کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 6

الجزء الثامن و العشرون‏

رسالة من صاحب تفسير «الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان‏

من عشرات الرسائل التي وصلتنا تعريفا بتفسير الفرقان من مختلف رجالات العلم و عباقرة الفضل و التفكير و أصحاب التفسير في شتى أنحاء العالم رسالة صاحب «الميزان» الإمام الأعظم سماحة الحجة السيد محمد حسين الطباطبائي دام ظله الوارف على رؤوس المسلمين، و إليكم ترجمتها الحرفية:

فضيلة شيخنا الشيخ الدكتور محمد الصادقي المحترم دامت إفاضاته.

السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، زرنا مجلدين من تفسيركم الشريف (الفرقان) مع كتابكم الكريم، فبعد فراق طويل بيننا بأعوام عدة، و انقطاع أخباركم عنا بزمن بعيد، يسرني أن وصلني نبأ صحتكم و توفيق سماحتكم، فحمدت ربي، و أرجو منه سبحانه أن يقرنكم دائما بالعافية و التوفيق، و أن يسدّد خطاكم، و يؤيدكم بألطافه و عناياته الخاصة.

إن تفسير «الفرقان» الشريف الذي زرته، إنه لكتاب يقرّ عيوننا، و هو سند عزنا و أصل من مفاخرنا- نحن المفسرين- إن شاء اللّه تعالى تكرس كافة طاقاتك و إمكانياتك و تبذل جميع مساعيك في مواصلة هذا الأسلوب الفريد من‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 7

التفسير- أعني: تفسير القرآن بالقرآن- فلا تمل و لا تكسل و لا تفشل في هذا المشروع العظيم، خدمة للمعارف القرآنية، و كشفا للقناع عن ذخائر هذا الكتاب المكنون السماوي، و أرجو من اللّه عز اسمه لكم التوفيق و أن يؤيد سماحتكم في هذه السبيل، و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.

محمد حسين الطباطبائي‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 8

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

.. أشكر اللّه تعالى على أن منّ عليّ بمتابعة هذا التفسير، رغم تنقلي من بلد الى بلد في هجرتي الى اللّه، حتى انتهيت الى بيت اللّه الذي وضع للناس ببكة مباركا و هدى للعالمين، فكملت هذا الجزء من «الفرقان» في أقدس مهبط لوحي القرآن مستنيرا من جوّ الوحي و التنزيل، دون أن يشغلني سائر المشاغل الهامة التي هي لزام المقام بأم القرى، و أرجو من اللّه تعالى أن يوفقني- كما عزمت- للمقام في بلد اللّه، مجاورا بيت اللّه، مجاهدا في سبيل اللّه، متوجها و موجها الى اللّه و هو حسبي و نعم الوكيل.

مكة المكرمة 20 جمادى الثانية 1397 ه. محمد الصادقي‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 9

(سورة الرحمن- مكية أو مدنية- و آياتها ثمان و سبعون)

[سورة الرحمن (55): الآيات 1 الى 32]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الرَّحْمنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (4)

الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (5) وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ (6) وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ (7) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (8) وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (9)

وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (10) فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (11) وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّيْحانُ (12) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (13) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (14)

وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (15) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (16) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19)

بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (20) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (22) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (23) وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (24)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (26) وَ يَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (27) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (28) يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (31) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (32)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 10

يروى عن الرسول الأقدس صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ : «لكل شي‏ء عروس و عروس القرآن الرحمان»

«1» و انها حقا عروس القرآن، و ان كان القرآن عروسا كله، فانها عروس في رنينها و طنينها إذ تزف بموسيقى التعبير المنسق الموزون، كأنها شعر و ليس به! و عروس في حنانها و حنينها «2» إذ تشعرنا بالرحمة و العذاب و مواردهما، و عروس- جملة و تفصيلا- في ألفاظها بمعانيها.

و الرحمان هي السورة الوحيدة التي تتسمى بأشمل اسم من أسماء اللّه و يعتبر

(1). الدر المنثور 6: 140 أخرجه البيهقي في شعب الايمان عن علي (ع) قال سمعت النبي (ص) يقول: ...

