کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم

الجزء الاول

المقدمه «سوره الفاتحة -/ مكية -/ و آياتها سبع»

الجزء الثانى

المقدمة الفقراء أنتم الى الله الله هو الخالق الفاطر البديع 1 الله خالق كل شى‏ء 2 اختصاصات ربانية في علمه تعالي و قدرته 3 العلم الطليق لزام الخالقية الطليقة 4 علم الغيب المطلق المطبق خاص بالله 1 مفاتح الغيب خاصه بالله 3 فحتى الرسول محمد صلى الله عليه و آله لا يعلم الغيب الرباني إلا بوحي رسالي فحسب 3 كلمة الله و كلمة الشيطان؟؟ 2 حتى نعلم من الله هي العلم: العلامة لا العلم المعرفة الله‏هو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده اختصاصات ربانية النظر الى الرب هو نظر القلب معرفيا و انتظار رحمته 2 سئوال عضال من اهل الكتاب«أرنا الله جهرة» 3 ماذا يعنى رب ارنى انظر اليك؟ 4 ما هو المعنى من و لقدرآه نزلة اخرى 5 معنى الاضلال الربانى و هدايته 1 معنى الاضلال الربانى في سورة محمد 2 معنى الاضلال الربانى 3 معنى الهداية و الاضلال من الله؟ الله تعالى هل يأمر بالفسق و الضلالة!؟! لاجبر و لا تفويض بل امر بين الامرين فاين تذهبون؟ انما الحساب على الله كما الاياب الى الله كتاب المحو و الاثبات الرباني من متشابهات القرآن مجى‏ء الله يوم الآخرة؟ الروح من امر الله و خلقه دون ذاتة الاعمال التكليفته مختارة دون اضطرار القاءات شيطانية في امنيات الرسل؟ اختيارات تكليفية باختبارات 1 اختيارات 2 التفكر آفاقيا و انفسيا ليس الله ظالما و لا ضلاما بل هر عادل مقسط 1

المجلد السابع

المقدمة

القواعد الاربع لعرش الخلافة الاسلامية للامام امير المؤمنين عليه السلام القاعدة الاولى لعرش الخلافة:

القاعدة الأولى لعرش الخلافة: علي ولد مسلما القاعدة الثانية لعرش الخلافة: قاعدة الاخوة:
اهل بيت العصمة المحمدية في سورة الدهر ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة عليهم السلام سفينة نوح والبشارة المحمدية على أنقاضها: ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة في كتاب ادريس النبي صلى الله عليه و آله محمد صلى الله عليه و آله وخلفاءه المعصومون هم الاسماءالتي علم آدم عليه السلام أئمة أهل البيت عليهم السلام هم من اصدق الصادقين الائمة من آل الرسول صلى الله عليه و آله هم اصدق الصديقين محمد صلى الله عليه و آله هو المنذر وعلى وعترته المعصومون هم لكل‏قوم هادون مثل نوره... في بيوت هي بيوت ائمة اهل البيت هي من افاضل البيوت التى اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه رجال الاعراف هم اعرف رجالات العصمة خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله هم ورثة الكتاب

