کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم

الجزء الاول

المقدمه «سوره الفاتحة -/ مكية -/ و آياتها سبع»

الجزء الثانى

المقدمة الفقراء أنتم الى الله الله هو الخالق الفاطر البديع 1 الله خالق كل شى‏ء 2 اختصاصات ربانية في علمه تعالي و قدرته 3 العلم الطليق لزام الخالقية الطليقة 4 علم الغيب المطلق المطبق خاص بالله 1 مفاتح الغيب خاصه بالله 3 فحتى الرسول محمد صلى الله عليه و آله لا يعلم الغيب الرباني إلا بوحي رسالي فحسب 3 كلمة الله و كلمة الشيطان؟؟ 2 حتى نعلم من الله هي العلم: العلامة لا العلم المعرفة الله‏هو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده اختصاصات ربانية النظر الى الرب هو نظر القلب معرفيا و انتظار رحمته 2 سئوال عضال من اهل الكتاب«أرنا الله جهرة» 3 ماذا يعنى رب ارنى انظر اليك؟ 4 ما هو المعنى من و لقدرآه نزلة اخرى 5 معنى الاضلال الربانى و هدايته 1 معنى الاضلال الربانى في سورة محمد 2 معنى الاضلال الربانى 3 معنى الهداية و الاضلال من الله؟ الله تعالى هل يأمر بالفسق و الضلالة!؟! لاجبر و لا تفويض بل امر بين الامرين فاين تذهبون؟ انما الحساب على الله كما الاياب الى الله كتاب المحو و الاثبات الرباني من متشابهات القرآن مجى‏ء الله يوم الآخرة؟ الروح من امر الله و خلقه دون ذاتة الاعمال التكليفته مختارة دون اضطرار القاءات شيطانية في امنيات الرسل؟ اختيارات تكليفية باختبارات 1 اختيارات 2 التفكر آفاقيا و انفسيا ليس الله ظالما و لا ضلاما بل هر عادل مقسط 1

المجلد السابع

المقدمة

القواعد الاربع لعرش الخلافة الاسلامية للامام امير المؤمنين عليه السلام القاعدة الاولى لعرش الخلافة:

القاعدة الأولى لعرش الخلافة: علي ولد مسلما القاعدة الثانية لعرش الخلافة: قاعدة الاخوة:
اهل بيت العصمة المحمدية في سورة الدهر ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة عليهم السلام سفينة نوح والبشارة المحمدية على أنقاضها: ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة في كتاب ادريس النبي صلى الله عليه و آله محمد صلى الله عليه و آله وخلفاءه المعصومون هم الاسماءالتي علم آدم عليه السلام أئمة أهل البيت عليهم السلام هم من اصدق الصادقين الائمة من آل الرسول صلى الله عليه و آله هم اصدق الصديقين محمد صلى الله عليه و آله هو المنذر وعلى وعترته المعصومون هم لكل‏قوم هادون مثل نوره... في بيوت هي بيوت ائمة اهل البيت هي من افاضل البيوت التى اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه رجال الاعراف هم اعرف رجالات العصمة خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله هم ورثة الكتاب

