کتابخانه تفاسیر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 122
بكل شيء الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء، ثنِّى «مَفاتِحُ الْغَيْبِ» بطليق العلم: «وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ» مجاهل البر و غيابات البحر.
ولكي نعلم أنه لا سقطة في ذلك العلم المحيط أبداً ثلَّثه ب «وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها» و قد تعني «مِنْ وَرَقَةٍ» كافة الأوراق مادية كورق الشجرة وورق النطفة و ورق كل وليد انساني أو حيوانى أما ذا من ورقة هي فرع من أية شجرية.
ثم و في تبيين رابع «وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ» أرض الأرض ككل و أراضي الأرحام و ما أشبه من ظرف لغائب الحبوب، و من ثم خامس يحلق على كل شيء: «وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» و ذلك الختام بمناسبة البداية و العوان بينهما هو كتاب علم اللَّه، فإنه «مُبِينٍ» - ما يصلح للكينونة- كونه، و ما يطلح لبيانه بيانه في أيٍّ من حقول التكوين و التبيين: «وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» (10: 61) و هو اللوح المحفوظ، و هو الكتاب الحفيظ، و هو الإمام المبين: «وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ» (36: 12).
أترى كل هذه الخمسة مغلقة على غير اللَّه تعالى؟ و العلم بظاهر مما في الأرض و السماء مما يعلمها غير اللَّه ضرورياً أو نظرياً، كما و أن للمطهرين مسٌّ لما في كتاب مكنون!.
هذه الخمس مشتركة في اختصاصها باللَّه في خاصة علمه الحقيقي الذاتي، مختلفة في طليق العلم بها، فمنها ما لا يعلِّمها اللَّه سواه كما لا يعلمها سواه و هي الأولي «مَفاتِحُ الْغَيْبِ» و منها ما يعلِّمها المصطفين من عباده المرسلين، و هم حملة غيب الوحي المعنيون في «لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» (56: 79) و «إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ» (72: 27)، ولكن ليس ممّا يعلِّمه إياهم سقوط كل ورقة و كل حبة في ظلمات الأرض و كل رطب و يا بس، إذ لا تمتُّ بصلة لرسالاتهم، إلَّاغيب الوحي رسوليّاً و رسالياً، و كما اختص «مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ» ب «فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ ...» .
و قد تشير «مَفاتِحُ» بدلًا عن خزائن أنه الذي يفتح من الغيب كما يري لأنبياءه و ملائكته و سائر أهل خاصته من خلقه، فكل ما يتوصل به إلي فتح المبهم و بيان المستعجم
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 123
يعبر عنه بالمفتح: مكان الفتح و طريقه، ولكن هذا المعنى هو ضمن المعنى من «مَفاتِحُ الْغَيْبِ» حيث يتطلب «مَفاتِحُ الْغَيْبِ» جمع المفتح، و المفتح بمجرده هو الخزينة.
ذلك، و حتى الآيات الرسولية ليست مما يعلمهم إياها ف «إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ» اللهم إلَّا التي هي رسالية مع كونها رسولية كالقرآن العظيم حيث علمه رسوله الكريم، علم الوحي مادة و صيغة، دون علمه صياغة.
ثم من الغيب ما هو كائن غيبه ككل الكائنات، و ما هو مكوَّن مستقبلًا أو كان ماضياً ثم فنى، و هذه الزوايا الثلاث لمثلث الغيب مختصة باللَّه إلَّاما ليس من الغيب المطلبق.
و في رجعة اخرى إلي الآية نقول: «وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ» قضية عقلية محلِّقة على كافة العلوم الغيبية، شاملة للمحسوس و سواه، و لكي يقرب ذلك المعقول إلي عقول أهل الحس ثنّاه ب «وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ» حيث تشمل كافة المعلومات غيبية و سواها، فهنا إضافة إلي تبيين مدى علمه تعالي بالغيب في سعته إضافةٌ للمشهود إليه و بأحرى.
ثم قرَّب مرَّة اخرى بصورة مستغرقة لعلمه بالغيب و الشهادة «وَ ما تَسْقُطُ ...» ثم عممه رابعة جمعاً بين الضابطة العقلية الأولي و المثالين بعدهما للحيطة العلمية الربانية: «وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» .
و يا لها من جولة تدير الرؤوس و تذهل العقول، جولة في آماد الزمان و آفاق المكان، و أغوار من السر و العلن و المعلوم و المجهول، جولة موغلة مترامية الأطراف تشمل فعلية الكون و إمكانيته، و كما تعني- في الأصل- ذات اللَّه و صفاته و أفعاله المعلومة- فقط- لديه.
و الإنسان- أو أيّاً كان من الخليقة العاقلة العالمة- ليسبح في بحر من المجهول فلا تقف إلَّا على جُزُر طافية يتخذ منها معالهم في الخِضمّ ف «ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» !.