(2) الحنان هو الرحمة و المودة، و الحنين شديد الطرب و البكاء، و كذلك الشوق.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 11

بوحدته آية واحدة، ترمز الى رحمات رحمانيته و رحيميته في الاولى و الآخرة تستعرضها السورة، لمسات من الرحمتين، و إعلان عام في ساحة الكون ينطلق من الرحمان فيتجاوب به الكون كله، فالكون كله، و السورة كلها، معارض و مظاهر لآلاء الرحمان «فبأي آلاء ربكما تكذبان»؟.

الرَّحْمنُ‏ :

.. انها اولى الأسماء و الصفات الإلهية بعد «اللّه» لا يسمى بها إلا اللّه إلا زورا و غرورا، فهي تشمل كافة الصفات و الأسماء الإلهية الفائضة على الخلق عامة، إذ هي أعم من الرحيم، فانها لبعض الخلق خاصة، فقد ذكرت الرحيم فيما ذكرت، قرينة برحمات خاصة، و لم تذكر الرحمان إلا عامة أو قرينة برحمات عامة، مما يؤكد تفسيرها في السنة و اللغة بالرحمة العامة، و فيما تذكر برحمة خاصة، لا تعني إلا شمولها لها، و كما تشمل سائر الرحمات لا اختصاصها بها، فهي على أية حال أشمل من الرحيم‏ «1» . و من الرحمة العامة: الرحمانية، رحمة الخلق و هداية الخلق: «الَّذِي أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏» و من الهداية ما ترجع إليهما من صالح ذاتي أو وصفي و عارضي، و قد تستعرض «الرحمن» قسما كبيرا من أقسام الرحمتين الرحمانية و الرحيمية، و من أعظمها:

«عَلَّمَ الْقُرْآنَ» تتقدم على خلق الإنسان و تعليمه البيان و خلق الأرض للأنام أم ماذا؟ رمزا الى أن القرآن هو الرحمة التي تعادل سائر الرحمات و تتقدمها، فكتب الوحي كلها تقدمات للقرآن، و خلق الكون كله بما فيه الإنس و الجان خلق لمن يتوجب عليه فهم القرآن، متذرعا كتاب التكوين آفاقيا و أنفسيا للوصول الى كتاب التدوين: القرآن.

(1). لقد ذكرت الرحمان 7، مرة و الرحيم 95 مرة، و

في أحاديثنا: الرحمن بجميع خلقه و الرحيم بالمؤمنين خاصة

، و كذلك في اللغة- و تجد تفصيل البحث عن الوصفين في بسملة الحمد- علنا نوفق للوصول إليها بتوفيق اللّه تعالى.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏28، ص: 12

و انها لنعمة كبرى و رحمة عظمى تتجلى فيها رحمة الرحمان لمن يمكنه تعلم القرآن من ملك او جن و انسان.

و ترى أن «علّم» من تعليم العلامة «1» حتى يكون القرآن مفعوله الوحيد:

أن جعل القرآن علامة لرسالة الرسول، و كرامة لمن يتعلم القرآن؟ أم من تعليم العلم، فمفعوله الأول مقدر هو كل من حمّل تعلّم القرآن، من حامل رسالته الأصيلة «2» ، الى حملته الفروع، و الى عامة المرسل إليهم.

و من لطيف الأمر أن كلا التعليمين من أعظم الرحمات الإلهية، رحمة الإعجاز- القمة، و رحمة التعليم و التزكية- القمة، و الأوفق بأسلوب القرآن أن تعني «علم» كلتا القمتين.

و كما أن القرآن بين الكتب رحمة تشريعية قمة، كذلك خلق الإنسان بين الخلق رحمة تكوينية قمة:

خَلَقَ الْإِنْسانَ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ‏ :

فالإنسان مخلوق في أحسن تقويم، مفضل على كثير من الخلق مهما ساواه آخرون: «وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى‏ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا» (17: 70) فتخصيصه بالذكر هنا و عن الجان المشاركين إياه في تعليم القرآن، ليس إلا لأنه موجّه إليه اصالة، ثم إلى الجان كفرع من فروع الإنسان، لا لأنه فقط المكلف بذلك، أو هو المفضل على الخلق كله.

من ثم- و بعد تعليم القرآن و خلق الإنسان- يأتي دور تعليم البيان، و هو

(1). قد يكون علم تفعيل علم فهو تعليم العلم، أو يكون من علم فهو تعليم العلم و العلامة.

(2)

تفسير القمي عن أبي الحسن الرضا (ع) في الآية: اللّه علم محمدا القرآن،

صفحه بعد