کتابخانه تفاسیر
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 42
و أخرج ابن أبى حاتم عن السدى قال نزلت هذه الآية وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما في عبد الرحمن بن أبى بكر قال لوالديه و كانا قد أسلما و أبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالإسلام و يرد عليهما و يكذبهما فيقول فأين فلان و أين فلان يعنى مشايخ قريش ممن قد مات ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا
و أخرج عبد الرزاق و ابن مردويه من طريق ميناء أنه سمع عائشة رضى الله عنها تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنه و قالت انما نزلت في فلان بن فلان سمت رجلا
و أخرج عبد الرزاق و ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة رضى الله عنه أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ قال يعنى البعث بعد الموت
[سورة الأحقاف (46): آية 20]
قوله تعالى وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية
أخرج ابن مردويه عن حفص بن أبى العاصي قال كنا نتغدى مع عمر رضى الله عنه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول قال الله في كتابه وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ الآية
و أخرج سعيد بن منصور و عبد بن حميد و ابن المنذر و الحاكم و البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر رضى الله عنهما ان عمر رضى الله عنه رأى في يد جابر بن عبد الله درهما فقال ما هذا الدرهم قال أريد أن أشترى به لحما لأهلي قرموا اليه فقال أ فكلما اشتهيتم شيأ اشتريتموه أين تذهب عنكم هذه الآية أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها
و أخرج احمد في الزهد عن الأعمش قال مر جابر ابن عبد الله و هو متعلق لحما على عمر رضى الله عنه فقال ما هذا يا جابر قال هذا لحم اشتهيته اشتريته قال و كلما اشتهيت شيا اشتريته أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا
و أخرج أبو نعيم في الحلية عن سالم بن عبد الله بن عمر ان عمر كان يقول و الله ما يعنى بلذات العيش ان نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا و نأمر بلباب الحنطة فتخبز لنا و نأمر بالزبيب فينبذ لنا في الأسعان حتى إذا صار مثل عين اليعقوب أكلنا هذا و شربنا هذا و لكنا نريد أن نستبقي طيباتنا لأنا سمعنا الله يقول أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا الآية
و أخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى رضى الله عنه قال قدم على عمر رضى الله عنه ناس من العراق فرأى كأنهم يأكلون هديرا فقال يا أهل العراق لو شئت ان يدهمق لي كما يدهمق لكم لفعلت و لكنا نستبقي من ربنا ما نجده في آخرتنا أما سمعتم الله يقول لقوم أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا الآية
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها قال تعلموا ان أقواما يسترطون حسناتهم في الدنيا استبقى رجل طيباته ان استطاع و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قال و ذكر لنا ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يقول لو شئت لكنت اطيبكم طعاما و ألينكم لباسا و لكني استبقى طيباتى و ذكر لنا ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما قدم الشام صنع له طعام لم ير قبله مثله قال هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا و هم لا يشبعون من خبز الشعير فقال خالد بن الوليد رضى الله عنه لهم الجنة فاغرورقت عينا عمر رضى الله عنه فقال لئن كان حظنا من هذا الحطام و ذهبوا بالجنة لقد باينونا بونا بعيدا
و أخرج عبد بن حميد عن أبى مجلز رضى الله عنه قال ليطلبن ناس حسنات عملوها فيقال لهم أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها الآية
و أخرج عبد بن حميد عن الحسن رضى الله عنه قال أتى عمر رضى الله عنه بشربة عسل فقال و الله لا أتحمل فضلها اسقوها فلانا
و أخرج عبد بن حميد عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال رآني عمر رضى الله عنه و أنا متعلق لحما فقال يا جابر ما هذا قلت لحم اشتريته بدرهم لنسوة عندي قرمن اليه فقال أما يشتهى أحدكم شيا الا صنعه أما يجد أحدكم أن يطوى بطنه لجاره و ابن عمه أين تذهب هذه الآية أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا قال فما انفلت منه حتى كدت ان لا انفلت
و أخرج ابن سعد و عبد بن حميد عن حميد بن هلال قال كان حفص رضى الله عنه يكثر غشيان أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه و كان إذا قرب طعامه اتقاه فقال له عمر رضى الله عنه ما لك و لطعامنا فقال يا أمير المؤمنين ان أهلي يصنعون لي طعاما هو ألين من طعامك فاختار طعامهم على طعامك فقال ثكلتك أمك أما تراني لو شئت أمرت بشاة فتية سمينة فالقى عنها شعرها ثم أمرت بدقيق فنخل في خرقة فجعل خبزا مرققا و أمرت بصاع من زبيب فجعل في سمن حتى يكون كدم الغزال فقال حفص انى أراك تعرف لين الطعام فقال عمر رضى الله عنه ثكلتك أمك و الذي نفسي بيده لو لا كراهية ان ينقص من حسناتي يوم القيامة لأشركتكم
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 43
في لين طعامكم
