کتابخانه تفاسیر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 136
بعيدين عن «نِعْمَتَ اللَّهِ» فلذلك «جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها» إيقاداً لها لأنهم ائمة الكفر «وَ بِئْسَ الْقَرارُ» .
أترى ائمة الكفر كانوا مؤمنين ثم بدلوه كفراً، و هم ما آمنوا من ذى قبل حتى يبدلوه كفراً، اللهم إلَّابعضاً منهم بإيمان النفاق و ليس إيماناً؟.
هذه الآية على غرار آية البقرة «اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى» قد تعني- فيما عنت- الايمان الكامن في فِطَرهم، المصدَّق بعقولهم، الكائن بآياته الآفاقية و الأ نفسية بمحضرهم، فهم بدلوه كفراً تعامياً عنه و تناكراً له و تغافلًا: «وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» (2: 211) «وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ» (2: 108)، و النعم الآفاقية من رسل و بينات هي ايضاً مما تبدَّل كفراً.
ف «نِعْمَتَ اللَّهِ» تعم الأنفسية فطرية و عقلية و ايمانية، و تبديل الأخيرة بالإرتداد، و آفاقية و هي كل النعم المنفصلة المفصلة في الكائنات، و كلُّ هذه النعم تتمحور توحيداً للَّه فإنه نعمت اللَّه الوحيدة غير الوهيدة، المحلِّقة دلالياً و مدلولياً على كافة الآيات الآفاقية و الأنفسية. ثم إن نعمت اللَّه و لا سيما الإيمان تتطلب شكراً، ولكنهم لم يشكروا، بل و بدلوه كفراً، فلو أنهم لم يكفروا، أم كفروا و لم يحلوا قومهم دار البوار، لم يكن لهم صلي جهنم و بئس القرار، مهما دخلوها على هوامش من هم صالوا النار.
و لان البوار هو فرط الكساد لحد الفساد، كما يقال كسد حتى فسد، فدار البوار لهم تشمل الآخرة و الأولي فقد أحلوهم بداية دار البوار الدنيا، إذ حملوهم على الإخلاد إلي الارض و اتباع الهوى و فُرُط الأمر، و من جرّاءها دار البوار الأخرى، بوار أبور من الأولي حيث «يأتيه الموت من كل مكان و ما هو بميت».
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 137
2 حتى نعلم من اللَّه هي العَلم: العلامة لا العِلم المعرفة
سنة حتمية تربوية إلهية هي بلوى المؤمنين، إمتحاناً دون امتهان، إختباراً لبؤسهم في معتركات البلايا و الرزايا في سبيل اللَّه: «حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ» و من ثم إختباراً لا عمالهم التي تخبر عن نفوسهم كإذاعات خارجية: «وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» .
و «نعلم هنا كما في نظائرها «1» هي من العَلم: العلامة، لا العِلم المعرفة، فاللَّه لا تخفى عليه خافية، فإنه عليم بما في الصدور قبل أن تصدرها كأخبار، إنه يعلم السر و أخفى، فكيف تخفى عليه السريرة و ما دونها فيبلوهم لكي يعلم! و إنما هو علَمٌ: أن يجعل بالبلوى: جهاداً و سواه- علامة على النفوس المجاهدة الصابرة المثابرة، بما تجاهد و تصبر و تصابر، و علامة الأخبار الأفعال، فإنها علامات النفوس، فيعرفها الكيِّسون من حق القول و حق الفعل، كما يعرف المنافقون من لحن القول و لحن الفعل، و كما يناسب دار الإبتلاء.
