته عليهم ليتدبروه و ينظروا فيه، فيتوصلوا إلى كونه تعالى عالما قادرا حكيما، و إلى أن القرآن معجزة صدق الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، فيقبلوا منه كل ما أداه إليهم من الشرائع، باختيارهم.

قال أهل السنة: إن المؤثر الأول في صدور الفعل من العبد و ترجيح جانب الوجود على جانب العدم هو اللّه تعالى.

و فعل العبد مخلوق للّه تعالى؛ لقوله سبحانه: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ‏ أي بمشيئته و تخليقه.

3- طرق الكفر و الجهل و البدعة كثيرة، و طريق الخير واحد؛ لأنه تعالى قال: لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ فعبر عن الجهل و الكفر بالظلمات و هو جمع، و عبر عن الإيمان و الهداية بالنور، و هو لفظ مفرد.

4- قدم ذكر العزيز على الحميد؛ لأن الواجب أولا في العلم باللّه: العلم بكونه تعالى قادرا، ثم العلم بكونه عالما، ثم العلم بكونه غنيا عن الحاجات، و العزيز: هو القادر، و الحميد: هو العالم الغني.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 205

5- للّه ما في السموات و ما في الأرض ملكا و عبيدا و اختراعا و خلقا، و هذا يدل على أنه تعالى غير مختص بجهة العلو البتة؛ لأن كل ما سماك و علاك فهو سماء، و بما أن كل ما في السموات فهو ملكه، فهو منزه عن الحصول في جهة فوقية. و أما قوله تعالى: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ [الملك 67/ 16] فالمراد به سلطانه و قدرته.

و تدل الآية أيضا على الحصر، أي كل ما في السموات و الأرض له، لا لغيره، و هو يدل على أنه لا مالك إلا اللّه، و لا حاكم إلا اللّه عز و جل.

و لهذا عطف عليه وعيد الكفار بقوله: وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ لأنهم تركوا عبادة اللّه تعالى الذي هو مالك السموات و الأرض و ما فيهما، إلى عبادة ما لا يملك ضرا و لا نفعا، و يخلق و لا يخلق، و لا إدراك لها و لا فعل.

6- استحقاق الكافرين الهلاك و العذاب في نار جهنم لصفات ثلاث: هي تفضيلهم أو إيثارهم الدنيا على الآخرة، و منعهم الناس من الوصول إلى سبيل اللّه و دينه، و هو المنهج القويم و الطريق المستقيم، و طلبهم لسبيل اللّه زيغا و ميلا و اعوجاجا، لموافقة أهوائهم، و قضاء حاجاتهم و أغراضهم، فهم في ضلال بعيد عن الحق.

7- من فضل اللّه و تيسيره الاهتداء بهدايته إرسال كل رسول إلى قومه بلغتهم، ليبين لهم أمر دينهم، و ليفهموا منه شرائع اللّه، و يفقهوها عنه بيسر و سرعة، ثم ينقلوها لغيرهم.

و إرسال جميع الرسل بلغة قومهم يقتضي تقدم حصول اللغات على إرسال الرسل، و هو يدل على أن اللغات حاصلة بالاصطلاح، و ليست توقيفية، كما ذكر الرازي.

8- قوله: فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ، وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ رد على القدرية في‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 206

نفوذ المشيئة، و إخبار بأن الضلال و الهداية من اللّه تعالى، فهو تعالى يضل من يشاء إضلاله، و يهدي من يشاء هدايته حسبما يعلم من استعداد العبد و اختياره، و ليس على ذلك الرسول غير التبليغ و التبيين، و لم يكلف أن يهدي، بل الهدى بيد اللّه على ما سبق قضاؤه.

و قال الزمخشري على طريقة الاعتزال: و المراد بالإضلال: التخلية و منع الألطاف، و بالهداية: التوفيق و اللطف، و كان ذلك كناية عن الكفر و الإيمان‏ «1» .

و يؤكد الرأي الأول لأهل السنة

ما روي: أن أبا بكر و عمر أقبلا في جماعة من الناس، و قد ارتفعت أصواتهما، فقال صلّى اللّه عليه و سلّم: «ما هذا؟» فقال بعضهم:

يا رسول اللّه، يقول أبو بكر: الحسنات من اللّه، و السيئات من أنفسنا، و يقول عمر: كلاهما من اللّه، و تبع بعضهم أبا بكر، و بعضهم عمر، فتعرف الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم ما قاله أبو بكر، و أعرض عنه حتى عرف ذلك في وجهه، ثم أقبل على عمر، فتعرف ما قاله، و عرف البشر في وجهه. ثم قال: «أقضي بينكما كما قضى به إسرافيل بين جبريل و ميكائيل، قال جبريل مثل مقالتك يا عمر، و قال ميكائيل مثل مقالتك يا أبا بكر، فقضاء إسرافيل: أن القدر كله خيره و شره من اللّه تعالى، و هذا قضائي بينكما» «2» .

ثم ذكر الرازي تأويلات ثلاثة للآية، بعد أن قال: لا يمكن حمل الآية على أنه تعالى يخلق الكفر في العبد «3» :

الأول- أن المراد بالإضلال: هو الحكم بكونه كافرا ضالا، كما يقال: فلان يكفّر فلانا و يضلله، أي يحكم بكونه كافرا ضالا.

(1) الكشاف: 2/ 171

(2) تفسير الرازي: 19/ 80

(3) المرجع السابق 81

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 207

و الثاني- أن يكون الإضلال: عبارة عن الذهاب بهم عن طريق الجنة إلى النار، و الهداية: عبارة عن إرشادهم إلى طريق الجنة.

و الثالث- أنه تعالى لما ترك الضال على إضلاله، و لم يتعرض له، صار كأنه أضله، و المهتدي لما أعانه بالألطاف، صار كأنه هو الذي هداه.

و الخلاصة: إنه لا إجبار على الإيمان و الكفر، و لا يخلق العبد كافرا أو لا يخلق الكفر في العبد، و إنما المراد بالإضلال و الهداية بيان طريقي الشر و الخير، كما قال تعالى: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ [البلد 90/ 10].

مهمة الرسول موسى عليه السلام و نصائحه لقومه [سورة إبراهيم (14): الآيات 5 الى 8]

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى‏ بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (7) وَ قالَ مُوسى‏ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)

الإعراب:

أَنْ أَخْرِجْ‏ أَنْ‏ : إما أن يكون لها موضع من الإعراب، و هو النصب، و تقديره:

بأن أخرج قومك، فحذف حرف الجر، فاتصل الفعل به، و إما ألا يكون لها موضع من الإعراب، و تكون مفسّرة بمعنى أي، مثل‏ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا [ص 38/ 6].

وَ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ‏ أتى بالواو هنا، ليدل على أن الثاني غير الأول، و حذفت في غير هذا الموضع في سورة البقرة، ليدل على البدل، و أن الثاني بعض الأول، أي أنه في سورة البقرة تفسير لما سبق، و هنا غير تفسير، و إنما التذبيح نوع آخر من العذاب غير الأول.

إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ حذفت الفاء من جواب الشرط للشهرة.

البلاغة:

شَكَرْتُمْ‏ و كَفَرْتُمْ‏ بينهما طباق.

صَبَّارٍ شَكُورٍ صيغة مبالغة فيهما.

شديد .. حميد فيهما سجع.

المفردات اللغوية:

بِآياتِنا الجمهور على أنها الآيات التسع التي أجراها اللّه على يد موسى عليه السلام، يعني اليد و العصا و سائر معجزاته. و قيل: هي الجراد و القمل و الضفادع و نحوها. أَنْ أَخْرِجْ‏ أي بأن أخرج، أو بمعنى أي كأن في الإرسال معنى القول. قَوْمَكَ‏ بني إسرائيل. مِنَ الظُّلُماتِ‏ الكفر و الجهالات. إِلَى النُّورِ الإيمان باللّه و توحيده و جميع ما أمروا به‏ وَ ذَكِّرْهُمْ‏ عظهم، بِأَيَّامِ اللَّهِ‏ وقائعه التي وقعت على الأمم السابقة، و أيام العرب: حروبها. و قيل: بنعمائه و بلائه. صَبَّارٍ كثير الصبر على البلاء و الطاعة. شَكُورٍ أي كثير الشكر للنعم.

وَ إِذْ قالَ‏ و اذكر حين قال موسى. يَسُومُونَكُمْ‏ يذيقونكم العذاب السي‏ء الشديد.

