کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم

الجزء الاول

المقدمه «سوره الفاتحة -/ مكية -/ و آياتها سبع»

الجزء الثانى

المقدمة الفقراء أنتم الى الله الله هو الخالق الفاطر البديع 1 الله خالق كل شى‏ء 2 اختصاصات ربانية في علمه تعالي و قدرته 3 العلم الطليق لزام الخالقية الطليقة 4 علم الغيب المطلق المطبق خاص بالله 1 مفاتح الغيب خاصه بالله 3 فحتى الرسول محمد صلى الله عليه و آله لا يعلم الغيب الرباني إلا بوحي رسالي فحسب 3 كلمة الله و كلمة الشيطان؟؟ 2 حتى نعلم من الله هي العلم: العلامة لا العلم المعرفة الله‏هو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده اختصاصات ربانية النظر الى الرب هو نظر القلب معرفيا و انتظار رحمته 2 سئوال عضال من اهل الكتاب«أرنا الله جهرة» 3 ماذا يعنى رب ارنى انظر اليك؟ 4 ما هو المعنى من و لقدرآه نزلة اخرى 5 معنى الاضلال الربانى و هدايته 1 معنى الاضلال الربانى في سورة محمد 2 معنى الاضلال الربانى 3 معنى الهداية و الاضلال من الله؟ الله تعالى هل يأمر بالفسق و الضلالة!؟! لاجبر و لا تفويض بل امر بين الامرين فاين تذهبون؟ انما الحساب على الله كما الاياب الى الله كتاب المحو و الاثبات الرباني من متشابهات القرآن مجى‏ء الله يوم الآخرة؟ الروح من امر الله و خلقه دون ذاتة الاعمال التكليفته مختارة دون اضطرار القاءات شيطانية في امنيات الرسل؟ اختيارات تكليفية باختبارات 1 اختيارات 2 التفكر آفاقيا و انفسيا ليس الله ظالما و لا ضلاما بل هر عادل مقسط 1

المجلد السابع

المقدمة

القواعد الاربع لعرش الخلافة الاسلامية للامام امير المؤمنين عليه السلام القاعدة الاولى لعرش الخلافة:

القاعدة الأولى لعرش الخلافة: علي ولد مسلما القاعدة الثانية لعرش الخلافة: قاعدة الاخوة:
اهل بيت العصمة المحمدية في سورة الدهر ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة عليهم السلام سفينة نوح والبشارة المحمدية على أنقاضها: ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة في كتاب ادريس النبي صلى الله عليه و آله محمد صلى الله عليه و آله وخلفاءه المعصومون هم الاسماءالتي علم آدم عليه السلام أئمة أهل البيت عليهم السلام هم من اصدق الصادقين الائمة من آل الرسول صلى الله عليه و آله هم اصدق الصديقين محمد صلى الله عليه و آله هو المنذر وعلى وعترته المعصومون هم لكل‏قوم هادون مثل نوره... في بيوت هي بيوت ائمة اهل البيت هي من افاضل البيوت التى اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه رجال الاعراف هم اعرف رجالات العصمة خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله هم ورثة الكتاب

