کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين

المجلد السابع

سورة فصلت مكية و هي ثلاث و خمسون آية سورة الدخان مكية و قيل إلا إنا كاشفوا العذاب الآية و هي ست أو سبع أو تسع و خمسون آية سورة الجاثية مكية إلا قل للذين آمنوا الآية. و هي ست سبع و ثلاثون آية سورة محمد مدنية إلا و كأين من قرية الآية. أو مكية. و هي ثمان أو تسع و ثلاثون آية سورة الحجرات مدنية و هي ثمان عشر آية سورة الذاريات مكية و هي ستون آية سورة الطور مكية و هي تسع و أربعون آية سورة القمر مكية إلا سيهزم الجمع الآية. و هي خمس و خمسون آية سورة الحديد مكية أو مدنية و هي تسع و عشرون آية سورة الممتحنة مدنية و هي ثلاث عشرة آية سورة الصف مكية أو مدنية و هي أربع عشرة آية فهرس محتويات الجزء السابع من الفتوحات الإلهية

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين


صفحه قبل

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 9

و أشرق، فلذا أعجز من بعده عن الارتقاء إلى مدارج كماله و النسخ على منواله، فتمت المناسبة اه كرخي.

قوله: (حاجة الراغبين) أي المحبين و المريدين لتكميل هذا الكتاب بالتأليف، و في المصباح:

رغبت في الشي‏ء و رغبته يتعدى بنفسه أيضا إذا رغبا، بفتح الغين و سكونها، و رغبت عنه إذا لم ترده، و الرغبة بالهاء لتأنيث المصدر اه. و في المختار: رغب في الشي‏ء: أراده، و بابه طرب، و رغب عنه: لم يرده اه.

قوله: (في تكملة تفسير القرآن) أي تكميله و تتميمه، و القرآن: اللفظ المنزل على محمد صلّى اللّه عليه و سلّم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته، و وصفه بالكريم من حيث ما فيه من الخيرات و المنافع الكثيرة، و التفسير: التبيين و التوضيح. ففي المصباح: فسرت الشي‏ء فسرا من باب ضرب بينته و أوضحته، و التثقيل مبالغة اه.

و الفرق بين التفسير و التأويل أن التفسير تعيين معنى اللفظ بواسطة نقل من قرآن أو سنة أو أثر، أو بواسطة التخريج على القواعد الأدبية، و أن التأويل حمل اللفظ المحتمل لمعان على بعضها بواسطة القواعد العقلية الصحيحة، و المراد هنا بالتفسير ما يعم الأمرين اه شيخنا.

و في الكرخي ما نصه: و اعلم أن المدرسين و إن تباينت مراتبهم في العلم، و تفاوتت منازلهم في الفهم أصناف ثلاثة لا رابع لها، الأول: من إذا درّس آية اقتصر على ما فيها من المنقول و أقوال المفسرين و أسباب النزول و المناسبة و وجوه الإعراب و معاني الحروف و نحو ذلك، و هذا لا حظ له عند المحققين و لا نصيب له بين فرسان الفهوم. و الثاني: من يأخذ في وجوه الاستنباط منها، و يستعمل فكره بمقدار ما آتاه اللّه تعالى من الفهم، و لا يشتغل بأقوال السابقين و تصرفات الماضين، علما منه أن ذلك أمره موجود في بطون الأوراق لا معنى لإعادته. و الثالث: من يرى الجمع بين الأمرين و التحلي بالوصفين و لا يخفى أنه أرفع الأصناف، و من هذا الصنف الجلال المحلي و الجلال السيوطي كصاحب الكشاف و الكواشي و القاضي و الفخر الرازي رضي اللّه تعالى عنهم اه.

و قال أبو حيان في البحر ما نصه: و من أحاط بمعرفة مدلول الكلمة و أحكامها قبل التركيب، و علم كيفية تركيبها في تلك اللغة و ارتقى إلى تمييز حسن تركيبها و قبحه، فلا يحتاج في فهم ما تركب من تلك الألفاظ إلى مفهم و لا معلم، و إنما تفاوت الناس في إدراك هذا الذي ذكرناه، فلذلك اختلفت أفهامهم، و تباينت أقوالهم، و قد جربنا الكلام يوما مع بعض من عاصرنا، فكان يزعم أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تراكيبه، بالإسناد إلى مجاهد و طاوس و عكرمة و أضرابهم، و أن فهم الآيات متوقف على ذلك، و العجب له أنه يرى أقوال هؤلاء كثيرة الاختلاف متباينة الأوصاف متعارضة يناقض بعضها بعضا، و كان هذا المعاصر يزعم أن كل آية قد نقل فيها التفسير خلفا عن سلف بالسند، إلى أن وصل ذلك إلى الصحابة، و من كلامه: أن الصحابة سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن تفسيرها هذا، و هم العرب الفصحاء الذين نزل القرآن بلسانهم. و قد روي عن علي كرّم اللّه وجهه و قد سئل: هل خصكم يا

