کتابخانه تفاسیر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 200
أنزلهما اللَّه في كتابه، بما استحفظ من كتاب اللَّه، دون ما ضيِّع عنه أم ضيَّعه، و لا ما نسيه أو تناساه.
فالعائش في الحوزة الإستحفاظية القرآنية، المتخرج منها علمياً و عقيدياً و تطبيقياً، هو الذي يجوز له و يفرض عليه أن يحكم بكتاب اللَّه بين عباد اللَّه، حكم الإفتاء في عامة الأقضية و خاصتها، في مجلس الإفتاء و القضاء، و شروطُ القضاء الصالح هي من أكثر الشروط و أوفرها بين كافة المناصب الروحية.
وهنا «النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا» حيث هم موصوفون بالإسلام، بيان شريطة الإسلام للَّه في الحكم بما أنزل اللَّه مهما كان درجات كما النبيون درجات و سائر الحكام في إسلامهم درجات.
فالمدعي للنبوة و هو غير مسلم لما أنزل اللَّه يرد حكمه إليه، و مَن دون الرسل من الحكام المسلمين لما أنزل اللَّه يقبل أحكامهم شرطَ التخرج عن المدرسة الإستحفاظية ناجحين.
ذلك، ف «مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» يحلِّق على كافة التاركين للحكم بما أنزل اللَّه، و هم في موقف الحكم و مصبه، و أكفر مِنهم مَن هم يحكمون بغير ما أنزل اللَّه جهلًا أو تجاهلًا «1» فلا يختص ذلك الكفر بغير المسلمين، بل المسلم الحاكم بغير ما أنزل اللَّه أكفر. «2»
و «مِنْ» الشرطية تحلق على كل حامل لذلك الشرط دونما إستثناء فلا تقبل الإختصاص.
(1)) نور الثقلين 1: 635 في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: من حكم في درهمينبغير ما أنزل اللَّه فقد كفر و من حكم في درهمين فأخطأ فقد كفر
(2) المصدر 638 عن المجمع روى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه و آله أن قوله «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» و بعده «فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» و بعده «فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» كل ذلك في الكفار خاصة أورده مسلم في الصحيح، أقول: و يعارضه إطلاق الآية و ما في تفسير العياشي عن أحدهما عليهما السلام قال قد فرض اللَّه في الخمس نصيباً لآل محمد عليهم السلام فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم حسداً و عداوة و قد قال اللَّه: «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» و كان أبو بكر أول من منع آل محمد صلى الله عليه و آله حقهم و ظلمهم و حمل الناس على رقابهم و لما قبض أبو بكر استخلف عمر على غير شورى من المسلمين و لا رضى من آل محمد عليهم السلام فعاش عمر بذلك لم يعط آل محمد عليهم السلام وصنع ما صنع أبو بكر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 201
ثم و حسب ذلك النص المثلث ليس الحكم بما أنزل اللَّه إلا للنبيين و الربانيين و الأحبار بما استحفظوا من كتاب اللَّه و كانوا عليه شهداء.
ومن غريب الوفق بين عديد الكافرين و النار بمختلف صيغها تَكَرر كلٍّ (93) مرة في القرآن مما يجعل تساوياً بينهما ألا مدخل لهم إلا النار و أنها ليست إلّا لهم مثوىً.
ثم هنا «النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا» لهم مكانهم و مكانتهم من الحكم العاصم المعصوم، فمَن هم «الرَّبَّانِيُّونَ» و من هم «الْأَحْبارُ» ؟ «الرَّبَّانِيُّونَ» أياً كانوا هم أقرب إلى النبيين من الأحبار لقربهم إليهم أدبياً و معنوياً، فهم أولاء المتربون بالتربية الربانية البالغة بعدهم، المربُّون علمياً و عقيدياً و عملياً لسائر المكلفين، و علَّهم المعنيُّون بالربيين: «وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ» «1» فهم أولاء المقاتلون في سبيل اللَّه مع النبيين يتعلمون منهم الدين و يعلِّمون: «وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ» «2» .
ذلك، مهما يتواجد مِنهم مَن هم يتركون بعض الواجب عليهم: «لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ» «3» .
