کتابخانه تفاسیر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 64
ابن مريم، قد ولد بعد أن لم يكن فحادث، و مولود غير مخلوق هنا تناقض ثان 3- و ان صديقة حيث صدقت توحيد الألوهية و رسالة المسيح. 4- و كانا يأكلان الطعام دلالة على الحاجة الي الطعام 5- و «لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً» و لو كانا إلهين لملكاهما لغيرهما كما لأنفسهما، هذه براهين خمسة لتزييف خرافة الثالوث و البنوة إلهية فضلًا عن توحيد الألوهية فيه بتجافي اللَّه عن لاهوته إلي ناسوت جسم المسيح عليه السلام.
ذلك و حين يصدق النصارى ان المسيح عليه السلام كان أعبد أهل زمانه كما في تصاريح انجيلية، فهنا التساؤل: من ذا الذي كان يعبده المسيح عليه السلام هل هو نفسه أنه كان يعبد نفسه، أم غيره، فذلك الغير هو اللَّه، فهو- إذاً- عابد مألوه.
«يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا. لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً» (4: 172)- «وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» (9: 30- 31).
و الغلو أياً كان هو تجاوز الحد المعتدل عقلياً أو شرعياً أو عرفياً، تجاوزاً إلي الإفراط كما هو المعني في الأغلب منه، أم إلي حد التفريط، و هو تخلف عن الحد صعوداً عنه أم نزولًا، و قد يروى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: «اياكم و الغلو في الدين فإنما اهلك- هلك- من كان قبلكم الغلو- بالغلو- في الدين» و «صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الإسلام الغلاة و القدرية» «1» و
(1). على الترتيب في سفينة البحار 3: 324- 325 عن النبي صلى الله عليه و آله و الصادق عليه السلام
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 65
«احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدون فإن الغلاة شر خلق اللَّه، يصغرون عظمة اللَّه و يدعون الربوبية لعباد اللَّه، و ان الغلاة لشر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين اشركوا» و إن فيهم من يكذب حتى ان الشيطان ليحتاج إلي كذبه» و «لعن اللَّه الغلاة و المفوضة فانهم صغروا عصيان اللَّه و كفروا به و أشركوا و ضلوا و أضلوا فراراً من إقامة الفرائض و أداء الحقوق». «1»
و لقد كثر الغالون على مدار الزمن الرسالي في أصول الدين و المذهب و فروعه، متنقبين نقاب الإخلاص و هم عنه في الإفلاس، و هم أخطر على الحق من الكفار و المنافقين حيث يخوضون مختلف حقول الدين و يشوِّهونه بنقاب الدين.
فالقائل بالولاية التكوينية أو التشريعية لنبي أو وصي نبي فضلًا عمن سواهما غال فانهما من ميزات الربوبية، كما القائل بالتفويض فيهما فإنه من نفس النمط، و القائل بشفاعتهم الطليقة عن اذن اللَّه، و ان ولايتهم تغنى عن سائر التكاليف مثل ما يروى ان «حب علي حسنة لا يضر معها سيئة» من الغلو المورط في معاصى اللَّه و مآسي الأمور!.
و أحاديث التفويض مردودة أو مأوّلة، ف «ما فوض إلي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقد فوَّضه الينا» «2» يعني تفويض الولاية الشرعية فحسب، فيجب- إذاً- التفويض اليهم بطاعتهم الطليقة كما يجب التفويض اليه صلى الله عليه و آله في طاعته كما قال اللَّه: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (4: 59) و كما لا تعني طاعة الرسول فوق ما ارسل به من احكام اللَّه، كذلك طاعتهم التي هي استمرارية لطاعته.