المجلد الخامس عشر

المقدمة الدعوة الى الله‏الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تمكين و امكانية عليكم انفسكم ثم انفس الآخرين ليس الا من الضرر من شروط الأمر والنهي‏الا في الا هم منهما الناسي نفسه لا يدعوا غيره الا بعد اصلاح نفسه فيما يدعوا واجب التناهي عن المنكر لفاعلي المنكر إنهاء و انتهاء مسارعة في الاثم بديل التناهي عن المنكر لا يامر و لا ينهى الا العامل او المتعامل وجوبهما كفائيا على الصالحين الدعاة الى الله العاملون الصالحات‏هم أحسن قولا ممن سواهم اخذا بالعفو و اعراضا عن الجاهلين قولة منافقة نهى عن المعروف و امر بالمنكر و قولة مؤمنة امر بالمعروف و نهى عن المنكر مرحلة اخيرة في الامر والنهي الدفاع/ الجهاد/ القتال‏فى سبيل الله عند المكنة اعدادات حربية وسواهامن قوة نفسية، سياسية، عقيدية، علمية، نفاقية تحريض رباني على قتال مكافح عددا وعددا المجاهدون يقتلون ويقتلون و هم منتصرون فيهما الحرب سبحال‏وليس ضمانا الغلب للمسلمين الا غلبا ايمانا المقتولون في سبيل الله‏أحياءبحياة خاصة عند ربهم لن يصيبنا الا ما كتب لنا قاتلين او مقتولين قتال قبال قتال دون اعتداء كلام فيه ختام حول الجهاد الإسلامي. معاهدات حربية تخلف عن قيادة القوات المسلمةو نفر جماعي للقتال على تفقه في الدين اذا رجعوا في استنفار عام إنفروا خفافا وثقالا وعلى أية حال كلام حول العصمة: المهاجرون في سبيل الله في مراغمات .. بما ظلموا واخرجوا من ديارهم عاقبوا بمثل ما عاقبوا به.. ثم قتلوا او ماتوا للمجاهدين علامات لنهديهم سبلنا إنما من جاهد يجاهد لنفسه جاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه و آله اقعدوا لهم كل مرصد قاتلوا الذين يقاتلونكم قاتلوا في سبيل الله والمستضعفين.. إذا ضربتهم في سبيل الله فتبينوا... تكتية حربية«لا تتخذوا بطانة من دونكم» تكتيكة حربية فرض القتال في سبيل الله وأخذ الحذر فيه المنافقون مركسون بما كسبوا مهاجرة للرسول(ص) أخرجك ربك من بيتك بالحق نصرة ربانية في القتال اصلاحات حربية بين المسلمين المتحاربين طاعات وانفاقات في سبيل الله الأشهر الحرم في قتال وسواه بشارة لغلب الكتابين على المشركين بشارة النصر القتال المكتوب على المؤمنين فتح الفتوح

المجلد السادس عشر

المقدمة

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم


صفحه قبل

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 136

بعيدين عن‏ «نِعْمَتَ اللَّهِ» فلذلك‏ «جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها» إيقاداً لها لأنهم ائمة الكفر «وَ بِئْسَ الْقَرارُ» .

أترى ائمة الكفر كانوا مؤمنين ثم بدلوه كفراً، و هم ما آمنوا من ذى قبل حتى يبدلوه كفراً، اللهم إلَّابعضاً منهم بإيمان النفاق و ليس إيماناً؟.

هذه الآية على غرار آية البقرة «اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‏» قد تعني- فيما عنت- الايمان الكامن في فِطَرهم، المصدَّق بعقولهم، الكائن بآياته الآفاقية و الأ نفسية بمحضرهم، فهم بدلوه كفراً تعامياً عنه و تناكراً له و تغافلًا: «وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» (2: 211) «وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ» (2: 108)، و النعم الآفاقية من رسل و بينات هي ايضاً مما تبدَّل كفراً.

ف «نِعْمَتَ اللَّهِ» تعم الأنفسية فطرية و عقلية و ايمانية، و تبديل الأخيرة بالإرتداد، و آفاقية و هي كل النعم المنفصلة المفصلة في الكائنات، و كلُّ هذه النعم تتمحور توحيداً للَّه فإنه نعمت اللَّه الوحيدة غير الوهيدة، المحلِّقة دلالياً و مدلولياً على كافة الآيات الآفاقية و الأنفسية. ثم إن نعمت اللَّه و لا سيما الإيمان تتطلب شكراً، ولكنهم لم يشكروا، بل و بدلوه كفراً، فلو أنهم لم يكفروا، أم كفروا و لم يحلوا قومهم دار البوار، لم يكن لهم صلي جهنم و بئس القرار، مهما دخلوها على هوامش من هم صالوا النار.

و لان البوار هو فرط الكساد لحد الفساد، كما يقال كسد حتى فسد، فدار البوار لهم تشمل الآخرة و الأولي فقد أحلوهم بداية دار البوار الدنيا، إذ حملوهم على الإخلاد إلي الارض و اتباع الهوى و فُرُط الأمر، و من جرّاءها دار البوار الأخرى، بوار أبور من الأولي حيث «يأتيه الموت من كل مكان و ما هو بميت».

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 137

2 حتى نعلم من اللَّه هي العَلم: العلامة لا العِلم المعرفة

«وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» (47: 31).

سنة حتمية تربوية إلهية هي بلوى المؤمنين، إمتحاناً دون امتهان، إختباراً لبؤسهم في معتركات البلايا و الرزايا في سبيل اللَّه: «حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ» و من ثم إختباراً لا عمالهم التي تخبر عن نفوسهم كإذاعات خارجية: «وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» .