فالأحبار لمكان ذكرهم بعد الربانيين، و أن الحِبْر لغوياً هو الأثر من الربانيين الذين هم آثار من النبيين، فالربانيون هم الوسطاء بين النبيين و الأحبار
أجل و «إن مما استحقت به الإمامة التطهير و الطهارة من الذنوب و المعاصي الموبقة التي توجب النار ثم العلم المنور- المكنون- بجميع ما يحتاج إليه الأمة من حلالها وحرامها و العلم بكتابها خاصة و عامة، و المحكم و المتشابه، و دقائق علمه و غرائب تأويله و ناسخه و منسوخه، و الحجة قول اللَّه فيمن أذن اللَّه لهم في الحكومة و جعلهم أهلها، «إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ ...» فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يربُّون الناس بعلمهم، و أما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين ثم أخبر فقال: بما استحفظوا من كتاب اللَّه و كانوا عليه شهداء،
(1)) 3: 146
(2) 3: 79
(3) 5: 63
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 202
ولم يقل: بما حمِّلوا منه. «1»
ذلك، و الحوزة الإستحفاظية القرآنية تضم في خضمِّها السنة الرسولية و الرسالية ما ثبتت عن الرسول صلى الله عليه و آله و الأئمة من آل الرسول عليهم السلام، الراوين عنه صلى الله عليه و آله ما رواه عن اللَّه بوحي الكتاب أو السنة. و إليكم نصوصاً من كلمات الإمام علي عليه السلام حول حجة الكتاب و السنة:
«وما كلّفت الشيطانُ علمَه مما ليس في الكتاب فرضه، و لا في سنة النبي صلى الله عليه و آله و أئمة الهدى أثره، فكِل علمه إلى اللَّه سبحانه فإنه منتهى حق اللَّه عليك» «2» ف «اقتدوا بهدي نبيكم فإنه أفضل الهدي، و استنوا بسنته فإنها أهدى السنن» «3» «ولما دعانا القوم إلى أن نحكِّم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب اللَّه سبحانه و تعالى و قد قال اللَّه سبحانه:
«فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ» فردّه إلى اللَّه أن نحكم بكتابه، و ردُّه إلى الرسول أن نأخذ بسنته، فإذا حُكِم بالصدق في كتاب اللَّه فنحن أحق الناس به، و إن حُكِم بسنة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فنحن أحق الناس و أولاهم بها». «4»
ويقول عن الإمام المهدي عليه السلام: «فيريكم كيف عدل السِّيرة و يحيي ميت الكتاب والسنة». «5»
ذلك، و مما يخص القرآن: «وكفى بالكتاب حجيجاً و خصيماً». «6»
«وقد قال اللَّه أيها الناس- فيما استحفظكم من كتابه و استودعكم من حقوقه-:
«وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ» و عمَّر فيكم نبيَّه أزماناً، حتى أكمل له و لكم فيما أنزل من كتابه دينَه الذي رضي لنفسه، و أنهى إليكم على لسانه محابَّه من الأعمال ومكارهه، و نواهيه و أوامره، و ألقى إليكم المعذرة، و اتخذ عليكم الحجة، و قدم إليكم بالوعيد و أنذركم بين يدي عذاب شديد» .. «7»
«فإنما حكِّم الحَكَمان ليحيا ما أحيا القرآن، و يميتا ما أمات القرآن، و إحياءُه الإجتماع عليه، و إماتته الإفتراق عنه، فإن جرَّنا القرآن إليهم اتبعناهم، و إن جرّهم إلينا
(1) في تفسير العياشي في الآية عن أبي عمر و الزبيري عن أبي عبداللَّه عليه السلام إن مما استحقت ..
