کتابخانه تفاسیر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 57
إلَّا إذا تأكد أنه أخذه دون تحرٍّ عن كافر، فإذا احتمل كونه من المذكَّاة حكم بطهارته لأصالة الطهارة، و عدم ذكاته لأصالة عدم التذكية، و القول إن الأصل عدم كونه ميتة حيث حرمت الميتة فلابد من إحرازها، مردود ب «إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ» حيث تفرض إحراز التذكية.
والتحريم في هذه الإحدى عشر لا يعني- فيما يعنيه- النجاسةَ، اللَّهم إلّا في لحم الخنزير «فَإِنَّهُ رِجْسٌ» ذلك لأن النجس لا يَحرم ملاقاته فإنما يحرم أكله و لكن حرمة الأكل أعم من نجاسة المأكول و عدمها.
ذلك و إن الجاهلية كانت تحلل الميتة مع تحريمها بعض الذبيحة قائلة: إنكم تأكلون ما قتلتم و لا تأكلون ما قتل اللَّه؟ و قتيل اللَّه محرم لا لأنه قتيل اللَّه، بل لما فيه من الضرر والفساد الذي ماتت بسببه، مع أن قتيل الإنسان أيضاً قتيل اللَّه إذ «ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»
ومن الحِكَم الحكيمة في تحريم الميتة- إضافةً إلى سنادها إلى مرض لا تصلح معه حياة- أن الدم تحبس في عروقها و تتعفن و تفسد، و هذه مضرة ثانية، و قد أثبت علم الصحة بعض ما في الميتة و الدم من الأضرار، إذاً فلا تبذير في حرمة أكلها بل الأكل هو التبذير تبذيراً للحالة الصحية و تعريضاً لمختلف الأمراض بالجراثيم الكامنة في الميتة.
فروع حول الميتة:
1- المأخوذ من يد المسلم أو سوق المسلمين محكوم بالتذكية إلا إذا علم سبق يد الكافر و لم يحتمل تحري المسلم عن ذكاته.
2- المأخوذ من يد الكافر أو سوقه محكوم بالحرمة إلا إذا علم سبق يد المسلم غير المسبوق بيد الكافر، و أما النجاسة فلا لقاعدة الطهارة، و لا تعارضها أصالة عدم التذكية إلا بناءً على صحة الأصل المثبت، و التلازم بين الموت و النجاسة تلازم و اقعي، و أما في الحكم الظاهري فلا، إذاً فهو محكوم بالحرمة و الطهارة.
3- الحيوان الميت قبل ولوج الروح فيه مشمول ل «الْمَيْتَةُ» لأنها طليقة تعم إلى الميتة عن الحياة الميتةَ قبل الحياة.
4- ما لا تحله الحياة الحيوانية حلال و طاهر، و مما تحله الحياة العظم، و الروايات
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 58
المتعارضة في العظم معروضة على الآية المختصة للموت بما هو عن الحياة الحيوانية لا والنباتية. و كذلك قوله تعالى جواباً عن القول: «مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ» : «قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» (36: 79)
5- الأجزاء المبانة من الحي مما تحله الحياة هي كالمبانة من الميت، لأنها ميتة، اللَّهم إلا الجلود المبانة بطبيعة الحال، أم عند الدلك، لأنها مما تعم بها البلوى و لا نجد في روآياتنا الحكم عليها بحكم الميتة.
6- فأرة المسك طاهرة على الأقوى لمكان سابق إستعمالها عند المعصومين عليهم السلام وسائر المؤمنين دون تجنب.
7- تجوز كافة الإنتفاعات من الميتة و سائر الأعيان النجسة، مقصودة طاهرة و سواها، حيث الآيات الأرباع إنما حرمت- فقط- أكلها.
2- [الدم]
«وَ الدَّمُ» لو خلي و طبعه تشمل كل دم على الإطلاق و إن لم يكن من حيوان فضلًا عن حيوان البحر، و لكنها مقيدة في الأنعام بصورة حاصرة بالدم المسفوح: «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ...» «1» إلا أن يقال إن حرمة الدم بصورة طليقة تشمل كلما لا يؤكل لحمه إلى ما يؤكل- و بأحرى- مسفوحاً و غير مسفوح، أو الدم الذي ليس له مسفوح كالسماك المحرمة و ما أشبه.
والقول إن طليق الدم هنا في نطاق الحرمة ينسخ مقيَّدة في الأنعام حيث المائدة هي آخر ما نزلت، مردود بأن الأنعام مكية و قد حصرت حرمة الدم بالمسفوح منه، ثم «الدَّمُ» في مكية أخرى و هي النحل (115) «2» و بأحرى في مدنيتي: البقرة (173) و المائدة، لا تنحو إلَّا نحو ما حرم منه في الأنعام السابقة، فاللَّام فيها بعد الأنعام هي لعهد الذكر دون ريب.
