کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 133

و ختمت السورة بدعوة المشركين إلى الإيمان باللّه الواحد الأحد، قبل أن يأتي يوم القيامة، فيطلبون العودة إلى دار الدنيا للإيمان بالقرآن و بالرسول محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و الإتيان بصالح الأعمال، و لكن يحال بينهم و بين ما يشتهون، لفوات الأوان.

صفات الملك و القدرة و العلم للّه تعالى [سورة سبإ (34): الآيات 1 الى 2]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)

الإعراب:

الَّذِي لَهُ ... إما في موضع جر على النعت أو البدل، أو في موضع رفع على إضمار مبتدأ، أو في موضع نصب بمعنى أعني.

يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ‏ جملة فعلية في موضع نصب على الحال من اسم اللّه، و يحتمل أن يكون مستأنفا لا موضع له من الإعراب.

البلاغة:

الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ تعريف الطرفين لإفادة الحصر، أي لا يستحق الحمد الكامل إلا اللّه.

يَلِجُ‏ يَخْرُجُ‏ يَنْزِلُ‏ يَعْرُجُ‏ بين كل منهما طباق.

وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ صيغة فعيل و فعول للمبالغة.

المفردات اللغوية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الْحَمْدُ هو الثناء على اللّه بما هو أهله، أو الثناء على اللّه بجميل صفاته‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 134

و أفعاله‏ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ ملكا و خلقا و نعمة. وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ للّه الحمد في الدنيا لكمال قدرته و تمام نعمته، و له أيضا حمد عباده في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة، للسبب السابق ذاته‏ وَ هُوَ الْحَكِيمُ‏ في فعله و هو الذي أحكم أمر الدارين و دبره بمقتضى الحكمة الْخَبِيرُ بخلقه في الدارين، و هو الذي يعلم بواطن الأمور.

يَلِجُ فِي الْأَرْضِ‏ يدخل فيها كالماء ينفذ في موضع و ينبع في آخر، و كالكنوز و الدفائن و الأموات‏ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها كالزروع و النباتات و الحيوان و الفلزات و ماء العيون‏ وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ من الأمطار و الثلوج و البرد و الصواعق و الأرزاق و الملائكة و الكتب و المقادير وَ ما يَعْرُجُ فِيها يصعد فيها من أعمال العباد و غيرها من الملائكة و الأبخرة و الأدخنة الرَّحِيمُ‏ بعباده‏ الْغَفُورُ لذنوبهم.

التفسير و البيان:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ أي إن الحمد المطلق الكامل للّه مالك السموات و الأرض و ما فيهما، و المتصرف بشؤونهما، يفعل ما يشاء، و يحكم ما يريد، و حمده على النعم التي أنعم بها على خلقه، و المعنى: إن المستحق للحمد و الثناء و الشكر هو اللّه الذي له ما في السموات و ما في الأرض ملكا و خلقا و تصرفا بما يشاء، فهو صاحب القدرة الكاملة، و النعمة التامة.

وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ أي للّه الحمد في الآخرة كالحمد في الدنيا؛ لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا و الآخرة، كما قال في آية أخرى: وَ هُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى‏ وَ الْآخِرَةِ، وَ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ [القصص 28/ 70]. و قال تعالى في حكاية حمد أهل الجنة: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ، وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ [الزمر 39/ 74]. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ، إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ‏ [فاطر 35/ 34- 35].

و إذا كان هو المحمود على طول المدى، فهو المعبود أبدا.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 135

وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ أي و اللّه هو الحكيم في أقواله و أفعاله و شرعه و قدره، يدبر شؤون خلقه على مقتضى الحكمة، و الخبير ببواطن الأمور، الذي لا تخفى عليه خافية، و لا يغيب عنه شي‏ء. قال مالك: خبير بخلقه حكيم بأمره.

يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها أي يعلم ما يدخل في الأرض كالغيث الذي ينفذ في موضع و ينبع في آخر، و كالكنوز و الدفائن و الأموات، و يعلم ما يخرج من الأرض، كالحيوان و النبات و الماء و الفلزّات.

وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها أي ما ينزل من السماء كالملائكة و الكتب و الأرزاق و الأمطار و الصواعق، و ما يعرج فيها كالملائكة و أعمال العباد و الغازات و الأدخنة و وسائل النقل الجوي و الطيور.

وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ أي و اللّه هو الرحيم بعباده، فلا يعاجل عصيانهم بالعقوبة، الغفور لذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

1- اللّه تعالى هو المستحق لجميع المحامد و الحمد: الشكر على النعمة، و يكون الثناء على اللّه بما هو أهله، فالحمد الكامل و الثناء الشامل كله للّه؛ إذ النعم كلها منه، و هو مالك السموات و الأرض و خالقهما و المتصرف فيهما بالإيجاد و الإعدام، و الإحياء و الإماتة.

