کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين

المجلد السابع

سورة فصلت مكية و هي ثلاث و خمسون آية سورة الدخان مكية و قيل إلا إنا كاشفوا العذاب الآية و هي ست أو سبع أو تسع و خمسون آية سورة الجاثية مكية إلا قل للذين آمنوا الآية. و هي ست سبع و ثلاثون آية سورة محمد مدنية إلا و كأين من قرية الآية. أو مكية. و هي ثمان أو تسع و ثلاثون آية سورة الحجرات مدنية و هي ثمان عشر آية سورة الذاريات مكية و هي ستون آية سورة الطور مكية و هي تسع و أربعون آية سورة القمر مكية إلا سيهزم الجمع الآية. و هي خمس و خمسون آية سورة الحديد مكية أو مدنية و هي تسع و عشرون آية سورة الممتحنة مدنية و هي ثلاث عشرة آية سورة الصف مكية أو مدنية و هي أربع عشرة آية فهرس محتويات الجزء السابع من الفتوحات الإلهية

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين


صفحه قبل

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 74

المنام أو بالإلهام‏ أَوْ إلا مِنْ وَراءِ حِجابٍ‏ بأن يسمعه كلامه و لا يراه، كما وقع لموسى عليه السّلام‏ أَوْ إلا أن‏ يُرْسِلَ رَسُولًا ملكا كجبريل‏ فَيُوحِيَ‏ الرسول إلى المرسل إليه، أي يكلمه‏ بِإِذْنِهِ‏ أي اللّه‏ ما يَشاءُ اللّه‏ إِنَّهُ عَلِيٌ‏ عن صفات المحدثين‏ حَكِيمٌ‏ (51) في وقعت أحوالا، فإنه و إن صح في الوحي و الإرسال لا يصح من وراء حجاب، فإنه متعلق بمصدر محذوف أي: إسماعا من وراء حجاب، و لا يكون عطفا على أن يكلمه اللّه لأنه فاسد. قال مكي: لأنه يلزمه نفي الرسل أو نفي المرسل إليهم اه.

قال الراغب: و معنى الوحي الإشارة السريعة يقال: أمر وحي أي: سريع ثم اختص في عرف اللغة بالأمر الإلهي الملقى إلى الأنبياء، و قول البيضاوي: كلاما خفيا تفسير لقوله وحيا و إشارة إلى أن المراد به هنا الكلام الخفي المدرك بسرعة فالاستثناء متصل، و قيل: إنه منقطع، و قوله: لأنه تمثيل أن:

لأن الوحي تمثيل المراد به تصوير المعنى و نقشه في ذهن السامع، و ليس مثلا كلامنا حتى يحتاج إلى صوت و ترتيب حروف فيكون خفيا سريعا و لا بعد فيه كما يشاهد في كلامنا النفسي فهو تعليل للخفاء مع السرعة لا للأول فقط اه شهاب.

و في المصباح: الوحي الإشارة و الرسالة و الكتابة و كل ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه وحي كيف كان قاله ابن فارس، و هو مصدر وحى إليه يحي من باب وعى و أوحى إليه بالألف مثله و جمعه وحي و الأصل فعول مثل فلوس و بعض العرب تقول وحيت إليه و وحيت له و أوحيت إليه و له، ثم غلب استعمال الوحي فيما يلقى إلى الأنبياء من عند اللّه تعالى و لغة القرآن الفاشية أوحى بالألف اه.

قوله: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا قرأ نافع يرسل برفع اللام و كذلك فيوحي فسكنت ياؤه، و الباقون بنصبهما. فأما القراءة الأولى ففيها ثلاثة أوجه، أحدها: أنه رفع على إضمار مبتدأ أي: أو هو يرسل.