و اما ان يحلِّوا شيئاً أو يحرموا مالم يحكم به اللَّه، أو يطلبوا من اللَّه شيئاً من ذلك فذلك جراءة على اللَّه محادة و مشاقة. «3»
(1). على الترتيب في سفينة البحار 3: 324- 325 عن النبي صلى الله عليه و آله و الصادق عليه السلام
(2). سفينة البحار 3: 386 عن الصادق عليه السلام
(3). المصدر عن الكافي عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي جعفر عليهما السلام فأجريت اختلاف الشيعة فقال: يا محمد إن اللَّه تعالي لم يزل متفرداً بوحدانيته ثم خلق محمداً و علياً و فاطمة صلوات اللَّه عليهم و آلهم فمكثوا الف- الف- سنة ثم خلق جميع الأشياء فاشهدهم خلقها و اجرى طاعتهم عليها و فوض امورها إليهم فهم يحلون ما يشاءون، بإذن اللَّه تبارك تعالي «ثم قال يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق و من تخلف عنها محق و من لزمها لحق خذها اليك يا محمد». اقول: لم يأذن اللَّه لهم في ربوبيته فإنما يأذن في غيرها من الأمور غير المختصة به تعالي من بلاغ أحكامه و من شفاعة باذنه أماهيه
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 66
ذلك، فكل ما ورد من نسبة علم الغيب ما كان و ما يكون و ما هو كائن اليهم عليهم السلام، و أنهم هم وسائل الخلق المفوض إليهم أمره تكويناً أو تشريعاً، أماذا من شؤون الربوبية، كل هذه مردودة أو مأولة، و مما يروى عن الصادق عليه السلام: «ما جاءكم منا مما يجوز أن يكون في المخلوقين و لم تعلموه و لم تفهموه فلا تجحدو و ردّوه إلينا و ما جاءكم عنا مما لايجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه و لا تردوه إلينا». «1»
ف «ما يجوز و ما لا يجوز» محوّل إلي نص من الكتاب أو السنة القطعية، إضافة إلي ما يراه العقل السليم من مختصات الربوبية غير الجائز تحولها إلي غير اللَّه، بإذن منه أو سواه، كذاته تعالي و صفاته و أفعاله، فإنه «باين عن خلقه و خلقه باين عنه» بينونة في هذه الثلاث كلها.
فالأمور ثلاثة، منها المختصة باللَّه لاتعدوه إلي سواه، و منها العامة بين الخلق قدر مساعيهم، و منها ما يمنحه اللَّه خاصة عباده كما يسعون، انتجاباً لهم في رسالة أو عصمة أما دونها، فمثل أنهم يعلمونه متى يموتون و أنه لا يقع ذلك إلَّاباختيارهم، قد يجوز في حقهم حيث المنفي «وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، لا متى تموت» فمن كرامات اللَّه لهم أن يعرفهم متى يموتون، و هكذا يأوّل إقدامهم على شرب السم و ما أشبه من بواعث قتلهم.
و من الغلو في حقهم أن الإمامة فوق الرسالة و النبوة! فلأن الرسول صلى الله عليه و آله إمام كما هو رسول، لذلك لا يفضلون عليه صلى الله عليه و آله.
ذلك، لأن الإمامة- على أية حال- هي فرع الرسالة و استمرارية لها، فكيف تكون- إذاً- فوق الرسالة، و ليس تفوق أئمتنا عليهم السلام على سائر الرسل عليهم السلام إلَّالما يحملون من العصمة القمة المحمدية صلى الله عليه و آله التي هي فوق العصم كلها.
(1). سفينة البحار 1: 32 خص عن المفضل قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام: ..
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 67
لذلك، لا تجد إماماً بعد نبي مفضلًا عليه، بل هو خليفة له و ممثل عنه باستمرار دعوته، فلأن استمرار الدعوة المحمدية المعصومة هو فوق كافة الدعوات الرسالية، لذلك نعتقد فيهم أنهم أفضل من كافة المرسلين إلَّاالرسول الخاتم صلى الله عليه و آله الذي هم أشعة من نوره.
لا فحسب، بل والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام مفضَّلة على كافة المعصومين سوى المعصومين المحمديِّين عليهم السلام أجمعين.
ذلك، فالغلو مرفوض مرضوص في الدين كل الدين، اصولًا عقيدية أم فروعاً أحكامية أماهيه من الدين ككل، حيث الغلو تخلُّف عن شرعة الحق، فهو في حقل التقصير ضلال عامد، و في حقل القصور ضلال خامد، يجب على الدعاة إلي اللَّه أن يوضحوا لهم الحق «فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ» - «إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً» .
ذلك و من الغلو بحق المسيح عليه السلام تصعيده ألي منزلة الربوبية كما فعله النصارى فى شتات عقائدهم الشركية إلَّاالقليل ممن و في لرعاية الحق من موحّديهم، أم تنزيله عن ساحة الرسالة كما فعله اليهود حيث قالوا إنه وليد السفاح.
والغلو أياً كان ليس إلَّاباطلًا فلا دور ل «غير الحق» هنا إلَّاالتاكيد، إيغالًا للغو في غير الحق ك «يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ» و ما أشبه.