(2)) الخطبة: 89/ 1/ 162
(3)) الخطبة: 108/ 213
(4) الخطبة: 123/ 235
(5) الخطبة: 136/ 250
(6) الخطبة: 81/ 2/ 145
(7) الخطبة: 84/ 151
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 203
إتبعونا». «1»
«وكتاب اللَّه تُبصرون به، و تنطقون به، و تسمعون به، و ينطق بعضه ببعض، و يشهد بعضه على بعض، و لا يختلف في اللَّه، و لا يخالف بصاحبه عن اللَّه». «2»
«وليس عند أهل ذلك الزمان سِلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، و لا أنفق منه إذا حرِّف عن مواضعه ... فقد نبذ الكتابَ حملتُه، و تناساه حفظته، فالكتاب يومئذ و أهله طريدان منفيان، وصحابان مصطحبان في طريق و احد، و لا يؤيهما مؤٍ، فالكتاب و أهله في ذلك الزمان في الناس و ليسا فيهم، و معهم و ليسا معهم، لأن الضلالة لا توافق الهدي وإن اجتمعا، فاجتمع القوم على الفرقة، و افترقوا عن الجماعة كأنهم أئمة الكتاب و ليس الكتاب إمامهم، فلم يبق عندهم منه إلا إسمه، و لا يعرفون إلا خطه و زَبْره». «3»
من لم يحكم بما أنزل اللَّه 5
«وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ» أهل الإنجيل هم الآهلون لتفهمُّه، المتخرجون من الحوزة الإستحفاظية الإنجيلية، كما على أهل التوراة ربانيين أن يحكموا بالتوراة بما استحفظوا من كتاب اللَّه و كانوا عليه شهداء، فليحكموا كلٌ بما أنزل اللَّه دون ما أنزله غير اللَّه من تحريف و تجديف، و دون ما تهواه أنفسهم تأويلًا لما أنزل اللَّه، فليحكم أهل الإنجيل في كل الأحكام بما أنزل اللَّه في التوراة حيث الإنجيل يأمرهم بإتباع شريعة الناموس إلَّا شذراً فيه: «وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» و ليحكموا بما أنزل اللَّه فيه من البشارات الواردة بحق محمد صلى الله عليه و آله و قرآنه العظيم. «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ
(1) الخطبة: 125/ 237
(2) الخطبة: 131/ 245
(3) الخطبة 145/ 258
(4) 5: 47
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 204
فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» حيث فسقوا عن شرعة اللَّه إلى أهواءِهم.
وترى حين لا حكم للإنجيل و سواه من كتب السماء بعد نزول القرآن فيكف يؤمر أهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل اللَّه فيه؟!.
ذلك، لأنهم لو حكموا بما أنزل اللَّه فيه لأصبحوا مسلمين، فإن مما أنزل اللَّه فيه البشارات المحمدية، ثم هم إذا لا يؤمنون بهذه الرسالة فليؤمنوا بكتابهمالذي هم به معترفون، و هذه حجة إقناعية ثانية حين لا يهتدي الخصم إلى الحق المُرام.
ذلك، و التلحيقة المتكررة «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ» هي ضابطة عامة دون اختصاص بحقل خاص، فقد يعم المسلمين بأحرى من الكتابيين، إذ كلّما كان الكتاب اعظم فليكن الحكم به أعزم، فترك الحكم به- إذاً- ألعن.
قول فصل في الحكم:
هذه التلحيقات الثلاث في هذه الآيات الثلاث هي من أشد التنديدات بالذين لا يحكمون بما أنزل اللَّه و هم في موقف الحكم بما أنزل اللَّه، متخرجين عن حوزته الإستحفاظية توراتية و إنجيلية و بأحرى منهما الحوزة الإستحفاظية القرآنية.
«وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» «... هُمُ الظَّالِمُونَ» «... هُمُ الْفاسِقُونَ» فمثلث الشرطية هذه تحلِّق حكم الكفر و الظلم و الفسق على كل هؤلاء الذين لا يحكمون بما أنزل اللَّه، حيث هم سكوت في مجالات الحكم عن أن يحكموا بما أنزل اللَّه مهما لم يحكموا بغير ما أنزل اللَّه، فإن حكموا بغير ما أنزل اللَّه فهم أنذل و أرذل حيث هم- إذاً- أكفر و أظلم و أفسق من هؤلاء الساكتين عن الحكم بما أنزل اللَّه.
وبصيغة و احدة «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ» «1» و ذلك يعم كافة الأحكام بين عباد اللَّه، من أحكام خاصة هي الأقضية بين المتنازعين، و الأحكام العامة الشاملة لكافة المسئوليات الشرعية.