و أخرج ابن المبارك و ابن سعد و أحمد في الزهد و عبد بن حميد و أبو نعيم في الحلية عن الحسن قال قدم وفد أهل البصرة على عمر مع أبى موسى الأشعري فكان له في كل يوم خبز يلت فربما وافقناها مأدومة بزيت و ربما وافقناها مأدومة بسمن و ربما وافقناها مأدومة بلبن و ربما وافقنا القدائد اليابسة قد دقت ثم أغلى لها و ربما وافقنا اللحم الغريض و هو قليل قال و قال لنا عمر رضى الله عنه انى و الله لقد أرى تقذيركم و كراهيتكم طعامي أما و الله لو شئت لكنت أطيبكم طعاما و أرقكم عيشا أما و الله ما أجهل عن كراكر و أسنمة و عن صلى و صناب و سلائق و لكني وجدت الله عير قوما بأمر فعلوه فقال أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها
و أخرج أحمد و البيهقي في شعب الايمان عن ثوبان رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة و أول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة فقدم من غزاة له فأتاها فإذا بمسح على بابها و راى على الحسن و الحسين قلبين من فضة فرجع و لم يدخل عليها فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل من أجل ما رأى فهتكت الستر و نزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هما يبكيان فأخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم منهما فقال يا ثوبان اذهب بهذا إلى بنى فلان أهل بيت بالمدينة و اشتر لفاطمة قلادة من عصب و سوارين من عاج فان هؤلاء أهل بيتي و لا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا و الله تعالى أعلم
[سورة الأحقاف (46): الآيات 21 الى 23]
قوله تعالى وَ اذْكُرْ أَخا عادٍ
أخرج ابن ماجة و ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يرحمنا الله و أخا عاد
و أخرج ابن أبى حاتم عن على رضى الله عنه قال خير واديين في الناس وادي مكة و وادية ارم بأرض الهند و شر واديين في الناس وادي الأحقاف و واد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فيه أرواح الكفار و خير بئر في الناس زمزم و شر بئر في الناس برهوت و هي في ذاك الوادي الذي بحضرموت
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال الأحقاف جبل بالشام
و أخرج ابن جرير عن الضحاك قال الأحقاف جيل بالشام يسمى الأحقاف
و أخرج ابن جرير عن مجاهد رضى الله عنه قال الأحقاف الأرض
و أخرج ابن جرير عن مجاهد رضى الله عنه قال الأحقاف جساق من جسمي
و أخرج ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه قال ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر
و أخرج ابن المنذر عن مجاهد رضى الله عنه في قوله بِالْأَحْقافِ قال تلال من أرض اليمن
و أخرج ابن جرير عن الضحاك رضى الله عنه في قوله وَ قَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قال لم يبعث الله رسولا الا بان يعبد الله
و أخرج ابن جرير عن ابن زيد رضى الله عنه في قوله لِتَأْفِكَنا قال لتزيلنا و قرا إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا قال يضلنا و يزيلنا و يافكنا واحد
[سورة الأحقاف (46): الآيات 24 الى 25]
قوله تعالى فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً الآية
أخرج ابن المنذر و ابن أبى حاتم من طرق عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا قال هو السحاب
و أخرج سعيد بن منصور و أحمد و عبد بن حميد و البخاري و مسلم و أبو داود و ابن المنذر و ابن مردويه عن عائشة رضى الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته انما كان يتبسم و كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه قلت يا رسول الله ان الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء ان يكون فيه المطر و إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية قال يا عائشة و ما يؤمنني ان يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح و قد رأى قوم العذاب ف قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
و أخرج عبد بن حميد و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجة عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا عصفت الريح قال اللهم انى أسألك خيرها و خير ما فيها و خير ما أرسلت به و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها و شر ما أرسلت به فإذا تخيلت السماء تغير لونه و خرج و دخل و أقبل و أدبر فإذا أمطرت سرى عنه فسألته فقال لا أدرى لعله كما قال قوم عاد هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
و أخرج ابن أبى الدنيا في كتاب السحاب و أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قال غيم فيه مطر فأول ما عرفوا انه عذاب رأوا ما كان خارجا من رحالهم و مواشيهم يطير بين السماء و الأرض مثل الريش دخلوا بيوتهم و أغلقوا أبوابهم فجاءت الريح
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 44
ففتحت أبوابهم و مالت عليهم بالرمل فكانوا تحت الرمل سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً لهم أنين ثم أمر الريح فكشف عنهم الرمل و طرحتهم في البحر فهو قوله فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ
و أخرج ابن أبى الدنيا و أبو يعلى و الطبراني و أبو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا فيها الا مثل الخاتم فمرت باهل البادية فحملتهم و أموالهم فجعلتهم بين السماء و الأرض فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح و ما فيها قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فألقت أهل البادية و مواشيهم على أهل الحاضرة
و أخرج الطبراني و أبو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما فتح الله على عاد من الريح الا موضع الخاتم أرسلت عليهم فحملت البدو الى الحضر فلما رأوها أهل الحضر قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا مستقبل أوديتنا و كان أهل البوادي فيها فالقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا قال عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب
و أخرج ابن أبى شيبة و ابن جرير عن عمرو بن ميمون رضى الله عنه قال كان هود قاعدا في قومه فجاء سحاب مكفهر ف قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فقال هود بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ فجعلت تلقى الفسطاط و تجئ بالرجل الغائب
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و الحاكم و صححه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال ما أرسل الله على عاد من الريح الا قدر خاتمي هذا
و أخرج عبد بن حميد عن ميمون رضى الله عنه انه قرأ لا ترى الا مساكنهم بالتاء و النصب
و أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضى الله عنه انه قرأ لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ بالياء و رفع النون
[سورة الأحقاف (46): الآيات 26 الى 28]
قوله تعالى وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ الآية
أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم عن أبن عباس رضى الله عنهما في قوله وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ يقول لم نمكنكم فيه
و أخرج ابن المنذر و ابن أبى حاتم عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ الآية قال عاد مكنوا في الأرض أفضل مما مكنت فيه هذه الامة و كانوا أشد قوة و أكثر أولادا و أطول أعمارا
و أخرج ابن المنذر عن ابن جريح رضى الله عنه في قوله وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى هاهنا و هاهنا شيا باليمن و اليمامة و الشام
و أخرج سعيد بن منصور عن ابن الزبير رضى الله عنه انه قرأ و تلك إفكهم
و أخرج ابن جرير عن ابن عباس انه كان يقرؤها و ذلك أفكهم يعنى بفتح الالف و الكاف و قال أصلهم
[سورة الأحقاف (46): الآيات 29 الى 34]
قوله تعالى وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ الآية
أخرج أحمد و ابن أبى حاتم و ابن مردويه عن الزبير وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ قال بنخلة قال و رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى العشاء الآخرة كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً
و أخرج ابن أبى شيبة و ابن منيع و الحاكم و صححه و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضى الله عنه قال هبطوا على النبي صلى الله عليه و سلم و هو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالُوا أَنْصِتُوا قالوا صه و كانوا تسعة أحدهم زوبعة فانزل الله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ إلى قوله ضَلالٍ مُبِينٍ
و أخرج ابن جرير و الطبراني و ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ الآية قال كانوا تسعة عشر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم رسلا إلى قومهم
و أخرج الطبراني في الأوسط و ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال صرفت الجن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم مرتين و كان اشراف الجن بنصيبين
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضى الله عنهما وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ قال كانوا من أهل نصيبين أتوه ببطن نخلة
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و أبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بت الليلة أقرأ على الجن 7 رفقا بالحجون
و أخرج البخاري و مسلم و ابن مردويه عن مسروق قال سالت ابن مسعود من آذن النبي صلى الله عليه و سلم بالجن ليلة استمعوا القرآن قال آذنته بهم شجرة
و أخرج ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضى الله عنه انه سئل أين قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم على الجن فقال قرأ عليهم بشعب يقال له الحجون
و أخرج عبد بن حميد و أحمد و مسلم و الترمذي عن علقمة قال قلت لابن مسعود رضى الله عنه هل صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة الجن منكم أحد قال ما صحبه منا أحد و لكنا فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل استطير ما فعل قال فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح إذا نحن به يجئ من قبل
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 45
حراء فأخبرناه فقال انه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن فانطلق فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم
و اخرج ابن أبى حاتم عن عكرمة في قوله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ قال هم اثنا عشر ألفا من جزيرة الموصل
