کتابخانه تفاسیر
الجديد فى تفسير القرآن المجيد
الجزء الأول
سورة البقرة
الجزء الثاني
سورة آل عمران
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
سورة هود
الجزء الرابع
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
سورة الحجر
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
سورة مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الخامس
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة الأحزاب
سورة سبأ
سورة فاطر
الجزء السادس
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
سورة المؤمن
سورة فصلت أو السجدة
سورة الشورى
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
سورة محمد صلى الله عليه و آله
سورة الفتح
الجزء السابع
سورة الذاريات
سورة القمر
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المرسلات
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج1، ص: 20
رفيعة مقدّسة جامعة لجميع الكمالات و الأوصاف العظيمة التي لا توجد في غيرها.
على ان مواقع العدول و تختصّ بنكت و رموز:
فممّا اختصّ به هذا الموضع أن العبادة و الاستعانة ينبغي كتمانها عن غير المعبود المستعان لتكون أقرب إلى الإخلاص و أبعد عن الرّياء. فالمناسب له طريق الخطاب، فلذا عدل إليه. و منه التلويح إلى ما في الحديث: «أعبد اللّه كأنك تراه». إذ العبادة الكاملة هي ما يكون العابد حال اشتغاله بها مستغرقا في الحضور كأنه مشاهد لجناب معبوده. فظنّ أنه وصل إلى مقام المقرّبين، فقال:
6- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ : بيان للمعونة المطلوبة، كأنه قال:
«كيف أعينكم؟» فقالوا: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .
و الهداية: الدلالة بلطف إلى المطلوب. و قيل هي الموصلة، و غيرها إراءة الطريق. و يدفعه قوله تعالى: فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى و يرفع الدفع أنّه من الممكن أن يوصل الإنسان شخصا إلى مطلوبه و مع ذلك يصير المطلوب مبغوضا له و يرفع اليد عنه و يؤثر الغير عليه لسبب من الأسباب. و الحاصل أن الآية مصداق من مصاديق المعونة، و آثره الطالب إيذانا على أنه أسماها و أعلاها، ثم إنّ أصناف هدايته جلّ و علا و إن لم يحصرها العدّ على أربعة أوجه:
الأول: إفاضته القوى و الحواسّ لجلب النفع و دفع الضّرر، يدل عليه: أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى .
الثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحق و الباطل، يدل عليه وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ .
الثالث: إرسال الرّسل و إنزال الكتب: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ . أي
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج1، ص: 21
بالإرسال و الإنزال.
الرابع: إزالة الغواشي البدنية و إراءة الأشياء كما هي بالوحي أو الإلهام أو المنام الصادق أو الاستغراق في ملاحظة جماله و جلاله بحيث تقشعرّ جلودهم من الخشية ثم يرغبون في ذكر ربهم و يعرضون عمّا سواه، قال تعالى:
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ . و هذا يختص به الأنبياء و الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ . هذه الآية الشريفة بالنسبة إلى غير الواصلين و هو الهداية في المرتبة الرابعة. و بالإضافة إلى الواصلين يراد مزيد الهداية: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً . فإنها ذات مراتب كما تدلّنا على ذلك هذه الشريفة. و
عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: «اهدنا: أي ثبّتنا».
و الصراط: هو الجادّة، و الطريق. من سرط الطعام أي ابتلعه. فكأنه يسترط السابلة. كما يسمّى لقما، كأنه يلتقمهم. و جمعه سرط ككتب.
و أصله السين قلبت صادا لتطابق الطاء في الإطباق. و الصراط- بالصاد- لغة قريش.
و المراد بالصّراط المستقيم: دين الحق أو دين الإسلام أو كتاب اللّه عزّ و جلّ.
7- صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ :
هذه الجملة بدل كلّ من الصّراط المستقيم، و نتيجته التأكيد أو التّنصيص على أن الطريق الذي هو علم في الاستقامة هو طريق المنعم عليهم لأنه جعل كالتفسير له. و المراد بهم: المذكورون في كتابه: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ ... الآية». و قيل أراد بهم
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج1، ص: 22
المسلمين، حيث إن نعمة الإسلام أصل كلّ النّعم.
و الإنعام: إيصال النّعمة. و هي في الأصل مصدر بمعنى الحالة المستلذّة ككون الإنسان مليّا عليما خطيبا بليغا مثلا. ثم أطلقت على نفس الشيء المستلذّ به تسمية للشيء باسم مسبّبه. و نعمه سبحانه كثيرة بحيث تعذّر حصرها و عدّها وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها .
و هي إمّا دنيويّة كإفاضة الوجود و العمر و القوى البدنية و النّعم الظاهرية الأخر. أو باطنية. و من أسماها العقل و سائر القوى، و التوفيق للتّخلية من الرّذائل و التّحلية بالأخلاق الفاضلة الزكية، و الإيمان باللّه و التصديق بالرسالة و بما جاء به النبيّ (ص).
و إما أخروية، و هي روحانيّ «كغفران الذنوب» و جسماني «كأنهار العسل و الشراب الطّهور». و إجمالهما ما ذكرناه مما «تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين»،
«مما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر».
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ :
و الغضب: ثوران النّفس لإرادة الانتقام تشفّيا. فإن أسند إليه تعالى فباعتبار الغاية كما في الرّحمة، و العدول عن إسناده إليه تعالى إلى صيغة المجهول و إسناد عديله إليه تعالى، تأسيس لمباني الرّحمة. فكأنّ الغضب صادر عن غيره تعالى، و إلّا فالظاهر أن يقول: «غير الّذين غضبت عليهم». و مثل ما نحن فيه في التصريح بالوعد و التعريض بالوعيد كثير في الكتاب، و منه قوله سبحانه: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ . و المقابل لقوله: «لأزيدّنكم: لأعذّبنّكم».
وَ لَا الضَّالِّينَ : من الضّلال، و هو العدول عن الطريق السّويّ و لو خطأ.
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج1، ص: 23
و شعبه كثيرة، بشهادة
قوله (ص): «ستفترق أمّتي ثلاثا و سبعين فرقة، فرقة ناجية، و الباقون في النار.».
و تفسير الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ باليهود و الضَّالِّينَ بالنصارى، مشهور. و قيل: المراد بهما مطلق الكفرة لأنهم واجدون للوصفين. و قيل:
مطلق من كان معنونا بالعنوانين من الكفار و غيرهم.
«و غَيْرِ الْمَغْضُوبِ .. الآية» بدل كلّ من الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ .
و المعنى أن المنعم عليهم هم الذين صينوا و حفظوا من الغضب و الضلال. فالفائدة فيه التأكيد و التّنصيص كما مرّ.
و روي عنه (ص) أنّ «أفضل سورة أنزلها اللّه في كتابه هي الحمد أمّ الكتاب و أنها شفاء من كل داء «1» ».
و
عن الصادق عليه السلام: «لو قرئت سورة الحمد على ميّت سبعين مرة ثم رددّت في الروح ما كان عجبا».
و
عنه عليه السلام: «اسم اللّه الأعظم مقطّع في أمّ الكتاب».
و
في العيّاشّي عن النبيّ (ص): «أن أمّ الكتاب أفضل سورة أنزلها اللّه في كتابه، و هي شفاء من كلّ داء إلّا السّام».
أي الموت. و
في الكافي عن الباقر عليه السلام: «من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شيء».
(قد تمت السورة المباركة الحمد، و تتلوها سورة البقرة).
(1) و نحن أثبتنا أيضا- بالبرهان الاجتهاديّ- أفضليّتها في أول افتتاح ترجمة السورة المباركة عن كل سورة.
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج1، ص: 25
سورة البقرة
[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
آ- فضلها:
سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أيّ سور القرآن أفضل؟
قال: البقرة. قيل: أيّ آي البقرة أفضل؟. قال: آية الكرسي.
و
قال الصادق عليه السلام: من قرأ البقرة و آل عمران جاء يوم القيامة تظلّانه على رأسه مثل الغمامتين.
ب- نزولها:
مدنية و آياتها مائتان و ستّ و ثمانون آية. كلّها نزلت بالمدينة إلّا آية منها نزلت بمنى و هي قوله: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ...
ج- التفسير:
1- الم : قيل: هذا و ما يأتي من الألفاظ المتهجّى بها: أسماء، مسمّياتها الحروف التي منها ركّبت الكلم. و الدليل صدق حدّ الاسم عليها، مع قبولها لخواصّ الاسم. و لعل السرّ في النطق بهذه الألفاظ هو إشارة منه
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج1، ص: 26
تعالى إلى أن «كتابنا» هذا ركّب من هذه الحروف الهجائية التي تنطقون بها نهارا و ليلا. فإن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بمثله و أنتم عرب.
و حاصل هذه الألفاظ التي افتتحت السّور القرآنية بها، أن القرآن و إن كان محصولا من هذه الحروف، كما أن كتبكم و أشعاركم و خطبكم و كلامكم محصولة منها إلّا أن نظم القرآن، و كيفية تركيبه جاء معجزا، حيث إن أفصح فصائحكم، و أبلغ بلغائكم عاجزون عن أن يأتوا بسورة من مثله فكيف بغيرهم مع غاية الجد و نهاية الاجتهاد بأن يأتوا بمثله. فيكشف أن هذا من فعل غير المخلوق، و عمل من هو وراء الطبيعة، فينبغي أن يتحدّى به كما تحدّى بقوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ إلخ ...
و قيل: هي أسماء للقرآن. و قيل إنها أقسام أقسم اللّه تعالى بها لشرفها و عظمتها لكونها مباني كتبه و أسمائه و صفاته، لأنها مركّبة منها هي و أصول كلام الأمم كلّها.
و منها: إن كل حرف منها رمز، و إشارة إلى مدة بقاء قوم و آجال آخرين بحساب الجمّل الذي كان في سابق الزمان علما معروفا بينهم، و لا سيما في الرّوميين على ما نقل. و النبيّ لما بعث إلى جميع البشر فينبغي أن يكون كتابه واجدا للرموز و هو عالم بها، حتى يتحدّاهم بكتابه هم و غيرهم.