کتابخانه تفاسیر
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 354
الا ما خفى عليكم من شانه فلا يخفين عليكم ان ربكم ليس باعور قالها ثلاثا
و أخرج ابن أبى شيبة عن أنس ان النبي صلى الله عليه و سلم قال الدجال أعور العين عليها طفره مكتوب بين عينيه كافر
و أخرج ابن أبى شيبة عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ان الدجال أعور جعد حجان أحمر كان رأسه غصن شجرة أشبه الناس بعبد العزى فاما هلك الهلك فانه اعور و ان ربكم ليس باعور
و أخرج ابن أبى شيبة عن حذيفة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأنا أعلم بما مع الدجال معه نهران يجريان أحدهما رأى العين نار تتأجج فمن أدرك ذلك فليأت النار الذي يراه فليغمض عينيه ثم يطأطئ رأسه يشرب فانه بارد و ان الدجال ممسوح العين عليها طفره غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب و غير كاتب
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدثه نبى قط انه أعور و انه يجئ معه بمثل الجنة و النار فالذي يقول هي الجنة هي النار و انى أنذركم به كما أنذر نوح قومه
و أخرج ابن أبى شيبة و أحمد و أبو داود و الطبراني و الحاكم عن عمران بن حصين رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من سمع منكم بخروج الدجال فلينأى عنه ما استطاع فان الرجل يأتيه و هو يحسب انه مؤمن فما يزال به حتى يتبعه مما يرى من الشبهات
و أخرج ابن أبى شيبة عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال ما كان أحد يسال رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الدجال أكثر منى قال و ما تسألني عنه قلت ان الناس يقولون ان معه الطعام و الشراب قال هو أهون على الله من ذلك
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من نجا من ثلاث فقد نجا قالها ثلاث مرات قالوا ما ذاك يا رسول الله قال داء و الدجال و قتل خليفة يصطبر بالحق يعطيه
و أخرج ابن أبى شيبة عن عبد الله بن سلام رضى الله عنه قال يمكث الناس بعد خروج الدجال أربعين عاما و يغرس النخل و تقوم الأسواق
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى العلاء بن الشخير رضى الله عنه ان نوحا عليه السلام و من بعده من الأنبياء عليهم السلام كانوا يتعوذون من فتنة الدجال
و أخرج ابن أبى شيبة عن حذيفة رضى الله عنه قال لا يخرج الدجال حتى يكون خروجه أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ فقال له رجل لم قال من شدة البلاء و الشر
و أخرج ابن أبى شيبة عن حذيفة رضى الله عنه قال حتى لا يكون غائب أحب إلى المؤمن خروجا منه و ما خروجه بأضر للمؤمن من حصاة يرفعها من الأرض و ما علم أحدهم أدناهم و أقصاهم الأسواء
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى وائل رضى الله عنه قال أكثر اتباع الدجال اليهود و أولاد الأمهات
و أخرج ابن أبى شيبة عن كعب قال كان بمقدمة الأعور الدجال ستمائة ألف يلبسون التيجان
و أخرج ابن أبى شيبة و أحمد و مسلم عن هشام بن عامر رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال
و أخرج ابن أبى شيبة و أحمد و الترمذي و صححه و ابن ماجة عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ان الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة
و أخرج أحمد عن أبى بن كعب ان رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر عنده الدجال فقال احدى عينيه كأنها زجاجة خضراء
و أخرج ابن أبى شيبة عن ابن عاصم قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوخ العين اليسرى عريض النحر فيه دمامة كأنه فلان بن عبد العزى أو عبد العزى بن فلان
و أخرج ابن أبى شيبة عن سفينة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال انه لم يكن نبى الا حذر الدجال أمته أعور العين اليسرى بعينه اليمنى ظفرة غليظة بين عينيه كافر معه واديان أحدهما جنة و الاخر نار فجنته نار و ناره جنة و معه ملكان يشبهان نبيين من الأنبياء أحدهما عن يمينه و الاخر عن شماله فيقول 7 من الناس الا صاحبه فيقول صاحبه صدقت فيسمعه الناس فيحسبون ما صدق الدجال و ذلك فتنة ثم يسير حتى يأتي الشام فينزل عيسى فيقتله الله عند عقبة أفيق
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى بكرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يمكث أبو الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ولد ثم يولد لهما غلام أعور أضر شي و أقله نفعا تنام عيناه و لا ينام قلبه ثم
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 355
نعت أبويه فقال أبوه رجل طوال ضرب اللحم طويل الأنف كان أنفه مهار و أمه امرأة فرغانية عظيمة الثديين
و أخرج ابن أبى شيبة و مسلم ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ان الدجال يطوى الأرض كلها الا مكة و المدينة فيأتي المدينة فيجد كل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج اليه كل منافق و منافقة
