کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم

الجزء الاول

المقدمه «سوره الفاتحة -/ مكية -/ و آياتها سبع»

الجزء الثانى

المقدمة الفقراء أنتم الى الله الله هو الخالق الفاطر البديع 1 الله خالق كل شى‏ء 2 اختصاصات ربانية في علمه تعالي و قدرته 3 العلم الطليق لزام الخالقية الطليقة 4 علم الغيب المطلق المطبق خاص بالله 1 مفاتح الغيب خاصه بالله 3 فحتى الرسول محمد صلى الله عليه و آله لا يعلم الغيب الرباني إلا بوحي رسالي فحسب 3 كلمة الله و كلمة الشيطان؟؟ 2 حتى نعلم من الله هي العلم: العلامة لا العلم المعرفة الله‏هو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده اختصاصات ربانية النظر الى الرب هو نظر القلب معرفيا و انتظار رحمته 2 سئوال عضال من اهل الكتاب«أرنا الله جهرة» 3 ماذا يعنى رب ارنى انظر اليك؟ 4 ما هو المعنى من و لقدرآه نزلة اخرى 5 معنى الاضلال الربانى و هدايته 1 معنى الاضلال الربانى في سورة محمد 2 معنى الاضلال الربانى 3 معنى الهداية و الاضلال من الله؟ الله تعالى هل يأمر بالفسق و الضلالة!؟! لاجبر و لا تفويض بل امر بين الامرين فاين تذهبون؟ انما الحساب على الله كما الاياب الى الله كتاب المحو و الاثبات الرباني من متشابهات القرآن مجى‏ء الله يوم الآخرة؟ الروح من امر الله و خلقه دون ذاتة الاعمال التكليفته مختارة دون اضطرار القاءات شيطانية في امنيات الرسل؟ اختيارات تكليفية باختبارات 1 اختيارات 2 التفكر آفاقيا و انفسيا ليس الله ظالما و لا ضلاما بل هر عادل مقسط 1

المجلد السابع

المقدمة

القواعد الاربع لعرش الخلافة الاسلامية للامام امير المؤمنين عليه السلام القاعدة الاولى لعرش الخلافة:

القاعدة الأولى لعرش الخلافة: علي ولد مسلما القاعدة الثانية لعرش الخلافة: قاعدة الاخوة:
اهل بيت العصمة المحمدية في سورة الدهر ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة عليهم السلام سفينة نوح والبشارة المحمدية على أنقاضها: ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة في كتاب ادريس النبي صلى الله عليه و آله محمد صلى الله عليه و آله وخلفاءه المعصومون هم الاسماءالتي علم آدم عليه السلام أئمة أهل البيت عليهم السلام هم من اصدق الصادقين الائمة من آل الرسول صلى الله عليه و آله هم اصدق الصديقين محمد صلى الله عليه و آله هو المنذر وعلى وعترته المعصومون هم لكل‏قوم هادون مثل نوره... في بيوت هي بيوت ائمة اهل البيت هي من افاضل البيوت التى اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه رجال الاعراف هم اعرف رجالات العصمة خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله هم ورثة الكتاب

المجلد الخامس عشر

المقدمة الدعوة الى الله‏الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تمكين و امكانية عليكم انفسكم ثم انفس الآخرين ليس الا من الضرر من شروط الأمر والنهي‏الا في الا هم منهما الناسي نفسه لا يدعوا غيره الا بعد اصلاح نفسه فيما يدعوا واجب التناهي عن المنكر لفاعلي المنكر إنهاء و انتهاء مسارعة في الاثم بديل التناهي عن المنكر لا يامر و لا ينهى الا العامل او المتعامل وجوبهما كفائيا على الصالحين الدعاة الى الله العاملون الصالحات‏هم أحسن قولا ممن سواهم اخذا بالعفو و اعراضا عن الجاهلين قولة منافقة نهى عن المعروف و امر بالمنكر و قولة مؤمنة امر بالمعروف و نهى عن المنكر مرحلة اخيرة في الامر والنهي الدفاع/ الجهاد/ القتال‏فى سبيل الله عند المكنة اعدادات حربية وسواهامن قوة نفسية، سياسية، عقيدية، علمية، نفاقية تحريض رباني على قتال مكافح عددا وعددا المجاهدون يقتلون ويقتلون و هم منتصرون فيهما الحرب سبحال‏وليس ضمانا الغلب للمسلمين الا غلبا ايمانا المقتولون في سبيل الله‏أحياءبحياة خاصة عند ربهم لن يصيبنا الا ما كتب لنا قاتلين او مقتولين قتال قبال قتال دون اعتداء كلام فيه ختام حول الجهاد الإسلامي. معاهدات حربية تخلف عن قيادة القوات المسلمةو نفر جماعي للقتال على تفقه في الدين اذا رجعوا في استنفار عام إنفروا خفافا وثقالا وعلى أية حال كلام حول العصمة: المهاجرون في سبيل الله في مراغمات .. بما ظلموا واخرجوا من ديارهم عاقبوا بمثل ما عاقبوا به.. ثم قتلوا او ماتوا للمجاهدين علامات لنهديهم سبلنا إنما من جاهد يجاهد لنفسه جاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه و آله اقعدوا لهم كل مرصد قاتلوا الذين يقاتلونكم قاتلوا في سبيل الله والمستضعفين.. إذا ضربتهم في سبيل الله فتبينوا... تكتية حربية«لا تتخذوا بطانة من دونكم» تكتيكة حربية فرض القتال في سبيل الله وأخذ الحذر فيه المنافقون مركسون بما كسبوا مهاجرة للرسول(ص) أخرجك ربك من بيتك بالحق نصرة ربانية في القتال اصلاحات حربية بين المسلمين المتحاربين طاعات وانفاقات في سبيل الله الأشهر الحرم في قتال وسواه بشارة لغلب الكتابين على المشركين بشارة النصر القتال المكتوب على المؤمنين فتح الفتوح

