کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين

المجلد السابع

سورة فصلت مكية و هي ثلاث و خمسون آية سورة الدخان مكية و قيل إلا إنا كاشفوا العذاب الآية و هي ست أو سبع أو تسع و خمسون آية سورة الجاثية مكية إلا قل للذين آمنوا الآية. و هي ست سبع و ثلاثون آية سورة محمد مدنية إلا و كأين من قرية الآية. أو مكية. و هي ثمان أو تسع و ثلاثون آية سورة الحجرات مدنية و هي ثمان عشر آية سورة الذاريات مكية و هي ستون آية سورة الطور مكية و هي تسع و أربعون آية سورة القمر مكية إلا سيهزم الجمع الآية. و هي خمس و خمسون آية سورة الحديد مكية أو مدنية و هي تسع و عشرون آية سورة الممتحنة مدنية و هي ثلاث عشرة آية سورة الصف مكية أو مدنية و هي أربع عشرة آية فهرس محتويات الجزء السابع من الفتوحات الإلهية

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين


صفحه قبل

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 252

أي لم‏ يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ‏ إلى الآن لكنه يتوقع منكم‏ وَ إِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ بالإيمان و غيره‏ لا يَلِتْكُمْ‏ بالهمز و تركه و بإبداله ألفا لا ينقصكم‏ مِنْ أَعْمالِكُمْ‏ أي من ثوابها شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ للمؤمنين‏ رَحِيمٌ‏ (14) بهم‏

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ‏ أي الصادقون في إيمانهم كما صرح به بعد الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا لم يشكوا في الإيمان‏ وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ قوله: (إلى الآن) أخذه من لما لأن نفيها يختص بالحال، و قوله: لكنه يتوقع منكم أخذه منها أيضا، لأن منفيها متوقع الحصول و قد آمنوا كلهم أو بعضهم اه شيخنا.

و يؤخذ منه جواب ما قيل في قله: وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ‏ بعد قوله: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا شبه التكرار من غير استقلال بفائدة متجددة، و إيضاح الجواب ليس كذلك، فإن فائدة قوله: لم تؤمنوا نكذيب لدعواهم، و قوله: لما يدخل الإيمان في قلوبكم توقيت لما أمروا به أن يقولوه كأنه قيل لهم:

و لكن قولوا أسلمنا حتى تثبت مواطأة قلوبكم لألسنتكم لأنه كلام واقع موقع الحال من الضمير في قولوا، و ما في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد، و حاصل الجواب: أنه تكرار لكنه مستقل بفائدة زائدة، لأنه علم من الأول نفي الإيمان عنهم، و في الثاني نفيه مع توقع حصوله اه كرخي.

قوله: (بالهمز) هي قراءة أبي عمرو من ألته يألته بالفتح في الماضي، و بالكسر و الضم في المضارع، و قوله: و تركه من لاته يليته كباعه يبيعه و هي قراءة ما عدا أبا عمرو و السوسي، فحذفت منه عين الكلمة و هي الياء فصار بوزن يفلكم، و قيل: هو من ولته يلته كوعده يعده فحذفت منه الفاء التي هي الواو فصار وزنه يعلكم، و قوله: و بابداله أي الهمز ألفا و هي قراءة السوسي اه من السمين بتصرف.

و في الخطيب: قرأ الدوري عن أبي عمرو بعد الياء التحتية بهمزة ساكنة و أبدلها السوسي ألفا، و قرأ الباقون بغير همز و لا ألف اه.

له: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ‏ مبتدأ، و قوله: الَّذِينَ آمَنُوا الخ خبره.

قوله: (كما صرح به) أي: بهذا الوصف في قوله بعد: أولئك هم الصادقون اه شيخنا.

قوله: ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أتي بثم التي للتراخي للإشارة إلى أن نفي الريب عنهم ليس وقت حصول الإيمان فيهم و انشائه فقط، بل هو مستمر به بعد ذلك فيما يتطاول من الأزمنة اه شيخنا.

فكأنه قال: ثم داموا على ذلك. قوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ أي: في طاعته و المجاهدة بالأموال و الأنفس، فشمل العبادات المالية و البدنية بأسرها اه بيضاوي.