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 10

الإمام العلامة المحقق جلال الدين محمد بن أحمد المحلي الشافعي رحمه اللّه، و تتميم ما فاته و هو من أول سورة البقرة إلى آخر الإسراء بتتمة على نمطه من ذكر ما يفهم به كلام اللّه تعالى و الاعتماد على أرجح الأقوال و إعراب ما يحتاج إليه و تنبيه على القراءات المختلفة المشهورة أهل البيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بشي‏ء؟ فقال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة أو فهم يؤتاه الرجل في كتاب اللّه تعالى، و قول هذا المعاصر يخالف قول علي رضي اللّه تعالى عنه، و على قول هذا المعاصر يكون ما استخرجه الناس بعد التابعين من علوم التفسير و معانيه و دقائقه و إظهار ما احتوى عليه من علم الفصاحة و البيان و الإعجاز لا يكون تفسيرا حتى ينقل بالسند إلى مجاهد و نحوه، و هذا كلام ساقط اه.

قوله: (المحلي) بفتح الحاء نسبة للمحلة الكبرى مدينة من مدن مصر. قوله: (و تتميم ما فاته) بالرفع عطفا على ما في قوله: ما اشتدت إليه حاجة الراغبين، أو بالجر عطفا على قوله: في تكملة تفسير القرآن، و على الأول هو مساو في المعنى للمعطوف عليه، و كذا على الثاني فذكره من قبيل الإطناب، كأنه ذكره توطئة للأوصاف التي ذكرها بقوله: على نمطه الخ، و في هذا التعبير تسمح من حيث أن ما أتى به السيوطي تتميم لما أتى به المحلي لا لما فاته، إذا الذي فاته هو نفس ما أتى به السيوطي. و قوله: (و هو من أول) الخ، الضمير راجع لما فاته أو للتتميم لما عرفت أن ما فاته و التتميم مصدوقهما واحد و هو تفسير السيوطي، و قوله: (من أول سورة البقرة) الخ أي: و أما الفاتحة ففسرها المحلي فجعلها السيوطي في آخر تفسير المحلي لتكون متضمنة لتفسيره و ابتدأ هو من أول البقرة اه شيخنا.

و سيأتي له في آخر الإسراء أنه فسر هذا النصف في مقدار ميعاد الكليم، أي في أربعين يوما بل في أقل منها، و كان عمره إذ ذاك اثنتين و عشرين سنة أو أقل منها بشهور، فكأن هذه التكملة أول تفاسيره و قد ابتدأها يوم الأربعاء مستهل رمضان سنة سبعين و ثمانمائة، و فرغ منها عاشر شوال من السنة المذكورة، و كان ابتداء تأليف هذه التكملة بعد وفاة المحلي بست سنين. و كان مولده أي السيوطي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع بتقديم التاء الفوقية و أربعين و ثمانمائة، و كانت وفاته سنة ثلاث عشرة و تسعمائة، فجملة عمره أربع و ستون سنة.

و أما المحلي رضي اللّه تعالى عنه فكان مولده سنة إحدى و تسعين و سبعمائة، و مات من أول يوم سنة أربع و ستين و ثمانمائة، فعمره نحو أربع و سبعين سنة اه.

قوله: (بتتمة) متعلق بقوله و تتميم، و الباء بمعنى: مع، أي هذا التتميم الذي أتى به السيوطي تفسيرا للنصف الأول مصاحب للتتمة، و المراد بها ما ذكره بعد فراغه من سورة الإسراء بقوله: هذا آخر ما كملت به تفسير القرآن الكريم الخ. قوله: (على نمطه) حال من التتميم، أي حال كون هذا التتميم كائنا على نمطه، أي نمط تفسير المحلي أي على طريقته و أسلوبه. و في القاموس: أن النمط يقال بمعنى الطريقة. و قوله: (من ذكر ما يفهم به الخ) بيان لنمط، و طريق تفسير المحلي الذي تبعه فيه السيوطي؛ و قد بين ذلك النمط بأمور أربعة. قوله: (من ذكر ما يفهم به كلام اللّه) ما عبارة عن المعاني التفسيرية أو العبارات الذهنية الدالة عليها. قوله: (و الاعتماد) بالجر عطفا على ذكر: أي، و الاقتصار على أرجح الأقوال، و كذا قوله: (و إعراب). و قوله: (و تنبيه) الخ. و نكر هذا المصدر دون ما قبله‏

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 11

على وجه لطيف و تعبير وجيز و ترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية و أعاريب محلها كتب العربية، و اللّه أسأل النفع به في الدنيا و أحسن الجزاء عليه في العقبى بمنه و كرمه.