و أخرج ابن أبى شيبة عن حذيفة رضى الله عنه قال لو خرج الدجال لأمن به قوم في قبورهم
و أخرج ابن أبى شيبة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال يهبط الدجال من كور كرمان معه ثمانون ألفا عليهم الطيالسة ينتعلون كان وجوههم مجان مطرقة
و أخرج ابن أبى شيبة من طريق حوط العبدى عن عبد الله رضى الله عنه قال ان أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا
و أخرج ابن أبى شيبة عن جنادة ابن أمية الدري رضى الله عنه قال دخلت أنا و صاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلنا حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا تحدثنا عن غيره و ان كان عندك مصدقا قال نعم قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فقال أنذركم الدجال أنذركم الدجال أنذركم الدجال فانه لم يكن نبى الا أنذره أمته و انه فيكم أيتها الامة و انه جعد آدم ممسوخ العين اليسرى و انه معه جنة و نارا فناره جنة وجنته نار و ان معه نهر ماء و جبل خبز و انه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها لا يسلط على غيرها و انه يمطر السماء و ينبت الأرض و انه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل و انه لا يقرب أربعة مساجد مسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد المقدس و مسجد الطور و ما عليكم من الأشياء فان الله ليس باعور مرتين
و أخرج ابن أبى شيبة و الطبراني عن سمرة بن جندب رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال و الله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوخ العين اليسرى كأنها عين أبى يحيى لشيخ من الأنصار و انه متى يخرج فانه يزعم انه الله فمن آمن به و صدقه و اتبعه فليس ينفعه صالح له من عمل له سلف و من كفر به و كذبه فليس يعاقب بشيء من عمل له سلف و انه سيظهر على الأرض كلها الا الحرم و بئت المقدس فهزمه الله و جنوده حتى ان حرم الحائط أو أصل الشجرة ينادى يا مؤمن هذا كافر يستتر بى فتعال فاقتله و لن يكون ذاك كذلك حتى تروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم فتتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها شيا ذكرا و حتى تزول جبار عن مراتبها ثم على أثر ذلك القبض و أشار بيده إلى الموت
و أخرج ابن أبى شيبة عن الحسن رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه و يتناول السحاب و يسبق الشمس إلى مغربها و في جبهته قرن منه الحيات و قد صور في جسده السلاح كله حتى ذكر السيف و الرمح و الدرق
و أخرج ابن أبى شيبة عن ابن مسعود رضى الله عنه قال يخرج الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ منها كل منهل اليوم منها كالجمعة و الجمعة كالشهر و الشهر كالسنة
و أخرج ابن أبى شيبة عن عبيد بن عمير رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليصحبن الدجال قوم يقولون انا لنصحبه و انا لنعلم انه كذاب و لكنا انما نصحبه لنأكل من الطعام و نرعى من الشجر و إذا نزل غضب الله نزل عليهم كلهم
و أخرج الطبراني عن أشعث بن أبى الشعثاء عن أبيه قال ذكر الدجال عند عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فقال لا تكثروا ذكره فان الامر إذا قضى في السماء كان أسرع لنزوله إلى الأرض ان يظهر على ألسنة الناس
[سورة غافر (40): الآيات 60 الى 64]
قوله تعالى وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
أخرج سعيد بن منصور و ابن أبى شيبة و أحمد و عبد بن حميد و البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و الطبراني و ابن حبان و الحاكم و صححه و ابن مردويه و أبو نعيم في الحلية و البيهقي في شعب الايمان عن النعمان بن بشير رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الدعاء تلو العبادة ثم قرأ وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي قال عن دعائي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ هل تدرون ما عبادة الله قلنا الله و رسوله أعلم قال هو اخلاص الله مما سواه
و أخرج ابن مردويه و الخطيب عن البراء رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ان الدعاء هو العبادة و قرا وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قال اعبدوني
و أخرج ابن جرير عن
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 356
السدى رضى الله عنه في قوله سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ قال صاغرين
و أخرج ابن مردويه عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الدعاء الاستغفار
و أخرج ابن أبى شيبة و الحاكم و أحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من لم يدع الله يغضب عليه