والغيب في الكون كله يحيط بالانسان كله، غيب في مثلث الزمان و المكان، و غيب في نفسه و في كيانه، غيب في النشأة الأؤلي و الاخرى و العوان بينهما، و غيب في كل شيء مهما يشهد ظاهراً من الكون قليلًا ضئيلًا لولا فضل اللَّه و رحمته لحرم منه أيضاً.
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 124
و ما أجمله بعد جمال القرآن قول الامام علي صلى الله عليه و آله التلميذ الثاني للقرآن في خطبة الأشباح في علمه تعالي و تقدس: «عالم السِّر من ضمائر المضمرين، و نجوى المتخافتين، و خواطر رجم الظنون، و عقد عزيمات اليقين، و مسارق إيماض الجفون، و ما ضمنه اكنان القلوب و غيابات الغيوب، و ما اصغت لا ستراقه مصائخ الأسماع و مضائف الذَّر، و مشاتي الهوامِّ، و رجع الهنين من الموليات، همس الأقدام، و منفسح الثمرة من و لائج غُلُف الأكمام، و منقمع الوحوش من غيران الجبال و أوديتها، و مختبإ البعوض بين سوق الأشجار و ألحيتها، و مفرز الأوراق من الأفنان، و محط الأمشاج من مسارب الأشجار و ألحيتها، و مفرز الأوراق من الأفنان، و محط الأمشاج من مسارب الأصلاب، و ناشئة الغيوم و متلاحمها، و درور قطر السحاب في متراكمها، و ما تشفي الأعاصير بذيولها، و تعنوا الأمطار بسيولها، و عوم بنات الأرض في كثبان الرمان، و مستقر الأجنحة بذرى شناخيب الجبال، و تعزيد ذوات المنطق في دياجي الأوكار، و ما أوعبته الأصداف، و حضت عليه أمواج البحار، و ما غشيته سدفية ليلٍ أو ذرَّ عليه شارق نهار، و ما اعتقبت عليه أطباق الدياجي و سبحات النور، و أثر كل خطوة، و حسِّ كل حركة، ورجع كل كلمة، و تحريك كل شفةٍ، و مستقر كل نَسَمة، و مثقال كل ذرة، و هماهم كل نفس هامة، و ما عليها من ثمر شجرة، أو ساقط ورقة، أو قرارة نطفة، أو نقاعة دم و مُضغة، أو ناشئة خلق و سُلالة، لم يلحقه في ذلك كلفة، و لا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة، و لا اعتورته في تنفيذ الأمور و تدابير المخلوقين ملالة و لا فترة، بل نفذهم علمه، و أحصاهم عدده، و وسعهم عدلُه، و غمرهم فضلُه، مع تقصير هم عن كنه ما هو أهله» (الخطبة 89/ 4/ 175).
«خرق علمه باطن غيب السُتُرات، و أحاط بغموض عقائد السريرات» (الخطبة 106/ 205).
«ولا يخفى عليه شخوص لحظة ولا كرور لفظة، و لا ازدلاف ربوة، و لا انبساط خطوة، في ليل داج، و لا غَسَق ساج، يتفيَّأ عليه القمر المنير، و تعقبه الشمس ذات النور في الأفول و الكرور، وتقلب الأزمنة و الدهور، من اقبال ليل مقبل، و ادبار نهار مدبر، قبل كل غاية و
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 125
مدة، و كل إحصاء و عِدَّة» (الخطبة 161/ 289).
«علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين، و علمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى» (161/ 290).
«و لا يعزب عنه عدد قطر الماء و لا نجوم السماء، و لا سوافي الريح في الهواء، و لا دبيب النمل على الصفا، و لا مقيل الذر في الليلة الظلماء، يعلم مساقط الأوراق و خفي طرف الأحداق» (176/ 319).
«فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق داج، ولا ليل ساج، في بقاع الأرضين المتطأطآت، و لا في بقاع السُّفع المتجاورات، و ما يتجلجل به الرعد في أفق السماء، و ما تلاشت عنه بروق الغمام، و ما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواطف الأنواء و انهطال السماء، و يعلم مسقط القطرة و مقرَّها، و مسحب الذرة و مجرَّها، و ما يكفى البعوضة من قوتها، و ما تحمل الأنثى في بطنها» (180/ 325).
فحتى الرسول محمد صلى الله عليه و آله لا يعلم الغيب الرباني إلا بوحي رسالي فحسب 3
هنا سلبيات أربع تسلب عنه ما يخيَّل إليهم إثباته للرسول، فإذا لم يجدوه فيه كذبوه، و هي إجابة صريحة عن الفضل المزعوم لهم للرسالة الإلهية حيث نفوه عنه عليه السلام «وَ ما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ» إن الفضل فضلان، فضل رباني و هو مختص باللَّه تعالى، و فضل رسالي فأنا على بينة من ربي و رحمة منه، و بينهما فضل غيرهما يزعمونه شرطاً أصيلًا للرسالة، و
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 126
السلبيات الأربع، هي التالية، مما اختص إثباته باللَّه كالثلاثة الأولي أم اختص بالملائكة:
«وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ» حتى أملكها فأملّكها الفقراء التابعين إياي ليخرجوا من رذالة الفقر على حد تعبيركم: «هؤلاء أراذلنا» فخزائن اللَّه هي عنده لا يؤتيها لأحد من العالمين، و لا أملك منها شيئاً و لا تطلُّباً مُجاباً، و لا أدَّعي الثراء، أو القدرة على الإثراء.
«وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ» كيف و لا يعلمه إمام الرسل محمد صلى الله عليه و آله كما لا يملك خزائن اللَّه: «قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ ...» (6: 50).
«وَ لا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ» كما تشتهون و تتعنتون فادعي صفة- هي بزعمكم- أعلى من صفة الإنسانية، لأرتفع في حسبانكم الباطل الجاهل إغراءً بالجهل، حيث الحق لا يُتذرع إليه بالباطل، و الغاية لا تبرر الوسيلة، بل أنا فوق الملك برسالة ربي لو تشعرون.
«وَ لا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ» إنتقاصاً لهم و إزاءً بازدراء إرضاءً لكبريائكم و علوائكم أو مسايرة لنقيركم الغدير أرضياً، قيمكم- الهابطة- عَرَضيا، «لا أَقُولُ» لهؤلاء الفقراء: «لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً» كما تزعمون.
والإزدراء هو صفة أصحاب هذه الأعين، منسوبة هنا إلي الأعين مبالغة بليغة إذ تستصغرهم بلمحات العين، حيث يقبحون في منظر عينك خلقة و يصغرون دمامة، كما يقال: إقتحمت فلاناً عيني و احتقره طرفي، إذا قبح في منظر عينه خلقةً، و صغر دمامة.
«اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ» من نفاسة الإيمان كما يظهرون، أم من نحوسة النفاق لو أنهم يبطنون، فليس إلا ظاهرهم الباهر بالإيمان حيث يدعوا إلي التكريم و الإطمئنان، و إلي الرجاء أن يؤتيهم اللَّه خيراً مما آتاهم على ضوء الإيمان.
و هنا «لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً» سلب طليق لكل خير عن هؤلاء الذين تزدرى أعينهم، و هذه فكرة خاطئة استكبارية بشأن الفقراء، اعتباراً أن اللَّه تعالي كما فضَّل الأغنياء بفضل
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 127
القوة و السيادة و المال، فهكذا الحال في كل فضل من رسالة ربانية أماهيه من فضل، و قد يندد بهم كما في آية الأعراف من أصحاب الأعراف: «وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ. أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ» (49) فهؤلاء الأغنياء المستكبرون الأغبياء يظنونهم يستحقون كل الخيرات لأنهم أتوا من المال و القوة ما به يستكبرون! كلا يا أغبياء، ليست السيادة المادية تلازمها السيادة الروحية، بل هما متناحرتان اللَّهم إلا في صاحب السلطة الزمنية على ضوء السلطة الروحية منه أم من روحي آخر! و تاريخ السلطات المادية الزمنية تشهد أنهم ليسوا إلا معارضين للسلطات الروحية فكيف- إذاً- يستحقونها على شؤمهم و لؤ مهم!.
«إِنِّي إِذاً» لو أنني أقول عندي خزائن اللَّه و اعلم الغيب و إني ملك، و أقول «لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً» - «إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ» بحق رسالة اللَّه و عباد اللَّه!.
ذلك، و أحسن تعريف بالملائكة بعد تعريف القرآن و نبي القرآن ما عرفهم به شاهدٌ منه في قوله عليه السلام: «ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته، و عمارة الصفح الأعلى من ملكوته خلقاً بديعاً من ملائكته، و ملأ بهم فروج فجاجها، و حشابهم فتوق أجواءها، و بين فجوات تلك الفروج زَجَل المسبحين منهم في حظائر القدس، و سترات الحُجُب، و سرادقات المجد، و وراء ذلك الرجيح الذي تستك مه الأسماعُ سُبُحات نورٍ تردَعُ الأبصار عن بلوغها، فتقف خاسئة على حدودها، و أنشأهم على صُوَر مختلفات، و أقدار متفاوتات أولي أجنحة تسبِّح جلاله عزته، لاينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه، و لا يدعون أنهم يخلقون شيئاً معه مما انفرد به (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون)-
جعلهم هنالك أهل الأمانة على وحيه، و حمَّلهم إلي المرسلين ودائع أمره و نهيه، و عصمهم من ريب الشُبُهات، فما منهم زائغ عن سبيل مرضاته، و أمدَّهم بفوائد المعونة، و أشعر قلوبهم تواضُع إخبات السكينة، و فتح لهم أبواباً ذُلُلًا إلي تماجيده، و نصب لهم مناراً واضحة على أعلام توحيده، لهم تثقلهم موصرات الآثام، و لم ترتحلهم عقب الليالي
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 128