2- اللّه تعالى هو المحمود في الدنيا و الآخرة؛ لأنه المالك للأولى و الثانية، و هو الحكيم في فعله، الخبير بأمر خلقه.

3- اللّه عالم بكل شي‏ء من الظواهر و الخوافي، يعلم ما يدخل في الأرض من قطر و غيره من الكنوز و الدفائن و الأموات، و يعلم ما يخرج منها من نبات‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 136

و غيره، و يعلم ما ينزل من السماء من الأمطار و الثلوج و البرد و الصواعق و الأرزاق و المقادير و البركات، و ما يعرج فيها من الملائكة و أعمال العباد، و هو الرحيم بعباده الغفور لذنوب التائبين منهم.

و هذا و يلاحظ كما ذكر الرازي أن السور المفتتحة بالحمد خمس سور، سورتان منها في النصف الأول: و هما الأنعام و الكهف، و سورتان في الأخير: و هما هذه السورة و سورة فاطر (سورة الملائكة)، و الفاتحة التي تقرأ مع النصف الأول و مع النصف الأخير، و الحكمة فيها أن نعم اللّه منحصرة في قسمين: نعمة الإيجاد و نعمة الإبقاء، ففي سورة الأنعام إشارة إلى الشكر على نعمة الإيجاد: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ [1] و في سورة الكهف إشارة إلى الشكر على نعمة الإبقاء: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى‏ عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، قَيِّماً [1- 2] فإن بالشرائع البقاء. ثم في هذه السورة الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ إشارة إلى نعمة الإيجاد الثاني في قوله: وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ و في سورة فاطر إشارة إلى نعمة الإبقاء الثاني و هو في يوم القيامة؛ لأن الملائكة لا تكون رسلا إلا يوم القيامة يرسلهم اللّه مسلّمين، كما قال تعالى: وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [الأنبياء 21/ 103]. و في فاتحة الكتاب إشارة إلى النعمة العاجلة بقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ [1] و إلى النعمة الآجلة بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ [4] لذا قرئت في الافتتاح و الاختتام.

إنكار الكفار الساعة و موقف الناس من آيات اللّه و جزاؤهم [سورة سبإ (34): الآيات 3 الى 6]

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى‏ وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ يَهْدِي إِلى‏ صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 137

الإعراب:

لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ‏ عالِمِ‏ بالجر: نعت لقوله تعالى: وَ رَبِّي‏ أو بدل منه، و يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، و خبره: لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ أو خبر مبتدأ محذوف تقديره:

هو عالم الغيب. وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ .. مرفوعان بالابتداء.

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ .. اللام تتعلق بقوله: لا يَعْزُبُ‏ . و أَلِيمٌ‏ بالجر و الرفع صفة لرجز أو عذاب.

وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ إما معطوف على‏ لِيَجْزِيَ‏ أو مستأنف.

هُوَ الْحَقَ‏ مفعول ثان ل يَرَى‏ و هو: ضمير فصل، و من قرأ بالرفع جعل‏ هُوَ مبتدأ، و الْحَقَ‏ خبره، و الجملة ثاني مفعولي‏ يَرَى‏ .

البلاغة:

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ و وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ‏ بينهما ما يسمى بالمقابلة، فالمغفرة و الرزق الكريم جزاء المحسنين، و العذاب و الرجز الأليم جزاء المجرمين.

المفردات اللغوية:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ القيامة و البعث، و هذا منهم إنكار لمجيئها، أو استبطاء استهزاء بالوعد به‏ قُلْ: بَلى‏ رد لكلامهم و إثبات لما نفوه‏ «1» وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ‏

(1) «بلى»: لها موضعان: الأول- أن تكون ردّا لنفي يقع قبلها، خبرا كان أو نهيا، فينتفي بها ما قبلها من النفي و تحققه، كما هنا. و الثاني- أن تقع جوابا لاستفهام دخل على نفي تحققه، فيصير معناها التصديق لما قبلها، مثل: ألم أكن صديقك؟ فيقول الرادّ: بلى، إذا صدقه، و المعنى: بلى كنت صديقي، فهي إذن لإثبات المنفي. و أما «نعم»: فهي في الأصل: تصديق لما قبلها في كل كلام و إيجاب له، و عدة، مثل: هل تحسن إلي؟ فيقول الرادّ: نعم، فيعده بالإحسان، فإن أراد ترك الإحسان قال: لا، و لا يحسن هنا: بلى.

