کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 153

و الضلال بعبادة غير اللّه، ضل و أفك الجاحدون لآيات اللّه، المنكرون لتوحيده، و صرفوا عن اتباع الصراط القويم، من غير حجة و لا برهان، بل بمجرد الجهل و الهوى.

ثم أضاف اللّه تعالى دليلا آخر على قدرته و حكمته، فقال:

6- 7: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً أي إن اللّه هو الذي جعل الأرض موضع استقرار و ثبات، تستقر عليها المباني و الأمتعة، و يحيى فيها الأشخاص و يموتون، و يمشون و يتصرفون في أنحائها، و جعل أيضا السماء سقفا للعالم محفوظا قائما ثابتا أيضا، لا ينهدم و لا يتصدع، و زيّنه بالكواكب و النجوم.

و بعد بيان بعض دلائل الآفاق و الأكوان (و هي كل ما هو غير الإنسان من هذا العالم) و هي اثنان (أحوال الليل و النهار، و أحوال الأرض و السماء) ذكر اللّه تعالى دلائل الأنفس على وجوده و قدرته و هي ثلاثة (إحداث صورة الإنسان، و تحسينها، و الرزق من الطيبات) فقال:

8- 9: وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ، وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ‏ أي و خلقكم في أحسن صورة، و أجمل شكل، و أبدع تقويم في انتصاب القامة، و تناسب الأعضاء، و التهيؤ لمزاولة مختلف أنواع المكاسب و المعاشات، و رزقكم من طيبات الرزق و لذائذه من الطعام و الشراب.

ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ، فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ‏ أي ذلكم المتصف بهذه الصفات الجليلة، المنعم بهذه النعم العظيمة، هو الرب الذي لا تصلح الربوبية لغيره، فتقدس و تنزه اللّه رب العالمين من الإنس و الجن عن صفات النقص و عما لا يليق به من الشريك و الولد و الصاحبة.

و بعد إثبات توحيد الربوبية أثبت توحيد الألوهية، فقال تعالى:

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 154

10- هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏ أي إن هذا الرب المدبر المتصرف في الكون هو الحي حياة ذاتية، الباقي الذي لا يفنى، الأول و الآخر و الظاهر و الباطن، المنفرد بالألوهية، فلا تصلح الألوهية لسواه، فاعبدوه مخلصين له الطاعة و العبادة، موحدين له، مقرين بأنه لا إله إلا هو.

و هو سبحانه المستحق الحمد و الثناء و الشكر على نعمه، فقال آمرا و معلما عباده:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ أي إنه صاحب الحمد، المستحق الشكر و الثناء، رب العالمين من الملائكة و الإنس و الجن. و الجملة خبر فيها إضمار أمر، أي ادعوه و احمدوه.

روى ابن جرير عن ابن عباس قال: «من قال: لا إله إلا اللّه، فليقل على أثرها: الحمد للّه رب العالمين» ثم قرأ هذه الآية: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

و

روى أحمد و مسلم و أبو داود و النسائي عن عبد اللّه بن الزبير قال: كان رسول اللّه ص يقول في دبر كل صلاة: «لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شي‏ء قدير، لا حول و لا قوة إلا باللّه، لا إله إلا اللّه، و لا نعبد إلا إياه، له النعمة و له الفضل، و له الثناء الحسن، لا إله إلا اللّه مخلصين له الدين، و لو كره الكافرون».

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

1- إثبات البعث و الاحتجاج على منكريه، فإن خلق السموات و الأرض أكبر و أعظم من إعادة خلق الناس، و القادر على الأكبر قادر على الأصغر، و لكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 155

2- لا تساوي إطلاقا بين المؤمن و الكافر و الضال و المهتدي، و الذي يعمل الصالحات و الذي يعمل السيئات، كما لا تساوي بين البصير و الأعمى، و لكن لا تذكر و لا اتعاظ و لا اعتبار.

3- إن الساعة آتية لا ريب فيها، فكما أن القيامة ممكنة الوجود، فهي واقعة فعلا و حادثة حتما، و لكن أكثر الناس لا يصدقون بذلك، و عندها يبين الفرق ما بين الطائع و العاصي.

4- لا ينتفع أحد في يوم القيامة الذي هو حق و صدق إلا بطاعة اللّه تعالى، و أشرف أنواع الطاعات: الدعاء و التضرع، جاء في الحديث المتقدم: «الدعاء هو العبادة» فما على الناس إلا توحيد اللّه و عبادته، و اللّه- تفضلا و كرما- يتقبل العبادة و يغفر للعابدين. جاء في الحديث عن أنس بن مالك فيما رواه الترمذي و ابن حبان: «ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع». و الشسع: زمام النعل.

5- من إحسان اللّه العظيم أنه ذكر الوعيد الشديد على ترك الدعاء، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‏ .

6- اللّه خلق الليل للسكن و الراحة، و خلق النهار مضيئا لإبصار الحوائج فيه و التصرف في طلب المعايش، و اللّه ذو الفضل العظيم على عباده، و لكن أكثر الناس لا يشكرون فضله و إنعامه.

7- الأدلة على وحدانية اللّه و قدرته بيّنة واضحة، فهو اللّه المربي و المدبر، و خالق كل شي‏ء، و الواحد الأحد، فمن العجب كيف ينصرف الناس عن الإيمان بعد توافر أدلته؟ و كما يصرف هؤلاء عن الحق مع قيام الدليل عليه يصرف عن الحق الجاحدون بآيات اللّه تعالى.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 156

8- اللّه تعالى خلق الأرض لعباده مستقرا لهم في حياتهم و بعد الموت، و خلق السماء سقفا محفوظا ثابتا، و خلق الناس في أحسن صورة و تقويم.

9- و اللّه هو رازق الطيبات اللذائذ، و هو الحي الباقي الذي لا يموت، فما على الناس إلا عبادته بإخلاص، و حمده و شكره و الثناء عليه.

10- يلاحظ أن الآيات انتهت بنهايات قوية مؤثرة تناسب المقام: و هي‏ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ لا يُؤْمِنُونَ‏ لا يَشْكُرُونَ‏ قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ‏ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ‏ يَجْحَدُونَ‏ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

النهي عن عبادة غير اللّه و سبب النهي [سورة غافر (40): الآيات 66 الى 68]

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَ أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (66) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ فَإِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)

المفردات اللغوية:

تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ تعبدون. الْبَيِّناتُ‏ الحجج و دلائل التوحيد أو الآيات القرآنية، فإنها مقوّية لأدلة العقل، منبهة عليها. أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ‏ أنقاد له‏ نُطْفَةٍ مني.

عَلَقَةٍ دم غليظ. ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا أطفالا، و الإفراد لإرادة الجنس. ثُمَّ لِتَبْلُغُوا

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 157

أَشُدَّكُمْ‏ أي لتصلوا إلى تكامل قوتكم من الثلاثين إلى الأربعين سنة، و اللام متعلقة بمحذوف تقديره:

ثم يبقيكم. وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ‏ من قبل الشيخوخة أو بلوغ الأشد. وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى‏ أي و يفعل ذلك لتبلغوا وقتا محددا، هو وقت الموت. وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ ما في ذلك من الحجج و العبر و دلائل التوحيد، فتؤمنوا. قَضى‏ أَمْراً أراد إيجاد شي‏ء. فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ‏ بتقدير أن، أي يوجد عقب الإرادة التي هي معنى القول المذكور. و الفاء الأولى للدلالة على أن ذلك نتيجة ما سبق، من حيث إنه يقتضي قدرة ذاتية غير متوقفة على عدّة أو مادّة.

سبب النزول: نزول الآية (66):

قُلْ: إِنِّي نُهِيتُ .. : أخرج جويبر عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة و شيبة بن ربيعة قالا: يا محمد، ارجع عما تقول بدين آبائك، فأنزل اللّه:

قُلْ: إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ الآية.

المناسبة:

بعد إيراد دلائل القدرة و التوحيد و صفات الجلال و العظمة، نهى اللّه عن عبادة غيره، بقول لين لطيف، لصرف المشركين عن عبادة الأوثان، ثم أبان سبب النهي و هو البينات التي جاءت النبي من ربه، من دلائل الآفاق و الأنفس، أما الأولى فهي أربعة: الليل و النهار و الأرض و السماء، و أما الثانية فذكر منها سابقا ثلاثة و هي: تكوين الصورة، و حسن الصورة، و رزق الطيبات. و ذكر منها هنا كيفية تكون الإنسان و مراحل تدرجه و أطوار حياته من الاجتنان إلى الولادة و الطفولة، إلى الشباب و الكهولة، ثم الشيخوخة، ثم الموت.

التفسير و البيان:

قُلْ: إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي‏ قل أيها الرسول لمشركي قومك في مكة و غيرها: إن اللّه ينهى أن يعبد

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 158

حد من غير اللّه من الأصنام و الأنداد و الأوثان، حين جاءتني الأدلة النقلية و العقلية من عند ربي، و هي آي القرآن، و ما أودع في العقول السليمة من البراهين الدالة على التوحيد، و أمرت أن أستسلم و أنقاد و أخضع للّه رب العالمين، و أخلص له ديني. و من الآيات التي تنهى عن عبادة الأوثان قوله تعالى: أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ، وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ‏ [الصافات 37/ 95- 96].

ثم ذكر اللّه تعالى من دلائل الأنفس ما يدل على توحيد اللّه و هو كيفية تكون الإنسان و مراحل نشأته، فقال:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا، ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ، ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً، وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ، وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى، وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ أي إن اللّه هو الذي خلق أباكم الأول آدم من التراب، و جعل ذريته أيضا من تراب، إذ كل مخلوق من المني ناشئ من الدم، و الدم من الغذاء، و الغذاء من النبات، و النبات من الماء و التراب، فثبت أن كل إنسان متكون من التراب، ثم صيّر اللّه ذلك التراب نطفة (منيا) ثم علقة (قطعة دم متجمدة) ثم ولدتم و أخرجتم أطفالا، ثم وصلتم إلى بلوغ الأشد أي مرحلة اكتمال القوة و العقل، ثم تصيرون شيوخا (و الشيخ: من جاوز الأربعين).

و من الناس من يتوفى من قبل الشيخوخة أو الشباب أو الولادة، و قد فعل ذلك لتبلغوا الأجل المحدود و هو وقت الموت أو يوم القيامة، و اللام لام العاقبة أو الصيرورة، و لكي تعقلوا ما في هذا التدرج و التطور في المراحل المختلفة من دليل دال على قدرة اللّه البالغة على البعث و غيره، و على توحيد ربكم، في خلقكم على هذه الأطوار:

طور الاجتنان، و طور الطفولة، و طور بلوغ الأشد، و طور الشيخوخة،

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏24، ص: 159

ففي هذا التغير و الانتقال دلالة على وجود اللّه، ثم أتبع ذلك بدليل آخر من التغير و الانتقال فقال:

هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ، فَإِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ‏ أي و إن اللّه هو القادر على الإحياء و الإماتة، و المتفرد بذلك لا يقدر عليه أحد سواه، فإذا قضى و قدر أمرا من الأمور التي يريدها، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ‏ أي يحدث فور الإرادة من غير توقف على شي‏ء، و لا معاناة و لا كلفة. و هذا أقصى ما يمكن به تقريب الخلق إلى الأذهان، فإن المخلوق يوجد بسرعة فائقة جدا بمجرد تعلق الإرادة به.

فقه الحياة أو الأحكام:

أوضحت الآيات أمورا ثلاثة هي:

1- النهي الجازم عن عبادة غير اللّه بعد قيام الأدلة على وجود اللّه و توحيده، مما صرح به القرآن في آياته، و مما أرشد إليه العقل الصحيح في تفكيره، و العبادة تقتضي الانقياد التام و الخضوع و إخلاص الدين للّه رب العالمين، فلا أمل في عبادة الأصنام و الأوثان و غيرها من أنواع الشرك.

و الخلاصة: نهى تعالى عن عبادة الأوثان، ثم أمر بالاستسلام للّه تعالى، ثم أقام الدليل على الوحدانية و الألوهية فيما، مع العلم بأن و التي أصنامهم عارية عن شي‏ء منهما بدليل تدرج ابن آدم.

صفحه بعد