الثاني: أنه عطف على وحيا على أنه حال لأن وحيا في تقدير الحال أيضا، فكأنه قال: إلا موحيا أو مرسلا. الثالث: أن يعطف على ما يتعلق به من وراء إذ تقديره أو يسمع من وراء حجاب و وحيا في موضع الحال عطف عليه ذلك المقدر المعطوف عليه أو يرسل، و التقدير إلا موحيا أو مسمعا من وراء حجاب أو مرسلا. و أما الثانية ففيها ثلاثة أوجه. أحدها: أن يعطف على المضمر الذي يتعلق به من وراء حجاب إذ تقديره: أو يكلمه من وراء حجاب و هذا الفعل المقدر معطوف على وحيا، و المعنى إلا بوحي أو إسماع من وراء حجاب أو إرسال رسول، و لا يجوز أن يعطف على يكلمه لفساد المعنى.

قلت: إذ يصير التقدير و ما كان لبشر أن يرسله اللّه رسولا فيفسد لفظا و معنى، و قال مكي: لأنه يلزم منه نفي الرسل و نفي المرسل إليهم. الثاني: أن ينصب بأن مضمرة و تكون هي و ما نصبته معطوفين على وحيا، و وحيا حال فتكون هنا أيضا حالا، و التقدير إلا موحيا أمر مرسلا. و الثالث: أنه عطف على معنى وحيا فإنه مصدر مقدر بأن، و الفعل و التقدير إلا بأن يوحى إليه أو بأن يرسل ذكره مكي و أبو البقاء، و قوله: أو من وراء حجاب العامة على الإفراد، و ابن أبي عبلة حجب جمعا، و هذا الجار يتعلق بمحذوف تقديره أو يكلمه من وراء حجاب، و قد تقدم أن هذا الفعل معطوف على معنى وحيا أي: أن يوحي أو يكلمه. قال أبو البقاء: و لا يجوز أن تتعلق من بيكلم الموجودة في اللفظ لأن ما قبل الاستثناء

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 75

صنعه‏

وَ كَذلِكَ‏ أي مثل إيحائنا إلى غيرك من الرسل‏ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ‏ يا محمد رُوحاً هو القرآن به تحيا القلوب‏ مِنْ أَمْرِنا الذي نوحيه إليك‏ ما كُنْتَ تَدْرِي‏ تعرف من قبل الوحي إليك‏ مَا الْكِتابُ‏ القرآن‏ وَ لَا الْإِيمانُ‏ أي شرائعه و معالمه، و النفي معلق للفعل عن العمل، و ما بعده لا يعمل فيما بعد إلا ثم قال: و قيل من متعلقة بيكلمه لأنه ظرف و الظرف يتسع فيه اه سمين.

قوله: (أي مثل إيحائنا) المماثلة بالنظر للجملة، و إلا فهو صلّى اللّه عليه و سلّم لم يقع له القسم الثاني لأن تكليمه وقع مشافهة لا من وراء حجاب اه شيخنا.

قوله: (هو القرآن) و قال ابن عباس: نبوة، و قال الحسن رحمة، و قال السدي: وحيا، و قال الكلبي: كتابا، و قال الربيع: جبريل. و قال مالك بن دينار: القرآن، و سمي: الوحي روحا لأنه مدبر الروح كما أن الروح مدبر البدن اه خطيب.

قوله: (به تحيا القلوب) يعني أنه تجوز بالروح عن القرآن حيث شبهه بالروح من حيث أنه إذا حل في القلب حيي القلب بحياة الإيمان كما أن الروح الحقيقي إذا حل في الجسد حيي بحياته أو يحصل لها به ما هو مثل الحياة و هو العلم النافع، ففي يحيا استعارة تبعية اه كرخي.

قوله: مِنْ أَمْرِنا حال، و من تبعيضية أي: حال كون هذا الروح و هو القرآن بعض ما نوحيه إليك لأن الموحى إليه لا ينحصر في القرآن اه شيخنا.

قوله: مَا الْكِتابُ‏ ما: استفهامية مبتدأ، و الكتاب: خبره، و في الكلام تقدير مضاف أي: ما كنت تدري جواب ما الكتاب أي: جواب هذا الاستفهام اه شيخنا.