وما رسل اللَّه عليهم السلام إلَّا حملة لأحكام اللَّه حيث يحكمون وحياً بما أنزل اللَّه، ثم من يخلفهم من خلفاءهم المعصومون عليهم السلام، و من ثَمَّ العلماء الربانيون المتخرجون من الحوزة
(1)) 6: 57
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 205
الإستحفاظية فيما أنزل اللَّه أيّاً كان، و أحفظ الحوزات الإستحفاظية للذين يحكمون بما أنزل اللَّه هي الحوزة القرآنية السامية، و على ضوءها حوزة السنة المحمدية صلى الله عليه و آله. فكل حكم بغير ما أنزل اللَّه- أيّاً كان سنده و سناده- هو حكم الجاهلية مهما اختلفت دركاته:
«أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» «1»
فحكام الشرع في الحوزات الإفتائية العامة، أو الحوزات القضائية الخاصة، ليس لهم أن يصدروا في أحكامهم إلّا «ما أنزل الله» شرطَ تخرُّجهم عن الحوزة الإستحفاظية القرآنية علمياً عقيدياً و عملياً، فغير الحائز على شروط الحكم غير جائز له أن يحكم، فحتى إن أصاب فمصيره إلى النار، و الحائز على شروط الحكم و إن اخطأ معذوراً لم يكن محظوراً و لا محبوراً، فلا يحكم حاكم إلّا بكتاب اللَّه تعالى أو سنة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و إلّا فليسكت، ف «العلم ثلاثة كتاب و سنة و لا أدري» «2» و «القضاة أربعة ثلاثة في النار و واحد في الجنة، رجل قضى بجور و هو يعلم فهو في النار و رجل قضى بجور و هو لا يعلم فهو في النار و رجل قضى بالحق و هو لا يعلم فهو في النار و رجل قضى بالحق و هو يعلم فهو في الجنة». «3»
فالقصد من «يعلم» الأول هو العلم بجوره في قضاءه، و من «يعلم» الثاني هو علم القضاء بتوفر شروطه و إن أخطأ حيث العصمة في القضاء خاصة بأهل العصمة، كما أن «لا يعلم» في «قضى بجور و قضى بالحق» هو كذلك علم القضاء وصلاحيته له.
إذاً فثالوث أهل النار هم غير المستأهلين للقضاء حيث «لا يعلم ... لا يعلم» والمستأهل له علمياً و لكنه يقضي بالجور على علمه بجوره و علمه بشؤون القضاء، ثم واحد الجنة هو القاضي بالحق و هو مستأهل له حيث تخرَّج عن الحوزة الإستحفاظية القرآنية بشروطها الثلاثة.
إذاً فباختصار و إحتصار «الحكم حكمان حكم اللَّه عز و جل و حكم أهل الجاهلية» «4»
(1) 5: 50
(2)) أصول الكافي باب العلم عن الإمام الصادق عليه السلام
(3) و سائل الشيعة باب القضاء عن الإمام الصادق عليه السلام
(4)) و سائل الشيعة ج 18 ح 7
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج16، ص: 206
فحكم اللَّه من المعصومين هو حكمه كما حكم دون أي خطأٍ قاصر أو مقصر، و من العلماء الربانيين هو الحكم بالكتاب و السنة مهما أخطأوا قاصرين و إن لم يكونوا فيه محبورين كما ليسوا بمحظورين.
فالخطأ المقصر هو المحظور، تقصيراً في الجلوس على منصب القضاء أو تقصيراً في الحكم، و قد يعنيه «أي قاض قضى بين إثنين فأخطاً سقط أبعد من السماء». «1»
وقد يروى عن النبي صلى الله عليه و آله قوله: «لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس فإما إلى الجنة أو إلى النار».
ومن الشروط المحتومة للمتخرج عن الحوزة الإستحفاظية القضائية التدرُّب في القضاء على أضواء أقضية القضاة المعصومين و كما يروى عن الإمام الصادق عليه السلام: «إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور و لكن أنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فأجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه». «2»
ولقد نسمع أقضى القضاة علياً عليه السلام يقول لشريح: «يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلَّا نبي أو وصيُّ نبي أو شقي» «3» و في توسعة بالضرورة القضائية زمن الغيبة ل «وصي النبي» قد تعني بعد المعصومين أقرب العلماء الربانيين إليهم حيث هم نوابهم زمن غيابهم عليهم السلام، إذاً فلا يحق القضاء لكل رطب و يابس!.
وإذا كان القاضي زمن المعصوم فعليه أن يعرض قضاءه عليه تجنُّباً عن الأخطاء القاصرة «4» ف «اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي (كنبي) أو وصي نبي». «5»
(1) المصدر ص 18 باب 3 ح 18
(2) المصدر 18 ص 4 ح 5
(3)) و سائل الشيعة 18: 7 و روضة المتقين 6: 18 رواه الكليني و الشيخ في القوي عن إسحاق بن عمار عنأبي عبداللَّه عليه السلام عنه عليه السلام
(4)) في التهذيب باب من إليه الحكم الحديث 1 و 2 «لما ولى أمير المؤمنين عليه السلام شريحاً القضاء اشترط عليهألا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه»