کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن

تقديم سورة الفاتحة مكية، و عدد آياتها 7 آيات سورة البقرة مدنية، و عدد آياتها 286 آية سورة آل عمران مدنية، و عدد آياتها 200 آية سورة النساء مدنية، و عدد آياتها 176 آية سورة المائدة و هي مدنية، و آياتها 120 آية سورة الأنعام مكية، عدد آياتها 165 آية سورة الأعراف مكية، عدد آياتها 206 آية سورة الأنفال مدنية، عدد آياتها 75 آية سورة التوبة مدنية، و عدد آياتها 129 آية سورة يونس مكية، عدد آياتها 109 آية سورة هود مكية، عدد آياتها 123 آية سورة يوسف مكية، عدد آياتها 111 آية سورة الرعد مدنية، عدد آياتها 43 آية سورة إبراهيم مكية، عدد آياتها 52 آية سورة الحجر مكية، عدد آياتها 99 آية سورة النحل مكية، عدد آياتها 128 آية سورة الإسراء مكية، عدد آياتها 111 آية سورة الكهف مكية، عدد آياتها 110 آية سورة مريم مكية، و عدد آياتها 98 آية سورة طه مكية، عدد آياتها 135 آية سورة الأنبياء مكية، عدد آياتها 112 آية سورة الحج مدنية، عدد آياتها 78 آية سورة المؤمنون مكية، عدد آياتها 118 آية سورة النور مدنية، عدد آياتها 64 آية سورة الفرقان مكية، عدد آياتها 77 آية سورة الشعراء مكية، عدد آياتها 227 آية سورة النمل مكية، عدد آياتها 93 آية سورة القصص مكية، عدد آياتها 88 سورة العنكبوت مكية، عدد آياتها 69 آية سورة الروم مكية، عدد آياتها 60 آية سورة لقمان مكية، عدد آياتها 34 آية سورة السجدة مكية، عدد آياتها 30 آية سورة الأحزاب مدنية، عدد آياتها 73 آية سورة سبأ مكية، عدد آياتها 54 آية سورة فاطر مكية، عدد آياتها 45 آية سورة يس مكية، عدد آياتها 83 آية سورة الصافات مكية، عدد آياتها 182 آية سورة ص مكية، عدد آياتها 88 آية سورة الزمر مكية، عدد آياتها 75 آية سورة المؤمن مكية، عدد آياتها 85 آية سورة فصلت مكية، عدد آياتها 54 آية سورة الشورى مكية، عدد آياتها 53 آية سورة الزخرف مكية، عدد آياتها 89 آية سورة الدخان مكية، عدد آياتها 59 آية سورة الجاثية مكية، عدد آياتها 37 آية سورة الأحقاف مكية، عدد آياتها 35 آية سورة محمد(ص) مدنية، عدد آياتها 38 آية سورة الفتح مدنية، عدد آياتها 29 آية سورة الحجرات مدنية، عدد آياتها 18 آية سورة ق مكية، عدد آياتها 45 آية سورة الذاريات مكية، عدد آياتها 60 آية سورة الطور مكية، عدد آياتها 49 آية سورة النجم مكية، عدد آياتها 62 آية سورة القمر مكية، عدد آياتها 55 آية سورة الرحمن مدنية، عدد آياتها 78 آية سورة الواقعة مكية، عدد آياتها 96 آية سورة الحديد مدنية، عدد آياتها 29 آية سورة المجادلة مدنية، عدد آياتها 22 آية سورة الحشر مدنية، عدد آياتها 24 آية سورة الممتحنة مدنية، عدد آياتها 13 آية سورة الصف مدنية، عدد آياتها 14 آية سورة الجمعة مدنية، عدد آياتها 11 آية سورة المنافقون مدنية، عدد آياتها 11 آية سورة التغابن مدنية، عدد آياتها 18 آية سورة الطلاق مدنية، عدد آياتها 12 آية سورة التحريم مدنية، عدد آياتها 12 آية سورة الملك مكية، عدد آياتها 30 آية سورة القلم مكية، عدد آياتها 52 آية سورة الحاقة مكية، عدد آياتها 52 آية سورة المعارج مكية، عدد آياتها 44 آية سورة نوح مكية، عدد آياتها 28 آية سورة الجن مكية، عدد آياتها 28 آية سورة المزمل مكية، عدد آياتها 20 آية سورة المدثر مكية، عدد آياتها 56 آية سورة القيامة مكية، عدد آياتها 40 آية سورة الإنسان مدنية، عدد آياتها 31 آية سورة المرسلات مكية، عدد آياتها 50 آية سورة النبأ مكية، عدد آياتها 40 آية سورة النازعات مكية، عدد آياتها 46 آية سورة عبس مكية، عدد آياتها 42 آية سورة التكوير مكية، عدد آياتها 29 آية سورة الإنفطار مكية، عدد آياتها 19 آية سورة المطففين مكية، عدد آياتها 36 آية سورة الإنشقاق مكية، عدد آياتها 25 آية سورة البروج مكية، عدد آياتها 22 آية سورة الطارق مكية، عدد آياتها 17 آية سورة الأعلى مكية، عدد آياتها 19 آية سورة الغاشية مكية، عدد آياتها 26 آية سورة الفجر مكية، عدد آياتها 30 آية سورة البلد مكية، عدد آياتها 20 آية سورة الشمس مكية، عدد آياتها 15 آية سورة الليل مكية، عدد آياتها 21 آية سورة الضحى مكية، عدد آياتها 11 آية سورة الشرح مكية، عدد آياتها 8 آيات سورة التين مكية، عدد آياتها 8 آيات سورة العلق مكية عدد آياتها 19 آية سورة القدر مكية، عدد آياتها 5 آيات سورة البينة مدنية، عدد آياتها 8 آيات سورة الزلزلة مدنية، عدد آياتها 8 آيات سورة العاديات مكية، عدد آياتها 11 آية سورة القارعة مكية، عدد آياتها 11 آية سورة التكاثر مكية، عدد آياتها 8 آيات سورة العصر مكية، عدد آياتها 3 آيات سورة الهمزة مكية، عدد آياتها 9 آيات سورة الفيل مكية، عدد آياتها 5 آيات سورة قريش مكية، عدد آياتها 4 آيات سورة الماعون مكية، عدد آياتها 7 آيات سورة الكوثر مكية، عدد آياتها 3 آيات سورة الكافرون مكية، عدد آياتها 6 آيات سورة النصر مدنية، عدد آياتها 3 آيات سورة المسد مكية، عدد آياتها 5 آيات سورة الإخلاص مكية، عدد آياتها 4 آيات سورة الفلق مكية، عدد آياتها 5 آيات سورة الناس مكية، عدد آياتها 6 آيات