إشارة إلى قلة التنبيه المذكور، و أنه لم ينبه على جميع القراءات المختلفة. و قوله: (المختلفة) أي المتنوعة، و تنوعها من سبعة أوجه، لأنه إما من حيث الشكل فقط كالبخل و البخل فقد قرى‏ء بهما و المعنى فيهما واحد، و إما من حيث المعنى فقط نحو: فتلقى آدم من ربّه كلمات برفع آدم و نصب كلمات و بالعكس، و قد قرى‏ء بهما، و إما من حيث اللفظ و المعنى و صورة الحرف واحدة نحو تبلو كل نفس و تتلو فقد قرى‏ء بهما، و صورة الباء و التاء واحدة. و أما النقط فحادث، و إما أن يكون الاختلاف في صورة الحرف لا في المعنى كسراط و صراط. و إما من حيث اللفظ و المعنى و صورة الحرف نحو:

فاسعوا و امضوا، فقد قرى‏ء بهما. و إما من حيث الزيادة و النقص كأوصى و وصى، و إما من حيث التقديم و التأخير كيقتلون و يقتلون بتقديم المبني للفاعل على المبني للمفعول و بالعكس اه. من كتاب التحبير في علم التفسير. و قوله: (المشهورة)، أي بالمعنى اللغوي يعني الواضحة، فلا ينافي أن القراءات السبع كلها متواترة، و أن المشهور عندهم رتبة دون رتبة المتواتر اه.

قوله: (على وجه لطيف) متعلق بالمصادر الأربعة قبله، و المراد باللطيف هنا القصير، فعطف قوله: و تعبير وجيز عطف تفسير. و في المصباح لطف الشي‏ء فهو لطيف من باب قرب صغر جسمه و هو ضد الضخامة، و الاسم اللطافة بالفتح اه.

قوله: (و ترك التطويل) معطوف على وجه لطيف، و هو تصريح بما علم من قوله، و تعبير وجيز إذ يلزم من كونه وجيزا أن لا يكون طويلا و قوله بذكر أقوال متعلق بتطويل و قوله: (غير مرضية)، أي عند المفسرين، قوله: (و أعاريب) معطوف على أقوال. قوله: (و اللّه أسأل النفع به) أي بالتتميم المذكور و قوله: (بمنه و كرمه)، الباء فيه للتوسل أي أتوسل إليه في قبول هذا الدعاء بصفتيه العظيمتين و هما منه و تفضله على عباده بالعطايا و كرمه، أي إيصال فضله للبار و الفاجر سواء سئل فيه أو لم يسأل.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 12

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم‏

سورة البقرة مدنية و هي مائتان وست أو سبع و ثمانون آية

قوله: (سورة البقرة) الخ مبتدأ و مدنية خبر أول، و مائتان الخ خبر ثان، و يؤخذ من هذا أن تسميتها بما ذلك غير مكروهة خلافا لمن قال بذلك، و قال: لا يقال ذلك لما فيه من نوع تنقيص، و إنما يقال السورة التي تذكر فيها البقرة، و السورة قد يكون لها اسم واحد و قد يكون لها اسمان أو أكثر.

و أسماء السور توقيفية، أي تتوقف على نقلها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. و كذا ترتيب السور، فكان إذا تمت السورة يقول جبريل للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: اجعل هذه السورة عقب سورة كذا و قبل سورة كذا. و كذا ترتيب الآيات توقيفي، فكان جبريل يقول للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: اجعل هذه الآية عقب آية كذا و قبل آية كذا. و السورة مأخوذة من سور البلد لارتفاع رتبتها كارتفاعه، و هي طائفة من القرآن لها أول و آخر و ترجمة باسم خاص بها بتوقيف كما سبق، و كون ترتيب الآيات و السور توقيفيا إنما هو على الراجح. و قيل: إنه ثبت باجتهاد الصحابة و عبارة المفسر في التحبير اختلف هل ترتيب الآية و السور على النظم الذي هو الآن عليه بتوقيف من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، أو باجتهاد من الصحابة، فذهب قوم إلى الثاني و اختار مكي و غيره أن ترتيب الآيات و البسملة في الأوائل من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و ترتيب السور منه لا باجتهاد الصحابة، و المختار أن الكل من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم اه. و على كل من القولين فأسماء السور في المصاحف لم يثبتها الصحابه في مصاحفهم و إنما هو شي‏ء ابتدعه الحجاج كما ابتدع اثبات الأعشار و الأسباع كما ذكره الخطيب، فإثبات أسماء السور ظاهر كما فعل المفسرون، و إثبات الأعشار بأن جزأ الحجاج القرآن عشرة أجزاء و كتب عند أول كل عشر بهامش المصحف عشر بضم العين، و كذلك كتب الأسباع فآخر السبع و الأول الدال من قوله في النساء: وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ‏ [النساء: 55] و آخر السبع الثاني التاء من قوله في الأعراف: أُولئِكَ حَبِطَتْ‏ [التوبة: 17، 69] و آخر الثالث الألف من أكلها في قوله في الرعد: أُكُلُها دائِمٌ‏ [الرعد:

35] و آخر الرابع الألف من جعلنا في قوله في الحج‏ وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً [الحج: 34] و آخر الخامس التاء من قوله في الأحزاب: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ [الأحزاب: 36] و آخر السادس الواو من قوله في الفتح‏ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح: 6] و آخر السابع ما بقي من القرآن كما ذكره القرطبي.

و ذكر أيضا أن الحجاج كان يقرأ كل لية ربعا فأول خاتمة الأنعام و الربع الثاني في الكهف‏

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 13

و ليتلطف و الربع الثالث خاتمة الزمر و الربع الرابع ما بقي من القرآن. و قيل غير ذلك و الخلاف مذكور في كتاب البيان لأبي عمرو الداني.

و قوله: (مدنية) في المكي و المدني خلاف كثير، و أرجحة أن المكي ما نزل بعد قبل الهجرة و لو في غير مكة، و أن المدني ما نزل بعد الهجرة و لو في مكة أو عرفة، و حاصل ما في الجلالين الجزم بمدنية عشرين سورة، و حكاية خلاف في سبع عشرة و الجزم بمكية سبع و سبعين، و مكية أو مدنية جملة السورة لا ينافي أن بعضها ليس كذلك كما سيأتي التنبيه على ذلك كله في هذا التفسير. و قوله: (و ست أو سبع) الخ. منشأ هذا الخلاف، اختلاف المصحف الكوفي و غيره في رؤوس بعض الآي اه شيخنا.

و قال المصنف في التحبير ما نصه: و كون أسماء السور توقيفية إنما هو بالنسبة للاسم الذي تذكر به السورة و تشتهر، و إلا فقد سمى جماعة من الصحابة و التابعين سورا بأسماء من عندهم كما سمى حذيفة التوبة بالفاضحة و سورة العذاب، و سمى خالد بن معدان البقرة فسطاط القرآن. و سمى سفيان بن عيينة سورة الفاتحة الوافية و سماها يحيى بن كثير الكافية لأنها تكفي عما عداها و من السور ما له اسمان فأكثر، فالفاتحة تسمى أم القرآن و أم الكتاب و سورة الحمد و سورة الصلاة و الشفاء و السبع المثاني و الرقية و النور و الدعاء و المناجاة و الشافية و الكافية و الكنز و الأساس، و براءة تسمى التوبة و الفاضحة و سورة العذاب، و يونس تسمى السابعة لأنها سابعة السبع الطوال، و الإسراء تسمى سورة بني إسرائيل، و السجدة تسمى المضاجع، و فاطر تسمى سورة الملائكة و غافر تسمى المؤمن، و فصلت تسمى السجدة، و الجاثية تسمى الشريعة، و سورة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم تسمى القتال، و الطلاق تسمى النساء القصري. و قد يوضع اسم لجملة من السور كالزهراوين للبقرة و آل عمران و السبع الطوال و هي البقرة و ما بعدها إلى الأعراف، و السابعة يونس كذا روي عن سعيد بن جبير و مجاهد و المفصل، و الأصح أنه من الحجرات إلى آخر القرآن لكثرة الفصل بين سورة بالبسملة و المعوذات للإخلاص و الفلق و الناس اه بحروفه.