و أخرج ابن أبى حاتم عن مجاهد رضى الله عنه في قوله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ قال كانوا سبعة ثلاثة من أهل حران و أربعة من نصيبين و كانت أسماؤهم حسى و مسي و شاصر و ماصر و الأرد و إينان و الاحقم و سرق
و أخرج الطبراني و الحاكم و ابن مردويه عن صفوان بن المعطل قال خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب فما لبث ان ماتت فلفها رجل في خرقة و دفنها ثم قدمنا مكة فانا لبالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص فقال أيكم صاحب عمرو قلنا ما نعرف عمرا قال أيكم صاحب الجان قالوا هذا قال اما انه آخر التسعة موتا الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ
و أخرج أبو نعيم في الدلائل و الواقدي عن أبى جعفر رضى الله عنه قال قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم الجن في ربيع الأول سنة احدى عشرة من النبوة
و أخرج الواقدي و أبو نعيم عن كعب الأحبار رضى الله عنه قال لما انصرف النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة و هم فلان و فلان و فلان و الارد و اينان و الاحقب جأوا قومهم منذرين فخرجوا بعد وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهم ثلاثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الاحقب فسلم على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ان قومنا قد حضروا الحجون يلقونك فواعده رسول الله صلى الله عليه و سلم لساعة من الليل بالحجون و الله أعلم
[سورة الأحقاف (46): آية 35]
قوله تعالى فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ الآية
أخرج ابن أبى حاتم و الديلمي عن عائشة رضى الله عنها قالت ظل رسول الله صلى الله عليه و سلم صائما ثم طوى ثم ظل صائما ثم طوى ثم ظل صائما قال يا عائشة ان الدنيا لا تنبغي لمحمد و لا لال محمد يا عائشة ان الله لم يرض من أولى العزم من الرسل الا بالصبر على مكروهها و الصبر عن محبوبها ثم لم يرض منى الا أن يكلفني ما كلفهم فقال فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ و انى و الله لأصبرن كما صبروا جهدي و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
و أخرج ابن أبى حاتم و ابن مردويه عن ابن عباس قال أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ النبي صلى الله عليه و سلم و نوح و ابراهيم و موسى و عيسى
و أخرج عبد بن حميد و أبو الشيخ و البيهقي في شعب الايمان و ابن عساكر عن أبى العالية فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ قال نوح و هود و ابراهيم فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ان يصبر كما صبروا و كانوا ثلاثة و رسول الله صلى الله عليه و سلم رابعهم قال نوح يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَ تَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ إلى آخرها فأظهر لهم المفارقة و قال هود حين قالوا إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قال إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فأظهر لهم المفارقة و قال لإبراهيم قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ إلى آخر الآية فأظهر لهم المفارقة و قال يا محمد قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ* فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم عند الكعبة فقرأها على المشركين فأظهر لهم المفارقة
و أخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله أُولُوا الْعَزْمِ قال هم نوح و هود و ابراهيم و شعيب و موسى
و أخرج ابن المنذر عن ابن جريح قال أُولُوا الْعَزْمِ إسماعيل و يعقوب و أيوب و ليس آدم منهم و لا يونس و لا سليمان
و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن المنذر عن قتادة قال أُولُوا الْعَزْمِ نوح و ابراهيم و موسى و عيسى
و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ قال هم الذين أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح و هود و صالح و موسى و داود و سليمان
و أخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال بلغني ان أولى الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ كانوا ثلاثمائة و ثلاثة عشر
قوله تعالى فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ
أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه في قوله فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ قال تعلموا و الله ما يهلك على الله الا هالك مشرك ولى الإسلام ظهره أو منافق صدق بلسانه و خالف بقلبه
و أخرج الطبراني في الدعاء عن أنس ان النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا طلبت و أحببت ان تنجح فقل لا اله الا الله وحده لا شريك له العلى العظيم لا اله الا الله وحده لا شريك له رب السموات و الأرض و رب العرش العظيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* ... كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها ... كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ اللهم انى أسألك موجبات رحمتك و عزائم مغفرتك و السلامة من كل اثم و الغنيمة من كل بر و الفوز بالجنة و النجاة من النار اللهم لا تدع لي ذنبا الا
