کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 5

الجزء السابع و العشرون‏

سورة الأحقاف- مكية- و آياتها خمس و ثلاثون‏

[سورة الأحقاف (46): الآيات 1 الى 14]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (4)

وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (5) وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (6) وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى‏ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى‏ إِلَيَّ وَ ما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى‏ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى‏ إِماماً وَ رَحْمَةً وَ هذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ بُشْرى‏ لِلْمُحْسِنِينَ (12) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (14)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 7

حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ‏ «حم» .. هذه و سائر مفاتيح السور التي افتتحت بأمثالها من حروف مقطعة، إنها رموز غيبية بين اللّه و رسوله، و هي مفاتيح كنوز القرآن، لا نعلم منها شيئا إلّا ما قد يلوح من القرآن، أو ما أبداه لنا الذين بأيديهم هذه المفاتيح من الراسخين في علوم القرآن، الموجهة إليهم خطاباته الرسالية: أصليا كالرسول و فرعيا كالأئمة من آل الرسول‏ «1» .

و «حم» هذه، تتقدمها حواميم ست، إلّا الشورى الزائدة على الحرفين «عسق» و ما هو رمز تتابع هذه الحواميم السبع و كلها مكية «2» ؟ اللّه أعلم! فهذا رمز فوق هذه الرموز لا سبيل لنا إلى الاطلاع عليها إلّا ان يطلعنا اللّه بالقرآن نفسه، أو بأصحابها، و

قد يروى عن الرسول (ص) قوله: «الحواميم تاج القرآن» «3» .

و كما يوحي تتابع ذكر الكتاب أيضا بعد «حم» في هذه السبع، ان رمزه يناسب القرآن كلّه، إنزالا و تنزيلا، بيّنا و مبينا «4» و كما يعقبها ذكر من كتاب التكوين، إيحاء بتجاوب الكتابين و تلائمها، كما هما مع الحواميم.

(1). تجد البحث المفصل عن هذه الرموز و ما قيل أو يحق ان يقال فيها، في مواضيع اخرى في هذا التفسير لا سيما سورة البقرة.

(2) المؤمن- السجدة- الشورى- الزخرف- الدخان- الجاثية- الأحقاف.

(3) المجمع عن انس بن مالك عن النبي (ص).

(4) ففي الأحقاف هنا و في الزمر بعد السبع‏ «تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» و في السجدة تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ و في المؤمن‏ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ‏ و هذه ناضرة الى النزول التدريجي و كما في الشورى‏ كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ و الزخرف‏ وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ ثم الدخان ينظر الى النزول الدفعي‏ وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ثم الزخرف‏ قُرْآناً عَرَبِيًّا ناظرة الى انه بيان، و الدخان‏ وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ‏ الى انه مبين، فهذه السور هي على دعائم كون الكتاب بيانا و مبينا و منزلا و منزلا.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 8

و قد تعني‏ «حم» في كلّ غير ما تعنيه في سواها مع اشتراكها في مغزى شامل ام ماذا؟ اللهم لا علم لنا إلّا ما علمتنا إنك أنت العزيز الحكيم:

هنا نلمس العلاقة الحكيمة بين الكتاب المنزل تشريعا، و الكتاب المبدع تكوينا، و الكتابان معروضان على البصائر و الأبصار، يتجاوبان في تفسير بعضهما البعض، و لأنهما معا من عند اللّه العزيز الحكيم؛ كما نرى أن كتاب التدوين يأمر بالنظر إلى كتاب التكوين، و من ثم التكوين يصدق التدوين التشريع دون تفاوت و اختلاف.

ثم‏ «حم» قد تكون مبتدء خبره تنزيل الكتاب أو إنزاله، فهي إذا رمز شامل للكتاب جملة و تفصيلا، أو أن المبتدأ تنزيل الكتاب و خبره من اللّه العزيز الحكيم، و «حم» غير داخلة في نطاق التركيب الجملي كما هي خارجة عن العموم الدلالي. و كما اللّه تعالى بحكمته و عزته أحكم الكتاب إنزالا له في ليلة مباركة، كذلك بعزته و حكمته نزّله طوال ثلاث و عشرين سنة، فهو كتاب يحمل عزته تعالى و حكمته: «وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (41: 42) «ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ» (3: 58) «تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ» (10: 1) و كذلك اللّه في خلق الأرض و السماوات:

ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ‏ .

ما خلقنا .. إلّا «ملابسا بالحق» واقعا، و مستقبلا هو «وَ أَجَلٍ مُسَمًّى» و حال ان: «الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا» من تخلفات في الحياة الدنيا، و من خلفياتها المقدمات للأخرى «معرضون»: إعراضا عقيديا للنشأتين و أيضا عمليا في الأولى.

صفحه بعد