کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 186

على مثل حالته من التبليغ بالحق و الصدق، أو ليعلم أن قد أبلغ جبريل و من معه إليه رسالة ربه.

و قال الزجاج: أي ليعلم اللّه أن رسله قد أبلغوا رسالاته؛ كقوله تعالى:

وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ‏ [التوبة 9/ 16] أي ليعلم اللّه ذلك علم مشاهدة، كما علمه غيبا.

4- أحاط علم اللّه سبحانه بما عند الرسل و ما عند الملائكة، و أحاط بعدد كل شي‏ء و عرفه و علمه، فلم يخف عليه منه شي‏ء، فهو سبحانه المحصي المحيط العالم الحافظ لكل شي‏ء.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 187

بسم الله الرحمن الرحيم‏

سورة المزمل‏

مكيّة، و هي عشرون آية.

تسميتها:

سميت سورة المزمّل أي المتلفف بثيابه؛ لأنها تتحدث عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في بدء الوحي، و لأنها بدئت بأمر اللّه سبحانه رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم أن يترك التزمل: و هو التغطي في الليل، و ينهض إلى تبليغ رسالة ربه عز و جل.

مناسبتها لما قبلها:

يظهر تعلق السورة بما قبلها من وجهين:

1- ختمت سورة الجن ببيان تبليغ الرسل رسالات ربهم، و افتتحت هذه السورة بأمر خاتمهم بالتبليغ و الإنذار، و هجر الراحة في الليالي.

2- أخبر اللّه تعالى في السورة المتقدمة عن ردود فعل دعوة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بين قومه و الجن في قوله: وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ‏ و قوله: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ‏ ثم أمره اللّه تعالى في مطلع هذه السورة بالدعوة في قوله: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا .

ما اشتملت عليه السورة:

تتناول السورة الإرشادات الإلهية الموجهة للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم في مسيرته أثناء تبليغ دعوته، و تهديد المشركين المعرضين عن قبول تلك الدعوة.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 188

و قد ابتدأت بأمره صلّى اللّه عليه و سلّم بقيام الليل إلا قليلا منه، و بترتيل القرآن لتقوية روحه: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [1- 4] فكان ذلك بيانا لمقدار ما يقوم به في تهجده الذي أمره اللّه به بقوله: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ، عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء 17/ 79].

ثم أخبرت عن ثقل الوحي و تبعة رسالته العظمى التي كلّف بها، و أمره بذكر ربه ليلا و نهارا، و إعلان توحيده، و اتخاذه وكيلا في كل أموره: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [الآيات 5- 9].

و أردفت ذلك بالأمر بالصبر على أذى المشركين، من القول فيه بأنه ساحر أو شاعر، أو في ربه بأن له صاحبة و ولدا، و بالهجر الجميل إلى أن ينتصر عليهم و بتهديدهم بسوء العاقبة: وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ .. [الآيات 10- 19].

و ختمت السورة بإعلان تخفيف القيام لصلاة الليل عن الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم إلى مقدار الثلث و جعله الحد الأدنى رحمة به و بأمته ليتمكن هو و أصحابه من الراحة و التفرغ في النهار لشؤون الدعوة و التبليغ، و الاكتفاء بتلاوة ما تيسر من القرآن، و أداء الصلاة المفروضة، و إيتاء الزكاة، و مداومة الاستغفار: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ .. [الآية 20].

إرشاد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في بدء الدعوة [سورة المزمل (73): الآيات 1 الى 10]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4)

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (7) وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (9)

وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10)

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 189

الإعراب:

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ‏ أصله (المتزمل) إلا أنه أبدلت التاء زايا، و أدغمت الزاي في الزاي، و ذلك أولى من إبدالها تاء؛ لأن الزاي فيها زيادة صوت، و هي من حروف الصفير، و هي أبدا يدغمون الأنقص في الأزيد.

قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ .. الليل في رأي الكوفيين مفعول به، و في رأي البصريين:

ظرف لفعل القيام، و لو استغرقه الحدث، أي إرادة جميع أجزاء الليل حتى يصح الاستثناء بقوله:

إِلَّا قَلِيلًا فإن الاستثناء معيار العموم، و نِصْفَهُ‏ : بدل من الليل، أو ظرف آخر، و قَلِيلًا : استثناء منه، و قد قدّم المستثنى على المستثنى منه، و هو قليل، و تقديره: قم الليل نصفه إلا قليلا.

أَشَدُّ وَطْئاً تمييز منصوب.

وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا تَبْتِيلًا : منصوب على المصدر من غير فعله؛ لأن‏ تَبْتِيلًا تفعيل إنما تجي‏ء في مصدر فعّل، مثل رتّل ترتيلا، و قتّل تقتيلا، و هنا جاء ل (تفعّل) و قياسه أن يجي‏ء على وزن التفعل و هو التبتل، إلا أنهم قد يجرون المصدر على غير فعله، لمناسبة بينهما.

رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ‏ رَبُ‏ : يقرأ بالجر على البدل من‏ رَبِّكَ‏ و بالرفع على تقدير مبتدأ محذوف تقديره: هو رب المشرق.

البلاغة:

انْقُصْ‏ .. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ‏ بينهما طباق، و كذا بين‏ النَّهارِ و اللَّيْلَ‏ و بين‏ الْمَشْرِقِ‏ و الْمَغْرِبِ‏ .

وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا فيهما تأكيد الفعل بالمصدر.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 190

المفردات اللغوية:

الْمُزَّمِّلُ‏ المتزمل: المتلفف بثيابه. قُمِ اللَّيْلَ‏ أي قم إلى الصلاة، أو داوم عليها.

نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أي انقص من النصف قليلا إلى الثلث، و المراد به التخيير بين قيام النصف و الناقص منه و الزائد عليه. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ‏ إلى الثلثين، و أَوْ للتخيير. وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا اقرأه على تؤده و تثبت في تلاوته، مع تبيين الحروف بحيث يتمكن السامع من عدّها.

قَوْلًا ثَقِيلًا قرآنا شاقا شديدا أو مهيبا، لما فيه من التكاليف الشاقة، لكن مشقة معتادة مألوفة، لا مشقة زائدة غير معتادة. ناشِئَةَ اللَّيْلِ‏ ما ينشأ فيه و يحدث و يتجدد، و هو القيام إلى الصلاة بعد النوم. أَشَدُّ وَطْئاً أي مواطأة و موافقة، يوافق السمع فيها القلب على تفهم القرآن. وَ أَقْوَمُ قِيلًا أبين و أسد مقالا، أو أثبت قراءة لحضور القلب و هدوء الأصوات. سَبْحاً طَوِيلًا تقلبا في مهامك و اشتغالا بها، فعليك بالتهجد؛ لأن مناجاة الحق تستدعي فراغا، و لا تفرغ في أثناء النهار لتلاوة القرآن و العبادة. وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ‏ أي دم على ذكره ليلا و نهارا، و ذكر اللّه يتناول كل ما يذكر به من تسبيح و تهليل و تمجيد و تحميد و صلاة و قراءة قرآن و دراسة علم. وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا أي انقطع إلى اللّه بالعبادة، و جرّد نفسك عما سواه. فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا فوض كل أمورك إليه. وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ‏ اصبر على أذى كفار مكة. وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا بأن بجانبهم و تداريهم و لا تعاتبهم و فوض أمرهم إلى اللّه، فالهجر الجميل: هو ما لا عتاب معه.

سبب النزول: نزول الآية (1- 2):

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا : أخرج الحاكم عن عائشة قالت: لما أنزلت‏ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم، فأنزلت: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ‏ . و أخرج ابن جرير مثله عن ابن عباس غيره.

و

قال ابن عباس: كان هذا في ابتداء الوحي إليه، فإنه لما سمع قول الملك و نظر إليه، أخذته الرّعدة، فأتى أهله، فقال: «زمّلوني زمّلوني».