المجلد الخامس عشر

المقدمة الدعوة الى الله‏الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تمكين و امكانية عليكم انفسكم ثم انفس الآخرين ليس الا من الضرر من شروط الأمر والنهي‏الا في الا هم منهما الناسي نفسه لا يدعوا غيره الا بعد اصلاح نفسه فيما يدعوا واجب التناهي عن المنكر لفاعلي المنكر إنهاء و انتهاء مسارعة في الاثم بديل التناهي عن المنكر لا يامر و لا ينهى الا العامل او المتعامل وجوبهما كفائيا على الصالحين الدعاة الى الله العاملون الصالحات‏هم أحسن قولا ممن سواهم اخذا بالعفو و اعراضا عن الجاهلين قولة منافقة نهى عن المعروف و امر بالمنكر و قولة مؤمنة امر بالمعروف و نهى عن المنكر مرحلة اخيرة في الامر والنهي الدفاع/ الجهاد/ القتال‏فى سبيل الله عند المكنة اعدادات حربية وسواهامن قوة نفسية، سياسية، عقيدية، علمية، نفاقية تحريض رباني على قتال مكافح عددا وعددا المجاهدون يقتلون ويقتلون و هم منتصرون فيهما الحرب سبحال‏وليس ضمانا الغلب للمسلمين الا غلبا ايمانا المقتولون في سبيل الله‏أحياءبحياة خاصة عند ربهم لن يصيبنا الا ما كتب لنا قاتلين او مقتولين قتال قبال قتال دون اعتداء كلام فيه ختام حول الجهاد الإسلامي. معاهدات حربية تخلف عن قيادة القوات المسلمةو نفر جماعي للقتال على تفقه في الدين اذا رجعوا في استنفار عام إنفروا خفافا وثقالا وعلى أية حال كلام حول العصمة: المهاجرون في سبيل الله في مراغمات .. بما ظلموا واخرجوا من ديارهم عاقبوا بمثل ما عاقبوا به.. ثم قتلوا او ماتوا للمجاهدين علامات لنهديهم سبلنا إنما من جاهد يجاهد لنفسه جاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه و آله اقعدوا لهم كل مرصد قاتلوا الذين يقاتلونكم قاتلوا في سبيل الله والمستضعفين.. إذا ضربتهم في سبيل الله فتبينوا... تكتية حربية«لا تتخذوا بطانة من دونكم» تكتيكة حربية فرض القتال في سبيل الله وأخذ الحذر فيه المنافقون مركسون بما كسبوا مهاجرة للرسول(ص) أخرجك ربك من بيتك بالحق نصرة ربانية في القتال اصلاحات حربية بين المسلمين المتحاربين طاعات وانفاقات في سبيل الله الأشهر الحرم في قتال وسواه بشارة لغلب الكتابين على المشركين بشارة النصر القتال المكتوب على المؤمنين فتح الفتوح

المجلد السادس عشر

المقدمة

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم


صفحه قبل

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 322

حال وحشة الى حال استئناس، ولا من حال جهل وعَمىً الى حال علم والتماس، ولا من فقر وحاجة الى غنىً وكثرة، ولا من ذلٍ وضَعة الى عزّ وقدرة منا ما لا نملك ومن أنفسنا، وأخرجنا مما كنا فيه الى ما صلحنا عليه فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى، وأعطانا البصيرة بعد العَمى» (الخطبة 228).

من الاسماء الحسنى ازلية اللَّه وأبديته او سرمديته‏

« سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ » (57: 1)

هنا وأحياناً فى غيرها «سبح» وهنالك فى مواضيع «يسبح» ايحاءً باستمرارية تسبيح الكائنات غابراً ومستقبلًا وحاضراً دون فكاك، وأياً كان التسبيح ومن اى كان.

و «سبح» مما تُعدّى بنفسها، فلماذا عُدّيت هنا باللام وأحياناً بنفسها؟

لأن اللام توحي بالإختصاص، فلا تسبح ما فى السماوات والأرض الا لله، لا له ولسواه، فليُحمل عليها المعدّى بنفسها: « وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا » فلا تسبيح الا لله.

و التسبيح هو الإمرار السريع دون تباطؤٍ، من السبح: المرّ السريع فى الماء والهواء أو أياً كان، فالمسبح لله مرَّ سريعاً فى ممرات نفسه وسائر الكائنات، دون وقفة ولا ريبة، ويحمل معه تنزيه اللَّه ذاتاً وصفات وأفعالًا وأسماء وأحكاماً أم ماذا، لأن الكون محراب واسع تسجد فيه الكائنات لربها وتنزّهه عما لا يليق به.

وترى التسبيح فقط من «ما فى السماوات والأرض»؟ دونهما ومَن فيهما وهم أقدر وأحرى؟ ... انه للكائنات كل الكائنات: « تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً » (17: 44) « أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ‏ » (24: 41) « وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَ الطَّيْرَ وَ كُنَّا فاعِلِينَ‏ » (21: 79).