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن


صفحه قبل

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 26

135- وَ قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى‏ ... أي قالت اليهود: كونوا هودا، و قالت النصارى: كونوا نصارى، تَهْتَدُوا . قُلْ‏ يا محمد: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً بل نتّبع عقيدة، الحنيفية السهلة التي جاء بها إبراهيم (ع) حتى نهتدي إلى الحق. و حنيفا: حال من إبراهيم، أي مائلا عن الباطل إلى الحق. وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ باللّه منذ خلقه. 136- قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ‏ ... خطاب للمسلمين بأن يجهروا بعقيدتهم و يظهروا ما تديّنوا به. و قد بدأ أولا بالإيمان باللّه وحده‏ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى‏ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ ثم ثنّى بالإيمان بالقرآن و سائر الكتب السماوية على هؤلاء الأنبياء عليهم السلام. أمّا الأسباط فهم حفدة يعقوب (ع) و ذراري أبنائه الإثني عشر. وَ ما أُوتِيَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ أي التوراة و الإنجيل. وَ ما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ‏ المرسلون. و خصّ موسى و عيسى عليهما السلام بالذكر لأن الاحتجاج موجّه على أهل الكتابين. و نحن‏ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ‏ و لا نؤمن ببعض و نكفر ببعض كأصحاب الكتابين. وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ خاضعون للّه منقادون لأوامره. 137- فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ‏ ... فإذا آمن و سلّم هؤلاء الكفرة مثل إيمانكم باللّه و رسله و كتبه‏ فَقَدِ اهْتَدَوْا سلكوا طريق الهدى و الرشاد. و الباء زائدة في: بمثل. وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ‏ أي: و إن أعرضوا و انصرفوا فإنما هم في خلاف للحق و عداوة للمسلمين، و لا تخف يا محمد فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ‏ سيكفيك أمرهم‏ وَ هُوَ السَّمِيعُ‏ لدعائك‏ الْعَلِيمُ‏ بنيّتك.