يعني أنه ليس المراد بسبيل اللّه الغزو بخصوصه بل ما يعم الطاعات كلها لأنها في سبيله و جهته، و لذا قال أي في طاعته و المجاهدة الخ. فالمجاهدة بالأموال عبارة عن العبادات المالية كالزكاة، و قدم الأموال لحرص الإنسان عليها، فإن ماله شقيق روحه، و جاهدوا: بمعنى بذلوا الجهد أو مفعوله مقدر أي: العدو أو النفس و الهوى اه شهاب.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 253

فجهادهم يظهر صدق إيمانهم‏ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏ (15) في إيمانهم لا من قالوا آمنا و لم يوجد منهم غير الإسلام‏

قُلْ‏ لهم‏ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ‏ مضعف علم بمعنى شعر أي أتشعرونه بما أنتم عليه في قولكم آمنا وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ (16)

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا من غير قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتاله منهم‏ قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ‏ منصوب بنزع الخافض الباء و يقدر قبل أن في الموضعين‏ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ‏ قوله: (فجهادهم يظهر صدق إيمانهم) يؤخذ منه جواب سؤال، و هو أن العمل ليس من الإيمان، فكيف ذكر أنه منه في هذه الآية؟ و إيضاحه؛ أن المراد منها الإيمان الكامل أي: إنما المؤمنون إيمانا كاملا كما في قوله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28] و قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «المسلم من سلم الناس من يده و لسانه» اه كرخي.

قوله: أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏ فيه إشارة إلى أنه تعريض بكذب الأعراب في ادعائهم الإيمان، و أنه يفيد الحصر أي: هم الصادقون لا هؤلاء، و إيمانهم إيمان صدق انتهى شهاب.

و في الخازن: فلما نزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يحلفون أنهم مؤمنون صادقون و عرف اللّه منهم غير ذلك، فأنزل اللّه: قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ‏ الآية اه.

قوله: (و لم يوجد منهم غير الإسلام) أي: الاستسلام. قوله: (بمعنى شعر) و هو بهذا المعنى يتعدى لواحد فقط و بواسطة التضعيف كما هنا يتعدى لاثنين، أولهما بنفسه، و الثاني بحرف الجر اه شيخنا.

و هذا يرجع في المعنى إلى قولهم علم بمعنى عرف ينصب مفعولا واحدا، فمعنى شعر عرف و تشعرون تعرفون. قوله: (أي أتشعرونه) أي: أتعلمونه أي: أتخبرونه بقولكم أمنا اه بيضاوي.

قوله: وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ‏ الخ الواو للحال.

قوله: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ‏ الخ المن تعداد النعم على المنعم عليه و هو مذموم من الخلق ممدوح من اللّه تعالى كما قال: بل اللّه يمن عليكم الخ اه شيخنا.

و عبارة البيضاوي: يمنون عليك أن أسلموا يعدون إسلامهم عليك منّة و هي النعمة التي لا يستثيب موليها فمن بذلها إليه من المن بمعنى القطع، لأن المقصود بها قطع حاجة، انتهى.

قوله: (من غير قتال) أي: من غير قتالهم للنبي و المسلمين حيث قالوا: قد جئناك يا رسول اللّه بالأطفال و العيال و الذراري و لم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأعطنا اه.

قوله: (و يقدر) أي: الخافض الذي هو الباء فهو مقدر هنا في ثلاثة مواضع، و قوله: في الموضعين هما أن أسلموا و أن هداكم، فإن حذفه يكثر و يطرد مع أن و أن، و قال أبو حيان: أن أسلموا في موضع المفعول و لهذا عدى إليه في قوله: قل لا تمنوا علي إسلامكم اه كرخي.

قوله: أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ‏ أي: على حسب زعمكم، فكأنه يقول: إذا سلم لكم أنكم آمنتم‏

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 254

لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ (17) في قولكم آمنا

إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ أي ما غاب فيهما وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ‏ (18) بالياء و التاء لا يخفى عليه شي‏ء منه.

فإيمانكم و وصولكم له منّة من اللّه عليكم اه شيخنا.

قوله: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ جوابه محذوف يدل عليه ما قبله أي: فهو المان عليكم اه كرخي.

قوله: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ أي: لا يخفى عليه شي‏ء في السموات و الأرض، فكيف يخفى عليه حالكم، بل يعلم سركم و علانيتكم اه خازن.