فالكائنات كلها تسبيحات لله بما لا نفقهه، من التسبيح عن شعور وادراك ممن نحسبهم غير عقلاء ولا مدركين، أو ما نفقهه من تسبيح اختيارى لمن يعرفون اللَّه بدرجاتهم، أم ذاتى‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 323

لمن يكفر بالله، فذاته فى صفوف الكائنات تسبح اللَّه عما لا يليق به من ذات وصفات أم ماذا.

فالعارفون الله، ومن يدق أبواب المعرفة بالله يرون اللَّه مسبَّحاً عبر سير البصر والبصيرة فى آيات الله، أنفسية وآفاقية « سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ‏ » (41: 53)

فالكائنات بذواتها وصفاتها وحالاتها، بأفعالها وأقوالها وكل ما لها: «سبح لله» أفلا تدل ذواتها الفقيرة البائسة على نزاهته تعالى عن البؤس والفقر، أو لا تدل دلالة جامعة تضم سائر الدلالات أن اللَّه مسبَّح الذات والأفعال والصفات عما للكائنات كل الكائنات من ذوات وصفات: «هو خلوٌ من خلقه وخلقه خِلوٌ منه» «كلما فى الخلق يمتنع عن خالقه، وكل مافى الخالق يمتنع عن مخلوقه» والى غير ذلك من مفارقات بين الواجب والممكنات.

«سبح لله .. وهو العزيز ..» غالبٌ لا يُغلَب «الحكيم»: فلا يجهل أو يَخطأ أو يظلم، عزيز، الحكيم: فى أُلوهيته وربوبيته ... وفى أنه مسبِّح.

« لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ» (57: 2)

«له ملك» المَلكية المالكية الحقة دون زوال فلا يزول وهو لا يزال «مُلك السماوات والأرض» المعبرة عن الكائنات « يُحْيِي وَ يُمِيتُ‏ »: كأبرز مظاهر الربوبية المطلقة، لا فحسب، بل: « هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ » ما هو شى‏ء أو يمكن أن يكون شيئاً، قدرة متعلقة بالممكنات فى كافة الجهات.

فيا لتسبيح المملوك العبد للملك والمالك بالحق من حلاوة وطلاوة، كيف لا و: « هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ » 57: 3)

آية فريدة منقطعة النظير، ليست الا هى والا هنا كما هى، اللهم الا فى البعض من اتجاهاتها بعبارات اخرى، تعنى السرمدية الالهية: أزلية وأبدية، والحيطة العلمية والقيومية المطلقة.

و هذه الأسماء الأربعة من مظاهر السرمدية والحطية المطلقة الإلهية، كوناً وكياناً وعلماً

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 324

وقدرة وقيومية أم ماذا.

«هو الأول» لا سواه، وتُرى أنه أوّل بالنسبة لسواه فى الزمان أو المكان، تقدماً فيهما على أىٍّ كان؟ ولا زمان له ولا مكان، فهو الذى كوّن المكان والزمان! .. أو أنه أوّل فى الحدوث؟

وليس له حدث، وانما أحدث الأشياء وكان اذ لا كان، فلم يَحدث هو أياً كان، ولو كان حدوثاً بلا زمان!

كلا: «انه الأول لا عن أولٍ قبله وعن بدءٍ سبقه .. ولكن قديم أول وقديم آخر» «1» : أولية القِدمة والأزلية، فلو سألت عن ربك متى كان؟ فالجواب اذن: «كان بلا كينونة، كان بلا كيف، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف، كان ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل، ولا غاية ولا منتهى، انقطعت عنه الغاية وهو غاية كل غاية» «2» ترى «و متى لم يكن حتى يقال متى كان؟

كان ربى قبل القبل بلا قبل وبعدَ البعد بلا بعد ..» «3» واذا سألت «أين كان ربنا قبل أن يخلق سماءً وأرضاً؟ فالجواب: «أين» سؤال عن مكان، وكان اللَّه ولا مكان» «4»

ف «هو كائن بلا كينونة كائن، كان بلا كيفٍ يكون» «5» : تفارق كينونته تعالى سائر

(1)-/ الكافى عن على بن ابراهيم القمى باسناده الى ميمون اللبان سمعت أبا عبدالله عليه السلام وقد سئل عن الأول‏والآخر فقال: «... و آخر لا عن نهاية ...»