فائدة: قال ابن العربي: سورة البقرة فيها ألف أمر و ألف نهي و ألف حكم و ألف خبر أخذها بركة و تركها حسرة، لا تستطيعها البطلة و هم السحرة سموا بذلك لمجيئهم بالباطل، إذا قرئت في بيت لم تدخله مردة الشياطين ثلاثة أيام اه. دميري.

وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفرّ من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. و عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: لكل شي‏ء سنام، و سنام القرآن سورة البقرة و فيها آية هي سيدة آي القرآن: آية الكرسي، أخرجه الترمذي و قال حديث غريب اه خازن.

فائدة: في الكلام على الاستعاذة و لفظها المختار أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم و عليه الشافعي و أبو حنيفة و هو الموافق لقوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ‏ [النحل:

98]. و قال أحمد: الأولى أن يقول أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم جمعا بين هذه الآية

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 14

و بين قوله تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏ [فصلت: 36]. و قال الثوري و الأوزاعي الأولى أن يقول أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم إن اللّه هو السميع العليم. و قد اتفق الجمهور على أن الاستعاذة سنة في الصلاة فلو تركها لم تبطل صلاته سواء تركها عمدا أو سهوا، و يستحب لقارى‏ء القرآن خارج الصلاة أن يتعوذ أيضا. و حكي عن عطاء وجوبها سواء كانت في الصلاة أو غيرها، و قال ابن سيرين: إذا تعوذ الرجل في عمره مرة واحدة كفي في إسقاط الوجوب. و وقت الاستعاذة قبل القراءة عند الجمهور سواء في الصلاة أو خارجها. و حكي عن النخعي أنه بعد القراءة، و هو قول داود، و إحدى الروايتين عن ابن سيرين و معنى أعوذ باللّه ألتجى‏ء إليه و أمتنع مما أخشاه من عاذ يعوذ من باب قال: و الشيطان أصله من شطن أي تباعد من الرحمة، و قيل: من شاط يشيط إذا هلك و احترق، و الشيطان اسم لكل عات من الجن و الإنس و شيطان الجن مخلوق من قوة النار، فلذلك كان فيه القوة الغضبية. و الرحيم فعيل بمعنى فاعل أي يرجم بالوسوسة و الشر و قيل بمعنى مفعول أي مرجوم بالشهب عند استراق السمع، و قيل مرجوم بالعذاب، و قيل مرجوم بمعنى مطرود عن الرحمة و عن الخيرات و عن منازل الملأ الأعلى. و بالجملة فالاستعاذة تطهر القلب عن كل شي‏ء مشغل عن اللّه تعالى، و من لطائف الاستعاذة أن قوله أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم إقرار من العبد بالعجز و الضعف و اعتراف من العبد بقدرة الباري عزّ و جل، و أنه الغني القادر على دفع جميع المضرات و الآفات، و اعتراف من العبد أيضا بأن الشيطان عدو مبين. ففي الاستعاذة اللجأ إلى اللّه تعالى القادر على دفع وسوسة الشيطان الغوي الفاجر، و أنه لا يقدر على دفعه عن العبد إلا اللّه تعالى و اللّه أعلم اه. خازن.

فائدة: اختلف الأئمة في كون البسملة من الفاتحة و غيرها من السور سوى سورة براءة، فذهب الشافعي و جماعة من العلماء إلى أنها آية من الفاتحة و من كل سورة ذكرت في أولها سوى سورة براءة، و هو قول ابن عباس و ابن عمر و أبي هريرة و سعيد بن جبير و عطاء و ابن المبارك و أحمد في إحدى الروايتين عنه و إسحاق. و نقل البيهقي هذا القول عن علي بن أبي طالب و الزهري و الثوري و محمد بن كعب. و ذهب الأوزاعي و مالك و أبو حنيفة إلى أن البسملة ليست آية من الفاتحة، زاد أبو داود: و لا من غيرها من السور و إنما هي بعض آية في سورة النمل، و إنما كتبت للفصل و التبرك. قال مالك: و لا يستفتح بها في الصلاة المفروضة. و للشافعي قول إنها ليست من أوائل السور مع القطع بأنها من الفاتحة اه. خازن.

و الأحسن أن يقدر متعلق الجار هنا قولوا لأن هذا المقام تعليم، و هذا الكلام صادر عن حضرة الربّ تعالى اه.