قوله: (بالياء) أي لابن كثير نظرا لقوله: يمنون و ما بعده، و قوله: و التاء بالخطاب للباقين نظرا إلى قوله: لا تمنوا علي الخ اه سمين.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 255

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

سورة ق مكية إلا وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ الآية فمدنية و هي خمس و أربعون آية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ قوله: (مكية) أي: كلها على أحد الأقوال. قوله: (إلا و لقد خلقنا السموات و الأرض) أي: على القول الآخر، فلو قال: أو إلا و لقد خلقنا السموات و الأرض لكان موفيا بذكر الخلاف، و عبارة القرطبي: مكية كلها في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر، و قال ابن عباس، و قتادة: إلا آية و هي قوله تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ‏ [ق: 38] و في صحيح مسلم، عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس، و عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه سأل أبا وافد الليثي ما كان يقرأ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في الأضحى و الفطر؟ قال: كان يقرأ فيهما بقاف و القرآن المجيد و اقتربت الساعة و انشق القمر، و عن جابر بن سمرة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقرأ في النحر بقاف و القرآن المجيد، و كانت صلاته بعد تخفيفا، و قرأ العامة ق بالجزم. و قرأ الحسن و ابن أبي إسحاق و نصر بن عاصم قاف بكسر الفاء، لأن الكسر أخو الجزم، فلما سكن آخره حركوه بحركة الخفض، و قرأ عيسى الثقفي بفتح الفاء لأنها أخف الحركات، و قرأ هارون و محمد بن السميقع قاف بضم الفاء، لأنه في غالب الأمر حركة البناء نحو منذ و قط و قبل و بعد. و اختلف في معنى ق ما هو؟ فقال يزيد، و عكرمة، و الضحاك؟ هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء اخضرت السماء منه و عليه طرفا السماء و السماء عليه مقبية، و ما أصاب الناس من زمرد كان مما تساقط من ذلك الجبل، و رواه أبو الجوزاء، عن عبد اللّه بن عباس و قال وهب:

أشرف ذو القرنين على جبل ق فرأى تحته جبالا صغارا فقال له: ما أنت؟ قال: أنا ق. قال: فما هذه الجبال حولك؟ قال: هي عروقي و ما من مدينة إلا و فيها عرق من عروقي، فإذا أراد اللّه أن يزلزل مدينة أمرني فحركت عرقي ذلك فتزلزل تلك الأرض، فقال له: يا قاف أخبرني بشي‏ء من عظمة اللّه. قال: إن شأن ربنا لعظيم و إن ورائي أرضا مسيرة خمسمائة عام في خمسمائة عام من جبال ثلج بعضها يحطم بعضا لو لا هي لاحترقت من حرجهم، فهذا يدل على أن جهنم على وجه الأرض، و اللّه أعلم بموضعها و أين هي من الأرض، ثم قال: إن جبريل عليه السّلام واقف بين يدي اللّه ترعد فرائصه يخلق اللّه من كل رعدة مائة ألف ملك، فهؤلاء الملائكة واقفون بين يدي اللّه منكسون رؤوسهم، فإذا أذن اللّه لهم في‏

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 256

ق‏ اللّه أعلم بمراده به‏ وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) الكريم ما آمن كفار مكة بمحمد صلّى اللّه عليه و سلّم‏

بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ‏ رسول من أنفسهم يخوّفهم بالنار بعد البعث‏ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا الإنذار شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ‏ (2)

أَ إِذا بتحقيق الهمزتين، و تسهيل الثانية، و إدخال ألف بينهما على الوجهين الكلام قالوا لا إله إلا اللّه و هو قوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً [النبأ: 38] يعني قول لا إله إلا اللّه، و قال الزجاج: معنى قوله ق أي قضي الأمر كما قيل في حم أي حم الأمر، و قال ابن عباس: اسم من أسماء اللّه تعالى أقسم به، و عنه أيضا: أنه اسم من أسماء القرآن و هو قول قتادة، و قال القرطبي: افتتاح أسماء اللّه عز و جل قادر و قاهر و قريب و قاض و قابض، و قال الشعبي: فاتحة السورة، و قال أبو بكر الوراق: معناه قف عند أمرنا و نهينا و لا تعدهما، و قال الانطاكي: هو قرب اللّه من عباده بيانه و نحن أقرب إليه من حبل الوريد، و قال ابن عطاء: أقسم بقوة قلب حبيبه محمد صلّى اللّه عليه و سلّم حيث حمل الخطاب و لم يؤثر ذلك فيه لعلو حاله اه.

قوله: (الكريم) أي على اللّه الكثير الخير، فكل من طلب منه مقصودا وجده فيه، و يغني كل من لاذبه و إغناء المحتاج غاية الكرم أو وصف القرآن بالمجيد، لأنه ذو المجد على أن يكون للنسب كلابن و تامر، ثم إن وصف القرآن بالمجيد و هو حال المتكلم به مجاز في الإسناد أو لأنه من علم معانيه و امتثل أحكامه مجد، فعلى هذا يكون مثل بنى الأمير المدينة في الإسناد إلى السبب اه كرخي.