138- صِبْغَةَ اللَّهِ‏ ... صبغة: مصدر مؤكّد لآمنّا باللّه، و هو منصوب بمقدّر، أي: صبغنا اللّه بالإيمان صبغة هي دينه الذي يطبع معتنقه بمفاهيمه و يؤثر فيه كما يؤثر الصبغ في الجسم.

وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً أي لا صبغة أحسن من صبغة اللّه‏ وَ نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ‏ خاضعون مطيعون. 139- قُلْ أَ تُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ‏ ... قال أهل الكتاب: إن الأنبياء كلهم منّا لا من العرب عبدة الأوثان، فلست بنبيّ، فنزل قوله تعالى ردّا و توبيخا لاعتراضهم على مشيئته فكيف تجادلون في أمر اللّه‏ وَ هُوَ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ‏ لا اختصاص له بقوم دون قوم، وَ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ‏ و سينال كلّ منّا جزاء عمله إن خيرا فخير و إن شرا فشرّ وَ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ‏ بالإيمان و العمل. 140- أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ‏ ... إلى قوله: وَ الْأَسْباطَ ... كيف تقولون: يا أهل الكتاب إن هؤلاء الأنبياء و ذريتهم‏ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى‏ فيا محمد قُلْ أَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ‏ بأحوال هؤلاء و حقيقة أمرهم‏ أَمِ اللَّهُ‏ الذي خلقهم و أرسلهم إليكم. وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ‏ أي لا أحد أظلم من أهل الكتاب حيث أخفوا شهادة اللّه سبحانه و تعالى لإبراهيم (ع) بالحنيفية و الإسلام في كل من التوراة و الإنجيل، و تنزيهه عن اليهودية و النصرانية. وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏ مطّلع على ما يفعلونه من الكيد لرسول اللَّه (ص)، و هو غير غافل عنهم. 141- تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ‏ ... مرّ تفسيرها في الآية 134 من هذه السورة. و قد كرّرت تأكيدا للزّجر عن الاتّكال على فضائل الآباء و الماضين.

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 27

142- سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ‏ ... السفهاء جمع سفيه: خفاف الحلوم و العقول، المنكرون لتغيير القبلة من منافقي اليهود و النصارى و سائر المشركين. و هي جمع سفيه، و قد قدم الجملة الإخبارية توطينا للنفس و إعدادا للجواب. ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها أي: ما صرفهم عن قبلة بيت المقدس التي كانوا يتوجّهون إليها في عبادتهم ليتّجهوا نحو الكعبة؟. قُلْ: لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ‏ فله الأرض كلّها و لا يختصّ به مكان دون آخر، و هو يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ يدلّ من يريد على الطريق السّويّ حسبما توجبه حكمته. 143- وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ... أي مقتصدة في الأمور جميعا. أو عدلا. أو خيارا. لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ‏ في أعمالهم المخالفة للحق، في الدنيا و الآخرة وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً بما عملتم من الأعمال الصالحة. وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها أي وجهة بيت المقدس، ما أمرناك باستقبالها أولا و التولي عنها أخيرا. إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ‏ أي لنمتحن الناس فنرى التابع لك في التوجه نحو الكعبة أثناء الصلاة، مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى‏ عَقِبَيْهِ‏ أي ممن يرتدّ و يرجع إلى قبلة آبائه تقليدا لهم، و معصية لأمرنا، وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً أي صلاتهم إلى الكعبة شاقّة على الذين يخالط إيمانهم الشّرك بدليل ارتداد قوم عن الإسلام استعظاما منهم لترك القبلة الأولى، و جهلا منهم بحكمة اللَّه. إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ‏ من الذين وفّقهم اللَّه للإسلام و دلهم على حكمه، و أرشدهم إلى المصلحة في تحويل القبلة. وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ‏ يجعل صلاتكم السابقة إلى القبلة المنسوخة صحيحة مقبولة كالصلاة إلى القبلة الناسخة، إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ، رَحِيمٌ‏ و الرأفة أشدّ الرّحمة. 144- قَدْ نَرى‏ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ... يؤكّد سبحانه أنه يرى تقلّب: تحوّل وجه رسوله من جهة إلى جهة في الآفاق، منتظرا أن يحوّله في الصلاة نحو الكعبة التي كانت قبلة أبيه إبراهيم (ع) و أقدم الكعبتين، و ينتظره فنزل عليه‏ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها أي فلنحوّلنّك نحو قبلة تحبّها و ترغب فيها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏ حوّله في صلاتك ناحية الكعبة مع سائر مقاديم بدنك. وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ‏ تصريح بعموم حكم التحويل لجميع الأمّة و سائر أهل الآفاق. مشيرا إلى أن ذلك معلوم لدى اليهود و النصارى بقوله: وَ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ‏ فتحويل القبلة مذكور عندهم، ثابت لديهم من عند اللَّه. وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ‏ و هو حاضر ناظر لما يفعلونه. 145- وَ لَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ... أي و اللَّه إن جئت يا محمد بأيّ برهان على دعواك في تحويل القبلة إلى الكعبة ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ‏ تحوّلوا إلى قبلتك. وَ ما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ‏ لأنك مأمور بالتحوّل عنها من قبل اللَّه حسما لأطماعهم السخيفة وَ ما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ‏ لأن اليهود يستقبلون بيت المقدس، و النصارى يتّجهون نحو مطلع الشمس.