و أخرج أحمد و الحكيم الترمذي و أبو يعلى و الطبراني عن معاذ رضى الله عنه قال لن ينفع حذر من قدر و لكن الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل فعليكم بالدعاء عباد الله
و أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا فتح الله على عبد بالدعاء فليدع فان الله يستجيب له
و أخرج الحكيم الترمذي و ابن عدى في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ان الله يحب الملحين في الدعاء
و أخرج الحكيم الترمذي عن وهب بن منبه رضى الله عنه قال نجد فيما أنزل الله تعالى في بعض الكتب ان الله تعالى يقول أنزل البلاء استخرج به الدعاء
و أخرج ابن المنذر عن أنس ابن مالك رضى الله عنه في قوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قال قال ربكم عبدى انك ما دعوتني و رجوتني فانى سأغفر لك على ما كان فيك و لو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة و لو أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك و لا أبالي
و أخرج ابن المنذر و الحاكم و صححه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال أفضل العبادة الدعاء و قرا وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الآية
و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر عن الحسن رضى الله عنه في قوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الآية قال اعملوا و ابشروا فانه حق على الله أن يستجيب للذين آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر عن كعب رضى الله عنه انه تلا هذه الآية فقال ما أعطى أحد من الأمم ما أعطيت هذه الامة الا بنى الرجل المجتبى يقال له سل تعطه
و أخرج البخاري في الأدب عن عائشة رضى الله عنها قال سئل النبي صلى الله عليه و سلم أى العبادة أفضل فقال دعاء المراء لنفسه
و أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب رضى الله عنه قال قال الله تعالى لموسى عليه الصلاة و السلام قل للمؤمنين لا يستعجلونى إذا دعوني و لا يبخلوني أليس يعلمون انى أبغض البخيل فكيف أكون بخيلا يا موسى لا تخف منى بخلا أن تسألني عظيما و لا تستحي أن تسألني صغيرا طلب إلى الدقة و اطلب إلى العلف لشاتك يا موسى أما علمت انى خلقت الخردلة فما فوقها و انى لم أخلق شيأ الا و قد علمت ان الخلق يحتاجون اليه فمن يسألني مسألة و هو يعلم انى قادر أعطى و أمنع أعطيته مسألته مع المغفرة فان حمدني حين أعطيته و حين أمنعه أسكنته دار الحمادين و أيما عبد لم يسألني مسالة ثم أعطيته كان أشد عليه من الحساب
و أخرج الحكيم الترمذي عن مالك بن أنس رضى الله عنه قال قال عروة بن الزبير رضى الله عنه انى لاسأل الله تعالى حوائجي في صلاتي حتى أسأله الملح لأهلي
و أخرج الحكيم الترمذي عن زهرة بن معبد رضى الله عنه قال سمعت محمد بن المنكدر رضى الله عنه يدعو يقول اللهم قو ذكرى فان فيه منفعة لأهلي
و أخرج أحمد في الزهد عن ثابت البناني رضى الله عنه قال تعبد رجل سبعين سنة فكان يقول في دعائه رب أجزني بعملي فادخل الجنة فمكث فيها سبعين عاما فلما وفت قيل له اخرج قد استوفيت عملك أى شي كان في الدنيا أوثق في نفسه فلم يجد شيأ أوثق في نفسه مما دعا الله سبحانه فاقبل يقول في دعائه رب سمعتك و أنا في الدنيا و أنت تقيل العثرات فأقل اليوم عثرتي فترك في الجنة
قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ الآيات
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان عيسى بن مريم عليه السلام قال يا معشر الحواريين الصلاة جامعة فخرج الحواريون في هيئة العبادة قد تضمرت البطون و غارت العيون و اصفرت الألوان فسار بهم عيسى عليه السلام إلى فلاة من الأرض فقام على رأس جرثومة فحمد الله و أثنى عليه ثم أنشأ يتلو عليهم آيات الله و حكمته فقال يا معشر الحواريين اسمعوا ما أقول لكم انى لأجد في كتاب الله المنزل الذي أنزل الله في الإنجيل أشياء معلومة فاعملوا بها قالوا يا روح الله و ما هي قال خلق الليل لثلاثة خصال و خلق النهار لسبع خصال فمن مضى عليه الليل و النهار و هو في غير هذه الخصال خاصمه الليل و النهار يوم القيامة فخصماه خلق الليل لتسكن فيه العروق الفاترة التي أتبعتها في نهارك و تستغفر لذنبك الذي كسبته في النهار ثم لا تعود فيه و تقنت فيه قنوت الصابرين فثلث تنام و ثلث تقوم
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 357
و ثلث تتضرع إلى ربك فهذا ما خلق له الليل و خلق النهار لتؤدى فيه الصلاة المفروضة التي عنها تسئل و بها تحاسب و بر والديك و أن تضرب في الأرض تبتغى المعيشة معيشة يومك و أن تعود فيه وليا لله تعالى كيما يتعهدكم الله برحمته و أن تشيعوا فيه جنازة كيما تنقلبوا مغفورا لكم و ان تأمروا بمعروف و تنهوا عن منكر فهو ذروة الايمان و قوام الدين و أن تجاهدوا في سبيل الله و تراحموا ابراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة و السلام في قبته و من مضى عليه الليل و النهار و هو في غير هذه الخصال خاصمه الليل و النهار يوم القيامة و هو عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ
[سورة غافر (40): آية 65]
قوله تعالى هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية
أخرج ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في الأسماء و الصفات عن ابن عباس رضى الله عنهما قال من قال لا اله الا الله فليقل على أثرها الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و ذلك قوله فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
و أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضى الله عنه انه كان يستحب إذا قال لا اله الله يتبعها الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ثم يقرأ هذه الآية هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ و الله أعلم
[سورة غافر (40): آية 66]
قوله تعالى قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضى الله عنهما ان الوليد بن المغيرة و شيبة بن ربيعة قالا يا محمد ارجع عما تقول و عليك بدين آبائك و أجدادك فانزل الله تعالى قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَ أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ
[سورة غافر (40): الآيات 67 الى 70]
قوله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ الآيات
أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضى الله عنه قال يثغر الغلام لسبع و يحتلم لأربعة عشر و ينتهى طوله لإحدى و عشرين و ينتهى عقله لثمان و عشرين و يبلغ أشده لثلاث و ثلاثين
و أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضى الله عنه وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ قال من قبل أن يكون شيخا وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى الشيخ و الشاب وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ عن ربكم انه يحبيكم كما أماتكم و هذه لأهل مكة كانوا يكذبون بالبعث
و أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضى الله عنه أَنَّى يُصْرَفُونَ قال أنى يكذبون وهم يعقلون
[سورة غافر (40): الآيات 71 الى 77]
قوله تعالى إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ الآية
أخرج أحمد و الترمذي و حسنه و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في البعث و النشور عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ فقال لو ان رصاصة مثل هذه و أشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض و هي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل و لو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل و النهار قبل أن تبلغ أصلها أو قال قعرها
و أخرج ابن أبى حاتم و الطبراني في الأوسط و ابن مردويه عن يعلى بن منبه رضى الله عنه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ينشئ الله سحابة لأهل النار سوداء مظلمة يقال لها و لأهل النار أى شي تطلبون فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا في أعناقهم و سلاسل تزيد في سلاسلهم و جمرا يلتهب عليهم
و أخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قرأ و السلاسل يسبحون في الحميم
و أخرج ابن أبى شيبة عن سعيد بن جبير رضى الله عنه و هو يصلى في شهر رمضان يردد هذه الآية فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ
و أخرج ابن أبى الدنيا في صفة النار عن ابن عباس رضى الله عنهما قال يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ فيسلخ كل شي عليهم من جلد و لحم و عرق حتى يصير في عقبه حتى ان لحمه قدر طوله ستون ذراعا ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر في الحميم فيسلخ كل شي عليهم من جلد و لحم و عرق
و أخرج الفريابي و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم عن مجاهد رضى الله عنه في قوله يُسْجَرُونَ قال توقد بهم النار و في قوله تَمْرَحُونَ قال تبطرون و تأشرون
[سورة غافر (40): آية 78]
أخرج الطبراني في الأوسط و ابن مردويه عن على بن أبى طالب رضى الله عنه في قوله وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ قال بعث الله عبدا حبشيا نبيا فهو ممن لم يقصص على محمد صلى الله عليه و سلم
[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 85]
قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ الآيات
أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر عن مجاهد رضى الله عنه في قوله وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ قال أسفاركم لحاجتكم ما كانت و في قوله وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ قال المشي
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 358