وهنا «لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» تضاحي ما تعنيه هناك «يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ» أي من قبل أهل الكتاب و هم مختلف صنوف المشركين على مدار تاريخ الإشراك.
تاريخ التثليث بقول فصل:
فقد يذكر لنا تاريخ الوثنية على طول خطوطها و بكل خيوطها خمسة عشر من الثواليث مما يصدق هاتين الآيتين أن ثالوث النصارى إنْ هو إلَّاخرافة تقليدية لهم، عن «الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ» في ثواليثهم: «قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» !.
ذلك، و «إن أقدم ما نعثر عليه في تاريخ الفراعنة الثالوث المكون من إلهة: (اوزيريس- ايزيس- حورس): الأب و الأم و الولد، ثم المكون من «آمون» و زوجه «موت» و إبنه
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 68
«خونس» و هو تثليث بلدة «تب» و هم: الأب و الأم و الولد، ثم المكوَّن من «أنوبيس- معات- توت» ثم المكوَّن من «آنوا- بعل- آيا» و هو ثالوث الكدانين، ثم المكون من «سن- شمش- عشتار»: الأب و الإبن و الأم، ثم المكوَّن من «الأب و الابن و روح القدس» و هو للمسيحيين «1» و الثواليث الخمسة عشر كالتالية:
(1). كما في كتاب حياة السيد المسيح ل: فاروق الدملوجي ص 162 و يقول برتشرد في كتابه: خرافات المصريين الوثنيين ص 285: لا تخلو كافة الأبحاث المأخوذة عن مصادر شرقية من ذكر احد انواع التثليث أو التولد الثلاني أي: (الأب و الابن و روح القدس) و يقول «موريس» في كتابه: الآثار الهندية القديمة 6: 35: كان عند اكثر الأمم البائدة الوثنية تعاليم دينية جاء فيها القول باللاهوت الثاني، أى الإله ذواقانيم ثلاثة. وفي كتاب «سكان أوروبا الأول» ص 197: كان الوثنيون القدماء يعتقدون بان الإله واحد ولكنه ذوثلاثة اقانيم. و اليكم ثواليثهم:
1- الثالوث البرهمي: يقول دوان في كتابه: خرافات التوراة و الانجيل و ما يماثلهما في الديانات الأخيرة: إذا أرجعنا البصر نحو الهند نرى أن اعظم و أشهر
عباداته اللاهوتية هو التثليث و يدعون هذا التعليم بلغتهم «تري مورتي» و هي جملة مركبة من كلمتين، ف «تري» تعني: ثلاثة و «مورتي» هيآت، فهي «ثلاث هيآت» هي «برهمة- فشنو- سيفا» ثلاثة اقانيم غير منفكين عن الوحدة و هي الرب و المخلص و المهلك، و مجموع هذه الثلاثة اقانيم إله واحد و يرمزون عنها بثلاثة احرف هي: الألف- الواو- الميم، و يلفظونها «أوم» و لا ينطقون بها إلَّافي صلواتهم و يحترمون رمزها في معابدهم احتراماً عظيماً.
و لما اراد برهمة: (خالق الوجود الذي لا شكل له و لا تؤثر فيه الصفات) أن يخلق الخلق اتخذ صفة الفعل و صار شخصاً ذكراً و هو «برهمة الخالق» ثم زاد في العلم الي الصفة الثانية من الوجود فكان «فشنو»: الحافظ، ثم انقلب الي الصفة الثالثة الظلالية فكان «سيفا»: المهلك، و يدعون هذه الصفات الثلاث ايضاً «تري مورتي» و يشبهونها بالنهار و يدعونها أيضاً «الني- سوريا- اندرا» و غير ذلك من الأسماء الثلاثة. و في كتب البرهميين المقدسة المعتبرة لديهم: ان هذا الثالوث المقدس غير منقسم في الجوهر و الفعل و الامتزاج و يوضحونه بقولهم:
برهمة الممثل لمبادىء التكوين و الخلق و لا يزال خلاقاً إلهياً هو «الأب» و «فشنو» يمثل الحماية و الحفظ و هو «الابن» المنفك و المنقلب عن الحال اللاهوتية و «سيفا» المبدىء و المهلك و المبيد و المعيد و هو «روح القدس» و يدعونه: «كرشنا»: الرب المخلص و الروح العظيم حافظ العالم المنبثق منه»، ف «فشنو ا الإله الذي ظهر بالناسوت على الأرض ليخلص الناس فهو احد الأقانيم الثلاثة التي هي الإله الواحد. وفي الكبيتا- من كتبهم المقدسة- ان كرشنا قال: أنا رب المخلوقات جميعا، انا سر الألف و الواو و الميم «او» أنا برهمة و فشنو و سيفا، التي هي ثلاثة الهة: إله واحد فلأقنوم الثالث و هو في صفته المظلمة «المهلك» و في صفته الحسنة «المعيد» يعبرون عنه بصورة حمامة و يقصدون بهذه الصورة الرمز عن الإعادة و الخلق الجديد و هو الروح الذي يرف على وجه الماء- كما في التوراة ان روح اللَّه كان يرف على وجه الماء- و يعبرون عن الأقانيم الثلاثة الأبدية الجوهرية ب «أوم».
