کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏17، ص: 7

الجزء السابع عشر

سورة الإسراء

[سورة الإسراء (17): الآيات 1 الى 8]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (3) وَ قَضَيْنا إِلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (4)

فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (7) عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (8)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏17، ص: 8

سورة مثلثة الأسماء: الأسرى- بني إسرائيل- سبحان: تتبنى الرسالة الإسلامية بمقتضياتها و مخلفاتها كقاعدة أصيلة، بأصولها الثلاثة، و ما تتضمنه من ملاحم و بشارات و إنذارات مثلات، بدايتها «سبحان» لتأكيد و توطيد الرحلة المعراجية المنقطعة النظير، و نهايتها «الْحَمْدُ لِلَّهِ» تسبيح يضرب الى الحمد فانه تسبيح بالحمد و بينهما متوسطات! و في السورة قيلات خمس: إنها مكية إلا آيات: اثنتين او ثلاث او خمس او ثمان‏ «1» و لا توحي هذه او تلك بمدنيتها و لا تلمح إذ نزلت نظائرها

(1). مدنيتان كما في روح المعاني هما «وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ...» «وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ ...» و عن بعضهم اضافة: «وَ إِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ ...» وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ...» و علّ الإخراج او منه الإخراج الى المدينة فهي مكية إذ تنبئ عن مستقبل، و عن الحسن الا «وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ ...» «وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ ...» «أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ...» «أَقِمِ الصَّلاةَ ...» «وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ ...» و عن مقاتل‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏17، ص: 9

في المكيات، ثم هي بين دالة على مكيتها او غير دالة على مدنيتها فقد تكون مكية كلها كما يقتضيه طبع الألفة و التأليف.

سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) .

هنا إجمال عن الرحلة المعراجية الى أقصى اعماق الفضاء، و في التكوير إجمال اخصر مما هنا: «وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ» ثم ينجم تفصيلها في النجم: «وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى‏» مثلث بارع رائع عن هذه الرحلة الرهيبة الخارقة، يفسر بعضها بعضا و ينطق بعضها على بعض، مهما اختلفت فيها الروايات فلتعرض على القرآن لكي تنحو نحو القرآن.

«سبحان» خير بداية تتلو خير ختام‏ «الْحَمْدُ لِلَّهِ» تبدأ بها سورة السبحان الأسرى- بني إسرائيل، كأليق حركة نفسية نفيسة تتسق مع واقع الاسراء وجوه اللطيف، و أحرى حالة روحية حيث يبلغ صاحبها إلى الأفق الأعلى المبين.

و «سبحان» علم للتسبيح منحصر في اللّه و منحسر عن غير اللّه، فانه التنزيه المطلق‏ «1» ، فليختص بالنزيه المطلق، و ليس مطلق التنزيه حتى يشمل من سوى اللّه من الكاملين، و ان في أعلى قمم الكمال‏

الا «وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ...» «وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ ...» «وَ إِذْ قُلْنا لَكَ ...» «وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي ...» «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ...» و آية الاستفزاز تشهد أنها مكية كآية الإدخال و سواهما لا تشهد انها مدنية. و عن قتادة و المعدل عن ابن عباس إلا ثماني هي‏ «وَ إِنْ كادُوا ... الى‏ «وَ قُلْ رَبِّ ..» .

(1).

تفسير روح المعاني ج 15 ص 3 في العقد الفريد عن طلحة قال: سألت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عن تفسير سبحان اللّه فقال: تنزيه للّه تعالى عن كل سوء.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏17، ص: 10

حيث الفقر ذواتهم، و النقص كيانهم فأنى لهم سبحان مطلق! و اللّه تعالى ذاته سبحان و صفاته سبحان و أفعاله سبحان، و هي هنا:

سبحان ذاته ان يعرج إليها عبده أي عروج كان، في المكانة أو في المكان، فانه مكن المكان فليس له مكان، و حد الحدود و الجهات فليست له حدود وجهات، و هو المنهي للنهايات و المغيي للغايات، فسبحان ذاته أن يكون منتهى العروج لعبده بأي معنى كان، اللهم إلا قمة المعرفة الممكنة باللّه:

«ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏» ! ثم و سبحان أفعاله ان يعجز عن معراج عبده بجسمه و روحه إلى سماواته ليريه بعض آياته، كما يهرف به من لا يعرف قدرته تعالى على كل شي‏ء.

و سبحان صفاته عن ان يضن و يبخل عن هذه المكرمة الغالية لأول العابدين و سيد الخلق أجمعين، فسبحانه سبحانه سبحانه عن اي رين و شين في هذا البين.

ثم و «سبحان» تتكفل- ككل- بيان سلبية الصفات غير اللّائقات بجناب عزّه، كما «الحمد» بيان للثابتات اللائقات بحضرة قدسه.

الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا ... .

«اسرى» من «السّرى»: سير الليل- و لكنه مضمّن معنى الرفعة و العلو فسراة كل شي‏ء أعلاه، كسراة النهار: ارتفاعه، رفعة حسية او معنوية: «قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا» (19: 24) رفيعا عظيما هو المسيح (عليه السلام) كما السر و شجرة مستقيمة رفيعة، و قد تجمع «السرى» بين الرفعتين كما في سرى الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) سرى أرضية إلى القدس في سفرة جوية، ثم سماوية الى الأفق الأعلى مكانة و مكانا.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏17، ص: 11

و إذا كانت السرى سير الليل فلما ذا هنا «ليلا» و كما في ثانية «فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ» (44: 23) و ثالثة «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ» (11: 81) و من ثم في رابعة تأتي دون ليل‏ «وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ» (26: 52) ؟؟.

نقول: إن جمع الليل الى السرى إذا كان مع عدم جمعه سيان كما في سرى موسى فالليل لمزيد الإيضاح‏ «1» . ام و لكي يعرف أنها في ليلة واحدة لا ليال. و إذا- لا- كما في لوط: «بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ» قسم من الليل يؤمن فيه عن ملاحقة قومه، لا كله أو أية قطعة منه حيث الخطر حادق و العدو حاذق، فلهذه و تلك.

ام لهذه و سواها من نكات كما في الإسراء يجمعها: 1- دلالة على ان السرى كانت في ليلة واحدة حيث الوحدة لائحة من تنكير «ليلا» لا في ليال، حيث السرى وحدها أعم من ليلة او ليال. 2- و اشارة إلى انها كانت في قطع من ليلها دون تمامه، حيث القطعة مشار إليها بالتنكير «ليلا» كما الوحدة، فاستغراق الليل يقتضي «الليل» لا «ليلا» و 3- افادة للتعظيم حيث كانت ليلة العروج و كانت الإثنين و ما ادراك ما الاثنان؟ انه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) ولد يوم الاثنين و بعث الاثنين، و عرج به الاثنين و خرج من مكة مهاجرا الاثنين و دخل المدينة الاثنين، و ارتحل الى رحمة ربه الاثنين، اثنينات ست تعم حياته، فسلام عليه يوم ولد و يوم بعث و يوم عرج و يوم هاجر و يوم مات و يوم يبعث حيا، ثم و هو هو الثاني في الكون و الكيان بعد الحضرة الإلهية، فاللّه هو الأول في مثلث الذات‏

صفحه بعد