کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 136

بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى‏ وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ» (2: 62) .

و كما نرى في أخرى‏ «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ» .

إذ تأتى تلوها دون فصل آية و الأمان لأهل الايمان: «لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَ هُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَ ما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ» (3: 115) .

أجل إنهم ليسوا سواء لأنهم يهود أم أهل كتاب غير مسلمين لكي يغضب عليهم أجمعين، فانما الغضب مربوط برباط التخلف عن شرعة اللّه.

و لأن اليهود هم أكثر الطوائف طغيانا و تكذيبا بآيات اللّه، لذلك ترى آيات الغضب تتلاحق عليهم أكثر من سواهم كأنهم هم المغضوب عليهم لا سواهم.

و أمّا «الضالين» فهم عوان بين المغضوب عليهم و المهديين، ناكبين عن الصراط المستقيم، فهم- على أية حال- من الضالين، قاصرين او مقصرين، عن الصورة الإنسانية و عن التوحيد و الآخرة: «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ» (23: 74) عن صراط العبودية التي هي الصورة الإنسانية الكاملة، التي يجمعها صراط توحيد الإسلام و إسلام التوحيد و الاعتصام باللّه على ضوء قرآن محمد و محمد القرآن.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 137

و بصيغة مختصرة محتصرة كل من ضل عن الصراط المستقيم فهو من الضالين: من مستضعف قاصر لا يستطيع حيلة و لا يهتدي سبيلا «إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا. فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً» (4:) 99).

و من مستضعف مقصر «إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً» (4: 97) .

و من مستكبر معاند للحق و هو من رؤوس الضلالة ضالا مضلا ناكبا منكبا عن الصراط و هو من المغضوب عليهم‏ «وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ» (56: 94) .

و مختلف دركات الضلال موزّعة بين فرق النصارى لحد لا مثيل لهم في سائر الطوائف، و لذلك يفسّر بهم «الضالين» في الحديث كأضل الضالين.

و «الضالين» يهيمن على المغضوب عليهم حيث تشملهم و سواهم، و قد يشمل سائر السبل الملتوية و إن كانت موصلة إلى اللّه.

و لكن الصراط المستقيم هو أسلم السبل إلى اللّه مهما كان درجات، فكل درجة أدنى ضلال بالنسبة للأعلى حال أنها سبيل إلى اللّه: «وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى‏» .

و لكنما الضلال قصورا أو تقصيرا هو المقصود من «الضالين» حيث الضال الذي يتحرّى الصراط، و هو في سبيله إلى الصراط، ضلاله ضلال قدسي كما الشك المقدس و هو في سبيله إلى اليقين، و الإسلام في سبيله إلى الايمان، فانه ليس نفاقا و لا إيمانا، بل هو إسلام إلى إيمان: «قالَتِ الْأَعْرابُ‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 138

آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ» (49: 14) .

و أما الضال الذي يرى نفسه على هدى بقصور أو تقصير، فهو في الحق ضالّ لا يرجى هداه.

فلأن الداعي في صلاته- في الأكثرية الساحقة- ليس على صراط مستقيم، فهو ضال عنه، و لكنه سالك إليه متحرّ عنه، فلا يسمىّ ضالا قسيما للمغضوب عليهم، مهما كان ضالا بقياسه بمن هو على صراط مستقيم.

فالسالكون إذا اربعة: 1- مؤمن ليس على صراط مستقيم و هو في سبيله، 2- من هو على صراط مستقيم. 3- المغضوب عليهم غير المؤمنين و لا المتحرين عن إيمان بل معاندين له و متعنتين عليه. 4- الضالين الذين ضلوا الصراط و السبيل إلى الصراط، فهم عن الصراط لناكبون.

فالأوّلان هما من المصلين المهتدين، و الآخران من الناكبين عالمين او جاهلين.

فالمؤمنون الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم، هم في سبل السلام آمنون، سالكون إلى الصراط المستقيم: «الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ» (7: 82) مهما اختلج لهم شرك خفي أم ظلم عملي، ف «ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ» .

عود على بدء في السبع المثاني‏

لقد شملت البسملة على ثلاثة من اسماء اللّه هي أهمها كلها، و شملت السبع المثاني- ككل- على خمسة هي أصول أسماء الدالة على المبدء و المعاد

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 139

و ما بين المبدء و المعاد، فلو كان للّه اسم أفضل من هذه لذكرها في ام القرآن.

ثم هي على ترتيب الأهمية: «الله- الرحمن- الرحيم- رب العالمين- مالك يوم الدين».

فقارئ الحمد قارئ للقرآن العظيم و كما يروى عن الإمام الرضا (عليه السلام).