قوله: (ما آمن من كفار مكة الخ) أشار بذلك إلى أن جواب القسم محذوف و قدره بما ذكر أخذا مما بعده أو لقد أرسلنا محمدا بدليل قوله: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ‏ و قيل: هو قد علمنا و حذفت اللام لطول الكلام، أو هو قوله: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ‏ [ق: 18] لأن ما قبلها عوض منها كما قال: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها [الشمس: 1] إلى قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [الشمس: 9] و قد فيه للتحقيق بمعنى أن الفعل بعدها محقق الوقوع اه كرخي.

قوله: بَلْ عَجِبُوا اضراب عن جواب القسم المحذوف لبيان حالهم الزائدة في الشناعة على عدم الإيمان اه أبو السعود.

و قوله: أَنْ جاءَهُمْ‏ أي: من أن جاءهم، و قوله: مُنْذِرٌ مِنْهُمْ‏ أي: لا من الملائكة اه.

قوله: فَقالَ الْكافِرُونَ‏ الخ حكاية لتعجبهم و الفاء للتفصيل كما في قوله: وَ نادى‏ نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ‏ [هود: 45] و إضمار ذكرهم ثم اظهاره للإشعار بتعنتهم في هذا المقال ثم التسجيل على كفرهم بهذا المقال اه كرخي.

قوله: هذا شَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ‏ العجيب الأمر الذي يتعجب منه، و كذلك العجاب بالضم و العجاب بالتشديد أكثر منه و كذلك الأعجوبة، و قال قتادة: عجبهم أن دعوا إلى إله واحد، و قيل: من انذارهم بالبعث و النشور و الذي نص عليه القرآن أولى اه قرطبي.

قوله: أَ إِذا مِتْنا الخ تقرير للتعجب و تأكيد للإنكار، و العامل في أئذا مضمر غني عن البيان مع دلالة ما بعده عليه أي: أحين نموت و نصير ترابا نرجع اه أبو السعود.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 257

مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً نرجع‏ ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) في غاية البعد

قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ‏ تأكل‏ مِنْهُمْ وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (4) هو اللوح المحفوظ، فيه جميع الأشياء المقدرة

بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِ‏ بالقرآن‏ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ‏ في شأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و القرآن‏ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ‏ (5) مضطرب قالوا مرّة ساحر و سحر، و مرّة شاعر و شعر، و مرّة كاهن و كهانة

أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا بعيونهم، معتبرين بعقولهم حين أنكروا البعث‏ إِلَى السَّماءِ كائنة فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها بلا عمد وَ زَيَّنَّاها بالكواكب‏ وَ ما لَها مِنْ‏ و هذا كما قدره الشارح بقوله: نرجع اه شيخنا.

قوله: (و إدخال ألف بينهما) أي: و ترك الإدخال أيضا على الوجهين، فالقراءات أربعة لا اثنتان كما توهمه عبارته و كلها سبعية اه شيخنا.

قوله: بَعِيدٌ أي: عن الوهم أو العادة أو الإمكان اه كرخي.

قوله: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ‏ رد لاستبعادهم و إزاحة له، فإن من عمّ علمه و لطفه حتى انتهى إلى حيث علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى و تأكل من لحومهم و عظامهم كيف يستبعد أن يرجعهم أحياء كما كانوا اه أبو السعود.

قوله: وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ الجملة حال، و المراد إما تمثيل لعلمه بتفاصيل الأشياء بعلم من عنده كتاب محفوظ يطالعه، أو تأكيد لعلمه بها بثبوتها في اللوح المحفوظ اه بيضاوي.

قوله: (هو اللوح المحفوظ) و هو من درة بيضاء مستقرة على الهواء فوق السماء السابعة طوله ما بين السماء و الأرض و عرضه ما بين المشرق و المغرب اه من الشارح في سورة البروج.

و قوله: (فيه جميع الأشياء) يحتمل أن فيه صلة المحفوظ، و جميع نائب فاعل به، و يحتمل أن فيه خبر مقدم، و جميع مبتدأ مؤخر اه شيخنا.

قوله: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِ‏ الخ إضراب و انتقال من بيان شناعتهم السابقة إلى بيان ما هو أشنع و أقبح، و هو تكذيبهم للنبوة الثابتة بالمعجزات الظاهرة اه أبو السعود.

و قوله: لَمَّا جاءَهُمْ‏ أي: حين جاءهم. قوله: مَرِيجٍ‏ أي: مختلط و أصله من الحركة و الاضطراب و منه مرج الخاتم في إصبعه اه سمين.

