کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 34

و لقد صدق الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيما

يقول: «لا و لا بزفرة واحدة! و قد جاءه رجل كان في الطواف حاملا أمه يطوف بها فسأله صلى الله عليه و آله و سلم هل أديت حقها؟» «1»

«وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» :

انها توحي بأقل الحمل انه: (ستة أشهر) حيث الفصال- و هو انفصاله عن الرضاع- في غيرها بعامين: وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ (31: 14) و حولين كاملين:

وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ (2: 233) فلا يبقى من الثلاثين إلا ستة أشهر، فلو وضعت المرأة حملها عندها لم يكن بذلك البعيد، فضلا عن أن تتهم فترجم كما فعله الخليفة عثمان‏ «2» و لكن الخليفة عمر سأل أهله فانتبه فلم يرجم‏ «3»

(1). رواه الحافظ ابو بكر البزاز باسناده عن بريدة عن أبيه.

(2)

الدر المنثور 6: 40- اخرج ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد اللّه الجهني قال: تزوج رجل من امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر فانطلق زوجها الى عثمان بن عفان فأمر برجمها فبلغ ذلك عليا (ع) فأتاه فقال: ما تصنع؟ قال: ولدت تماما لستة أشهر و هل يكون ذلك؟ قال علي (ع): أما سمعت اللّه تعالى يقول: «وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» ؟

و قال: «حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» فكم تجده بقي الا ستة أشهر؟ فقال عثمان: ما فطنت لهذا عليّ بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها و كان من قولها لأختها يا أخية لا تحزني فو اللّه ما كشف فرجي احد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به و كان أشبه الناس به، قال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه.

هذا! و لقد نسي الخليفة هذا الحكم حينما رفعت امرأة اخرى اليه ولدت لستة أشهر، فقال عثمان: انها قد رفعت الي امرأة ما أراها إلا جاءت بشر فقال ابن عباس إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر و قرأ «وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» فدرأ عثمان عنها. أخرجه عبد الرزاق و عبد بن حميد عن أبي عبيدة مولى عبد الرحمن بن عوف (6: 40)

. (3)

الدر المنثور 6: 40- اخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن المنذر من طريق قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي قال: رفع الى عمر امرأة ولدت لستة أشهر فسأل عنها

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 35

تحقيقا لأمر اللّه: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ‏ .

حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً .

إن الأربعين هنا هو أبلغ الأشدّ، كما الأشد جمع الشّد: هو الاستحكام في طاقات نفسية و بدنية تجعل الإنسان مستقلا في حياته الفردية و الجماعية، فللإنسان أدوار أربعة: الطفولة و بلوغ الشد و الأشد و الشيخوخة: ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً (40: 67) فالطفل هو الطفيلي المتطفل في حياته، المتكفّل بها في شئونها من قبل الوالدين أو غيرهما، حيث لا يستوي في حياته دون كافل، ثم إذا يبلغ أشده-: لا فقط شده- يستقل، فلا يعني هنا شدّ العضلات و البنية الجسدانية فحسب و إنما أَشُدَّهُ‏ و أقلها مثلث: العقل، و الحكمة و الجسم بحيث يستطيع الإصلاح في ماله: وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ (6: 152) : و في حاله: وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً (12: 22) الحال الجامعة- لأقل تقدير- بين العقل و الحكمة ثم في الأشد المزيد.

و إذا استمرت الأشد في التعامل و التكامل، تصل إلى الأبلغ في كمال السن:

. وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً كأصدق مصاديق الأشد، ثم بين الأشدين بداية و نهاية متوسطات، و ليس أولها بداية التكليف، فإن بلوغ العقل و الجسم،- بل العقل فقط- كاف في جري قلم التكليف، اللهم في الجسم الذي لا يتحمل حمل بعض التكاليف البدنية، كالصوم أم ماذا، فلا يجري قبل السن المحدد للتكليف، و لكنما العقل، و العقل فقط، إذا بلغ شدّه، فصاحبه مشدود بحبل التكليف، ثم إذا أضيف اليه شد الرشد و الحكمة، فلا يكلف أحد في‏

اصحاب النبي (ص) فقال علي (ع): لا رجم عليها، ألا ترى انه يقول: «وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» و قال: «وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ» و كان الحمل هنا ستة أشهر فتركها عمر، قال: ثم بلغنا انها ولدت آخر لستة أشهر.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 36