المجلد الخامس عشر

المقدمة الدعوة الى الله‏الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تمكين و امكانية عليكم انفسكم ثم انفس الآخرين ليس الا من الضرر من شروط الأمر والنهي‏الا في الا هم منهما الناسي نفسه لا يدعوا غيره الا بعد اصلاح نفسه فيما يدعوا واجب التناهي عن المنكر لفاعلي المنكر إنهاء و انتهاء مسارعة في الاثم بديل التناهي عن المنكر لا يامر و لا ينهى الا العامل او المتعامل وجوبهما كفائيا على الصالحين الدعاة الى الله العاملون الصالحات‏هم أحسن قولا ممن سواهم اخذا بالعفو و اعراضا عن الجاهلين قولة منافقة نهى عن المعروف و امر بالمنكر و قولة مؤمنة امر بالمعروف و نهى عن المنكر مرحلة اخيرة في الامر والنهي الدفاع/ الجهاد/ القتال‏فى سبيل الله عند المكنة اعدادات حربية وسواهامن قوة نفسية، سياسية، عقيدية، علمية، نفاقية تحريض رباني على قتال مكافح عددا وعددا المجاهدون يقتلون ويقتلون و هم منتصرون فيهما الحرب سبحال‏وليس ضمانا الغلب للمسلمين الا غلبا ايمانا المقتولون في سبيل الله‏أحياءبحياة خاصة عند ربهم لن يصيبنا الا ما كتب لنا قاتلين او مقتولين قتال قبال قتال دون اعتداء كلام فيه ختام حول الجهاد الإسلامي. معاهدات حربية تخلف عن قيادة القوات المسلمةو نفر جماعي للقتال على تفقه في الدين اذا رجعوا في استنفار عام إنفروا خفافا وثقالا وعلى أية حال كلام حول العصمة: المهاجرون في سبيل الله في مراغمات .. بما ظلموا واخرجوا من ديارهم عاقبوا بمثل ما عاقبوا به.. ثم قتلوا او ماتوا للمجاهدين علامات لنهديهم سبلنا إنما من جاهد يجاهد لنفسه جاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه و آله اقعدوا لهم كل مرصد قاتلوا الذين يقاتلونكم قاتلوا في سبيل الله والمستضعفين.. إذا ضربتهم في سبيل الله فتبينوا... تكتية حربية«لا تتخذوا بطانة من دونكم» تكتيكة حربية فرض القتال في سبيل الله وأخذ الحذر فيه المنافقون مركسون بما كسبوا مهاجرة للرسول(ص) أخرجك ربك من بيتك بالحق نصرة ربانية في القتال اصلاحات حربية بين المسلمين المتحاربين طاعات وانفاقات في سبيل الله الأشهر الحرم في قتال وسواه بشارة لغلب الكتابين على المشركين بشارة النصر القتال المكتوب على المؤمنين فتح الفتوح

المجلد السادس عشر

المقدمة

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم


صفحه قبل

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 429

مهما بلغ من القوة والعبقرية أن يكون مستغنياً في الحياة عن سواه، مستقلًا فيها، اللّهم الا مستِغلًا ومستَغلًا تكافئاً في مختلف الحاجيات الحيوية.

هذا ولكن الدفع هنا معدَّىً ب «الى» المقدرة، وفي الأولين ب «عن»: دفعاً عن المحاظير، او دفعاً إلى المصلح، الجامعان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهما شمل النهي إخفاق أثر المنكر بواقع المعروف من الصالحين كما في ثاني المحتملين الأولين.

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ «1»

الصلة البارزة بين هذه الآية وما قبلها قد تكون ب‏ «وَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» إذ قد تخيِّل أن الرسل على سواء في فضائل الرسالة وأنت منهم، ولكنه لا، بل: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ ..» في الفضائل الذاتية علمية وروحية معرفية، وفي الفضائل الدعائية وما حُمِّلوه من شرعة اللَّه، فليسوا هم على سواء لأنهم ككل رسل اللَّه، بل فيهم تفاضل كما في سائر الناس، وكل ذلك بما فضل اللَّه، تفضيلًا فضيلًا بحكمة بارعة ربانية دونما فوضى جزاف، ف:

«تِلْكَ» البعيدون عن الآفاق البشرية في كل الأبعاد الروحية والعملية بسناد وحي العصمة عصمة الوحي.

«تِلْكَ الرُّسُلُ» كل الرسل، تحليفاً على كافة رجالات الرسالات.

فرض القتال في سبيل اللَّه وأخذ الحذر فيه‏

هنا آيات منواصلة في فرض القتال في سبيل اللَّه، بعرض الحالة التي كان عليها

(1). سورة البقرة 2: 253

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 430

المسلمون وقتَ نزولها، تحريضاً عريضاً على الصمود في خطوط النار ضد المحاربين في سبيل الطاغوت، وقضاءً على شطحات الأقوال المتسربة بين المؤمنين.

وإنها توحي بوجود جماعات منوَّعة داخل الصفوف لم تنضج بعدُ أم لم تؤمن أو لمّا، وهي في حاجة ماسة إلى حالة متراصّة لتنهض بالمهمة الملقاة على عواتق الجماعة المؤمنة، خوضاً في معرك الشرف والكرامة عقائدية أو عسكرية أماهيه؟.

وهكذا يخوض القرآن كل المعارك مع الضعف البشري ومع رواسب الجاهلية والمعسكرات المعادية في وقت واحد، حيث يلتقط أناساً من سفح الجاهلية إلى القمم العالية الإيمانية.