و كل منهم ثابت على قبلته، فلا يرجى توافقهم كما لا ترجى موافقتهم لك. وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ‏ أي بعد ما جاءك من الحق في أمر قبلتك. إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ‏ و قد حمل أرباب التفسير هذه الآية المباركة على سبيل الفرض و التقدير لمكان عصمته (ص).

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 28

146- الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ‏ ... من اليهود و النصارى، يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ‏ أي يعرفون خاتم الأنبياء كمعرفتهم لأولادهم. وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ‏ أي من أهل الكتاب، لَيَكْتُمُونَ الْحَقَ‏ لا يظهرون معرفة محمد (ص) و لا ينشرون صفاته المذكورة في التوراة وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏ أي مع علمهم بها. 147- الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ‏ ... أي الذي يكتمونه- و هو الحق- كان من أمر ربك، فبكتمانهم لا يخفى‏ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ‏ أي الشاكّين. 148- وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها ... أي لكلّ أهل شرعة جهة من القبلة مأمورون بأمره بالتوجّه إليها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ‏ بادروا إلى الطاعات. أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً أي في أيّ موضع يدرككم الموت يحشركم اللَّه إليه يوم الجمع بأجمعكم فيجازيكم. إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ قادر على كل شي‏ء. 149- وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ‏ ...

أي أثناء السفر في البلاد فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏ فأدر وجهك ناحية الكعبة، في صلاتك‏ وَ إِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ‏ أي التوجّه إلى الكعبة في الصلاة، هو الأمر الثابت من عنده تعالى، وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏ و في هذا الكلام تهديد و وعيد بالعقوبة كقوله: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ .

150- وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِ‏ ... قيل: كرّر تأكيدا لأمر القبلة و تثبيتا للقلوب عن فتنة النّسخ ثانيا. وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ‏ و هذا كسابقه كرّر للتأكيد. و على كل حال فقد كان التكرار لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ و بهذا يردّ احتجاج اليهود بأن المنعوت في التوراة تكون قبلته الكعبة، ثم تردّ مقالة المشركين بأنه يخالف قبلة إبراهيم (ع) و يدّعي أنه على ملّته. إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ‏ و ظاهر الاستثناء أنه من الناس فيكون متّصلا أي لا يكون لأحد عليكم حجة إلا كلام هؤلاء الظالمين. و معناه أن التحوّل ليس بأمر من اللَّه تعالى بل ميلا إلى دين آبائه. و إنما سمّي قولهم حجة- مع أنّ الظالم لا يكون له حجة- لأن ما يوردونه هو باعتقادهم الفاسد حجة و إن كانت باطلة. فَلا تَخْشَوْهُمْ، وَ اخْشَوْنِي‏ لا تخافوهم فإنّ مطاعن الظّلمة لا تضرّكم أبدا. و خافوني و لا تخالفوا أوامري و نواهيّ إن كنتم مؤمنين حقّا وَ لِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ‏ عطف على: لئلّا يكون. و لأكمل نعمتي عليكم ببيان معالم دينكم التي من جملتها تحويلكم إلى الكعبة في الصلاة. وَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏ إلى الحق و إلى أن التحويل إتمام للنعمة. 151- كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ‏ ... أي كما أتممت عليكم نعمتي بتحويل قبلتكم، كذلك أتممتها عليكم بإرسال رسول منكم إليكم.

يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا يقرأها لكم و يفسّرها وَ يُزَكِّيكُمْ‏ أي يطهّركم من أدناس الجاهلية وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ و الكتاب هو القرآن الكريم، و الحكمة هي الوحي الذي هو السنّة الشريفة. وَ يُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ‏ أي الذي لا سبيل لكم إلى العلم به إلّا من طريق الوحي. 152- فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ‏ ... دعوة إلى عدم الغفلة المؤدية إلى نسيان اللَّه، و ذكره بالطاعات ليذكرنا بمجازاتنا عليها بالنعم و الإحسان. وَ اشْكُرُوا لِي‏ أي على نعمائي قولا و عملا.

وَ لا تَكْفُرُونِ‏ بالجحود و المعصية. و الكفران نقيض الشكر. 153- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا ... على الآخرة بِالصَّبْرِ بالتجلّد على الطاعات و عن الشهوات و قيل الصبر هو الصيام. وَ الصَّلاةِ و هي معراج المؤمن. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏ بالتوفيق و العون.

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 29

154- وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ‏ ... أي أنهم ماتوا و فاتوا بَلْ أَحْياءٌ يعني أنهم أحياء وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ‏ لا تدركون ذلك، و لا تفهمون كيف تكون حياتهم. و الآية الشريفة نزلت في شهداء بدر. 155- وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ‏ ...

أي لنختبرنّكم بشي‏ء قليل من خوف السلطان بل مطلق الظّلمة أو مطلق ما يخاف منه. وَ الْجُوعِ‏ الذي يتولّد من القحط أو الجدب. وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ‏ بإخراج الزّكاة أو التلف من الحوادث السماوية و الأرضية وَ الْأَنْفُسِ‏ بالأمراض العارضة و الموت الذريع‏ وَ الثَّمَراتِ‏ من الحوادث أو عدم نزول الأمطار وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ‏ الذين يتحمّلون تلك المشاقّ و الشدائد الكريهة على الطّباع البشرية. 156- الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ... فالمؤمنون إذا أصابتهم أيّة بليّة قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ و الجملة هذه إقرار من العبد بوجود الصانع و بمالكيته و بالبعث. 157- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ‏ ... أي من كانوا على تلك الحال فإن لهم من ربّهم مغفرة و ثناء جميلا. وَ رَحْمَةٌ أي لطف و إحسان. وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‏ أي المصيبون طريق الحق. 158- إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ‏ ... الصّفا و المروة مرتفعان بجانب المسجد الحرام يجري بينهما عمل و هو السّعي بكيفية خاصة. و شعائر، مفردها: شعيرة، و هي العلامة. و المراد من شعائر اللَّه هنا شعائر الحج، أي مناسكه و أعماله و معالمه. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ أي قصد زيارة بيت اللَّه، سواء أقصده بأعمال مخصوصة تسمّى حجّا أو بأعمال أخرى تسمّى عمرة. فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما أي لا حرج عليه أن يسعى بينهما. و المروة مما ابتدع أهل الجاهلية فأنزل اللَّه هذه الآية. و إنما قال لا جناح عليه مع أن السعي واجب- و على قول على خلاف فيه- لأنّه كان على المرتفعين صنمان يمسحهما المشركون إذا سعوا، فتحرّج المسلمون عن الطواف بهما لأجل الصّنمين فنزلت الآية. وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً أي تبرّع بزيادة على الواجب بعد إتمامه من الطاعات، فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ‏ أي أنه سبحانه مثيب عليه، و عليم بما يفعلونه. 159- إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا ... يعني أحبار اليهود و رهبان النصارى، فإنهم علموا أنّ محمدا على الحق فأخفوا ذلك، و الحكم يشمل كلّ من كتم شيئا مِنَ الْبَيِّناتِ‏ أي البراهين المنزلة في الكتب المتقدمة. وَ الْهُدى‏ الأدلة العقلية. مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ‏ أي بعد إيضاحه لهم إتماما للحجة فِي الْكِتابِ‏ التوراة أو جنس الكتاب فيشمل جميعها حتى القرآن.

أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ‏ اللّعن من اللَّه هو الإبعاد من الرحمة و إيجاب العقوبة، و من غيره يكون معنى اللعن: الدّعاء عليهم باللعن. 160- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ... أي أقلعوا عن كتمان ما أنزل اللَّه، و عن المعاصي‏ وَ أَصْلَحُوا أي صحّحوا ما أفسدوا وَ بَيَّنُوا أي أوضحوا ما بيّناه. فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ‏ أعفو عمّا قد سلف منهم‏ وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ أي البالغ في العفو و الإحسان غايتهما.

161- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ... وجه كفرهم هو ردّ نبوّة محمد (ص) وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ الجملة حاليّة تبيّن وصفهم الذي كانوا عليه و ماتوا عليه‏ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏ تقدم معنى اللعن من اللَّه و من الناس، و قيل المراد من الناس هنا عام كما قيل بأنه خصوص المؤمنين. 162- خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ‏ ... أي باقون أبدا في جهنّم. لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ‏ لا يضعف و قد يشتدّ. وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ‏ لا يمهلون و لو بمقدار يسع الاعتذار. 163- وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ... عن ابن عباس أن كفّار قريش قالوا: يا محمد صف لنا ربّك و بيّن لنا نسبه، فأنزل اللَّه سورة الإخلاص و هذه الآية التي دلت على أنه لا إله غيره و لا مثل له و لا ندّ في صفة الألوهية. بل إنه واحد في جميع صفاته التي يستحقها لنفسه. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ هو تثبيت لصفة الألوهية المستفاد من قوله: إلهكم إله واحد. الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ‏ أي المتصف بصفة الرحمانيّة جزئية و كليّة، أصولا و فروعا، و لا يكون في عالم الوجود سواه، لأنّ كلّ ما سواه إمّا أن يكون نعمة، و إمّا أن يكون منعما عليه ... فقالوا: إن كنت صادقا فأت بآية نعرف صدقك، فنزلت الآيات الكريمة التالية:

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 30

164- إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ ... و ما فيهما من العجائب في دقة نظامهما و تكامل أجزائهما من حيث المنافع و الآثار المترتبة عليها. وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ بتعاقبهما نتيجة جريان الشمس و القمر مع ما ينتج عنه من فصول لكل منها خاصيته، مع اختلافهما بالطول و القصر بشكل دوري. وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ يعني السفن التي تمخر عباب البحار من الاهتداء إلى كيفية صنعها و إعطائها شكلها المتناسب مع الفائدة المتوخاة و المنسجم مع مياه البحار من حيث المد و الجزر و الليل و النهار و وضوح الرؤية و انعدامها و سكونها و هيجانها. بِما يَنْفَعُ النَّاسَ‏ يفيدهم من السفر و التجارة و الصيد و غير ذلك‏ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ المطر وابلا كان أو طلّا. فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها و ذلك بإخراج نباتاتها و تثمير أشجارها بعد يبسها، و تفجير أنهارها، و انشقاق عيونها و قنواتها بعد جفافها. وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أي نشر و فرّق كل نوع مما يدبّ و يتحرّك على وجه الأرض أو فوقها أو تحتها. وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ‏ أي تسييرها و تحويلها من جهة إلى جهة تسوق السحاب أو تنقل اللقاح.

وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ‏ أي متذلّل خاضع للنواميس التي أبدعها له اللَّه، سواء كان واقفا أو متحرّكا. لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏ كل ما تضمنته هذه الآية براهين ساطعة على صانع وحيد، لقوم موفّقين للتعقّل و التأمّل في الكون و الكائنات. 165- وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً ... أي أن بعض الناس يتّخذ غير اللَّه أمثالا له من الأصنام و الزعماء فيتّبعونهم. يُحِبُّونَهُمْ‏ يوادّونهم و ينقادون لأوامرهم. كَحُبِّ اللَّهِ‏ أي كما يحبّ اللَّه.

وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ‏ أي أن المؤمنين أشد حبّا للَّه من متّخذي الأنداد مع اللَّه، لأن المؤمنين لا يعدلون عنه إلى غيره بخلاف المشركين فإنهم يعدلون إلى اللَّه عند الشدائد. وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا بشركهم‏ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ‏ حينما يبصرونه يوم القيامة و يرون‏ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً فيعلمون أن القدرة له تعالى. وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ‏ و جواب لو محذوف أي: لو رأوا ذلك لما اتخذوا من دون اللَّه أندادا. 166- إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ... أي إذ تبرّأ المتبوعون، من أتباعهم، وَ رَأَوُا الْعَذابَ‏ الواو حالية، أي: حال رؤيتهم العذاب‏ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ‏ عطف على تبرأ. و الحاصل أنه يزول من بينهم كلّ سبب يصل القريب بقريبه و الحبيب بحبيبه فلا ينتفعون بشي‏ء من ذلك. 167- وَ قالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ... أي الأتباع‏ لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً يا ليت لنا رجعة إلى الدنيا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ‏ أي المتبوعين‏ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا في الآخرة! ... كَذلِكَ‏ مثل ما رأوا شدة عذابه و غلبة قدرته و تبرأ بعضهم من بعض. يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ‏ يعني أن أعمالهم في الدنيا تنقلب عليهم ندامات في الآخرة، وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ ندموا أم لم يندموا، إذ لا تنالهم رحمة و لا شفاعة. 168- يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ‏ ...