قوله: (أي شرائعه و معالمه) أي: كالصلاة و الصوم و الزكاة و الختان و إيقاع الطلاق و الغسل من الجنابة و تحريم ذوات المحارم بالقرابة و الصهر، و هذا هو الحق، و به اندفع ما يقال: كيف قال و لا الإيمان و الأنبياء كلهم كانوا مؤمنين قبل الوحي إليهم بأدلة عقولهم، و كان نبينا يتعبد على دين إبراهيم و يحج و يعتمر و يتبع شريعة إبراهيم على ما مرت الإشارة إليه. قال الكواشي: و يجوز أن يراد بالإيمان نفس الكتاب و هو القرآن و عطف عليه لاختلاف لفظيهما أي: ما كنت تعرف ما القرآن و ما فيه من الأحكام، و يدل على هذا التأويل توحيد الضمير في جعلناه، و قيل: المراد بالإيمانّ الكلمة التي بها دعوة الإيمان و التوحيد و هي لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه، و الإيمان بهذا التفسير إنما علمه بالوحي لا بالعقل اه كرخي.

قوله: (و النفي) صوابه و الاستفهام أي: في قوله: ما الكتاب فإنه الذي يعد الفعل و النفي سابق عليه، و قد تقدم هذا الإعراب مرارا اه كرخي.

و في السمين: و الجملة الاستفهامية معلقة للدراية فهي في محل نصب لسدها مسد مفعولين، و الجملة المنفية بأسرها في محل نصب على الحال من الكاف في إليك اه.

قوله: (أو ما بعده) أو بمعنى الواو،. قوله: نَهْدِي بِهِ‏ صفة نورا، و المراد الهداية الموصلة بدليل قوله: من نشاء و قوله: و إنك لتهدي مفعوله محذوف أي: كل مكلف فالهدية فيه أعم من التي قبلها اه كرخي.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 76

سد مسد المفعولين‏ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ‏ أي الروح أو الكتاب‏ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي‏ تدعو بالوحي إليك‏ إِلى‏ صِراطٍ طريق‏ مُسْتَقِيمٍ‏ (52) دين الإسلام‏

صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ ملكا و خلقا و عبيدا أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) ترجع.

قوله: صِراطِ اللَّهِ‏ بدل من الأول بدل المعرفة من النكرة اه كرخي.

قوله: تَصِيرُ الْأُمُورُ المراد بهذا المضارع الديمومة كقولك زيد يعطي و يمنع أي: من شأنه ذلك، و ليس المراد به حقيقة المستقبل لأن الأمور منوطة به تعالى كل وقت، و هذا وعد للمطيعين و وعيد للمجرمين فيجازي كلّا منهم بما يستحقه من ثواب و عقاب اه خطيب.

و عبارة البيضاوي: تصير الأمور ترجع بارتفاع الوسائط و المتعلقات و فيه وعد و وعيد للمطيعين و المجرمين، انتهت.

و في الخازن: تصير الأمور أي: أمور الخلائق في الآخرة فيثاب المحسن و يعاقب المسي‏ء اه.

و على هذا يكون المضارع على ظاهره.

فائدة:

قال سهل بن أبي الجعد: احترق مصحف و لم يبق منه إلا قوله: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ و غرق مصحف فانمحى كله إلا قوله: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ و اللّه أعلم، انتهى قرطبي.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 77

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

سورة الزخرف مكية و قيل إلا وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا الآية. و هي تسع و ثمانون آية

حم‏ (1) اللّه أعلم بمراده به‏

وَ الْكِتابِ‏ القرآن‏ الْمُبِينِ‏ (2) المظهر طريق الهدى و ما يحتاج إليه من الشريعة

إِنَّا جَعَلْناهُ‏ أوجدنا الكتاب‏ قُرْآناً عَرَبِيًّا بلغة العرب‏ لَعَلَّكُمْ‏ يا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ قوله: (مكية) أي كلها حتى هذه الآية، و هذا مبني على أن الآية على ظاهرها من أنه أمر بسؤال المرسلين أنفسهم، و كان ذلك ليلة الإسراء ببيت المقدس فتكون مكية على هذا لأنها قبل الهجرة، و قوله: و قيل الخ و هذا مبني على أن الآية على غير ظاهرها و أنها على حذف المضاف كما سيأتي تقريره في الشارح، و أنه قد أمر بسؤال أمم المرسلين، و المراد بهم اليهود و النصارى و هم إنما كانوا بالمدينة، فعلى هذا تكون مدنية كما سيأتي إيضاحه في محلها تأمل.