فالتنكّر في المحرمات في «الأنعام» و تعريفها في «المائدة» و سواها مما يبرهن على
(1)) 145
(2)) في احتمالي نزول النحل قبل الأنعام أو بعد لا يختلف الحكم في قيد المسفوح، فإن كانت قبل قيدتهالأنعام و إن كانت بعد فلامها لعهد الذكر كسائر الدم المذكور في القرآن
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 59
ذلك العهد، إذ اللّام هي بطبيعة الحال تقصد معنىً زائداً على الجنس المستفاد من المنكَّر، فلو كان المحرَّم هو- فقط- جنس المذكورات في الأنعام دون قيدى لذكرت في الثلاثة الأخرى دون اللّام، مع أن المنكر يفيد الجنس أكثر من المعرَّف، فلتكن اللّام في هذه الثلاثة لعهد الذكر و هو المذكور في الأنعام، فلا إطلاق- إذاً- ل «الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ» فالقصد من «الدَّمُ» هو المسفوح لا سواه.
ومع التنزل بعناية الجنس من اللّام فالإحتمال الراجح، أو الوارد- لأقل تقدير- لهذه العناية، يسقط «الدَّمُ» عن إطلاقها، و لابد للناسخ من نص أو ظهور، حيث المهمل يبيَّن و لا يبيِّن إلّا مهمل الضابطة المترصَّد تبيانه و قد بُيِّنت ب «دَماً مَسْفُوحاً» .
وأخيراً قضية المعني في «حُرِّمَتْ» هي ماضي الحرمة و ليست هنا إلا «دَماً مَسْفُوحاً» إضافة إلى تأكد الإنشاء بلسان الإخبار، و أمضى المضيِّ في التحريم هو أقله في أولى آيات التحريم و هي آية الأنعام.
وكل ذلك يُتأيد بأن «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» تأمرنا بالوفاء بكل العقود في مثلث الزمان، ومن ماضيها العقد من «دَماً مَسْفُوحاً» و لزامه الوفاء بالقيد، اللّهم إلّا إذا لحقه نص ينسخه فهو يحل سابق العقد، تأمل.
إذاً فلا إطلاق في «الدَّمُ» المحرم حتى يتمسك به نسخاً بالمائدة، فقد انحصر محرم الدم في المسفوح منه، فالحيوان الذي ليس له دم مسفوح برياً فضلًا عن البحري لا يحرم دمه لكونه دماً، إلّا أن يحرم من ناحية أخرى.
والدم المتخلِّف في الذبيحة حِلٌّ فهو- إذاً- طاهر حيث النجس لا يحل أكله، و كذلك- بأحرى- دم البيضة و الدماء الطالعة من شجرة و ما أشبه حيث لا تسفح دماءها، ثم المحرمات المذكورة ليست إلَّا في حقل الحيوان.
فالدم غير المسفوح حلٌّ و هو- بأحرى- طاهر، حتى و لو كانت نصوص أو عمومات من الروايات تدل- و ليست تدل- على عامة التحريم، حيث المعيار هو نص التحريم المقيد حصراً في آية الأنعام.
ولا فرق بين التخلف في الأجزاء المحللة من الحيوان أو المحرمة حيث المعيار في
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 60
الحرمة و النجاسة كونه مسفوحاً، ثم المتخلف لا يحل و يطهر إلّا في المأكول لحمه فإن قيد المسفوح و ارد في حقل الأنعام، ثم الروايات العامة و الطليقة في نجاسة الدم تشمل دماءَ الحيوانات ككل. «1»
وإذا شك في دم أنه مسفوح أو غير مسفوح فالأصل هو الحل و الطهارة حيث المسفوح هو الثابت حرمته و لا إطلاق حتى يستند إليه فيقال إنما الحلال هو غير مسفوح «2» وتفاصيل أحكام الدم راجعة إلى آية الأنعام فراجعها.
فروع حول الدم:
1- الجنين الخارج من بطن أمه ميتاً هو طاهر الدم و حلُّه
كما هو طاهر اللحم و حِلُّه إذ لس له دم مسفوح حيث لا يذبح فإنما ذكاته ذكاه أمه.
2- الصيد الذي ذكاته بآلة الصيد و إن كانت من الجوارح
، لا يحرم و ينجس دمه المتخلف كسائر الذبائح سواء.
3- ملاقاة الدم في الباطن لا تنجس الملاقي
لأنه ليس من المسفوح، ثم لم تثبت نجاسة الدم و ما أشبهه قبل الخروج.