فإن قال: فلم أمروا بالقرائة في الصلاة؟ قيل: لئلا يكون القرآن مهجورا مضيّعا مدروسا فلا يضمحل و لا يجهل- فإن قال: فلم بدئ بالحمد في كل قراءة دون سائر السور؟ قيل:

لأنه ليس شي‏ء من القرآن و الكلام جمع فيه من جوامع الخير و الحكمة ما جمع في سورة الحمد.

و ذلك ان قوله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» إنما هو أداء لما أوجب اللّه تعالى على خلقه من الشكر، و شكر لما وفق عبده للخير- «رَبِّ الْعالَمِينَ» تمجيد له و تحميد و إقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيره- «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» إستعطاف و ذكر لآلائه و نعمائه على جميع خلقه- «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» إقرار بالبعث و الحساب و المجازات، و إيجاب له ملك الآخرة كما أوجب اللّه له ملك الدنيا- «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» رغبة و تقرب إلى اللّه عز و جل و إخلاص بالعمل له دون غيره- «وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» استزادة من توفيقه و عبادته و استدامة لما أنعم عليه‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 140

و نصره- «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» استرشاد به و اعتصام بحبله و استزادة في المعرفة بربه و بعظمته و بكبريائه-.

«صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» توكيد في القول و الرغبة، و ذكر لما قد تقدم من نعمة على أولياءه، و رغبة في مثل تلك النعم-.

«غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به و بأمره و نهيه- «وَ لَا الضَّالِّينَ» اعتصام من أن يكون من الضالين الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا- فقد اجتمع فيه من جوامع الخير و الحكمة في الآخرة و الدنيا ما لا يجمعه شي‏ء من الأشياء «1» .

ثم إلى‏

حديث سلسلة الذهب القدسي حول تفسير السبع المثاني يرويه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عن أبيه علي بن محمد (عليه السلام) عن محمد بن علي (عليه السلام) عن علي بن موسى (عليه السلام) عن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن جعفر بن محمد (عليه السلام) عن محمد بن علي (عليه السلام) عن علي بن الحسين (عليه السلام) عن الحسين بن علي (عليه السلام) عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم): قال اللّه عز و جل: قسّمت فاتحة الكتاب بيني و بين عبدي فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل، إذا قال العبد «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قال‏

(1). عيون اخبار الرضا (عليه السلام) و علل الشرايع باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 141

اللّه جل جلاله: بدء عبدي باسمي و حقّ عليّ أن أتمم له أموره و أبارك له في أحواله- فإذا قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» قال اللّه جل جلاله:

حمدني عبدي و علم أن النعم التي له من عندي و أن البلايا التي دفعت عنه فبطولي، أشهدكم أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة و أدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا، فإذا قال: «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قال اللّه جل جلاله: شهد لي عبدي أني الرحمن الرحيم، أشهدكم لأوفّرن من نعمتي حظه و لاجزلنّ من عطائي نصيبه، فإذا قال: «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» قال اللّه جل جلاله: أشهدكم كما اعترف أني أنا مالك يوم الدين لأسهلن يوم الحساب حسابه و لأتجاوزن عن سيئاته فإذا قال: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» قال اللّه عز و جل: صدق عبدي، إياي يعبد، أشهدكم لأثيبنّه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: «وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» قال اللّه عز و جل: بي استعان عبدي و التجأ إلي أشهدكم لأعيننّه في شدائده و لآخذن بيده يوم نوائبه، فإذا قال: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» ... قال اللّه عز و جل: هذا لعبدي و لعبدي ما سأل، فقد استجبت لعبدي و أعطيته ما أمّل، و آمنته مما منه و جل‏ «1» .

إذا فالسبع المثاني صورة مجملة وضّاءة عن سيرة اللّه و سيرة العبد تجاه اللّه، تجمع من جوامع القرآن العظيم محكمات، مما يتوجب على العباد معرفيا و عمليا و جاه رب العالمين، لمّاعة لمّاحة إلى مثلث الأصول الدينية:

المبدء، و المعاد، و ما بين المبدء و المعاد من نبوّات و تشريعات.

(1). رواه شيخ الطائفة الطوسي في اماليه و الشيخ الأجل الصدوق في عيونه عن محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) عن ...

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏1، ص: 142

و في قران بين ما نقوله نحن المسلمين في صلواتنا و ما يقوله المسيحيون نرى قرانا بين النور و النار، بين أدب بارع و سوء هارع.

ففي إنجيل متّى الفصل 6 الآية 9- 13 فصلوا أنتم هكذا:

و نحن نصلي هكذا:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ» (7) .

أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك (9) ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض (10) خبزنا كفافنا أعطنا اليوم (11) و اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا (12) و لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير لأنّ لك الملك و القوة و المجد إلى الأبد آمين (13) فهل اللّه تعالى «أباهم»؟ و أصل النص المتواتر في الإنجيل «الآب»:

صفحه بعد