له: وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا أقسم بالقرآن على أنه جعله قرآنا عربيا و هو من البدائع لتناسب القسم و المقسم عليه، و لعل إقسام اللّه بالأشياء استشهاده بما فيها من الدلالة على المقسم عليه اه بيضاوي.

و في السمين: قوله: إنا جعلناه جواب القسم و هذا عندهم من البلاغة، و هو كون القسم و المقسم عليه من واد واحد إن أريد بالكتاب القرآن و إن أريد به جنس الكتب المنزلة لم يكن من ذلك، و الضمير في جعلناه على الأول يعود على الكتاب، و على الثاني يعود على القرآن و إن لم يصرح بذكره و الجعل هنا تصيير، و لا يلتفت لخطأ الزمخشري في تجويزه أن يكون بمعنى خلقناه اه.

قوله: (أوجدنا الكتاب) جواب ما يقال: كيف قال جعلناه قرآنا عربيا و هو ليس بمجعول لأن الجعل هو الخلق، و منه قوله تعالى: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ [الأنعام: 1] و إيضاحه أن الجعل لا يختص بالخلق، بل ورد في القرآن على أقسام بمعنى أحدث و أنشأ كما في و جعل فيها رواسي، و بمعنى بعث كقوله: وَ جَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً [الفرقان: 35] و بمعنى قال كقوله: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً [الزخرف: 15] كما سيأتي قريبا و بمعنى صير كقوله: وَ جَعَلْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً [الأنعام: 25] اه كرخي.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 78

أهل مكة تَعْقِلُونَ‏ (3) تفهمون معانيه‏

وَ إِنَّهُ‏ مثبت‏ فِي أُمِّ الْكِتابِ‏ أصل الكتب، أي اللوح المحفوظ لَدَيْنا بدل عندنا لَعَلِيٌ‏ على الكتب قبله‏ حَكِيمٌ‏ (4) ذو حكمة بالغة

أَ فَنَضْرِبُ‏ نمسك‏ عَنْكُمُ الذِّكْرَ القرآن‏ صَفْحاً إمساكا، فلا تؤمرون و لا تنهون لأجل و في الخطيب تنبيه: احتج القائلون بحدوث القرآن بهذه الآية من وجوه، الأول: أنها تدل على أن القرآن مجعول و المجعول هو المصنوع و المخلوق. و الثاني: أنه وصفه بكونه قرآنا و هو إنما سمي قرآنا لأنه جعل بعضه مقرونا بالبعض و ما كان كذلك كان مصنوعا. الثالث: وصفه بكونه عربيا و إنما يكون عربيا لأن العرب اختصت بوضع ألفاظ في اصطلاحهم و ذلك يدل على أنه مجعول، و أجاب الرازي عن ذلك بأن هذا الذي ذكرتموه حق لأنكم استدللتم بهذه الوجوه على كون الحروف المتواليات و الكلمات المتعاقبة محدثة و ذلك معلوم بالضرورة و من الذي ينازعكم فيه اه.

قوله: لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ لعل للتعليل أي: لكي تفهموا معانيه اه.

قوله: وَ إِنَّهُ‏ معطوف على جواب القسم فهو جواب ثان، و أشار بتقدير قوله: مثبت إلى أن الجار و المجرور خبر إن، و على هذا فيكون قوله: لعليّ خبرا ثانيا هذا ما سلكه الشارح و هو معترض من حيث ما يلزم عليه من تقديم الخبر الغير المقرون باللام على المقرون بها و هو ممتنع عند بعضهم اه شيخنا.

و في الكرخي: قوله: مثبت في أم الكتاب أشار به إلى أن الجار و المجرور متعلق بمحذوف، و قال أبو البقاء: متعلق بعليّ و اللام لا تمنع من ذلك. قال ابن هشام في مغني اللبيب: و ليس لها يعني لام الابتداء الصدرية في باب إن لأنها فيه مؤخرة من تقديم و لهذا تسمى المزحلقة، و ذلك لأن أصل إن زيدا لقائم إن لزيدا قائم فكرهوا افتتاح الكلام بتوكيدين فأخروا اللام دون إن لئلا يتقدم معمول الحرف عليه اه.