4- الدم غير المسفوح حلٌّ و طاهر
و القول بأنه محرم لكونه من الخبائث خلاف نص الآية المحلِّلة إياه، فلو كان من الخبائث المحرمة لم يختص التحريم بالمسفوح منه. «3»
(1) في الدر المنثور 3: 256- أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه و الحاكم وصححه عن أبي أمامة قال: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلى قومي أدعوهم إلى اللَّه و رسوله و أعرض عليهم شعائر الإسلام فأتيتهم فبينما نحن كذلك إذ جاءوا بقصعة دم و اجتمعوا عليها يأكلونها قالوا: هلم يا أبا أمامة فكل، قلت: و يحكم إنما أتيتكم من عند من يحرم عليكم هذا و أنزل اللَّه عليه، قالوا: و ما ذاك؟ قال: فتلوت عليهم هذه الآية «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ ...»
(2)) و مما يحير العقول ما في العروة الوثقى للسيد الطباطبائي اليزدي ص 22 المسألة (3): المتخلف فيالذبيحة و إن كان طاهراً لكنه حرام إلا ما كان في اللحم مما يعد جزءً منه
(3) و سائل الشيعة 16: 379- أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الإحتجاج عن أبي عبداللَّه عليه السلام أن زنديقاً قال له: لم حرم اللَّه الدم المسفوح؟ قال: لأنه يورث القساوة و يسلب الفؤاد الرحمة و يعفن البدن و يغير اللون و أكثر ما يصيب الإنسان الجذام يكون من أكل الدم، قال: فالغدد؟ قال: يورث الجذام، قال: فالميتة لم حرمها؟ قال: فرقاً بينها و بين ما ذكر إسم اللَّه عليه و الميتة قد جمد فيها الدم و ترجع إلى بدنها فلحمها ثقيل غير مريء لأنها يؤكل لحمها بدمها» أقول و في الوسائل 452 باب تحريم إستعمال جلد الميتة و غيره مما تحله الحياة، أحاديث متعارضة في الجواز و عدمه و قد يحمل عدمه على البيع دون إعلام و ما أشبه و الأصل هو الآية
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 61
وقد يروى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: «أحلت لي ميتتان و دمان» «1» فالمقصود من «ميتتان» الجنين الميت بذبح أمه، و السمك الميت خارج الماء، و أما الدمان فهما الدم غير المسفوح المتخلف في الذبيحة، و الدم الذي ليس في موقف السفح كدماء غير الحيوان أو الحيوان الحِل الذي لا يسفح دمه كالسمك.
ف «الدَّمُ» مهما كان طليقاً في حقل سائر الحيوان و لكنها الدم المسفوح من بهيمة الأنعام ففي ذلك الحقل الدم المسفوح هو المحرم و في سائر الحقل كل دم من كل حيوان محرَّم إلا ما أحل كالسمك و الروبيان و ما أشبه مما ليس له دم مسفوح.
فمثلث الدم، من بهيمة الأنعام و من سائر الحيوان و من سائر الدم مهما كان يشمله «الدَّمُ» في الآيات الثلاث، و لكن الدم من غير الحيوان خارج عن الإطلاق حيث الآيات تتحدث في حقل الحيوان، و الدم في بهيمة الأنعام مقيد بآية الأنعام بالمسفوح، و الدم في سائر الحيوان حرام كنفس الحيوان مهما شمله إطلاق الدم نسبياً هنا أم لم يشمله.
3- [لحم الخنزير:]
هنا قد تلمح «لَحْمُ الْخِنْزِيرِ» دون طليق «الخنزير» أن مصب الحرمة في هذه المذكورات هو الأكل، و أما سائر الإنتفاعات التي تنحو نحو الأكل فلا تحرم، و هي لمحة لامعة قد تجعل طليق «الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ» و ما أشبه، مقيدة بأكلها، مهما حرم بيعها و شراءها- أيضاً- لأكلها، لسقوط القيمة من هذه الجهة.
وقد ذكرت حرمة لحم الخنزير في البقرة 173 و النحل 115 و يختص في الأنعام ب «فَإِنَّهُ رِجْسٌ» 145 مما يشدد تحريمه.
ولمحة أخرى في «لَحْمُ الْخِنْزِيرِ» التدليل على ذاتية حرمة لحم الخنزير و إن ذُبح على
(1)) آيات الأحكام للجصاص 3: 371
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 62
الوجه الشرعي، و أن حرمة سائر المذكورات من ذوات اللحوم عرضية لموت أو إهلال لغير اللَّه به أو إستقسام بالأزلام أو ذَبْح على النصب، فلا تدل «لَحْمُ الْخِنْزِيرِ» على حلية أو طهارة سائر أجزاءه، لا سيما و أن الكلام ليس حول النجاسة، بل المحور الأصيل هو الأكل.