و «نعلم هنا كما في نظائرها «1» هي من العَلم: العلامة، لا العِلم المعرفة، فاللَّه لا تخفى عليه خافية، فإنه عليم بما في الصدور قبل أن تصدرها كأخبار، إنه يعلم السر و أخفى، فكيف تخفى عليه السريرة و ما دونها فيبلوهم لكي يعلم! و إنما هو علَمٌ: أن يجعل بالبلوى: جهاداً و سواه- علامة على النفوس المجاهدة الصابرة المثابرة، بما تجاهد و تصبر و تصابر، و علامة الأخبار الأفعال، فإنها علامات النفوس، فيعرفها الكيِّسون من حق القول و حق الفعل، كما يعرف المنافقون من لحن القول و لحن الفعل، و كما يناسب دار الإبتلاء.

هذا: دون العلم عن الجهل و حاشاه، فإنه هراء! و دون العلم الفعلي أم ماذا فإنه تكلف و تعسف و كلام اللَّه واللَّه منه براء، لانه بيان للناس و هدى و نور، و هو حمال ذو وجوه، فاحملوه على أحسن الوجوه: ف (حتى نعلم): نجعل علامة ل (المجاهدين منكم و الصابرين) و منها أخباركم: الأعمال الجهادية الصابرة التي تخبر عن طيبة نفوسكم: (و نبلو اخباركم):

حتى نعلم .. و حتى نبلوا اخباركم، «2» فبلوى المؤمنين ذريعة لعلامة الإيمان، و لبلوى أخبار

(1). نجدها في أحد عشر موضعاً في القرآن، لم تأت في أحدها موجهاً على مفعولين، و العلم يتعلق دائماً بمفعولين، فليس إلا عَلما- من علَم يعلم عَلماً و علامة- لا علِم يعلم عِلماً، يدل على ذلك وحدة المفعول و أدلة الآيات و العقول، رغم انه لم يذهب اليه أحد فيما أعلم، فكم ترك الأول للآخر!. (الفرقان- م 9)

(2). ف «نَبْلُوَا» مفتوحة بالعطف على المجاهدين، فهما اذاً مقصودان في‏ «حَتَّى نَعْلَمَ» فالعلامة هنا منها خفية هي علامةالايمان في القلب، و منها ظاهرة هي علامة أخبار الجهاد و الصبر، فبلوى هذه الاخبار هي من‏ «نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ ..» وكلى تظهر علامة الايمان الخفي، بمن يعلم السر و أخفى‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 138

الإيمان، فلا تظهر أخبار الإيمان إلا في تقلب الأحوال، و عند تقلب الأحوال تعرف جواهر الرجال، و عند الإمتحان يكرم المرء أو يهن، فلان الإبتلاء بالبأساء و الضرّاء، و بالسعة و النعماء، إنها تكشف عما هو مخبوء في معادن النفوس، مجهول لسائر النفوس، بل و لأصحابها أيضاً، فإن حب الشي‏ء يعمي و يصم، و من ثم تتكشف لها ما خفي عنها انفسها و قبل أن تظهر أخبارها كما تتكشف لغيرها بعد أن تبلى أخبارها، فكل بلوى تخلف عَلمين: علامتين، واحدة سراً لذوات الصدور، و اخرى جهراً لسائر الناس: (حتى نعلم .. و نبلو اخباركم)!.

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى‏ بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ» (5: 94).

هنا «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» دون خصوص الحُرُم، و «بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّيْدِ» دون تقيد بصيد الحرم، قد تدل على الحظر عن الصيد كأصل، فأصله محظور و الإعتداء فيه أشد حظراً حيث‏ «فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ» .

فحين تنال الصيد الأيدي و الرماح بسهولة فهنا الإبتلاء، فليس لغير المحتاج إليه أن يناله على وفره، و ليس للمحتاج أن يناله أكثر من سؤله‏ «1» كما و ليس للحُرُم نيلٌ منه على أية حال، فطالما البلوى بالصيد الوفير لغير الحُرُم غير خطير، فهي للحُرُم خطير خطير. «2»

وطالما صيد اللهو- حيث لا يعنى إلَّاإياه- حرام على أية حال، فمطلق صيد البر حرام على الحرم على أية حال مهما كان لحاجة، و هذه الآية تبيِّن حرمة الصيد كأصل ثم التالية تغلظ حرمته و أنتم حرم.

(1). نور الثقلين 1: 671 في الكافي على بن ابراهيم عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي قال سألت اباعبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه سبحانه و تعالي: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ» قال: حشر عليهم الصيد في كل مكان حتى دنا منهم ليبلوهم اللَّه به‏

(2). المصدر عن ابي عبداللَّه عليه السلام في الآية قال: حشرت لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله في عمرة الحديبية الوحوش حتى نالتها ايديهم و رماحهم‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 139

و هنا مواصفة «الصَّيْدِ» ب «تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ» دليل اختصاصه بصيد البر، و كما في آيات عدة.