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 46
غفرته و لا هما الا فرجته و لا حاجة هي لك رضا الا قضيتها يا أرحم الراحمين وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*
(سورة القتال
مدنية)
أخرج ابن الضريس عن ابن عباس رضى الله عنهما قال أنزلت سورة القتال بالمدينة
و أخرج النحاس و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضى الله عنهما قال نزلت سورة محمد بالمدينة
و أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال نزلت بالمدينة سورة الَّذِينَ كَفَرُوا
و أخرج ابن مردويه عن على قال سورة محمد آية فينا و آية في بنى أمية
و أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ بهم في المغرب الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
[سورة محمد (47): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا الآية
أخرج الفريابي و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و الحاكم و صححه و ابن مردويه عن ابن عباس في قوله الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ قال هم أهل مكة قريش نزلت فيهم وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قال هم أهل المدينة الأنصار وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ قال أمرهم
و أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ قال كانت لهم أعمال فاضلة لا يقبل الله مع الكفر عملا
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ قال أصلح حالهم
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن مجاهد في قوله وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ قال شانهم و في قوله ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ قال الشيطان
[سورة محمد (47): الآيات 4 الى 6]
قوله تعالى فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ قال مشركي العرب يقول فَضَرْبَ الرِّقابِ قال حتى يقولوا لا اله الا الله
و أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ قال لا تأسروهم و لا تفادوهم حتى تثخنوهم بالسيف
و أخرج النحاس عن ابن عباس في قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قال فجعل النبي صلى الله عليه و سلم و المؤمنين بالخيار في الأسرى ان شأوا قتلوهم و ان شأوا استعبدوهم و ان شأوا فادوهم
و اخرج ابن جرير و ابن مردويه عن ابن عباس في قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قال هذا منسوخ نسختها فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الآية
و أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضى الله عنه في قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قال فرخص لهم أن يمنوا على من شأوا منهم نسخ الله ذلك بعد في براءة فقال فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ
و أخرج عبد بن حميد و أبو داود في ناسخه و ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة رضى الله عنه في قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قال كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم فإذا أسروا منهم أسيرا فليس لهم الا أن يفادوه أو يمنوا عليه تم نسخ ذلك بعد فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ
و أخرج عبد الرزاق في المصنف و عبد ابن حميد و ابن جرير عن الضحاك و مجاهد في قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قالا نسختها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن السدى مثله
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن عمران بن حصين رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم فادى رجلين من أصحابه برجلين من المشركين أسروا
و أخرج عبد بن حميد عن أشعث قال سالت الحسن و عطاء عن قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً قال أحدهما يمن عليه أو لا يفادى و قال الأخر يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه و سلم يمن عليه أو لا يفادى
و أخرج ابن جرير ابن مردويه عن الحسن رضى الله عنه قال أتى الحجاج بأسارى فدفع إلى ابن عمر رضى الله عنهما رجلا يتمثله فقال ابن عمر ليس بهذا أمرنا انما قال الله حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً
و أخرج ابن مردويه و البيهقي في سننه عن نافع ان ابن عمر رضى الله عنهما أعتق ولد زنية و قال قد أمرنا الله و رسوله ان نمن على من هو شر منه قال الله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً
و أخرج عبد الرزاق في المصنف و ابن المنذر و ابن مردويه عن ليث رضى الله عنه قال قلت لمجاهد بلغني ان ابن عباس رضى الله عنهما قال لا يحل قتل الأسارى لان الله تعالى قال فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً فقال مجاهد لا تعبأ بهذا شيأ أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و كلهم ينكر هذا و يقول هذه منسوخة انما كانت في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين المشركين فاما اليوم فلا يقول الله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ و يقول فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ فان كانوا من مشركي العرب لم يقبل منهم شي الا الإسلام فان لم يسلموا فالقتل و أما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 47