المجلد السادس عشر

المقدمة

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم


صفحه قبل

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 469

بها في وجوههم فانهزموا بإذن اللَّه فذلك قوله: «وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى‏» «1» - «.. فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء ..» «2» ، وأما «و ما قتلتموهم» فلأنهم استغلوا عميان العيون بهذه الرمية فاغتالوهم. «3»

ذلك، فحقاً «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى‏» حيث العَدَد والعُدد للمشركين كانا أضعاف ما للمسلمين، فالعدد ثلاثة أضعاف، والخيل مأتا ضعف، والسيوف خمسمائة ضعف، والحالة السابقة للمشركين غَلَبُهُم عليهم حيث أخرجوهم قبل أشهر من العاصمة، ولم يكن من المسلمين إلّا رمية الحصباء من النبي صلى الله عليه و آله بدعاء النصر، فشملهم المؤمنون قتلًا وحصراً وأسراً فبطلت مكيدتهم، وسكنت أجراسهم، وخمدت أنفاسهم، فهم بين قتيل وجريح وأسير وحصير وفرير!:

«فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ..» في بدر، فلماذا إذاً تولي الأدبار!. «4»

ذلك، جبراً لكسرهم في هجرتهم الهاجرة، وإعلاءً لكلمة الحق إحقاقاً لها وإخفافاً

(1)). الدر المنثور 3: 174 أخرج ابن عساكر عن مكحول قال: لما كرّ عليّ وحمزة على شيبة بن‏ربيعة غضب المشركون وقالوا إثنان بواحد فاشتعل القتال فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: وفيه عن حكيم بن حزام قال: لما كان يوم بدر سمعنا صوتاً وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ورمى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بتلك الحصباء وقال: شاهت الوجوه فانهزموا فذلك قوله تعالى‏ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ..»

(2)). المصدر أخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال قال رسول‏اللَّه صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام ناولني قبضة من حصباء فناوله فرمى بها في وجوه القوم .. فنزلت هذه الآية، وأخرجه مثله الحمويني بسنده المتصل عن ابن عباس عنه صلى الله عليه و آله (ملحقات إحقاق الحق 3: 545)

(3). المصدر أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي قالا: لما دنى القوم بعضهم من بعض أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه فدخلت في أعينهم كلهم وأقبل أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقتلونهم وكانت هزيمتهم في رمية رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأنزل اللَّه‏ «وَ ما رَمَيْتَ ..»

(4). في تفسير الفخر الرازي 15: 136 قال مجاهد: اختلفوا في بدر فقال هذا أنا قتلت وقال الآخر أنا قتلت فأنزل اللَّه هذه الآية، وروى أنه لما طلعت قريش قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله هذه قريش قد جاء بخيلاءها وفخرها يكذبون رسولك: اللَّهم إني اسألك ما وعدتني، فنزل جبرئيل وقال: خذ قبضة من تراب فارمهم بها فلما التقى الجمعان قال لعلي عليه السلام أعطني قبضة من التراب من حصباء الوادي فرمى بها في وجوههم وقال: شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه فانهزموا

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 470

للباطل‏ «وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً» تأكيداً لهم أن سيروا وعين اللَّه يرعاكم‏ «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ» مقالهم ومقال أعدائِهم‏ «عَلِيمٌ» بحالهم وحال أعداءهم وما هو الصالح في ذلك المسرح الوطيد.

ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ‏ «1»

«ذلِكُمْ» اللَّه ربكم إن تنصروه ينصركم، و «ذلِكُمْ» الغَلب الخارق لمألوف الحروب هو من بلاءِه الحسن‏ «ذلِكُمْ» فاعتبروا يا أولي الأبصار «وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ» كما أوهنه ب «ذلِكُمْ» الرمية والقتلة.

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ‏ «2»

وهل المخاطَبون هنا هم المشركون حيث استفتح أبو جهلهم بقوله: «اللَّهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي الدينين كان أحب إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم» فقد جاءكم الفتح، حيث قتح عليكم للمؤمنين لأنهم أحب إليه وأرضى عنده.

جاءكم الفتح المرضي عند اللَّه لصالح الأحب إلى اللَّه والأرضى، فجعل الدائرة عليكم تحقيقاً لاستفتاحكم، فعليكم إذاً أن تنتهوا عن غيكم وجهلكم إلى رشدكم إيماناً بهذه الرسالة السامية، «فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» وما أنتم عليه شرٌ لكم.

«وَ إِنْ تَعُودُوا» إلى غيكم ومحاربة المؤمنين‏ «نَعُدْ» إلى نصرهم وهزيمتكم‏ «وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ» عِدَّة وعُدَّة «شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ» كما لم تغن عنكم يوم بدر «وَ أَنَّ اللَّهَ» على أية حال‏ «مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» ما داموا معه، فالمعركة إذاً بين الفريقين غير مكافئة حيث المؤمنون ومعهم اللَّه هم منتصرون دائماً، والكافرون منهزمون كذلك، معركة مقررة المصير، إلا عند تخلف المؤمنين عن المسير، إذاً فمصيرهم مصير من سواهم‏

(1). سورة الأنفال 8: 18

(2). سورة الأنفال 8: 19

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 471

بسجال الحرب.

ذلك، وإلى واجهة أخرى علّها معنية مع الأولى: «إِنْ تَسْتَفْتِحُوا» أنتم المؤمنين فتح الفتوح، رجوعاً إلى العاصمة الرسالية، وكما كانوا يستفتحون منذ الهجرة: «وَ أُخْرى‏ تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» . «1»

«إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ» هنا في بدر، كباردة للفتح المبين وأنتم أذلة وقلة ف «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ» وسوف يأتيكم بأحرى بعد ردح إذا كنتم كما أنتم وبأحرى وأقوى، فقد تشمل‏ «جاءَكُمُ الْفَتْحُ» الفتح المستقبل إلى الماضي قضية تحقق وقوعه بما وعد اللَّه.

ثم تحول الخطاب إلى الفرق الآخر «وَ إِنْ تَنْتَهُوا ...» أم وقد يشمل المؤمنين‏ «إِنْ تَنْتَهُوا» عما لا يليق بالمؤمنين‏ «فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» أو «تَنْتَهُوا» عن استعجال الفتح المبين حيث يأتي اللَّه لكم حتى حين‏ «فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» «وَ إِنْ تَعُودُوا» لهذه الحالة والهالة الإيمانية التي اقتضت غلبكم عليهم‏ «نَعُدْ» إلى نصركم، ولكن إعملوا أنه: «لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ» لولا واقع الإيمان، كما لم تغن يوم أحد حيث تركتم المواقع المقررة لكم طمعاً في الغنيمة، وعلى أية حال‏ «وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» قدر إيمانهم.

وما أجمله جمعاً بين الخطابين بمثنى الإستفتاحين المتعاكسين، ثم‏ «وَ إِنْ تَنْتَهُوا» أنتم المشركين عما أنتم عليه‏ «فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» توبة إلى اللَّه أم تركاً لمحاربة المؤمنين باللَّه، «وَ إِنْ تَعُودُوا» إلى تلك المحاربة «نَعُدْ» إلى ذلك الإستفتاح، واعلم أن‏ «لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ» عِدَّة وعُدَّة عن اللَّه‏ «شَيْئاً» ما دام اللَّه مع المؤمنين‏ «وَ لَوْ كَثُرَتْ» كما كثرت‏ «وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» .