ذلك‏ «لِيَعْلَمَ اللَّهُ» عَلْماً منه علامة عليكم لا عِلماً: معرفة «مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ» الطليق بذاته، فإنه حاضر بآياته، و «بِالْغَيْبِ» عن الناس ولكنه ليس إلَّافي صيد بالغيب.

«فَمَنِ اعْتَدى‏ بَعْدَ ذلِكَ» البلاء أن يصيد دون مبرر أو ان يعتدي في الصيد المحظور «فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ» و لا سيما فيما يصيد تلاعباً بحياة الصيد دونما حاجة إليه فانه ظلم خالص.

و هنا «بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّيْدِ» تعم إلي قسم من نوع الصيد و هو البرِّي، قسماً من أي صيد بري كالفروخ و البيض حيث تناله الأيدي على أية حال.

وقد يلمح ذلك التهديد الشديد ببلوى الصيد أنه كان في السنة محرماً كأصل، و إلَّافلا دور للتهديد عن الصيد و لما يأت النهي عنه، و هكذا تتأيد الروايات النهاية عن صيد اللهو، فقد امتحن اللَّه هذه الأمة بصيد البر و لا سيما و هم حُرُم، كما إمتحن بني اسرائيل بصيد البحر «إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ» (7: 163).

اللَّه‏هو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده‏

«وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَ يَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى‏ أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» (6: 60):

التوفي هو الأخذ وافياً، إما للروح كله و هو توفِّي الموت، أم للروح الإنساني، و الحيواني و النباتى باقيتان في البدن و هو توفي النوم، فالنوم- إذاً- أخ الموت، و إما توفي الروح و الجسم دون افصال بينهما و هو الأخذ وافياً عن مكان إلي آخر كما في توفي السيد المسيح عليه السلام.

و في توفي النوم آيتان اخراهما: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 140

فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى‏ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرى‏ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (39: 42) «1» .

وهنا «يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ» مسايرة مع أغلبية المنام و هي في الليل، و أنه أصلح من نوم النهار كما هو المستفاد من آيات المنام.

و الر وح المتوفَّى في المنام هو الروح الإنساني دو استئصال للحياة بأسرها و كما يروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «مع كل إنسان ملك إذا نام يأخد نفسه فإن أذن اللَّه في قبض روحه و إلَّا ردَّ إليه» فذلك قوله: «يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ» «2» ، فالنفس هي النفس الإنسانية و الروح هو الحيواني، و هو يجاوب آية الزمر «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ» و في‏ «يَتَوَفَّاكُمْ» لمحة باهرة لأن أصل الإنسان هو النفس الإنسانية، دون الروح الحيواني فضلًا عن البدن، فإن «كم» خطاب لنا إنسانياً، و النفس الإنسانية هي المتوفاة بكاملها حين النوم كما الموت و الفارق بينهما الروح الحيواني الباقي في النوم و الذاهب مع النفس في الموت.

فحين يطلق الإنسان على مثلث كيانه نفساً و روحاً و جسماً، فإنما المحور فيه النفس و الآخران على هامشهما.

و الواو في‏ «يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَ يَعْلَمُ» حاليّة تعني: يتوفاكم حال أنه يعلم ما جرحتم بالنهار.

وترى‏ «جَرَحْتُمْ» تعني عملتم؟ و عبارتها الصالحة الفاصحة: عملتم- أو- كسبتم! و لم يأت الجرح في سائر القرآن لطليق العلم صالحاً و طالحاً، انما هو العمل الطالح حيث يجرح كيان الإنسان، و يجرح كيان العبودية، و يجرح الحياة بأسرها- بالنتيجة- في النشأتين‏ «3» .

و ليس‏ «جَرَحْتُمْ» تعني: عملتم بالجارجة، حيث الجرح بالنهار تعم عمل الجارحة إلي عمل الجانحة قبل الجارحة، و لم تسم الأعضاء جوارح إلَّالأنها الظاهرة في جرحها، لا أنها هي الجوارح دون سواها، أو أنها هي العاملة صالحة و طالحة دون سواها، فإنما الجارحة هي‏

(1). راجع للإطلاع على فصل القول حول النوم و الموت إلي الزمر: 344 من الفرقان‏

(2). الدر المنثور 3: 15- اخرج ابو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ..