ذلك، ولكي لا نيأس نحن من أنفسنا حين نطَّلع على مواضع الضعف فنترك العلاج، وكيلا تبقى الجماعة المؤمنة الأولى على كل فضائلها مجردَ حُلُم طائر في خيالنا، لا مطمع لنا في محاولة السير على خطاها، من الفسح الهابط في المرتقي الصاعد إلى القمة السامقة المرقومة علينا في الذكر الحكيم.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً «1»

وصية من القيادة العليا الربانية للذين آمنوا في حياتهم الإيمانية السامية أن يأخذوا حذرهم من الذين كفروا، نفراً ثباتٍ أو جميعاً، وإنها إستراتيجية للمعركة عالية المبنى غالية المعنى لا حِوَل عنها في الحياة الإيمانية وِجاه كل العراقيل والدوائر المتربصة بهم.

«خُذُوا حِذْرَكُمْ» ممن؟ من كل الأعداء، النتجاهرين منهم والمنافقين المندسِّين في صفوفكم، وهم أخطر وأشجى على ساحة الإيمان، ولا يختص الحذر بالأسلحة وكما قوبل بها «وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ» . «2» أو أطلق في كل فتنة «احْذَرْهُمْ أَنْ‏

(1). سورة النساء 4، 71

(2)). سورة النساء 4: 102

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 431

يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ» . «1» «يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ» . «2» فتنة تفتن بكم عن طاعة اللَّه وطاعة الرسول: «وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ احْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى‏ رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ» . «3»

وليس أخذ الحذر أياً كان ومن أيٍّ كان تصوراً خاوياً عن الواقع، إنما هو عمل حادٌّ يجعل المؤمنين في أمنٍ مما يخاف منه، ومنه‏ «فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً 9.

ففي فردية النفر متصيَّد الأعداء المثوبين في كل مكان، ولا سيما إذا كانوا منبثين في قلب المعسكر الإسلامي، فليكن النفر إلى الجهاد إما ثُبَات وإما جميعاً.

والثبات جمع ثُبة: مجموعة، فانفروا مجموعات تلو بعض في مختلف الوجهات للمعركة، او انفروا جميعاً لهجمة واحدة على الأعداء، والأمر في كلا الأمرين إلى أولي في الأمر في القيادة العسكرية، إذاً فلا يستهان بالعدو أياً كان، وإنما يتحذر بكل وسائله، تهيئاً لدفع أسوء المحتملات، كما «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ» .

وقد تعني‏ «ثُباتٍ» السرايا و «جَمِيعاً» العسكر «4» ولكن‏ «حِذْرَكُمْ» لا تختص بالأسلحة «5» إلا كمصداق من مصاديق الحذر الشاملة لكل التكتيكات الحربية، ومنها ما هو أهم من الأسلحة، كصامد الإيمان ومعرفة الإستراتيجية الحربية، والوحدة الكاملة الشاملة بين العسكر، والسمع والطاعة لقوَّاد القوات المسلحة.

(1)). سورة المآئدة 5: 49

(2)). سورة المنافقون 63: 4

(3). سورة المآئدة 5: 92

(4)). نور الثقلين 1: 516 عن المجمع روي عن أبي جعفر عليهما السلام أن المراد بالثبات السرايا وبالجميع‏العسكر

(5)). المصدر عنه المجمع في قوله تعالى حذو حذركم قيل فيه قولان الى قوله: والثاني أن‏معناه خذوا أسلحتكم، سمي الأسلحة حذراً لأنها الآلة التي بها يتقى الحذر وهو المروي عن أبي جعفر عليهما السلام‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 432

فالحِذر هو كل ما فبه الحَذَر، وأخذه هو واقه الحضور بكل وسائله في كل المحاذر والمحاظر، فلأن الإيمان على طول خطه هو متربَّص الدوائر من فِرَق اللّاايمان، فليأخذ المؤمنون حذرهم وكل أسلحتهم وِجاه كافة المحاولات الكافرة في كل حقول المعارضات والمعاركات، حربية أو عقيدية أو سياسية أو ثقافية أو اقتصادية أماهيه، وبكل سلاح ينايسبه.