ان شأوا قتلوهم و ان شأوا استحيوهم و ان شأوا فادوهم إذا لم يتحولوا عن دينهم فان أظهروا الإسلام لم يفادوا و نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتل الصغير و المرأة و الشيخ الفاني
و أخرج ابن أبى شيبة عن مجاهد رضى الله عنه قال نسخت فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ما كان قبل ذلك من فداء أو من
و أخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء رضى الله عنه انه كان يكره قتل أهل الشرك صبرا و يتلو فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً ثم نسختها فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ و نزلت زعموا في العرب خاصة و قتل النبي صلى الله عليه و سلم عقبة بن أبى معيط يوم بدر صبرا
و أخرج عبد الرزاق عن أيوب رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن قتل الوصفاء و العسفاء
و أخرج عبد الرزاق عن الضحاك بن مزاحم رضى الله عنه قال نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن قتل النساء و الولدان الا من عدا منهم بالسيف
و أخرج ابن أبى شيبة و ابن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن رضى الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه و سلم سرية فطلبوا رجلا فصعد شجرة فأحرقوها بالنار فلما قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم أخبروه بذلك فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال انى لم أبعث أعذب بعذاب الله انما بعثت بضرب الرقاب و شد الوثاق
قوله تعالى حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها
اخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه في قوله حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها قال حتى لا يكون شرك
و أخرج ابن المنذر عن الحسن رضى الله عنه حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها قال حتى يعبد الله و لا يشرك به
و أخرج الفريابي و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي في سننه عن مجاهد رضى الله عنه في قوله حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها قال حتى يخرج عيسى بن مريم عليه السلام فيسلم كل يهودي و نصراني و صاحب ملة و تأمن الشاة من الذئب و لا تقرض فارة جرابا و تذهب العداوة من الناس كلها ذلك ظهور الإسلام عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ* و ينعم الرجل المسلم حتى تقطر رجله دما إذا وضعها
و أخرج عبد بن حميد و ابن أبى حاتم و ابن مردويه عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوشك من عاش منكم ان يلقى عيسى بن مريم اماما مهديا و حكما عدلا فيكسر الصليب و يقتل الخنزير و توضع الجزية و تضع الْحَرْبُ أَوْزارَها
و أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضى الله عنه حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها قال خروج عيسى بن مريم عليه السلام
و أخرج ابن سعد و أحمد و النسائي و البغوي و الطبراني و ابن مردويه عن سلمة بن نفيل رضى الله عنه قال بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله ان الخيل قد سببت و وضع السلاح و زعم أقوام ان لا قتال و ان قد وضعت الْحَرْبُ أَوْزارَها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذبوا فالان جاء القتال و لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون في سبيل الله لا يضرهم من خالفهم يزيغ الله قلوب قوم ليرزقهم منهم و يقاتلون حتى تقوم الساعة و لا تزال الخيل معقودا في نواصيها الخير حتى تقوم الساعة و لا تضع الْحَرْبُ أَوْزارَها حتى يخرج يأجوج و مأجوج
و أخرج ابن أبى حاتم عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال فتح لرسول الله صلى الله عليه و سلم فتح فقلت يا رسول الله اليوم ألقى الإسلام بجرانه و وضعت الْحَرْبُ أَوْزارَها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان دون ان تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها خلالا ستا أولهن موتى ثم فتح بيت المقدس ثم فئتان من أمتي دعواهم واحدة يقتل بعضهم بعضا و يفيض المال حتى يعطى الرجل المائة دينار فيتسخط و موت يكون كقعاص الغنم و غلام من بنى الأصفر ينبت في اليوم كنبات الشهر و في الشهر كنبات السنة فيرغب فيه قومه فيملكونه يقولون نرجو ان ير بك علينا ملكنا فيجمع جمعا عظيما ثم يسير حتى يكون فيما بين العريش و أنطاكية و أميركم يومئذ نعم الأمير فيقول لأصحابه ما ترون فيقولون نقاتلهم حتى يحكم الله بيننا و بينهم فيقول لا أرى ذلك نحرز ذرارينا و عيالنا و نخلى بينهم و بين الأرض ثم نغزوهم و قد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون بينهم و بين أرضهم حتى يأتوا مدينتي هذه فيستهدون أهل الإسلام فيهدونهم ثم يقول لا ينتدبن معى الا من يهب نفسه لله حتى نلقاهم فنقاتل حتى يحكم الله بيني و بينهم فينتدب معه سبعون ألفا و يزيدون على ذلك فيقول حسبي سبعون ألفا لا تحملهم الأرض و فيهم عين لعدوهم فيأتيهم فيخبرهم بالذي كان فيسيرون إليهم حتى إذا التقوا سألوا ان يخلى بينهم و بين من كان بينهم و بينه نسب فيدعونهم فيقولون ما ترون فيما يقولون فيقول ما أنتم بأحق بقتالهم و لا أبعد منهم فيقول فعندكم فاكسروا أغمادكم فيسل الله سيفه عليهم فيقتل منهم