(2)-/ الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه قال: اجتمعت اليهود الى رأس الجالوت‏فقالوا له: ان هذا الرجل علم يعنون أمير المومنين عليه السلام فانطلق بنا اليه نسأله، فأتوه ... فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك، قال: سل يا يهودى عما بدالك، فقال: أسألك عن ربك متى كان؟ فقال: ... فقال رأس الجالوت: امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه.

(3)-/ بنفس الاسناد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبيه الحسن الموصلى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: جاء حبرمن الأحبار الى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ فقال: ...

فقال يا أمير المؤمنين أفنبىٌّ أنت؟ فقال: ويلك انما أنا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه و آله.

(4)-/ فيه وروى أنه سئل الصادق عليه السلام أين كان ربنا ...

(5)-/ الكافى باسناده عن أبى عبدالله عليه السلام قال رأس الجالوت لليهود: ان المسلمين يزعمون أن علياً من أجدل‏الناس وأعلمهم، اذهبوا بنا اليه لعلى أسأله عن مسألة وأخطئه فيها فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين! انى اريد أن أسألك عن مسألة، قال: سل عما شئت، قال: متى كان ربنا؟ قال له: يا يهودى! انما يقال متى كان لمن لم يكن فكان هو كائن بلا كينونة كائن، كان بلا كيف يكون، بلى يا يهودى، كيف يكون له قبل، هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية اليها، انقطعت الغايات عنده، وغاية كل غاية، فقال: أشهد أن دينك الحق وأن ممن خالفك باطل.

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 325

الكينونات تَفارُق التباين التام، اذ ليس له بدء ولا زمان ولا مكان ولا تحوُّل من حال الى حال، بل لا تكون له حال.

هذه هى الأولية اللائقة بجناب عزه، الأزلية اللاأولية، أو والأوليّة فى الخالقية والتقدير، فليس معه خالق ولا بعده أو قبله، ومهما كان خُلقه فى زمان ومكان، فلا يعتريه هو زمان ولا مكان، فقد كان اذ لا «كان» لا زمان ولا مكان، ثم خلق الزمان والمكان، وخلق فيهما كل «كان».

هذا، ولكنما الأولية الأزلية لزامها أوليّات الالوهية كلها، فالأزل خارج عن كل زمان ومكان، مهما كان معه-/ لخلقه-/ زمان ومكان.

ان الزمان مهما كان وأياً كان، هو محدود لا محالة لتصرّمه، وان أجزاءه محدودة، ومجموعة المحدودات محدودة لا محالة، فله أول وهو حين خلق، وآخر حين ينقضى.

و أما الأزلى الذات، وغنيُّها عن كافة الذوات، المفتقرة اليه الذوات، المبتدَأة المبتدَعة فى الذوات وفى الصفات، هذا الأزلى ليس له حدّ ولا أية حالات، انما أزلى لا أوَّلى، أولٌ ليس له أول، وآخرٌ ليس له آخر:

«و الآخر» آخر كما هو أول، فالأول أزل والآخر أبد والجمع سرمد: «آخر لا عن نهاية ..

و لكن قديم أول وقديم آخر، لم يزل ولا يزول بلا مدى ولا نهاية، ولا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال الى حال ..» «1»

«انه ليس شى‏ء إلّا يبدأ ويتغير أو يدخله التغير والزوال، وينتقل من لون الى لون، ومن هيئة الى هيئة، ومن صفة الى صفة، ومن زيادة الى نقصان، ومن نقصان الى زيادة الا رب العالمين، فانه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كل شى‏ء، وهو الآخر على ما لم يزل، ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره، مثل الانسان الذى يكون تراباً مرة، ومرة لحماً ودماً ومرة رُفاتاً ورميماً، وكالبسر الذى يكون مرة بلحاً، ومرة بسراً،

(1)-/ الكافى عن القمى باسناده الى أبى عبدالله عليه السلام وقد سئل عن الأول والآخر فقال: «الأول لا عن أول قبله وعن بدء سبقه، و آخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين، ولكن قديم أول قديم آخر خالق كل شى‏ء».