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 191

و

أخرج أحمد و البخاري و مسلم و الترمذي و غيرهم عن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت، فنظرت عن يميني، فلم أر شيئا، و نظرت عن شمالي فلم أر شيئا، و نظرت خلفي، فلم أر شيئا، فرفعت رأسي، فإذا الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء و الأرض، فجثثت (فزعت) منه رعبا، فرجعت فقلت: دثّروني دثّروني».

و

في رواية: «فجئت أهلي، فقلت: زمّلوني زمّلوني»، فأنزل اللّه:

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ و قال جمهور العلماء: و على إثرها نزلت‏ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ‏ .

و على هذا يكون سبب النزول هو ما عراه صلّى اللّه عليه و سلّم من الرعب و الفزع عند رؤية الملك، و تكون حادثة التزمل هي حادثة التدثر بعينها.

و قيل: إن تزمله صلّى اللّه عليه و سلّم كان لأسفه و حزنه، لمّا بلغه ما كان من المشركين و ما دبروه من القول السي‏ء يدفعون به دعوته، فقد أخرج البزار و الطبراني في الأوسط و أبو نعيم في الدلائل عن جابر رضي اللّه عنه قال: اجتمعت قريش في دار الندوة، فقالوا: سمّوا هذا الرجل اسما تصدر الناس عنه، فقالوا: كاهن، قالوا: ليس بكاهن، قالوا: مجنون، قالوا: ليس بمجنون، قالوا: ساحر، قالوا: ليس بساحر، قالوا: يفرق بين الحبيب و حبيبه، فتفرق المشركون على ذلك، فبلغ ذلك النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فتزمل في ثيابه و تدثر فيها، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ‏ ، يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .

التفسير و البيان:

خاطب اللّه تعالى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بالآيات التالية حينما كان يتزمل بثيابه أول ما جاءه جبريل بالوحي خوفا منه، فإنه لما سمع صوت الملك، و نظر إليه أخذته الرعدة، فأتى أهله، و

قال: «زمنوني، دثّروني»

ثم بعد ذلك خوطب بالنبوة و الرسالة و أنس بجبريل.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏29، ص: 192

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ‏ أي يا أيها النبي المتزمل المتلفف بثيابه انقض لصلاة الليل و هي صلاة التهجد بمقدار نصف الليل، بزيادة قليلة أو نقصان قليل، لا حرج عليك في ذلك. و هذا تخيير بين الثلث و النصف و الثلثين. و الليل: من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. و فيه دليل على أن أكثر المقادير الواجبة كان الثلثين.

أخرج أحمد و مسلم عن سعد بن هشام قال: «قلت لعائشة: أنبئيني عن قيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، قالت: أ لست تقرأ هذه السورة: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ‏ ؟

قلت: بلى. قالت: فإن اللّه افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أصحابه حولا، حتى انتفخت أقدامهم، و أمسك اللّه خلقتها في السماء اثني عشر شهرا، ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فرضه».

و بعد الأمر بقيام الليل أمره تعالى بترتيل القرآن قائلا:

وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا أي اقرأ القرآن على تمهل، مع تبيين الحروف، فإنه يكون عونا على فهم القرآن و تدبره. و قوله: تَرْتِيلًا تأكيد في الإيجاب، و أنه لا بد للقارى‏ء منه، ليستحضر المعاني. و الترتيل: هو أن يبين جميع الحروف، و يوفي حقها من الإشباع. و كذلك كان صلوات اللّه و سلامه عليه يقرأ، قالت عائشة رضي اللّه عنها: كان يقرأ السورة، فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها. و في صحيح البخاري عن أنس أنه سئل عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: كانت مدا، ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ يمد بسم اللّه، و يمد الرحمن، و يمد الرحيم.

و وردت أحاديث كثيرة صحيحة تدل على استحباب الترتيل و تحسين الصوت بالقراءة، منها

صفحه بعد