هذا: دون العلم عن الجهل و حاشاه، فإنه هراء! و دون العلم الفعلي أم ماذا فإنه تكلف و تعسف و كلام اللَّه واللَّه منه براء، لانه بيان للناس و هدى و نور، و هو حمال ذو وجوه، فاحملوه على أحسن الوجوه: ف (حتى نعلم): نجعل علامة ل (المجاهدين منكم و الصابرين) و منها أخباركم: الأعمال الجهادية الصابرة التي تخبر عن طيبة نفوسكم: (و نبلو اخباركم):
حتى نعلم .. و حتى نبلوا اخباركم، «2» فبلوى المؤمنين ذريعة لعلامة الإيمان، و لبلوى أخبار
(1). نجدها في أحد عشر موضعاً في القرآن، لم تأت في أحدها موجهاً على مفعولين، و العلم يتعلق دائماً بمفعولين، فليس إلا عَلما- من علَم يعلم عَلماً و علامة- لا علِم يعلم عِلماً، يدل على ذلك وحدة المفعول و أدلة الآيات و العقول، رغم انه لم يذهب اليه أحد فيما أعلم، فكم ترك الأول للآخر!. (الفرقان- م 9)
(2). ف «نَبْلُوَا» مفتوحة بالعطف على المجاهدين، فهما اذاً مقصودان في «حَتَّى نَعْلَمَ» فالعلامة هنا منها خفية هي علامةالايمان في القلب، و منها ظاهرة هي علامة أخبار الجهاد و الصبر، فبلوى هذه الاخبار هي من «نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ ..» وكلى تظهر علامة الايمان الخفي، بمن يعلم السر و أخفى
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 138
الإيمان، فلا تظهر أخبار الإيمان إلا في تقلب الأحوال، و عند تقلب الأحوال تعرف جواهر الرجال، و عند الإمتحان يكرم المرء أو يهن، فلان الإبتلاء بالبأساء و الضرّاء، و بالسعة و النعماء، إنها تكشف عما هو مخبوء في معادن النفوس، مجهول لسائر النفوس، بل و لأصحابها أيضاً، فإن حب الشيء يعمي و يصم، و من ثم تتكشف لها ما خفي عنها انفسها و قبل أن تظهر أخبارها كما تتكشف لغيرها بعد أن تبلى أخبارها، فكل بلوى تخلف عَلمين: علامتين، واحدة سراً لذوات الصدور، و اخرى جهراً لسائر الناس: (حتى نعلم .. و نبلو اخباركم)!.
هنا «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» دون خصوص الحُرُم، و «بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ» دون تقيد بصيد الحرم، قد تدل على الحظر عن الصيد كأصل، فأصله محظور و الإعتداء فيه أشد حظراً حيث «فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ» .
فحين تنال الصيد الأيدي و الرماح بسهولة فهنا الإبتلاء، فليس لغير المحتاج إليه أن يناله على وفره، و ليس للمحتاج أن يناله أكثر من سؤله «1» كما و ليس للحُرُم نيلٌ منه على أية حال، فطالما البلوى بالصيد الوفير لغير الحُرُم غير خطير، فهي للحُرُم خطير خطير. «2»
وطالما صيد اللهو- حيث لا يعنى إلَّاإياه- حرام على أية حال، فمطلق صيد البر حرام على الحرم على أية حال مهما كان لحاجة، و هذه الآية تبيِّن حرمة الصيد كأصل ثم التالية تغلظ حرمته و أنتم حرم.
(1). نور الثقلين 1: 671 في الكافي على بن ابراهيم عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي قال سألت اباعبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه سبحانه و تعالي: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ» قال: حشر عليهم الصيد في كل مكان حتى دنا منهم ليبلوهم اللَّه به
(2). المصدر عن ابي عبداللَّه عليه السلام في الآية قال: حشرت لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله في عمرة الحديبية الوحوش حتى نالتها ايديهم و رماحهم
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 139
و هنا مواصفة «الصَّيْدِ» ب «تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ» دليل اختصاصه بصيد البر، و كما في آيات عدة.
ذلك «لِيَعْلَمَ اللَّهُ» عَلْماً منه علامة عليكم لا عِلماً: معرفة «مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ» الطليق بذاته، فإنه حاضر بآياته، و «بِالْغَيْبِ» عن الناس ولكنه ليس إلَّافي صيد بالغيب.
«فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ» البلاء أن يصيد دون مبرر أو ان يعتدي في الصيد المحظور «فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ» و لا سيما فيما يصيد تلاعباً بحياة الصيد دونما حاجة إليه فانه ظلم خالص.
و هنا «بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ» تعم إلي قسم من نوع الصيد و هو البرِّي، قسماً من أي صيد بري كالفروخ و البيض حيث تناله الأيدي على أية حال.
وقد يلمح ذلك التهديد الشديد ببلوى الصيد أنه كان في السنة محرماً كأصل، و إلَّافلا دور للتهديد عن الصيد و لما يأت النهي عنه، و هكذا تتأيد الروايات النهاية عن صيد اللهو، فقد امتحن اللَّه هذه الأمة بصيد البر و لا سيما و هم حُرُم، كما إمتحن بني اسرائيل بصيد البحر «إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ» (7: 163).
اللَّههو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده
التوفي هو الأخذ وافياً، إما للروح كله و هو توفِّي الموت، أم للروح الإنساني، و الحيواني و النباتى باقيتان في البدن و هو توفي النوم، فالنوم- إذاً- أخ الموت، و إما توفي الروح و الجسم دون افصال بينهما و هو الأخذ وافياً عن مكان إلي آخر كما في توفي السيد المسيح عليه السلام.
و في توفي النوم آيتان اخراهما: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 140
وهنا «يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ» مسايرة مع أغلبية المنام و هي في الليل، و أنه أصلح من نوم النهار كما هو المستفاد من آيات المنام.
و الر وح المتوفَّى في المنام هو الروح الإنساني دو استئصال للحياة بأسرها و كما يروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «مع كل إنسان ملك إذا نام يأخد نفسه فإن أذن اللَّه في قبض روحه و إلَّا ردَّ إليه» فذلك قوله: «يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ» «2» ، فالنفس هي النفس الإنسانية و الروح هو الحيواني، و هو يجاوب آية الزمر «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ» و في «يَتَوَفَّاكُمْ» لمحة باهرة لأن أصل الإنسان هو النفس الإنسانية، دون الروح الحيواني فضلًا عن البدن، فإن «كم» خطاب لنا إنسانياً، و النفس الإنسانية هي المتوفاة بكاملها حين النوم كما الموت و الفارق بينهما الروح الحيواني الباقي في النوم و الذاهب مع النفس في الموت.
فحين يطلق الإنسان على مثلث كيانه نفساً و روحاً و جسماً، فإنما المحور فيه النفس و الآخران على هامشهما.
و الواو في «يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَ يَعْلَمُ» حاليّة تعني: يتوفاكم حال أنه يعلم ما جرحتم بالنهار.
وترى «جَرَحْتُمْ» تعني عملتم؟ و عبارتها الصالحة الفاصحة: عملتم- أو- كسبتم! و لم يأت الجرح في سائر القرآن لطليق العلم صالحاً و طالحاً، انما هو العمل الطالح حيث يجرح كيان الإنسان، و يجرح كيان العبودية، و يجرح الحياة بأسرها- بالنتيجة- في النشأتين «3» .
و ليس «جَرَحْتُمْ» تعني: عملتم بالجارجة، حيث الجرح بالنهار تعم عمل الجارحة إلي عمل الجانحة قبل الجارحة، و لم تسم الأعضاء جوارح إلَّالأنها الظاهرة في جرحها، لا أنها هي الجوارح دون سواها، أو أنها هي العاملة صالحة و طالحة دون سواها، فإنما الجارحة هي
(1). راجع للإطلاع على فصل القول حول النوم و الموت إلي الزمر: 344 من الفرقان
(2). الدر المنثور 3: 15- اخرج ابو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ..
(3). و الآية في الجرح هي «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ...» (45: 21) «وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ» (5: 45) «وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ» (5: 4)
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 141
التي تجرح باطنية أم ظاهرية، فلا تشمل- في الأصل- الصالحات.
و من ثم فموقف الآية هو موقف التنديد بجوارح الأعمال و الأحوال و الأقوال، والعظة بذلك التمثيل الأمثل للنوم بالموت لكي يتحلل الإنسان غن غفلته و غفوته فلا يعود يعمل الجوارح بالنهار.
ثم «ما جَرَحْتُمْ» تعني كلا الموصولة و الموصوفة، فهو يعلم جرحكم بالنها و يعلم ما جرحتموه، و مما يؤيد الاحتمالين إضافةً إلي تحمل «ما» إياهما عدم ذكر لضمير الموصول، فلا يتمحض في الموصولية بل و معها الموصوفية.
وها هي وفاة النوم حين يأخذنا النعاس، وفاة في صورة من صورها، و سيرة من سيرها، إنقطاعاً عن الحيوية العقلية و الإرادية و الحسية، اللهم إلّانمواً كالنبات و حركات حيوية حيوانية بلا إرادة حالة السبات، و الإنسان فيها على أقرب مشارف الموت، لا يستطيع الرجوع إلي حياة اليقظة إلَّاببعث رباني كما توفىَّ: «ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى» بعثاً عن حدث النوم كما البعث عن جَدَثِ الموت، و اين بعث من بعث؟.
فهنا بعث «لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى» في مدرسة الحياة الدنيا، و هناك بعث «لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى» .
وترى ما هو هنا «أَجَلٌ مُسَمًّى» ؟ هل هو المحتوم؟ و كثير من الآجال معلَّقة تحصل قبل المحتوم! أم و المعلق؟ و ليس هو من المسمَّى!.
قد يعني «أَجَلٌ مُسَمًّى» كليهما، مسمّىً محتوماً كأصل، و مسمَّى معلقاً على هامشه، مهما كان المسمى المحتوم أسمى و أفسح لمجال الإمتحان بالتكليف.
فليس الأجل المسمى- فقط- هو المقضي، بل و المعلَّق كذلك من المقضي مهما اختلف قضاءٌ عن قضاءٍ ف «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ..» (6: 2) فالقصد هنا من «أَجَلٌ مُسَمًّى» هو الأجل المقضي محتوماً و معلقاً، «ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ» بعد قضاء الأجل، مرجع في مثلث المراحل، برزخاً و حساباً و نتيجة.
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج2، ص: 142
رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ» (6: 61):
وترى «عِبادِهِ» هنا تعني خصوص المكلفين؟ ف «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً» (19: 93) قد تختصهم بهم، كما و كل الآيات التي تحمل «عبد» بكل صِيَغها تعنيهم.
وكلمة العبودية تعم كافة الكائنات، ف «إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» (17: 44) و ذلك التسبيح أياً كان هو عبادة مهما كانت بأدنى إدراك و شعور، ثم الحفظ الرباني يعم كل شيء: «إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ» (11: 57)، مهما كان المحور الأصيل في الحفظ العقلاء من عباده، كما «لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ» (13: 11).
و حفظ اللَّه تعالي بين رحماني يعم كل شيء كما في آية هود و أضرابها، و رحيمي يخص الصالحين، و هو بين حفظ للإيمان قدر القابلية و الفاعلية، و حفظ للعصمة الربانية على درجاتها، و من الرحيمي حفظ الأعمال ليوم الحساب «وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ» (82: 11).
و هنا «عَلَيْكُمْ» حفظ رباني رحماني يعم كل عباد اللَّه، و رحيمي حفظاً للأعمال: «حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ» بأمر اللَّه، فليس اللَّه- إذاً- حفيظاً عما يريده من اجل مسمّىً «تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا» في دائرة توفّي الأموات التي يرأسها ملك الموت «وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ» تقصيراً في كمية الإماتة و كيفيتها، فإنهم ماضون بإمر اللَّه دون تمييز بين الذين جاءهم الموت.
وترى «وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً» ضامنة تامة للحفاظ علينا فلا علينا أن نحافظ على أنفسنا مما يصطدمنا في حياتنا و حيويّاتنا؟