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 326

ومرة رطباً، ومرة تمراً، فتتبدل عليه الأسماء والصفات، والله عزوجل بخلاف ذلك» «1»

هذه هى الآخرية اللائقة بجناب عزِّه، أو الآخرية فى الخالقية والتقدير أيضاً، فليس بعد خالق كما لا يكون معه أو قبله، بل هو «قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنده، فهو منتهى كل غايه» «2» فقد كان اذ لا-/ كان-/ وسوف يكون اذ لا-/ يكون-/: كينونة سرمدية فائقة التصور، ليس لمن سوى اللَّه من ادراكها نصيب، إلا نفى الكينونات المخلوقة عن جنابه، واثبات كينونة سرمدية لا نملك من تصورُّها شيئاً، الا أنها غير ما نملك من كينونات!.

و آخِر بمعنى آخَر هو أنه المرجع واليه المصير، فهو آخر فى الأبد، وآخر فى الخالقية، وآخر فى المصير.

و حصيلة التعبير التفسير عن آية الأول والآخر، أولًا وأخيراً. انه: «قديم أول، قديم آخر» «قبل القبل بلا قبل، وبَعد البَعد بلا بَعد» «لم يزل ولا يزول بلا مدى ولا نهاية» «الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، بأوَّليته وجب أن لا يكون له أول، وبآخريته وجب أن لا يكون له آخر» «3» ، وهو المبدء واليه المصير. فهو أول نظراً الى ترتيب الوجودات سلاسل، فانها استفادت الوجود من الأول تعالى، وأما هو فهو كائن بذاته دون مكوِّن، ثم هو آخر نظراً الى سلسلة السلوك المعرفى، فهو آخر منازل السالكين، وغاية الباغين.

وترى اذا انحصرت به الآخريّة الأبدية كما الأولية الأزلية، فما هو دور الآبدين فى الجنة اذ وُعد لهم « عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ؟».

أقول: ان أبديتهم لو كانت بمعنى اللانهاية، إنها زمينة عارضية غيرية، فهم آبدون بفضل الله ورحمته، فمن ذواتهم هم بائدون لا يملكون أبداً ولا حياة، فهم فى أبدهم لهم آخر فى‏

(1)-/ الكافى عن ابن أبى يعفور قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول اللَّه عزوجل: « هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ » وقلنا: أما الأول فقد عرفناه وأما الآخر فبين لنا تفسيره، فقال: ...

(2)-/ خبر الخبر الماضى اذ سأل أمير المؤمنين عليه السلام متى كان ربك؟ فأجاب: ومتى لم يكن؟

(3)-/ نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيه «ان قيل كان فعلى تأويل أزليَّة الوجود، وان قيل لم يزل فعلى‏تأويل نفى العدم» وفيه «سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله».

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 327

ذواتهم، كما وأن لزام الزمن لكيانهم يحكم بأن لهم آخراً كما لهم أول، وهذه تختلف عن الآخرية الأبدية الإلهية اختلاف العدم عن الوجود، فقد «كان اللَّه ولم يكن معه شى‏ء»، والآن كما كان وسوف يكون كما كان، لا يقارنه أىُّ كان، وليس معه شى‏ء أياً كان، ليس معه فى أى زمان أو لا زمان، وانما كيان كل «كان»: انه من جلوات قدرته، وكما لا تختلف حاله تعالى بعد الخلق عما كان قبله فى السرمدية، كذلك أحوال الخلق فانها لا تختلف من حيث الفقر والعدم الذاتى، لا تختلف بعد خلقها عما قبل، اللهم الا بظهور الوجود، دون استقلال ولا لحظة، فضلًا عن الأبدية، اللهم الا بفضل الله.

و من الفوارق بين الأبدين، أن الإلهى منهما لزام الأزلية، والثانى لزامه الحدوث والبداية.