و قال «الن» في كتابه «الهند» 382: يقول البرهميون في كتبهم الدينية: ان احد الأتقياء و اسمه (اتنيس) رأى أنه و الواجب أن تكون العبادة لإله واحد فتوسل ببرهمة و فشنو و سيفا قائلًا: يا ايها الأرباب الثلاثة اعلموا انى
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 69
اعترف بوجود إله واحد فأخبروني أيكم الإله الحقيقي لأقرب له نذري وصلاتي؟ فظهرت الآلهة الثلاثة و قالوا: اعلم أيها العابد انه لا يوجد فرق حقيقي بيننا، و أما ما تراه من ثلاثة فما هو إلَّابالشبه و الشكل و الكائن الواحد الظاهر بالأقانيم الثلاثة هو واحد بالذات.
و قال موريس في آيار الهند القديمة 4: 372: لقد وجدنا بأنقاض هيكل قديم دكّته مرور القرون صنماً له ثلاثة رؤوس على جسد واحد و المقصود منه التعبير عن الثالوث.
2- الثالوث البوظي:
قال المستر فابر في كتابه اصل الوثنية: و كما نجد عند الهنود ثالوثاً مؤلفاً من برهمة- فشنو- سيفا، هكذا نجد عند البوظيين فانهم يقولون: ان بوظا إله واحد و يقولون بأقانيمه الثلاثة، و كذلك بوظي «جينست» يقولون عن: جيفا- انه مثلث الأقانيم.
و يقول دافس في كتاب الصين 3: 121 و 103 و دوان في كتاب خرافات التوراة و الانجيل: البوزيون الذين هم اكثر سكان الصين و اليابان يعبدون إلهاً مثلث الأقانيم يسمونه «فو» و متى ودوا ذكر هذا الثالوث المقدس يقولون: الثالوث النقي «فو» و يصورنه في هياكلهم بشكل الأصنام التي وجدت في الهند ... و يوجد في احد المعابد المختصة ببوتالا في منشوريا تمثال «فو» مثلث الأقانيم، و مثله في اصل الديانة الوثنية ل «مستر فابر».
3- ثالوث تاوو:
يقول دوان في 172 من كتابه: انصار «لاوكومنذا» و هو الفيلسوف الصيني المشهور و كان قبل المسيح عليه السلام بأربع سنين و ستمائة- يدعون شيعة «تاوو» و هؤلاء يعبدون إلهاً مثلث الأقانيم و اساس فلسفته اللاهوتية أن تاوو و هو العقل الأبدي انبثق منه واحد و من هذا الواحد انبثق ثان و من الثاني انبثق ثالث و من هذه الثلاثة صدر كل شيء و هذا القول بالتوليد و الانبثاق ادهش العلامة موريس لأن قائله و ثني.
4- ثالوث الصينيين:
و قد جاء في الكتب الدينية الصينية ان اصل كل شيء واحد و هذا الواحد الذي هو اصل الوجود اضطر الي ايجاد ثان و الأول و الثاني انبثق منهما ثالث و من هذه الثلاثة صدر كل شيء.
5- ثالوث الهنود:
قال المستر هلسلي ستونس في كتابه الايمان و العقل (78) يعتقد الهنود بإله مثلث الأقانيم و متى و دوا التكلم عنه بصفة الخلاق يقولون: الإله برهمة، و متى راموا التكلم عنه بصفة الملك يقولون إن هذا الثالوث المقدس حاضر في كل مكان بالروح و القوة.