فيها بأرجلهم و في قوله فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ من العلم قال قولهم نحن أعلم منهم و لن نعذب و في قوله وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ قال ما جاءت به رسلهم من الحق
و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد عن قتادة رضى الله عنه في قوله وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ قال من بلد إلى بلد و في قوله سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ قال سنته انهم كانوا إذا رأوا بأسنا آمنوا فلم ينفعهم ايمانهم عند ذلك
(سورة فصلت مكية)
[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال نزلت حم السجدة بمكة و أخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضى الله عنه مثله
و أخرج ابن أبى شيبة و عبد بن حميد و أبو يعلى و الحاكم و صححه و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي كلاهما في الدلائل و ابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال اجتمع قريش يوما فقالوا انظروا أعلمكم بالسحر و الكهانة و الشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا و شتت أمرنا و عاب ديننا فليكلمه و لينظر ما ذا يرد عليه فقالوا ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا أنت يا أبا الوليد فأتاه فقال يا محمد أنت خير أم عبد الله أنت خير أم عبد المطلب فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فان كنت تزعم ان هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت و ان كنت تزعم انك خير منهم فتكلم حتى نسمع لك أما و الله ما رأينا سلحة قط أشأم على قومه منك فرقت جماعتنا و شتت أمرنا و عبت ديننا و فضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم ان في قريش ساحرا و ان في قريش كاهنا و الله ما ننتظر الا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف يا أيها الرجل ان كان انما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا واحدا و ان كان نما بك الباءة فاختر أى نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم فرغت قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ حتى بلغ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ فقال عتبة حسبك ما عندك غير هذا قال لا فرجع إلى قريش فقالوا ما وراءك قال ما تركت شيأ أرى انكم تكلمون به الا كلمته قالوا هل أجابك قال و الذي نصبها بنية ما فهمت شيأ مما قال غير انه قال أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ قالوا ويلك يكلمك الرجل بالعربية و ما تدرى ما قال قال لا و الله ما فهمت شيأ مما قال غير ذلك الصاعقة
و أخرج ابن اسحق و ابن المنذر و البيهقي في الدلائل و ابن عساكر عن محمد بن كعب القرظي رضى الله عنه قال حدثت ان عتبة بن ربيعة و كان أشد قريش حلما قال ذات يوم و هو جالس في نادى قريش و رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس وحده في المسجد يا معشر قريش الا أقوم إلى هذا فأكلمه فاعرض عليه أمورا لعله ان يقبل منها بعضه و يكف عنا قالوا بلى يا أبا الوليد فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر الحديث فيما قال له عتبة و فيما عرض عليه من المال و الملك و غير ذلك حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أفرغت يا أبا الوليد قال نعم قال فاسمع منى قال افعل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فلما سمعها عتبة انصت لها و ألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السجدة فسجد فيها ثم قال سمعت يا أبا الوليد قال سمعت قال أنت و ذاك فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد قال و الله انى قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط و الله ما هو بالشعر و لا بالسحر و لا بالكهانة و الله ليكونن لقوله الذي سمعت نبا
و أخرج أبو نعيم و البيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عمر رضى الله عنهما قال لما قرأ النبي صلى الله عليه و سلم على عتبة بن ربيعة حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أتى أصحابه فقال يا قوم أطيعوني في هذا اليوم و اعصوني بعده فو الله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما ما سمعت مثله قط و ما دريت ما أرد عليه
و اخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضى الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم مصعب بن عمير فنزل في بنى غنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس فجاء سعد بن معاذ فتوعده فقال له أسعد بن زرارة اسمع من قوله فان سمعت منكرا فاردده يا هذا و ان سمعت حقا فأجب اليه فقال ما ذا تقول
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 359
فقرأ مصعب حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لقوم يعقلون قال سعد بن معاذ رضى الله عنه ما أسمع الا ما أعرف فرجع و قد هداه الله