هذا، ولكن الحق أن لا أبدية للخلق وان كانت عرضية، فان الزمان محدود أياً كان، وما له بداية لا بد أن تكون له نهاية مهما جهلناها، ومن ميزات اللانهاية أنها لا تقبل الزيادة والنقصان كما اللابداية. ترى لو نقص من زمن الجنة سنة أو زيدت، ألا تنقص اللانهاية لها ولا تزيد؟ فان لا، فلتكن زيادة سنة ونقيصته على سواء! وان بلى، فهذا ينافى اللانهاية اللامحدودية «1»

« وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ‏ »: ظاهر على ما سواه بالقدرة والغلبة والعلم، وظاهر بوجوده دون كنهه، فى كل ما سواه بالحكمة والصنعة وآثار العلم، ظهور القدرة والعلم دونما استثناء، وظهور الآية لمن أراده وابتغاه. «فليس ظاهراً من أجل أنه على الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتَسَنُّم لذَراها، حتى ولا على عرشه وكرسيه، ولكن لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها ... وانه الظاهر (لا ظهوراً بالذات، وانما بالآيات والدلالات) لمن أراده ... فأى ظاهر أظهر وأوضح من الله، تبارك وتعالى؟ لأنك لا تعدم صفته حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما تغنيك» «2» و «ما رأيت شيئاً الا وقد رأيت اللَّه قبله وبعده ومعه وفيه» «3» . «قبله»:

(1)-/ راجع كتابنا (حوار) بحث الأبدية والأزلية ص 43. وهنا أحاديث تدل على زوال كل شى‏ء كما أخرجه فى الدر المنثور 6: 171 فى دعاء الرسول صلى الله عليه و آله «.. والكائن بعد ما لا يكون شى‏ء ...».

(2)-/ الكافى عن على بن محمد مرسلًا عن الرضا عليه السلام قال: اعلم علمك اللَّه الخير، ان اللَّه تبارك وتعالى قديم-/ الى‏قوله-/: وأما الظاهر ....

(3)-/ عن الامام الصادق عليه السلام‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 328

بالأزلية الأولية والخالقية، «بعده» بالأبدية الآخرية، «معه» بالقيّومية، «و فيه» بآثار الصنع الحكمة، ومن رُزِق حديد البصر ودقيق النظر، فلا يبصر حياتَه الا ربه، وهذا هو توحيد البصر.

«عميت عين لا تراك .. متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدلٌّ عليك ... يا من دلَّ على ذاته بذاته و تنزّه عن مجانسة مخلوقاته ...».

«و الباطن»: خفى فى الذات رغم أنه ظاهر بالآيات «و كل ظاهرٍ غيرُه غير باطنْ، وكل باطن غيره غير ظاهر». وكما لم يكن ظاهراً على شى‏ء، كذلك ليس باطناً فى شى‏ء، حتى يستبطن فيُرى فى شى‏ء، «الظاهر لا برؤية، والباطن لا بلطافة»: ذرية الجسم ودقته!

فهو الظاهر غلباً على من سواه، وغَلَبُه باطن لا يراه مَن سواه، وهو الظاهر بالآيات لمن أراده، وباطن بالذات ولو عمن أراده، وهو باطن الذات والصفات والارادات، اذ لا تُرى بعين البصر، وهو ظاهر فيها اذ يُرى بعين البصيرة، دون حيطة ولا ادراك، فباطن-/ أيضاً-/ ببصيرة الحيطة والادراك.

و لا ظاهرَ من اللَّه الا آياته ودلالاته، ثم هو باطن فيما سوى آياته ودلالاته، وليس باطناً يحل فى سواه، أو لأنه دقيق لا يُبصر فانه «لا يُجس ولا يُحسّ ولا يُمس ولا يدرك بالحواس الخمس».

يا من هو اختفى لفرط نوره‏

الظاهر الباطن فى ظهوره‏

وجوده من أظهر الأشياء

و كنهه فى غاية الخفاء

فانه ظاهر فى التعريف، باطن فى التكلييف.

فسبحان «الذى بطن من خفيات الامور وظهر فى العقول، بما يُرى فى خلقه من علامات التدبير» «الظاهر فلا شى‏ء فوقه، والباطن فلا شى‏ء دونه» «1» :

صفحه بعد