الدر المنثور فى تفسير المأثور، ج6، ص: 48
الثلثان و يقر في السفن الثلث و صاحبهم فيهم حتى إذا تراءت لهم جبالهم بعث الله عليهم ريحا فردتهم إلى مراسيهم من الشام فأخذوا فذبحوا عند أرجل سفنهم عند الساحل فيومئذ تضع الْحَرْبُ أَوْزارَها
قوله تعالى ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ
أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ ... لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ قال أى و الله بجنوده الكثيرة كل خلقه له جند فلو سلط أضعف خلقه لكان له جندا
و أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضى الله عنه في قوله ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ قال لأرسل عليهم ملكا فدمر عليهم و في قوله وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ قال نزلت فيمن قتل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد
و أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضى الله عنه انه قرأ و الذين قاتلوا بالألف
و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن أبى حاتم عن قتادة رضى الله عنه في قوله وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ الآية قال ذكر لنا ان هذه الآية نزلت في يوم أحد و رسول الله صلى الله عليه و سلم في الشعب و قد فشت فيهم الجراحات و القل و قد نادى المشركون يومئذ أعل هبل و نادى المسلمون الله أعلى و أجل فنادى المشركون يوم بيوم بدر و ان الحرب سجال لنا عزى و لا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم قولوا الله مولانا و لا مولى لكم ان القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء يرزقون و أما قتلاكم ففي النار يعذبون
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن مجاهد رضى الله عنه وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ قال يهدى أهلها إلى بيوتهم و مساكنهم و حيث قسم الله لهم منها لا يخطون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه عَرَّفَها لَهُمْ قال عرفهم منازلهم فيها
و أخرج ابن ابى حاتم عن مقاتل رضى الله عنه في قوله وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ قال بلغنا ان الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشى بين يديه في الجنة و يتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شي أعطاه الله في الجنة فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله و أزواجه و انصرف الملك عنه
[سورة محمد (47): الآيات 7 الى 11]
قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضى الله عنه في قوله إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ قال على نصره
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة رضى الله عنه إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ قال حق على الله ان يعطى من سأله و ان ينصر من نصره وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ قال أما الاولى ففي الكفار الذي قتل الله يوم بدر و أما الاخرى ففي الكفار عامة
و أخرج ابن أبى شيبة و عبد بن حميد و ابن المنذر عن عمرو بن ميمون رضى الله عنه ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قال كرهوا الفرائض
و أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضى الله عنه في قوله أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قال أهلكهم الله بألوان العذاب بان يتفكر متفكر و يتذكر متذكر و يرجع راجع فضرب الأمثال و بعث الرسل ليعفلوا عن الله أمره
و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما وَ لِلْكافِرِينَ أَمْثالُها قال لكفار قومك يا محمد مثل ما دمرت به القرى فأهلكوا بالسيف
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن مجاهد في قوله وَ لِلْكافِرِينَ أَمْثالُها قال مثل ما دمرت به القرون الاولى وعيد من الله تعالى لهم و في قوله ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا قال وليهم الله
و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا قال ليس لهم مولى غيره
[سورة محمد (47): الآيات 12 الى 14]
و أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضى الله عنه في قوله وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ قال لا يلتفت إلى آخرته
قوله تعالى وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ الآيتين
أخرج عبد بن حميد و أبو يعلى و ابن جرير و ابن أبى حاتم و ابن مردويه عن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم لما خرج من مكة إلى الغار التفت إلى مكة و قال أنت أحب بلاد الله إلى الله و أنت أحب بلاد الله إلى و لو لا ان أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك فأعتى الاعداء من عدا على الله في حرمه أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول أهل الجاهلية فانزل الله تعالى وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