و أخرج البيهقي في الدلائل و ابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال قال أبو جهل و الملأ من قريش قد انتشر علينا أمر محمد صلى الله عليه و سلم فلو التمستم رجلا عالما بالسحر و الكهانة و الشعر فقال عتبة علمت من ذلك علما و ما يخفى على ان كان كذلك فأتاه فلما أتاه قال له يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب فلم يجبه قال فيه تشتم آلهتنا و تظل آباءنا فان كنت انما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت و ان كان بك الباءة زوجناك عشرة نسوة تختار من أى بنات قريش و ان كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت و عقبك من بعدك و رسول الله صلى الله عليه و سلم ساكت لا يتكلم فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا فقرأ حتى بلغ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ فامسك عتبة على فيه و ناشده الرحم ان يكف عنه و لم يخرج إلى أهله و احتبس عنهم فقال أبو جهل يا معشر قريش ما نرى عتبة الا قد صبا إلى محمد و أعجبه طعامه و ما ذاك الا من حاجة أصابته انتقلوا بنا اليه فاتوه فقال أبو جهل و الله يا عتبة ما حسبنا الا انك صبوت إلى محمد و أعجبك أمره فان كنت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمد فغضب و اقسم بالله لا يكلم محمدا أبدا و قال لقد علمتم انى أكثر قريش مالا و لكني أتيته فقص عليهم القصة فأجابني بشيء و الله ما هو بسحر و لا شعر و لا كهانة قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا حتى بلغ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ فأمسكت بفيه و ناشدته الرحم فكيف و قد علمتم ان محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت ان ينزل بكم العذاب
و أخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضى الله عنهما ان قريشا اجتمعت برسول الله صلى الله عليه و سلم و رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس في المسجد فقال لهم عتبة بن ربيعة دعوني حتى أقوم إلى محمد فأكلمه فانى عسى ان أكون ارفق به منكم فقام عتبة حتى جلس اليه فقال يا ابن أخى انك أوسطنا بيتا و أفضلنا مكانا و قد أدخلت في قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك فان كنت تطلب بهذا الحديث مالا فدلك لك على قومك ان تجمع لك حتى تكون أكثرنا مالا و ان كنت تريد شرفا فنحن مشرفوك حتى لا يكون أحد من قومك فوقك و لا نقطع الأمور دونك و ان كان هذا عن لم يصيبك لا تقدر على النزوع عنه بذلنا لك خزائننا في طلب الطلب لذلك منه و ان كنت تريد ملكا ملكناك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أفرغت يا أبا الوليد قال نعم فقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم حم السجدة حتى مر بالسجدة فسجد و عتبة ملق يدخ خلف ظهره حتى فرغ من قراءتها و قام عتبة لا يدرى ما يراجعه به حتى أتى نادى قومه فلما رأوه مقبلا قالوا لقد رجع إليكم بوجه ما قام به من عندكم فجلس إليهم فقال يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به حتى إذا فرغت كلمني بكلام لا و الله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له يا معشر قريش أطيعوني اليوم و اعصوني فيما بعده اتركوا الرجل و اعتزلوه فو الله ما هو بتارك ما هو عليه و خلوا بينه و بين سائر العرب فان يكن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم و عزه عزكم و ملكه ملككم و ان يظهروا عليه تكونوا قد كفيتموه بغيركم قالوا أصبات اليه يا أبا الوليد
و أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنه قال جئت أزور عائشة رضى الله عنها و رسول الله صلى الله عليه و سلم يوحى اليه ثم سرى عنه فقال يا عائشة ناوليني ردائي فناولته ثم أتى المسجد فإذا مذكر يذكر فجلس حتى إذا قضى المذكر تذكره افتتح حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فسجد حتى طالت سجدته ثم تسامع به من كان على ميلين و تلا عليه السجدة فأرسلت عائشة رضى الله عنها في خاصتها ان احضروا رسول الله صلى الله عليه و سلم فلقد رأيت ما لم أره منه منذ كنت معه فرفع رأسه فقال سجدت هذه السجدة شكرا لربي فيما أبلاني في أمتي فقال له أبو بكر رضى الله عنه و ما ذا أبلاك في أمتك قال أعطاني سبعين ألفا من أمتي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَيْرِ حِسابٍ فقال أبو بكر رضى الله عنه يا رسول الله ان أمتك كثير طيب فازدد قال قد فعلت فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا فقال يا رسول الله ازدد لأمتك فقال بيده ثم قال بها على صدره فقال عمر رضى الله عنه وعيت يا رسول الله
و أخرج البيهقي في شعب الايمان عن الخليل بن مرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا ينام