و «لا» نفي لما قبلها و ردّ له. و أما «كلا» فتكون بمعنى «لا» و معناها الرد و الإنكار لما تقدم قبلها من الكلام و ذلك في حال الوقف عليها. و قد تأتي بمعنى «حقّا» و هو مذهب الكسائي خلافا لحذّاق النحويين. و في حال الابتداء ب «كلا» تكون بمعنى «ألا» مثل‏ كَلَّا، إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ (شرح «كلا، و بلى، و نعم» للعلامة مكي بن أبي طالب القيسي).

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 138

تكرار لإثباته، مؤكدا بالقسم، مقررا وصف المقسم به بصفات تثبت إمكانه، و تنفي استبعاده‏ لا يَعْزُبُ عَنْهُ‏ لا يغيب عنه‏ مِثْقالُ ذَرَّةٍ وزن أو مقدار أصغر نملة وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ‏ المثقال‏ وَ لا أَكْبَرُ منه‏ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ‏ أي إلا و هو مثبت في كتاب بيّن واضح و هو اللوح المحفوظ.

و قوله: وَ لا أَصْغَرُ إلخ جملة مؤكدة لنفي العزوب.

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا .. علة لقوله: لَتَأْتِيَنَّكُمْ‏ و بيان لما يقتضي إتيانها، أي إن إتيان الساعة فائدته جزاء المؤمنين بالثواب و الكافرين بالعقاب‏ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم، أي محوها من قبل اللّه تعالى بسبب غلبة إيمانهم و أعمالهم الصالحة على ذنوبهم‏ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‏ حسن لا تعب فيه و لا منّة عليه، و هو ما يقيض لهم من ملاذ الأطعمة و غيرها في الجنة بسبب إيمانهم و عملهم الصالح تفضلا من اللّه تعالى عليهم.

وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا بإبطال آياتنا المنزلة على الرسل، و تزهيد الناس فيها مُعاجِزِينَ‏ مسابقين لنا يظنون أنهم يفوتوننا فلا نقدر عليهم، لاعتقادهم ألا بعث و لا عقاب، و قرئ: معجّزين، أي مثبّطين عن الإيمان بآيات القرآن من أراده‏ رِجْزٍ سي‏ء العذاب أو عذاب شديد أَلِيمٌ‏ مؤلم.

وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ أي و يعلم أولو العلم من الصحابة و مشايعوهم من الأمة، أو من مسلمي أهل الكتاب كعبد اللّه بن سلام و أصحابه‏ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏ القرآن‏ هُوَ الْحَقَ‏ الثابت الصحيح و غيره باطل‏ وَ يَهْدِي إِلى‏ صِراطِ أي يوصل إلى طريق اللّه و دين اللّه و هو التوحيد و التقوى‏ الْعَزِيزِ ذي العزة الذي يغلب و لا يغلب‏ الْحَمِيدِ المحمود في جميع شؤونه.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏22، ص: 139

المناسبة:

بعد بيان أن للّه الحمد في الدنيا و الآخرة، أبان اللّه تعالى أن الكفار ينكرون حدوث القيامة أشد الإنكار، أو يستعجلون بها استهزاء بوعد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بها، ثم أوضح تعالى أن الناس من آيات القرآن فريقان: فريق المنكرين الجاحدين المعاندين الساعين في إبطالها، و جزاؤهم العذاب الأليم، و فريق العالمين المؤمنين بأنها الحق الصراح الأكيد الذي يهدي إلى الصراط المستقيم.

التفسير و البيان:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ أي و قال الكافرون بالرسالات السماوية إنكارا منهم أو استعجالا على سبيل الاستهزاء بالوعد: لن يكون هناك قيامة و لا بعث و لا حساب. و هم بذلك جاحدون الأخبار الواردة من ربهم بحدوث الساعة، و التي تضمنتها كتبه و ما فيها من الحجج و البينات.

فرد اللّه عليهم مؤكدا بطلان اعتقادهم:

قُلْ: بَلى‏ وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ‏ أي قل لهم أيها النبي: بلى و اللّه إنها لآتية لا ريب فيها. و يلاحظ في ذلك إثبات وجودها و نفي مزاعمهم، مؤكدا ذلك بالقسم باللّه و بالتأكيد في الفعل باللام و نون التوكيد.

و هذه الآية- كما ذكر ابن كثير- إحدى آيات ثلاث أمر اللّه تعالى فيها رسوله أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد، للرد على المنكرين من أهل الشرك و النفاق و العناد، فإحداهن في سورة يونس: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ؟ قُلْ: إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ، وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ‏ [53] و الثانية هذه:

صفحه بعد