ذلك وليس النفر ثبات أو جمعاً تخيراً طليقاً في كل الحروب، وإنما هما حسب مختلف الظروف والمتطلبات، فإذا كانت الأعداء كثرة كثيرة وقائد كل القوات يستنهض المؤمنين فهنا «انْفِرُوا جَمِيعاً» لا سيما إذا كان القائد هو الرسول صلى الله عليه و آله.

وإذا كانت الأعداء قلة تكفي بأسهم‏ «ثُباتٍ» فثبات، فالنفر إذاً مقدر عِدة وعُدَّة وكيفية بقدر العدوِّ والعداء، لا ناقصاً عنه ولا زائداً عليه، إلا قدر القادر على الذبِّ والدفع، خفافاً وجاه الخفاف وثقالًا وجاه الثقال ويجمعهما مكافحة غالبية على الأعداء: «انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ» . «1»

وأخذ الحذر يعم الأخذ لحاضر الحذر غير المأخوذ بعد، وغائبه أو عادمه، فعلى المؤمنين المدائبة في إعداد القوات المكافحة قبيلَ الكفر المعادي على أية حال.

ثم و «حِذْرَكُمْ» خطاباً للمؤمنين تعم كل حذر هو قضية الإيمان والحفاظ عليه، وذلك حكم عام موجه إلى المؤمنين أن عليهم تقديم كافة المحاولات للحفاظ على كونهم وعلى كيانهم فرادى وجماعات، دون اتكالية على اللَّه بلا سعي وعمل جاد «وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏» وليس «المقدر كائن» إلّا على قدر الأقدار الخَليقة، وإلا لبطلت كل المساعي المأمور بها، المدعوَّ إليها، وبطل التكليف بأسره.

وهل المؤمنون هناك أو هنا ككل آخذون حذرهم في نفْرهم ثباتٍ أو جميعاً كلّا!:

وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً 72 وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي‏

(1). سورة التوبة 9: 41

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 433

كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً «1»

التبطيى‏ء هي كثرة الإبطاء المتواتر لأنفسهم وسواهم، فهناك تبطيي‏ءٌ عن أخذ الحِذر والنفْر ثباتٍ جميعاً حذَر الموت في المعركة، ورغم النفر العام إليها، وهنا التبطيى‏ء دون البُطى‏ءِ لتشمل بطوء المتثاقلين إلى الأرض عن أرض المعركة- أنفسهم، والذين يُبطِّئون مَن سواهم كما هم يَبطَئون.

«لَيُبَطِّئَنَّ» صيغة مختارة سائغة لأداء معناها بكامله، جامعة جَرَس اللفظ إلى جرس المعنى، تصويراً لحركة نفسية معاكسة على القتال في سبيل اللَّه، تعثُّراً وتثاقلًا من المخذلين المثبطِّين عن القتال، ولا فحسب أنفسهم، بل وأنفس الآخرين المتثبطين بهم، الماشين معهم.

وهنا التأكيدات الأربع: «وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ» هي القواعد الأربع لصرح تثبيطهم عن القتال، مما يقربها إلى كتلة النفاق العارم.

إنهم يبطئون متلكئين ولا يصارحون، ليمسكوا العصا من وسطها، جلباً للربح وبعداً عن الخسارة، وهم لا يختجلون من مقالتهم هذه القالة: «قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً» حيث يحسبون هذه النجاة مع التخلف نعمة منسوبة إلى اللَّه حيث تخلفوا عن أمره، ويْكأن اللَّه ينعم على المتخلفين وينقم على المطيعين!.

وليس شمول خطاب الإيمان للمبطئين إلّا مسايرة معهم ومجاراة، أم إنهم أو منهم مَن هم ضعفاء الإيمان، مهما كان منهم منافقون.

وهؤلاء المبطئون ناظرون مصير النافرين‏ «فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ» القتل أو الجرح أو الإنهزام‏ «قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ» في ذلك التبطيى‏ء وكأنه من اللَّه رغم أنه تخلُّف عن حكم اللَّه‏ «إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً» للمعركة، إذ كانت تصيبني كما أصابهم.

«وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ» إنتصاراً في المعركة وغنائم أماهيه‏ «لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ» في المعركة «فَأَفُوزَ» كما فازوا «فَوْزاً

(1). سورة النساء 72 73

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 434

عَظِيماً» عناية إلى الغنيمة والإياب دون النصرة، معاكسة لبغية المؤمنين الذين يرون النصرة فوزهم العظيم، ومن ثم القتل دونه وهما الحسنيان المطلوبتان لهم.