6- ثالوث المصريين:
المصريون القدماء كانوا يعبدون إلهاً مثلث الأقانيم مصوراً في أقدم هياكلهم، و يظن أهل العلم أن الرمز الذي يصورونه و هو جناح طير ووكر و أفعى، أنه إشارة الي ذاك الثالوث و اختلاف صفاته، و قال دوان في (473) و كان قسيسوا هيكل ممفيس بمصر يعبرون عن الثالوث المقدس للمبتدئين بتعلم الدين بقولهم: ان الأول خلق
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 70
الثاني و الثاني مع الأول خلقا الثالث و بذلك تم الثالوث المقدس، و سأل «توليو» ملك مصر الكاهن تينشوكي، سأله ان يخبره هل كان قبله أحد أعظم منه؟ أو هل يكون بعده من هو أعظم منه؟ فقال له الكاهن: نعم يوجد من هو اعظم و هو أولًا؛ اللَّه، ثم الكلمة و معهما روح القدس و لهؤلاء الثلاثة طبيعة واحدة و هم واحد بالذات و عنهم صدرت القوة الأبدية فاذهب يا فاني يا صاحب الحياة القصيرة، و قال بونويك في اعتقاد المصريين 402 و 404 و أغرب عقيدة عم انتشارها في ديانة المصريين الوثنيين القدماء هي قولهم بلاهوت الكلمة أن كل شيء صار بواسطتها و آنهامنبثقة من اللَّه و آنهااللَّه، و كان «بلاتو «عارفاً بهذه العقيدة الوثنية و كذلك ارسطو و غيرهما، و كان ذلك قبل التاريخ المسيحي بسنين و لم نكن نعلم ان الكلدانيين و المصريين يقولون هذا القول و يعتقدون هذا الاعتقاد إلَّافي هذه الأيام، و قال أيضاً: كما ان للكلمة مقاماً سامياً عند المصريين، كذلك يوجد في كتبهم الدينية المقدسة هذه الجملة: إني اعلم بسرِّ لاهوت الكلمة و هي كلمة رب كل شيء و هو الصانع لها فالكلمة هي الأقنوم الأول بعد الإله و هي غير مخلوقة و هي الحاكم المطلق على كافة المخلوقات.
7- ثالوث اليونان:
في كتاب ترقي التصورات الدينية 1: 307 «كان اليونانيون القدماء الوثنيون يقولون ان الإله مثلث الأقانيم، إذا شرع قسيسوهم بتقديم الذبائح يرشون المذبح بالماء المقدس ثلاث مرات اشارة الي الثالوث ويرشون المجتمعين حول المذبح بالماء ثلاث مرات و يأخذون البخور من المبخرة بثلاث أصابع و يعتقدون بان الحكماء صرحوا: ان كل الأشياء المقدسة يجب أن تكون مثلثة و لهم اعتناء تام بها العدد في كافة احوالهم الدينية.
و قال دوان نقلًا عن اورفيوس- و هو احد كتاب و شعراء اليونان قبل المسيح بقرون- «كل الأشياء علمها الإله الواحد مثلث الأسماء و الأقانيم» و هذا التعليم الثالوثي اصله من مصر و كثيرون من الآباء في الجيل الثالث و الرابع قالوا: ان فيثاغورس و هير كليتوس و بلا تو علموا التثليث و قد اخذوا فلسفتهم في التثليث عن اورفيوس (انظر دائر المعارف تأليف تشمبرس عند كلمة اورفيوس).
8- ثالوث الرومان:
قال فيسك- في كتابه الخرافات و مخترعوها (305)- و كان الرومانيون يعتقدون بالتثليث و هو أولًا اللَّه ثم الكلمة ثم الروح.
9- قال دوان (2: 819): و كان الفرس يعبدون ألهاً مثلث الأقانيم مثل الهنود تماماً و هم: اورمزد و مترات و اهرمان، فأورمزد: الخلاق و مترات: ابن اللَّه المخلص و الوسيط، و اهرمان: المهلك، و يوجد في كتابات زور سترسانن- الشرائع الفارسية- هذه الجملة: الثالوث اللاهوتي مضيٌّ في العالم و رأس هذا الثالوث «موناد»، و قال هيجن (في الانكلوسكستين) 2: 162 و المسيو دونلاب في (ابن الانسان 20) و بنصون في (المسيح الملاك): كان الفرس يدعون متروس: الكلمة و الوسيط و مخلص الفرس.
10- ثالوث الفنلنديين: