کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 112

اللّه، و المؤذون الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و المؤذون المؤمنين، و هذه المظاهر: هي المنافق الذي يؤذي اللّه سرا، و الذي في قلبه مرض الذي يؤذي المؤمن باتباع نسائه، و المرجف الذي يؤذي النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بالإرجاف، بقوله: غلب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و سيخرج من المدينة و سيؤخذ أسيرا. و هذا كله من آثار النفاق العملي.

التفسير و البيان:

توعد اللّه المنافقين و حذرهم و هم الذين يظهرون الإيمان و يبطنون الكفر، فقال:

لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ، وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ، لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ، ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا أي لئن لم يكف المنافقون عما هم عليه من النفاق، و الذين في قلوبهم ضعف إيمان و شك و ريبة في أمر الدين، و أهل الإرجاف في المدينة الذين يشيعون الأخبار الملفقة الكاذبة المتضمنة توهين جانب المسلمين، و إظهار تفوق المشركين و غلبتهم عليهم، لنسلطنك عليهم و نأمرنك بقتالهم و إجلائهم عن المدينة، فلا يساكنونك فيها إلا زمنا قليلا.

و هذه الأوصاف الثلاثة: النفاق، و مرض القلب، و الإرجاف هي لشي‏ء واحد، فإن من لوازم النفاق مرض القلب بضعف الإيمان، و الإرجاف بالفتنة و إشاعة أخبار السوء، و المنافقون متصفون بهذه الأوصاف الثلاثة كلها.

و كل وصف من هذه الأوصاف خطر على المجتمع الإسلامي، سواء إبطان الكفر، أو الفسوق و العصيان و تتبع النساء للاطلاع على عوراتهن و الإساءة لهن بالقول القبيح و الفعل الشنيع، أو إشاعة الأكاذيب المغرضة التي تنشر القلق و الخوف و الاضطراب، و تضعف من معنويات الجماعة، مما يسهل هزيمتهم، و انتصار الأعداء عليهم.

ثم اللّه أبان تعالى جزاءهم في الدنيا و الآخرة فقال:

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 113

مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا أي إنهم في حال مدة إقامتهم في المدينة فترة زمنية قليلة مطرودون من رحمة اللّه منبوذون، و أينما وجدوا و أدركوا أخذوا لذلتهم و قلتهم، و قتّلوا شر تقتيل، فلن يجدوا أحدا يؤويهم، بل ينكل بهم و يؤسرون و يقتّلون تقتيلا شديدا يستأصلهم.

و هذا دليل على أخذهم أسرى، و الأمر بقتلهم إذا ظلوا على النفاق، و قد كان ذلك في أواخر حياة الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم.

ثم أوضح اللّه تعالى أن هذا الجزاء عام في جميع المنافقين الغابرين و اللاحقين فقال:

سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي إن هذا الحكم- و هو لعن المنافقين و أخذهم و تقتيلهم و تسليط المؤمنين عليهم و قهرهم- هو سنة اللّه و طريقته في المنافقين في كل زمان مضى، إذا بقوا على نفاقهم و كفرهم، و لم يرجعوا عما هم عليه، و سنة اللّه في ذلك لا تبدل و لا تغير، لقيامها على الحكمة و المصلحة و صلاح الأمة، بل هي ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء على ممر التاريخ.

فقه الحياة أو الأحكام:

يستنبط من الآيات ما هو آت:

1- اتفق أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة: النفاق، و مرض القلب، و الإرجاف لشي‏ء واحد كما تقدم، أي إن المنافقين قد جمعوا هذه الأشياء «1» .

و الآية دليل على تحريم الإيذاء بالإرجاف و على أن تتبع عورات النساء نفاق.

(1) قالوا: و الواو مقحمة، كما قال الشاعر:

إلى الملك القرم و ابن الهمام‏

و ليث الكتيبة في المزدحم‏

أي إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 114

2- إن جزاء هؤلاء المنافقين إن أصروا على نفاقهم تسليط أهل الحق و الإيمان عليهم، لاستئصالهم بالقتل، و طردهم من البلاد، فلا يساكنون النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و المؤمنين في المدينة إلا مدة يسيرة حتى يهلكوا، و طردهم من رحمة اللّه.

3- إن هذا العقاب هو ما سنه اللّه عز و جل فيمن أرجف بالأنبياء، و أظهر نفاقه أن يؤخذ و يقتل، و لا تبديل و لا تغيير لسنة اللّه و حكمه، فلا يغيره هو سبحانه، و لا يستطيع أحد تغييره.

4- لكن يجوز تأخير تطبيق هذا العقاب، فليس هو على الفور، قال القرطبي: و في الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد، و الدليل على ذلك بقاء المنافقين معه- صلّى اللّه عليه و سلّم- حتى مات. و المعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم و تأخير وعيدهم‏ «1» .

و قد تأخر بالفعل عقاب المنافقين إلى أواخر عهد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فإنه لما نزلت سورة «براءة» جمعوا،

فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا فلان قم فاخرج، فإنك منافق، و يا فلان قم»

فقام إخوانهم من المسلمين، و تولوا إخراجهم من المسجد.

توعد الكفار بقرب الساعة و بيان نوع جزائهم [سورة الأحزاب (33): الآيات 63 الى 68]

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولا (66) وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67)

رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)

(1) تفسير القرطبي: 14/ 248

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 115

البلاغة:

يَقُولُونَ: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا تحسر و تفجع من طريق التمني.

سَعِيراً نَصِيراً كَبِيراً فيها ما يسمى بمراعاة الفواصل، لما فيها من وقع حسن.

المفردات اللغوية:

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ أي يسألك أهل مكة المشركون عن وقت يوم القيامة و حصوله استهزاء، أو تعنتا، أو امتحانا قُلْ: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ‏ أي لم يطلع عليه ملكا و لا نبيا وَ ما يُدْرِيكَ، لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً أي و ما يعلمك يا محمد؟ أي أنت لا تعلمها، فكيف بغيرك من الناس؟ و ربما توجد الساعة في زمن قريب. و فيه تهديد للمستعجلين و إسكات للمتعنتين.

لَعَنَ الْكافِرِينَ‏ أبعدهم و طردهم عن رحمته‏ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً نارا شديدة الاتقاد و الاستعار يدخلونها خالِدِينَ‏ مقدرا خلودهم‏ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يواليهم و يحفظهم عنها وَ لا نَصِيراً ينصرهم و يدفع العذاب عنهم‏ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ تصرّف من جهة إلى جهة أخرى، كاللحم يشوى بالنار. يا لَيْتَنا يا : للتنبيه‏ وَ قالُوا أي الأتباع منهم‏ سادَتَنا أي ملوكنا و قادتنا الذين لقنوهم الكفر، و قرئ «ساداتنا» جمع الجمع، للدلالة على الكثرة وَ كُبَراءَنا علماءنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا أي أضلونا طريق الهدى بما زينوا لنا من الكفر باللّه و رسوله‏ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ‏ مثلي ما أوتينا من العذاب؛ لأنهم ضلوا و أضلوا وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً أي عذبهم و أبعدهم بلعن هو أشد اللعن و أعظمه، و فوله‏ كَبِيراً أي عدده، أي عظيما.

المناسبة:

بعد بيان حال الفئات الثلاث في الدنيا (المشركين الذين يؤذون اللّه و رسوله، و المجاهرين الذين يؤذون المؤمنين، و المنافقين الذين يظهرون الحق و يضمرون الباطل) و أنهم يلعنون و يهانون و يقتلون، ذكر حالهم في الآخرة، فتوعدهم بقرب يوم القيامة، و بين نوع عذابهم فيه.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 116

التفسير و البيان:

يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ، قُلْ: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ‏ أي يتساءل الناس بكثرة عن وقت قيام القيامة، فالمشركون يسألون عنها تهكما و استهزاء، و المنافقون يسألون عنها تعنتا، و اليهود يسألون عنها امتحانا و اختبارا، فيجيبهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بتعليم اللّه له: إن علمها محصور باللّه تعالى، لم يطلع عليها ملكا و لا نبيا مرسلا، فهو وحده الذي يعلم وقت حدوثها.

و أكد نفي علمها عن أحد غيره فقال:

وَ ما يُدْرِيكَ، لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً أي و ما يعلمك بها، فإنها من المغيبات المختصة باللّه تعالى، و ربما توجد في وقت قريب، كما قال تعالى:

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر 54/ 1] و قال عز و جل: أَتى‏ أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ‏ [النحل 16/ 1] و

قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فيما رواه البخاري: «بعثت و الساعة كهاتين» و أشار إلى السبابة و الوسطى.

و في هذا تهديد للمستعجلين، و توبيخ للمتعنتين، كما تقدم. و كلمة قَرِيبٌ‏ فعيل يستوي فيه المذكر و المؤنث، كما قال تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‏ [الأعراف 7/ 56] لذا لم يقل: لعل الساعة تكون قريبة.

ثم ذكر اللّه تعالى نوع جزاء الكفار الذي ينتظرهم يوم القيامة، فقال:

إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ، وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً أي إن اللّه تعالى طرد الكافرين و أبعدهم عن رحمته، و هيأ لهم في الآخرة نارا شديدة الاستعار و الاتقاد.

خالِدِينَ فِيها أَبَداً، لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً أي إنهم في ذلك العذاب في نار جهنم مخلدون ماكثون فيه على الدوام، و لا أمل لهم في النجاة منه، فلا يجدون‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 117

من يواليهم و يكون لهم مغيثا و معينا ينقذهم مما هم فيه، و لا من ينصرهم و يخلصهم منه. و المقصود أنه لا شفيع لهم يدفع عنهم العذاب.

ثم ذكر وصف حال العذاب فقال:

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا أي إنهم يسحبون في النار على وجوههم، و تلوى وجوههم على جهنم، و يتقلبون فيها من جهة إلى أخرى كاللحم يشوى في النار، و حينئذ يقولون و يتمنون: يا ليتنا لو كنا في الدار الدنيا ممن أطاعوا اللّه و أطاعوا الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و آمنوا بما جاء به، لينجوا من العذاب كما نجا المؤمنون، كما قال تعالى في آية أخرى: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى‏ يَدَيْهِ يَقُولُ: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا [الفرقان 25/ 27] و قال أيضا مخبرا عنهم: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ‏ [الحجر 15/ 2].

ثم اعتذروا بالتقليد، فقال اللّه تعالى واصفا ذلك:

وَ قالُوا: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا أي و قال الكافرون حينئذ و هم في عذاب جهنم: يا ربنا إنا أطعنا في الشرك و الكفر رؤساءنا و قادتنا و علماءنا، و خالفنا الرسل، و اعتقدنا أنهم محقون فيما يقولون، فأخطؤوا بنا سواء الطريق، و أضلونا عن طريق الهدى بما زينوا لنا من الكفر باللّه و رسوله، و عدم الإقرار بالوحدانية، و إخلاص الطاعة للّه تعالى.

ثم صوّر تعالى ما يغلي في نفوسهم من الحقد الذي أدى بهم إلى طلب التشفي من القادة و الأمراء و الأشراف فقال:

رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً أي يا ربنا عذّبهم مثل عذابنا مرتين: عذاب الكفر، و عذاب الإضلال و الإغواء إيانا، و أبعدهم عن‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 118

رحمتك بعدا عظيما كثيرا شديد الموقع، و هذا بمعنى‏

الحديث الذي رواه البخاري و مسلم عن عبد اللّه بن عمرو أن أبا بكر قال: يا رسول اللّه، علّمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم، إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، و لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، و ارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم»

يروى «كبيرا» و «كثيرا» و هما بمعنى واحد، و استحب بعضهم أن يجمع الداعي بين اللفظين في دعائه، قال ابن كثير: و في ذلك نظر، بل الأولى أن يقول هذا تارة، و هذا تارة، كما أن القارئ مخير بين القراءتين، أيتهما قرأ أحسن، و ليس له الجمع بينهما «1» .

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

1- لما توعد اللّه المؤذين لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالعذاب، سألوا عن الساعة، استبعادا و تكذيبا، موهمين أنها لا تكون، فأجابهم اللّه بأن علمها عند اللّه، و ليس في إخفائها عن رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم ما يبطل نبوته، فليس من شرط النبي أن يعلم الغيب بغير تعليم من اللّه عز و جل.

إن وقت حصول الساعة (القيامة) في زمان قريب، و قد أخفي وقت الساعة ليكون العبد مستعدا لها. و هذا إشارة إلى التخويف.

3- إن اللّه عاقب الكافرين بالطرد و الإبعاد من رحمته، و بإعداد نار جهنم المستعرة الشديدة الاتقاد، و هم فيها خالدون ماكثون على الدوام، و لا شفيع لهم ينجيهم من عذاب اللّه و الخلود فيه، و يتقلبون في السعير ذات اليمين و ذات الشمال كما يشوى اللحم في النار. و هذا يدل على أنهم ملعونون في الدنيا، و ملعونون عند اللّه، و أن العذاب دائم مستمر لا أمل في الخروج منه.

صفحه بعد