قوله: (و ثمانون آية) قيل: أصلها أيية كتمرة قلبت عينها ألفا على غير قياس. و قيل آئية كقائلة حذفت الهمزة تخفيفا، و قيل غير ذلك و هي في العرف طائفة من كلمات القرآن متميزة بفصل و الفصل هو آخر الآية، و قد تكون كلمة مثل: الْفَجْرِ* و الضُّحى‏ و الْعَصْرِ و كذا الم* و طه‏ و يس‏ و نحوها عند الكوفيين و غيرهم لا يسميها آيات بل يقول هي فواتح السور عن أبي عمرو الداني لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى: مُدْهامَّتانِ‏ [الرحمن: 64] اه. من التحبير.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏1، ص: 15

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم‏

الم‏ (1) اللّه أعلم بمراده بذلك،

ذلِكَ‏ أي هذا الْكِتابُ‏ الذي يقرؤه محمد لا قوله: الم‏ اعلم أن مجموع الأحرف المنزلة في أوائل السور أربعة عشر حرفا: و هي نصف حروف الهجاء و قد تفرقت في تسع و عشرين سورة المبدوء بالألف و اللام. منها ثلاثة عشر، و بالحاء و الميم سبعة، و بالطاء أربعة، و بالكاف واحدة، و بالصاد واحدة، و بالقاف واحدة، و بالنون واحدة، و بعض هذه الحروف المبدوء بها أحادي، و بعضها ثنائي، و بعضها ثلاثي، و بعضها رباعي، و بعضها خماسي، و لا تزيد اه. قوله: (اللّه أعلم بمراده بذلك) أشار بهذا إلى أرجح الأقوال في هذه الأحرف التي ابتدى‏ء بها كثير من السور سواء كانت أحادية كق و ص، و ن، أو ثنائية كما سيأتي و هو أنها من المتشابه، و أنه جرى على مذهب السلف القائلين باختصاص اللّه تعالى بعلم المراد منها، و على هذا القول فلا محل لها من الإعراب، لأنه فرع إدراك المعنى و لم ندركه فهي غير معربة و غير مبنية لعدم موجب بنائها و غير مركبة مع عامل، و على هذا فهي آية مستقلة يوقف عليها وقفا تاما، و قد قيل فيها أقوال أخر غير هذا القول، فقيل إنها أسماء للسور التي ابتدئت بها، و قيل أسماء للقرآن، و قيل للّه تعالى، و قيل كل حرف منها مفتاح اسم من أسماء اللّه تعالى، أي أن كل حرف منها اسم مدلوله حرف من حروف المباني، و ذلك الحرف جزء من اسم من أسماء اللّه تعالى، فألف اسم مدلوله اه من اللّه، و اللام اسم مدلوله من لطيف، و الميم اسم مدلوله مه من مجيد، و قيل كل حرف منها يشير إلى نعمة من نعم اللّه، و قيل إلى ملك و قيل إلى نبي، و قيل الألف تشير إلى آلاء اللّه، و اللام تشير إلى لطف اللّه و الميم تشير إلى ملك اللّه، و على هذه الأقوال فلها محل من الإعراب، فقيل الرفع و قيل النصب و قيل الجر، و بقي قول آخر هي عليه لا محل لها من الإعراب كالقول الأول المعتمد و نص عبارة السمين إن قيل إن الحروف المقطعة و في أوائل السور أسماء حروف التهجي بمعنى أن الميم اسم لمه، و العين اسم لعه، و إن فائدتها اعلامهم بأن هذا القرآن منتظم من جنس ما تنظمون منه كلامكم، و لكن عجزتم عنه فلا محل لها حينئذ من الإعراب، و إنما جي‏ء بها لهذه الفائدة فألغيت كأسماء الأعداد نحو: واحد اثنان، و هذا أصح الأقوال الثلاثة في الأسماء التي لم يقصد الإخبار عنها و لا بها، و إن قيل إنها أسماء السورة المفتتحة بها، أو إنها بعض أسماء اللّه تعالى حذف بعضها و بقي منها هذه الحروف دالة عليها، و هذا رأي ابن عباس لقوله: الميم من عليم و الصاد من صادق، فلها محل من الإعراب حينئذ و يحتمل الرفع و النصب و الجر، فالرفع على أحد وجهين إما بكونها مبتدأ و إما بكونها خبرا كما سيأتي بيانه مفصلا، و النصب على أحد وجهين أيضا بإضمار فعل لائق تقديره اقرؤوا الم‏ و إما بإسقاط حرف القسم كقوله:

إذا ما الخبز تأدمه بلحم‏

فذاك أمانة اللّه الثريد

صفحه بعد