أم‏ «إِنْ تَنْتَهُوا» أنتم المؤمنين عن القتال إستفزازاً للكفار، أم عن الإستفتاح العاجل، أم عما لا يليق بالمؤمنين‏ «فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» «وَ إِنْ تَعُودُوا» إلى صالح الإيمان‏ «نَعُدْ» إلى الفتح لصالح الأمان، واعلموا أنه‏ «لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً» إن كانت لكم‏

(1). سورة الصف 61: 13

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 472

فئة «وَ لَوْ كَثُرَتْ» لو لم يكن اللَّه ناصركم‏ «وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» .

فقد حملت الآية نذارة للكافرين وبشارة للمؤمنين دونما اختصاص في خطابها فريقاً دون آخرين، قضيةَ أدب اللفظ وحَدَب المعنى.

نصرة ربانية في القتال‏

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «1»

هنا وبالتأتي سرد لإعدادات روحية نوماً ويقظة كسبب من أسباب هزيمة العدو العظيمة «إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا» على كثرتهم فانجر إلى رؤيتهم في يقظتك قليلًا «وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً» كما هم كثير «لَفَشِلْتُمْ» في الأمر «وَ لَتَنازَعْتُمْ» في الأمر: أمر الحرب، لتثاقل الأقدام في الإقدام عليها قضيةَ التكتيكة الحربية الظاهرة «وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ» لكم العدو، بما ف «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» .

فحين أراهم اللَّه في منامه قليلًا فهو صلى الله عليه و آله يخبر المؤمنين بما رآه تشجيعاً لهم على الخروج، فلو أراه إياهم كما هم فأخبرهم بما هم لفشلتم فى التصميم ولتازعتم في الصميم ولكن ..

وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ «2»

وهنا قلتان، قلة واقعية لكم في أعينهم لكي يستيهنوكم فلا يبالغوا في الإستعداد للمواجهة روحياً، وفي سائر القوات فيقدموا على نضالكم برخوة واستهانة دون أية جدية ثم وقلة في الرؤية لهم في أعينكم لكي تستهينوهم فتقدُموا على نضالهم دونما تخوف، وقد تعني‏ «يُقَلِّلُكُمْ» تقليل العدد عما هو فهل أقل من واقعه، أم وتقليل العُدد

(1). سورة الأنفال 8: 43

(2). سورة الأنفال 8: 44

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 473

عما هو، فكذلك الأمر «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا» .

وهلّا تناحر بين‏ «يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ» هنا وبين‏ «يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ» . «1» إن كانت تعني بدراً كما عنته الأولى؟ كلّا حيث التقليل هنا «إِذِ الْتَقَيْتُمْ» وهو بداية الإلتقاء، ثم‏ «يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ» بعدها «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا» .

فلقد كان في هذا التدبير الرباني ما حرَّض الفريقين بخوض المعركة، تشجيعاً للمؤمنين بكل قواتهم، وإغراءً للكافرين ألا يستعدوا لجدية قاطعة في المواجهة، فلقوةالروحية والتصميم عليها أثرها العظيم أمام ضعف الروحية والتصميم، ولقد رأى المسلمون الكافرين قليلين في استمرارية المعركة ورآهم الكفار كثيرين‏ «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا» كما قضاه‏ «وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ» ولا سيما هذا الذي قدر وسلم.

ذلك، فليست الغلبة فقط بكثرة العَدد والعُدد، بل وأهم منهما نصر اللَّه، والروحية القوية والتصميم في الصميم على لقاء العدو، وهكذا كان المؤمنون ينتصرون ما كانوا متوكلين على اللَّه، مصممين على تحقيق أمر اللَّه، غير مستكبرين طاقاتهم وإمكانياتهم الحربية، فأما إذا عكسو الأمر كما في حُنين: «إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ» فانهزامة عظيمة، ومن ثم لمّا رجع الأمر إلى موقعه الصالح فغلبة عظيمة، وهكذا يثبتنا اللَّه تعالى في معارك الشرف والكرامة:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ «2»

آيات عدة تأمر المؤمنين برعاية سلبيات وإيجابيات في الحروب‏ «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» وتفلجون أعداءكم:

فهنا «إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً» قضيَةَ الإيمان والمسؤولية الإيمانية حيث ترون لقاء العدو أمراً من اللَّه‏ «فَاثْبُتُوا» قراراً دون فرار، ثباتاً على إمضاء أمر اللَّه، فهو الذي ينصركم كما يشاء «وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً» في هذا اللقاء وسواه‏ «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» فتُفلجون عدوكم إن‏

(1)). سورة آل عمران 3: 13

(2). سورة الأنفال 8: 45

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 474

شاء اللَّه.