وترى معترضة الجملة «كَأَنْ لَمْ تَكُنْ» كيف وقعت في الأهون موقعاً وهو موقع الفوز، بتحسُّر عدم الحضور له، وموقع المصيبة أوقع وقعاً عليهم بقولهم؟.

علُّها لتشمل الموقع الأول وبأحرى، فلو وقعت فيه لم تكن لتشمل الثاني، فكلا القولتين القالتين غائلة مائلة عن حق الإيمان، فإنها يعاكسان قضية أخوة الإيمان مهما اختلفت دركاتهما.

فقضية الأخوة الإيمانية هنا أن الفائز من المؤمنين بفوز عظيم يعتبر فوزه فوزاً لسائر إخوته المؤمنين، كما أن مصيبتهم مصيبة، فهذه القالة المنافقة تدل على أن‏ «لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ» ؟ وليست‏ «كَأَنْ» إلا مجاراة معهم لتجذبهم إلى قضية الإيمان.

فكيف بالإمكان أن يسمح الإيمان بهذه الخاطرة الخطرة المقلوبة أن تعتبر المصيبة على الاخوة في الإيمان نعمة إذا لم تصبه، والفوز بالغنيمة فضلًا وفوزاً عظيماً؟.

وإن هذه مصيبة عليهم دونهم نعمة عند الذين لا يتعاملون مع اللَّه ولا يدركون حق الحياة ولا يتطلعون إلى آفاق أعلى من مواطى‏ء الأقدام في هذه الأدنى، ولا يحسبون أن البلاء في سبيل اللَّه فضل كسائر النعماء.

فهم أولاء المبطئون عن معارك الشرف والكرامة ينظرون اليها نظرة عشواء عوراء، أنها بين مصيبة وفوز، وهي تحمل إحدى الحسنيين وكلتا هما فوز عظيم وفضل من اللَّه، وذلك هو الأفق السامق الذي يريده اللَّه للمؤمنين أن يرفعهم إليه، راسماً لهم هذه الصورة المنفرة من سيرة نَخرة نَكِرة للمندسَّن في صفوفهم من المبطئين، ليأخذوا منهم حذرهم كما يأخذونه من أعدائهم الجاهرين.

ولأم المودة الإيمانية توحِّد بين المؤمنين لحد كأنهم شخص واحد، فالقول‏ «يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ» يجعلهم‏ «كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ» فلهم التحسر والترح في إصابة الفضل، والفرح في إصابة مصيبة، وكلا هما فضل وهذه مجانبة وتفارُق دون آية

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 435

مودة، وقضية الإيمان الفرح الف مؤمنين والترح لترحهم لأنهم كأطراف شخص واحد، يحكمهم روح واحدة في أبدان عدة.

وهذه من شيمة النفاق مهما حصلت لضعفاء الإيمان، المخاطَبين بخطاب الإيمان.

وحقاً

المنافقون مُركسون بما كسبوا

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا «1»

هذه وآيات يعدها تختص‏ «الْمُنافِقِينَ» بفرقة منهم خاصة تجب قتالهم كما الكافرين أو هي أشد، حيث كانوا يؤلِّبون على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ويؤذيني حتى قام خطيباً فقال: «من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني». «2»

(1). سورة النساء 4: 88

(2). الدر المنثور 2: 190 عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خرج الى أحد فرجع ناس خرجوا معه فكان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فيهم فرقتين فرقة تقول نقتلهم وفرقة تقول: لا فأنزل‏ «فَما لَكُمْ ..» فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إنها طيبة تنفي الخبث كما تعني النار خبث الفضة.

وفيه عن ابن معاذ الأنصاري أن هذه الآية نزلت فينا، خطب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الناس فقال: من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني فقام سعد بن معاذ فقال: إن كان منا يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قتلناه وإن كان أخواننا من الخروج أمرتنا فأطعناك فقام سعد بن عبادة فقال: ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ولكن عرفت ما هو منك فقام أسيد بن حضير فقال: إنك يا ابن عباد منافق تحب المنافقين فقام محمد بن مسلم فقال: اسكتوا أيها الناس فإن فينا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهو يأمرنا فننفذ لأمره فأنزل اللَّه‏ «فَما لَكُمْ ..» .

صفحه بعد