حفظ ماله و حاله، و إنما هو القائم فيها: «حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» (4: 6) فبلوغ النكاح هو بداية التكليف، و ليس يكفي لتسليم أمواله إلا بعد إيناس رشد، فبلوغ الأشد يتراوح بين بلوغ شد التكليف أو شدّيه‏ «1» و بين الأربعين، ان يحصل له ثالث هو شد الرشد و الحكمة، ثم تتعامل فتتكامل أشده الثلاثة او ما زاد، و لحد البلوغ الكامل: الأربعين، فالأربعون هي- عادة- غاية الرشد، إذ تتكامل فيها كافة القوى، و في هذه السن تتجه الفطرة السليمة الى عمق الحياة، الحاضرة و المستقبلة، و لكي تستصلحها بما يصلحها.

هذا هو السير العادي في أدوار السن، و ليس لزاما دون استثناء، فقد نبئ يحيى عند الصبا: «وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» و كان من أكمل الوحي، و كما آمن علي (ع) عند الثانية عشرة من عمره، عند بزوغ الوحي على الرسول محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فكان أكمل الايمان‏ «2» و إنما آية الأربعين تعني السيرة الأغلبية، دون العموم‏ «3» ، و دون شخص أو أشخاص خصوص، ثم انها توحي بمدى حاجة

(1). شد العقل، او شدي العقل و الجسم.

(2)

اصول الكافي باسناده عن علي بن أسباط قال‏ رأيت أبا جعفر (ع) و قد خرج عليّ فأخذت انظر اليه و جعلت انظر الى رأسه و رجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر فبينا انا كذلك حتى قعد فقال: يا علي ان اللّه احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال: «وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» «حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً» فقد يجوز ان يؤتى الحكمة و هو صبي و يجوز ان يؤتى الحكمة و هو ابن أربعين سنة.

(3)

الخصال للصدوق عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق (ع): إذا بلغ العبد ثلاث و ثلاثين سنة فقد بلغ أشده و إذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ منتهاه فإذا طعن في واحد و أربعين فهو في النقصان و ينبغي لصاحب الخمسين ان يكون كمن كان في النزع.

و

في التهذيب باسناده عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (ع) قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل‏ «حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ» قال: الاحتلام.

أقول: يبعده ان ليس في الاحتلام الا شد واحد او شدين الا نادرا، و ان قوله: و بلغ أربعين سنة بعد «أشده» يوحي بأن سن الأشد قبيل الأربعين فيناسب الرواية الاولى.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 37

الأولاد إلى كفالة الوالدين، و إلى حد الأربعين أيضا، فضلا عما قبله و قبله و منذ الولادة فالطفولة .. فهل للأولاد أن يجازوا الوالدين و لو أقل جزاء؟ اللهم لا! إلا أن يستمدوا في ذلك برب العالمين!:

قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‏ والِدَيَّ ..

«.. أوزعني»: ألهمني، و ليس فقط إلهام الإعلام و الإفهام، فكثيرون هؤلاء الملهمون علما الملهون عملا، و القصد هنا «ان اشكر ..» لا ان أفكر، و إنما هو الهام عملي، او افهام يتبعه العمل: دعوة صارمة تدفع للعمل: «أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ..» نعمتان هما من اللّه كسائر النعم: 1- «الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ» أن تربّيت منذ كنت جنينا و لأبلغ الأشد: «الأربعين». 2- «وَ عَلى‏ والِدَيَّ» : أن ربياني صغيرا و كفلاني كبيرا: ان أشكرك في نعمتك علي بأداء واجب طاعتك و عبادتك، و أشكرك في التي أنعمت على والدي ان أقوم قومة حسنة في الإحسان بهما، فإنه ايضا من عبادتك، ف «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» .

«ان اشكر ..»: قوليا و واقعيا: علميا إيمانيا و من ثم عمليا، شكرا في هذا المثلث الميمون المنتهي إلى نتاج رأس الزاوية: العمل الصالح المرضي:

وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ‏ كأنه الشكر فقط و الأولان يهيئان له فيتقدمانه:

أقول شكرا و أؤمن شكرا لأعمل شكرا: «اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ» (34: 13) ، فالعمل الصالح لجناب الربوبية و ساحته، المرضي عند حضرته، هو الشكر لنعمته حقا، دون المقاولات و المحاولات التي لا تعدو الشفاه و القلوب إلى الواقع.

«صالِحاً تَرْضاهُ» شكرا لنعمتك التي أنعمت علي و على والدي، صالحا يضم إلى شكر اللّه شكر الوالدين شكرا للّه دون سواه.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 38

«وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي‏ : ان يكونوا لي كما كنت لوالدي اضافة إلى سائر الصلاح، كجزاء متتابع لكل ولد بما فعل من الإحسان بوالديه، أن يحسن به ولده كما أحسن هو بوالديه .. أصلح لي في ذريتي كما أصلحت لوالدي فيّ، إصلاحا عدلا متتابعا جماعيا يتبنى إصلاح المجتمع على قواعده الأصيلة «الوالدان و الأولاد».

و إنما فِي ذُرِّيَّتِي‏ لا ذُرِّيَّتِي‏ ككل، حيث الإصلاح (في) يعني البعض و هو الممكن المعقول، و أما الكل فلا، كيف و هو يشمل كافة الأنسال الناسلة منه بينه و بين القيامة و هذا مما لا يكون، و من أدب الدعاء رعاية الإمكان عقليا و واقعيا، فلا نجد أحدا من النبيين يدعو: وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي‏ إذ الظالمون لا يأهلون الصلاح، و كما عن إبراهيم‏ قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏ ! و لا يصلح اللّه تعالى إلا من يستصلح، دون فوضى و بلا شروط.

و هذه سنة إلهية أن يجازي الأولاد بما فعلوا بالوالدين و بالعكس في الأولى قبل الأخرى، إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (4: 9) .

و لماذا هذه الطائلة في الدعاء، الشاملة له و لأبويه و ذريته؟ إصلاحا لهم جميعا، بما يوزعه اللّه أن يعمل صالحا يرضاه؟:

لأنه تاب و أسلم: إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ : توبة إلى اللّه ثم إسلام للّه، فلا إسلام قبل التوبة، كما لا استجابة لدعاء قبل الإسلام و التوبة، و ترى انه الإسلام القولي: أن يشهد الشهادتين؟ و هو أدنى الإسلام الذي لا يضره عدم التوبة بل و لا الكفر في الباطن كما المنافقون بهذا المعنى مسلمون!.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 39

كلّا: انه إسلام الوجه للّه قلبا و قالبا: وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ (4: 125) ، و كل درجة منه درجة بعد الإيمان، بل هو ناتج عن الإيمان، فما لم يكن إيمان فلا إسلام! و هذا الإسلام هو الإيمان و العمل الصالح للإيمان بعد التوبة: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (19: 60) .

أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ‏ :

أولئك الأكارم، التائبون نصوحا، المسلمون حقا، الصالحون أعمالا، الشاكرون للّه، المحسنون بالوالدين، أولئك الذين يتقبل اللّه عنهم أحسن ما عملوا من هذا و ذاك، و يتجاوز عن سيئاتهم: المعاصي الصغيرة: تركا لصغائر الواجبات، و فعلا لصغائر المحرمات، فإنها كلها سيئات، و يتجاوز عنهم سيئاتهم كل سيئاتهم، و قد يبدل سيئاتهم حسنات إذا أحسنوا التوبة و الإسلام و العمل الصالح: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ‏ (25: 70).

نتجاوز .. في أصحاب الجنة، و هم درجات، فالتجاوز أيضا درجات و لحد تبديل السيئات حسنات:

وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ» في آيات أخرى و هي تترى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ (29: 7) . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (4: 31) ففعل أحسن الحسنات كما هناك، و ترك أسوء السيئات كما هنا، هما من أشفع الشفعاء عند اللّه لتكفير سائر السيئات: إيجابية في فعلها، و سلبية في ترك صغائر الواجبات فإنه من السيئات.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏27، ص: 40

ثم يقابل هؤلاء الصالحين بجماعة طالحين عاشوا حياتهم كفرا باللّه و كفرانا بالوالدين، فحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم:

وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَ قَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَ هُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏ .

.. الإنسان الذي سامح عن إنسانيته، أن عزب ضميره و غرب عقله و هربت عاطفته، و حتى بالنسبة لوالديه المؤمنين الذين يحذرانه الوعد الحق! هذا اللاإنسان- إذ عبر عنه ب «الذي» لا الإنسان-:

«.. قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ..» : كلمة تبرم إظهارا للتسخّط و التوجع، لا لشي‏ء إلا أنهما وعداه- بما وعد اللّه-: الخروج من قبره يوم الخروج، تحذيرا له عن الكفر و الفسوق، حنانا عليه لما بعد الموت، كما يحنّان له قبل الموت.

صفحه بعد