ذلك، ثم الدليل على نجاسة الخنزير بكل أجزاءه «فَإِنَّهُ رِجْسٌ» في آية الأنعام لرجوع الضمير إلى الخنزير، و حتى إذا رجع إلى لحمه فلا ريب في عدم الفرق بين لحمه وسائر أجزاءه لمكان الرجاسة الذاتية لها، و لكن «الرجس» لا تعني فيما عنت النجاسة العينية، بل هي نجاسة الأكل هنا أكثر من غيره أم و سائر القذارات عملية أم خلقية أماهيه.
وليس تحريم لحم الخنزير- فقط- للجراثيم الخليطة به حتى إذا نظفوها عنه حلَّ، إنما لأنه لحم الخنزير مهما جهلنا بالغة الحكمة فيه، و منها تأثيره السيِء على الأرواح- إنعكاساً لخلق الخنزير- من الدياثة و زوال الغيرة.
وإضافة إلى أن لحم الخنزير أضرُّ أُكُل على الطعام و الشهوات و أشرهه، إنه يورث نفس الخلق اللئيمة التي هو عليها، ثم الثابت في علم الصحة أن الدودة الوحيدة (ترشين) لا تكون إلا من أكل لحم الخنزير.
ولقد نرى انعكاس الدياثة على هؤلاء الغربيين المستحلين للحم الخنزير رغم أن الكتابات التي يقدسونها و حياً تحرمه كما تحرم الميتة و الدم. «1»
4- «وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ»
ذلك و مثلها في آية الأنعام و النحل، ثم في البقرة «وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ» و هو ما ذكر عليه عند ذبحه غير إسم اللَّه، و الإهلال في الأصل هو رفع الصوت إستهلالًا لما يُرام من
(1) في سفر اللاويين من التورات الإصحاح الحادي عشر: 7- و الخنزير ... «فهو نجس لكم 8 من لحمها لا تأكلوا و جثتها لا تلمسوا إنهما نجسة لكم».
ومثلها في سفر التثنية 14: 8، و في شعياء 65: 4، و في إنجيل لوقا 15: 5 أن تربية الخنزير و الحفاظ عليه شغل العصات المتخلفين، و في الشعياء 65: 7- إن أكل لحم الخنزير كان من شريرة الأفعال اليهودية، و البطرس الحواري في 3: 22 من إنجيله يمثل طبيعة الخنزير الشريرة في رَجعه بطبيعة العصات أنهم كمثله يرتجعون إلى أفعالهم القبيحة و يلتذون بها
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 63
بادئة خير، يقال: أهل بالحج إذا لبى به، و استهل الصبي إذا صرخ عنده و لاده.
وقد كانوا يرفعون أصواتهم عند الذَّبح باسم اللّات و العزى فحرمه اللَّه و حرم الذبيحة المستهلَة به، فإنَّ ذكر إسم اللَّه هو أهم الشروط الأصلية في الذَّبح «1» و لا يختص إسم غير اللَّه بأسماء الأصنام و الأوثان و الطواغيت، بل و أسماء الرسل و سائر الصالحين فإنها تشملها «إسم غير اللَّه»
وليس ذكر إسم غير اللَّه- فقط- هو المحرَّم و المحرِّم للذبيحة، بل المفروض ذكر إسم اللَّه: «وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ ...» (6: 121) و قد تشمل «أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ» ما يُنوى ذبحه لغير اللَّه مهما لم يهل بإسمه حيث الإهلال هو البداية في أمر سواء إفتتح بذكر شيء أم لم يفتتح كما الإستهلال لا يضمن كلاماً، و قد يعني «أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ» صوِّت، و هو أوّل صوت للموت، فحين يصوت الذبيحة لغير اللَّه فقد أهل لغير اللَّه له، وذلك بالنسبة للمشركين، و أما المسلمين فلهم «فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ... و لا تأكلوا مما لم يذكر إسم اللَّه عليه» فالتحريم الأغلظ موجَّه إلى ما أهل به لغير اللَّه، ثم ما لم يذكر إسم اللَّه عليه و لكلٍّ أهله. بل و ما لم يذكر أو ينو اللَّه و لا غير اللَّه قضية عامة النهي، و أن ما أهل لا للَّهفقد أهل لغير اللَّه.
و هي التي تموت بخنق كيفما كان و بأي سبب كان، برياً فإنها من الميتة، و لقد كان خنق البهائم سنة جاهلية إدخالًا لرأسها بين خشبتين، أو شداً بحبل على عنقها و جرّاً لها حتى تخنق و ما أشبه، و كما تفعله الجاهلية المتحضرة، فالإخناق يعمه بكل أسبابه و أساليبه دون اختصاص بوجه خاص.
و هي المقتولة بضرب حتى تموت، سواء أكان الضارب إنساناً أو حيواناً أم سواهما.
و هي التي تتردى أو تردَّى من عَلٍ أو في بئر حتى تموت.