وهل الأصل للمؤمنين لقاء العدو، أو العافية التي فيها الأمن والدعة؟ إنه ليس لقاءَ العدو إلا دفاعياً واضطرارياً وكما نسمع الرسول صلى الله عليه و آله يقول: «لا تتمنوا لقاء العدو وايألوا اللَّه العافية فإن لقيتموهم فاثبتوا واذكروا اللَّه كثيراً فإذا جلبوا وصيحوا فعليكم بالصمت». «1»

ولأن ذكر اللَّه يُطمئِن القلوب، والمؤمن في مهاوي الأخطار بحاجة ماسة إلى اطمئنان حتى لا يتزعزع، لذلك افترض اللَّه ذكره عند أشغل ما تكون عند الضراب بالسيوف.

وهل إن‏ «فَاثْبُتُوا» ثابتة على أية حال؟ وآية التحرف لقتال أو التحيز إلى فئة تختصها بغيرها! ولكن الثبات لا ينافيه تولي الدبر لأشخاص من الجيش لإثبات أكثر مما كان، إشخاصاً لقوات إسلامية إلى أرض المعركة بأشخاص كأنهم يولون الدبر وهم في الحق مقبلون إلى حرب هي أقوى لهم وهي على العدو أنكى وأشجى.

وعلى أية حال فالثبات في اللقاء والإكثار من ذكر اللَّه هما من مجالات الإفلاح‏ «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» .

وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏ «2»

هنا بعد الأمر بالثبات عند اللقاء وذكر اللَّه نؤمر بطاعة اللَّه ورسوله، فليكن لقاء العدو بشكليته كأصله بطاعة اللَّه ورسوله، دونما تخلف عن القيادة الحربية رسولية أو

(1). الدر المنثور 3: 189 أخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عبد اللَّه بن عمر قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ...

وفيه أخرج عبد الرزاق عن يحيى بن كثير أن النبي صلى الله عليه و آله قال: لا تتمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم ستبلون بهم وسألوا اللَّه العافية فإذا جاؤكم يبرقون ويرجفون ويصيحون بالأرض الأرض جلوساً ثم قولوا اللَّهم ربنا وربهم نواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت فإذا دنوا منكم فثوروا إليهم واعلموا أن الجنة تحت البارقة

(2). سورة الأنفال 8: 46

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏15، ص: 475

رسالية، حيث الطاعة الصالحة في الحرب هي من أسباب الفلاح‏ «وَ لا تَنازَعُوا» في حرب وسواها، فالتنازع في الحرب تشتت في القوات المسلحة والتصميمات الحربية الصالحة وفشل فيها وذهاب ريح‏ «وَ اصْبِرُوا» على كل حال حفاظاً على أمر اللَّه ولا سيما في الحرب، هضماً لأنفسكم عن أي تشتت، وتبعثر، حيث الوحدة في القتال وهو بأمر اللَّه وقيادة الرسول صلى الله عليه و آله إنها رمز الغلبة والعزة.

ذلك، ولقد خلف التخلف عن أمر قائد القوات المسلحة الرسولية يوم أحد، خلَّف انهزامة عظيمة في وسط المعركة، إذ لم يثبت الرماة على قواعدهم التي قررهم الرسول صلى الله عليه و آله فعصوا اللَّه وعصوا الرسول وتنازعوا في ذلك التخلف فذهبت ريحهم وما صبروا على المسؤولية المقررة لهم.

وهنا «رِيحُكُمْ» هي ريح الإيمان وروُحة ورَوحة، وهي عز الإيمان وسيادته، الريح التي تركم سحاب الرحمة وتمطر على المؤمنين، وتجمع سحاب العذاب والزحمة فتمطر على الكافرين.

وصحيح أن المحور الأصيل هنا لهذه الأوامر والنواهي هو حالة الحرب، ولكنها طليقة على أية حال، فالثبات في إمضاء أمر اللَّه، وذكر اللَّه كثيراً على كل حال، وطاعة اللَّه والرسول في كل حال وترحال، وترك المنازعة بين المؤمنين، والصبر على النوائب في سبيل اللَّه، وترك البطر ورئاء الناس والصد عن سبيل اللَّه، هذه الثمانية أمراً ونهياً عدد أبواب الجنة الثمان هي كلها من مفاتيح الرحمة والرضوان‏ «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» .

وهنا «لا تَنازَعُوا» تحتل القمة الرئيسية بين زملاءها، حيث التنازع والإختلاف بين المؤمنين يفصم طاقاتهم، وتُضعف قواتهم، تجعلهم شذ مذر، مواطى‏ء لأقدام الكفار، ومجالات لإقدامهم على محقهم وسحقهم في كل أقدامهم.

صفحه بعد