الخطاب عامّ لجميع المكلّفين من الإنس و الجنّ. و كلوا: لفظة أمر، و معناها الإباحة. و لفظة (من) للتبعيض، لأنه ليس جميع ما في الأرض قابلا للأكل إمّا خلقة و إمّا شرعا، كلوه‏ حَلالًا طَيِّباً مباحا لذيذا. وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ‏ لا تنصتوا لوساوسه و تزييناته. إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ‏ واضح العداوة للإنسان فكيف يطيعه؟ 169- إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ الْفَحْشاءِ ...

السوء: الأمر القبيح، و الفحشاء: ما تجاوز الحدّ في القبح. وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ‏ كأن يقول للإنسان: هذا حلال، و هذا حرام، من دون علم بهما، و هو تجرّ على اللَّه.

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 31

170- وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ‏ ...: أطيعوا كتاب اللّه و اسمعوا قول رسوله و اتّبعوه فيما يدعوكم إليه من الهدى‏ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أي نحن نقلّد آباءنا فيما وجدناهم عليه من الدين فإنهم أبصر منا و أرسخ إيمانا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ‏ و الحال أن آباءهم كانوا لا يفقهون شيئا من الدين و لا يميزون بين الحق و الباطل. 171- وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ... الآية ... المثل: الوصف. و النعيق صوت الراعي لغنمه زجرا، و النداء: الجهر بالصوت. و المعنى صفتك في دعاء الذين كفروا إلى الحق و عدم تدبرهم له كالبهائم تسمع صوت راعيها من دون أن تعقل شيئا فهم صم لا يسمعون كلاما يفيدهم بكم لا يتكلمون بما يفيد معنى عمي لا يبصرون طريق الهدى. كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏ لأن الطرق المؤدية إلى التعقل و هي الحواس مسدودة عندهم. 172- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ‏ مستلذّات‏ ما رَزَقْناكُمْ‏ من النّعم الطيبة السائغة. وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ‏ احمدوه على ما رزقكم من نعمه الطيبة إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ‏ إن كنتم تخصّون اللّه بالعبادة و تقرّون بأنه المنعم الحقيقي. 173- إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ... أي أكلها و هي التي تموت بلا تذكية وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ‏ الإهلال: رفع الصوت أي حرّم أكل ما ذكر اسم الصنم أو أيّ اسم آخر غير اسم اللّه عليه عند الذّبح‏ فَمَنِ اضْطُرَّ ألجأته الحاجة إلى أكل شي‏ء من هذه المحرّمات كما لو كانت مخمصة أو مجاعة.

غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ غير عاص لإمام المسلمين و غير معتد بالمعصية فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ‏ أي لا حرج في الأكل من تلك المحرمات. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ متجاوز عن معاصي عباده، رحيم برفع الحرج عنهم عند الاضطرار. 174- إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ‏ : من أوصاف محمد (ص) و نبوته و كثير من المحللات التي هم حرّموها.

و هم اليهود حيث أخفوا ما أنزل اللّه تعالى على موسى (ع) مِنَ الْكِتابِ‏ أي التوراة التي فيها أوصاف محمد (ص) و علائمه و دلائل نبوته. وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا من حطام الدنيا أو رئاساتها الزائلة بعد قليل. أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ لأنها مآلهم نتيجة ما فعلوه. وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ لغضبه عليهم و لذا فهم ليسوا أهلا لكلامه بلا واسطة. وَ لا يُزَكِّيهِمْ‏ و لا يطهّرهم من ذنوبهم بالمغفرة لأنهم لا يستحقونها، وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‏ موجع لا يطاق. 175- أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‏ : أي شراؤهم الكفر بالإيمان لحفظ رئاساتهم الدنيوية. و المقصود بهم علماء اليهود و النصارى، أو مطلق أهل الضلال الذين كانوا من رؤسائهم.

وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ أيضا اشتروه بكتمان الحق الذي لو بينوه لنالوها و ذلك لأغراضهم الفاسدة فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ما أشد صبرهم على عمل يصيّرهم لا محالة إلى النار. 176- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ‏ : أي أن تصييرهم إلى النار بسبب أنه تعالى نزّل إليهم كتابا ثابتا فكذّبوه و كتموا ما فيه جحدا للحق و عنادا للنبي (ص) وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ‏ أي القرآن فقالوا إنه سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير أو أن المراد بالكتاب الجنس، أي كتب اللّه التي آمنوا منها ببعض و كفروا ببعض. لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ أي في خلاف بعيد عن الحق و الحقيقة، لأن من أوقع نفسه في الطرق المختلفة مع وضوح الطريق الموصلة إلى المقصود يزيغ طبعا عن طريق الحق، و يضيع عنه المقصد.

ارشاد الاذهان الى تفسير القرآن، ص: 32

177- لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ‏ : أي ليس العمل الحسن المقبول منحصرا في أن تتوجهوا في الصلاة نحو الشرق كما هو ديدن النصارى؛ أو نحو الغرب كما هي طريقة اليهود، وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ‏ أي أن البرّ هو برّ من صدّق باللّه و استمع له و أطاعه. وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ القيامة وَ الْمَلائِكَةِ و فيه التصديق بوجودهم و أنهم عباد مكرمون‏ وَ الْكِتابِ‏ أي جنسه، يعني الكتب السماوية بأجمعها، وَ النَّبِيِّينَ‏ دون تفريق. وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ‏ أي أنفق المال في موارده الواجبة و المحلّلة مع حبّ المال، أو أنفقه على حبّ اللّه، أي لحبه سبحانه‏ ذَوِي الْقُرْبى‏ أي ذوي الرحم‏ وَ الْيَتامى‏ أي المحاويج ممن مات آباؤهم‏ وَ الْمَساكِينَ‏ الذين لا يملكون شيئا. وَ ابْنَ السَّبِيلِ‏ أي المسافر المنقطع عن أهله إذا لم يبق معه نفقة و لم يجد طريقا لها، وَ السَّائِلِينَ‏ الذين ألجأهم الفقر إلى السؤال. وَ فِي الرِّقابِ‏ أي العبيد تحت الشدة و الضيق و التعب، فيستحب أن يشتروا و يعتقوا. و قيل هم المكاتبون منهم. وَ أَقامَ الصَّلاةَ صلّاها مستجمعة لجميع شرائطها وَ آتَى الزَّكاةَ دفع الزكاة المفروضة- المالية و البدنية- بشرائطها وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا اللّه أو الناس. وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ الصابرين منصوب على المدح إعلاء لأمر الصبر.

و البأساء البؤس و الفقر و الضرّاء: المرض. وَ حِينَ الْبَأْسِ‏ أي عند شدّة القتال للعدو أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا في إيمانهم باللّه و برسوله و بكتابه‏ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ‏ للّه. 178- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ‏ : أي فرض عليكم المعاوضة فِي الْقَتْلى‏ أي المقتولين. الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى‏ بِالْأُنْثى‏ أي لا بدّ من التساوي عند القصاص في الجنس و في الصفة و في الدين، فالحر يقتل بالحر لا بالعبد و العبد يقتل بالعبد و الأنثى بالأنثى. فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ‏ءٌ أي الجاني الذي أعفاه ولي الدم من القصاص‏ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏ أي على العافي أن يتّبع بالمعروف بأن لا يشدّد في طلبه الدية، وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ‏ و هذه توصية للجاني بأن لا يبخس حق الوليّ بأداء الدية، و لا يماطله، ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ أي أن تشريع هذا التخيير تسهيل عليكم من ربّكم لكم جميعا و رحمة بكم، حيث لم يحتم القصاص كما كان في شريعة موسى و لم يحتم الدية كما في شريعة عيسى. فَمَنِ اعْتَدى‏ بَعْدَ ذلِكَ‏ بأن يقبل الدّية و العفو عن القود ثم يعتدي بالقتل للقاتل‏ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ‏ أي نوع موجع من العذاب 179- وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ : و لكم في إيجاب القصاص حياة لأن الإنسان عند ما يتيقن أنه سوف يقتل لو قتل فإنه سوف يزجر عن القتل فيحيا هو و من كان يعزم على قتله. يا أُولِي الْأَلْبابِ‏ أي يا ذوي العقول المفكّرة.

صفحه بعد