قوله: (بدل) أي: من الجار و المجرور، و قوله: عندنا أي: محفوظ عندنا من التغيير اه.

قوله: لَعَلِيٌ‏ أي: رفيع الشأن على الكتب لكونه معجزا من بينها اه بيضاوي.

قوله: (ذو حكمة بالغة) فهو فعيل من الثلاثي و هو حكم إذا صار ذا حكمة، و إذا كان بمعنى المحكم فهو من المزيد أو الإسناد مجازي أي: حكيم صاحبه أو حاكم على الكتب كما تقدم اه شهاب.

قوله: أَ فَنَضْرِبُ‏ استفهام إنكاري، و لذلك قال الشارح في جوابه: لا و الفاء عاطفة على مقدر بينها و بين الهمزة تقديره أنهملكم فنضرب اه شيخنا.

و قوله: نمسك أي: نمسك عن إنزاله لكم، و عبارة السمين: أفنزيل القرآن عنكم إزالة اه.

و المعنى أنمسك عن إنزال ما لم ينزل منه و نرفع و نزيل ما نزل منه تأمل.

قوله: صَفْحاً مفعول مطلق ملاق لعامله و هو نضرب في معناه كما قرره الشارح. و في‏

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 79

أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ‏ (5) مشركين؟ لا

وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ‏ (6)

وَ ما كان‏ يَأْتِيهِمْ‏ أتاهم‏ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ‏ (7) كاستهزاء قومك بك، و هذا تسلية له صلّى اللّه عليه و سلّم‏

فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ‏ من قومك‏ بَطْشاً قوة وَ مَضى‏ سبق في الآيات‏ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ‏ (8) صفتهم في الإهلاك، فعاقبة قومك كذلك‏

وَ لَئِنْ‏ لام قسم‏ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَ‏ حذف منه نون الرفع لتوالي النونات و واو الضمير لالتقاء الساكنين‏ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ السمين: قوله: صفحا فهي أوجه. أحدها: أنه مصدر في معنى نضرب، لأنه يقال: ضرب عن كذا و أضرب عنه بمعنى أعرض عنه و صرف وجهه عنه. الثاني: أنه منصوب على الحال من الفاعل أي:

صافحين. الثالث: أن ينتصب على المصدر المؤكد لمضمون الجملة فيكون عامله محذوفا نحو صنع اللّه قاله ابن عطية. الرابع: أن يكون مفعولا من أجله اه.

قوله: أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ‏ قرأ نافع و الأخوان بالكسر على أنها شرطية و إسرافهم كان متحققا، و أن إنما تدخل على غير المتحقق أو المتحقق المبهم الزمان، و أجاب الزمخشري بما حاصله: أنها قد تستعمل في مقام القطع للقصد إلى تجهيل المخاطب بجعله كأنه متردد في ثبوت الشرط شاك فيه قصدا إلى نسبته إلى الجهل بارتكابه الإسراف لتصويره بصورة ما يفرض لوجوب انتفائه و عدم صدوره ممن يعقل، و قرأ الباقون بالفتح على العلة لأن كنتم اه.

قوله: وَ كَمْ أَرْسَلْنا كم خبرية مفعول مقدم لأرسلنا، و من نبي تمييز لها، و في الأولين متعلق بأرسلنا اه سمين.

أي: في الأمم الأولين اه شيخنا.

قوله: (أتاهم) أي: فالمضارع بمعنى الماضي. قوله: (و هذا) أي: قوله: و كم أرسلنا تسلية الخ.

قوله: أَشَدَّ مِنْهُمْ‏ نعت لمحذوف هو المفعول في الحقيقة أي: أهلكنا قوما هم المستهزئون برسلهم أشد منهم. أي: من قومك، فالضمير في منهم عائد على قوما في قوله: أن كنتم قوما مسرفين اه شيخنا.

قوله: بَطْشاً البطش شدة الأخذ و نصبه على التمييز و هو أحسن من كونه حالا من فاعل أهلكنا بتأويله بباطشين اه شهاب.

قوله: (سبق في آيات) أي: سبق في القرآن غير مرة ذكر قصصهم التي حقها أن تصير أمثالا لشهرتها اه أبو السعود.

قوله: (فعاقبة قومك كذلك) أي: الإهلاك. قوله: (لام قسم) أي: و الجواب المذكور له بدليل قول الشارح لتوالي النونات إذ لو كان الجواب للشرط لحذف للجازم، و هذا على القاعدة في اجتماع الشرط و القسم من حذف جواب المتأخر منهما اه شيخنا.

قوله: (حذف منه نون الرفع الخ) أي: أصله ليقولونن فحذفت النون لاستثقال توالي الأمثال، ثم‏

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 80

الْعَلِيمُ‏ (9) آخر جوابهم أي اللّه ذو العزة و العلم، زاد تعالى‏

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً فراشا كالمهد للصبي‏ وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا طرقا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏ (10) إلى مقاصدكم في أسفاركم‏

وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ أي بقدر حاجتكم إليه، و لم ينزله طوفانا فَأَنْشَرْنا أحيينا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ‏ أي مثل هذا الإحياء تُخْرَجُونَ‏ (11) من قبوركم أحياء

وَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ‏ الأصناف‏ كُلَّها وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ‏ السفن‏ وَ الْأَنْعامِ‏ كالإبل‏ ما تَرْكَبُونَ‏ (12) حذف حذف الضمير الذي هو الفاعل و هو واو الجمع لالتقاء الساكنين الواو و النون المدغمة اه كرخي.

قوله: خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ‏ كرر الفعل للتوكيد، إذ لو جاء العزيز بغير خلقهن لكان كافيا كقولك: من قام؟ فيقال: زيد، و فيها ذليل على أن الجلالة الكريمة من قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ مرفوعة بالفاعلية لا بالابتداء للتصريح بالفعل في نظيرتها، و هذا الجواب مطابق للسؤال من حيث المعنى، إذ لو جاء على اللفظ لجي فيه بجملة ابتدائية كالسؤال اه سمين.

قوله: (آخر جوابهم) أي: هذا آخر جوابهم، و قوله: زاد تعالى أي: زاد كلاما آخر: وَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ‏ [الزخرف: 140] متضمنا لصفات خمسة موجبة لتوبيخهم و تقريعهم على عدم التوحيد اه شيخنا.

قوله: (كالمهد للصبي) أي: و لو شاء لجعلها مزلة لا يثبت فيها شي‏ء كما ترون من بعض الجبال، و لو شاء لجعلها متحركة فلا يمكن الانتفاع بها في الزراعة و الأبنية، فالانتفاع بها إنما حصل لكونها مسطحة قارة ساكنة اه خطيب.

قوله: وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا أي: و لو شاء لجعلها بحيث لا يسلك في مكان منها كما جعل بعض الجبال كذلك اه خطيب.

قوله: (أي بقدر حاجتكم إليه) أي: ليس بقليل فلا ينفع و لا بكثير فيضر اه كرخي.

قوله: فَأَنْشَرْنا فيه التفات، و قوله: أحيينا يقتضي أن النشور معناه الإحياء و هو كذلك، ففي المصباح: نشر الموتى نشورا من باب قعد حيوا، و نشرهم اللّه يتعدى و لا يتعدى و يتعدى بالهمزة أيضا فيقال: أنشرهم اللّه و نشرت الأرض نشورا أيضا حييت و أنبتت و يتعدى الهمزة فيقال: أنشرتها إذا أحييتها بالماء اه.

قوله: كَذلِكَ تُخْرَجُونَ‏ المعنى أن هذا الكلام كما دل على قدرة اللّه و حكمته و وجدانيته، فكذلك يدل على قدرته على البعث و القيامة، و وجه التشبيه أن جعلهم أحياء بعد الإماتة كهذه الأرض التي انتشرت بعد ما كانت ميتة اه خطيب.

صفحه بعد