وَ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ‏ المولودين. وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ‏ يبقونهم أحياء للذل و العار؛ لقول بعض الكهنة: إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملك فرعون. وَ فِي ذلِكُمْ‏ الإنجاء أو العذاب. بَلاءٌ إنعام أو ابتلاء و اختبار.

وَ إِذْ تَأَذَّنَ‏ و اذكر حين أعلم و آذن. لَئِنْ شَكَرْتُمْ‏ نعمتي بالتوحيد و الطاعة. وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ‏ جحدتم النعمة بالكفر و المعصية، لأعذبنكم، دل عليه‏ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ .

لَغَنِيٌ‏ عن خلقه. حَمِيدٌ مستحق للحمد في ذاته، محمود في صنعه بهم، تحمده‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 208

الملائكة و تنطق بنعمه المخلوقات، فما ضررتم بالكفران إلا أنفسكم، حيث حرمتموها مزيد الإنعام، و عرضتموها للعذاب الشديد.

المناسبة:

بعد أن بيّن اللّه تعالى أنه أرسل محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم إلى الناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، و أن إرساله نعمة له و لقومه، أتبع ذلك بذكر قصة موسى عليه السلام، ثم بقصص أنبياء آخرين مع أقوامهم، تنبيها على أن المقصود من بعثة الرسل واحد: و هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، و تصبيرا للرسول على أذى قومه، و إرشادا له إلى كيفية معاملتهم و مكالمتهم.

التفسير و البيان:

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 209

كما أرسلناك يا محمد و أنزلنا عليك الكتاب لتخرج الناس كلهم من الظلمات إلى النور، كذلك أرسلنا موسى إلى بني إسرائيل بالآيات التسع، و أمرناه قائلين له: أخرج قومك من الظلمات إلى النور، أي أدعهم إلى الخير، ليخرجوا من ظلمات ما كانوا فيه من الجهل و الضلال، إلى نور الهدى و بصيرة الإيمان.

وعظهم بأيام اللّه، أي بوقائعه التي مرت على أمم الأنبياء السابقين، و كيف نجا المؤمنون، و هلك الكافرون!! أو ذكّرهم بنعم اللّه عليهم في إخراجهم من أسر فرعون و قهره، و ظلمه و غشمه، و إنجائه إياهم من عدوهم، و فلقه لهم البحر، و تظليله إياهم الغمام، و إنزاله عليهم المن و السلوى، و غير ذلك من النعم.

روى الإمام أحمد و ابن جرير و ابن أبي حاتم حديثا مرفوعا عن ابن عباس عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم‏ في قوله تعالى: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ‏ قال: بنعم اللّه تعالى.

و أيام اللّه في عهد موسى: إما محنة و بلاء: و هي الأيام التي كان فيها

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏13، ص: 210

بنو إسرائيل تحت قهر فرعون و استعباده، و إما نعمة كإنجائهم من عدوهم، و فلق البحر لهم، و إنزال المن و السلوى عليهم.

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ .. أي إن في ذلك التذكير لدلائل على وحدانية اللّه و قدرته، و إن فيما صنعنا ببني إسرائيل حين أنقذناهم من بطش فرعون، و أنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين لعبرة، لكل كثير الصبر على الطاعة و البلاء أو الضراء، شكور في حال النعمة و الرفاه و السرور. قال قتادة: نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر، و إذا أعطي شكر. و

جاء في صحيح البخاري عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إن أمر المؤمن كله عجب، لا يقضي اللّه له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيرا له، و إن أصابته سرّاء، شكر، فكان خيرا له».

فعلى المسلم أن يكون صابرا شكورا، يصبر عند البلاء و المحنة، و يشكر عند الرخاء و النعمة.

وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ ... و اذكر حين قال موسى لقومه: يا قوم، تذكروا نعمة اللّه عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون، و ما كانوا يذيقونكم من العذاب و الإذلال، و يكلفونكم من الأعمال ما لا تطيقون، و كانوا يذبحون أبناءكم المولودين الصغار، خوفا من ظهور ولد يكون سببا في تدمير ملك فرعون، كما فسرت الرؤيا لفرعون مصر، و كانوا يتركون الإناث أحياء ذليلات مستضعفات، و ذلك من أعظم البلاء، فأنقذكم اللّه من عذابهم، و هذه نعمة عظيمة.

صفحه بعد