و في المختار: مرج الأمر و الدين اختلط و بابه طرب و أمر مريج مختلط اه.

قوله: أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا الخ شروع في بيان الدليل الذي يدفع قولهم ذلك رجع بعيد، أي: أغفلوا أو أعموا، فلم ينظروا إلى السماء فوقهم بحيث يشاهدونها كل وقت كيف بنيناها أي: أوجدناها كالخيمة إلّا أنها من غير عمد اه من الخطيب و أبي السعود.

قوله: (كائنة) فَوْقَهُمْ‏ أشار به إلى أن فوقهم منصوب على الحال من السماء و هي مؤكدة، و كيف منصوبة بما بعدها و هي معلقة بالنظر قبلها اه كرخي.

قوله: كَيْفَ بَنَيْناها كيف مفعول مقدم، و جملة بنيناها بدل من السماء، و قوله: (بلا عمد) جمع عماد كأهب و إهاب اه شيخنا.

الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين، ج‏7، ص: 258

فُرُوجٍ‏ (6) شقوق تعيبها

وَ الْأَرْضَ‏ معطوف على موضع إلى السماء كيف‏ مَدَدْناها دحوناها على وجه الماء وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ‏ جبالا تثبتها وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ‏ صنف‏ بَهِيجٍ‏ (7) يبهج به لحسنه‏

تَبْصِرَةً مفعول له، أي فعلنا ذلك تبصيرا منا وَ ذِكْرى‏ تذكيرا لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ‏ (8) رجاع إلى طاعتنا

وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً كثير البركة فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ‏ بساتين‏ وَ حَبَ‏ قوله: وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ‏ الواو للحال. قوله: (معطوف على موضع إلى السماء) أي:

المنصوب بينظروا فهو منصوب بذلك أي: أ فلم ينظروا إلى الأرض و يجوز أن ينتصب على تقدير و مددنا الأرض اه كرخي.

قوله: (على موضع إلى السماء) و موضعه نصب على المفعولية، إذ التقدير أ فلم ينظروا السماء، و قوله: كيف لا موقع له، فالصواب حذفه لأنه من الجملة التي قبلها في النظم اه شيخنا.

قوله: (يبهج به) أي: يسر، و أشار بهذا إلى أنه بمعنى فاعل، أي: يحصل به السرور اه شيخنا.

و في المختار: البهجة الحسن، و بابه ظرف فهو بهيج به فرح و سر، و بابه طرب فهو بهج بكسر الهاء و بهجه الأمر من باب قطع و أبهجه أي: سره و الابتهاج السرور اه.

قوله: تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى‏ العامة على نصبهما على المفعول من أجله أي: لتبصير أمثالهم و تذكير أمثالهم، و قيل: منصوبان بفعل من لفظهما مقدر أي: بصرناهم تبصرة و ذكراهم تذكرة، و قيل: حالان أي: مبصرين و مذكرين، و قيل: حال من المفعول أي: ذات تبصرة و تذكير لمن يراها، و قرأ زيد بن علي: تبصرة و ذكر بالرفع أي: هي تبصرة و ذكر اه سمين.

قوله: (مفعول له) أي: و العامل فيه كيف بنيناها، و قوله: (أي: فعلنا ذلك الخ) تفسير للعامل أي: فعلنا البناء و التزيين و ما بعدهما، و قوله: (تبصيرا منا) أي: تعليما و تفهيما و استدلالا اه شيخنا.

و قوله: لِكُلِّ عَبْدٍ متعلق بكل من المصدرين. و في الخطيب تنبيه: قال الرازي: يحتمل أن يكون المصدران عائدين إلى السماء و الأرض، خلقنا السماء تبصرة و خلقنا الأرض ذكرى، و يدل على ذلك أن السماء و زينتها غير متحدة في كل عام فهي كالشي‏ء المرئي على مر الزمان، و أما الأرض فهي كل سنة تأخذ زينتها و زخرفها فتذكر، فالسماء تبصرة و الأرض تذكرة، و يحتمل أن يكون كل واحد من المصدرين موجودا في كل واحد من الأمرين، فالسماء تبصرة و تذكرة و الأرض كذلك، و الفرق بين التذكرة و التبصرة هو أن فيهما آيات مستمرة منصوبة في مقابلة البصائر و آيات متجددة مذكرة عند التناسي اه.

قوله: (رجاع) صفة نسب كتمار و لبان لا صيغة مبالغة، إذ المدار على أصل الرجوع و إن لم يكن فيه كثرة اه شيخنا.

صفحه بعد