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج5، ص: 360
حتى يقرأ تبارك و حم السجدة
[سورة فصلت (41): آية 5]
قوله تعالى وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ الآية
أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر عن مجاهد رضى الله عنه في قوله وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ قالوا كالجعبة للنبل
و أخرج أبو سهل السرى ابن سهل الجنديسابورى في حديثه من طريق عبد القدوس عن نافع بن الأزرق عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه في قوله وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ الآية قال أقبلت قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال لهم ما يمنعكم من الإسلام فتسودوا العرب فقالوا يا محمد ما نفقه ما تقول و لا نسمعه و ان على قلوبنا لغلفا واخذ أبو جهل ثوبا فمده فيما بينه و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا محمد قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فقل لهم النبي صلى الله عليه و سلم أدعوكم إلى خصلتين أن تشهدوا أن لا اله الا الله وحده لا شريك له و انى رسول الله فلما سمعوا شهادة أن لا اله الا الله وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً و قالوا أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ و قال بعضهم لبعض امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا و هبط جبريل فقال يا محمد ان الله يقرئك السلام و يقول أليس يزعم هؤلاء أن على قلوبهم أكنه أن يفقهوه و في آذانهم وقر فليس يسمعون قولك كيف وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً لو كان كما زعموا لم ينفروا و لكنهم كاذبون يسمعون و لا ينتفعون بذلك كراهية له فلما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا يا محمد أعرض علينا الإسلام فلما عرض عليهم الإسلام أسلموا عن آخرهم فتبسم النبي صلى الله عليه و سلم قال الحمد لله أ لستم بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفا و قلوبكم في أكنة مما ندعوكم اليه و في آذانكم وقرا و أصبحتم اليوم مسلمين فقالوا يا رسول الله كذبنا و الله بالأمس لو كان كذلك ما اهتدينا أبدا و لكن الله الصادق و العباد الكاذبون عليه و هو الغنى و نحن الفقراء اليه
[سورة فصلت (41): الآيات 6 الى 8]
قوله تعالى وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ الآيات
أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و البيهقي في الأسماء و الصفات عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ قال لا يشهدون أن لا اله الا الله و في قوله لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قال غير منقوص
و أخرج عبد بن حميد و الحكيم الترمذي و ابن المنذر عن عكرمة رضى الله عنه في قوله وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ قال لا يقولوا لا اله الا الله
و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد عن قتادة في قوله الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ قال كان يقال الزكاة قنطرة الإسلام من قطعها برئ و نجا و من لم يقطعها هلك و الله أعلم
[سورة فصلت (41): الآيات 9 الى 12]
قوله تعالى قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ الآيات
أخرج ابن جرير و النحاس في ناسخه و أبو الشيخ في العظمة و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في الأسماء و الصفات عن ابن عباس رضى الله عنهما أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه و سلم فسألته عن خلق السموات و الأرض فقال خلق الله الأرض يوم الأحد و الاثنين و خلق الجبال و ما فيهن من منافع يوم الثلاثاء و خلق يوم الأربعاء الشجر و الماء و المدائن و العمران و الخراب فهذه أربعة فقال تعالى قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ و خلق يوم الخميس السماء خلق يوم الجمعة النجوم و الشمس و القمر و الملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال حين يموت و من مات و في الثانية القى الآفة على كل شي من منتفع به و في الثالثة خلق آدم و أسكنه الجنة و أمر إبليس بالسجود له و أخرجه منها في آخر ساعة قالت اليهود ثم ما ذا يا محمد قال ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ* قالوا قد أصبت لو أتممت ثم قالوا استراح فغضب النبي صلى الله عليه و سلم غضبا شديدا فنزل وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ
و أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها قال شق الأنهار و غرس الأشجار و وضع الجبال و أجرى البحار و جعل في هذه ما ليس في هذه و في هذه ما ليس في هذه
و أخرج عبد بن حميد و ابن أبى حاتم عن عكرمة في قوله وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها قال قدر كل أرض شيا لا يصلح في غيرها