(3). و الآية في الجرح هي‏ «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ...» (45: 21) «وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ» (5: 45) «وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ» (5: 4)

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 141

التي تجرح باطنية أم ظاهرية، فلا تشمل- في الأصل- الصالحات.

و من ثم فموقف الآية هو موقف التنديد بجوارح الأعمال و الأحوال و الأقوال، والعظة بذلك التمثيل الأمثل للنوم بالموت لكي يتحلل الإنسان غن غفلته و غفوته فلا يعود يعمل الجوارح بالنهار.

ثم‏ «ما جَرَحْتُمْ» تعني كلا الموصولة و الموصوفة، فهو يعلم جرحكم بالنها و يعلم ما جرحتموه، و مما يؤيد الاحتمالين إضافةً إلي تحمل‏ «ما» إياهما عدم ذكر لضمير الموصول، فلا يتمحض في الموصولية بل و معها الموصوفية.

وها هي وفاة النوم حين يأخذنا النعاس، وفاة في صورة من صورها، و سيرة من سيرها، إنقطاعاً عن الحيوية العقلية و الإرادية و الحسية، اللهم إلّانمواً كالنبات و حركات حيوية حيوانية بلا إرادة حالة السبات، و الإنسان فيها على أقرب مشارف الموت، لا يستطيع الرجوع إلي حياة اليقظة إلَّاببعث رباني كما توفىَّ: «ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى‏ أَجَلٌ مُسَمًّى» بعثاً عن حدث النوم كما البعث عن جَدَثِ الموت، و اين بعث من بعث؟.

فهنا بعث‏ «لِيُقْضى‏ أَجَلٌ مُسَمًّى» في مدرسة الحياة الدنيا، و هناك بعث‏ «لِتُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى‏» .

وترى ما هو هنا «أَجَلٌ مُسَمًّى» ؟ هل هو المحتوم؟ و كثير من الآجال معلَّقة تحصل قبل المحتوم! أم و المعلق؟ و ليس هو من المسمَّى!.

قد يعني‏ «أَجَلٌ مُسَمًّى» كليهما، مسمّىً محتوماً كأصل، و مسمَّى معلقاً على هامشه، مهما كان المسمى المحتوم أسمى و أفسح لمجال الإمتحان بالتكليف.

فليس الأجل المسمى- فقط- هو المقضي، بل و المعلَّق كذلك من المقضي مهما اختلف قضاءٌ عن قضاءٍ ف «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى‏ أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ..» (6: 2) فالقصد هنا من‏ «أَجَلٌ مُسَمًّى» هو الأجل المقضي محتوماً و معلقاً، «ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ» بعد قضاء الأجل، مرجع في مثلث المراحل، برزخاً و حساباً و نتيجة.

«وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏2، ص: 142

رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ» (6: 61):

وترى‏ «عِبادِهِ» هنا تعني خصوص المكلفين؟ ف «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً» (19: 93) قد تختصهم بهم، كما و كل الآيات التي تحمل «عبد» بكل صِيَغها تعنيهم.

وكلمة العبودية تعم كافة الكائنات، ف «إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» (17: 44) و ذلك التسبيح أياً كان هو عبادة مهما كانت بأدنى إدراك و شعور، ثم الحفظ الرباني يعم كل شي‏ء: «إِنَّ رَبِّي عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ حَفِيظٌ» (11: 57)، مهما كان المحور الأصيل في الحفظ العقلاء من عباده، كما «لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ» (13: 11).

و حفظ اللَّه تعالي بين رحماني يعم كل شي‏ء كما في آية هود و أضرابها، و رحيمي يخص الصالحين، و هو بين حفظ للإيمان قدر القابلية و الفاعلية، و حفظ للعصمة الربانية على درجاتها، و من الرحيمي حفظ الأعمال ليوم الحساب‏ «وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ» (82: 11).

و هنا «عَلَيْكُمْ» حفظ رباني رحماني يعم كل عباد اللَّه، و رحيمي حفظاً للأعمال: «حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ» بأمر اللَّه، فليس اللَّه- إذاً- حفيظاً عما يريده من اجل مسمّىً‏ «تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا» في دائرة توفّي الأموات التي يرأسها ملك الموت‏ «وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ» تقصيراً في كمية الإماتة و كيفيتها، فإنهم ماضون بإمر اللَّه دون تمييز بين الذين جاءهم الموت.

وترى‏ «وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً» ضامنة تامة للحفاظ علينا فلا علينا أن نحافظ على أنفسنا مما يصطدمنا في حياتنا و حيويّاتنا؟

صفحه بعد