کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 455

«وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ» بما أنزل حيث الرسالة الملائكية مشهودة فيه و لكن‏ «كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً» في كتابه الحكيم.

ثم و «بعلمه» تشمل كل علمه لولا «أنزله» فقد تتحدد «بعلمه» ب «أنزله» بالممكن إنزاله إلى خلقه مما يلمح بإن اللّه أنزل من علمه في القرآن ما يمكن إنزاله إلى خلقه، فهو- إذا- ما سوى العلم المختص بساحة قدسه تعالى.

و هنا اضافة «علم» إلى نفسه المقدسة دليل أنه يعني علمه الفعلي دون الذاتي الذي هو هو، فالخلق محرومون عن علمه الذاتي و كذلك علمه الرباني الذي به خلق ما خلق و دبر ما دبر، إذا ف «علمه» قد يشمل كل ما سوى علمه الذاتي و علمه الفعلي الرباني الذي يتميز به عن خلقه‏ «1» .

(1). نور الثقلين 1: 574 في كتاب التوحيد عن علي (عليه السّلام) كلام طويل و فيه: كلم موسى ..

و

فيه عن التوحيد بإسناده إلى محمد بن الجهم عن أبي الحسن (ع) حديث طويل و فيه يقول‏ حاكيا عن موسى في قومه: يخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل و صعد موسى إلى الطور و سأل اللّه تبارك و تعالى أن يكلمه و يسمعهم كلامه فكلمه اللّه تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال و وراء و أمام لأن اللّه عز و جل أحدثه في الشجرة ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه.

و

فيه عن علي (عليه السّلام) حديث طويل يقول فيه‏ و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و كلام اللّه ليس بنحو واحد، منه ما كلم اللّه به الرسل و منه ما قذفه في قلوبهم و منه رؤيا يريها الرسل و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ فهو كلام اللّه فاكتف بما و صفت لك من كلام اللّه فإن معنى كلام اللّه ليس بنحو واحد فإن منه ما تبلغ رسل السماء رسل الأرض.

و

فيه عن كتاب الإحتجاج روى عن صفوان بن يحيى قال‏ سألني أبو قرة المحدث صاحب شبرمة أن أدخله إلى أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) فأستأذنته فأذن له فدخل فقال أخبرني جعلني اللّه فداك عن كلام اللّه لموسى (عليه السّلام) فقال: اللّه اعلم و رسوله بأي لسان كلمه بالسريانية أم بالعبرانية؟ فأخذ أبو قرة بلسانه فقط فقال: إنما أسألك عن هذا اللسان فقال أبو الحسن (عليه السّلام) سبحان اللّه مما تقول و معاذ اللّه لموسى (عليه السّلام) فقال: اللّه أعلم و رسوله بأي لسان كلمه بالسريانية أم بالعبرانية؟ فأخذ أبو قرة

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 456

و هنا «أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ» اشارة الى موضع شهادته في كتابه انه علمه الصارم الطليق و كما تحدى به‏ «وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً» «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً» (17: 88) «وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى‏ عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» (2: 24).

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً (167) .

الكفر اللازم دون تعد بصدّ عن سبيل اللّه ضلال قريب، و هو قريب إلى الهدى، و لكنه المتعدي‏ «وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً» و هو غريب عن الهدى، حيث تعرق الكفر و تعمق فلا طريق لصاحبه إلا طريق جهنم:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) .

حيث أضافوا إلى ظلمهم أنفسهم بكفرهم ظلمهم إلى من سواهم حيث صدوهم عن سبيل اللّه، فقد سدّت عليهم طرق الهدى كما سدوها على الحائرين، اللّهم:

قائل فاعل، قال: كيف ذلك؟ قال: كلام الخالق للمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق و لا يلفظ بشق فم و لسان و لكن يقول له كن فكان بمشيئته ما خاطب به موسى من الأمر و النهي من غير تردد في نفس.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 457

إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169) .

و هذا جزاء وفاق حيث فتحوا طريق جهنم إلى أنفسهم و سواهم خلودا في الكفر و الصد عن سبيل اللّه، فهم- إذا- «خالِدِينَ فِيها أَبَداً» ما دامت و من ثم الموت المطلق المطبق خمودا مع خمود النار فلا نار- إذا- و لا أهل نار.

يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (170) .

«.. قَدْ جاءَكُمُ» محققا دون ريب «الرسول» كأنه هو الوحيد في رسالة الوحي، إذ يحمل كل رسالات الوحي و زيادة «بالحق»- «جاءكم بالحق- الرسول بالحق- بالحق من ربكم» جيئة عظيمة في مثلثها، مجيئا بالحق، رسالة بالحق، بالحق من ربكم، فقد يحمل إليكم كل الربوبيات التربوية من ربكم، محلّقة على كل الحاجيات عرض المكان و طول الزمان.

و «الحق» الذي جاء به من ربكم هو الرسالة القرآنية السامية بما مع نفسه المقدسة من قمة عليا في العصمة التامة و البلاغ الرسالي، فهو بما جاء به حق طليق لا حول عنه و لا نظرة لما فوقه إذ لا فوق له.

صحيح أن كافة رسل اللّه يجيئون بالحق من الرب، و لكنه حق محدّد لردح من الزمن يتحول إلى جديد و جديد هو سديد لزمنه، و لكن ذلك الحق الأخير لا حدّ له و لا جديد بعده، بل هو جديد سديد لكل زمان و مكان، لكل جن و إنسان أم أيا كان.

«فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ» آمنوا بذلك الحق الجديد يكن خيرا لكم من كلما قبله، مهما كان كل حق من ربكم، و لكنه أحق بالإيمان و أحرى.

«وَ إِنْ تَكْفُرُوا» بذلك الحق فلن تضروا اللّه شيئا و لن تنقصوا من ملكه‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 458

شيئا «فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً» .

فلا يطلب منكم الإيمان بحق أم ذلك الحق ليتحقق ملكه، أو علمه و حكمته، فلا تنفعه طاعة من أطاعة و لا تضره معصية من عصاه، فإنما الإيمان هو «خَيْراً لَكُمْ» لا للّه، فإنما «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» و ذلك الحق من حاقّ الرحمة فلا يريد منكم في الإيمان به إلّا «خَيْراً لَكُمْ» .

[سورة النساء (4): الآيات 171 الى 176]

يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى‏ مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَ اسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (175)

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ (176)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 459

يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى‏ مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) .

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 460

هنا جولة أخيرة في هذه السورة مع النصارى بعد الجولة السابقة مع اليهود و الصيغة فيهما واحدة هي‏ «يا أَهْلَ الْكِتابِ» نبهة لهم أن الشرعة الكتابية بعيدة في أصلها عن هذه التخلفات.

و هنا يقضي على أسطورة «ثلاثة» من لاهوتهم العقائدي المختلق، حيث يضاهي أساطير الوثنيين من قبل و كأنه ترجمة أو ترجمان لها على سواء.

و هذه الثلاثة هي الأقانيم المسيحية التي اختلقوها مهما اختلفوا فيها، أنها أجزاء إله واحد مثلثة الأقانيم، أم إن اللّه ثالث ثلاثة و الآخران منبثقان من ذاته و «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (5: 73) .

أم إن المسيح و أمه إلهان اثنان: «وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ ..» (5: 117) «1» .

(1). كما تصرح الكنيسة الكاثوليكية: «كما أن المسيح لم يبق بشرا كذلك مريم أمه لم تبق من النساء بل انقلبت وينوسة أي إلهة، لذلك تراهم كثيرا ما يحذفون أسماء اللّه مثل (يهوه) من كتب المزامير و يثبتون مكانها اسم «مريم» كقوله: «احمدوا اللّه يا أولاد فالكاثوليك لأجل إظهارهم عبودتهم لمريم طووا هذا من الزبور و بدلوه إلى: احمدوا مريم يا أولاد.

و هذه الكنيسة كلما صلّي فيها مرة واحدة بالصلاة الربانية (آبانا الذي في السماوات) يصلّى فيها بالصلاة المريمية عشرون مرة كما يكتبه الأب عبد الأحد داود الآشوري العراقي في كتابه الإنجيل و الصليب.

و يقول جرجس صال الإنجليزي في كتابه مقالة الإسلام ص 67- 68 ردا على الإسلام عند ما يذكر

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏7، ص: 461

و قد نبحث حوله في آية المائدة هذه و التوبة «وَ قالَتِ النَّصارى‏ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» (31) فإليهما التفصيل‏ «1» و هنا إجمال كما تقتضيه آيتنا.

إنهم يغالون في المسيح ما لم يقله أو يغله في عباراته أو إشاراته، فقد يصرح بأنه عبد اللّه في ثمانين موضعا كما درسناه في مريم‏ «2» و يزيف أسطورة

بدع النصارى-: من ذلك بدعة كان أصحابها يقولون بالوهية العذراء مريم و يعبدونها كأنما هي اللّه و يقربون لها أقراصا مضفورة من الرقاق يقال لها (كلّيرس) و بها سمي أصحاب هذه البدعة (كلّيريين) و هذه المقالة بالوهية مريم كان يقول بها بعض أساقفة المجمع النيقاوي حيث كانوا يزعمون أن مع اللّه الأب إلهين هما عيسى و مريم، و من هذا كانوا يدعون المريمين و كان بعضهم يذهب إلى أنها تجردت عن الطبيعة البشرية و تألهت و ليس هذا ببعيد عن مذهب قوم من نصارى عصرنا قد فسدت عقيدتهم حتى صاروا يدعونها تكملة الثالوث ناقص لولاها و قد أنكر القرآن هذا الشطط لما فيه من الشرك ثم اتخذه محمد ذريعة للطعن في عقيدة التثليث».

و يذكر (ابيقان) الفلسطيني في كتابه: الشامل في الهرطقات: بدعة عربية يسميها (الكلّيرين) من (كلّيرس) قرص خبز من طحين الشعير كانت تتعاطاها بعض نساء العرب النصارى فيقدّمن من تلك الأقراص قرابين عبادة لأم المسيح على مثال ما كانت تقدمه نساء العرب الجاهليات للإلهة (اللات).

و المجمع المسكوني الثالث عام 431 يلقب مريم «أم اللّه» أليس هذا دليلا على أنهم كانوا يؤلهون المسيح و أمه من دون اللّه.

و في كتاب اللاهوت العقائدي 2: 108 ل (لودويغ أوث): أن مريم هي حقا أم اللّه تقول الكنيسة في قانون الرسل بأن ابن اللّه ولد من مريم العذراء فهي أم اللّه من حيث هي أم ابن اللّه!.

أقول: و التفصيل راجع إلى كتابنا (عقائدنا).

(1). راجع أيضا «عقائدنا» 65- 145 و «حوار» 383- 399 و ج 30 الفرقان على ضوء سورة التوحيد، فلا نعيد هنا تفصيلا إلّا على ضوء آيتي المائدة و التوبة.

صفحه بعد